جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 954 صدر بتاريخ 8ديسمبر2025

ظاهرة باتت تثير القلق فى شارع المسرح الأمريكى وهى اغلاق عدد من الفرق المسرحية غير الربحية التى تنتشر فى كل الولايات تقريبا أبوابها.
وهذه الفرق يهتم بها كثيرون بناء على اعتبارات عديدة منها انها تحقق نوعا من التوازن مع الفرق الربحية وتتيح الفرصة لمواهب عديدة فى التمثيل والتأليف والاخراج وغيرها من فنون المسرح. كما انها تتيح معالجة موضوعات لاتتعامل معها عادة الفرق العادية لعدة اسباب منها انها قد تكون مرفوضة من الرأى العام ومن جمهور المسرح مثل الدفاع عن المثليين (مع اختلافنا معهم بالطبع). ويمكن ان تتبنى بعض الافكار الجريئة.
بدأت تلك الظاهرة تتضح مع أزمة كورونا، وأغلقت عدة فرق ابوابها بسبب اجراءات التباعد الاجتماعى التى فرضت وقتها وتراجع الاقبال على عروضها.
وبعد انتهاء اجراءات التباعد الاجتماعى لم تعد الامور إلى ما كانت عليه وظل مزيد من الفرق غير الربحية – والربحية ايضا فى بعض الحالات – تغلق ابوابها. 

تراجع التبرعات
وبالنسبة للفرق غير الربحية كان السبب الرئيسى هو تراجع التبرعات بسبب الانكماش الاقتصادى الذى تعرضت له الولايات المتحدة والذى طال قطاعات عديدة فى البلاد. وكان ذلك امرا سلبيا فى ضوء ارتفاع تكاليف العروض المسرحية رغم ان الممثلين يعملون عادة بأجور رمزية وأحيانا بغير اجور على الاطلاق.
وكان احدث مثال على ذلك فرقة” ميرور بوكس” غير الربحية التى تأسست منذ 2018 وتمارس نشاطها بشكل اساسى فى ولاية ايوا التى تقع فى الغرب الاوسط الامريكى وفى عاصمتها “دى موان” وهى ايضا عاصمتها الاقتصادية والثقافية.
فاجات الفرقة جمهورها باعلان انها سوف تغلق ابوابها اعتبارا من اول يناير القادم. وقالت فى بيان لها انها خاضت كفاحا مريرا من اجل الاستمرار  على مدى عدة سنوات وقدم افرادها تضحيات عديدة لكنها فى النهاية رفع راية الاستسلام وقررت اغلاق ابوابها بعد أن فشلت فى الحصول على اى تبرعات سواء من الجمهور او الشركات والمؤسسات الاخرى او من حكومة الولاية. 
وفى اخر محاولاتها بدأت حملة لجمع ثلاثين الف دولار. ورغم بساطة المبلغ لم تتمكن من جمع اكثر من 13 الفا وهو مبلغ لا يغطى شيئا يذكر من نفقات الفرقة سوى ايجار المسرح.
أمل
وكان من المقرر ان تغلق الفرقة ابوابها اعتبارا من اول ديسمبر وتخصص المبلغ لسداد ديونها لكنها فضلت الاستمرار حتى نهاية العام على امل ان تجد من يشفق على جمهور المسرح فى الولاية من عواقب اغلاق فرقة مسرحية تقدم خدمة ثقافة وترفيهية للجمهور. 
تأسس مسرح ميرور بوكس ??عام 2018 على يد المدير الفنى كافان هولمان، واشتهر بإنتاج أعمال جديدة ومعاصرة - بما فى ذلك العديد من العروض الأولى من الغرب الأوسط والعالم - فى مساحته الكائنة فى حى تايم تشيك بضاحية سيدار رابيدز. 
وفى بيانه أعرب مجلس الإدارة عن امتنانه للداعمين والفنانين والجمهور الذين شاركوا فى مسيرة ميرور بوكس ??التى استمرت ست سنوات.

أخر عرض
وسوف يكون اخر عروض الفرقة المسرحية الغنائية “ذا رابيدز” أو “المنحدرات” وهى اشبه ماتكون بمسلسل كوميدى مرتجل جديد من تأليف كافان هولمان حث تعرض منه مايمكن ان يكون حلقة جديدة كل شهر يُعرض حصريًا فى مسرح ميرور بوكس. 
وفى هذا “المسلسل المسرحى” تُعرض مباشرةً على مسرح ميرور بوكس، يقع رجال أعمال جشعون، وعشاق شهوانيون، وسياسيون فاسدون، وغيرهم من الشخصيات البارزة فى مشاكل مضحكة بناءً على اقتراحات الجمهور. 

وداعا أسطورة المسرح الأسترالى
هيبارد عبر عن الحياة فى أستراليا وانشأ عدة مسارح
الطب والمسرح والأدب.. جنبا إلى جنب 
اعلنت المسارح فى استراليا على اختلاف احجامها وفى ولآياتها السبع الحداد على وفاة الكاتب المسرحى الاسترالى جاك هيبارد (84 سنة) أو اسطورة المسرح الاسترالى كما وصفه الناقد المسرحى لجريدة سيدنى مورننج هيرالد. 
وقال عنه  الناقد انه كان يعمل وسط ثورة مسرحية يمدها بالصوت ويمده الممثلون بأجسادهم.
واذا عرف السبب. فهو مؤلف اكثر من اربعين مسرحية اشهرها “ديمبولا” ومسرحية “شريط من الخيال”. ولايتفق ذلك مع العمر الطويل الذى عاشه حيث يعنى انه كان يحتاج أكثر من عام لكتابة المسرحية الواحدة رغبة فى الوصول الى اعلى درجات الاتقان. وكل مسرحياته تقريبا حققت نجاحا كبيرا.
كما ان المسرح لم يكن ساحة ابداعه الوحيدة حيث انه كتب عددا من القصص وثلاثة دواوين. وكان يعمل طبيبا بعد تخرجه فى كلية الطب بالتوازى مع عمله الادبى حتى نهاية حياته.

الروح الأسترالية
ما ميزه كما يرى النقاد انه عبر عن الطابع الاسترالى والروح الاسترالية فى مسرحياته على نحو لايباريه فيه كاتب استرالى آخر. وعلى العكس كان هناك كتاب عندما تطالع مسرحياتهم التى يفترض أن تدور فى استراليا يشعر المشاهد أن أحداثها تدور فى امريكا او بريطانيا او حتى كندا. لكنها رغم جودة النص لاتعالج موضوعات تهم المشاهد الاسترالى. وكان يسعى الى تنمية مواهبه الادبية فى نفس وقت دراسته للطب فى جامعة ملبورن. وبدأ وقتها يكتب الشعر وكان يكتب نقدا فنيا فى جريدة الجامعة.

الريف هو البداية
وربما كان مرجع ذلك انه من مواليد الريف الاسترالى حيث ولد فى بلدة ريفية بمقاطعة فيكتوريا. وتأثر بالحياة فى الريف مما ساعده على التعبير عن المجتمع الاسترالى. كما تخصص فى طب المجتمع مما ساعده على التعمق أكثر فى حياة المجتمع الاسترالى.
وساهم فى الوقت نفسه فى تأسيس عدد من الفرق المسرحية اولها المجموعة الاستعراضية التجريبية فى ملبورن وتولى رئاستها لعامين. وحتى بعد ان ترك رئاستها ظل نشطا فيها رغم مشاغله لنحو عشر سنوات. وبعد ان تركها اسس فرقة مسرحية اخرى باسم فرقة كتاب المسرح. 
ورغم انتاجه الغزير فإن مسرحية “ديمبولا” تعد اشهر مسرحياته ولايكاد البعض يعرفه بسواها. عرضت هذه المسرحية للمرة الاولى عام 1969 على مسرح “ماما” الشهير فى ملبورن.
وتدور احداث المسرحية حول حفل زواج بين البروتستانتى مورى ماكدام والكاثوليكية رين ديلانى فى بلدة اسمها ديمبولا بولاية فيكتوريا.
وهنا يسعى أفراد الأسرتين للحفاظ على التقاليد الاجتماعية التى تختلف الى حد كبير بين الكاثوليك والبروتستانت بشكل لا يسيء إلى الطرف الآخر. ويدعو افراد الاسرتين جمهور المشاهدين إلى التدخل لحل هذه المشاكل.
وكان هذا الاسلوب الذى ينتشر هذه الأيام جديدا فى حينه عندما ادخله هيبارد فى المسرح قبل 55 عاما. 
وكان يعقب على نجاح مسرحياته فينفى عن نفسه العبقرية قائلا ان كل ما يفعله انه يخرج على الصور النمطية فى المسرح ويسقط الحواجز الثقافية التى تعيق انطلاقه. وقد تحولت المسرحية إلى فيلم بعدها بعشر سنوات.        


ترجمة هشام عبد الرءوف