بعد رحيلها المؤثر .. دعاء منصور.. عنوان المحبة والإخلاص

بعد رحيلها المؤثر ..  دعاء منصور.. عنوان المحبة والإخلاص

العدد 884 صدر بتاريخ 5أغسطس2024

سادت حالة من الحزن والأسى في الوسط الثقافي والمسرحي، إثر خبر وفاة الأستاذة دعاء منصور مدير عام الإدارة العامة للمسرح، ورئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور سابقا، التي وافتها المنية يوم الاثنين الموافق 29 من يوليو، إثر تعرضها لحادث سير، نقلت على أثره للمستشفى قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة هناك وتفارق الحياة .
الفقيدة زوجة الدكتور محمد عادل صادق ووالدة المستشار أحمد عادل رئيس المحكمة الاقتصادية بالإسماعيلية، وشقيقة المستشار مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك سابقا.
  ونعاها العديد من النقاد والمسرحيين بكلمات مؤثرة، وكان لمسرحنا أن ترصد تلك الأجواء التي سادت الوسط الثقافي والمسرحي بوجه خاص وكانت تلك كلماتهم عنها:
محمد ناصف: دعاء أقرب الشخصيات لقلبي
قال الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف ( القائم بأعمال رئيس هيئة قصور الثقافة):
دعاء منصور أخت وصديقة عزيزة، سعدت بالعمل معها والقرب منها، كانت من أقرب الشخصيات لقلبي، ولم تنقطع عني و لم أنقطع عنها طول كل هذه السنوات التي بعدت فيها عن  الهيئة العامة لقصور الثقافة، و عملت فيها بالمجلس الأعلى للثقافة حيث ذهبت، وكانت أول من جاءت إلي في المجلس حاملة معها نشرة مهرجان المسرح عام 2015 حين كنت رئيسا لها، كنا على تواصل معها كي تكون في لجنة جديدة لحل أزمة صندوق الزمالة، كي تعبر و تتابع موضوع يخص عدد كبير من الزملاء . رحمها الله رحمة واسعة وغفر لها .

أحمد عبد الجليل: من الشخصيات الإدارية الناجحة
وعلق المخرج المسرحي أحمد عبد الجليل : كان هذا الحادث صدمة كبيرة، تعرفت على الأستاذة دعاء أحمد منصور عليها في أواخر الثمانينات عندما كانت مديرة مكتب رئيس الهيئة، وكانت هي بلدياتي من الدقهلية وكانت شخصية وإنسانة فاضلة وكانت معينة وحقانية، وعندما انتقلت لإدارة المسرح كنا زملاء وكانت تتمتع بروح الدعابة، وعندما تولت الإدارة كانت من الشخصيات الإدارية الناجحة، لأن الفترة التي تولت فيها إدارة مكتب رئيس الهيئة ساعدتها كثيرا في إدارة المسرح التي تولاها أسماء كبيرة ابتداء من الأستاذ حسن عبد السلام ورؤوف الأسيوطي ومحمد سالم ويسري الجندي ومصطفى معاذ ودكتور محمود نسيم، كل هؤلاء الأسماء كانوا في إدارة المسرح أسماء رنانة وتعتبر من ضمن هذه الأسماء في الفترة التي تولتها، وأيضا عندما تولت الإدارة المركزية للشئون الفنية، ربنا يرحمها ويجعل مثواها الجنة.

ناصر العزبي: عرف عنها الالتزام والحب والإخلاص للعمل 
فيما قال الكاتب والناقد المسرحي ناصر العزبي: 
اعتدت على كتابة الشهادات عن الراحلين من زملاء القلم أو الفنانين المسرحيين، ودائماً أركز في محتوى الشهادة على القيمة الأدبية أو الفنية لأثرهم الإبداعي، وتلك هي المرة الأولى التي أدلى بشهادة فيها خارج هذا النطاق، حيث أن إنجاز الراحلة «دعاء منصور» كان في المجال الإداري، عملت بإدارة المسرح على مدار أكثر من ثلاثين عاماً، عملت خلالها مع قيادات عظيمة من الفنانين أمثال الراحلين الكبار يسري الجندي ودكتور حسن عطية وأبو العلا السلاموني وعبد الرحمن الشافعي، وغيرهم، وزاملت فنانين كبار من خلال الإدارة الذين يكنوا لها كل التقدير، حيث عرف عنها الالتزام والحب والإخلاص للعمل، ولقد تولت قيادة الإدارة العامة للمسرح خلفاً للناقد الكبير أحمد عبد الرازق - على ما أتذكر عام 2012- وهي مرحلة غاية من الصعوبة تحتاج لقيادة حازمة، وهو ما نجحت فيه بكفاءة عالية، ويبدو أنه قد واجهتها صعوبات في بداية توليها الإدارة، حيث اتصلت عليًّ كي تسند لي إدارة الفرق إلا أنني اعتذرت لصعوبة ذلك بسبب إقامتي خارج العاصمة، وتفهمت الأمر، ومن الجدير ذكره أنه في ظل قيادتها ولأول مرة يتم إنتاج الشرائح وعرضها مبكرًا في شهري مارس وأبريل، وهو ما لم يحدث من قبل، بل وتنفيذ المهرجانات في شهر مايو، أيضًا تمكنت من إنجاز المطبوعات الدورية التي تصدر عن الإدارة وكانت متوقفة عن الإصدار، ولكفاءتها الإدارية تم تكليفها بالعمل وكيل الوزارة للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2017 تقريبًا.
تعاملت معها على أكثر من مستوى فترتي إدارتي لفرع ثقافة بورسعيد والجيزة، وأذكر أنه كان لفرع ثقافة الجيزة موقعاً بقاعة منف، وقد التقت بي وناقشتني بشأن تحويله مكتبة إلكترونية حديثه لمسرح الثقافة الجماهيرية، وقالت أنها متحمسة لهذا المشروع دون النظر إن كان سيتبع فرع الجيزة أو إدارة المسرح، ولأني من المعنيين بالمسرح لم أعترض وقتها، وقلت لها أن القرار في هذا الأمر لرئاسة الهيئة وليس لمدير الفرع، فردت بأنها تعلم ذلك ولكنها أرادت استطلاع رأيي قبل التقدم بالمشروع، كانت رحمها الله غاية في التفاهم والتعاون والاحترام، كما أنها على المستوى الإنساني كانت على قدر عالي من الإنسانية، راقية في تعاملاتها، لا تتردد عن فعل خير، أو مساعدة أحد، ومن المواقف التي أتذكرها؛ أنها يوم وفاة الكاتب الراحل «محمد الشربيني» ورغم ظروفها الصحية في ذات الوقت تحاملت على نفسها وجاءت مع زملاءها بالإدارة من القاهرة إلى دمياط لحضور جنازته وتقديم العزاء لأسرته. لقد كانت رحمها الله زميلة وصديقة محترمة تحظى بتقدير كبير من الجميع، اللهم اغفر لها وأرحمها وتوفها مع الأبرار، واشملها برحمتك وارحم جميع موتانا يا أرحم الراحمين، والهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان.

شاذلي فرح: أدارت الملف بحنكة أكثر من الفنان
وعلق المخرج والمؤلف المسرحي شاذلي فرح قائلا: 
تعاملت معها فترة عملها كمدير عام للإدارة العامة للمسرح، كمدير لنوادي المسرح وقتها...وعندما تولت الإدارة المركزية للشئون الفنية أيضا، وبرغم أنها كانت ليست مسرحجية أو لها علاقة بالمسرح، ولكن هي أدارت المسرح أولا كفرقة السامر، ثم عندما تولت الإدارة العامة للمسرح الإقليمي على مستوى مصر كلها، ربما تكون أدارت الملف بحنكة أكثر من الفنان كإدارية، للحق هي كانت تعتبر قريبة من كل المسرحيين من كتاب لشعراء لممثلين ومخرجين في جميع أرجاء مصر كلها..
فإذا عمل أحدهم حادث في بور سعيد  تصر أن تذهب لزيارته والوقوف بجانبه، ولو مرض أحدهم تذهب لزيارته، لذلك نجد وسائل التواصل بها مظاهرة حب كبيرة من جميع فناني الأقاليم والقاهرة،  الكل ينعي دعاء منصور كأم وكأخت، بصماتها في المسرح الإقليمي لا ينكرها أحد، استطاعت تجديد مسرح السامر كمرحلة أولى فكانت خطوة وبدأت فيها، أدارت ملف المسرح الإقليمي باقتدار أكثر، رحمة الله عليها.

محمد حجاج: من أوائل من ساعد في إعادة مسرح السامر
 وقال الممثل والمخرج المسرحي محمد حجاج ( مدير عام الإدارة العامة للفنون الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة): الأستاذة دعاء منصور من القيادات الفعالة خاصة في إدارة المسرح والشؤون الفنية ولها الكثير من الإنجازات، اشتغلت في إدارة المسرح علاقات عامة وكانت متميزة جدا، وطورت من الإدارة في العلاقات العامة، ثم تولت إدارة فرقة السامر وأصبحت مديرة فرقة السامر، وطورت فيه وأعطت الفرص للشباب أثناء توليها إدارة الفرقة، تولت إدارة المسرح وفي خلال تلك الفترة كان الموسم أو الخطط السنوية لفرق الأقاليم في المسرح متطورة فعملت على زيادة الميزانيات.
وكانت من أوائل الناس الذين ساعدوا في إعادة مسرح السامر من جديد، وفي عهدها ساعدت على التطوير قبل الوصول للمرحلة النهائية له، لعروض الفرقة والأقاليم عليه، وأقيم عليه وقتها مهرجان الأقاليم، تولت رئاسة الإدارة المركزية للشئون الفنية وكانت فعالة جدا، وسعدت بها كمدير عام الفنون الشعبية وكمخرج، فتعاملت معها وأعطتني الفرصة كاملة لعمل خطة وتطوير لإدارة الفنون الشعبية، وكذلك فعلت مع كل المديرين تحت قيادتها، وكإنسانة فعلت الخير الكثير مع الموظفين الصغار والغير قادرين. فهي إنسانة وقيادية لم ولن تعوض، رحمها الله.

أحمد البنهاوي: اكتسبت حب واحترام وتقدير المبدعين والإداريين 
وقال المخرج المسرحي أحمد البنهاوي: دعاء منصور، المرأة الفولاذية، تحملت كثيرا من الألم طوال رحلتها مع الحياة، والتي كانت مليئة بالأحداث، ومازالت صورتها على الكرسي المتحرك بعد الحادثة تطالع عيني، ثم التحرك على عكاز، ثم السير بلا عصا أحيانا، حتى الوصول إلى الحادثة الأخيرة، وملاقاة الله عز وجل.
وتابع: أشهد بأنها المديرة الناجحة، الواثقة، المكافحة، الجريئة، المغامرة أحيانا، اكتسبت حب واحترام وتقدير المبدعين والاداريين وكل من تعامل معها اتفق أو اختلف، ولكنها ظلت وستظل في أذهان الجميع المرأة الفولاذية متحدية الصعاب. ندعو الله لها بالرحمة والغفران.

عبد الناصر حنفي: دعاء منصور طاقة كبيرة ودأب بلا حدود
وفي كلمته قال الكاتب والناقد عبد الناصر حنفي: 
 ما أردت أن أقوله وأن نتذكره جميعا ونحن ندعو لها، أنها كانت إنسانة لديها طاقة كبيرة ودأب بلا حدود في العمل، كما كان عندها حماس لا يفتر للسعي في أبواب الخير بهدوء وبلا ضجيج، حتى وإن كان لصالح المختلفين معها.

سعيد منسي: شخصية قيادية بالدرجة الأولى 
وقال المخرج المسرحي سعيد منسي ( مدير المهرجان الختامي لفرق الأقاليم):
تعاملت مع الأستاذة دعاء منصور كمخرج وكإداري، كنت أخرج في المنصورة وكانت تشغل مدير الإدارة، وعندما كانت تواجهنا أي مشكلة، كنا نتصل تليفونيا بها فكانت تقوم بحلها على الفور، وكانت هي السبب المباشر لتواجدي في إدارة المسرح، لأني كنت أعمل مسبقا في إقليم شرق الدلتا، وقدمت طلبا لأذهب لإدارة المسرح، وكانت متحمسة جدا لوجودي هناك، كانت زميلة عزيزة وأستاذة فاضلة وداعمة كبيرة، وتشرفت بالعمل معها في فرق القوميات لمدة عامين، وبصراحة شديدة لم تكن هناك أية مشكلة إلا وكانت سريعة في حلها، وكانت حازمة في قراراتها، شخصية قيادية بالدرجة الاولى، كانت تقدم يد العون وتدعم الناس فنيا وانسانيا، مهما قلت لن اوفيها حقها، واشكرها على وقوفها بجانب كثير من الناس ومنهم أنا، وأدعو الله أن يرحمها ويدخلها فسيح جناته.

ناصر عبد التواب: عملت على تذليل الكثير من العراقيل
وعقب لاعب العرائس ناصر عبد التواب ( مخرج بمركز ثقافة الطفل) قائلا: 
الأستاذة دعاء منصور، القلب الطيب، نظيفة اليدين، سيدة مخلصة للعمل الثقافي، عندما تعاملت معها وهي مدير لفرقة السامر المسرحية أثناء تنفيذ تجربة (سكة السرايا الصفرا ) تأليف المبدع الراحل بهائي الميرغني إخراجي، كان ضمن التجربة أن أبدأ بورشة لتعريف ممثلي التجربة بعرائس القفاز وعرائس خيال الظل (ماهي، تصنعها، تحريكها، طرق الأداء التمثيلي لها )، وكانت هناك الكثير من العراقيل، هي التي وقفت وعملت علي تذليل هذه العراقيل، وكانت تتابع بنفسها كل مراحل الورشة وأيضا بروفات التجربة،  ولم تترك يوما أثناء عرض التجربة بقاعة منف، إنها المدير المحب لعمله، وحاربت من أجل إقامة مهرجان المسرح الختامي لفرق الأقاليم  عندما تولت الإدارة العامة للمسرح، وأقامت مشروع للمسرح التوعوي بميزانيات بسيطة، رحمة الله عليها المحبة لله والناس والعاشقة لوطنها.

نهاد أبو العينين: تميزت بخفة الروح والتواضع
وقالت الفنانة نهاد أبو العينين ( ممثلة مسرحية): 
دعاء كانت زميلة عزيزة علينا جميعا، كانت تتميز بخفة الروح واللطافة والهدوء، تميزت بالتواضع مع زملائها وكل من تتعامل معه، دائما مبتسمة بشوشة، كانت زميلتنا تجلس معنا بفرقة المسرح، وفوجئنا بأنها أصبحت المديرة، فلم تتغير معنا ولكنها كانت تجلس معنا ونتحدث في مشكلات العمل، كان عندها طاقة جيدة في العمل، لا تشتكي أو تكل أو تمل، فهي الدؤوبة دائما، تميزت بالصراحة المتحضرة، والوضوح الكبير، فكانت تجبر من يتعامل معها على المعاملة بالمثل حيث الصراحة والوضوح من طريقتها، حقيقة هذا الخبر فجيعة كبيرة بالنسبة لنا، لأننا كنا منذ وقت قريب سويا نفتتح مسرح السامر، وكنت أنا وهي دائمي المشاكسة ولكن بروح الود والحب، حتى وإن اختلفنا في التقييم، كانت روحها الطيبة حاضرة دوما، أخلاقها فاضلة جدا جدا.

نهاد السيد: كانت فترة إدارتها مزدهرة
وقالت نهاد السيد ( مهندسة ديكور ومصممة الملابس) :
رغم الحدة التي بدت على إدارتها إلا أنها كانت في غاية الحكمة والثقة والدقة والخبرة، وفي كثير من الأحيان كانت تتعامل وكأنها أم تحنو على أبنائها تارة،  وتقسو تارة أخرى، هذا ما كنت أشعر به تجاهها .
وتابعت: في فترة إدارتها أعطتني الفرص القوية لأن أتحمل مسئولية تجهيزات المهرجانات، ووقفت بظهري لتدعمني وتؤيدني بشكل قوي، على يدها أصبحت ما به أنا الآن، بنت بداخلي الشعور بالمسئولية تجاه تجهيز المهرجانات واستمتعت كثيرا بالعمل في فترتها،  رغم الصعوبات التي واجهت الإدارة، إلا أنها كانت فترة مزدهرة، تعلمت كيف أتعامل إداريا وفنيا وانسانيا مع الأشخاص، تعلمت أن الفن حياة، وأن المسرح بيتي، وأن زملائي اخوتي.
رحمها الله رحمة واسعة بقدر حب الجميع لها.

سامح بسيوني: كانت رمز للأخلاق والشرف والإنسانية والضمير
وقال المخرج المسرحي سامح بسيوني: 
تعاونت مع السيدة دعاء منصور، وأخرجت في الهيئة العامة لقصور الثقافة في الوقت الذي تولت فيه إدارة المسرح، فكانت سيدة رائعة، وكانت رمز للأخلاق والشرف والإنسانية والضمير، اتمنى من الله أن يدخلها فسيح جناته ويغمدها بكامل رحمته.

هلال شرقاوي: أدارت بكل حكمة ورقي 
وعلق هلال شرقاوي ( مصمم ديكور بالإدارة العامة للمسرح) قائلا: 
كانت إنسانة راقية بنت أصول أدارت بكل حكمة ورقي، لن ننسى جهودها، واستقبالها لكل من يدخل مكتبها، قمة الاحترام والذوق وتفهم الأمور، كانت تحل كل الصعاب بكل الاحترام، فهي الأصيلة وبنت الأصول.
واجهتني مشكلة ما في إحدى المرات، وكنت أحتاج تدعيم وتدخل منها، واستجابت لطلبي بكل أريحية، وكانت محبوبة جدا من كل المحيطين بها.
لم تسعفني الحروف للتعبير عنها رحمة الله عليها أحسن الله عزاء أسرتها.

سامح عثمان: أقامت مواسم ناجحة بحب المسرحيين لها وحبها لهم
وعلق الكاتب والمؤلف المسرحي سامح عثمان قائلا:
بداية لن أقول كلاما بروتوكوليا في دفتر عزاء شخص توفي، وإنما سأذكر في عجالة ما يمكن أن يحتمل ذكره قلبي عن أم طيبة..
في مسرح السامر أثناء المهرجان الختامي لفرق الأقاليم وفي صالة كبار الزوار دخلت لألقي التحية على الموجودين من مسرحيين ونقاد، شاهدتها جالسة ببشاشتها المعهودة، هرولت إليها متجاوزا الجميع، كان قد مضي وقت طويل منذ رأيتها آخر مرة، بكلتا يداي مسكت يديها وقبلتها في جبينها ..
: وحشانا.. وحشانا جدا يا ست الكل
: ازيك يا سامح عامل إيه يا حبيبي...أخوك علي بيسأل عليا أكتر منك ..بيراسلني علي الواتس آب
: والله انا مقصر انا عارف...سامحيني
: لا مش زعلانة ..انتم ولاد أصول..مراتك وبناتك عاملين ايه..؟
: الحمدلله يا ست الكل...
وتجاذبنا أطراف الحديث ثم إستأنفت السلام على كل الموجودين، وخرجت ودخلت إلي العرض ولم أراها بعد ذلك، ولم أكن أعرف أنه اليوم الأخير، فقد علمت بعد وفاتها أنها تعرضت لحادث سيارة ليلا في نفس اليوم الذي سلمت عليها فيه سلام الوداع، وللأسف لم أعرف بشأن الحادث غير بعد وفاتها.
وتابع: بالعودة عشر سنوات بالزمن حيث كنت مسؤول المسرح بفرع ثقافة الإسكندرية، كانت الأستاذة الغالية دعاء منصور تشغل منصب مدير عام إدارة المسرح، قابلتها في مهرجانا ختاميا لنوادي المسرح وكان بالمسرح العائم، مشكلات كبيرة ذللتها، عقبات تسكين وعقد إدارية وخلافه، واجهت الفرق، عالجتها بحسم وقوة، وفي جلسة بالعائم طلبت مني أن أنتقل لإدارة المسرح، قلت لها ظروفي لا تسمح ووضعي كذا وكذا...الخ، قالت فكر في الأمر نحتاجك هنا، ومضي الوقت وعدت للإسكندرية ومرت شهور بعدها اتصل بي الصديق الناقد الكبير عبد الناصر حنفي – وكان وقتها مسؤولا بإدارة المسرح -  ليجدد نفس الطلب، وعدته ومر الوقت، ثم استشرت صديقي الفنان والناقد خالد رسلان فأفتاني بضرورة قبول ذلك، ومر الوقت مرة ثالثة، بعدها التقيت الأستاذة دعاء منصور في فعالية أخرى، وأنهت معي الأمر بإصرار منها، وأنهيت إجراءات نقلي من فرع ثقافة الإسكندرية إلى الإدارة العامة للمسرح، وهناك لم أرى منها إلا خير تعامل، كانت أمي قد توفيت قبل زمن قصير من انتقالي فكانت أستاذة دعاء - وكأنها تستشعر حزني – تعاملني بقلب أم حنون، لم تضغط علي أبدا، ورويدا رويدا إستدرجتني للعمل، ثم أوكلت لي إصدار عددين من كتاب دليل النصوص المسرحية الذي تصدره إدارة المسرح كرئيس تحرير، كانت ام طيبة بمعنى الكلمة للجميع، وكانت لينة القلب حتى وإن حاولت إظهار حزم ما قد يقترب للقسوة أحيانا تجاه أحد لضبط سير العمل، كانت تهمس لي فور خروج الشخص من مكتبها: (قوم وراه علشان شكله زعل، واوعى تقوله إني قلتلك تقوم وراه).
والكثير من المواقف الإنسانية النبيلة أمام أي مشكلة شخصية أو مشكلة في العمل،
كانت الإدارة في وقتها بمثابة عائلة متماسكة، كانت الراحلة هكذا مع الجميع لا موظفي إدارتها فقط، بل مع كل المسرحيين، أقامت أركان إدارة ناجحة بحب من حبها لها وحبها لهم، وأقامت مواسم ناجحة بحب المسرحيين لها وحبها لهم، في لعبتنا هذه المحبة قلب النجاح، حتيى تي اليوم الذي عين فيه دكتور صبحي السيد مديرا للإدارة العامة للمسرح فسلمته الإدارة في يوم استقبال ولا أروع.
رحمة الله عليها إنسانة راقية وفية مخلصة أصيلة، حقيقة كانت امرأة من زمن الحب.

شيماء منصور: إنسانة عظيمة خسرناها 
فيما قالت شيماء منصور (كاتبة صحفية وإعلامية): عرفت الأستاذة الفاضلة دعاء منصور عندما كنت أخطو خطواتي الأولى في مجال الصحافة، وكانت حينها مدير عام الإدارة العامة للمسرح، ومن أول لقاء نشأ بيننا محبة متبادلة كبيرة، ولم يمر حدث في إدارة المسرح إلا وأجدها تتواصل معي لأكون أول المدعوين، كانت دائما تقول لي أنتي مثل ابنتي، ولم أنسى أبداً عندما علمت بموعد حفل زفافي - والذي أقيم في محافظة أخرى غير القاهرة-  وجدتها تنوي حجز حافلة كبيرة ليحضر كل موظفي إدارة المسرح الحفل، فاتصلت بها على الفور وشكرتها وأكدت لها أن محبتها وصلت إلي ولا داعي من فعل ذلك، لا أعرف لحسن حظي أم لسوء حظي أنني رأيتها بعد وقت طويل منذ شهر تقريبا كانت مقابلة كلها حميمية وحفاوة واشتياق وكأنها كانت تودعني وتودعنا قبل رحيلها؛ رحمة الله عليها فهي إنسانة عظيمة خسرناها وندعو الله أن يتقبلها من الخيريين الطيبين.


سامية سيد