العدد 631 صدر بتاريخ 30سبتمبر2019
رحلة عمرها أكثر من 40 عاماً في محراب أبو الفنون «المسرح» الكاتب والمخرج الأمريكي «لي بروير» فعرف كشاعر ومنتجً عاش رحالة في جميع أنحاء العالم تعرف على العديد من الثقافات، تميز بأسلوبه الفريد والذي مزج من خلاله جميع عناصر الفنون البصرية، وعن تلك الرحلة المليئة بالأسرار والمفاجآت يحكي «لي بروير» ورفيقة تلك الرحلة زوجته «مود ميتشيل» وهي ممثلة ومخرجة وعضو بفرقة مايو ماينز وأستاذ مسرح.
وتقام المحاضرة ضمن برنامج مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر في دورته الـ 26 في استضافة القامات المسرحية العالمية لتقديم تجاربهم وخبراتهم المسرحية مع المشاركين في المهرجان والتي تتضمن 5 لقاءات فكرية، ومنهم المخرج والكتاب المسرحي الكبير «لي بروير» أحد مكرمي الدورة في إطار الاحتفاء بالولايات المتحدة ضيف شرف المهرجان.
وقدمت المحاضرة الدكتورة دينا أمين المدير التنفيذي للمهرجان والتي عبرت عن سعادتها بتقديم المخرج الأسطورة «لي بروير» حيث قالت : «أنا سعيدة بتقديمي لأسطورة من أساطير المسرح الأمريكي المخرج الكبير والكاتب لي بروير «.
وتابعت أمين بتقديم مختصر عن السيرة الذاتية للمخرج لي بروير حيث قالت هو كاتب، مخرج، شاعر، ومنتج، وهو المدير الفني والمؤسس لشركة «مابو ماينز» للمسرح، فمنذ بداية ظهور بروير في نيويورك عام 1970، كان بروير في طليعة المسرح الأمريكي، ومن خلال مزج التخصصات والتقنيات من ثقافات مختلفة على نطاق واسع، حيث ابتكر نوعًا فريدًا من الأداء تمتزج فيه عناصر الفنون البصرية، والمكونات الصوتية والموسيقية، والرقص في شكل متناسق وجديد.
وتابعت أمين :»من أهم أعماله عربة اسمها الرغبة لـ «تنيسى ويليامز» التى أخرجها للكوميدى فرانسيز La Comédie-Française . ومسرحية «بيت الدمية» لإبسن، وحصل على جائزة أوبي OBIE لأفضل مسرحية وإخراج متميز، وجائزة أدنبرة هيرالد للإنجاز المستدام وجائزة The Theatre Communications Group لانجازاته على مدى حياته؛ وتم ترشيحه لجوائز بوليتزر وتوني وإيمي وجرامي، و هو أيضا كاتب غزير الإنتاج؛ حيث يُعيد فى انتاجه ككاتب تعريف مفهوم الشخصية واستخدام السيرة الذاتية بصوت أمريكي متميز».
اسمحولى أيضا أن أقدم لكم أيضاً «موت ميتشيل « وهي مشاركة في الإبداع والحياة مع الكاتب «لي بوير» وهي أحد أعضاء فرقة مابو ماينز، وممثلة وكاتبة ومعدة ودراماتورج وأستاذة مسرح»
وأشارت أمين إلى أن «مود ميتشيل» قد قامت بأداء احد الادوار المميزة في مسرحية بيت الدمية من إنتاج فرقة مابو ماينز، منذ عام 2003 وحتى 2011، وقد جابوا العالم بهذا العرض، كما قامت بالعمل كدراماتورج في أول عمل لمسرح الكوميدي فرانسيز في الولايات المتحدة الأمريكية، كما عملت في مشروع مهم يناقش قضايا الكره في الولايات المتحدة وحالياً هي تعمل في تقديم الدور الأساسي في مسرحية «ميديا» من إخراج «لي بروير» .
وبدء لي بروير بتقديم الشكر للقائمين على المهرجان في عمل هذه الندوة، والتي تمني أن تكون ليس محاضرة فقط، من أستاذ لتلميذ وإنما تكون المحاضرة قائمة على المناقشة والتفاعل.
وتابع بروير قائلاً :»ان العلاقة بين المخرج والممثل هي علاقة معقدة وان مفتاح هذه العلاقة هو التعاون بين الاثنين وهو الذي نبحث عنه في جميع الانتجات المسرحية، فيجب ان تكون العلاقة بين المخرج والممثل ليست قائمة على رئيس ومرؤوس او عبد، وإذا سار الوضع على تلك الشاكلة لصبحنا جميعاً او تحولنا جميعاً إلى آليين، لأن المناقشى تحمي المسرح وتجعله شيء حيًّا، والمفتاح هنا هو احترام الناس ومشاركتهم بعضهم البعض، فالمخرج يأخذ الممثل بمفاهيمه، لأنه يكون لديه الأفكار الرئيسية للعرض المسرحي، لذلك يجب أن يكون الممثل مشاركاً في تلك العملية، لأننا هنا نتحدث عن كيفية جعل المسرح بأن يكون مميزًا، وسحري «.
مشيراً إلى أن المخرج يكون لديه فكرة ويعمل يكون لديه فكرة ويعمل على تحقيقها من خلال استخدام الأدوات ومن اهم تلك الأدوات هي الممثل حيث أنه لا يقل أهمية عن الفكرة ولكنها يساعد بشكل كبير في تحقيقها، ولذا يجب أن تكون هناك علاقة ثقة متبادلة بين المخرج والممثل حتى يتحقق العرض، حيث قال :» أن ما أحاول ان أقوله هنا أن العلاقة بين المخرج والممثل هي علاقة شراكة وليست سلسلة من الأعزار فنحن لسنا في ساحة حرب، وأن ما نحتاجه في العرض المسرحي هو الاعتراف بالقدر، حيث أنه على الممثل أن يقرر أن يفعل وان يعترف بقدرته وما يمر من خلاله ويلاحظة ويشعر به، ويجب أن يعي جيدًا بأن هناك لغة أخرى تخرج من داخله».
مستكملاً :» أن عملية الإنتاج المسرحي تقع في دائرة «الكلاشيه» أو إلقاء الخطب الفارغة، وإنما يجب أن يكون صورة معبرة عن الحياة نفسها» .
فيما أكد «مود ميتشيل» إلى ان «لي بروير» عمل على تطوير التقنية الإخراجية عبر سنوات طويلة، فهو مخرج له باع طويل في الإخراج المسرحي لأكثر من 40 عاماً، كما قام بعمل فيلم وثائقي فرنسي رصد خلاله عمًّا يقوم به «لي» وهو الذي يصور حياته العملية، كما ان الفيلم يحكي عن حلمه ووحياته، وكيف كان يريد أن يكون، وان يصبح على ما هو عليه الآن».
ويسرد لي من خلال الفيلم الوثائقي الذي تم عرضة خلال اللقاء الفكري حيث يقول :» أن الهدف الأساي للعاملين في مجال المسرح هو أن تحلم أولاً وعليك أن تعمل من أجل تحقيق هذا الحلم، وفي أغلب الأحيان تكون هذه الاحلام قابلة للتحققن وهنا يجب على الممثل يجب أن يتعامل مع ما ندعي بانه يعرفة أو يبحث عنه، وهنا نجد ان الجمهور يتعامل مع ما نقدمه على أنه حقيقة وفي تلك اللحظة يشعرون بالراحة، وأنهم جاهزون لاستقبال أي شيء».
وعن أفضل شيء يفضله في الممثل او يبحق عنه في الممثل الذي يتعامل معه أوضح قائلاً :» أعتقد أنني أعشق الممثلين الذين لا يتوقفون عن اكتشاف أنفسهم، لأنهم يأخذو خطوات، حيث أنني أشعر ان الممثلين المتميزين هم من يشعرون بالهواء من حولهم، وأن هذا الإكسير الجميل الذي بداخلهم، وماذا يمكن أن يفعل بهم، لذا أشعر براحة مع الممثلين الذين يعرفون أنفسهم جيدًا، لأن الممثل الحقيقي هو الذي يحمل نفسًا خالية من الحقد والكراهية، فعندما يقفون على خشبة المسرح يبدعون ابداعاً شخصياً ومميزاً، ولا يمكن لأحد غيره أن يؤدي الدور بنفس براعته، حيث يجب أن يكون هناك بين الممثل ونفسه مساحة في الحياة، وان يكون لديه القدرة على صنع حياة مختلفة في المسرح، ففن المسرح هو فن الحكي، فإذا كان الممثل يحكي قصة لشخص آخر يجب أن يكون لديه وجهة نظر في هذا الحكي.
وعن كيفية اختياره للمثلين أضوح «بروير» إلى أنه لا يذهب إلى الطريقه التقليدية في اختيار الأدوار حيث انه هناك من يقوم باختيار الممثل وفقاً للشكل والأداء الصوتي، ولكنني اختار الممثلين في بعض الأحيان وفقا لحدثي الشخصي، فدائماً ما يكون حدثى وانضباعي هو الأساس في الاختيار، وفي بعض الأحيان قمت باختيار ممثلين وتم تخليق الشخصيات الدرامية وفقاً لامكانياتهم، وفي بعض الاحيان كنت اجد بعض المقاومة من بعض الأشخاص في طريقه اندماجهم مع المجموعة، حيث أنهم لا يتمتعون بالحس الجماعي، وتكون شخصياتهم المنفردة سبباً في تعطيل العمل، لرفضهم فكرة العمل الجماعي أو أن يكونوا جزء من القوقة، وتكون وقتها المهمة شاقة للغاية « .
مشيراً إلى ان مهمة المخرج الأساسية هي الحفاظ على توزان العناصر بداخل العرض المسرحي، وذلك لصنع صورة بصرية جيدة، وأنا اعتقد ان الاعمال الفنية لا يجب أن تكون ثابتة، ولهذا نجد أن هناك اعمال مسرحية تستمر لأعوام طويلة وذلك لوجود تفاعل حقيقي بين الجمهور وفنانين العرض المسرحي، ففي بعض الأحيان نقوم بالتجديد في العروض التي تقدم، وأتذكر أنني قمت بتغيير احد الاعمال من ثلاثة فصول إلى فصلين حتى نتمكن من القيام بالجولة المسرحية، كما قمنا بالتغيير في الأداء نظراً لضيق الوقت الذي كان مخصص للبروفات فاحيانًا كنا نقوم بعمل البروفات في الصباح ونعرض في المساء» .
وعن أصعب العروض التي أخرجها أوضحت «مود» أنه عندما نتعامل مع نص قديم مثل أعمال سوفوكليس مسرحية «اوديب» والتي تعود للحضارة الإغريقية، فوجندنا أنفسنا حول امام تساؤل هام كيف سنقدم أفكار عمرها أكثر من 3 آلاف عام وعلينا ان نتعامل معها بأفكارنا في الوقت الحالي، ولهذا فكرنا في تقديمها بداخل أحد الكنائس وان هذه الفكرة جاءتي عندما كنت في زيارة لتركيا وحضرت عرضاً مسرحياً في مسرح كولمبيا والذي عرفت بعدها ان هذا المسرح كان كنيسة قبل أن يصبح من أكبر المسارح بتركيا، كما كانت هناك إشكالية أكبر وهي ان بعض الكلمات التي كانت في النص صعبة في أن نقوم بصياغتها وتطويعهاً حتى تتوافق مع الحس الموسيقى للعمل، فالخدعة هنا هو الحفاظ على حقيقة العرض المسرحي وابقاءه حيًّا حيث يخرج العمل بالطريقة التي كتب بها النص»
وعن الارتجال المسرحي أوضح «لي» :» ان عملية الارتجال أمر هام في المسرح وتعمل على إدخال طاقة جديدة وإعادة تخليق للعمل المسرحي مرة أخرى، وأن الارتجال أمر هام في عملية تقديم «الحقيقة» ويجب مراعاة أنه عندما يتم الارتجال أن يكون هذا الارتجال ضمن العروض، وعلينا أن نجد دائماً او نبحث عن أفكار جديدة وعناصر جديدة».
وعن معرفته بالثقافة العربية قال :» كنت أتمني أن اتعرف على الثقافة العربية، وأتمنى ان أتعلمها أو أن أجد أحد المعلمين في إعطائي صورة عن الواقع العربي، والثقافة العربي»، ومن جانبها قالت «ميتشيل «ان «لي بروير» قارئ ممتاز ويقوم بالتجوال والسفر طوال العام، ومطلع بشكل كبير على الثقافة الهندية ولا يعرف الكثير عن المسرح الإفريقي، وفي السنوات الأخيرة نسافر إلى سوريا شهرين، فنحن محظوظان بقدرتنا على السفر والتجوال والقراءة، كما انني زرت مصر قبل ذلك كما ان أهلى عاشوا في مصر لمدة خمس سنوات في فترة الستينيات»ز
وعن أكثر اعماله التي استغرقت وقتاً طويلاً حتى خرجت إلى النور يقول «لي» :» ان الاعمال الاكثر صعوبة في تنفيذها هي الاعمال التي تكون من تأليفي، لأننى ارى ان عملية الإخراج هي عملية إعادة تأليف النص وهناك صعوبة شديدة في أن يعيد الإنسان إخراج ما قام بتأليفه، أو رؤيته، حيث أنني أعتقد أن كل نص مسرحي له سياقه الخاص، انه احياناً يكون عليك أن تراجع نقطة معينة اكثر من مرة لاسيما ما تتعامل معه في الوقت الراهن .