بعد انتهاء دورة المهرجان القومي أجمعوا حول ضرورة «ثبات لائحته» واختلفوا حول «التسابق»

بعد انتهاء دورة المهرجان القومي  أجمعوا حول ضرورة «ثبات لائحته» واختلفوا حول «التسابق»

العدد 704 صدر بتاريخ 22فبراير2021

بعد انتهاء دورة المهرجان القومي،  وإعلان النتائج التي كما هي العادة أسعدت البعض وأحزنت البعض وأثارت غضب البعض، يمكننا أن نعود إلى مناقشة هادئة لا تخص هذه النتائج ولا سابقتها، وإنما تخص فلسفة المهرجان والهدف منه، ومن هنا طرحت مسرحنا اقتراحا لفتح باب النقاش حوله، ينقسم إلى اختيارين يتمثل الأول في إلغاء التسابق مع الإبقاء على لجان نوعية تختار العروض التي تشارك فى المهرجان بوصفه احتفالية، أما الاختيار الثاني فهو أن نبقى على التسابق ولكن بعد تعديل فكرته لتضم أكثر من مسابقة ( مسرح المحترفين، مسرح الهواة ، رقص مسرحى حديث، مسرح طفل...) وتتشكل لكل منها لجنة تحكيم خاصة، وبجوائز نوعية تتشابه فى وصفها مع المسابقات الأخرى، وتتم مناقشتها من خلال لجنة تضم أفرادا متخصصين من أجيال مختلفة ( لجنة المسرح مثلا باعتبارها بيت الخبرة المسرحي) نضع أمامها كل هذه الاقتراحات لتصوغ لنا فى النهاية لائحة جديدة لمهرجاننا القومي، وهل يؤيد المسرحيون وجود لائحة ثابتة لا يمكن المساس بها أو التعديل عليها إلا بمعرفة اللجنة المختصة؟ عرضنا الأمر على عدد من المسرحيين و كانت تلك آراؤهم.

بدأ د.نبيل الحلوجي حديثه قائلا: المهرجان هو احتفالية لعرض أفضل ما أنتجه المسرح المصري فقط، ولا شئ غير ذلك، لا لجان أو جوائز أو شرائح ، والتسابق لا يتم إلا بناءً على توازي الإمكانيات في كل عرض :»مكان العرض، مواصفات واحدة، وميزانية واحدة .. لقد كنت عضوا في لجان تحكيم ورأيي مبني على تجربة فعلية.
وأضاف «الحلوجي» أنا مع تكوين لجنة متخصصة لمناقشة المقترحات وصياغة لائحة جديدة للمهرجان تضم  مفكرين وأكاديميين ومبدعين كبار في كل عناصر العرض المسرحي ، ويكون مثل مجلس أعلى شرط عدم وجود جوائز، وتوفر قيمة الجوائز لدعم الفرق الصغيرة. فكيف نبحث عن جوائز ولا نبحث عن تطوير أماكن العروض،  أليس بناء مسرحا جديدا بمثابة جائزة فعلية للمسرحيين؟
وتابع: كم ورشة تنفيذ احترافية مؤهلة لدعم العروض ؟، لماذا نبحث عن الجوائز ولا نبحث عن الإضافات، أتمنى أن يوفروا الجوائز لدعم الحركة المسرحية، ليناقشوا البنية قبل المنتج فهي أهداف أكبر.
مؤتمر المسرح الإقليمي
وقال د.أيمن الخشاب: أرى الإبقاء على المسابقة لأنها تتويج لجهود فريق مسرحي كامل، وبالطبع هناك مسابقات نوعية كمسرح الطفل وعروض الرقص الحديث مثلا، ولكنني ضد الفصل بين عروض الهواة والمحترفين؛ لأن الفصل بينهما لا يتم على أي أسس موضوعية، وكثيرا ما رأينا من يطلق عليها عروض هواة أفضل مما يطلق عليها عروض محترفين والفصل يتم على المستوى النوعي وليس الإنتاجي.
وأضاف «الخشاب» : بالطبع أؤيد وضع لائحة دائمة للمهرجان القومي للمسرح أفضل من هذا العبث السنوي الخاضع لأهواء من يتولى رئاسة المهرجان، كما أتمنى عمل مؤتمر قومي للمسرح لمناقشة ما وصل إليه ومستقبله المأمول؛ فقد مرت فترة طويلة دون انعقاد مثل هذا المؤتمر، ومن خلال المؤتمر يتم وضع اللائحة الدائمة للمهرجان القومي» كأحد محاور المؤتمر» كما يجب إعادة مؤتمر المسرح الإقليمي الذي انعقد مرتين فقط خلال إدارة د. محمود نسيم، وبتركه للإدارة لم تنعقد أية دورة، فمن يأتي يلغي ما أنجزه من سبقه كالعادة.
لجنة لمناقشة المقترحات
وقال المؤلف أشرف عتريس : بعد كل مهرجان وإعلان النتائج «تقوم القيامة» فور إعلان أسماء الفائزين ولا يعجب التصنيف أحد، حدث هذا ولا يخفى على أحد كوارث المهرجان القومي للمسرح وهذا في رأيي ما يفسد بهجة الحضور؛ لذلك أنا مع اقتراح إلغاء التسابق في المهرجان القومي تحديدا على أن تكون هناك لجنة واحدة نوعية ومتخصصة لاختيار العروض المشاركة بكافة التصنيفات من البداية، والإبقاء على بقية الفعاليات كالندوات وتقديم أبحاث نظرية وتطبيقية بجوائزها بغرض التحفيز .
وأضاف»عتريس» وقد يتبادر إلى الأذهان أن إلغاء التسابق بلا جدوى، لا إننا نشارك بغرض تحريك الراكد وكسر الجمود بعد جائحة كورونا وفقدان الشغف، نعم قد يتقاعس البعض ويتهرب لكن نحن مع كل المسرحيين وعروضهم التى (تحب) المهرجان القومى للمسرح ويكفى دلالة الاسم.
وتابع: لابد من تكوين لجنة من أجيال مختلفة لصياغة لائحة جديدة خاصة بالمهرجان القادم؛ تشكل لائحة ثابتة لا يجوز تغييرها مع كل دورة أو مدير مهرجان، لائحة يقوم عليها المهرجان ليستمر.
أما المخرج شادي الدالي فأكد على رفضه إلغاء التسابق، مضيفا: ولا أحبذ فكرة تعدد المسابقات وتقسيمها وضد تعدد اللجان، أنا مع الحفاظ على التسابق بمسابقة واحدة بين الأنواع المسرحية المختلفة؛ فالعروض التي أنتجت خلال العام تتنافس معا الصغير والكبير، فمن الصعب تصنيف المسرح لأن الجميع له الحق في المشاركة، لا ضرر في الحكم بين عرضين مختلفي التكلفة الإنتاجية لأن هناك عروضا تكلفتها الإنتاجية ضعيفة وقيمتها الفنية «عالية»، ولجان التحكيم تحكم بشكل فني وليس بالقيمة الإنتاجية ولا يفترض أن يعلم الجمهور القيمة الإنتاجية للعروض فما يشكل فارقا بالنسبة له هو المنتج الفني، ولا ننكر ان من يعملون بإمكانيات ضعيفة هم من يطورون المسرح، فالشباب الصغير المتحمس هو من يحقق التطور بجانب الخبرات الكبيرة والعظيمة، وعن نفسي إذا كنت عضو لجنة تحكيم وشاهدت عرضا لنجوم كبار ومخرج عظيم و لدي عرض بإمكانيات قليلة جدا وأسماء صغيرة ليس لديها خبرة في الإنتاج الفني توازي قيمة الإنتاج الضخم والأسماء الكبيرة فسيكون هناك مشكلة كبيرة فنيا.
وتابع: أنا مع أن تشكيل لجنة عادلة من متخصصين من مختلف الأجيال لمناقشة المقترحات وتعديل اللائحة وتطويرها مع الحفاظ على التسابق وشكل المسابقة الواحدة، ويمكن ان يكون هناك جوائز متنوعة فمثلما هناك جائزة أحسن ممثل وممثل صاعد فحين يكون هناك عرض ينتمي لمسرح الطفل ويستحق الجائزة نخصص له جائزة منفصلة خاصة به، لكن لا نفصل له بندا في اللائحة فربما لا يكون في الموسم المسرحي عروض لمسرح الطفل ترقى للمشاركة.
تغيير اللائحة يعرقل التطوير
وشارك بالرأي المخرج سعيد منسي الذي  قال إن معظم المهرجانات الفنية والعالمية تحتفظ بالتسابق؛ لأنه يخلق حالة من الحماس لدى الفنان ليقدم أفضل ما لديه،  نعم الفن للجمهور في النهاية و هذا يحدث على مدار العام وتُقدم مسرحيات سواء على مستوى البيت الفني للمسرح أو الثقافة الجماهيرية أو الجامعة ويشاهدها الجمهور. كما أؤيد فكرة المسابقة الواحدة، ففكرة تقسيم العروض تثار كل عام، و كثيرون اعترضوا . فلتبق مسابقة واحدة فكم من عروض تفوق فيها الهواة والجامعات والمستقلين والثقافة الجماهيرية وحصلوا على جوائز، فالفن ليس بالإنتاج بل بالأفكار.
وأضاف «منسي»:  لا أظن أننا في حاجة للجنة متخصصة لمناقشة الأفكار المطروحة؛ فدائما تثار زوبعة بعد كل مهرجان وسرعان ما تنتهي وتعود الأمور لطبيعتها، ربما نحتاج ذلك لتطوير المهرجان أو طرح أفكارا وآلية جديدة وأن يكون هناك لجان في كل أقاليم مصر لمشاهدة العروض واختيار أفضلها ويستمر عملها على مدار العام، فالمسألة ليست في التسابق بقدر ماهي في كيفية تطوير المهرجان .
وتابع: أنا مع فكرة اللائحة الثابتة تصدرها لجنة مسئولة ويتم تطوير اللائحة كل عام، لأنه من غير المنطقي أن يقوم كل مدير بالهدم والبناء كلما تم تغييره؛ مما لا يحقق حالة من التطوير.
وأشار مصمم الإضاءة عز حلمي إلى أنه مع بقاء فكرة التسابق ولكن بعد تعديلها لتكون أكثر من مسابقة داخل المهرجان «مسرح محترفين.. هواه..رقص حديث..طفل..إلخ» وتشكيل لجنة تحكيم خاصة لكل فرع ، بجوائز نوعية متشابهة في وصفها «أول عرض..أول مخرج..أول نص..أول ممثل..إلخ» على الرغم من أنه في كل الأحوال أثبتت فكرة التسابق والتحكيم في مصر عدم حياديتها وأثيرت الكثير من المشاكل بسبب ذلك، لكني أفضل وجود التسابق وتقسيم المسابقة بسبب تفاوت الميزانيات لعروض المحترفين والمستقلين كما أن المهرجان بدون تسابق سيفتقد للحماس.
وأضاف»حلمي» أتمنى تكوين لجنة تضم أفرادا متخصصين من أجيال مختلفة لمناقشة المقترحات والعمل على صياغة لائحة جديدة، وأن يكون هناك لائحة ثابتة حتى يعرف الجميع اللائحة جيدا كنوع من الحيادية والشفافية.
بينما قال المخرج محمد فوزي: استطاعت بعض المهرجانات العالمية المتخصصة فى فنون الدمى والعرائس أن تمنح الجوائز فى كل عناصر العرض المسرحي،  
وهناك عروض عرائسية  للكبار  تستطيع أن تنافس وتشارك، وهناك أمثلة لعروض شاركت من بولندا استضافها المخرج دكتور هناء عبد الفتاح في إحدى دورات المهرجان التجريبي.  وارى أنه لابد من البحث عن مسار جديد فى التقييم، يمكن مثلا  أن تعطى الجائزة الواحدة إلى خمس فائزين فيكون هناك أفضل خمس مخرجين و أفضل خمسة عروض، وان ننسى فكرة الأول والثاني مناصفة لأنها غير منصفة وظالمة.  إن تطور المهرجان ينبغي  ان يسلك  مسارا جديدا  فى المدة والأماكن وتصنيف الجوائز التي يمكن أن تكون فى منح تعليمية تتبناها الأكاديمية، وأذكر أني طرحت فكرة ان الحاصلين على الجوائز تتاح لهم الدراسة مجانا في احدى الأكاديميات الخاصة بالفنون أو أن تقدم لهم النقابة دعما لاستكمال المسيرة عبر القناة الشرعية.
أما ياسر أبو العينين ممثل ومخرج مسرحي فقال: أنا مع الإبقاء على فكرة التسابق ولكن بعد تعديلها لتكون أكثر من مسابقة داخل المهرجان الواحد،  وتتشكل لجنة تحكيم خاصة بجوائز نوعية متشابهة في وصفها، و يحبذ عرض أي مقترح على لجنة حكماء تتشكل من كبار المخرجين وكتاب المسرح ويراعى أن يكون هناك تمثيل لشباب المبدعين سواء المحترفين أو المستقلين أو الهواة، وأن تضع هذه اللجنة اللائحة و يتم التصويت عليها؛ بحيث تكون لائحة ثابتة لا يتم التعديل عليها بإجماع من وضعوها، وعلينا أن نتفق على شكل أساسي للتسابق واللائحة؛ فالمدير وظيفته مشتقه من اسمه فهو يدير كيانا موجودا بالفعل ، وليس مطالبا بالتغيير، فكل ذلك عبث مع كامل احترامي لكل من تولى إدارة المهرجان  .. لابد من نظام ثابت ولائحة متفق عليها ، وينشغل المدير بما يمكنه الابتكار فيه مثل شكل الجوائز واختيار لجان التحكيم والمشاهدة واختيار المكرمين وحفل الافتتاح والختام والدعاية أو تطوير موقع المهرجان والنشرات ، بعيدا عن الهدم والبناء مع كل مدير يأتي والعمل بالموروث الفرعوني الشهير.
وأضاف «أبو العينين»: وعن نفسي لا أحبذ فكرة التسابق و أرى أن تكون اللقاءات المسرحية احتفاء بفن المسرح في حد ذاته، وأن تترك عملية التقييم للجمهور والنقاد من خلال فعاليات خارج الصندوق تستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة كأن يقوم الجمهور بالتصويت للعروض من خلال الصفحات الإلكترونية، أو يقوم النقاد بعمل تقييم للعروض بدرجات معلنة للجميع وبحيثيات كل ناقد في منح الدرجات على أن يكون كل ذلك بعيد عن فكرة الجوائز المادية أو الأدبية، ولكن للأسف هذه الأفكار تذهب أدراج الريح أمام رغبة معظم المسرحيين في التسابق، لذلك فاختياري لفكرة التسابق نزولا على رغبة الأكثرية فقط.
فيما قال الناقد أحمد خميس: في رأيي أن إلغاء فكرة التسابق تقلل كثيرا الاهتمام بالمهرجان بين المسرحيين، كما أنها تؤثر بالسلب على أهمية الإتقان والتمايز وتسيد فكرة مريضة أن لا شئ مهم، فقط سنعرض ضمن مجموعة من العروض التى أنتجت فى نفس الموسم ومن ثم لن تكون هناك منافسة أو غيرة لتقديم أقصى طاقة ممكنة، ثم إن علينا أن نفكر بموضوعية أكثر: هل حقا نمتلك ثقافة ووعيا يؤهلانا لأن نقوم بتجميع عروض فقط للاحتفاء بها وبمنجزها الجمالي ؟ هى بالطبع فكرة جميلة وبراقة، ولكنها تحتاج كيانات إنتاجية راسخة وفنانين يفهمون قيمتها وأهميتها وأيضا جمهور تربى على ذوق رفيع ويعرف أن هناك التزام جمالي ببذل الطاقة القصوى وإنتاج عروض غاية فى الأهمية, تحترم اللعبة المسرحية وتقدر أدوارها المتعددة، وهى مسألة صعبة وتحتاج لأناس يقدرون قيمة الفن ويستوعبون أهميته, وبالتأكيد أنا لا أقلل بالمرة مما يحدث لدينا ولكني أتحدث عن الفارق والإيمان بالدور والسعى نحو التطوير.
وأضاف «خميس»:  أما عن تقسيم المسابقات ففي الحقيقة سعت بعض لجان التحكيم فى الدورات السابقة للمناداة بهذه المسألة على اعتبار تفاوت الإنتاج وعن نفسي لا أفضلها بالمرة؛ فالمسرح مسرح وما تقدمه كل جهات الإنتاج ما هو إلا مسرح وسواء اختلفت الميزانيات أو الجهات ففي النهاية نحن أمام منتج يسمى «عرض مسرحى» ، ثم هيا لنتناقش بجدية ودون أن يضر الحديث أحد: هل بالفعل لدينا محترفين يبغون مسابقة تخصهم وحدهم ؟ وهل شذرات العروض التى يشارك فيها بعض المتخصصين تحتاج لتقييم يخصها وحدها ؟ ثم هل هناك من يريد ان يقنعنى أن الفرق التابعة للبيت الفني لا تنتج إلا لمتخصصين فقط ؟ ومن ثم و»بقدرة قادر» يتحول شاب يتم التعاقد معه للمرة الأولى ليخرج عرضا لأحد فرق البيت الفني من هاو للفن لمتخصص ويخضع لتقييم مختلف؟ الموضوع كله ببساطة أن لجان التحكيم المتعاقبة على المهرجان لا تطلع بشكل أو بأخر على ما حدث في الدورات السابقة، ولذلك تحاول كل لجنة قراءة الموقف برمته من جديد فتخرج التوصيات التى نحترمها بكل تأكيد ونثمن أفكارها، ولكن يبدو أننا بالفعل نتحرك فى مكاننا ولا نتقدم خطوة حقيقية للمستقبل فى حين أن المسرح فى مصر يتراجع ويعتمد على أفكار أشخاص وطموحاتهم وأخطائهم فى بعض الأحيان دون أن يتحول الموضوع لمقابلة مشاكلنا الحقيقية للوقوف عليها ومراجعتها بدقة كى نخطو للمستقبل بشكل صحيح.
بينما عبر الناقد ناصر العزبي عن رأيه مشيرا إلى  أن ميلاد المهرجان القومي للمسرح المصري كان في يوليو2006 حيث عقدت الدورة الأولى منه، وكان من وراءه مجموعة من المسرحين الكبار ذكر منهم د. هدى وصفي، محمد أبو العلا السلاموني، خالد جلال، محمد رفاعي، حسن سعد، وغيرهم من أعضاء لجنة المسرح وقتها الذين تبنوا فكرته ومطالبة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة وقتها بعقده ليكون موازياً للتجريبي، ووافق الوزير، وعملت اللجنة على وضع لائحته من خلال خبراتهم والاطلاع على لوائح المهرجانات المختلفة مع مراعاة خصوصيته، ولم تغفل شيئاً بدءًا من تشكيل مجلس إدارة يتغير كل ثلاث سنوات، كما حددت تشكيل لجنة التحكيم وراعت وجود تمثيل رمزي بشخصية عربية ضمن الأعضاء، وحددت المكرمين وعددهم وأن يكون بينهم فنان راحل، وحددت شكل المسابقة ونظامها، وعقد المهرجان واستمر حتى دورته الخامسة دون المساس بلائحته. أضاف: ومثله مثل كثير من الثوابت طالته تداعيات ثورة يناير 2011، وبدأ الفصل بين الهواة والمحترفين، ثم في مرحلة لاحقة تمت العودة لنظام المسابقة الموحد، ثم عاد للفصل بينهم مرة أخرى، ثم استضاف عرضاً عربياً على هامش المهرجان، ثم تمت إضافة مسابقة الدراسة والمقال النقدي، ثم ألحق به مسابقة للطفل لمدة دورتين ثم ألغيت.
وأضاف «العزبي»: ومن الواضح أن هناك لبسا لدى مجلس إدارته التي من المفترض أنها تدير المهرجان، والتي يجب أن لا تعدل من لوائحه وفق الهوى أو الاهتمامات، وتحدث تعديلات مع كل رئيس جديد للمهرجان، فنجده ينتقد اللائحة وكأنه اكتشف خللا بها وأنه من سيقوم بتصويبه، بالتأكيد لسنا ضد التطوير لفكرة المهرجان، ولكن ليس من المنطق أن ترتبط لائحة المهرجان بتغيير أعضاء لجنته العليا، حيث أن اللائحة هي المحددة للجنة وللمهرجان، وأرى أن ثبات اللائحة لا يمنع عن الأعضاء مساحة التميز أو الإبداع، حيث مساحة اللجنة العليا في تشكيل اللجان وتحديد المحاور واختيار المكرمين والمشاركين، فأنا مع ثبات القاعدة، وأن يكون التغيير من خلال لجنة المسرح صاحبة الحق الأصيل في وضع اللائحة، ولا مانع أن تناقشها لجنة المهرجان في أي تصور جديد، ولا ينفي هذا الإجراء وجود بعض أفراد منها في اللجنة العليا، تجنباً للمبررات التي تساق مع أي تعديلات؛ وعليه أرى ضرورة العودة للائحة الأولى التي كانت تحتكم للمعايير الفنية لا للإنتاج أو للنجومية، وهي تنص أيضاً على جائزة أفضل عرض صاعد وأفضل ممثل صاعد، وكذلك وجود جوائز للجنة التحكيم التي من خلالها يتم عمل التوازنات المطلوبة.
وتابع:  أرفض فكرة إلغاء التسابق التي تم تفعيلها في التجريبي فأفقدته التنافسية، ومع فكرة إقامة مهرجاناً مستقلاً لمسرح الطفل، ولا مانع أن يكون في نفس المهرجان من خلال لجنة مستقلة، على ألا تواكب عروض الطفل باقي عروض المهرجان، وإنما تكون بعد انتهاء مسابقة العروض المسرحية حتى لا تؤثر على مشاهدات الطفل.
الناقد محمد النجار قال : إلغاء فكرة التسابق سيفقده بهجته ومتعته وأهميته ووجوده بين المهرجانات المحلية والعربية والعالمية، ولكن هناك حاجة ملحة لمراجعة آليات التسابق بمعني انه غير منطقي إدراج عروض مسرح الطفل في نفس المهرجان أو نفس التسابق لأنها عروض ذات خطاب فكري مختلف وجمهور مختلف وآليات إنتاج استثنائية، أما فيما يتعلق بإدراج الهواة والمحترفين في تسابق واحد فلا أرى غضاضة طالما كان أعضاء لجنة التحكيم أصحاب رؤى وتوجهات فكرية مختلفة، كما أرى إضافة جائزة قيمة باسم لجنة التحكيم باسم أحدهم بمعنى أنه حال فوز عرض إنتاج ضخم» احترافي» بالمركز الأول تمنح جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل عرض للهواة دون تصنيف، ويكون هناك لجنة ندوات بعد العروض لقراءة العرض نقديا، ولكن مع  تعديل آليات الجوائز ومنحها.
أضاف: تضع اللائحة إدارة المهرجان؛ فكل مدير يضعها حسب ما يتناسب ورؤيته كمدير للمهرجان وإلا فأين دوره ومشروعه إذا كان سيدير بلائحة جاهزة، فكل مدير يضعها كما يريد ثم يتم تقييم تجربته، فمدير المهرجان ليس موظفا في الوزارة.

جميعها إجابات صحيحة.
وكان للناقد عبد الناصر حنفي رأيه الخاص حيث قال : بداية سيبدو التدوير الموسمي لبورصة الاقتراحات حول شكل المهرجان القومي (والتجريبي) شيئا لطيفا على السطح، ولكن بعض التدقيق قد يوضح أنه خلاف ذلك تماما، وأن بالإمكان اعتباره علامة من علامات اضطراب السياسة الثقافية المصرية.
أولا: بصفة عامة هناك أنماط محدودة ومحددة للفاعلية الثقافية التي نسميها بالمهرجان «سواء مسرح أو غيره من الفنون» فهناك المهرجان الداخلي الذي تقيمه جهة إنتاجية لصالح عروضها فقط، وهناك المهرجان العام الذي يمكن لأي عرض يستوفي شروطه أن يتقدم للمشاركة فيه بغض النظر عن جهة إنتاجه، وبموازاة هذا يوجد المهرجان النوعي الذي يلزم عروضه بتحقيق سمات بعينها سواء كانت فنية أو غير فنية ( مونودراما، ديودراما، شعبي، تاريخي، عروض قصيرة، غنائي، راقص ... إلى آخر ما يمكن افتراضه من تصنيفات)، ومن حيث مصدر المشاركات هناك تصنيف المحلي مقابل الدولي، أما من حيث الجهة المنظمة فهناك مهرجانات يقيمها أفراد أو كيانات أهلية، وأخرى تنظمها جهات رسمية، ثم في النهاية هناك ما يسمى بمهرجان الدولة، ولا يوجد قانون طبيعي أو غير طبيعي يحدد الشكل أو النظام الأمثل لأي مهرجان، وبالتالي فلا يوجد بالضرورة اختيار صحيح بذاته في كل الأحوال أو الظروف، وهو ما ينطبق بالمناسبة على بعض السجالات الساخنة التي تخيم على مجال المسرح المصري منذ عدة سنوات، مثل قضية التسابق من عدمه. « ثانيا: ولكن لا يوجد مهرجان ينشأ من فراغ أو بلا مبرر أو بلا توجه، فكل كيان تحكمه بالضرورة أهداف أكثر من سواها، وبالتالي فالكيان الذي يؤسس لمهرجان سيكون بالضرورة منقادا إلى أهدافه، وهذه النقطة وحدها تجعل مجموعة بعينها من أنماط أو أشكال المهرجانات أكثر ملاءمة لهذه الأهداف من غيرها، وبعضها الآخر غير مناسب تماما، في هذا الإطار فمن المفترض أن مهرجانات الدولة – أي تلك المهرجانات التي تنظمها الدولة نفسها ممثلة في وزارة الثقافة- هي أكثر هذه المهرجانات انصياعا لأهداف الجهة المنظمة والتي تحددها سياسة ثقافية عامة لا تتغير بسهولة، وبالتالي فمن المفترض أن تكون هذه المهرجانات تحديدا هي الأكثر استقرارا على شكل بعينه بحيث لا يتغير هذا الشكل إلا بتغير السياسة الثقافية للدولة.
تابع حنفي:  في مصر، يقام سنويا حوالي 10 مهرجانات دولية، مقابل عدد يصعب حصره من المهرجانات المحلية بكافة أنواعها ومستوياتها (وفي غياب أي إحصاء رسمي عام أرجح أن هذا العدد يزيد على المئة في أقل تقدير) والمفارقة المذهلة هنا أنه خلال السنوات الماضية لن نجد مهرجانا واحدا من هذه المهرجانات انقلب على نفسه المرة تلو الأخرى واستحدث تغييرات جذرية في نظامه ثم عاد وألغاها واستحدث أخرى مناقضة لها مثلما حدث لمهرجاني الدولة (القومي والتجريبي) اللذين يفترض أنهما بحكم طبيعتهما الأكثر استقرارا ورصانة، وهو ما يطرح تساؤل بسيط: هل تغيرت السياسة الثقافية للدولة المصرية في مجال المسرح على نحو جذري ومتذبذب أو متناقض خلال السنين الماضية؟ والإجابة هي قطعا بالنفي، فأيا كان رأي البعض في مشاكل هذه السياسة أو حتى قصورها عن الوفاء بتطلعات المسرحيين فهي بالتأكيد لم تشهد أي تغيرات حادة خلال السنوات المنصرمة، وبالتالي فمن الواضح أن المشكلة تكمن في انفصال الإدارة الثقافية عن السياسة التي يفترض أنها ملزمة بتنفيذها على نحو أتاح للقائمين على هذين المهرجانين أن يفرضوا تفضيلاتهم الشخصية المرة تلو المرة، بحيث تتغير طبيعة المهرجان وتنقلب على نفسها على نحو فاضح مع تبدل المسئولين عنه.
تابع عبد الناصر حنفي:  ومما يؤسى له أكثر أن أغلب المسرحيين يواجهون هيمنة التفضيلات الشخصية لمديري المهرجانين عبر إعلاء تفضيلاتهم هم، الشخصية بدورها، بحيث جرى تغييب السياسة والأهداف التي لا تكتسب هذه التفضيلات قيمة عملية إلا بالرجوع إليها، وهو ما انحدر بالأزمة نحو دائرة مفرغة ظللنا ندور فيها طوال السنوات الماضية، لأنه إذا كنت أعتقد أن من حقي كمسرحي أن اختار للقومي أو التجريبي شكلا أو نظاما مبني على تفضيلي الشخصي فكيف أنفي هذا الحق عن مديري المهرجانين؟
وعلى ذلك أرى أن التوسع الموسمي في بورصة التفضيلات لن يفضي إلا إلى تعميق الأزمة أكثر فأكثر لأن كل هذه التفضيلات ليست سوى إجابات صحيحة إذا أخذت في ذاتها ولكن الخطأ يكمن في السؤال، والحل الوحيد هو أن تعود الإدارة الثقافية إلى السياسة الثقافية التي يفترض أنها جاءت لتطبيقها، ولها أن تقيم حوارا مع المسرحيين والمثقفين إن كانت ترى أن هذه السياسة قد أصبحت في حاجة إلى بعض التعديل أو لمزيد من البلورة، وعليها في ضوء هذه السياسة أن تضع أهداف القومي والتجريبي وتراقب الالتزام بها مهما تغيرت قياداتهما، أما نحن كمسرحيين فلنا أن نقبل هذه السياسة أو نعارضها، ولنا أن نناقشها أو حتى نتجاهلها، ولكن في كل الأحوال ينبغي أن نعي أنه من المستحيل أن نحل محلها أو نعوض غيابها.


روفيدة خليفة