العدد 586 صدر بتاريخ 19نوفمبر2018
الفرق «الحرة ،المستقلة، الهواة» أيا كان المسمى الذي تعمل تحت مظلته فرق يحركها عشقها للفن عموما والمسرح خاصة، يعتمدون على الذات، حالمين أن يصل فنهم للعالم، لكن كالعادة يقف مستوى الدعم عائق أمامهم، حتى الأشياء البسيطه منها مثل عدم توافر أماكن للبروفات مرورا بتكاليف إيجار القاعات والمسارح. ومع ذلك تحاول هذه الفرق رغم ضعف الإمكانيات الوصول للجمهور من خلال العروض التي تقدمها ومن خلال ابتكار أساليب وطرق مختلفة فى الدعاية والتسويق. عن مشاكلهم مع الدعاية والتسويق وكيف يتغلبون عليها وعما إذا كانت هناك طرق جديدة أو مبتكرة يستخدموها لجذب الجمهور .. سألناهم، وكانت تلك أراء بعض من مؤسسي هذه الفرق
قال المخرج محمد جبر إن هناك نوعين من دعاية التواصل الاجتماعي ، الوسيلة التقليدية أولا أي ما يُنشر على صفحات الأصدقاء والأقارب سواء قبل أو بعد مشاهدة العرض، والوسيلة الممولة والتي يلجأ إليها الجميع الآن سواء البيت الفني أو المسارح الخاصة، وتعتبر تلك الوسيلة هي البديل عن إعلانات التليفزيون والراديو نظرا لكبر شريحة مستخدمي الإنترنت ، ولذلك ففكرة نجاح الوسيلة الدعائية في جذب الجمهور من عدمه تحكمها جودة الدعاية نفسها والبعض ينجح في جذب الجمهور وآخرين لا ينجحون، أيضا تعتمد الدعايه في بعض الأحيان على شهرة الفرقة من عروض سابقه كما حدث معنا في مسرحية 1980 وانت طالع ، حيث جذبت شريحة كبيرة من الجمهور سواء في المسرح أو من خلال صفحات التواصل الاجتماعي ، حين يكون لدى الجمهور فكره مسبقة عن الفرقة يسهم ذلك في الدعاية لأي عروض جديدة تقدمها ، وفي حالة عدم شهرة الفرقة تعتمد الدعاية على دائرة المعارف والأصدقاء.
وأضاف «جبر» تؤثر «السوشيال ميديا» في نجاح العرض خاصة عندما يكتب البعض ممن شاهدوا العرض أرائهم على صفحاتهم الخاصة وصفحة العرض فيستفز ويحفز الآخرين لمشاهدته ، وأعتقد أن الخريطة في مصر كلها تتأثر بالسوشيال ميديا ، وبالتأكيد تختلف مدة بقاء العرض في الدعاية، فالحشد لليله أو أثنين أسهل كثيرا من حشد لموسم أو لخمسة عشر ليلة ،حيث يحتاج ذلك لوقت أطول قبل العرض لتعريف الجمهور به ، بالإضافة إلى أن الفئة المستهدفة نفسها تؤثر في نجاح الدعاية على السوشيال ميديا .
وتابع: الابتكار والتطوير أمر هام لأي عمل ولابد من ابتكار وسائل جديدة للوصول لعدد اكبر من الناس ، و إذا كانت هناك فرصة لوجود مؤسسة تهتم فقط بالدعاية والإعلان لمسرح الفرق المستقلة والهواة ويستفيد منها الجميع سيشكل ذلك فارقا كبيرا ، بالإضافة لضرورة اهتمام وسائل الإعلام نفسها وتسليط الضوء على هذه الفرق كالتليفزيون والراديو.
حركة مسرحية كبيرة ينقصها الدعم
فيما قال المخرج شادي الدالي: ما يجعل المسرح مختلفا عن أي «ميديا» أخرى هو الاستمرارية، وفرق المسرح الحر والمستقل تعاني الكثير من المشاكل ومنها عدم الاستمرارية نظرا لارتفاع تكلفة إيجار المسارح، وبالتالي فالتسويق والدعاية لليلة أو ليلتين ينجح عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ، لكونها بلا مقابل مادي وحتى وإن كانت بمقابل مادي فهو بسيط ، وهناك وسيله أخرى وهي الجمهور وتلك لا يمكن الاعتماد عليها نظرا لعدم الإستمراريه حتى يُخبر الجمهور أصدقاءه ومعارفه، وعلى سبيل المثال فقد قدمت عروض بكلية الفنون الجميلة ونجحنا من خلال السوشيال ميديا في جذب الجمهور والتنوير على العرض ولكن لم يحدث نجاح حقيقي إلا بعد أن عرضنا على مسرح الطليعة بموافقة من الفنان فتوح أحمد رئيس البيت آنذاك بعرض «حلم بلاستيك» ثم عرضناه خارج مصر وبالتأكيد لا تتاح تلك الفرصة لكل الفرق.
وأضاف «الدالي « هذه الفرق تخلق حركة مسرحية كبيرة ولكن للأسف ينقصها الدعم أيا كان شكل هذا الدعم ، وتابع كل شئ قابل للتطوير ويمكننا تطوير الدعاية والإعلان لكن لابد من داعم له له صفة الثبات ، فحتى الدعم الذي أقرته وزارة الثقافة سابقا لدعم المستقلين لم ينفذ حتى الآن.
وقال المخرج مايكل تادرس: المسرح لا يقدم سلع خدمية ولذلك فالناس لا تنجذب لإعلانات العروض سواء كانت الدعاية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، ولذلك لا نلجأ للدعاية المدفوعة أو الشركات المتخصصة ، فالوسائل التقليدية لم تعد مؤثره رغم عدم إمكانية الاستغناء عنها ، وبالتالي فما نعتمد عليه ويؤثر أكثر هو الدعاية الشفاهية بأن يسوق للعرض من شاهده ، وتعتمد أغلب إعلاناتنا على العلاقات الشخصية وليس على جودة العرض من عدمه ، وللأسف فهذا لا يمكننا من الوصول لشريحة أكبر من الجمهور الجديد خارج دائرة المعارف والأصدقاء وإن توسعت تكون محدودة العدد. وأشار»تادرس إلى أن « الإعلام نفسه يعاني من المشاكل ولا يهتم إلا بما يثير ضجة بعيدا عن المواد التثقيفية ، فحتى الصحافة أصبحت إلكترونية وأغلب الأخبار تؤخذ من صفحات الفنانين ويبحث عن الأخبار الأكثر مشاهده ، أضاف : نتمنى أن ينظر الإعلام لنا كفرق لديها الكثير من المواد التثقيفية التي تقدمها باستضافة هذه الفرق أو أيا كان شكل الدعم الذي سيقدم لهم لأننا حتى وإن دُعينا للبرامج يكون بالاجتهادات الشخصية وبناء على علاقات شخصية مع تلك البرامج ، فدعاية التليفزيون والراديو يختلف تأثيرها كثيرا. وتابع بالتأكيد نعاني مشكلة كبيرة في مسألة الدعاية والتسويق للعروض فضلا عن مشاكل تضييق العمل التي تمارسها النقابة لحصر ممارسة المسرح على خريجي المعهد وأعضاء النقابة .
وشارك بالرأي المخرج أحمد ماهر «فرقة كاونتا» قائلا : حالنا كحال الكثير من الفرق، اعتمادنا الأساسي في الدعاية والتسويق على السوشيال ميديا ،من خلال النشر على الصفحات الشخصية للأصدقاء والمعارف أو مقاطع الفيديو لبعض من مشاهد العرض على قناتنا على اليوتيوب ، وبالتالي نواجه مشكلة في التسويق على نطاق أوسع ليعرفنا الجمهور وإن لجأنا لأشخاص متخصصين فهذا مكلف مع غياب الداعم . وأضاف «ماهر» : بالتأكيد السوشيال ميديا تؤثر في جذب الجمهور لكن على مستوى فرق الهواة، فلا نملك الشهره الكافية لينزل الجمهور ويشاهدنا فمعظم جمهورنا من الأصدقاء والمعارف و القليل من الجمهور العادي الذي يستجيب لدعاية الفيس بوك، لذا أرى ضرورة البحث عن وسائل جديدة وتطوير طرق الدعاية فالعالم كل يوم في جديد ، كما نأمل أن يكون هناك جهة تختص بمسألة الدعاية بمقابل رمزي يتناسب ومستوى الفرق المادي ، وأن يقام مهرجان تشارك فيه جميع الفرق حتى يهتم بها الإعلام ويعرفها الجمهور،لأننا نريد جمهورا أخر يقيمنا ، فللأسف المسرح معلم للتمثيل ولكنه لا يمنح الشهرة .
مسرح لاستضافتنا
المخرج أندرو سمير «فرقة خشبه وستاره للفنون» يقول: الشكل العام للدعاية والتسويق يساهم في جذب الجمهور بغض النظر عن جودة العمل ، و قلة الدعاية تشكل عائقا لأن تمويلنا ذاتي ولا يمكننا الاستعانة براعي للفرق، وبالتالي فليالي العرض قليلة جدا، ثلاث ليال على أكثر تقدير بسبب ارتفاع أسعار المسارح ولا يملك الجمهور وقتا للسماع عن العروض أو للحضور، وللأسف ليس لدينا وسائل متاحة سوى السوشيال ميديا المتمثلة في الفيس بوك واعتمادنا الأكبر على الأصدقاء والأقارب لنشر الدعوة على صفحاتهم الشخصية ، بالإضافة لمحاولة توزيعنا للتذاكر بأنفسنا على أصدقائنا ، وبالتأكيد الأمر مختلف بالنسبة للدعاية في التليفزيون من خلال الاستضافة في البرامج أو التنويه عن تلك الفرق في الفقرات الثقافية للبرامج.مضيفا: نعترف أن هناك غياب لقاعدتنا الجماهيرية كفرق ، ونتمنى أن يكون هناك مسرح يمكنه استضافتنا كما فعل وقدم لي المساعدة المخرج عمرو قابيل للعرض على مسرح الهناجر وللأسف لا تتاح تلك الفرصة لجميع الفرق وإن استطعنا عرض عدد ليال أكبر سيكون هناك مجال لجذب جمهور حقيقي بشكل أوسع .
فيما قال المخرج أحمد الغزلاني: إننا نواجه مشاكل كثيرة مرتبطة بالدعم المادي، ونظرا للدعم الذاتي نستخدم وسائل الدعاية والتسويق التقليدية البانرات والبوسترات أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتأكيد تساهم السوشيال ميديا في جذب الجمهور بالإضافة للدعاية الكلامية ممن شاهدو العرض من الجمهور لمعارفهم وأصدقائهم ، لكن بالطبع حصر عدد ليال العرض في ليله أو ثلاثة بالنسبة لفرق الهواة والمستقلين والفرق التي تعمل بمجهود ذاتي لا يساهم في جذب الجمهور فمعظمه من الأصدقاء والمعارف وقليل من الجمهور العادي، فعنصر الاستمرارية مهم جدا لنجاح مسألة التسويق وحضور عدد أكبر من الجمهور . وأضاف «الغزلاني: «مسألة الدعاية في العموم لابد من تطويرها والبحث عن أساليب وطرق جديده كأن يكون هناك موقع كبير يجمع كل ما يتعلق بالمسرح في مصر سواء كان مسرح الدولة أو الخاص أو فرق الهواه والمستقلين حتى يتسنى للجمهور معرفة كل ما يعرض في كل مسارحنا بسهوله ، و تتاح للجميع معرفة ذلك بشكل مستمر، فعلى سبيل المثال أن أكون قريبا من مسرح ما وأعلم مسبقا ما يعرض عليه سيدفعني الفضول للفرجة ، وبالتالي إذا علمت أن هناك فرقة تنتج عروضا ذلك يدفعني للبحث عن إنتاجها ومتابعتها فيما بعد.
*المعارف والأصدقاء
أما المخرج محمد متولي فقال إن معظم عملنا يكون عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، بتصوير مقاطع فيديو من البروفات ونشرها على الصفحة ، بالإضافة للبامفلت والوسائل التقليدية الأخرى، وأعتقد أن 99%من الجمهور هم أصدقائنا ومعارفنا وتلك أزمتنا لأننا نسعى لشريحة أكبر ومختلفة من الجمهور فلا ينحصر الأمر على معارفنا، ولا أدري كيف يمكن تحقيق تلك المعادلة، خاصة وأن سعر التذاكر مخفض ولا يمكن تخفيضها أكثر من ذلك ، ولا يمكننا اللجوء لشركات خاصة في الدعاية والتسويق نظرا لارتفاع التكلفة، فنضطر للتسويق بمجهوداتنا الشخصية ، وبالتالي فالقليل يشاهد الإعلانات، بالتأكيد نتمنى أن يكون هناك وسائل جديدة ومتطوره للدعاية تتناسب ومستوى الفرق المادي.
المخرجة وفاء عبد الله «فرقة صوت بلادي» قالت : هناك فقر في الدعاية على مستوى الميديا لذا نلجأ للفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى ، نسوق بجهودنا الذاتية ، حيث نوفر جميع احتياجاتنا بدون دعم، بداية من توفير أماكن البروفات حتى عملية التسويق والدعاية ، ونحن من يبيع التذاكر بأنفسنا لتغطية إيجار المسرح، لا يمكننا التسويق من خلال الشركات المتخصصة لان ذلك يعتمد – لنجاحه - على وجود نجم لأن الناس لا تعترف بوجود الفرق المستقلة ، أما الجمهور فمن يشاهد العرض هي الفرق الأخرى المنافسة لنا في أي من المهرجانات التي نشارك بها ، بالإضافة للأقارب والأصدقاء وبعض الجمهور العادي ، مع غياب للمتخصصين . وأضافت»عبدالله» : ارتفاع تكلفة المسارح يحد من عدد ليالي ا لعرض، وبالتالي ليس هناك مجال لتعريف عدد اكبر من الجمهور بالعروض، وحتى وإن علموا يكون العرض قد انتهى ، ولكن هناك أمل في إمكانية عرضنا لأكثر من ليلة بعد تخفيض مسرح آفاق لسعر الليلة مما ساعد كثير من فرق الشباب ، ونتمنى أن يكون هناك مبادرات أكثر من المسارح الأخرى .