سمير غانم.. ملك الارتجال في وداع الضوء الأخير من ثلاثي أضواء المسرح

  سمير غانم.. ملك الارتجال  في وداع الضوء الأخير من ثلاثي أضواء المسرح

العدد 718 صدر بتاريخ 31مايو2021

غيب الموت الفنان سمير غانم عن عمر يناهز 84 عاما، بعد رحلة فنية زاخرة، وبغيابه فقدت الساحة الفنية العربية واحدا من عمالقة الكوميديا الذين رسموا البهجة على شفاه الجماهير. ترك أيقونه الكوميديا أثرا فنيا كبيرا وبصمة خاصة فى قلوب محبيه، فكان رحيله صدمه كبيرة في كل بيت مصري عشق أعماله ..كان الفنان سمير غانم فنانا كوميديا من طراز خاص، وموهبة استثنائية في الارتجال .

ولد الفنان سمير غانم في محافظة أسيوط، 1937.                                         
انضم بعد الثانوية العامة إلى كلية الشرطة اقتضاء بوالده الذي كان ضابط شرطة ولكنه لم يكمل دراسته بها  ونقل أوراقه إلى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية كما انضم للفرق الفنية بها.
التقى فيها بالفنانين وحيد سيف وعادل نصيف وشكلا فرقة اسكتشات غنائية تقدم عروضا على المسرح في مدينة الإسكندرية. ولكن الفرقة لم تستمر بسبب انسحاب سيف لعدم مقدرته على السفر إلى القاهرة ، حيث كان يدرس بكلية الآداب ويعمل موظفاً أيضاً، وانسحب عادل نصيف الذي أكمل دراسته العليا في تخصص الحشرات بكلية الزراعة وسافر إلى بلجيكا.
كانت شهرة جورج سيدهم بدأت تذيع  بجامعة عين شمس، وكذلك الحال بالنسبة للضيف أحمد بجامعة القاهرة، وجمع  سمير غانم بينهما وشكل معهما الفرقة الشهيرة التي عرفت باسم «ثلاثي أضواء المسرح» .
لمع نجم الفرقة سمير غانم بشكل كبير بعد تقديم مسرحية «طبيخ الملايكة» من إخراج الراحل حسن عبد السلام عام1964.
تناوب سمير تقديم الأدوار مع الفرقة أو منفرداً خلال فترة الستينات فشارك في فيلم «آخر شقاوة»، فيلم «المشاغبون»، فيلم «المغامرون الثلاثة»، فيلم «الشقيقان»، فيلم «آخر جنان»، فيلم «الأصدقاء الثلاثة»، فيلم «30 يوم في السجن»، فيلم «صغيرة على الحب»، فيلم «رحلة السعادة»، فيلم «إضراب الشحاذتين»، فيلم «بنت شقية»، فيلم «نورا»، فيلم «العريس الثاني»، فيلم «شباب مجنون جداً»، فيلم «شاطئ المرح»، فيلم «شنطة حمزة»، فيلم «3 نساء (3 قصص)»، فيلم «حلوة وشقية»، فيلم «أفراح»، فيلم «الزواج على الطريقة الحديثة»، فيلم «ملوك الضحك»، فيلم «غرام تلميذة»، فيلم «الحرامي»، فيلم «نشال رغم أنفه» وفيلم «العميل 77».
بالإضافة إلى النشاط السينمائي، لم تنقطع الفرقة عن تقديم اسكتشات غنائية في العديد من المناسبات، بالإضافة إلى تقديمهم لفوازير رمضان مع المخرج محمد سالم..
عام 1970 انفرط عقد فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» إثر وفاة الضيف أحمد المفاجئة ، حاول سمير وجورج إيجاد بديل ولكن لم  يستطع أحد إثبات جدارته بديلاً عن الضيف فقررا أن يعملا معاً في المسرح.
خلال السبعينات تنوعت أعماله بين السينما والمسرح والتلفزيون فشارك في فيلم «الصديقان»، فيلم «لسنا ملائكة»، فيلم «فيفا زلاطا»، فيلم «غراميات عازب»، فيلم «العيال الطيبين»، فيلم «عندما يسقط الجسد»، فيلم «العش الهادئ»، فيلم «عالم عيال عيال»، فيلم «إلى المأذون يا حبيبي»، فيلم «الحلوة والغبي»، فيلم «كان وكان وكان»، فيلم «الزوج المحترم»، فيلم «13 كدبة وكدبة»، فيلم «البنت الحلوة الكدابة»،
فيلم «ألف بوسة وبوسة»، مسلسل «حكاية ميزو»، فيلم «بص شوف سكر بتعمل إيه»، فيلم «جنس ناعم»، فيلم «وسقطت في بحر العسل»، فيلم «آه يا ليل يا زمن»، مسلسل «كيف تخسر مليون جنيه»، فيلم «أهلاً يا كابتن»، فيلم «سكة العاشقين»، مسرحية «الأستاذ مزيكا»، فيلم «أولاد الحلال»، فيلم «البنت اللي قالت لا»، فيلم «مغامرون حول العالم»، فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين»، فيلم «مكالمة بعد منتصف الليل»، فيلم «شفاه لا تعرف الكذب»، فيلم «أحلى أيام العمر»، فيلم «نوع من النساء» وفيلم «قصة الحي الغربي».
في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات قدم مع جورج سيدهم أهم مسرحيتين في تاريخهما الفني المشترك وهما « المتزوجون» عام 1978 و «أهلاً يا دكتور» عام 1981.
عام 1982 توفي سيد غانم، شقيقه ومدير أعماله ، ما أدخله حالة  اكتئاب فقرر تغيير نمط عمله ترتب على ذلك  انفصال فني بينه وبين جورج سيدهم.
في سنوات الثمانينات تعددت نشاطاته الفنية فشارك في العديد من الأعمال منها  فيلم «سنوات الإنتقام»، مسرحية «فخ السعادة الزوجية»، فيلم «البنات عايزة ايه»، فيلم «اذكياء لكن اغبياء»، فيلم «عروس البحر»، فيلم «4 - 2 - 4»، فيلم «السفاحين»، مسلسل «دعوني أعيش»، فيلم «حادي بادي»، فيلم «ألعاب ممنوعة»، فيلم «المشاغبون في الجيش»، فيلم «يارب ولد»، فيلم «كله تمام»، فيلم «إحنا بتوع الإسعاف»، مسلسل «البحث عن السعادة»، فيلم «إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، فيلم «التريللا»، فيلم «إلى من يهمه الأمر»، فيلم «أيام التحدي»، فيلم «لست مجرماً»، تمثيلية «فندق النجوم الزرقاء»، فيلم «محطة الأنس»، فيلم «الفول صديقي»، فيلم «رمضان فوق البركان»، فيلم «الرجل الذي عطس»، وظهر كضيف شرف في مسلسل «بكيزة وزغلول»، فيلم «فقراء ولكن سعداء»، مسلسل «الكابتن جودة».
وقدم عام 1983 مع المخرج فهمي عبد الحميد أولى حلقات فوازير فطوطة باسم «فطوطة والأفلام» ونجح نجاحاً هائلاً ما شجعهما على إعادة التجربة في «فطوطة والشخصيات» عام 1986.
في فترة التسعينات قدم الكثير من الأعمال وهي: فيلم «الأهطل»، مسلسل «يوميات زكي الناصح»، فيلم «ثلاثة على واحد»، فيلم «الأغبياء الثلاثة»، فيلم «المطب»، فيلم «اقتل مراتي ولك تحياتي»، فيلم «النصاب والكلب»، مسلسل «المستخبي»، فيلم «إستقالة جابر»، فيلم «مجرم رغم أنفه»، فيلم «الكابتن وصل»، فيلم «الغشيم»، مسرحية «صفقة بمليون دولار»، مسلسل «ألف ليلة وليلة»، مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص»، فيلم «الراقصة والحانوتي»، مسرحية «أنا والنظام وهواك»، فيلم «الرجالة في خطر»، فيلم «الهاربان»، مسلسل «الأزواج الطيبين»، مسرحية «سعدية ورايا ورايا» وفيلم «سرقوا أم علي» ، عام 1995 قدم تجربة جديدة وهي  برنامج «سمير شو».
احتل المسرح الأهمية الكبرى في أعماله حتى نهاية التسعينات، كما  شارك في  تمثيلية «شحتوت في بيروت»، فيلم «السلاحف»، مسلسل «حكايات مستر أيوب ومسز عنايات»، مسلسل «مرفوع مؤقتاً من الخدمة»، مسرحية «المحظوظ وأنا»، مسرحية «عوضين وإمبراطورية عين»، مسلسل «فطوطة»، السهرة التلفزيونية «عريس بالصدفة»، مسرحية «أنا ومراتي ومونيكا» ومسرحية «بهلول في استنبول « ، والعديد من الأعمال الأخرى. وهذه مجموعة من الشهادات التي حصلنا عليها  من زملائه وأصدقائه ورفقاء دربه حول مشوار سمير غانم  الفني.
نعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة الفنان الكبير سمير غانم فقالت «ان الحياة الفنية في مصر والوطن العربي فقدت أحد العباقرة وأيقونة كوميدية فذة ،  رسم صفحات من البهجة فى تاريخ الأداء التمثيلي . وأشارت عبد الدايم إلى أن أسلوبه المميز نجح في جذب قلوب الجمهور عبر سنوات طويلة شهدت تقديم  أعمال ستبقى راسخة في الوجدان بشخصياتها ومفرداتها.  

ثلاثي الزراعة المرح
روى المخرج محمد فاضل بداية علاقته بالفنان سمير غانم فقال « تزاملنا  أنا والفنان سمير غانم فى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية وكنا نتشارك فى مجموعة من الأنشطة الفنية ، وكانت بداية انطلاق ثلاثي أضواء المسرح الذي كان يسمى آنذاك «ثلاثي الزراعة المرح « الذي أسسه سمير غانم ، وعندما عين الفنان الراحل جورج سيدهم بالإسكندرية كانت بداية انطلاق الثلاثي  وبداية مشوارهم في التلفزيون عام 1960 حين قدمهم لأول مرة المخرج محمد سالم وقد تعاونت معهم في مسرحية لهم  بعنوان « آخر موضه « ثم تعاونا أيضا فى احتفالات أكتوبر والقومية العربية ، وأخرجت للفنان سمير غانم مسلسل «المطعم « مع الفنان فاروق الفيشاوى,
وتابع فاضل: « كان كوميديا من طراز خاص لايقلد أحدا  ولن يقلده أحد، وعلى الرغم من بزوغ نجمه فى وجود عمالقة الكوميديا  فؤاد المهندس ، عبد المنعم مدبولى ، ومحمد عوض إلا أنه استطاع أن يتفرد ويخصص له ركنا فى عالم الكوميديا ، ولم يقدم كوميديا دون المستوى ولكن كان بها ضحك ورسالة أيضا. .                                                                                             

إنسانيته لا تقل عن موهبته
وتحدث المنتج أحمد الإبيارى عن رحلته الفنية مع الفنان سمير غانم وقد  كان القاسم المشترك في عدد كبير من الأعمال معه، فقد عملا سويا لمدة 21 عاما، قال الإبيارى:  « كان يتميز بإنسانيته التي لا تقل عن موهبته الكبيرة، قدمنا سويا منذ عام 1992 وحتى عام 1999 ثلاثة مسرحيات خارج مصر، ومنذ عام 1999 كان هو بطل الفرقة، وعلى مدى 21 عاما لم اسمع من فريق العمل سواء كانوا ممثلين او راقصين أو عمال شكوى منه، كانت كواليسه هادئة ومن أكثر المواقف التي كانت تدهشني عندما يقوم احد الممثلين بالعرض بإلقاء إفيه يضحك الجمهور، فكان يخصص له مكافأة مالية على نفقته الشخصية ، و كان يدهشني دائما بذهنه الحاضر وطاقته ، قدمنا أشهر المسرحيات « دو رى مى فاصوليا « التى ظلت تعرض لمدة 7 سنوات، ورأيت فى هذه المسرحية ثلاث مسرحيات أخرى لأن سمير غانم كانت لديه طاقه كوميدية متجددة و له مدرسته الخاصة ، وعلى الرغم من بلوغه سن ال80 كان يعمل بطاقة شاب ، وكان هدفه دائما رسم البهجة على شفاه المتفرجين .. لم يكن مدعى ثقافة وكان يرفض أن يكون بوقا لتمرير أفكار أو وجهات نظر، وكان مطلعا على كل فنون الغرب.                                                                                                                 
حزن في كل بيت مصري
وصفته الفنانة صابرين بأنه الأخ الكبير والخال والعم الطيب وقالت « كانت كواليسه تمتلئ بالبهجة، وكان حالة متفردة من الصعب أن نجدها ..لم أره غاضبا أبدا ، وقد جمعتنا سويا ثلاثة أفلام وقدمنا مسرحية «بهلول فى إسطنبول « فى لبنان وكان لى معه العديد من الذكريات الجميلة.
وأضافت « برحيل سمير غانم فقد كل بيت مصري شخص قريب له، لم يقدم مشهدا تراجيديا واحدا طيلة مشواره الفني فكان من أكثر المشاهد التراجيدية جنازته. كان رحيله صدمة كبيرة لكل زملائه وأصدقائه ، فهو حالة لم ولن تتكرر فى حياتنا ، ولم يشبه أحدا  .

قاضيته لخروجه عن النص
السيناريست والمؤلف المسرحى فيصل ندا قال : « سمير غانم  شكل مرحلة مهمة فى حياتي منذ أن كنا طلبة فى الجامعة نمثل فى مسابقات الجامعة، واختار هو التمثيل واخترت أنا التأليف ، ونجح سمير غانم فى إثبات وجوده كفنان وشارك فى فرقة ثلاثي أضواء المسرح التى قدمت مجموعة متميزة من الأعمال وفوازير رمضان .. طموحه كان أكبر وكون فرقته مع شريكه جورج سيدهم والضيف أحمد ، ولكن الموت خطف الصيف أحمد وأصبحت الفرقة في مأزق كبير وكادت أن تنتهي،  ودب الخلاف بين سمير غانم وجورج سيدهم . ترددت فى بداية عملي معهم لاختلاف ما أقدمه من كوميديا عن الكوميديا التي يقدمونها، فأنا دائما أسعى لتقديم أعمال هادفة ولها رسالة، وجورج وسمير ينتهجون مدرسة «المدبوليزم» الضحك من اجل الضحك،  قدمت معهم مجموعة من الأعمال منها «المتزوجون « ، « أهلا يا دكتور « التي نشب خلال عرضها خلاف كبير بسبب خروج الممثلين عن النص، فقمت بمقاضاتهم وتوقفت المسرحية ثم عادت مرة أخرى بعد أن تعهدوا بعدم الخروج عن النص مرة أخرى ، ورغم الخلاف فإن صداقتي لسمير غانم لم تتأثر.
وتابع ندا :  كانت المغامرة الكبرى عندما قدمت سمير غانم في مسلسل «دعوني أعيش « وكانت الشخصية التي يقدمها تراجيدية، كان لدى إيمان شديد بأن سمير غانم من أفضل الكوميديانات حيث قدمنا سويا عددا كبيرا من المسلسلات والأفلام.. كان سمير غانم بهجة وبسمة في حياتنا رحمه الله.

فنان من طراز فريد
بينما أعرب الفنان يحيى الفخراني عن حزنه الشديد وقال:»سمير غانم إنسان نقى، وقلبه أبيض، وفنان من طراز فريد ..علاقتي به بدأت عندما كنت أدرس فى كلية الطب، وجاءت فرقة ثلاثي أضواء المسرح لتقديم اسكتشات كوميدية على مسرح الجامعة.
وأضاف: عملت مع سمير غانم فى فيلم واحد هو « أنهم يسرقون الأرانب « ومسرحية واحدة، ولكنى شاركت مع الفنانة دلال عبد العزيز في الكثير من الأعمال الفنية، وبمرور الوقت تطورت علاقتنا الأسرية وأصبحت دلال في منزلة شقيقتي، وأصبح هو في مكانة شقيقي أيضا .
تابع: « عندما وقع اختيار مخرج مسلسل « للعدالة وجوه كثيرة « على دنيا سمير غانم للوقوف أمامي، سعدت بها كثيرا خاصة أنها فنانة موهوبة.
وختم الفخراني بقوله « كل ما قدمه سمير غانم كان يسعدني، وهو سر إعجابي الشديد بموهبته، فليس من السهل تقديم أعمال فنية كوميدية من أجل الضحك فقط، لكنه كان يفعل ذلك بسهولة

نشر البسمة
وقال الفنان حسن يوسف : «لم أصدق خبر وفاة الفنان سمير غانم، وكنت أتمنى أن تكون شائعة، فأنا من محبيه وعشاقه، فهو الكوميديان المفضل لدي، لم تجمعنا أعمال فنية كثيرة ولكننا كنا قريبين على المستوى الشخصي. رحمه الله بقدر ما أسعدنا وأمتعنا ونشر البسمة على وجوهنا.

وداعا صاحب الفضل
ودعته الفنانة إسعاد يونس عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي قائلة « وداعا يا صاحب الفضل، يا رفيق الرحلة، يا شقيق الروح، يا أطيب وأحن خلق الله، يا ضحكة مصر وطيابة قلبها، وداعا يا صديقي الغالي.

لم يغضب من احد ولم يغضب أحدا منه
وقال المخرج الكبير جلال الشرقاوي « كان عظيما من صناع البهجة على مدى خمس عقود، و قدير من كبار الفنانين التلقائيين فى الأدا، هو الظريف اللطيف الخفيف سريع البديهة ذو الطلة الحلوة، أطلق الضحكة من أفواه الملايين وأزال بعض الهم عن قلوب الكثيرين وزرع كثير من الأمل فى نفوس اليائسين . ذهب ملبيا نداء ربه دون ان يختلف مع أحد أو يختلف معه أحد . لم يغضب من أحد ولم يغضب أحد منه. صالح الجميع وصالح نفسه.

الرايق
وصفته الكاتبة فاطمة المعدول بالرايق و قالت « كان رحمة الله عليه مضحكا كبيرا يجمع بين الكلاون الغربي الأراجوز المصري وتراث الكوميديا دى لارتى مع فن القافيه المصري، وأتذكر أنه في منتصف التسعينيات من القرن الماضي تطاول عليه صحفي من أخبار اليوم في عدة مقالات واصفا إياه أنه مجرد كومبارس وأراجوز مضحكاتى فتعجب لينين الرملي وقال « وهل هناك من لا يتمنى أن يمتلك تلك الملكات العظيمة! « أضافت: هل كان سمير غانم ممثلا كبيرا ؟ هل كان يدخل في اهاب الشخصية بالمعنى الكلاسيكي وينتقل من شخصية إلى أخرى؟ الحقيقة التى أثبتتها الأعمال المختلفة على مدار 60 عاما أن سمير غانم لم يتخل أبدا عن شخصيته الحقيقية في اى دور يلعبه، كان يبلع الشخصيات المكتوبة على الورق لتصبح هى وهو شيئا واحدا، وكان يفعل ذلك بسلاسة شديدة.. ظل يقدم لنا شخصية سمير غانم الحقيقة بتنويعات ودرجات مختلفة في كل أعماله.. فكان حاله متفردة، فهو كوميديان ومضحكاتي ولكنه يتمتع بالوسامة وهي في العادة ضد الكوميديا .. لم يكن قصيرا أو نحيفا بشكل ملحوظ أو سمينا بشكل مبالغ فيه !! ولم يحتج أبدا ان يبالغ في الأداء أو يتلفظ بألفاظ سوقيه أو يغازل الممثلات بشكل فج، ولم يتخلي أبدا عن وسامته ولا خفة دمه حتي في المواقف المحزنة .
بل كان يستخدم مخزونه النفسي الرايق الجميل المنبسط ليرسم البسمة الرايقه. تابعت : حينما كنا في المعهد كانت انطلاقه الثلاثي وكنا جميعا معجبين بالضيف وجورج ولكن لينين فاجأنا بأن أخطرهم هو سمير، وان حركاته الجسدية في غاية الإضحاك وبأن لا مثيل لها في الممثلين المصريين، لذلك حينما التقي سمير غانم مع لينين الرملي في اليونان حيث كان يتم تصوير بعض مسرحيات لينين الرملي تليفزيونيا كان اللقاء وديا ولطيفا تبادلوا فيه الإعجاب ببعضهم البعض، واتفقوا بسرعه أن يكتب لينين عملا يقدمه سمير في التليفزيون المصري، و ظلوا يلتقون ما يقرب من 3 سنوات حتي كتب لينين( ميزو ) وذلك بعد أن فهم كل منهما الآخر جيدا، سمير عرف تشدد لينين واعتزازه بما يكتب، ولينين عرف قدرات سمير، ليس التمثيلية أو الارتجالية فقط بل طريقه تفكيره وكانت ميزو، التي كلما قرأ لينين لسمير مقطعا منها تعجب سمير وقال له بجد ( ده أنا يا لينين، ده كلامي، هوه انت كنت عايش معايا ؟) و كان لينين يعود إلي المنزل في غاية التعب، حيث كان مسئولا عن فردوس وسمير ويساعد أحيانا في الإخراج مع أباظه الذي كان يخرج لأول مره، ولكنه كان في غاية السعادة. وقد أطلق لينين على سمير اسم الرايق. تابعت: حينما توفي لينين الرملي كتب الناقد الكبير طارق الشناوي إن سمير قال له في احدى اللقاءات : كل الافيهات التي قلتها قي كل أعمالي من عندي ولم يكتبها لي مؤلف إلا مسلسل ميزو، لم اخرج فيه علي النص .

موهبة فطرية
الفنانة نهال عنبر قالت: « جمعتني معه فوازير «المتزوجون في التاريخ « وهى المرة الأولى التي أقف فيها أمام كاميرا، وكنت في غاية القلق، ولكنه كان دائما يزيل هذا القلق بنكاته وقفشاته المضحكة، وقدمنا سويا مسرحية «مراتي زعيمة عصابة « وسافرنا بها إلى عدة دول، وكان يمتلك كاريزما وحضور ليس له مثيل على خشبة المسرح، وكان يفاجئني بإفيهات غير متوقعة، ولكنى كنت دائما مستعدة لها.. أضافت: كان سمير غانم طيب القلب وحنون بشكل كبير، وعندما أصبت في عرض «مراتي زعيمة عصابة بتمزق في الاربطه كان يطمئن بشكل مستمر على حالتي الصحية وظلت صداقتنا مستمرة حتى رحيله رحمه الله .

أهلا يا دكتور
وقال المخرج عصام السيد : «قدمت تجربة واحدة مع الفنان سمير غانم وهى مسرحية « أهلا يا دكتور «وكنت وقتها مساعدا للمخرج الكبير حسن عبد السلام و ظلت المسرحية تعرض لمدة خمس سنوات منذ 1980 وحتى 1984 وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا، وكنت آخر أعمال الثلاثي، وأتذكر في هذا العمل مشهدا قدمه الفنان سمير غانم فى نهاية المشهد الثاني للمسرحية وكان الموقف مأساويا وهو موت مريض، وقدمه الفنان سمير غانم بشكل مضحك،  كانت لديه مقدرة خاصة على تحويل الموقف التراجيدي إلى كوميديا، كما كان بارعا فى استخدام الإكسسوارات، فكان أول فنان يقوم بتوظيفها في المشاهد بشكل مختلف وحينها كان شكلا جديدا لم يتطرق إليه اى فنان كوميدي من قبل .

أيقونه الدم الخفيف
نعته الفنانة منى ذكى على صفحتها الشخصية ب «فيس بوك» قائلة « بقلب مثقل  أودع أيقونه الدم الخفيف، سأفتقد عظمة حضورك على المسرح والبهجة التي رسمتها على وجوهنا وعلى شاشات التلفزيون والسينما، ستظل دائما فى قلوبنا وسنتذكرك دائما بابتسامه


رنا رأفت