مهرجانات أون لاين.. هل يمكن أن تكون بديلا عن خشبة المسرح

مهرجانات أون لاين..  هل يمكن أن تكون بديلا عن خشبة المسرح

العدد 658 صدر بتاريخ 6أبريل2020

تأثر النشاط الثقافي مؤخرا بأزمة انتشار وباء كورونا الذي اجتاح العالم، توقف النشاط الفني عامة والمسرحي خاصة، ليس في مصر فقط، إنما في شتى الدول، وكعادتها تخلق الأزمات أفكارا، فقد قرر البعض اللجوء لعمل لقاءات online وكذلك تنظيم مهرجانات عبر الإنترنت لكسر حاجز الحظر الذي خلقته الأزمة. سبق أن قدم المخرج محمد فوزي أول مهرجان أونلاين لفن العرائس ونجح بشكل كبير. عن أهمية هذه المهرجانات في الوقت الراهن، وعما إذا كان يمكن أن تعمم الفكرة بعد انتهاء الأزمة ويكون هناك أكثر من مهرجان وملتقى، وهل يمكن أن يكون ذلك هو طابع المهرجانات المسرحية القادمة، فيسهل علينا أن نلتقي على مستوى العالم بغض النظر عن المسافات ودون الحاجة للقاء المباشر؟! عن هذا الموضوع كان لنا هذه اللقاءات مع بعض ممن أجلت مهرجاناتهم والمهتمين بالأمر..
قال هيثم الهواري مؤسس مهرجان شباب الجنوب الدولي، إن الحالة التي نمر بها جعلتنا نفكر في إقامة مهرجان online، فالظروف الطارئة الحالية لا تسمح بإقامة أي نشاط مسرحي أو ثقافي بشكل عام، ونحن كمؤسسة «س» للثقافة والإبداع نحاول دائما على عمل أنشطة متنوعة، خصوصا في مجال المسرح، فكانت فكرة إقامة مهرجان المسرح العالمي online، وجاء الأمر بعد التواصل مع أصدقائنا المسرحيين على مستوى الوطن العربي.
وأضاف «الهواري»: من هنا قررنا إقامة المهرجان كمسرح افتراضي، يعرض بمواعيد محددة وبعد انتهاء كل عرض يكون هناك مناقشات مفتوحة، أي نفس فعاليات المهرجان المباشر، وبما أن الظروف فرضت علينا عدم اللقاء فلنتواصل عن طريق الإنترنت، ولأنني وجدت استجابة من المسرحيين على مستوى العالم فقد قررنا أن يستمر المهرجان بشكل دائم، وبدءا من الدورة الثانية سيكون هناك نظام ومعايير. تابع: هذه الدورة ستكون العروض مسجلة، بينما العام القادم قد تكون من خلال البث المباشر من على خشبة المسرح، ولم نضع شروطا أو معايير سوى ألا يمس العرض معتقدات الغير ولا تزيد مدته عن ساعة.
وأوضح: كان يمكن تقديم الفكرة من خلال مؤسستنا فقط، ولكن لأن لدينا بروتوكولات مع الكثير من المهرجانات فقد فكرنا بالتنسيق مع مهرجان الربيع ومديره نوار الدويري، ودوره يقتصر فقط على جلب عدد من العروض من الدول التي يتعاون معها، وهناك مشاركات من أمريكا وأوروبا، حتى إيطاليا على الرغم من أزمتها إلا أنها تشارك بعرض «أيام سعيدة»، ولدينا عرض من جامايكا، وعروض أخرى من كل أنحاء الوطن العربي، كما تشارك مصر بعدد مميز من العروض، كما أن نجاح الفكرة تسبب في إعلان عدد من الدول إقامة مهرجانات عبر الإنترنت، وكما قال ابن رشد “الأفكار لها أجنحة ما حدش يقدر يمنعها توصل للناس” وهذا مما زاد من سعادتنا، لأنه سيخلق حركة نشاط في الوقت الراهن، وقد اخترنا 27 مارس بداية انطلاق المهرجان لأنه اليوم العالمي للمسرح.
وقال المخرج محمد فوزي إنه أسس أول مهرجان مسرح إلكتروني أون لاين على شبكات التواصل فيسبوك ويوتيوب، ورأسه شرفيا الراحل د. ناجي شاكر. أضاف: نشأت الفكرة بعد رصد الحالة المسرحية العالمية، وبعد رحلة تجوال في المهرجانات العالمية والمحلية والمؤتمرات والمعاهد والأكاديميات المتخصصة في فنون الدمى والعرائس، وقد لاحظت فجوة كبيرة بين هذه القرية المبهجة التي تضم فنانين من كل أنحاء العالم هم العرائسيون، وقد أصبح التواصل شبه معدوم، نظرا للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، رأيتها تبث العروض الحية والورش والندوات والمعارض أون لاين من مسارحهم والورش الخاصة بهم، ويتم نقل العروض على صفحة المهرجان، ويستمر العرض 24 ساعة للجمهور، مما أتاح الفرصة للتعرف على توجه الجمهور من خلال الإشعارات وعدد المشاهدين، ووثقت الفكرة في المجلات العالمية كونها وسيلة مبتكرة لكسر حواجز الزمن والمكان.
وأضاف «فوزي»: أصبحنا نتلقى دعوات من الفرق للمشاركة، وقام بعض الفنانين العالميين بدعم المهرجان منهم فنان العرائس والمخرج بيرند أوردينك من آيسلندا وفنان العرائس والمخرج هوبي فورد من أمريكا، والفنان العرائسي سكود لاند، مما شجع الكثيرين على المشاركة، أيضا شاركت منظمة اليونيما العالمية للعرائس عبر موقعها خبر المهرجان مما أتاح الفرصة للتواصل عبر هاشتاج يجمع كل من يرغب في المشاركة، ونلنا ثقة أكثر من 300 عرض و15 ورشة و15 لقاء بعد كل عرض لايف أمام الجمهور.
وتابع «فوزي»: وانطلق من منصة المهرجان منصة للعروض المسرحية، ومنصة للورش الفنية للعرائس العالمية أون لاين، وأصبحت الصفحة مجتمعا صغيرا يتابع العروض، ومن يرغب التعلم من الورش ومن يرغب في مشاهدة ما توصل إليه فن العرائس من خلال المهرجانات العالمية، ويعتبر هذا المهرجان هو الأول من نوعه في العالم الذي يستخدم تلك التقنية الجديدة كبديل للنظم التقليدية للمهرجانات. مما يوفر فرصة أفضل لنشر وإتاحة فنون العرائس بدون تكبد تكلفة ومشقة السفر والإقامة والانتقالات.
وأشار الفنان محمد فوزي إلى أن فكرة المهرجان ليست متوقفة عند وقت أو مكان، فالمهرجان يهتم طول السنة بنشر العروض العالمية، واستضافة الورش والعروض على صفحته لمده شهر، وكان الهدف هو وصول الفن لمستحقيه من الأطفال المكدسين بالدور والمدرسة والأسر المطحونة في العمل. في أي وقت يستطيع الفرد مشاهدة العروض، كما استهدفنا الوصول لمراكز الشباب ومؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي المرحلة القادمة نأمل في الاستعانة برعاة يتحملون الجزء الآخر من المهرجان في الدورة القادمة، والحلم هو أن يستمر المهرجان أون لاين 30 يوما وأن نستقطع 10 أيام من المهرجان ليقدم على أرض الواقع في مصر.
أضاف: بالفعل تم تعميم الفكرة بعد أزمة كورونا وتواصل الفنانين مع المهرجان العالمي للعرائس أون لاين، وحاليا معظم الدول تبث العروض من مسارحها عن بعد، ونحن أوجدنا فكرة المهرجان قبل الأزمة، وربما كان وسيلة ساعدت منصات أخرى مثل الهيئة العربية للمسرح، وقد بثت العروض بعد طرح فكرة المهرجان للعالم، وبها كسرنا حاجز المكان والزمان. وأعتقد أنه بعد الأزمة سيكون هناك أكثر من مهرجان وملتقى على مستوى العالم، وهو الفكر الجديد القادم في التواصل وتبادل المعلومات وتحاور الثقافات المتعددة في شكل مهرجانات مسرحية.
فيما قال المخرج سعيد منسي إن فكرة المهرجانات الأونلاين اقترحت بسبب الأزمة الحالية، ولكون المسارح مغلقة والتجمعات ممنوعة، وهي محاولة لأن يكون هناك عمل مسرحي طيلة فترة بقائنا في المنزل، ولكني أرى أنه لا يمكن تعميم الفكرة بعد انتهاء الأزمة، أو أن يكون هناك اتجاه لذلك في المستقبل، لأن المسرح متعته في المشاهدة والمشاركة بشكل مباشر، ومهرجانات الثقافة الجماهيرية تحديدا يعد اجتماع المشاركين حافزا معنويا لهم، يخلق لديهم الحماس للسفر ومشاهدة عروض أخرى من محافظات أخرى بأساليب وأداء مختلفين.
أما الفنان أحمد رمزي مدير النشاط المسرحي بساقية الصاوي، فقال إن إقامة مهرجان online خلال الأزمة أمر جيد ومفيد، لكني لست مع الأعداد الكبيرة المشاركة في المهرجانات، لأن العروض سيتم تصويرها مما يجعل هناك أعداد كبيرة من الناس على خشبة المسرح، ويمكن تفادي ذلك بعروض المونودراما أو الديودراما.
أما عن تعميم الفكرة تعمم بعد انتهاء الأزمة فقد أكد «رمزي» أن الأمر صعب لأن العنصر الأساسي في المسرح هو الجمهور وأننا مضطرون خلال الأزمة لتحريك الماء الراكدز وتابع: أما عن مهرجان الساقية للمونودراما الذي كان مقررا إقامته يومي السادس والسابع من أبريل، فنظرا للأزمة الحالية فإنه تأجل لما بعد الأزمة، وإذا كان لها آثار فسيقام بدون جمهور، وحين تنتهي الأزمة تقدم العروض الفائزة للجمهور، أما عن إقامته أونلاين فقال إن الفكرة ستحتاج موافقات رقابية، والرقابة مغلقة لا تصدر أي موافقات حاليا.
وأشاد رمزي بمبادرة وزارة الثقافة، وطرحها لقناة خاصة بها تبث الفنون المختلفة، ومنها حفلة الموسيقار عمر خيرت التي لاقت نجاحا ومتابعة كبيرة من الجمهور.
فيما يرى المخرج التونسي نزار السعيدي مؤسس صفحة بعد الرابعة مساء المخصصة لمشاهدة العروض المسرحية، أنه بعد انتهاء الأزمة فإن على المهرجانات الأون لاين أن تتحول إلى مكتبات رقمية للعروض المسرحية، حيث لا يمكن أن نستغنى عن المسرح المباشر، وسحره الذي لا يمكن أن نستغنى عنه بالشاشة فقط، أضاف: «السعيدي»: «بعد الرابعة مساء» مجموعة على الفيسبوك تقدم المسرحيات التونسية والعريية والعالمية، في محاولة لأن نملأ الفراغ الذي فرضه الحجر الصحي كإجراء وقائي، وذلك من خلال النشر والنقاش بين المتابعين وأصحاب الأعمال المسرحية، ففي كل يوم ننشر انطلاقا من الساعة الرابعة ثلاث مسرحيات تونسية وواحدة عربية، كما أضفنا خلال هذه الأيام قسما لمسرح الطفل.
وبدأ المخرج سمير العصفوري حديثه بالإشادة بدور وزارة الثقافة الذي تلعبه من خلال قناتها على الـ«يوتيوب» التي طرحتها للجمهور، مؤكدا أنها فكرة جيدة، وأشار إلى أن الجمهور يتابعها باهتمام.
وتابع «العصفوري: فكرة إقامة مهرجانات أون لاين “كلام فارغ” ومن يتحدث عن المسرح هكذا لا يعرف معنى المسرح، لأن المسرح ببساطة هو الفن الوحيد الذي يتفاعل فيه المؤدي مع المشاهد، وما أفسد المسرح هو الشاشة، المسرح من بداية تاريخه منذ قرون طويلة هو الحضور الفعلي للناس وقت العرض والتعايش مع حالة الممثلين، والمشاهد يصدق ما يجري أمامه ويعتبره حقيقة فينسجم ويتفاعل، وحين يتحول المسرح إلى “مكنة” كما حدث في نهاية الثمانينات والتسعينات وأصبحت كل المسرحيات مسجلة، مات المسرح الحي، فإذا كنا نتحدث عن المسرح الميت فلنتحدث عن المسرح أون لاين، أما حين نتحدث عن المسرح الحي فهو المسرح الذي يلتقي فيه المبدع مع الجمهور مباشرة، ثم إذا بقينا نردد طيلة الوقت أننا في أزمة وحرب لنقدم المسرح أون لاين فماذا سيحدث بعد أن تمر الأزمة.
وأضاف: سمعة فكرة online سيئة، يقول بها من يتاجر ويسعى لجمع الأموال وقد ساهم في ظهروها انتشار المهرجانات الشعبية الأون لاين.. وتلك سكة خفية وسرية ليست شرعية للتواصل الفني، قد تصلح لمشروع سينمائي أو مداعبات فكاهية ولكن المسرح معناه التفاعل، حتى قناة وزارة الثقافة فهي لا تنتج جديدا لأن هذا مجرد إرسال فن مسرحي ميت، فهي تقدم ريبورتوار سبق وأنتج وعرض، ولكنه لم يكن عاما، فمن لا يعرف مسرحية الملك والملكة التي لم يتح للكثيرين مشاهدتها وغيرها من المسرحيات يمكنه مشاهدتها في ظل الأزمة الحالية، وليس معنى ذلك الاستغناء بالقناة فيما بعد عن المسارح أو الأوبرا.
فيما رأى د.علاء قوقة أنه في ظل الظروف الراهنة هناك حالة من الاستنفار، وقد نعتبر أن فكرة المهرجان الأون لاين أحد الحلول البديلة المنطقية المؤقتة، وفي حالة عدم وجود فعاليات حقيقية على أرض الواقع، فليكن العالم الافتراضي هو البديل، وإن كان للمسرح بالتأكيد خصوصية الوجود الحي، وبالتأكيد سيختلف كثيرا إذا قدم عن طريق وسيط آخر وسيفقد بريقه لكنه جيد كأحد البدائل.
وأضاف «قوقة»: أما فكرة أن يعمم الأمر ويكون بداية لتغيير في شكل المهرجانات في المستقبل فالمسرح حين تنتهي الأزمة لا بد أن يكون في دار العرض، وسيكون من الصعب نقله من خلال وسيط آخر، لأنها لن تنقل عناصر العرض المسرحي بشكل متساوٍ، فمثلا هناك حالات إضاءة الكاميرا لن تتمكن من إظهارها وتصويرها كما ينبغي، فهناك لحظات تحتاج لأن تصبح close أكثر لتظهر أو أنها لا تظهر عن بعد، حتى الصوت نفسه، يتغير كل شيء في المسرح، ولا يجوز من وجهة نظري عرض المسرح من خلال وسائل أخرى.
أما عن رأيه في إقامة المهرجان القومي والتجريبي أون لاين حال استمرار الأزمة فقال إن إقامتهم وسط الأزمة لا يعني شيئا، خصوصا أن البلد ستكون في حالة اهتمام بأشياء أخرى كبرى، وأعتقد أنه لن تقف المسألة عند حد المهرجانات لأننا في حاجة للتكاتف وأن نكون أكثر حذرا، وهذا لا ينفي ضرورة الفن والثقافة ولكن في ظل الظروف الراهنة يصبح الأمر صعب.
أما د. السيد فهيم فقال إن متعة المهرجان سواء في المسرح أو السينما أن ينتقل الجمهور من مكان لآخر لحضور عروضه، المتعة في حركة الوصل بين المبدع والمتلقي، وأعتقد إن كانت مطروحة حاليا فكرة إقامة مهرجان أون لاين، فذلك لأننا في حالة استثنائية، وحين قلنا كيف سنلتقي للاحتفال باليوم العالمي للمسرح اقترحنا أن من لديه عروض أو موضوعات فيمكننا مناقشتها أونلاين، لأننا أصبحنا نعيش في جزر منعزلة، ولكن أن تكون المهرجانات online مستقبلا، فذلك يهدم فكرة المسرح من أساسها لأنه التفاعل بين المبدعين وبعضهم البعض وبين المبدع والمتلقي.
تابع فهيم: أما عن الموقع الذي طرحته الوزارة فهو نوع من المسكنات نظرا للظروف الحالية، ولأنها تقوم بدورها كمؤسسة، وأتمنى أن تستمر القناة في عملها فيما بعد انتهاء الأزمة ليستفيد منها من لا يستطع الخروج والذهاب للمسارح أو الأوبرا، فقد تعرف جيلنا على الباليه والموسيقى العالمية من خلال البرامج البسيطة جدا، والثرية التي كانت تقدم على القناة الثانية، فما المشكلة في أن تقدم الحفلة على المسرح وتسجل وتذاع على القناة بعد يومين لخلق جيل جديد مثقف وواعٍ وعاشق للفن، تلك هي الحرب الحقيقية ضد الإرهاب.  
وكان للفنان ماهر سليم رأيه الخاص حيث أكد على عبقرية الفكرة بغض النظر عن الظروف الراهنة التي نمر بها، لأنها فكرة جديدة توفر اقتصاديا مما ينفق سنويا على المهرجانات، بالإضافة لارتفاع نسبة المشاهدة من كل بلاد العالم، مما سيتيح مساحة للمسرح والنشاط الثقافي المصري لأن يصل للعالم، ويساعدنا بسهولة في التعرف على أحدث المدارس الموجودة. أضاف: اقترحت أن يقيم المخرج مازن الغرباوي مهرجان شرم الشيخ الدولي للشباب عبر الإنترنت، وأن يعرض من خلاله أي فيلم سياحي عن شرم الشيخ، بحيث يشاهد العالم مصر كما نريدهم أن يشاهدوها بشكلها الجميل، وهناك الكثير من الدول التي تقوم بذلك.
وأضاف «سليم»: أتمنى مشاركة كل الشباب في التجربة وستكون سهلة على المستوى المحلي، وليشارك فيها الوجه القبلي والوجه البحري، وهي فرصة لمن يقطن في أماكن تعوقه عن المجئ والمشاركة في المهرجانات العادية، كما أنها ستجذب نوعا جديدا من المتابعين للسوشيال ميديا لا يهتم بالثقافة أو المسرح أو السينما، فيتابع مرة صدفة وفي الأخرى يتابع متعمدا.
تابع: الفكرة إذا عممت سيكون لها مردود إيجابي على المستوى الثقافي والاقتصادي والسياسي والجماهيري، وستصبح مصر الثقافية موجودة على الخريطة العالمية.. إن الأمر سهل، فإن خرجت الفكرة للنور فقد نجد لدينا مهرجانا كل أسبوع، ويكون لدينا إنتاج غير تقليدي، أما فكرة التسابق من عدمه فقد أصبحت ضعيفة وتافهة.. وحين يبدأ الأمر فستجد من يجتهد لوضع ترجمات على النصوص وآخرين سيبدأون في عمل مسرحيات بأكثر من لغة، وستُخلق أفكار وتكون هناك طفرة ثقافية ومسرحية، وحينها تصبح وزارة الثقافة في حالة تحديث واتصال بالعالم.
أما مصمم الإضاءة عز حلمي فأكد أن الفكرة جيدة نظرا للظروف التي يمر بها العالم، لكن في حالة التعميم بعد أزمة كورونا فإنها لن تنجح، لأن المسرح فن طازج وليس معلبا ولا يصلح للتجميد أو التخزين، وإلا أصبح منتهي الصلاحية، هذا يصلح في السينما، ولكن ليس في المسرح، على مستوى الرؤية والصورة فالعين ترى بشكل مختلف عن ما تراه الكاميرا.
وأضاف «حلمي» المسرح يعتمد على الطاقة التي تبثها خشبة المسرح بكل ما تحويه من ممثل وديكور وإضاءة وموسيقى، وكل هذا لا يتحقق في الرؤية من خلال الفيديو، هذا على مستوى العرض الفني نفسه، أما على مستوى العلاقات بين الشعوب ومعرفة ثقافة الآخر فلن تتحقق أيضا، ولهذا لن تجد من يهتم ويشارك في مهرجان أونلاين إلا إذا كان هدفه عرض فنه فقط لا غير وليس الهدف مجرد «الفسحة» خارج مصر.
ورأت المخرجة عبير لطفي أيضا أن الفكرة جيدة لمهرجان مسرح العرائس الذي يقيمه الفنان والمخرج محمد فوزي، بينما لا تتماشى مع كل أنواع المسرح الأخرى، حيث عندما ينقل المسرح عبر وسيط آخر فإنه يفقد بريقه.. أساسه اللقاء الحي، لذلك قد يصلح بسبب الأزمة الحالية كبديل ونوع من التنشيط لكن بعد انتهاء الأزمة فمن الصعب إقامة مهرجان أون لاين للمسرح.
وأضافت «لطفي»: أما عن مهرجان إيزيس فقد فكرنا في إقامة هذه الدورة أون لاين، ولكنا وجدنا أن المسألة ليست مجدية لأنها الدورة التأسيسية للمهرجان، ومن الصعب أن نبدأها عبر الإنترنت، ربما لو كان للمهرجان دورات سابقة كنا أقمناه هذه الدورة أونلاين.
واتفق على عدم جدوى الفكرة المخرج سعيد سليمان، وأكد أنها فترة دعاية أكثر من كونها اتجاه، والفكرة مرفوضة تماما خاصة لفن المسرح، وقد ينطبق الأمر على السينما أو الموسيقى، فإذا قدم عبر وسيط آخر لا نكون أمام المسرح. أضاف: هي ظاهرة نضطر إليها بسبب الظروف الحالية، ولأننا متوقفون، ولكنها لن تصبح سمة عامة، الفكرة مرفوضة تماما وقد تصبح وسيلة دعائية للمهرجانات أو العروض.
وأضاف «سليمان»: لا أحبذ أيضا فكرة إقامة المهرجان القومي أو التجريبي أون لاين، فالقومي يعتمد على عروض من إنتاج السنة، وبالنظر للأشهر التي عمل فيها المسرح خلال العام فسوف تعرض ثلاثة أشهر من الإنتاج فقط، والتجريبي يعتمد على التجاوب ولا يمكن تقديمه أون لاين.
وأخيرا قال الناقد د. محمد سمير الخطيب إن الفن في اللحظات الحرجة كالتي نمر بها دائما يبتكر وسائل مختلفة للوصول، فلدينا ما لا يقل عن 40 مليون شخص يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، وهؤلاء يمكن التعامل معهم فنيا وعمل مهرجانات كنوع من التنشيط الفني لأن معظم الناس لا تستطيع الاستغناء عن هذه المواقع ويشعرون بنقص بدونها، ويمكنك الآن في هذه اللحظات الحرجة أن تجذب جمهورا جديدا وتلك نقطة مميزة، ولكن فن مثل المسرح يعتمد على اللقاء المباشر والحي وحين نضعه على أون لاين ننفي عنه عامل مهم في العملية المسرحية وهو فكرة المعايشة، ونصبح كما لو كنا نقدم دراما تلفزيونية مختلفة أو مسرحيات تلفزيونية، أضاف: هناك بعض التجارب على الإنترنت يمكن أن تدخل وتشارك ولكن ستظل مشاركة فردية، فيما العمل المسرحي جماعي يقوم على اللقاء الحي.
وأضاف «الخطيب»: قد تكون الفكرة مهمة جدا في هذه اللحظات، وهناك تجربة لبعض الشباب يقدمون مونولوجات عبر الإنترنت، كل منهم يقدم مونولوجا فيما يسمونه تحدي المونولوجات، وهي من أنواع التفاعل مع اللحظة الآنية. الفكرة وسيلة مهمة للوصول للجمهور واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي.


روفيدة خليفة