العدد 550 صدر بتاريخ 12مارس2018
تعد الفنون المقدمة للطفل من أصعب الفنون وأعقدها على الإطلاق، سواء أكانت في قالب مسرحي أو قصصي أو شعري، فالتوجه الفكري نحو عقلية إنسان صغير ما زال في طور الإنماء، هو عملية تشكيل وصناعة لمستقبل فرد بل أمة بأكملها، تتم فيها عملية زرع قيم وعادات ومقومات سلوكية للأفضل من وجهة نظر المجتمع والأسرة والقائمين على تربية الطفل، وكذلك توجيه مسار المشاعر والأفكار لهذا الطفل نحو الانتماء وحب الوطن وحب الخير والحق والإيثار والتعاون وغيرها. ومن هنا تكمن الصعوبة الأكبر في كيفية قولبة تلك الأفكار كي يستطيع الطفل هضمها والتعامل معها دون ملل أو رفض أو الإتيان بنتيجة عكسية غير مطلوبة وغير متوقعة، لا سيما وأن عقل الطفل غير محدود التفكير ويتمتع بخيال واسع وجامح لا ندرك نحن الكبار ما به وإلى أي مدى يمكن أن يصل في تخيله وأفكار؛ لذا فليس من السهل السيطرة عليه أو خداعه أو الاستهانة به. وعليه كان لا بد على الفنان الذي يتعامل مع الطفل بالذات مراعاة كل تلك العوامل مع القدرة على طرح القيمة، بالإضافة للمتعة الحسية والبصرية والسمعية التي يرغبها الطفل وتجذبه لمتابعة العمل الفني أو الأدبي، وخصوصا أن عروض مسرح الطفل في وطننا تتعامل مع ثلاثة مستويات من حيث الطرح الدرامي: الأول هو التأليف الخالص من فكر المؤلف، والثاني ترجمة الأعمال الأجنبية وإعادة تقديمها بما يتوافق مع المجتمع، والثالث استلهام التراث وإعادة صياغته بما يناسب الواقع الآن؛ لذا كان علينا أن نطرح هذا الموضوع الهام للنقاش مع مجموعة من خبراء وفناني وكتاب مسرح الطفل كي نضيء نقاطا هامة حول: هل لدينا مسرح حقيقي للطفل يحترم عقله ويلبي احتياجاته ويؤثر إيجابيا في سلوكه وتربيته وتفكيره؟ وماذا نحتاج كي نطور مسرح الطفل ليتوافق مع التطور التكنولوجي في العالم؟
البداية مع الكاتبة فاطمة المعدول لما لها من خبرة كبيرة في مجال مسرح الطفل، تولت سابقا رئاسة المركز القومي للطفل، بالإضافة لإدارة الطفل بقطاع الثقافة الجماهيرية، قالت: أولا لا بد أن نحدد ماذا نقصد بمسرح الطفل؟ هل هو مسرح الطفل الكلاسيكي الذي يقدمه الكبار للأطفال والذي يقدمه المسرح القومي للطفل؟ الذي لا يرضيني عمله. أم المسرح المدرسي أم مسرح العرائس أم المسرح الذي يقدمه أطفال أم مسرحة المناهج أم ورش العمل؟ فمثلا مسرح العرائس مسرح مستقر وبُني على أسس علمية، ومسرحة المناهج متعثرة وليس بها استمرارية، وورش العمل نفذناها في الثقافة الجماهيرية ومع معاقين وأنتج عنها عروض للأطفال، أما مسرح الطفل الكلاسيكي الذي يقدم في القومي فأرى أنه تحت المستوى ولا يليق بمصر، فقد شاهدت عرضا به جيد المستوى، لكن المسرح ليس مجرد المشاهدة فقط، هناك أحوال أخرى مثل طريقة دخول الأطفال والالتزام بمواعيد بدء وانتهاء العرض، حيث بدأ العرض في الساعة الحادية والربع مساء لدرجة أنني انصرفت قبل التحية، فرغم جودة العرض فإن فردا واحدا فقط هو المسئول عن تنظيم الجلوس في الصالة، وسط صراخ من الأمهات وبكاء الأطفال وارتباك شديد وشيء محزن ولا يليق بمصر، ولم يكن يجوز دخول الأطفال الصغار في حين كان العرض للناشئة من 12 إلى 18 سنة. ولم يتم وضع شريحة عمرية بالإعلان. ومسرح العرائس به اجتهادات جيدة وأعضاؤه تعلموا على يد فنانين كبار وسافروا بعثات للخارج. أما المسرح القومي للطفل فلم يسافر أحد منهم للتعلم بالخارج. أضافت: كنت محظوظة لأنني سافرت عندما أتاح لي الفنان الراحل سعد الدين وهبة الفرصة فتعلمت المسرح على أصوله، كما أنه أحضر لنا مخرجا ألمانيا ليقوم بتدريبنا في الثقافة الجماهيرية، وكنا نقوم بجميع الأدوار، لكن عندما فتح المسرح القومي للطفل أصبح لزاما عليه أن يقوم بالدور الرئيسي في مسرح الطفل.
تابعت: يوجد تقصير في حق مسرح الطفل يُسأل عنه رئيس البيت الفني للمسرح. حتى مكان المسرح جغرافيا بوسط القاهرة غير مناسب ولا ترضيني إدارته. وتؤكد الكاتبة الكبيرة على أن التكنولوجيا لن تؤثر على حضور الطفل في المسرح لأن المسرح حي، ووجود الممثل على المسرح له سحر خاص أمام الطفل، ويمكن أن نصنع الإبهار على المسرح بإمكانيات الممثل، فهو عندما يرقص أو يقع على الأرض أو يؤدي أكروبات مثلا أو يغني، فالقدرة البشرية تبهر الطفل، وممثل مسرح الطفل لا بد أن يكون ذا قدرات عالية وممثلا شاملا، ولديه قدرة جسدية وصوتية ويستطيع أن يؤدي حركات مبهرة للطفل. أما على مستوى الكتابة فليس هناك مشكلة، فالموضوعات كثيرة من التراث العربي والعالمي، المهم أن تكتب للمسرح بأسلوب جيد وليس مجرد حكايات وقصص، فأحيانا أقرأ مسرحيات ليس بها حبكة مسرحية، المسرح لا بد له من بداية ووسط ونهاية وذروة، الأفكار كثيرة لكن لا بد أن تكتب بشكل جيد.
على الهامش
ويرى المخرج الشاب أحمد شحاتة عضو المسرح القومي للطفل، أن عدم إيمان الدولة متمثلة في وزارة الثقافة بأهمية مسرح الطفل وضرورته، والتعامل معه بهامشية على مستوى الميزانيات المخصصة للإنتاج وفقر دور العرض والإمكانيات المتوفرة لها من صوت وإضاءة ومؤثرات صوتية وبصرية. كل ذلك وما شابهه لن يؤدي إلى تطوير حقيقي لمسرح الطفل، ويبقى الاعتماد على اجتهادات فردية وليس على رؤية شاملة تصنع نظاما وأهداف من شأنها تغيير السلوك وتنمية الفكر لدى الأطفال. أضاف: وعلى المؤلفين أيضا دور كبير للخروج من دائرة النصوص التي تعتمد على النصح والإرشاد المباشر إلى أفكار حديثة تتماشى مع التطور التكنولوجي الذي يتعامل معه الطفل يوميا وأصبح جزءا من حياته. وطالب بأن تطلق الدولة مشروعا للنهوض بمسرح الطفل وخصوصا الثقافة الجماهيرية.
اختطاف
أما الناقد المسرحي طارق مرسي، فنان بفرقة تحت 18، فيرى أن الإشكالية تكمن في نظرتنا المحدودة لتأثير مسرح الطفل وقدرته على المساهمة في بناء شخصية الطفل المصري، تاركين هذا الطفل تختطفه التكنولوجيا الحديثة بداية من القنوات الفضائية وما تعرضه من مواد فيلمية، كثير منها مشوه لشخصيته وأفكاره إلى الهواتف الذكية وألعاب الإنترنت التي تدمر كثيرا من القيم والثوابت.. بينما نحن لا نستطيع وضع استراتيجية حقيقية لمسرح الطفل وهو القادر ببناء شخصية الطفل وتأصيل الهوية المصرية بداخله. أضاف: ومن المعوقات أيضا تضاؤل المخصصات المالية لهذا المسرح النوعي الهام، وبالتالي فقد قدرته على الإبهار ومجاراة التكنولوجيا الحديثة.. كما أن النصوص المقدمة لهذا المسرح الكثير منها يفتقد الحرفية المطلوبة للتعامل مع الطفل بفئاته العمرية المتعددة، التي تطلب كل منها نوعية خاصة من العروض المسرحية. تابع: مسرح الطفل يتطلب خططا مدروسة واهتمام بتوصيل الرسالة ليس لأطفال العاصمة القادرين بل لكل الأطفال في مصر كلها.
عروض موظفين
وكذلك يتحدث الفنان وليد طه، مدير فرقة تحت 18؛ حيث فيقول: يوجد مسرح طفل طبعا وفيه مبدعون أثروا الحركة المسرحية، ولكنه يظهر ويختفي حيث يقوم البعض بالاستسهال وعمل خلطه أشبه بالأكل الشعبي، بعض ماسكات على عدة عرائس ونص ضعيف وفي النهاية عروض مهلهلة، بسبب تولي بعض الموظفين إخراج أعمال، وينتج عن هذا عروض أشبه بالمسرح. أضاف: مسرح الطفل من أكثر المسارح تكلفة؛ حيث إن معظم الأعمال تتطلب الإبهار البصري والسمعي وهذا يكلف الكثير من المال، بينما ميزانيات مسرح الدولة قليلة لا تكفي لإنتاج أكثر من عمل في العام، كما أن الكتابة لمسرح الطفل قليلة في مصر بسبب قلة الخبرة بما يطلبه الطفل والتطور الطبيعي في الحياة، مضيفا: ونحن نجتهد حاليا لتقديم عروض مميزه للطفل فنيا.
لا توجد خطط
أما المخرج حمدي أبو العلا، الذي أخرج الكثير من العروض الناجحة للأطفال وكان مديرا لفرقة تحت 18 سابقا، فيقول: معظم الجهود في مسرح الطفل لا بأس بها وإن كانت في أغلبها تقوم دون خطة حقيقية لبناء جيل جديد من المبدعين والمشاهدين. أضاف: لا بد أن تتوفر الإمكانيات الحقيقية لتحقيق هذا الهدف ولا بد لكل فرقة من فرق مسرح الدولة أن يكون لها شعبة لمسرح الأطفال تحقق أهدافها. أوضح: المسرح القومي مثلا لا بد أن تكون به شعبة تقدم الأعمال الكبيرة للطفل، أي تبسط الأعمال العالمية وهكذا. تابع: كما لا بد من إنشاء شعب لمسرح الطفل في جميع المحافظات ولا بد من جذب كبار النجوم للعمل بمسرح الطفل، فمصر في حاجة شديدة للاهتمام بثقافة الطفل حتى تخرج لنا أفذاذا يقودون هذا البلد.
إعادة تعريف المفهوم
وترى الناقدة د. نجاة صادق التي صدر لها مؤخرا كتابان مهمان في مجال مسرح الطفل في الوطن العربي، أن مسرح الطفل هو مسرح المستقبل، ولكي ننهض بمسرح الطفل لا بد وأن نحدد جغرافية مفهوم معنى كلمة مسرح الطفل. فالمسرح المدرسي ينتمي إلى مسرح الطفل، وكذلك مسرح العرائس وأيضا المسرح البشري فعلى هذا المثلث لا بد أن يتم وضع خطة شاملة للنهوض بمسرح الطفل حتى نضمن المستقبل. أوضحت: إن المسرح يرتبط في ذهن الطفل بالحكاية والبطل واللون والحركة والموسيقى والديكور، لأن الطفل هو صانع الأحلام والخيال. أشارت إلى أنه في تونس توجد تجربة مهمة، وهي أن خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لا يتم تجنيدهم في الجيش بل يتم تعينهم في المدارس كمنشطين مسرحيين، حتى يتمكن الأطفال من تعلم فن المسرح من خبير مسرحي، وأنه يتم تقديم ساعة كل يوم في التلفزيون لعروض المسرح المدرسي في تونس والكويت. وترى أيضا أهمية أن لا تكون النصوص المسرحية متضمنة نصائح مباشرة ساذجة مثل غسل الأسنان وغسل الأيدي قبل وبعد النوم، وأن يكون المؤلف سواء كان شاعرا أو مؤلفا للأغاني ملما بالتربية النفسية للطفل من حيث الرغبات والميول والعمر الموجه إليه النص، وألا يكون المسرح كئيبا، بألوان قاتمة حتى ولو كان المشهد حزينا، وأنه لا بد وأن تؤمن الدولة وأي دولة في الوطن العربي بمسرح الطفل كضرورة اجتماعية وسياسية وأخلاقية.
ليس لدينا مسرح طفل
المخرج محسن رزق الذي عرض له مؤخرا مسرحية (سنو وايت) بالمسرح القومي للطفل ولاقت نجاحا جماهيريا كبيرا، قال: ليس لدينا مسرح حقيقي للأطفال أصلا ولا مسرح غير حقيقي، فالمسرح القومي للأطفال مسمى فقط، ولكنه لا يقدم المسرح الحقيقي للطفل كما ينبغي أن يكون. لا على مستوى الشكل ولا مستوى المضمون ولا على مستوى الكتابة، الفكرة أننا ما زلنا نتعامل مع الأطفال وكأننا نعيش في أوائل القرن الماضي ونحن في عصر التطور الرهيب للتكنولوجيا، فما زلنا نستخدم أدوات وإضاءة وصوت وعناصر عرض مسرحي غير متوافقة مع العصر الذي نعيشه، أضاف: أتمنى أن تتوفر لدينا تقنيات حديثة مثل الموجودة في ديزني. تابع: كفنان مسرحي أعمل منذ عام 1993 أرى أن مسرح الطفل هو أهم مسرح في مصر أولا لأنه يربط الطفل منذ صغره بالمسرح وتلك قيمة فنية، وأيضا خناك قيمة فكرية وهي رسالة العمل الذي يشاهده الطفل، فلا يجوز أن يشاهد الطفل على ال«يوتيوب» وفي السينما أعمالا مجسمة 3 دي، وما زلنا حتى الآن نخاطبه في المسرح بتفاصيل عقيمة وعبيطة وساذجة ولا أحد يريد التطوير. وهل يصح أن يكون لدينا مائة مليون نسمة ولا نمتلك سوى مسرح طفل واحد به 230 مقعدا وليس به أي إمكانيات، لا بد من أن يكون في كل محافظة أوبرا أو مسرح كبير للأطفال فقط، يجهز بأحدث الأجهزة في العالم، لا بد أن يرى الأطفال الشخصيات الخيالية وهي تطير مثلما في السينما، لا بد أن يدخل الأطفال هذا العالم المبهر والمبهج ويستمتعوا به. والموضوع ليس في الكتابة، توجد نصوص مسرحية كثيرة، لكن الفكرة فيمن يبحث ومن ينقب فلن يوجد مسرح حقيقي للطفل إلا عندما تصبح هناك إرادة، ولن توجد إلا بنزع الأنماط البالية وأن تحل محلها كوادر شابة تصنع جديدا من أجل الطفل.
أسئلة
ويتساءل الفنان القدير عبد الرحيم حسن: هل ما نقدمه اليوم في مسرح الطفل يخص الطفل؟ هل يتفق مع موهبة وعقلية الطفل في العصر الحديث؟ أجاب: ما زلنا نتعامل مع الطفل سواء في المسرح أو البرامج أو الأعمال الفنية الأخرى من خلال حكايات أبله فضيلة، تحكي لنا حكاية جميلة، ونسينا أن طفل اليوم البالغ من العمر خمس سنوات، يحمل (الموبايل)، ويتعامل مع «السوشيال ميديا» ويفهم ما هو الفيسبوك. هل تطورنا عقليا لنقدم له ما يتفق مع عقليته هذه؟ أعتقد لا، وبكل أسف. أضاف: الأمر الثاني والأهم: هل وفينا الطفل حقه على خريطة مصر بالكامل؟ هل تواصلنا مع الطفل الذي يقبع في الريف المصري؟ تابع: الريف هو القاعدة الأساسية لجمهورية مصر العربية الذي أهملناه إهمالا تاما، هل اهتممنا بأطفاله؟ هل وصلنا إليه بالفن والإبداع الذي يليق به؟ هذه الأسئلة يجب أن يجيب عنها المسئولون عن أعمال الأطفال وما يقدم للطفل. والسؤال للقائمين على وزارة الثقافة والمسئولين عن توصيل الثقافة لمستحقيها، هل قدمتم ما يليق بالطفل المصري؟ أعتقد لا. وأنتظر الإجابة.
لا منهج
وقال د. كمال الدين عيد أستاذ الدراما والنقد المسرحي: بدأت في مصر إرهاصات ميلاد مسرح للطفل أو لمسرح العرائس عام 1962، وهذا وقت متأخر جدا بالنسبة لمثل هذا النوع من المسرح وقد سبق في أمريكا وأوروبا. أضاف: أنشأ الأوروبيون هذا المسرح في مصر، رومانيا والاتحاد السوفياتي على سبيل المثال، قدموا عددا من المسرحيات في مصر آنذاك، لم تخرج عن نطاق القاهرة أو ضمن مناسبات في الإسكندرية. تابع: انتشار مسرح الطفل لم يأخذ في اعتباره خريطة مصر الجغرافية أو المكانية، فبدأ المسرح محدودا وضعيفا رغم كونه جديدا على منظومة الإبداع المسرح. ولم ينتبه المؤلفون المسرحيون كثيرا لحركة المسرح الجديد وظلت عروض الطفل ومسرح العرائس محدودة التطور لعدة سنوات طويلة. أما في العقدين أو الثلاثة عقود الأخيرة فقد شهدنا استمرارية لمسرح الطفل، ودار عرض خاصة بمسرح الطفل، ونلاحظ أنه ليس في خطة الدولة حتى اليوم خريطة انتشار منهجية لمسرح الطفل، تجعل الأطفال يذهبون إلى عروض صباحية وقت الدراسة الصباحية باعتبار المسرح ظاهرة تعليمية. ويا حبذا لو تم وضع خطة بالتعاون مع الثقافة الجماهيرية ووزارة التربية والتعليم لتنفيذ استراتيجية منهج تربوي وفني يقود أطفال مصر إلى مسرح جميل ونافع لحياتهم.
مواجهة التطرف
فيما قال الكاتب السيد حافظ الذي قدم مشروعا كبيرا لمسرح الطفل في مصر والوطن العربي شمل ثمانية عشر نصا مسرحيا للأطفال وساهم في إنشاء مسرح الطفل بالكويت: الطفل العربي محاصر بأكذوبة الاهتمام به، فالقنوات كلها تقدم برامج مترجمة لطفل له عادات وتقاليد وأفكار مختلفة، ولا تخضع إلا لمعايير تجارية في أغلبها ولا تمر من خلال قنوات شرعية، مضيفا: نحن في كارثة ثقافية وآيديولوجية لا نعرف ماذا نريد بالضبط من الطفل، مع إنه هو المستقبل، و70% من تعداد الوطن العربي من الأطفال. تابع: أما من حيث مسرح الطفل فمصر أقدم الدول العربية في تأسيس مسرح الطفل نتيجة الخطاب الآيديولوجي والاستراتيجية التي وضعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للفكر الاشتراكي، وهذا المسرح أيضا أصيب بكارثة أيامها إذ إن المشرفين عليه ارتكبوا سلوكا أخلاقيا خاطئا فأغلقوا مسرح الطفل حتى لا تحدث مشكلات في الصحافة حول سلوك بعض المخرجين والمشرفين عليه. وبعد ذلك أصبح مسرح الطفل التابع للهيئات الحكومية يقدم عرضا أو عرضين في العام.. وأشار إلى أن إن مسرح الطفل العربي يعاني، في حين أن مسرح الطفل في إسرائيل يركز تركيزا هاما على الآيديولوجية وخلق تيار فكري معادي لنا، نحن نستخدم تقنيات قديمة، وإذا أردنا أن ننهض علينا أن نستخدم تقنيات حديثة لمسرح الطفل، وندرب الكوادر الفنية والعمال، فيذهبون في بعثات للدول الخارجية كي يتعلمون كيف يستخدمون هذه التقنيات، فهي لا تأتي (بالفهلوة) ولكن بالعلم والدراسة، ثانيا أن يرفع إنتاج مسرح الأطفال عن إنتاج المسرحيات الكبيرة، حتى يمكنها أن تعتمد على الملابس المبهرة والملحنين الكبار والأغاني الحية التي من المهم أن يراها الطفل حية، مع الرقص والتعبير الحي لفرق الباليه المحترمة.
تابع: إذا أردنا أن ننهض علينا الاستعانة بالنجوم واستخدام ميزانيات كبيرة في الإنتاج، واستقدام مؤلفين كبار يكتبون للطفل وليس الموظفين الذين يعملون في المسرح، أو المعارف، هذه الموائمات التي تهدم الحياة الثقافية والكارثة التي نحياها الآن، أشار أيضا لإلى أن الطفل معرض للأفلام القبيحة ومساوئ الإنترنت، وإننا نحتاج إلى حماية الأخلاق والعقل حتى من التطرف الديني، لأن الطفل أيضا معرض للتطرف الديني والأخلاقي.
أخيرا كان لا بد أن نتوجه للفنان حسن يوسف مدير المسرح القومي للطفل الذي يؤكد أن لدينا بالفعل مسرح حقيقي للطفل، وبكل اعتزاز وفخر أقول إن مسرحنا القومي للأطفال توجد في عروضه القيم التربوية التي يحتاجها الطفل في الوقت الراهن والتقييم السلوكي للأطفال، وختم بأننا نحتاج لتطوير مسرح الطفل إلى الدعم المادي وتوفير الأجهزة الحديثة المتطورة، لأن من أهم عناصر مسرح الطفل الإبهار وهو لا يتأتى إلا بالدعم المادي والأجهزة التي تحقق ذلك.