محور الكتابات الجديدةوإشكالية «تحديد المفهوم» ضمن الملتقى الفكري لدورة «محمود دياب»

محور الكتابات الجديدةوإشكالية «تحديد المفهوم» ضمن الملتقى الفكري لدورة «محمود دياب»

العدد 570 صدر بتاريخ 30يوليو2018

أقيم صباح يوم الأحد 21 يوليو 2018 في الحادية عشرة والنصف بالمجلس الأعلى للثقافة جلسات المحور االثاني من الملتقى الفكري “أبحاث وشهادات” تحت عنوان “الكتابات الجديدة” في جزئه الأول ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الحادية عشرة برئاسة د. حسن عطية.
حضر الجلسة د. حسن عطية ود. عايدة علام، والناقد أحمد هاشم، ومن الكويت علاء الجابر ود. سعداء الداعاس، ود. محمد سمير الخطيب، والمخرج أحمد السيد، والنقاد: هشام إبراهيم، ليليت فهمي، باسم عادل شعبان، ولمياء أنور، ورنا أبو العلا، د. حورية عبد الباسط، مدرس مادة المسرح بجامعة دمياط والمؤلفة والكاتبة المسرحية صفاء البيلي وغيرهم من المسرحيين والمهتمين.
بدأت الفعالية بترحيب مدير الندوة االناقد أحمد الحناوي بالحضور واستعراض برنامج اللقاء الذي أشار أنه سيتكون من قسمين: الأول الأبحاث المقدمة من كل من الناقد أحمد خميس، والناقد والكاتب عبد الناصر حنفي والقسم الثاني يتمثل في شهادة الكاتبة صفاء البيلي، وقدم اعتذارا عن عدم حضور الكاتب عيسى جمال.
وقدم الحناوي للمحاور الأساسية التي سيتحدث فيها الناقد أحمد خميس والكاتب والباحث عبد الناصر حنفي الذي تحدث عن ظاهرة علاقة المسرح بالنص المسرحي تحت عنوان “حول الفعل المسرحي - الظهور والحضور والنص”، ويقدم الناقد أحمد خميس ورقته عن التحدث عن نماذج للكتابة المسرحية الجديدة، وأكد الحناوي أن مفهوم الكتابة الجديدة هو مفهوم نسبي تبعا لتغير رؤية الباحث أو المستقبل.
وفي مقدمة ورقته البحثية تحدث الناقد عبد الناصر حنفي عن العلاقة بين الشفاهة والتدوين وظهور المسرح ومكانته والعلاقة بين ظهور السينما والمسرح والعلاقة بين السيناريو السينمائي والنص المسرحي.
قال الكاتب والباحث عبد الناصر حنفي: سأحاول طرح بعض التحليلات والتأملات الأولية للفعل المسرحي وعلاقاته بمكوناته وصولا إلى استعراض بعض بديات هذه العلاقة في ظاهرة المسرح االمصري، وفي سياقات تكميلية لما قدم بالبحث المنشور في كتيب المهرجان وانتقل بالحديث عن نظرية المسرح ومرحلة تأسيس فينومينولوجيا المسرح، وأشار أن هناك ثمة إشكالية منهجية هائلة تواجهها نظرية المسرح فالظاهرة المسرحية لا تتطابق أبدا مع ذاتها على أي مستوى من مستويات حدوثها وتناول بعد ذلك بالشرح مفهوم “الكوجيتو المسرحي” وتدريب ديكارتي على علاقات المسرح بالجمهور.
وتابع الناقد عبد الناصر حنفي الكتابة الصوتية كتابة تجريبية في المقام الأول، وأحدثت أكثر من رد فعل، والفعل المسرحي بطبيعته فعل متبدد، ومسرح حضارة البحر المتوسط أنتج حالة غير مسبوقة في النص المسرحي التي تحاول بناء الفعل المسرحي على فعل طقسي، وقد ذكرت تطور الفعل المسرحي في الكتاب الصادر عن المهرجان بالتفصيل، ومنذ البداية قدمت ورقة لا تتأمل في الكتابات الجديدة بقدر ما ترصد علاقة النص بالعرض المسرحي.
وفي سياق متصل، قال عبد النصر حنفي إن المسرح تجاوز الكثير من المراحل في علاقته بنصه، بدءا من خلقه وتطويره ثم الاحتفاء بحالات مسرحية تقوم على الإضعاف المتعمد للنص لصالح منح مساحات أوسع لعناصر أخرى.
وتطرق إلى الحديث عن ظهور الفعل المسرحي وعلاقة المسرح بالنص ومراكز الفعل وفعاليات التحويل، واصفا أن ظهور النص المسرحي هو استجابة لقدرة الفعل المسرحي على التعاطي مع دوائر أكثر اتساعا مع أحداث التعين مقارنة بالفعل الطقسي، وتحدث عن أنماط الفعل المسرحي ومراكز الفعل المسرحي.
وفي النهاية، تناول عبد الناصر حنفي ظاهرة التراجع النصي وقال إن المسرح في القرن التاسع عشر كان يتسم بالشكل الهزلي ثم تطور من خلال وسائط أخرى كالتلفزيون والفيديو، وحاليا مسرح الفضائيات. وأشار إلى أن ظهور تلك العناصر بعيدا عن المسرح التقليدي أدى إلى تراجع النص، وأكد أن هناك فكرة سائدة عن أن أية تحديثات جديدة تؤدي إلى الاستغناء عن النص وهي فكرة خاطئة بالتأكيد.
تناول الناقد أحمد خميس بحثه في إطار قراءة وتحليل لبعض التجارب الجديدة
قال: حين كنت عضو لجنة اختيار العروض المشاركة في المهرجان التجريبي والمعاصر بالعام الماضي، شاهدت عرضا باسم “الجراية”، وعبر ما قدم من هذا الممثل الذي يسير فتزداد سرعة جهاز رياضي يسير عليه، وعبر تتابع العرض لنهايته أجده يناقش فلسفة ضمنية للعرض وهي ترس في عجلة الإنتاج وفي حين كانت الرسائل ضمنية لكنها تحتاج لمتلقٍ متخصص يستسيغ الأفعال الدرامية.
وانتقل أحمد خميس بالحديث عن تجربة سامح عثمان متذكرا قوله «على الرغم من وجود أكثر من 27 مسرحية لم يطبع لي غير اثنين” مؤكدًا أن المجد المسرحي للنص وليس العرض، واستشهد بنص القطة العميا لسامح عثمان الذي قدم من خلاله وروجت له، ومن هذا كان يتطرق أحمد خميس لمحطات في تاريخ التجريب أو تناول النص المسرحي الجديد.
وفي سياق متصل، قال أحمد خميس: هناك تجربة مختلفة في الستينات هي تجربة المخرج المؤلف كرم مطاوع، مشيرا إلى كسر القوالب القديمة التقليدية عنده وإعادة تشريح النص المسرحي، وانتقل خميس لشكل المسرح عقب ثورة 25 يناير، التي كانت تبرز فيها عروض مسرح الشارع وتساءل الناس: هل هذا هو المسرح؟ بعد ذلك انتقل إلى تجربة نورا أمين في عرضها “عدو الشعب” ووصفه بأنه حين قدم كان عرضا مغايرا، وأضاف أن من العروض التي بينت بقوة أهمية الدراماتورج في الكتابة الجديدة كان عرض “الزومبي والخطايا العشر”.
وبعد ذلك تتبع مسيرة المخرجين الجدد قائلا: إن أعمالهم تتسم بالدراماتورجية الجديدة، ومنهم مثالا لا حصرا “نورا أمين، طارق الدويري، عبير علي، هاني عفيفي، أحمد العطار”، وأشار أحمد خميس إلى أن هناك في العشر سنوات الأخيرة الكثير من الكتابات الجديدة برز منهم مثلا إبراهيم الحسيني، رشا عبد المعنم، يوسف مسلم، ياسمين إمام، محمود جمال..».
اختتم أحمد خميس بحثه بالحديث عن عروض الجسد ومسرح الجسد، مشيدا بدور المهرجان التجربيبي في الثمانيات في بروز تيار المسرح الحركي متحدثا عن عرض «اللعبة للمخرج الراحل محمد منصور، وتبع ذلك بالحديث عن عرض “سينما 30” للمخرج محمود جمال كنموذج مقدم ومختلف للشباب في إطار الكتابات الجديدة للمسرح. وتحدث عن تجربة الكاتبة صفاء البيلي في عرض «ثري دي» وكيف خلقت شكلا جديدا من الكتابة المسرحية واللعب بالمشهد واستطاع العرض تحقيق النجاح النقدي والجماهيري ووصل للجمهور.
واختتم قائلا: تناولت اهتمام الكتاب الجدد بالشكل الجديد في المسرح وخروج عرض مسرحي من خلال الورش، ومسألة التكوين الذي يتغير من يوم ليوم، وهذا يبعدنا عن الشكل الكلاسيكي للكتابة، وهناك نص للكاتب إبراهيم الحسيني اسمه «الغواية»، وخلال النص يقترب كثيرا من شكل الصورة وتكوين رؤية تصل للمتلقي، وهو كاتب مهتم بالصورة في كتابته بشكل عام في كل كتاباته، وهذا هو الشكل الجديد للكتابة المسرحية.
في الجزء الأخير من اللقاء، شهدت الندوة تعقيبات ومداخلات نقاشية بين الحضور، فتساءلت الكاتبة صفاء البيلي عن أمثلة من الأعمال التي تتحدث عن الكتابات الجديدة في الآونة الأخيرة.
وأشار د. علاء الجابر إلى أن المنصة طالما تحدثت عن الفعل المسرحي وأنماطه، ولكنها لم تتحدث بوضوح عن نماذج عن الكتابات الجديدة وسماتها، كما أنه طالب الباحثين بتحديد المفهوم الذي وضعنا في إشكالية والاسهاب في الحديث عن جوانب فرعية لأن هذا سيأخذنا أن نكون أكثر تركيزا. وتساءلت الناقدة لمياء أنور عن الزمن وأهمية تحديد الزمن في الحديث عن الأبحاث المقدمة عن الكتابات الجديدة لنعي عن أية فترة نتحدث.
وأكدت د. سعداء الدعاس من خلال مداخلتها أنها شاهدت خلال دورة المهرجان الحالية خمسة عروض استخدمت كلها شاشة عرض سينمائية، وصنع ذلك آلية جديدة في الكتابة من خلال دخول وسائط أخرى للمسرح.
وفي نهاية اللقاء أوضح أحمد هاشم مدير الملتقى الفكري أنه كان يظن أن هذا المحور سيجيب على السؤال حول شكل الكتابة الجديدة وهل هي موجودة بالفعل أم لا مع محاولة طرح نماذج تنظرية لذلك.
انتقل اللقاء الأول من هذا المحور للكتابات الجديدة إلى المحاضرة الثانية التي تمثلت في شهادات المؤلفين والكتاب المسرحيين أنفسهم.
وقالت الكاتبة صفاء البيلي حينما أتحدث عن تجربتي المسرحية لا يمكنني أن أزعم بقيمتها العظيمة ولكنني موقنة على أقل تقدير بأنها على قدر من الجدة والالتزام بقواعد الفن الإنساني.
إنها انطلقت من خلال كتابة المسرح الشعري، وقدمت 18 نصا للمسرح الشعري نالت جوائز عن أغلبها ولم ينفذ أحدها حتى الآن. وأوضحت: أن ما أكتبه ينطلق من المسرح الشعري الفصيح أو وأنا في حاجة للتجديد في نمط الكتابة حتى يتثنى تقديمها على خشبات المسرح للعرض الجماهيري.
واستطردت في الحديث عن قراءتها ومصادرها للكتابة المسرحية أمثال يسري الجندي وألفريد فرج وميخائيل رومان ومحمود دياب وأبو العلا السلاموني وغيرهم، وعن مراحل كتاباتها المسرحية وتجاربها التي قدم منها القليل وما زال الكثير حبيس أدراج مكتبها
كما أنها تابعت أن جيلها ضاع بين جيلين جيل الرواد والأجيال الجديدة، وقالت إنها تتمنى أن يكون هناك اهتمام بجيلها وكتاباتهم، وتساءلت عن عمر الكاتب الذي يكتب الكتابة الجديدة. وأن مسرح الدولة الرسمي حاليا يعيش أقسى حالات التوتر بينه والكتاب المسرحيين المصريين، ومع هذا يتساءل النقاد وغيرهم عن أسباب هذا التوتر وإلغاء جوائز التأليف في المهرجان الوحيد المعبر عن المسرح المصري وإعطائها مجاملة لأحدهم لأسباب خاصة.
ووجه د. حسن عطية في اللقاء سؤالا للكاتبة صفاء البيلي عن سبب كتابتها الحقيقي؟
فأجابت قائلة: أحببت الكتابة منذ صغري وحلمت بأن أصبح كاتبة، وعشقت كتابة المونودراما من خلال ما كنت أكتبه منذ طفولتي حول مشاعري الخاصة.
وقالت: أنا أكتب لأدمر نفسي بالكتابة أو أبني نفسي بالكتابة. وأضافت: أنا لا أشارك في المسابقات من أجل القيمة المادية للجائزة وإنما من أجل أن يتم تنفيذ نصوصي على خشبة المسرح.
وتساءل الناقد باسم عادل عن الفارق بين أسلوب الكاتبة صفاء البيلي في أول نص وآخر نص، كما تساءل عن علاقتها بمخرجي أعمالها المسرحية.
فأجابت قائلة: دخلت عالم الكتابة المسرحية من باب الشعر عندما رشحني الكاتب فتحي فضل لكتابة أغاني عرض مسرحي من تأليفه، فأخذت النص وكتبته كله بشكل غنائي فقال لي أنت كاتبة مسرحية متميزة في المسرح الشعري، وكنت في حاجة لآراء النقاد في كتاباتي حتى أسترشد بآرائهم، ولدي نص بعنوان «ظل السلطان» عن طومان باي أتناول خلاله فقط دخول وخروج الشخصيات للخشبة، أما عن علاقتي بالمخرجين فقد كنت لا أسمح لأحد بأن يمس كلمة من كلامي المكتوب وهو سر تأخر خروج عروضي للجمهور.
في رأيي أن الكاتب الذي يحصل على جائزة من المهرجان القومي للمسرح المصري هو الكاتب الذي يكتب عن قضايا وطنه، ويعبر عن مشكلات واقعنا المصري.
وأضافت الكاتبة صفاء البيلي: رأي الجمهور ليس مقياسا للآراء النقدية ولا يؤثر في رأي لجان منح الجوائز لذا يجب أن يكون الرأي للنقاد المتخصصين.
وأضاف أحمد هاشم مدير الملتقى: أنهم قاموا خلال العام الماضي بمنح الفرصة للجمهور ليدلي برأيه في عروض المهرجان القومي وهو ما أثار اعتراض النقاد والكتاب، وأكدت صفاء البيلي أنها أيضا تشارك النقاد اعتراضهم.
 

 


همت مصطفى