بعد تطوير واقتراب موعد افتتاح «السامر» مسرحيون: لابد أن تكون عودته من أجل استعادة المسرح الشعبي

بعد تطوير واقتراب موعد افتتاح «السامر» مسرحيون: لابد أن تكون عودته من أجل استعادة المسرح الشعبي

العدد 804 صدر بتاريخ 23يناير2023

يعد مسرح السامر المغامرة الأبرز في تخطي حواجز النخبوية الثقافية وصولاً إلى الشعبية التى تمثل الرافد الحقيقي للثقافة، من هنا يمكن النظر إلى مسرح السامر بوصفه المسرح الشعبي الذي يعبر عن الهوية الحقيقية للمسرح المتماس مع الناس في أحلامهم والآمهم، لذا نعد عودة السامر طبيعية إذا توافرت الإرادة لاستعادة الهوية ونفي فكرة الاستعلاء التي يعاني منها قطاع كبير من العروض المسرحية.. المسرح كان مبنى بسيطا مغطى بخيمة تشبه خيمة مسرح البالون، على كامل مساحة أرض السامر، افتتح في 9 سبتمبر 1970، وصدر قرار من الكاتب الكبير سعد الدين وهبة عام  1971.
بتشكيل هيكل فرقة السامر بقيادة المخرج الكبير الراحل عبدالرحمن الشافعي كمدير فني ثم توقف المسرح عام 1975، أثر حريق شب في خيمة مسرح البالون والسيرك القومي، وعاد مرة أخرى  وافتتحه الرئيس أنور السادات 1978 لتواصل الفرقة نشاطها بعرض عاشق المداحين لزكريا الحجاوي، واستمر حتى زلزال 1992، فتوقف بسبب بعض تصدعات ألمت به، ما أدى لإخلائه،.
وفي 2007 تمّ هدم المسرح، وصدر القرار الجمهوري رقم 288 لنفس العام بإنشائه وتجديده على أن ينفذ وفق التصميم الفائز في المسابقة المعمارية التي أعلنتها الهيئة عام 2010، وأقيم مرة أخرى كمسرح مؤقت حتى توقف رسمياً في 2013.
 وها هو السامر يعود من جديد بعد تطويره وقد تفقدت د. نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة مستجدات تطويره و تجهيزاته الفنية، ليتحول إلى صرح ثقافي يضاف إلى المنارات الثقافية المصرية .. وعليه كان علينا أن نذكر بالهدف  الرئيسي من إنشاء هذا المسرح، ونسأل عن ماهيته بعد العودة، وهل عاد ليستعيد فلسفة المسرح الشعبي؟ وما الذي ينتظره المسرحيون منه؟ .   
قال الكاتب محمد أبو العلا السلاموني: الثقافة الجماهيرية هي المسئولة عن هذا المسرح، والثقافة الجماهيرية معنية بالأساس بالثقافة الشعبية وخصوصاً فى مجال المسرح، وحينما جاءت فكرة إقامة مسرح سامر كان هذا يعني تحقيق المسرح الشعبي ،وعلى جانب آخر ان يكون نافذة لفرق الأقاليم المحرومة إعلامياً، للعرض في القاهرة؛ ولذلك كانت معظم المهرجانات الإقليمية  تقدم على هذا المسرح . 
وتابع “ لا يعني أن المسرح تم هدمه أن فكرة السامر انتهت بل على العكس كوننا مسؤولون عن مسرح الثقافة الجماهيرية كنا نصر على إعادة بنائه لتحقيق وظيفته الأصلية التي نشأ من أجلها ؛ لذلك كنا نقدم فيه عروض السامر الشعبية في مكانه وهو مهدوم وفي مكان بجانبه، وهو قاعة منف التي قدمت عليها العروض الشعبية التي تحقق هدف هذا المسرح، وأخيراً لابد أن يكون إعادته من اجل تحقيق أهدافه في المسرح الشعبي وهذا أمر منطقي فكيف يعاد بناء مسرح له وظيفة أصلية ويقدم ما ليس من هويته! .

السامر له خصوصية 
فيما قال الكاتب والناقد أحمد عبد الرازق أبو  العلا: عودة مسرح السامر إلي نشاطه من جديد يثير البهجة في نفوسنا بعد أن ظل مغلقا لسنوات طويلة عقب زلزال 1992، وهذا المسرح حين أنشئ تحت هذا الاسم، كان الهدف منه إحياء فنون الفرجة الشعبية، واستلهامها في مسرحنا، لتأكيد الهوية، تلك التي سعي إلي تحقيقها بعض كتاب المسرح في الستينيات، ومنهم توفيق الحكيم حين أشار إلى ذلك في كتابه ( قالبنا المسرحي) وتحدث فيه عن الحكواتي، والمقلداتي والمداح، وتكلم عن السامر، والفنون الشعبية الريفية من رقص وتحطيب وغناء، وحاول تطبيق ذلك في عدد من نصوصه ( يا طالع الشجرة – الصفقة – الزمار) لكنه لم يستكمل تجربته وظلت مجرد نظرية، وهذا ما فعله أيضا يوسف إدريس حين كتب بيانه المعروف بعنوان ( نحو مسرح عربي) وفيه تكلم عن فكرة المسرحة، أي مسرحة فنون الفرجة في ثقافتنا، واستخدام السامر الشعبي أيضا، وطبق هذا في نص وحيد له هو (الفرافير) وظل كلامه نظريا أيضا، من هنا جاءت فكرة مسرح السامر، ليكون المكان الذي يحتفي بتلك العروض المسرحية، التي تستلهم من تراثنا الشعبي، ما يجعلها تتمتع بالخصوصية، والتفرد .. وأري أن إنتاج هذا المسرح خلال سنواته الأخيرة قد ابتعد كثيرا عن تلك الفكرة التي قام من أجلها، وابتعد عن الهدف الذي كان دافعا لكل من زكريا الحجاوي وعبد الرحمن الشافعي، وهما اللذان أنشآ هذا المسرح وقدما عليه عروضا كثيرة حققت تلك الغاية.. إن الابتعاد عن خصوصية هذا المسرح، وتفرد عروضه، يجعل الاسم مجرد اسم، فتضيع شخصية هذا المسرح، حين نقدم فوق خشبته نصوصا أجنبية، مترجمة أو معدة – كما يحدث الآن.
وتابع: حين نقدم نصوصا لا علاقة لها بالفكرة التي يحتضنها المسرح الشعبي، ذلك المسرح الذي نملك عددا كبيرا من نصوصه، ولا يستطع أحد أن ينكر وجود تلك النصوص، لكنها موجودة  عند أبو العلا السلاموني – يسري الجندي – عبد الغني داود – سيد حافظ – محمد الفيل – شوقي عبد الحكيم – نجيب سرور – رأفت الدويري – بهيج إسماعيل – محمود دياب – الفريد فرج ) وغيرهم من كتابنا الجدد .وأدعو القائمين على هذا المسرح إلى الالتزام، بالمسمى ومحتواه، وليس المسمى فقط، فلا قيمة للمسمى بعيدا عن تحقيق خصوصية ذلك النوع من المسرح الشعبي، خاصة وأن هناك تنظيرات كثيرة كتبت في هذا الإطار كتبها  د. علي الراعي – د. عز الدين إسماعيل – د. حسن عطية – وأبو العلا السلاموني الذي أصدر عدة بيانات – وأنا كذلك، كل تلك الكتابات ينبغي أن تساعد كتابنا في الإلمام بطبيعة الكتابة في المسرح الشعبي الذي أصبحت له أسس وقواعد، وأصبح مفهومه حاضرا ليتحقق واقعيا وفعليا في عروض يقدمها مسرح السامر.

المبدع الشعبي وجمهوره
وأشار المخرج ناصر عبد المنعم إلى أن: مسرح السامر لعب دورا كبيرا في دفع مسرح الثقافة الجماهيرية .. حيث كان مقرا لفرقة السامر المنوط بها تقديم عروض مسرحية تستلهم التراث الشعبي المصري والعربي، والفرقة المركزية ( النموذجية) التي تم إنشاؤها لتقدم نماذج لما يجب أن تكون عليه عروض الثقافة الجماهيرية.. ولكن علينا أن نعترف أن معمار مسرح السامر كمسرح علبة إيطالي تقليدية لا يتوافق أو ينسجم مع فكرة السامر كشكل من أشكال الفرجة الشعبية، حيث يعتمد السامر الشعبي على الفضاء المفتوح الذي يشكل حالة تفاعلية بين المبدع الشعبي وجمهوره داخل حلقة أو ما شابه، وكنت أتمنى أن يتوافق مسرح السامر في ثوبه الجديد مع مفهوم وطبيعة الاسم الذي يحمله، السامر الشعبي كقالب مسرحي وكفكرة غير مرتبط بمسرح محدد، ونحن نرى بين الحين والآخر تجارب مسرحية تقترب لمفهوم مسرح السامر خاصة تلك التي تعتمد على “الحكي “ كتقنية أو تمزج بين الحكي والتجسيد داخل فضاء غير تقليدي.
وأضاف: هذا لا يقلل من فرحتي بعودة مسرح السامر إلى الحياة مرة أخرى بعد تطويره وتحديده .. فهو المسرح الذي شهد أول تجربة إخراجيه لي على مسارح الدولة من خلال المشاركة في مهرجان أتمنى عودته، وهو مهرجان ال 100 ليلة، وقد شاركت فيه عام 1980 بعرض عن “عبدالله النديم” خطيب الثورة العربية شارك فيه من شباب جامعة القاهرة وقتها: عبلة كامل وأحمد كمال وسيد رجب وأحمد مختار وبثينة كامل.

التسمية لها علاقة بهويتنا المصرية
ورأى المخرج حسن الوزير أن عروض مسرح السامر فى ال20 عاماً الماضية كانت خارج فلسفة  المسرح الذي أنشأ من أجلها، مشيراً إلى أن فترة ما قبل زلزال 92 كانت العروض تتفق مع فلسفة وهوية مسرح السامر وذلك لوجود مجموعة من الفنانين والمسرحيين تعي جيداً خريطة مسرح السامر، وكان يستقطب كل فرق الأقاليم لتقدم عروضها عليه ويكتشف المبدعين من كل الأقاليم في مصر.
واتفق المخرج حسن الوزير مع المخرج ناصر عبد المنعم في فكرة عدم ارتباط السامر الشعبي بمكان محدد فقال: حتي أكون اكثر دقه السامر الشعبي كتقنية لا يرتبط بمكان محدد فمن الممكن أن يقدم على سبيل المثال في غرفة، ففكرة السامر الشعبي متاح تنفيذها فى أى مكان، والتسمية لتقديم عروض لها علاقة بالهوية المصرية شكلاً ومضمونا،ً فالتسمية جاءت كرؤية لنقدم مسرحاً له علاقة بهوايتنا المصرية في تقنية العرض ومضمون النص ومن الضرورى أن يضع المسؤولين في اعتبارهم استعادة مسرح السامر وجعله بيتا لكل فرق الأقاليم في مصر، فهذه الفرق تتميز بالإبداع والتميز والكفاءة الفنية على مستوي جميع عناصر العرض المسرحي.

نتمنى أن يواصل دوره وعدم الانسياق للمتغيرات 
فيما قال الناقد أحمد هاشم: علينا أن نعرف أولا أن مسمى (مسرح السامر) هو مسمى مكتسب بمعنى أنه لم يكن يوجد نوع مسرحي اسمه مسرح السامر، ولكن مع الدعوة التي رفعها بعض المسرحيين فى النصف الثانى من ستينيات القرن الماضى، وعلى وجه التحديد بعد هزيمة يونيو 1967، ومع البحث عن الهوية العربية والمصرية التى خلخلتها الهزيمة، ورؤيتهم لضرورة الانفلات من الأسر الغربي على أصعدة كثيرة ومن بينها المسرح، وضرورة البحث فى التراث الشعبى عن أشكال تصلح للمسرح ويوجد فيها الشكل الفرجوى، كان من بين تلك الأشكال (السامر) وهو المكان الذى يتجمع فيه الناس يتسامرون، وتتعدد أشكال ذلك المكان ما بين جرن، رأس حقل، أو غيرهما من الأماكن التى يتحلق فيها مجموعة من الفلاحين للمسامرة، وقد رأى أصحاب هذه الدعوة فى مكان المسامرة بل والمسامرة ذاتها شكلا من أشكال التمسرح، ورأينا الكاتب المسرحى “محمود دياب” يكتب مسرحيته الشهيرة “ليالى الحصاد” كنموذج عملى لهذا الشكل المسرحى، وأخذت فرق الثقافة الجماهيرية بالأقاليم المختلفة تنحو فى عروضها نحو أشكال مسرحية خارج العلبة الإيطالية، ومع إنشاء الإدارة العامة للمسرح عام 1969 للإشراف على تلك الفرق والتنسيق بينها، والتوسع الأفقى فى إنشاء فرق الأقاليم والقاهرة الكبرى أيضا أنشأت الإدارة فرقة ومبنى السامر بالعجوزة الذى افتتح عام 1971 بعرض من إخراج “عبدالرحمن الشافعى”، ليكون هذا الكيان مشرفا إداريا وفنيا على الحركة المسرحية بالأقاليم ويستضيف كذلك مهرجاناتها المختلفة، ومن هنا ارتبط الاسم بمسرح الثقافة الجماهيرية دون وجود فلسفة لنوعية العروض التي تنتجها الفرقة المسماة بفرقة السامر، حتى وإن ارتكزت على العروض التى اصطلح على تسميتها بالعروض الشعبية لاعتمادها على التراث الشعبي سواء فى مفردات العرض أو موضوعاته.
إذن فمبنى السامر قبل هدمه كانت أهميته تكمن فى تبنيه لفكرة العروض الشعبية فى معظم عروضه، ومن ناحية أخرى فى إشرافه على عروض الثقافة الجماهيرية واستضافته مهرجاناتها السنوية، وبعد إعادة افتتاحه نتمنى أن يواصل دوره دون الانسياق للمتغيرات الطارئة التي انعكست على عروض معظم الفرق بالأقاليم وضياع هويتها فى الغالب، كما نتمنى أن يواصل دوره فى الإشراف الإداري والفنى على عروض تلك الفرق، وتكون له فلسفته الخاصة فيما يقوم به من عروض تنتجها فرقة السامر نفسها دون ضياع هويتها كما حدث فى عروضها التى أنتجتها خلال العشرين عاما الماضية التى لا تمت بصلة لهوية السامر.

مسرح “عاشق المداحين”
وعن تجربته فى مسرح السامر قال الفنان والمخرج  ومدير مسرح السامر الأسبق جلال العشري:  مسرح السامر هو بوابتى الحقيقية لدخول هذا العالم الساحر، الذى قضيت فيه أجمل سنوات العمر منشغلاً بالمسرح، ففيه كنا نقوم بعمل بروفات صباحاً، وفى الرابعة عصرا بروفة اخرى لعمل أخر، وتأتى الثامنة لنستعد لعرض عمل الموسم، كان مسرح السامر كخلية نحل تعمل على مدار اليوم. فيه تعلمنا على أيدي اساتذة عظام كالأستاذ الراحل العظيم أبو السامر المخرج عبد الرحمن الشافعي ورائد المسرح العظيم عباس أحمد والذى كان مديراً للفرقة النموذجية التى نهض بها وقدم أعظم الأعمال، وربما كان عصرها الذهبي وقت إدارته فكنا نعمل على مدار العام، لذا أخذنا المسرح وسرقنا من السينما والتليفزيون لانشغالنا الدائم بأعمال مسرحية تعرض بمصر أو بخارجها فى اى مهرجان مسرحى.. كما تعلمنا من الاستاذ سمير العصفوري والاستاذ حسن عبد السلام الذى كان أول مدير،  وكذلك من مخرجين عظاما مثل سعد أردش وكمال ياسين ورؤوف الأسيوطي وحافظ أحمد حافظ وغيرهم من أساتذة زمن المسرح العظيم .. وجاء زلزال 92 و ذهبت الى المسرح فإذا به مغلقا وتم الانتقال إلى قاعة منف حتى بناء المسرح.                                                                        
وتابع: تدهورت حال فرقة مسرح السامر منذ ذلك التاريخ، وأصبحت مشاعاً لأى مخرج حتى ولو كان تقديره ضعيفا إلا من رحم ربى كالمرحوم د. صالح سعد أول مدير للفرقة من الفرقة وكذلك  عبد الستار الخضري وناصر عبد المنعم، واحتلت شركة حسن علام أرض المسرح بحجة البناء واستغلته كمخزن لمعداتها، يأتي رئيس هيئة ويذهب ولا شيء غير الوعود، وفى عهد الدكتور أحمد مجاهد جاء قرار الرئيس مبارك رحمه الله بعودة أرض السامر الى وزارة الثقافة ليبنى عليها مسرح السامر ورأينا “ماكيت” لمجمع السامر الثقافي وكان شكلا حديثا ربما برجا كبيرا على نيل مصر به قاعات ومسرح وجراچ وفندق لاستقبال فرق الاقاليم، وجاءت 25 يناير وانتهى الحلم، ولكن كنا قد استلمنا الأرض بعد إخلاء الشركة للمكان ووقتها كان الأستاذ عصام السيد مديراً لا دارة المسرح بالهيئة، وبدأنا فى تأجير فراشة وعرض أعمالنا على خشبته بمسرحية ابن عروس.
التي لاقت نجاحا كبيرا وفرح جمهور السامر الذى تدفق على المكان، وبعد ذلك لم نتمكن من تأجير فراشة بسبب مشاكل الحماية المدنية وتكلفتها التى كان يمكن شراء خيمة بثمنها، وجاء الشاعر سعد عبد الرحمن أطال الله عمره، الذي كان داعماً لفرقة السامر بشكل عظيم ولم يرد لي طلبا خاصا بالمسرح لما نشأ بيننا من ثقة عظيمة احترمتها كثيرا كمدير لمسرح السامر، وبالفعل تم عمل شيء أشبه بالجراچ ولا يصلح إلا لذلك، ولم ينجح مطلقا لكثرة المخالفات الادارية التي تعوق بناء طوبة واحدة على أرضه، وكنت لا أعرف غير أن تعود الفرقة لهذه الأرض ولو ظلت على وضعها، ففرقة السامر اولى بمكانها وبالفعل استجاب الأستاذ سعد عبد الرحمن لطلبي وعادت الفرقة الى أرض السامر وقدمت فى عهده 14 عملا مسرحيا .
وتابع: وبدأ اسم السامر يعود ثم منع اقامة أي عمل على ارضه.. وجاء الدكتور احمد عواض ومعه الفنان القدير هشام عطوة وقد ارسلهم الله لى فى هذا التوقيت فما يتبقى على المعاش قليلا وهناك حلم، جاءا حوالي الثانية صباحا من البدرشين حيث كانا يفتتحان مسرحه، وبعد تفقدهما كان قرار بناء المسرح ووعدانى بذلك، وكان معى نائبى وشريك خطواتى محمد النبوى،  وتم العرض على وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم وأخذ هشام عطوة الأمر على عاتقه و تحرك بجدية وصحح المسار تماماً وأصبح مسرح السامر له أوراق رسمية وكهرباء ومياه وكل خدمات البنية التحية واذا بحجر الأساس يوضع، وفى أقل من عام كان مسرح السامر مشيداً بالصورة التي هو عليها الأن وبه أحدث أجهزة الصوت والإضاءة، وأصبح صرحاً عظيماً يليق بالثقافة الجماهيرية جامعة الشعب، وبمشيئة  الله قريبا يفتتح مسرح السامر باحتفالية عظيمة للمخرج القدير جمال قاسم، أحد أهم أبناء مسرح السامر، كما سيقدم أول عمل وهو تحت التجهيز الأن مسرحية “المغامرة” تأليف سعد الله ونوس وإخراج عراب المسرح المخرج مراد منير، وأتمنى لفرقة السامر أن تقدم عروضا تنتمى إلى منهج السامر وفلسفته فى الأيام القادمة حتى تعود لبريقها. 

  عودة السامر تعني أن لدينا خشبة مسرح لها تاريخ 
فيما قال الفنان والمخرج عزت زين: بالطبع التسمية مرتبطة بنوعية المسرح الذي يقدم لذا كان تصميمه تصميماً خاصاً لنوعية العروض التي كانت تقدم عليه، وهي عروض المسرح الشعبي، وكان واحداً من كبار رواد هذا المسرح المخرج الراحل عبد الرحمن الشافعي، فالتسمية لا تنفصل عن واقع هذا المسرح أو شكله، وقد قدمت العديد من التجارب وشاركت فى العديد من المهرجانات المسرحية قبل عام 1983م .                     
تابع زين: هدم هذا المسرح لا يعني انتهاء السامر الشعبي أو المسرح الشعبي فهناك تجارب قدمت من كبار المسرحيين تلمست هذا المسرح، ومنها تجربة الراحل صالح سعد الذي قدم تجربتين بالفيوم تنتميان لشكل هذا المسرح، وكذلك تجارب المخرج حمدي طلبه في بني مزار في السامر الشعبي.
وأكمل: عودة مسرح السامر لا تعني عودة السامر الشعبي أو المسرح الشعبي لكنها تعني أن لدينا خشبة مسرح تحمل تاريخا كبيرا جداً من العروض التي قدمت على هذه الخشبة التي تحولت إلي خشبة مسرح تقليدية “علبة إيطالية “ ؛ وبالتالي المكان لن يكون مرتبطا بالسامر، فالسامر تسمية تاريخية لكنه كمكان فقد تميزه القديم باعتباره خشبة مسرح متداخلة مع الجمهور الذي يحيط بها من ثلاثة جوانب، وكان المسرح مكشوفاً بالصيف ومغطى بخيمة أثناء الشتاء، وهذا الأمر لم يعد الأن،  الأمر سيصبح مختلفاً عما كان عليه تاريخياً فالمسرح الشعبي ليس فقط هو ما عرفناه،  وقد أصبحنا نقدم أشكالا شعبية مثل مسرح دريفو والكوميديا الديلارتي ومسرح بريخت، حيث التماس العلاقة الحميمية مع الجمهور التي نتحايل عليها بطرق مختلقة .

لابد من تشكيل لجنة 
فيما قال د. محمد الشافعي نجل المخرج الكبير الراحل عبد الرحمن الشافعي: عندما تم إنشاء مسرح السامر عام 1971 كان والدي المخرج عبد الرحمن الشافعي أول مدير له و كانت الاستراتيجية والبنية الخاصة بمسرح السامر تتفق مع الهدف الخاص به، خاصة أنه كان يضم مجموعة كبيرة من الفنانين الشعبين، وكانت هناك فرق هامة آنذاك وهي فرقة الآلات الشعبية وفرقة النيل للفنون الشعبية التي كانت تضم مجموعة من الفنانين منهم الريس متقال وشمندي، والفنانة خضره محمد خضر وعدد كبير من الفنانين الشعبين على مستوى الفن الشعبي سواء الغنائي أو الاستعراضي أو الأدائي،  فكان المسرح ينتمي لهذا النوع من العروض المسرحية وهي عروض مصرية القالب و المضمون مثلما كان ينادي الأديب توفيق الحكيم،  فبالنسبة للقالب كان المسرح أقرب في بنائه للساحات والمسارح المفتوحة خاصة أنه كان داخل خيمة مرونة التشكيل به تجعله يقدم بأي طريقة وبأي شكل يختلف عن مسرح العلبة الإيطالية، وعلى مستوي المضمون وكما كان ينادي الكاتب يوسف إدريس كانت النصوص التي تقدم هي نصوص مصرية شعبية خالصة، نصوص نجيب سرور ويسري الجندي وأبو العلا السلاموني وجميعها مسرحيات مصرية شعبية تتحدث عن الطابع المصري والثقافة المصرية الشعبية؛ مسرح السامر كان هو المسرح الوحيد الذي كان واضح الاتجاه .
وأكمل: وفيما يخص فكرة السامر فقد اختفت وانتهت بهدم المسرح للأسف بعد هدم المسرح و ظل إنتاجه لفترة طويلة غير مرتبط بهدف إنشائه، وخاصة أنه الفرقة المركزية الوحيدة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وأصبح يقدم نصوصا أجنبية معدة لا تنتمي لمسرح السامر أو المسرح المصري الشعبي.
تابع: أتمني تشكيل لجنة لمسرح السامر مثلما شكلت لجنة للبيت الفني للمسرح تكون على إدراك ودراية لهذا النوع من المسرح، فهو المنفذ الوحيد الذي تقدم عليه عروض مصرية حقيقية مع اختلاف الموضوعات وهموم المواطن المصري، فلابد أن تكون النصوص المقدمة به مواكبه للحركة الاجتماعية التي يعشيها المواطن المصري.

السامر بين الطقس والمسرح 
فيما قال د. محمود سعيد: سأتحدث اليوم بصفتي بدويا من أصول سيناوية،  السامر في سيناء قديم، إذ يرتبط بفعل المسامرة والسهر وليالي الأفراح حيث يجتمع الرجال كبارا وصغارا من أبناء القبيلة في دائرة وفي حركة مستمرة بين الوقوف والانحناء والجلوس علي طرف القدم وهكذا، والايدي تصفق بشكل مستمر، إذن  السامر السيناوي هو طقس للعرس البدوي وفي المسرح ارتبط بلعبه الفضاء المفتوح والسرادقات وللراحل د.عادل العليمي تجارب مهمة مع السامر، ومنذ عقود بسيطة ظهرت مصطلحات كمسرح الشارع ومسرح الفضاءات المفتوحة.. وغيرها علي السطح.. وهي لا تنفصل كثيرا عن فكرة وشكل السامر، حتي في الريف مازالت بعض الأشكال القديمة من حلقات الحكي والأداء الشعبي العفوي، خاصة في المناسبات السعيدة، وعودة السامر من عدمه قضيه مربكة حقا، خاصة بعد التنوع والتكرار في التجارب الشبيهة التي ذكرناها...وأعلم أن هناك بعض الاختلافات القليلة بين تلك الأنواع إلا أن صلات التشابه كثيرة لدرجه التطابق أحيانا، ما يؤكد أننا نواجه مأزقا لو طلبنا عودة السامر وفي مأزق آخر لو أنكرنا فكرة جدوي عودته .

متنفس كبير للجمهور
وقال  الفنان محمد النبوي مدير فرقة السامر: منذ هدم مسرح السامر عام 1992 انتقل مقر الفرقة إلى قاعة منف بشكل مؤقت، حيث لا يتوفر مسرح بل يتم الاستعانة بالفراشة في تجهيز العروض المقدمة، مما يتكلف أموالا باهظة، وبعض العروض كانت تقدم في القاعة إلى أن تم هدمها عام 2014،  وفي عام 2013 انتقلت تبعية الفرقة إلى الإدارة المركزية للشئون الفنية، وانتقل مقر الفرقة الى إقليم القاهرة بشكل مؤقت، وبالطبع لم يعد يوجد مسرح، ويتم تقديم العروض على مسارح البيت الفني المتاحة وبعدد ليالي تحددها إدارة المسرح وفق خطته، مما يؤثر على وضع خطة عمل للفرقة وعدم اقبال المخرجين على العمل بها إلا من تفهم ظروف الفرقة، وذلك لعدم معرفة أين ومتى تتم البروفات والعروض.
وأضاف: مع وجود مسرح السامر بموقعه المتميز وتاريخه سيتم اقبال المخرجين للعمل بالفرقة، وكذلك عمل خطة للفرقة بالتواريخ وإمكانية التسويق بشكل جيد،  إن مسرح السامر بموقعه المتميز وتقديم الخدمة الثقافية بشكل مجاني للجمهور سيكون متنفسا كبيرا للجمهور في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
 وعن بداية تجديد وإنشاء مسرح السامر أضاف: في عام 2007 صدر القرار الجمهوري رقم 288 بإنشاء وتجديد المسرح على أن ينفذ وفق التصميم الفائز في المسابقة المعمارية التي أعلنت عنها الهيئة عام 2010م، وأقيم مرة أخرى كمسرح مؤقت حتي توقف رسمياً مرة أخرى عام 2013، وفي 2019، حضر د. أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السابق، والاستاذ هشام عطوه نائباً في وجود المخرج والفنان الاستاذ جلال العشري مدير الفرقة السابق وتفقدوا المسرح وصدموا تماماً مما رأوه وتم استدعاءنا أنا والأستاذ جلال العشري لعمل اجتماع عاجل بمكتب رئيس الهيئة وفي وجود النائب الأستاذ هشام عطوه ووجود رئيس الشئون المالية والإدارية حينها صلاح عبود ومن وقتها تولي الاستاذ هشام عطوه ملف تطوير السامر.
وتابع: في نوفمبر 2021 وضعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة حجر أساس مشروع تطوير ورفع كفاءة مسرح السامر بالعجوزة التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الفنان هشام عطوة رئيس الهيئة وذلك بحضور عدد من قيادات الهيئة وممثلي الهيئة القومية للإنتاج الحربي- مصنع 45 المنفذة للمشروع، و التصميم الجديد لمسرح السامر يراعى المواصفات الخاصة بالمنشآت الإبداعية ويتكون من دور أرضي عبارة عن مدخل رئيسي وغرفة مولد وغرفة للوحات الكهرباء وغرفة مراقبة أمنية، تحتوي على وحدات الإنذار وكاميرات المراقبة و السنترال وكذلك مكتب إداري بالإضافة إلى صالة مسرح على مسطح 600 متر وخشبة مسرح على مسطح 200 متر إضافة إلى غرف الملابس وصالة المسرح التي تتسع 400 مشاهد، أما الدور الأول علوي فيشمل غرفة التحكم والإسقاط ويضم الدور الثاني علوي قاعة تدريب بالإضافة إلى المكاتب الإدارية
 وأضاف: بعد تولي د. نيفين الكيلاني وزارة الثقافة قامت بتذليل كافة العقبات من أجل الانتهاء من عملية تطوير المسرح ليعود منفذاً للإبداع وقد تفقدت المسرح بحضور الفنان هشام عطوه رئيس الهيئة وتابعت سير عملية التطوير الجارية للمسرح تمهيداً لافتتاحه .


رنا رأفت