فؤاد دواره رجل مسرح «متفق عليه» استحق لقب جبرتي المسرح المصري بالإجماع

فؤاد دواره رجل مسرح «متفق عليه»  استحق لقب جبرتي المسرح المصري بالإجماع

العدد 706 صدر بتاريخ 8مارس2021

الناقد فؤاد دواره علامة بارزة من علامات النقد المسرحي، لم يكن ناقدا مسرحيا فحسب،  إنما كان ناقدا للقصة والرواية، وهو من القلائل الذين أفنوا حياتهم في دراسة المسرح بشكل عام، كان يستند دائما لمعايير النقد الواضحة الجادة، محبا لوطنه يحاول نفعه في موقعه كناقد يسعى ليعلوا المسرح ويقدم القيمة بعيدا عن الرداءة.  هو صاحب المقولة الشهيرة « إنني أحب بلدي ولا أطيق البعد عنها، حتى حينما زرت الغرب لم يحدث أن انبهرت به بل ازددت حبا لمصر وترابها، وإنني لا أطيق أن يجرح النسيم خدها»، ولد الناقد فؤاد دوارة في 15 نوفمبر 1928 وسط عائلة فنية وأدبية، وحصل على ليسانس الآداب في اللغة العربية من جامعة الإسكندرية وماجستير في الأدب العربي، وبفضل إنتاجه الغزير في النقد نال العديد من الجوائز والأوسمة والتكريمات، وتوفى في 1 مارس عام 1996، وبمناسبة مرور ربع قرن على رحيله وفقدان الحركة النقدية والمسرحية لأحد روادها الكبار، شاركت مسرحنا مجموعة من المسرحيين الحديث عنه وكانت تلك كلماتهم.

الفنانة الكبيرة سميحة أيوب قالت: فؤاد دواره كان أستاذا كبيرا في النقد ضمن أساتذة جيله، منذ بدأ الكتابة في النقد المسرحي ظل قاطعا كالسيف واضحا كضوء النهار، معتزا بنفسه، مسلحا دائما بالعلم والمعرفة والفكر العميق، تميز نقده بالنزاهة والموضوعية المطلقة فكان يستحسنأو يرفض بمنتهى الشفافية، حتى حينما تختلف معه لاتختلف حول مصداقيته وأمانته النقدية ، فكنا مطمئنين أثناء مشاهدته للعرض المسرحي.
وأضافت: هذا بجانب أنه من خلال الكتابة عن العروض كان يؤرخ للمسرح في هذه الفترة وهو أمر جيد حتى للممثل لأنه يحتفظ بكل ما يكتب عنه وعن العرض، فيحتفظ  بذلك بلحظات تاريخية. كان يحلم بالأفضل دائما ويعشق الأصالة ويكره ويرفض الزيف، عاش مقاتلا من أجل فن حقيقي وثقافة أصيلة وفن مستنير، عرفناه ناقدا واسع المعرفة قوي الإحساس، عاشقا للجمال وكاتبا مرموقا وافر العطاء، ترك برحيله فراغا كبيرا في عالم النقد.
استحق لقب جبرتي المسرح بحق
المؤلف محمد أبو العلا السلاموني قال:  كتبت مقالا عنوانه «فؤاد دواره جبرتي المسرح المصري» وكان قد حصل على هذا اللقب منذ زمن حين نشرت مجلة الإذاعة و التليفزيون مقالات في 25 مارس عام 1989، بدأت بالقول: أصدر شيخ نقاد المسرح المصري فؤاد دواره كتابه الثالث المسرح المصري 1978 ضمن السلسلة التي بدأها قبل ثلاث سنوات، وأصدر فيها كتابيه «المسرح المصري 1985»، « المسرح المصري 1986»، والتي يطمح خلالها للتأريخ للمسرح المصري الحديث. وتحت عنوان أخر كتب الصحفي خالد إسماعيل في المجلة ذاتها بتاريخ 28/5/1994مقالا تحت عنوان «في يوم المسرح المصري فؤاد دواره يكشف أوراق لعبة السماسرة» يقول فيه: فؤاد دواره هو بحق جبرتي المسرح المصري، وله دور كبير في تعليم وبناء أجيال من المسرحيين وجمهور المسرح، وله أراء تستحق الوقوف أمامها لدراستها والإفادة منها، وهو واحد من الذين تم تكريمهم في اليوم الأول للمسرح المصري عام 1988 – مع الراحل لويس عوض والدكتور علي الراعي – باعتبارهم الرموز المخلصة في مجال النقد المسرحي في مصر.
وأضاف «السلاموني» : دواره هو المهتم بتأريخ المسرح المصري الذي وضع أسس تأريخه في عدة كتب  ضمن سلسلة أصدرها، فمن ناحية فهو مؤرخ يستحق لقب جبرتي المسرح المصري بحق، لأن له عدة كتب أرخ فيها للمسرح المصري تأريخا يوميا، بالإضافة إلى ان علاقتي به كانت مهمة جدا لأنه حين شاهد مسرحية «مآذن المحروسة» عام 1982 قال: إن هذه المسرحية ستدخل تاريخ المسرح المصري من أوسع أبوابه، لأنها تأصيل للمسرحية المصرية التي تعتمد على التراث والتاريخ. أيضا هناك واقعة هامة له فترة التسعينيات وكان قد قرر أن يتوقف عن النقد احتجاجا على سوء الحالة المسرحية وسوء الأعمال المسرحية التي كانت تقدم في تلك الفترة،  فترة التسعينيات وقال: « لن اكتب نقدا إلا إذا إنصلح حال المسرح المصري» ، وظل لأكثر من عامين لا يكتب نقدا حتى شاهد مسرحية «ست الحسن» التي أخرجها المخرج الكبير عبد الرحمن الشافعي، وهي التي أعادته إلى الحركة النقدية، فانتعشت حالته المعنوية، خاصة وأن المسرحية كانت تدور حول حرب أكتوبر، وكانت من أهم المسرحيات التي تناولتها، فعمل وإخراج ونص ومفردات جيدة أدت لعودته لكتابة النقد، وأعتبر كتابته عن هذا العمل من أهم الأعمال النقدية التي كتبها في هذه المرحلة ، وهو احتفى بها لكونها تحتفي بانتصار أكتوبر مع عدم وجود عمل مسرحي يحتفي به سوى أعمال المناسبات ، فاهتم به دواره.
 وتابع : نعتبره رائدا من رواد الحركة المسرحية في التأريخ وريادة الحركة التأريخية والحركة النقدية الفنية، ويمكن أن نضمه لكبار النقاد الذين كانوا في الفترة السابقة له أمثال علي الراعي ولويس عوض ومحمد مندور وغيرهم من رواد الحركة النقدية في مصر ، كما نعتبره أيضا أخر النقاد العظام. و أذكر أنه  حين قدمت عرضا مسرحيا تعليميا عن منهج الفلسفة للثانوية العامة على مسرح الطليعة ، احتفى به وهاجم وزارة الإعلام في هذا الوقت و هاجم التليفزيون المصري، لأنه لم يسجل العمل لإذاعته على فترات متباعدة أو متقطعة لطلاب الثانوية العامة  وأذكر أيضا أنه حين قدمت أول عمل في القطاع الخاص بمسرح الفن و قدمه جلال الشرقاوي وهو «الملين بأربعة»، وكما نعلم لم يكن القطاع الخاص مقبولا لدى كبار النقاد وكانوا يرون أنه عبارة عن هزل ،  قال عنه  فؤاد دواره: المسرح الخاص كسب مؤلفا مصريا كان يكتب للقطاع العام، واعتبر العمل نقلة نوعية في الترفية وتقديم عمل قيم وكوميدي شعبي يقدم قضية وهو «توظيف الأموال» لأول مرة على خشبة المسرح المصري، واعتبره من أهم أعمال القطاع الخاص التي تحمل رؤية تفيد المسرح المصري.
 وختم السلاموني بقوله: أكثر ما كان يميزه أن كتاباته جادة وملتزمة بالقضايا الوطنية والاجتماعية والفكرية؛ فلم يكن يكتب نقدا للمناسبات، وكان حريصا على متابعة الحركة المسرحية، ولم يكن النقد  بالنسبة له «أكل عيش».
سمو النقد
بينما قال الناقد عبد الغني داوود: كان فؤاد دواره أكثر نقاد المسرح عمقا وفهما لأصول النقد المسرحي، فكان يكتب بطريقة تكاملية ويغطي الموضوع من كافة جوانبه، لا يكتب لأهوائه الشخصية، كما لم يكن ناقدا مسرحيا فقط؛ بل ناقدا أدبيا على مستوى عال ومتميز، كتب عن الرواية والقصة أيضا، وترك نماذج جيدة سواء في تركيزه على أعمال توفيق الحكيم أو المتابعات السنوية التي تعتبر الآن بانوراما للفترة التي عاش فيها، وهو أول من أسس لفكرة النقد التطبيقي بشموليته وليس النقد التطبيقي الأكلشية
وأضاف»داوود: « ترك مجموعة كتب في الفترة الأخيرة من حياته، وتلك ليست عملية سهلة حيث قدم صورة حية لموسم كامل من المسرح المصري، وهو أول من ابتكرها، وهو ما يكمله الآن ابنه الدكتور عمرو دواره. كما كانت أعماله تتسم بالعمق الثقافي وليس مجرد متابعات، و هو ناقد شامل تشعر انه قرأ في التاريخ والفن التشكيلي والفن الروائي، مثلا كتاباته عن  أعمال توفيق الحكيم المسرحية أو الأعمال السياسية، نجد فيها  نظرة شمولية عميقة لأنه يريد إفادة القارئ ، و حين كتب عن مسرحية «رحلة إلى الغد» - في الستينيات - تناولها من كل الزوايا، ولم يكن  منقطعا عن التراث النقدي العالمي، فلديه لغة ورؤية شمولية للعرض ، كان نموذجا مثاليا للناقد التطبيقي حيث ركز على نقد النص والعرض معا.
وتابع الناقد عبد الغني داوود: كان غيورا على النقد ولديه أنفة ، حريص على ارتفاع مستوى النقد ، وأذكر أنه كانت هناك فترة يتهكم فيها النقاد على الكاتب ويدخلون «النكتة والإفيه» في مقالاتهم، لكنه لم يفعل ذلك، فكان رصينا وجادا وحين وجد الأعمال دون المستوى انصرف عن الكتابة النقدية.
لا يكتب عن هوى
و قال المخرج عصام السيد: كان ناقدا موضوعيا جدا، بالإضافة لأنه الوحيد الذي كان مهتما بمسألة التوثيق، فكان يحرص أن يصدر كل عام تقريبا كتابا عن الموسم المسرحي كله يضم بعض من مقالاته بجانب عدد من الإحصاءات الخاصة بالموسم المسرحي، حيث كان يهتم بمتابعة العروض المسرحية لمختلف المؤسسات بشكل يومي، كما كان له دراسات هامة جدا، وأعتقد أن هذا ما كان يميزه عن أبناء جيله حيث لا يتوفر ذلك لكل النقاد .
وأضاف» لم يكن يكتب لهوى شخصي أو من أجل مصلحة، وهذا أمر نادر في زمنه وإلى الآن.
وتابع المخرج عصام السيد: كان ناقدا لا يتأثر بآراء غيره من النقاد ،  فلا يكتب عن عرض جيد لمجرد أن هناك أراء استحسنته، كان له وجهة نظره وأراءه الخاصة.
كنا ننتظر مقالته
أما الفنان محمود الحديني فقال: كان له إسهامات كثيرة في الحركة النقدية خلال الفترة التي مارس فيها النقد، وكنت من أشد المعجبين به لأنه كان حرا لا يكتب لأغراض أو أسباب شخصية، فكنا كممثلين ننتظر مقالته لأنه كان على مستوى عال جدا في النقد، لدرجة أني حين توليت إدارة المركز القومي للمسرح والفنون الشعبية كنت مصرا أن يكون عضوا في اللجنة العليا للمركز وكان سعيدا.
أضاف»الحديني» : لا يمكن أيضا  إنكار النقاد في عهده، فقد كان هناك نقاد محترمون، ولكنه كان الأقرب إلينا كمسرحيين، وقد أصدرنا عنه كتابا بعد وفاته وأشرف عليه ابنه الدكتور الناقد عمرو دواره، يضم كل ما كتبه وما كتب عنه، وهو متاح للدراسة ، فهو يستحق كناقد مسرحي ذو ثقل وثقة في الحركة النقدية المسرحية.
وتابع الفنان محمود الحديني:  أذكر حين كنت مديرا للمسرح القومي تقدمت الراحلة فتحية العسال بمسرحية «سجن  النسا» لتقديمها وعلى الرغم من الصداقة الوطيدة التي تجمعنا إلا أنها توجهت أولا للناقد فؤاد دواره وطلبت منه أن يقرأ النص وبالفعل كتب عنه مقالا جميلا، ثم حضرت للمسرح مدعمة بمقالة فؤاد دوارة، على الرغم من إني لم اطلب ذلك، وقرأت النص وأعجبني وقدم بالفعل.  
وختم بالقول: كان قد سبقني لرئاسة المركز ولم يبخل على أي فنان أو مؤلف أن يستفيد منه في تحليل المسرحيات، وقد سرت على طريقته، كان ينشر كتابا يجمع فيه كل المقالات النقدية التي كتبت عن العروض المسرحية خلال الموسم لتكون مرجعا للباحث ، كان يجمع كل ما كتب عن العروض التي قدمت والحركة النقدية التي واكبتها مدعمة بالصور ويصدرها كل عام في كتاب، فأكملت أنا هذا النهج حتى لا يسقط عام مسرحي .
أسس لحركة توثيقية
فيما قال د.مصطفى سليم:  يعتبر فؤاد دواره من أهم النقاد الذين أسسوا لحركة نقدية توثيقية وتأريخية للمسرح المصري، بمعنى أن كتبه تعتبر مصادر للباحثين للتأريخ للحركة المسرحية، والرجوع إليها أساسي بالنسبة لدراسة الفترات التي أرخ لها، فترك وراءه عددا كبيرا من الوثائق والصور والمقالات التي يمكن الرجوع إليها من أي باحث في هذه الفترات، فقد تابع الحركة المسرحية بدقة ووعي وبناء تحليلي تأريخي اعتمد عليه في معظم دراساته ومقالاته سواء في المجلات أو الصحف أو الكتب، ولكن تظل سلسلة كتبه التي كانت تؤرخ لحركة المسرح المصري والمعنونة بسنوات معينة هي الأهم من وجهة نظري؛ لأنه الناقد الوحيد في جيله الذي قام بهذا الجهد المركز، فجمع بين شخصية الناقد الدارس للمسرح وبين المؤرخ.
أضاف سليم: كانت مشكلة التأريخ قبل ظهور فؤاد دواره إحدى المشكلات الأساسية في دراسة تاريخ المسرح المصري، بل والعربي، حتى جاء هو، مع التأكيد على أنه كان يستخدم منهجا تأريخيا تحليليا ميزه بين أبناء جيله، وورثه لابنه الناقد الدكتور عمرو دواره الذي أكمل المسيرة واستطاع أن يحافظ على ميراث الوثائق والصور والمادة شديدة الثراء التي تركها والده.
منح النقد ثقلا وأهمية
المخرج ناصر عبد المنعم قال: الناقد الكبير فؤاد دواره علامة بارزة من علامات النقد المسرحي في مصر والوطن العربي، وهو واحد من نقاد قلائل منحوا النقد ثقلا وأهمية واحتراما، يتميز تناوله النقدي للعرض المسرحي بالموضوعية الشديدة، وصرامة التقييم والتناول، بالإضافة إلى التحليل العميق الثاقب لمختلف عناصر العرض دون الإقتصار على النص الأدبي فقط، وذلك استنادا إلى ثقافته الواسعة، وقد اكتسبت كتاباته النقدية أهمية كبيرة لدى كل المسرحيين الذين كانوا ينتظرون آراءه ونقده لأعمالهم بشغف، ولم يكن اهتمامه ينصب على عروض مسارح الدولة الرسمية فحسب، وإنما يمتد إلى متابعة المسرح الجامعي ومسرح الأقاليم ولا يبخل بالنصح والتوجيه والتشجيع للبراعم المسرحية التي تتلمس طريقها في عالم المسرح فيسافر ويتنقل بين كل أقاليم مصر لمتابعة عشاق المسرح وتجاربهم.
أما د.أيمن عبد العظيم الحاصل على الدكتوراه في النقد الأدبي الحديث بعنوان أيدلوجيا خطاب النقد المسرحي عند فؤاد دواره»1928-1996» فقال: الناقد فؤاد دواره أحد أهم النقاد المعاصرين في المسرح، و حين يُذكر اسم فؤاد دواره في النقد المسرحي يجب أن نتذكر أمرين معا هما النظرية والتطبيق، استفاد من كل الجهود السابقة عليه، لكن هذا لم يمنع أن يكون له أسلوبه ونظريته الخاصة في النقد، وكذلك منهجه الخاص في التطبيق، وأنا شخصيا أسعدني أن أتناوله في رسالة دكتوراه في النقد المسرحي في جامعة حلوان بقسم اللغة العربية، كأحد أهم نقاد المسرح المعاصرين، و كان لديه اهتمامات أخرى بالرواية والقصة القصيرة والشعر، وبالرغم من دراستي لنقد فؤاد دواره المسرحي إلا إني مازلت اعتقد أن جهوده في نقد الرواية والقصة القصيرة والشعر تحتاج أيضا إلى باحث جاد متخصص .
وأضاف «عبد العظيم»:  توفي دواره عام 1996 ولكني أشعر برغبة جادة أن أقول عشت معه من خلال قراءة كل كتبه عن المسرح، فعرفت عقله عن قرب وعايشته فكرا ورؤية، لقد أحب المسرح حبا شديدا، نشأ في الإسكندرية  في حي فني قريب من العائلات الفنية العريقة في الإسكندرية ثم انتقل للقاهرة، عمل في مجلة «المجلة» وبدأ يكتب كتاباته في النقد المسرحي و مترجما لبعض المقالات، معرفا القارئ ببعض مؤلفي المسرح الأوربيين، و لم يلبث أن تحول لناقد مسرحي يشق طريقه بين أكبر النقاد في فترة كان فيها المسرح المصري في أزهى عصوره وليس من السهل أن يشق الإنسان طريقه ناقدا في هذه الفترة التي تحفل بالنقاد والمبدعين تأليفا وتمثيلا. امتاز الخطاب النقدي لديه بعدة خصائص، فبينما تخصص النقاد المسرحيون في نقد النص أو العرض فإن دواره منذ اللحظة الأولى لكتاباته المسرحية اهتم بنقد النص والعرض معا ولم يترك وسيلة إلا جمعهما معا، وكان مفهومه للمسرح أنه ظاهرة اجتماعية و أن المجتمع يتأخر بتأخر المسرح ويتقدم بتقدمه، لذلك كان مخلصا في نقده وحريصا على إصلاح المسرح المصري، يدل على ذلك عناوين كتبه ومقالاته النقدية التي كانت تبدو حادة وشديدة وجريئة إذا رأى في المسرح ما يضر بالأخلاق العامة والاجتماعية، أو وجد سلوكا فنيا غير لائق يضر بالمسرح وبفن المسرح، وشخصيا تناولت في رسالتي أربع فصول، الفصل الأول عن شخصية فؤاد دواره حياته ..نشأته..تعليمه..سيرته.. أعماله.. ووظائفه التي ترقى فيها بين مختلف الوظائف في وزارة الثقافة، ومنها مدير المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ومديرا لهيئة الثقافة الجماهيرية، إلى أن أصبح مستشار وزير الثقافة، وغصت في فكر دواره والأيديولوجية والقيم التي تبناها وكلها كانت قيم تقدمية إصلاحية يرى من خلالها نهضة المجتمع في التعليم والمرأة والاقتصاد والحرية والإنسانية والديمقراطية.
أما الفصل الثاني فتناولت فيه نقده  للنص المسرحي، وكيف كان ينقده لغة وحوارا وفكرة ومؤلفا وهو في كل ذلك حريص على تعريف القارئ وتثقيفه وهي جزء من أيدلوجيته، حيث يتتبع سيرة المؤلف وجهوده ويلخص بعض أعماله ليعرفه القارئ وكذلك حين ينقد العرض يلخص النص من أجل تعريف القارئ بهذه المسرحية، ويناقش الفكرة ولا أجده متعصبا للغة الفصحى أو العامية، ولكنه كان يوافق على الفصحى أو العامية طالما تؤدي الغرض وتنفع الناس، كان يرى أن اللغة الفضلى هي المناسبة لموضوعها وسياقها ولجمهورها، فالمهم لديه المسرح الهادف، كذلك في نقد النص المسرحي كان حريصا على بيان فكرة النص: هل هو أصلي أم مترجم أم مقتبس، وما هي جذور هذه الفكرة ومدى احتياجنا لها؟
كما خصصت فصلا لنقد فؤاد دواره للعرض المسرحي، وقد فاجأنا بنقده المتخصص الذي لا يقل عن جديته في نقد النص المسرحي، فكان يضع  فقرة للديكور وفقرة للإخراج وأخرى للتمثيل والإضاءة والقاعة ومدخل المسرح ومدى ملاءمته للجمهور وفقرة لموضوع المسرحية التي تعرض ووقتها وزمنها، وكان كثيرا ما ينقد كل شئ في العرض لدرجة أننا نشعر أنه متخصص في نقد العرض وليس النص، على عكس ما كان سائدا ، كذلك كان يخصص جزء كبيرا من لنقد الجمهور، مدى إفادة الجمهور ومدى ملائمة الموضوع له ومدى استجابته وجلوسه، كان يرى المسرح والفن حقا للمواطن يجب أن يتلقاه في أحسن الظروف ، كما  فاجأنا بنقد المؤسسة المسرحية،  الجهة التي تشرف على العرض المسرحي، سواء كانت تقدمه أو تنتجه أو تديره، كان يثني على مسرح الدولة ويؤيده كلما وجد فيه شيئا جديرا بالدعم، و كان جنديا شرسا من أجل الدفاع عن مسرح الدولة والقيم الرفيعة التي يقدمها، ولكن هذا لم يمنعه من أن يثني على المسرح الخاص إذا قدم شيئا مفيدا وكان يستنكرا كل شئ ردئ.
تابع:  في نقد المؤسسة المسرحية اتسمت أرائه بالجرأة الكبيرة السابقة لعصره والشاملة لكل عناصر المؤسسة المسرحية من الموظفين إلى العاملين إلى الميزانيات وظروف العرض المسرحي وبعض الأزمات التي تعرضت لها المسارح، و كان لديه رؤية شاملة تقول أنه لا يمكن أن يكون النص المسرحي رائع و العرض رائع إلا بوجود مؤسسة رائعة، كان موضوعيا في نقده،  ينتقد كرم مطاوع أحيانا ويدافع عنه أحيانا أخرى ، أما عن رؤيته العامة للفن المسرحي فكانت توثيقية، حيث كان يتخذ من كتاباته النقدية توثيقا للحركة المسرحية، وهذا يعني أنه كان يقوم وحده بالجهد الذي كانت تقوم به مؤسسات كاملة، فحين يكتب عن مسرح الثقافة الجماهيرية لا نعرف شيئا عنها تتبعا ورصدا إلا من خلال كتاب فؤاد دواره المسرح المصري85 ، 86، 87، 89، 90، كل كتاب منها يرصد حركة المسرح كاملة، مسرح الدولة والمسرح الجامعي وهيئة الثقافة الجماهيرية والعمالي والخاص ومسرح التليفزيون كلها أنواع لا يمكن معرفة حالها في هذه السنوات إلا من خلال كتب فؤاد دواره.
وقال أيضا:  منهجه كان الإصلاح، كان يدعو للإصلاح والجدية. هاجم المسرح التجريبي ورغم ذلك كرمته وزارة الثقافة، كان يقول نحن مازلنا في حاجة لتأسيس فن المسرح قبل الانتقال للفن التجريبي،  كان يحضر المسرح العمالي و كتب مقالا عن مسرحية قائلا «هذه مسرحية ألفها عامل ومثلها عامل وشاهدها عامل»  
و تابع د.أيمن عبد العظيم: سجل أنه هو والفنان الراحل حمدي غيث، كانا في أحد الأقاليم يشاهدون « مسرح الجرن» ثم حاول دواره أن يرى كيف استفاد الفلاح من المسرحية فسأل طفل صغير عما تعلمه فرد قائلا «تعلمت أني لو شفت أمين المخازن في الجمعية بيسرق أبلغ مأمور المركز» وعلق دواره: وهل بعد ذلك نجاح؟ لقد نجحنا بالفعل. لهذا ألف كتب عن محو الأمية وهو الناقد البارع المتخصص، وكان يجعل الشباب العاملين في وزارة الثقافة يقدمون الفن الراقي الهادف التقدمي، وبعضهم يعلم الفلاحين القراءة والكتابة . كما أن له أياد بيضاء ليس على المسرح المصري فقط بل العربي أيضا،  حيث ألف كتابا عن المسرح في الوطن العربي وكان سابقا لزمنه، كما أبدع في التأليف فكتب مسرحية عن المتنبي ومسرحية العبور عن حرب أكتوبر، ومن هنا نفهم أنه كان يحب الجذور العربية وثقافتنا العربية القديمة،  وفي نفس الوقت يريد التقدم والتطور. و من آلياته تلخيص العرض المسرحي حتى يطلع عليها القارئ الذي حالت ظروفه دون مشاهدة العرض، و التنبوء، فقد تنبأ لمؤلفين وفنانين كثر ومنهم الفنانة نشوى مصطفى وقد توقع أنها ستكون ممثلة قديرة ، أما عن الأدب عموما فإن حبه للتوثيق لم يجعله يخدم المسرح فقط توثيقا ونقدا ودراسة  فقط، فقام وحده بجمع تراث كاتبين مهمين، أعمال الراحل يحيى حقي التي جمعها كاملة من الصحف المغمورة والمشهورة ونشرها في مجموعة أعمال، وكذلك مسرحيات توفيق الحكيم في جزئين جمعها وكتب عنها دراسة نقدية في فترة كانت مسرحياته قد أوشكت على الاندثار.  
وختم بقوله: حظي دواره  بكثير من الجوائز والتكريم في مصر والعالم العربي، كما عمل بالتدريس بالكويت وأكاديمية الفنون.
فارس النقد المسرحي
وقالت  الناقدة الدكتورة وفاء كمالو: هو فارس النقد المسرحي, الكيان الثقافي والإنساني الفريد, امتلك الحضور والوهج والبريق، وكان ضوءا ساطعا في قلب تجربة المسرح المصري في الستينيات وما بعدها, هو المسئولية والجدية والالتزام, وهو الصدق في أبهى صوره, أصبح جزءا عزيزا من شخصية مصر, آمن بالمسرح والفن والثقافة كمسار لامتلاك الوعي, ستظل بصماته حاضرة فقد كانت رؤاه جموحا وتصوراته مساءلة, قال عنه توفيق الحكيم « إنه ناقد جاد, والجدية عنده بلغت حد الفدائية» , فمن المعروف أن فؤاد دوارة قام بدراسة وتحليل أدب الحكيم, واكتشف مسرحياته المجهولة, تلك الحالة التي تمتد إلى يحيى حقي حين قام الأستاذ بتجميع مقالاته النقدية, التي كتبها في الجرائد المختلفة، فقام باستكمال نواقصها، واستطاع أخيرا استصدار 12 كتابا جديدا, أضيفت إلى مجموعة الأعمال الكاملة ليحيي حقي، ليصبح عددها ثمانية وعشرين مجلدا.
وأضافت «كمالو»:  أطلق الكاتب الكبير علي الراعي عليه لقب «عاشق المسرح الرصين» , وكتب بجريدة الأهرام في رثائه « فقدت دوارة أنا شخصيا, وفقده معي الفكر الجاد, والشجاعة التي لا تتردد, والإيمان الذي لا يضعف بقيمة الفكر والثقافة في حياة الناس «, وفي هذا السياق نجد أن الأستاذ دوارة تابع المسرح المصري والعربي, وقدم للمكتبة العربية ستة كتب, تغطي جميع نواحي الحياة المسرحية خلال ستة أعوام كاملة من 1985 – 1990 , والتي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب, وتمثل ذاكرة حقيقية للمسرح المصري.
وتابعت الناقدة الدكتورة وفاء كمالو: كذلك قال الكاتب الكبير» سعد الدين وهبة « :  إن فؤاد دوارة هو»  مقاوم في عصر الاستسلام « , فمنذ اللحظات الأولى يستطيع أي إنسان, أن يعرف دوارة على حقيقته, يدرك أنه في مواجهة إنسان لا يساوم, لا يجامل ولا يخفي رأيا اعتنقه, فهو واضح صريح, حاسم لا يلين، لا يتراجع ولا يهادن, ولا يتوقف عن إعلان رأيه, حتى لو دفع من حياته وأعصابه ثمنا فادحا, ولعل من أهم المواقف التي  تؤكد صلابته, موقفه من المهرجان التجريبي, الذي أعلنه مرارا حيث قال:  إنني أرفض المهرجان التجريبي، لأنني أتصور أن وظيفة المسرح في بلادنا لا يمكن عزلها عن الدور الاجتماعي،  دور التوعية والإيقاظ, والمشاركة في التنمية ونشر الوعي, فالمهرجان يبعدنا عن واقعنا ومشكلاتنا، إنهم في الخارج استنفذوا وسائل التعبير التقليدية وشبعوا من المسرح الإغريقي وباقي المدارس المسرحية، فيكون من حقهم عندئذ فقط التجريب. و يقول دكتور عمرو دوارة , إن أباه ظل عاشقا للأدب والفنون, محتفظا بروح الهواية التي دفعته إلى المزيد من العطاء وحب المعرفة, لم يبحث أبدا عن المناصب, لكنها سعت إليه, حتى أكمل سن التقاعد عام 1988، وهو بوظيفة مستشار أدبي لوزير الثقافة, قبلها شغل العديد من المناصب, مثل المشرف العام على مركز ثقافة الطفل, والمشرف العام على المركز القومي للمسرح، وفي جميع تلك الوظائف كان لا يستطيع إلا أن يبذل قصارى جهده ويرضي ضميره, وبالرغم من صعوبة الحياة الوظيفية بالنسبة للفنان، إلا أنه استطاع أن يحتفظ دائما لقلمه برشاقته وصدقه, ولا يكتب إلا إذا أراد، وكان ذلك سببا في تنوع كتاباته, كما يشير الكاتب الكبير خيري شلبي الذي قال» تابع فؤاد دوارة حركة الإنتاج الأدبي في القصة والرواية والقصيدة , في أشد سنوات ازدهارها ورواجها، وأتاح له التحاقه ببلاط صاحبة الجلالة أن يسهم بنصيب موفور في الصحافة الثقافية, فتحاور مع لفيف من كبار الأدباء, وانتزع منهم الآراء الثمينة والاعترافات المثيرة, والأفكار الخلاقة.  هكذا تنوعت كتابات فؤاد دوارة في مجالات الأدب حيث قدم مجموعة من الكتب الهامة في مختلف المجالات الأدبية مثل : «في القصة القصيرة « ,  «في الرواية المصرية « , «شعر وشعراء «  ,  «السينما والأدب «,  وذلك بخلاف النقد المسرحي, وكتاب عشرة أدباء يتحدثون, وفي هذا السياق يتضح قدرة فؤاد دوارة على تحليل كتابات كبار الأدباء التي ظهرت في مؤلفاته :» نجيب محفوظ من القومية إلى العالمية «, «صلاح عبد الصبور والمسرح «, «محمد مندور شيخ النقاد «, ويذكر أن الناقد الكبير دكتور غالي شكري قال إن فؤاد دوارة رجل مسرح, وليس مجرد ناقد مسرحي, امتدت قدرته من النقد إلى التعليم والتوثيق مرورا بعشرات التفاصيل العملية.
وختمت بقولها: لقد كانت الثقافة العالمية مصدرا لخبرات الأستاذ فؤاد دوارة, الذي قام بترجمة عدد كبير من الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الإنجليزية، وقدم للمكتبة العربية ترجمات متميزة لمسرحيات : الحضيض مكسيم جوركي , ثورة الموتى لاروين شو, الحياة الشخصية لنويل كوارد, الإنسان والسلاح لبرنارد شو, وغيرها من الأعمال الهامة، وفي هذا الإطار كانت مشاركته في حياتنا الثقافية فاعلة ومؤثرة، وقال عنه سعد أردش إنه ا علامة بارزة من علامات النقد المسرحي، استطاع أن يواكب الحركة المسرحية, وأن يضع مصر وبنية المسرح المصري فوق كل اعتبار.


روفيدة خليفة