إقامة مهرجان مستقل لمسرح الطفل .. هل هو ضرورة ملحة؟

إقامة مهرجان مستقل لمسرح الطفل ..   هل هو ضرورة ملحة؟

العدد 847 صدر بتاريخ 20نوفمبر2023

مسرح الطفل يلعب دوراً كبيراً وبارزاً في خلق وعي وهوية الطفل، ورغم الإنتاج الوفير لمسرح الطفل من المسارح التابعة للدولة والعروض التي تنتجها هيئة قصور الثقافة ومؤسسات المجتمع المدني و الفرق الحرة والمستقلة؛  فلايوجد مهرجان لمسرح الطفل، على الرغم من أن هناك العديد من الدول العربية تقيم مهرجانات سنوية لمسرح ووفنون الطفل، كما أن مشاركة عروض الطفل في المهرجان القومي تكون مشاركات هامشية .. خلال هذه المساحة نستطلع أراء المسرحيين حول ضرورة إقامة مهرجان لمسرح الطفل، وكذلك نعرض مقترحاتهم في كيفية إقامته.. خصصنا تلك المساحة لبعض المسرحيين المتخصصين في مسرح الطفل.

حلم كتاب ومخرجي مسرح الطفل 
قال الكاتب عبده الزراع « كان يجب أن يكون في مصر مهرجانا مستقلا لمسرح الطفل منذ سنوات، وقد تأخرنا كثيراً عن تحقيق هذه الأمنية وكأنها حلم صعب المنال، على الرغم من وجود حراك مسرحي طفولى مشهود، ولدينا عروضاً تنتج بشكل دورى من خلال مسارح قصور الثقافة إذ تنتج الأقاليم الثقافية الستة أكثر من عرضين فى العام، والعروض الكثيرة لنوادى المسرح، وهي عروض (تجارب) فقيرة من ناحية الإنتاج إلا أن بعضها مبهر على مستوى الإخراج والتمثيل، وهذا ينم عن أن أقاليم مصر تضج بمواهب حقيقية تبحث عن فرصة حقيقية، هذا ما شاهدته بحكم أننى عضو لجنة تحكيم في عدة دورات وفي أكثر من إقليم ثقافي،
 واستكمل حديثه  قائلا “ شاهدت عروضاً تتفوق على عروض الشرائح المرتفعة التكاليف، بالإضافة إلى عروض المسرح القومي للأطفال، ومسرح العرائس، ومسرح الشمس، الذي يقدم عروضاً يشارك فيها أطفال ذوى الإعاقة، وهى مسارح تابعة للبيت الفني للمسرح، وفرقة تحت 18 التابعة للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية التي تقدم أيضا عروضاً للأطفال، بجانب بعض العروض التي ينتجها المعهد العالي لفنون الطفل، والتجارب البسيطة التي يقدمها طلاب كليات الطفولة المبكرة على مستوى الجمهورية، وعروض الفرق الخاصة، كل هذا الزخم ألا يستحق مهرجانا خاصا بمسرح الطفل المصري، لدينا طاقات مبدعة وخلاقة تستحق منا أن نلتف لها ونحتفي بها، خاصة وأن مسرح الطفل لا يقل أهمية عن مسرح الكبار، بل ضرورة وليس ترفيها لما يحدثه العرض المسرحي من تأثير إيجابي في عقل ووجدان الطفل، وكما قال شكسبير “اعطني مسرحا وخبزا اعطك شعبا عظيما” كما أري أن الاستثمار الحقيقي هو استثمار في الطفولة، فلماذا نصم آذاننا، ونغلق عيوننا ونحن مدركون أهمية أن يكون هناك مهرجانا لمسرح الطفل، أرجوكم حققوا حلم كتاب ومخرجي مسرح الطفل، في أن يكون لهم مهرجانهم السنوي، وكفي ما يشعرون به من غبن في ضعف الأجور والتعاقدات.. امنحوهم دفعة للإمام كي يستمروا ويكملوا الرسالة السامية لخدمة أولادنا فلذات أكبادنا يرحمكم الله.

لماذا لا نؤسس مهرجان قومي لمسرح الطفل؟
وأوضح الكاتب المسرحي أحمد سمير وجهة نظره قائلا « تعاقب الإدارات المنظمة للمهرجانات الكبرى لا يكون دائما في صالح المهرجان،  وذلك بسبب تغيير سياسات التسابق والمشاركة وأظن انه من الواجب على المهرجانات الكبرى توحيد سياساتها وآليات تسابقها مهما تعاقبت الدورات... وعلى سبيل المثال سياسة مشاركة مسرح الطفل في مسابقات المهرجان القومي.. البعض ينادي بكوتة الطفل كواحد من التيارات المسرحية و آخر يرى ان آلية التسابق غير منصفة وغير حيادية حال المنافسة، وربما أوافق الآراء التي تنادي بوجود مسار منفصل لمسابقات مسرح الطفل عن باقي مسارات التسابق أو أن يكون على هامش المسابقة عروض للطفل... والأمر يطرح تساؤلا آخر: ان كنا بصدد التعامل الحقيقي مع نهضة لمسرح الطفل وليس مجرد حالة مؤقتة: لماذا لا نؤسس مهرجانا قوميا لمسرح الطفل إن كنا بالفعل نملك أرضا صلبة نقف عليها مستعينين بتجارب جادة نمتلكها لمسرح الطفل.. يكون له سياسته الخاصة والمستقلة؟

مسرح درجه ثانية؟!
المخرج المسرحي محمد فؤاد الذي قدم العديد من التجارب لمسرح الطفل وذوي الاحتياجات وحصل على جوائز مختلفة عن عرض «سندريلا المصرية» بالمهرجان القومي للمسرح في دورته الثانية عشر  ذكر قائلاً : عندنا مسرح العرائس والمسرح القومي للطفل التابعان للبيت الفني للمسرح وكذلك فرقه تحت 18 التابعة للبيت الفني للفنون الشعبية والإدارة العامة لثقافة الطفل التابعة للهيئة العامة للقصور الثقافة وهي تنتج اكثر من 25 عرضا مسرحيا ينتجوا خصيصا للطفل سنويا فضلا على 25 عرضا اخر من انتاج نوادي مسرح الطفل بالإضافة إلى العروض التي ينتجها مراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة وكم أكبر من مسرح خاص بالتربيه والتعليم من خلال توجيهات التربية المسرحية التابعة للإدارات التعليمية بوزارة التربية والتعليم ..نملك زخما كبيرا جدا من المسرحيات المقدمة للطفل او المقدمة من الطفل يجب أن نضع اعيننا عليها ونرصدها، وهذا لن نتمكن منه الا من خلال مهرجان يسلط الضوء على عناصر هذا المسرح وعروضه المسرحية كما أنه سيكون فرصة حتى يرى كل منا الاخر، مخرجين وممثلين ومهندسي ديكور ومصممي استعراضات وملحنين، من اجل الارتقاء بهذا المسرح، لكننا للاسف نتعامل مع مسرح الطفل على انه مسرح دون المستوى، درجه ثانيه ليس له مهرجان، اللهم الا على فترات متباعدة جدا وعلى استحياء، فقد كان هناك مهرجان اقامته الجمعية المصرية لهواة المسرح من عشرات السنين الماضية مهرجان لدورة واحدة، ثم كان هناك مهرجان تأسيسى أو نواه مهرجان عام 2007 كان سيقيمه قصر ثقافة الطفل، لكنهم قاموا بوأده يوم افتتاحه حتى الإدارة العامة لثقافة الطفل التي ارى انه يجب عليها ان تقوم كل عام بعمل مهرجان للعروض التي أنتجتها، فهي من فترة تقرب الى 10 سنوات او 15 عاما لم تقم بهذا المهرجان، وهناك تساؤل كبير حول سياسة المهرجان القومي للمسرح المصرى: كيف يستبعد ان يكون ضمن عروضه او ضمن مسابقاته مسابقه خاصه لمسرح الطفل؟ في خلال الدورات السابقة للمهرجان القومي للمسرح المصري لم يقم بذلك الا لدوره واحده .. دوره واحده فقط اقام مسابقه خاصه بمسرح الطفل، وارى انها كانت ناجحة، لكن بعدها لم تكرر إدارات المهرجان المتعاقبة المسابقة، والتساؤل هنا: هل مسرح الطفل يعامل على انه مسرح درجه ثانيه؟ أرى أن الدور الاساسى للمهرجانات هو تسليط الاضواء على المنتج الفني والابداعي لهؤلاء المبدعين صغارا كانوا ام محترفين، كما انه يعد  فرصه لان يرى كل مبدع الاخر وان لا يظل المبدعون كل منهم في جزيرة منعزله عن ابداع الاخرين.. فيا مبدعى مسرح الطفل هيا نصرخ بأعلى اصواتنا ونطالب بمهرجان يضم إنتاج مسرح الطفل وان بحت الأصوات.

بحاجة لخلق وعي عن طريق المؤسسات الرسمية
الناقد والفنان والمخرج طارق مرسي قال: الوضع الراهن لمسرح الطفل طبيعي ومنطقي لعدم وجود إستراتيجية عامة للمسرح المصري، وعدم وجود مخطط واضح لمستقبله رغم وجود لجنه عليا للمسرح ومؤسسات كبيرة في وزارة الثقافة من شأنها أن تعد هذه الخطط، سواء في مسرح الدولة أو الهيئة العامة لقصور الثقافة أو حتى المسرح المستقل. هذا الوضع أفرز عشوائية في المجتمع المسرحي بشكل عام،  ومن الطبيعي أن لا نجد مهرجان مستقل لمسرح الطفل، فالاهتمام بالطفل وخلق وعيه عن طريق المسرح من الأمور الهامة وهناك كم من العروض تخاطب الطفل  وتنتشر، ليست على مستوى القاهرة فحسب ولكن على مستوى الجمهورية، رغم وجود فرق عديدة تخاطب الأطفال سواء في البيت الفني للمسرح أو البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية أو الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أن الاهتمام بها والدعاية لها وتسليط الضوء عليها محدود جداً، خاصة بعد أن تم إلغاء بند الدعاية من ميزانيات العروض المسرحية، وكأن هذه السلعة لا قيمة لها ولا داعي لترويجها، وهذا يعد إهدارا للمال العام الذي تنفقه الدولة على تلك العروض لعدم وصولها للجمهور المعني؛ وبالتالي فلا أى نوع من الغرابة من عدم وجود مهرجان يخاطب الطفل رغم أن مصر هي الدولة الرائدة على مستوى الدول العربية في مجال المسرح، ولا يوجد حتى الأن مهرجان يخاطب الطفل.
وأضاف قائلاً: الطفل المصري بحاجة لترسيخ وعيه وهويته عن طريق المؤسسات الرسمية في ظل الهجمة الشرسة لمحو الهوية بأدوات هذا العصر؛ ولذلك نناشد وزيرة الثقافة بتشكيل لجنة لبحث هذا الأمر وإيجاد حل رغم أن الدورة تنادي بترشيد النفقات؛ إلا أن هناك أشياء من الممكن استثنائها من هذا الترشيد منها الصحة والتعليم ومسرح الطفل.

مهرجان مستقل بجوائزه ملحق بالمهرجان القومي 
ورأت الكاتبة المسرحية صفاء البيلي ضرورة إقامة مهرجان لمسرح الطفل فقالت: لا أتخيل بلد عظيم ومسرح عظيم مثل المسرح المصري، وأساتذة علموا العالم العربي كله المسرح، ولايوجد مهرجان لمسرح الطفل فمن الضروري أن ينشأ الطفل على المسرح في ظل التطور التكنولوجي المتلاحق نمثل بيئة طاردة للمسرح، ومن المحزن أن لا يوجد مهرجان محلى أو عربي.
وتابعت قائلة: أقترح إقامة مهرجان لمسرح الطفل مستقل بذاته وبجوائزه ولجان تحكيمه يكون ملحقاً بالمهرجان القومي للمسرح على أن تقام ليلتي عرض: واحدة للجنة التحكيم والأخرى للجمهور، وتشارك فيه  كل العروض التي أنتجت للطفل .. وهو ما سيجعل المعننين بمسرح الطفل يجتهدون؛ ليقدموا أفضل ما لديهم .وأضافت: معظم الأعمال المقدمة للطفل تأليف خالص فيما عدا جزء بسيط منها لا يتعدي 1% فمن النادر أن نجد إعداد عن أعمال. ووصفت البيلي مسرح الطفل بأنه خط دفاع للمنظومة المسرحية .

يضم كل فنون الطفل بتنوعاتها  
الكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ ناصف رئيس المركز القومي لثقافة الطفل رأى ضرورة وأهمية إقامة مهرجان لمسرح الطفل سواء كان مسابقة ضمن مسابقات المهرجان أو مهرجان مستقل بذاته، أو على أقل تقدير تقديم عروض على هامش المهرجان، خاصة أن آليات تحكيم عروض الطفل تختلف عن عروض الكبار. أضاف:  كما أن عروض الطفل تنقسم إلى مجموعة متنوعة ومنها عروض خيال الظل والماريونيت والمسرح الأسود ومسرح العرائس والمسرح البشري فهناك تنوع كبير ومن الهام إقامة مهرجان يضم كل فنون الطفل بتنوعاتها.

موعد ثابت لإقامة المهرجان 
الكاتب أحمد زحام أعرب عن آسفه لعدم وجود مهرجان لمسرح الطفل فقال : اقيمت مسابقة لمسرح الطفل في المهرجان القومي للمسرح عام 2019 م، شاركت بها بعرض بعنوان «سندريلا المصرية « لذوي الإحتياجات الخاصة، وحصل العرض على عدة جوائز،  كانت هذه الدورة بمثابة نموذج مميز فلماذا لا نستعين بهذه التجارب السابقة حتى يتم الإستفادة منها.. يجب أن يكون هناك فكر واحد يتم الاستمرار عليه.
وطالب زحام بإقامة مهرجان لمسرح الطفل تشارك فيه كل المؤسسات التي تنتج مسرحا للطفل، البيت الفني للمسرح و البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية و الهيئة العامة لقصور الثقافة و الفرق الحرة والمستقلة وغيرها من الفرق المختلفة، على أن يتم تحديد موعد ثابت لهذا المهرجان وليكن 15 يوليو من كل عام .

عروض للأسرة والطفل في كل المسارح
المخرج المسرحي محسن رزق أبدى استغرابه من عدم مشاركة عروض مسرح الطفل في المسابقة الرسمية للمهرجان القومي خاصة أنها مثل العروض الكبري تضم جميع مفردات العمل المسرحي، خاصة أن المهرجان القومي للمسرح يسمح بمشاركة عروض للمونودراما والديودراما وغيرها،  مشيراً إلى أن مسرح الطفل في الدول الأوربية يتم رعايته بشكل كبير، لأنه ليس للطفل فقط،  ولكنه للأسرة بأكملها . أضاف: مسرح الطفل يعد من أهم المسارح التي يجب الاهتمام بها ورعايتها، فهي تشكل وعي جيل بأكمله. وسأل: لماذا يتم تصنيف عروضه كعروض من الدرجة الثانية ؟ كما طالب بفتح كل مسارح الدولة؛  لعروض لأسرة والطفل، خاصة أن هناك مسرح واحد فقط للطفل.

آلية لزيادة عروض مسرح الطفل 
المخرج شادي الدالي قال : هناك ضرورة لإقامة مهرجان لمسرح الطفل فأنا مع الفكرة قلباً وقالباً، وخاصة في بلد بقيمة وأهمية مصر والنشاط الفني الكبير بها، ولكن المشكلة الرئيسية هي أنه ليس هناك عدد كبير من عروض الطفل وحتى نقيم مهرجانا فنحن بحاجة لعدد كبير من العروض لتشارك بالمهرجان، فمن غير المعقول أن يشارك عرضان من فرقتين سواء البيت الفني للمسرح أو البيت الفني للفنون الشعبية والإستعراضية، كما أن شرائح الطفل في الهيئة العامة لقصور الثقافة إنتاجها محدود وكذلك القطاع الخاص الذي ينتج بشكل محدود؛  إذن نحن بحاجة لآليه لزيادة عروض مسرح الطفل، الأمر يحتاج لدراسة من الجهات المعنية بكيفية النهوض بمسرح الطفل بمصر، وذلك قبل التفكير في إقامة مهرجان لمسرح الطفل.
وتابع قائلاً : مسرح الطفل يؤثر في أجيال ويجذبهم للمسرح، فطفل اليوم هو شاب المستقبل، المسرح يؤثر في وعيه، فالأمر ليس متعلقاً فقط بالمتعة الفنية أو الرسالة التي يقدمها العرض سواء رسالة تثقيفية أو تعليمية،  ولكن يتعلق بجذب الطفل ناحية الفن وأن يكون لديه عادة ارتياد المسرح مع أسرته ولا ينتظر فقط برامج الاطفال في التلفزيون، فالاهتمام بمسرح الطفل سيجني فوائد لا حصر لها .

يساهم في تفريخ عناصر العمل المسرحي
المخرج عادل الكومي مدير فرقة المسرح القومي للأطفال أعرب عن أمنياته في إقامة مهرجان لمسرح الطفل على أن يتم استضافته بمسرح متروبول « المسرح القومي للأطفال» بعد موافقة المسؤولين. موضحاً أن الأمر لن يكون مكلفاً، فالعروض سبق وأن أنتجت سواء من البيت الفني للمسرح أو هيئة قصور الثقافة أو عروض الفرق الحرة والمستقلة، وأن يتم مشاهدة العروض بلجنة متخصصة تقوم باختيار العروض المؤهلة للمشاركة، مشيراً إلى أن إقامة مهرجان لمسرح الطفل سيساهم في خلق وتفريخ كوادر متنوعة في عناصر العمل المسرحي، مؤكدا أن الاحتكاك  يولد تبادل للخبرات المختلفة، ويبرز المبدعين في جميع عناصر العمل المسرحي .


رنا رأفت