التصنيف النوعي لعروض المهرجان القومي.. هل هو الحل؟

التصنيف النوعي لعروض المهرجان القومي..  هل هو الحل؟

العدد 626 صدر بتاريخ 26أغسطس2019

واجه تقسيم مسابقات المهرجان القومي للمسرح المصري بعض الاعتراضات من قبل البعض لتداخل وتشابك المفاهيم والتعاريف والمعايير الخاصة بالتصنيف الفئوي لجهات الإنتاج المشاركة، ما بين مسرح للكبار أو للمحترفين ومسرح للشباب أو للهواة ومسرح للطفل، فاعترض المنتمون للمسرح المستقل على تصنيفهم في إطار الهواة والشباب، في حين تم تصنيف أكاديمية الفنون في إطار المحترفين والكبار، كما واجه تصنيف مسرح الطفل اعتراضات لتشابك عروض احترافية تكلفت مبالغ إنتاجية كبيرة مع عروض المسرح المدرسي، واختلاف النظرة إلى عروض مسرح الأسرة والحيرة حول انتمائها إلى فئة الكبار أم إلى فئة الطفل.
من هنا، ومن خلال هذه المساحة، نطرح فكرة إعادة تشكيل هذا التصنيف إلى تصنيف نوعي يعتمد على نوع المسرح وشكله ما بين مسرح كلاسيكي ومسرح كوميدي ومسرح تراثي ومسرح غنائي ومسرح حركي، وهكذا، على أن يكون لكل شكل مسابقة خاصة به لتشجيع المسرحيين على الاهتمام بكل أنواع المسرح، على أن يكون لكل مسابقة لجنتها الخاصة على غرار ما يحدث في المهرجانات الفنية والسينمائية الكبرى في أوروبا على سبيل المثال. وتساءلنا عن المعايير الموضوعية للتصنيفات ولماذا لا يجتمع كبار المسرحيين بلجنة المسرح ولجنة المهرجان وخبراء وكوادر المسرح في مصر على مائدة مستدير للاتفاق على معايير ثابتة ولوائح منظمة للمهرجان القومي لا تتبدل إلا في أضيق الظروف؟
بداية قال المخرج والممثل والإعلامي أحمد مختار: كلما زادت المسابقات كلما كان أفضل لأنه سيعمل على تنشيط الحركة المسرحية، فلا مانع. لكن المعلوم أن المهرجانات في العالم كله تكون بدون تقسيم أصلا. فمثلا في مهرجان قرطاج تأتي فرق من جميع أنحاء العالم وأماكن جغرافية مختلفة وشكل مختلف من التمثيل ونوع المسرح مختلف ويتم تقييم الكل في مسابقة واحدة، والأهم هو اختيار لجنة جيدة لديها القدرة على تقييم كل أنواع العروض مهما كان نوع أو شكل المسرح المقدم، والفكرة لماذا هذا التقسيم هذا العام لثلاث فئات، كان يمكن أن يصبح فئة واحدة تجمع الكل، لكن إذا كان لا بد من التقسيم، فليكن فعلا على حسب نوعية المسرح بحيث تقام أكثر من مسابقة على مدار العام ليصبح هناك نشاط دائم للمسرح. والأفضل هو عدم التقسيم ووضع الجميع معا في مسابقة واحدة. ذلك كي لا يظلم البعض أو يغضب أحد، فمثلا أبناء المسرح المستقل لا يمكن أن أهمل دورهم العظيم الذي أدوه في الحفاظ على المسرح منذ التسعينات، حيث حملوه على أعناقهم في وقت ضعف فيه المسرح فعلا.
أضاف مختار: إن جودة العرض ليس لها علاقة بمسألة الهواية والاحتراف، لا جودة الديكور ولا الإبهار أو التمثيل أو الموسيقى وكل العناصر، ويمكن لهاوٍ أن يقدم لنا عرضا إخراجه أقوى وأكثر حداثة من شخص محترف، لذا أرى أن التقسيم شيء مخل.
وتابع مختار: لجنة المسرح تقوم بدور جيد جدا لكن أغلب عملهم للأسف قد يكون رد فعل وليس فعلا، والمطلوب أن يجلس الجميع في مؤتمر عام للمسرحيين لبحث كيف يكون المسرح جزءا أساسيا من حياتنا العامة سواء في الجامعات أو المدارس أو مراكز الشباب أو قصور الثقافة. أضاف أيضا: في العالم يوجد مسرح الشارع وهو منتشر وعلينا بحث كيفية انتشاره لدينا وخصوصا أن لدينا الاستعداد لهذا من زمن قديم من خلال الحاوي والأراجوز، كما يقدم لدينا الآن مسرح للشارع في وسط البلد وشارع المعز، ويستقبله الجمهور بشكل رائع، نحن أهم دولة تقدم مسرحا في المنطقة ونحتاج للقيام بدور أساسي لنهضة المسرح بشكل عام.

فئة واحدة ولا فرق
ويتحدث المخرج حسام الدين صلاح عن مشاركة القطاع الخاص بالمهرجان قائلا: إن معيار المسرح يختلف بين مسرح وآخر، بمعنى أن مسرحيات القطاع الخاص التجارية التي تسعى لجمهور يدفع مبالغ كثيرة حيث لا مكان للدعوات أو أن يجمع الممثلون من بعضهم أثمان التذاكر لفتح ليلة العرض. هذا المسرح هو الذي يترك أثرا في الشارع المصري الذي يتذكر مسرحيات «هالة حبيبتي» و»سيدتي الجميلة» و»مدرسة المشاغبين» وغيرها، وهذا مسرح سهل الوصول للناس عبر الضحك والمتعة وعبر مخرج لديه القدرة على صنع الفرجة، ولدينا مخرجون كبار في هذا المجال والذين يخرجون أيضا في مسرح الدولة وقد تركوا أثرا في هذا النوع من المسرح. لكن هذا المسرح لا تستطيع أن تشترك به في المهرجان القومي لأنه ليس هو المستهدف، فالمستهدف من المهرجان مسرحيات تترك أثرا في الوجدان مثل «الملك لير» و»الملك هو الملك» و»قاعدين ليه» وغيرها، ففي المسرح التجاري الهدف متعة المتفرج، أما في مسرح الدولة الهدف هو المعنى الحقيقي لوجود المسرح ورسالته بغض النظر عن المتعة التي ينشدها القطاع الخاص. والمسرح العالمي رائع ولكننا بعيدون عنه وكونه ينتج في القطاع الخاص مثل «الملك لير» وتنجح التجربة، فهذا شيء رائع جدا بعد أن قدم يحيى الفخراني نفس التجربة في مسرح الدولة.
أضاف صلاح: تلك الأنواع الثلاثة يمكن أن يتم جمعها في المهرجان في فئة واحدة وتتنافس معا. لكن لا يمكن أن أضمها مع الثقافة الجماهيرية. يمكن أن أقدم في الثقافة الجماهيرية فنا مجانيا من خلال الفرجة والتراث، المسرح الرائع الذي يحلم به جميع المخرجين رغم فقر الإنتاج، وقد مارست أنا هذا المسرح قديما. هذا النوع يمكن أن يكون في فئة الشباب وله جمهوره الذي يمكن أن يغطي ليلة واحدة أو ليلتين.
تابع: لكن أن يوضع مسرح الدولة مع مسرح الثقافة الجماهيرية فهذا فيه ظلم لمسرح الدولة كفئة، لكن في المجمل مسرح الثقافة الجماهيرية أفضل من عروض مسرح الدولة كما وكيفا. فأغلب عروض الدولة وليس كلها قريبة الشبه من عروض الجامعات والهواة، ويمكن أن تنافس عروض الطليعة والغد مع تلك العروض لأنها ليس عليها ضغوط الجمهور.
أضاف أيضا: الفروق بين الممثلين في الثقافة والدولة قريبة لكن لا يوجد لدينا في مسرح الدولة عرض كبير يمكنه أن يمثل نموذجا يعبر عن شكل المسرح المصري الذي افتقدناه مثل «الملك هو الملك» و»يمامة بيضا» و»الملك لير». لا نجد الآن سوى عروض بلا نجوم وبلا جمهور ويشاهدها الأصدقاء، مع رفع لافتة كامل العدد واختفى كبار المخرجين من الخريطة مثل سمير العصفوري وعصام السيد وفهمي الخولي وغيرهم.
وتابع صلاح: الذي يحقق صالح المسرح المصري هو أن يقدم عرضا به نجوم ويحقق تزاحما على شباك التذاكر ويحقق فنون الفرجة والمتعة وبه الرسالة المنشودة. لكن المسرح المصري كله الآن يوضع في فئة واحدة، أي أنه لا فرق بين صندوق التنمية الثقافية وبين الهناجر والمسرح القومي للأسف. لأن عنوان المسرح المصري وهو مسرح الدولة أصبح بلا هوية وبلا عنوان لدرجة أن العروض التي تم انتقاؤها للاشتراك بالمهرجان ليست على مستوى مناسب لدخول المهرجان وتوجد عروض أخرى أفضل منها. والخلاصة أنني أرفض مسألة تقسيم العروض إلى فئات وعلينا تقديم كل ما يمثل وجهة نظر المسرح المصري في بوتقة واحدة، وفي إطار يعبر عن الواجهة الحقيقية للمسرح، وأطالب بوضع معايير محايدة لانتقاء العروض المشاركة وحسن اختيار لجان المهرجان.

لا يرضي أحد
أما المخرج سعيد سليمان فيقول: من البداية فإن أي تصنيف أيا كان لن يرضي أحدا، فالتصنيف الحالي واجه اعتراضات، وأي تصنيفات أخرى أيضا ستواجه رفضا، فنحن لدينا دائما نظرة سلبية مسبقة تجاه أي فعل، وهذا لا يعني أن التخطيط الحالي جيد. ففي الأعوام السابقة حدث استهجان حول كيفية تقييم عرض للأطفال بين عروض الكبار، فتم هذا العام وضع مسابقة الأطفال في تصنيف مستقل واعترض البعض أيضا. وأنا ليس لدي أية اقتراحات جديدة للتصنيف، لكن لا بد أن يكون هناك حلول أخرى أنا لا أعرفها. لأنه يوجد بالفعل تشابك وتداخل في المفاهيم والتعاريف والمعايير ما بين الأطفال والكبار وما بين الشباب أو الهواة والكبار.
لكن وجهة نظري أن العرض الجيد يفرض نفسه حتى لو كانت ميزانية إنتاجه ضعيفة عن عرض آخر تكلف الملايين. ويمكن لعرض تابع لنوادي المسرح مثلما حدث في المهرجان التجريبي أن يفوز بجوائز وفيها عروض بها إبداع حقيقي. فالمقياس الحقيقي هو الإبداع، والإبداع الحقيقي ليس له علاقة بحجم الإنتاج. بل إن هناك أشكالا متعددة من المسرح تعتمد على فقر الإنتاج. بل إن الإنتاج الضخم قد يعوق الإبداع، وما يحدث الآن كمثال للتكلفة المرتفعة للإنتاج أن توضع لوحة جميلة عبارة عن خلفية للأداء الحركي والمسرحي إذا حذفتها فلن تجد فارقا جوهريا، فهي كانت مجرد زينة بلا داعٍ. فالخيال الإبداعي هو المقياس الحقيقي.
أضاف: لكن المحرج أن تجد عرضا ذا تكلفة قليلة يقابل عرضا ذا تكلفة عالية وفيه محترفون ونجوم، فإذا حاز العرض الأول على جائزة يحدث إحراجا لأبطال وصناع العرض الكبير، فيبدأ التساؤل حول كيفية وضع العرضين في تسابق واحد، هذا يندرج تحت مسمى الضمير الأخلاقي، فلا يوجد لدينا ضمير فني نحكم من خلاله، وتبدأ الاعتراضات والمشكلات. للأسف كل شخص يرى نفسه أنه المبدع الأوحد، وبالتالي لن ترضي أي طرف.
تابع: أما هذا التصنيف النوعي على أساس الشكل المسرحي فيمكن أن يكون عن طريقين: الأول أن تقوم اللجنة بهذا التصنيف بعد المشاهدة وعند إعلان الجوائز، فكل هذه الأنواع المسرحية موجودة بالفعل وتحوز اهتمام كل الجهات الإنتاجية، والتصنيف النوعي المسبق يعيبه أنه سيجعل المسألة مرتبطة بالتوجيه وأنه سيتم الإنتاج لأي نوع خصيصا من أجل دخول المهرجان وهذا سيعيب العروض المسرحية ويبعدها عن الإبداع الحقيقي. نعم، هناك المسرح الغنائي بالفعل والمسرح الحركي والمسرح الشعبي وغيرهم طوال العام، لكن التصنيف المسبق للجوائز لن يكون مجديا بل يمكن أن يتم بعد مشاهدة جميع العروض واختيار الفائز منها لكل شكل من أشكال المسرح.

قيود أكبر
بينما يرى المخرج طارق الدويري أنه: رغم الاعتراض على التصنيف الموجود هذا العام بالمهرجان القومي للمسرح، فإن إقامة تصنيف آخر على أساس فني أو على أساس نوعية أو شكل المسرح المعروض سيمثل قيدا أكبر على الفن المسرحي، سوف يحصر الفنانين في مساحة ضيقة جدا، حينها نكون قد خرجنا من تصنيف غير ملائم إلى تصنيف آخر أسوأ منه، فإذا ضربت مثلا بلعبة كرة القدم: المتفرج لا يهمه من يحرز الهدف، المهم هو أن يأتي الهدف فعلا،، ولنترك الاختيار للحركة النقدية ممثلة في لجنة التحكيم، وتوجد لجان متعددة، أولا لجنة اختيار أولى تختار من العشرين عرضا عرضين أو ثلاثة، ثم اللجنة الأعلى التي تختار الفائز النهائي. أذكر أنني ذات مرة كنت عضوا بلجنة تحيكم بمسابقة للجامعات فاخترنا عرضا للمركز الأول رغم وجود عرض آخر كان هو الفائز بالمركز الأول في المسابقة الأولية، مما أحدث اعتراضا من قبل المخرج والمشاركين، لكن نحن كلجنة اخترنا الأفضل من وجهة نظرنا بغض النظر عن سابقة فوز العرض الآخر، تظل المسألة نسبية تخضع لمصداقية الأشخاص ومدى وعيهم لاختيار أفضل خامة موجودة تقدم رؤى مختلفة.
أضاف الدويري: مسألة التصنيف النوعي هذه كأنها شروط تفرض على الفنان من حيث اختيار النص، فالمخرج يجب أن تطلق له الحرية في الإبداع واختيار النص وشكل العرض،، ولا بد أن يقدم عرضه بلغة جديدة ورؤية جديدة، وليس بشكل كلاسيكي، حتى التراث يجب أن يقدم اليوم بشكل مختلف عما قدم به منذ عشر سنوات مضت. القضية تتلخص في أن المخرج في ماذا يشعر الآن؟ لأنه مثل الشاعر الذي يكتب قصيدة شعرية يكتب ما يشعر به.. المسألة ليست أن أقدم عرضا عن التراث لمجرد تقديمه، لكن القضية هي أنا كمخرج بماذا أهتم؟ وما هي همومي؟ ويخرج العرض كما يخرج: كلاسيكي أو تراثي أو استعراضي أو أيا كان. الموضوع هو الموضوع.
وختم الدويري بالقول: هذا التصنيف يمثل حصارا جديدا للمخرجين أشد قيدا، فنحن نبحث عن العروض الحية حتى لو قدمتها نوادي المسرح بالثقافة الجماهيرية علينا أن نحتفي بها ونشجعها.

 المسرح هو المسرح
ويقول المخرج حمدي أبو العلا: المسرح هو المسرح، له أبجدياته، بغض النظر عن التكنيك المستخدم، فالمسرح كله واحد سواء كان العرض كوميديا أو استعراضيا أو غيره. ليست المسألة أني أصنف الذهب إلى ذهب أصفر وذهب أحمر وذهب أبيض وهكذا، المسرح ليس بشكله ولكن بقيمته، فمن الممكن لمسرحية قدمت باثنين ممثلين وديكور مكون من خشبتين يفوق نجاحها عرضا ضخما باستعراضات وإبهار. إن عطاء المسرح ليس بتصنيفه إلى مسرح نسائي ومسرح رجالي ومسرح أطفال وشباب وهكذا، أنا ضد كل هذا الكلام. فعندما أقوم بالتحكيم أحكم من رؤية مشاهد متخصص وليس مشاهد عادي، ولا بد أن توضع قواعد ومعايير للتقييم. وأطالب المهرجان بتكريم رواد المسرح من الثقافة الجماهيرية وعدم تجاهلهم لأنهم سطروا تاريخا كبيرا للمسرح على مدار مسار المسرح المصري كله.

لماذا التصنيف!
أما المخرج محسن رزق الفائز بجائزة أحسن إخراج العام الماضي، فيقول: لماذا نقوم أصلا بالتصنيف إلى فئات نوعية؟ هذا مهرجان قومي. مثلا في مباراة كرة القدم يلعب كلا الفريقين بأحد عشر لاعبا أيا كانت خطة اللعب، فالطريقة تختلف لكنها في النهاية كرة قدم، وكذلك هنا تختلف طرق وأشكال العرض المسرحي لكنها في النهاية مسرح. إذا كان هناك إصرار على التقسيم فيمكن أن يكون تصنيفا إنتاجيا حسب حجم الإنتاج، فإذا بلغت ميزانية الإنتاج حجما محددا دخلنا في مسابقة أخرى، أي توجد مسابقة للميزانيات الضخمة وأخرى للميزانيات الأقل. وأيا كان الشكل المقدم يدخل الجميع في بوتقة واحدة.
أضاف رزق: التنصيف النوعي المقترح غير جيد، فلنفترض مثلا أنه اشترك في مسابقة العرض التراثي عرضان فقط، إذن نكون قد أقمنا مسابقة كاملة من أجل عرضين فقط. والمشكلة إن توجه المهرجان في كل عام يعبر عن توجهات شخصية لقيادة المهرجان. تابع: المسرح عالمي وليس مصريا، وليس من أجل تشجيع التراث مثلا أن أقوم بتصنيف مسابقة خاصة به، فليقدم كل مخرج رؤيته، والشكل الذي ارتضاه لعرضه، والمهم كيف قدمه. واقتراحي أن العروض التي تقل ميزانياتها عن النصف مليون توضع معا في فئة واحدة، وتكون الفئة الأخرى للعروض التي تتخطى تكلفتها النصف مليون جنيه. فالمونودراما مثلا عرض مسرحي متكامل ويتم وضعه في المسابقة مع عرض آخر به خمسون ممثلا. كل الأنواع تتبارى معا مثلما يحدث في المهرجان القومي للسينما أيا كانت الأنواع فكلها تتسابق معا. وللأسف، المسئولون لا يدعون المخرجين والمسرحيين وأصحاب النجاح إلى جلسة نقاش لمعرفة أسباب النجاح وطرق الوصول إليه والوصول إلى أمثل الطرق لإقامة المسابقات ووضع نظم ولوائح للمهرجان يتفق عليها ويرضى عنها الجميع.

المستوى ضعيف
ويحدثنا المخرج إيمان الصيرفي قائلا: المشكلة ليست في التقسيم وإقامة المهرجانات لكن في الأساس الذي تم إهماله وهو أن العروض مستواها ضعيف. كما أنه لا يجوز محاسبة الهواة بمنطق المحترفين، فالتشابك يأتي بوضع الهواة مع المحترفين مع الثقافة الجماهيرية مع الجامعة، وهكذا، وهذا غير معبر عن المسرح المصري، كما أن المهرجان لم يستطع طوال مدته ودورات انعقاده أن يعبر عن الشخصية المصرية في المسرح، لا توجد مسرحية تليق بالمسرح المصري، وكلها إما أعمال مترجمة أو تجارب عشوائية. أضاف: الخلاف ليس مع الأشكال بل مع المهرجان وماذا سيعطي للمتلقين، لا جدوى من كثرة المهرجانات، واستغلال كل لحظة لإقامة مهرجان بلا داعٍ، فكلها أشكال غير معبرة عن المسرح المصري وتبتعد عن هويته، شئنا أم أبينا، ولم يستطع المهرجان في أي دورة من دوراته أن يطرح لنا شكلا يتحمس له الجميع باعتباره نموذجا للمسرح المصري.
تابع الصيرفي: لا أقصد العروض التراثية بل أقصد كل الأشكال الفنية المصرية التي أهدرت وسفك دمها على الطرقات، وللأسف أصبحنا في ذيل المجيدين والمجتهدين من إخواننا العرب وحتى المسارح القريبة منا مثل المسرح الأفريقي الذي لديه ملمح، بينما ملامحنا تنتهي وتضمحل وتذوب في ظل منافسات غير مطلوب منها سوى التصفيق وتكريم بعض الأشخاص.
وختم الصيرفي بالقول: هذا مهرجان قومي يعبر عن عام كامل من عمر المسرح، ولكن للأسف هذه العروض ليست نتاج انتقاء حقيقي، لكن مجرد ترشيح الجهات المنتجة دون معايير حقيقية للانتقاء. وهذا ليس هجوما ولكنه بحث عن حقيقة المسرح المصري.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏