بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء فرقة رمسيس يوسف وهبي .. فنان الشعب

بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء فرقة رمسيس يوسف وهبي .. فنان الشعب

العدد 838 صدر بتاريخ 18سبتمبر2023

10مارس 2023، ذكرى مرور مائة عام على ميلاد فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها يوسف وهبي، ذلك الفنان الشامل «المخرج والممثل والمؤلف والمترجم والمنتج» وهو أحد أساتذة المسرح العربي وأحد أعمدة التمثيل العربي ، ولقب بعميد المسرح العربي لدوره الكبير في الارتقاء بالمستوى الثقافي والاجتماعي والفني في مصر وسائر البلدان العربية . 
وهو اليوم الذي انطلق فيه العرض المسرحي الأول للفرقة «المجنون»، وكان على مسرح راديو بشارع عماد الدين «حاليا مسرح نجيب الريحاني». تلك الفرقة التي قدمت روائع المسرحيات العالمية والمحلية والتي كتبها فنانو الفرقة، وقدمت الفرقة أعمالها باللغة العربية وبلغات أخرى ، وأثرت المسرح المصري في بدايات القرن العشرين، واكتشفت العديد من الفنانين ، وفجرت مواهب عبقرية في التمثيل والإخراج والترجمة والتأليف، واعتمدت الفرقة على  التطور ومحاكاة الطبيعة ، والاهتمام  الكبير بكل عناصر العرض المسرحي، تلك التي وضع لها يوسف وهبي قواعدا وأسسا أعطت للمسرح هيبته وساعدت على التخلص من الفوضى والتزام الجمهور بتلك التقاليد التي أرساها الفنان يوسف وهبي. 
 وبمناسبة هذه الذكرى أقدم لمحات من كتاب “يوسف وهبي.. فنان الشعب” إعداد الكاتب والناقد محمد السيد عيد، مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة 1998 .
هذا الكتاب الذي يتميز بتعدد الرؤى التي أضاءت عطاءات هذا الفنان الكبير طوال الفترة التي مارس فيها الفن الذي أحبه وضحى من أجله بالثروة التي ورثها عن أبيه، ومنذ كان شابا في العشرين من عمره.
والكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي أشرف على اختيارها ونشرها الكاتب والناقد محمد السيد عيد وكتب مقدمة له تحت عنوان«يوسف وهبي عطاء لا يعرف الموت» وذكر فيها:  أن يوسف وهبي فنان شامل أعطى في المسرح والسينما بلا حدود مَثَل وأخرج وكتب المسرحية والسيناريو والحوار، وإلى جوار هذا كله قام بدور المنتج ووضع كل ثروته لإنشاء فرقة رمسيس التي غيرت شكل الفرق المسرحية في مصر، وتأسيس استديوهات سينمائية لعبت دورا تاريخيا في مسيرة السينما العربية، في ذكرى مرور مائة عام على إنشاء فرقة رمسيس في 10 مارس عام 1923 .
والكتاب يتكون من ثلاثة أقسام :
القسم الأول يتناول: “ يوسف وهبي مسرحيا” وتحت هذا العنوان نشرت مقالات لكل من محمد الشافعي وزكي طليمات ودكتور حسن عطية و دكتور عمرو دوارة.
 وفي القسم الثاني منه : نشرت مجموعة من المقالات تحت عنوان “يوسف وهبي سينمائيا “ لمجموعة من الكتاب وهم دكتورة أسماء إبراهيم وعبد الغني داوود ومحمود قاسم.
 وفي القسم الثالث: نشرت مجموعة من الوثائق المتعلقة بأعماله المسرحية الكاملة، وقائمة أفلامه أيضا.
 ......
وعن علاقتها بالفنان يوسف وهبي وفرقة رمسيس قالت الفنانة أمينة رزق في حوار مع الكاتب محمد الشافعي : التحقت بفرقة يوسف بيك وهبي بعد عرضه علينا الالتحاق أنا وأمينة محمد وبعد مفارقات كثيرة توالت الأدوار بين أدوار الصبيان والبنات ،ثم دور البطولة في مسرحية « الموت المدني» وكان المرتب يزيد جنيها في كل مرة أنجح فيها، ثم أخذت دور البنت اليتيمة في مسرحية « الذبائح» والتي تركت بسببها روزا اليوسف الفرقة حيث كانت البطلة الأولى للفرقة ، وأشارت أمينة رزق في حوارها أن يوسف وهبي هو الإداري الديكتاتور «البعبع» في فرقة رمسيس فكان لا يرحم أي خطأ يمس المسرح، بينما كان طفلا في حياته الشخصية، ولم يكن هناك توازنا بين الشخصيتين، ثم تولت فاطمة رشدي مكان (روز اليوسف ) في الفرقة والتي أطلق عليها النقاد لقب “سارة برنار الشرق”، وفي صدام بينها وبين زينب صدقي تركت على إثرها فاطمة رشدي الفرقة وتولت مكانها زينب صدقي، وكان من ضمن طموح يوسف وهبي أن قام برحلة إلى دول أمريكا الشمالية والجنوبية، والتي على إثرها تركت زينب صدقي الفرقة لاعتراضها أن تركب في الدرجة الثالثة مع باقي الفنانين، فيما تقرر بعدها توزيع أدوار البطولة بين أمينة رزق وفردوس محمد ، وجمع بعدها يوسف وهبي بين إدارة الفرقة والإخراج بعد ترك عزيز عيد الفرقة، ووقع الاختيار على أمينة رزق كبطلة للفرقة ، ولأن  طموحات يوسف وهبي بلا حدود فقد قرر إنشاء مدينة رمسيس على مساحة 18 فدانا وهي الآن مسرح البالون والسيرك، والتي استمرت ثلاث سنوات تعرضت بعدها لمنافسة أدت إلى إفلاس يوسف وهبي، وإنقاذ الدولة للفرقة بانضمامها للفرقة القومية، ولكن يوسف وهبي أبى الانضمام لتلك الفرقة والسبب «كرامته»، بعدها قرر إنشاء فرقة جديدة لرمسيس بممثلين من هواة المسرح مع أعضاء الفرقة القدامى أمينة رزق وأمينة محمد وعلوية جميل ومحمود المليجي، وسميت باسم فرقة صديق أحمد بإشراف يوسف وهبي ، واستطاع يوسف وهبي في موسم واحد أن يسترد اسمه ويسدد ديونه ، وكان وهبي يقدم من 23 ل 25 مسرحية خلال الموسم الواحد الذي يضم ستة شهور، وكان بالفرقة قسم اسمه “قلم الترجمة والكتب”، وهو فريق من المؤلفين والمترجمين منهم “فتوح نشاطي وحبيب جاماتي وأسعد لطفي “وغيرهم، فكانت توجد حركة مسرحية رائدة مصحوبة بحركة مماثلة في النقد والصحافة.
وأشارت أمينة  إلى أن يوسف وهبي يعد واحدا من أكبر مؤسسي المسرح العربي، وهو صاحب فضل كبير على الحركة المسرحية في مصر والدول العربية وعن طريقها استطاع تغيير نظرة المجتمع إلى الفن بعد أن كان عارا لمن يعمل به ، وهو الذي ساهم في تطوير الأداء المسرحي الذي كان يعتمد على المبالغة والتجسيم في الإلقاء ، وتدريجيا ومع الممارسة والتطور أصبح الممثل أقرب إلى الطبيعة ،فهو الذي تغلغل في مشاكل ومواجع الشعب، والذي استطاع إبراز تناقضات المجتمع وأمراضه النفسية والاجتماعية في إطار مقنع ، ولم يكن الجمهور يذهب إليه حبا في النكد والمآسي - على حد قولها- ولكن لأن مسرحه كان مدرسة الشعب التي تستخلص العظة من قضايا المجتمع.
.......
وفي المقال الذي كتبه المخرج الكبير زكي طليمات تحت عنوان “ يوسف وهبي الممثل البيك ابن الباشا المهندس ومبعوث العناية الإلهية لإنقاذ فن التمثيل “ ذكر فيه:
أن يوسف وهبي منشئ فرقة رمسيس أكبر فرقة في الوطن العربي وهو رجل مسرح لكل العصور ذو قدرات وإمكانيات واسعة.
وأشار طليمات إلى أن يوسف وهبي كان يقدم للجمهور ما يجب أن يقدم وما يرتاح إلى رؤيته، مما أكسبه شعبية واسعة، وكانت تلك نقطة الخلاف بين طليمات ويوسف وهبي - حسب ما قاله - لأن طليمات كان يرى أنه يجب أن نقدم للجمهور ما يجب أن يراه الجمهور.
وقال أن يوسف وهبي يعتبر بحق الأول في حيازة أفخم فاترينة في الالقاب والرتب” مبعوث العناية الإلهية”
كما أشار طليمات إلى مفاجأتين، الأولى: أن يوسف وهبي خصص كل ميراثه لإحياء حركة مسرحية متطورة انتشلت المسرح الجدي من الكساد الذي نزل به ، وألف جبهة لمنازلة المسرح الهزلي الذي كان يجتذب الجماهير فأنشأ فرقة رمسيس.
والثانية خضوعه لعملية جراحيه لتجميل أنفه حتى يقوم بأدوار الفتى الأول، فكان يوسف وهبي لا يبالي أن يطيح بأي عائق يقف في سبيل تحقيق ما يريده هو وما يعتقد أن منه ما يكسب فرقته النجاح المنشود.
وأوضح زكي طليمات في نهاية مقالته بأنه يكفي أن ترى يوسف وهبي مرة واحدة وهو يمثل فلا تنساه أبدا، إنه فنان مؤثر، ولكن التأثر أمر نسبي ويختلف في نوعيته باختلاف الأشخاص في وجهات النظر إلى ما يجب أن يكون عليه الممثل الفحل، الذي إذا اندفع يمثل خُيل إليك أنه لا يمثل من فرط السهولة واليسر.
......
وفي مقال دكتور حسن عطية بعنوان “فرقة رمسيس ومسيرة فنان مغامر” ذكر فيه:
أن وهبي أطلق على فرقته اسم رمسيس موضحا أنه الاسم الذي انتحله لنفسه حينما عاش في إيطاليا، وبعد أن عاد يوسف وهبي من إيطاليا صاحبا معه عزيز عيد، وفي أحد مقاهي ميلانو قابل الشاعر الكبير أحمد شوقي الذي ناقش معهما حال المسرح والثقافة في مصر، واقنع وهبي بضرورة العودة إلى القاهرة وإنشاء فرقة مسرحية جادة تجمع كل نجوم الدراما الجادين والذين لا يعملون، وتطلب ذلك بالضرورة البحث عن أعضاء للفرقة من بين ممثلي البلاد،  والبحث عن مقر للفرقة، فأرسل وهبي إلى صديقه عزيز عيد ، ليعمل مديرا فنيا ومخرجا رئيسيا للفرقة ، واختار الممثل ومعد المناظر المسرحية” ادمن تويما” ، وتعاقد مع الفنانين الذي اقترح أسمائهم عزيز عيد مثل “روزا اليوسف وزينب صدقي وفاطمة رشدي وفردوس حسن وحسين رياض وأحمد علام ومختار عثمان وحسن فائق واستفان روستي وفتوح نشاطي وعزيزة أمير وحسن البارودي و روحية خالد وأمينة رزق”... وغيرهم، ثم قام باستئجار دار سينما راديوم من مالكها ومالك العمارة المجاورة لها وقام بتحويل دار السينما إلى مسرح، ثم ألحق به فيما بعد حجرتان كبيرتان من العمارة بواسطة كوبري لتكونا صالة للتدخين، بالإضافة إلى الدعاية لصاحب الفرقة ومجموعة ممثلي كل عرض.
وذكر أن يوسف وهبي يرى أن الدنيا عبارة عن مسرح كبير فأعاد صياغة العالم الانساني الكبير “الماكروكوزمو “في عالم المسرح الصغير “الميكرو كوزمو”، واهتم مسرح رمسيس بالنص المسرحي وبالممثل ،وأخذ من المسرح الإيطالي حرارته ،والفرنسي جمال الإلقاء، وعن الانجليزي قلة الإشارة.
وأوضح أن فرقة رمسيس اهتمت بالنصوص المترجمة وبعض العربية أيضا، واستمرت فرقة رمسيس لمدة 21 عاما من 1923 حتى 1944 واعترتها العديد من العقبات وتم حلها أكثر من مرة، وأعيد تكوينها في أعوام 47 و 57 و 60 و 69 و 70 ، وقدمت فرقة رمسيس ما يقرب من حوالي 300 مسرحية ارتكزت في معظمها على الإعداد والاقتباس.
وأضاف طليمات أن فرقة رمسيس هي مسيرة غنية بالإنجازات و بالصعاب وبالأفكار المتناقضة، والتي صاغت في تاريخ المسرح العربي في مصر مرحلة تأسيسية لا يمكن انكار دورها التأثيري على مجمل الإبداع المسرحي بأكمله.
........
وتحت عنوان “يوسف وهبي مؤلفا مسرحيا” ذكر الدكتور عمرو دوارة:
أن يوسف وهبي حصل على عدة ألقاب يستحقها عن جدارة عن ابداعاته الفنية في مختلف مفردات الفن المسرحي “ الترجمة والاقتباس والتأليف والاخراج والتمثيل والغناء والتلحين”، ولتميزه بالعديد من الصفات النادرة وأهمها حب المغامرة والقدرة على الاحتمال والإرادة والتصميم.
وأشار دوارة في مقاله: أن لفرقة رمسيس ورائدها دور مهم في دفع حركة التأليف المسرحي وتشجيع المواهب الشابة وإلقاء الضوء على المؤلفين الجدد، وكانت البداية في تشكيل لجنة للترجمة بالفرقة اهتمت بتعريب النصوص واقتباسها بدلا من مجرد ترجمتها ، وأيضا تشجيع المؤلفات المصرية والبحث عن النصوص الجيدة الملائمة للعرض على خشبة المسرح، وفرقة رمسيس قدمت مؤلفات لكبار المؤلفين العالميين والمصريين أيضا، كما قدمت نسبة كبيرة من عروضها اعتمادا على المترجمات، وأن ليوسف وهبي نصيب كبير في المؤلفات التي قدمتها الفرقة حيث قدمت الفرقة في خلال مسيرتها 27 نصا لمؤلف مصري، وقدم يوسف وهبي وحده 60 نصا من تأليفه، وكان يقدم في الموسم الواحد عرضين من تأليفه في الموسم الأول ، وفي الموسم التالي قدم ثلاثة عروض، واستمر يقدم ثلاثة عروض في المتوسط تقريبا كل عام، وحول الفنان يوسف وهبي معظم مسرحياته إلى أفلام، كما قام بتوجيه هواة التأليف المسرحي وتعليمهم قواعد التأليف بطريق غير مباشر، وتناول في مؤلفاته المسرحية العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والوطنية ومن أهم مؤلفاته:” المجنون راسبوتين ، الاستعباد انتقام المهراجا ، الصحراء ، أولاد الذوات ،  هكذا الدنيا ، أولاد الفقراء، الدم الملوث ، بنات الريف ، العدو الحبيب،  أولاد الشوارع”. وكانت من أهم السمات الرئيسية لمؤلفات يوسف وهبي أنه اختار لها لون «الميلودراما» ، كما سخر قلمه لمحاربة المستعمر والدفاع عن البسطاء ومحاربة الاقطاع والفساد، وتأثر في بدايته بمسرحيات البوليفار والجرانجينول، كما أوضح دوارة أن جميع نصوص وهبي تعتمد على الشخصيات الدرامية الخارقة ، وتألفت وتنوعت مؤلفاته بين قمة الميلودراما والتراجيديا وبين الكوميديا أيضا، بالإضافة إلى تأثره بالنصوص العالمية ، وأكد دوارة على دور يوسف وهبي الرائد في سبيل إرساء تقاليد الفن المسرحي والنهوض به والتشجيع على تقديم المؤلفات المصرية واكتشاف مؤلفين جدد.
.........
 وتحت عنوان “يوسف وهبي سينمائيا” قدمت الدكتورة أسماء إبراهيم أبو طالب - مدرس الإخراج والسيناريو كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان - دراسة نظرية تحليلية نقدية بالتطبيق على فيلمي “ برلنتي وجوهرة” تحت عنوان تقنية الكتابة والإخراج السينمائي عند يوسف وهبي ، وأشارت د. أسماء أن الفنان يوسف وهبي لقب بفنان الشعب لما قدمه من موضوعات تشغل جمهوره العريض خاصة هموم الطبقة الكادحة، ودفاعه عنها نتيجة تعرضها للظروف القاسية وكفاحها من أجل لقمة العيش ، وقالت: إن معظم أفلامه احتوت على المصادفات والحلول القدرية، رغم أنها كانت محل اعجاب جمهوره خاصة نهاية الفيلم التي كانت دائما سعيدة، وقدمت في بحثها توظيف المصادفات والحلول القدرية من خلال فيلمي برلنتي وجوهرة وهم من تأليف وإخراج يوسف وهبي، وأيضا للتعرف على أسلوب الإخراج السينمائي لدى الفنان يوسف وهبي والتعرف على كيف وصف وهبي الصدف والحلول القدرية خلال الدراما في فيلميه ، بالإضافة إلى التعرف على أسلوب الإخراج الذي اتبعه خلال الفيلمين.
......
وتحت عنوان “  يوسف وهبي ودوره في حركة الإنتاج السينمائي المصري” أشار الكاتب والناقد عبد الغني داوود إلى ذكاء يوسف وهبي الإنتاجي في تسويق أعماله وبراعته في إنتاجها، حيث استعان بالمهندس الايطالي « مجليزي « بتحويل هذه السينما إلى مسرح ، وتعاقد مع شركة فرنسية بالقاهرة لاستيراد معدات إضاءة وجهاز للتحكم في الكشافات، فكان مسرح رمسيس أول مسرح في مصر يستخدم وسائل الإضاءة الحديثة في الدعاية والزينة،  وكان يستخدم فانوسا سحريا كوسيلة من وسائل الدعاية الحديثة أمام باب المسرح لعرض صور أبطال الفرقة، مما جذب الجمهور إلى المسرح، وفي عام 1926 زود المسرح بقاعة تدخين حيث استأجر صالتين كبيرتين بالعمارة الملاصقة للمسرح وألحقهما بصالة المسرح.
 وأشار داوود أن لهذه الفرقة تقاليد مسرحية بل وفنية في السينما وغيرها ، مثل ضبط موعد رفع الستار والتزام المتفرج بآداب الفرجة ، فحققت الفرقة نجاحا كبيرا في أعوامها الأولى بسبب الدعاية الضخمة للفرقة وصاحبها، وبسبب مسرحيات دراما التاريخية والاجتماعية واقتباس أعمال الفرنسيين، واتجه يوسف وهبي إلى مجال الإنتاج عام 1928 حيث أسس مدينة رمسيس ووضع بها خطة مشروع ترفيهي ضخم لخدمة سكان القاهرة في فصل الصيف ، وحشد فيها ألوانا متعددة من وسائل الترفيه مثل “ لونا بارك للملاهي وكازينو للرقص وسينما صيفية وصالة للغناء وحمام سباحة، كما كان بها مطاعم ومقاهي وحدائق وأكشاك للموسيقى ونافورات ومحطة إذاعة «...وغيرها.
وفي استوديو رمسيس تم إنتاج أول الأفلام المصرية المأخوذة عن رواية أدبية يتم إنتاجها للسينما المصرية من خلال شركة إنتاج رمسيس فيلم لصاحبها يوسف وهبي، وهو الفيلم الصامت “زينب”، وهو الفيلم التاسع في تاريخ الإنتاج السينمائي، بعدها تم إنتاج أول فيلم مصري ناطق “ أولاد الذوات” في 14 مارس 1932، ثم إنتاج فيلمه الثالث والأخير لشركة رمسيس “ الدفاع” 1935 ، بعدها توقف عن الإنتاج نظرا للظروف الصعبة حين إعلان المحكمة عن إفلاس يوسف وهبي، بعدها وفي نفس العام وبروح معنوية عالية أنشأ ستوديو أسماه” ستوديو وهبي”  أنتج من خلاله فيلمه الرابع “ المجد الخالد” عام 1937، واستكمالا لمسيرته البناءة في طريق تطوير وتنمية فن وصناعة السينما في مصر، شارك في تأسيس شركة نحاس فيلم عام 1941 ، وقدم ستة أفلام مأخوذة عن أشهر مسرحياته منها أفلام” عريس في اسطنبول،  أولاد الفقراء، بنت الذوات، جوهرة ، بنات الريف،  سفير جهنم” ، كما شارك في تدعيم نشاط شركة نحاس فيلم بإنشاء استوديو نحاس الذي أنشأته هذه الشركة، وبالتالي فإن يوسف وهبي ليس مجرد فنان مسرحي وسينمائي، وإنما كان مؤسسة فنية كبرى أثرت في عالمنا الفني وقدمت أجيالا متعاقبة من الفنانين والفنيين المسرحيين والسينمائيين.
........
وهنا ركز محمود قاسم على يوسف وهبي كممثل مضحك أو صانع الضحك ، حيث أثبت يوسف وهبي أنه قادر على أن يكون كوميديا مضحكا وظهر ذلك من خلال فيلمه الذي اقتبسه من فاوست ، فكتب له السيناريو والحوار بالإضافة إلى البطولة والإخراج، وهو فيلم «سفير جهنم « عام 1945 ، هذا الفيلم الذي يبدو مأساويا ولكنه أعطاه الصبغة الكوميدية عكس الشكل الدرامي تماما، وكأن يوسف وهبي في هذا الفيلم يغير جلده الذي اعتاد عليه المشاهد كممثل مأساوي ، ويعتبر هذا الفيلم واحدا من أحسن أعماله في هذا المجال، فقدم المأساة في فيلم «غرام وانتقام وبنات الريف والفنان العظيم» ، وقدم بعدها “المهرج الكبير” الذي حاول فيه تقليد أداء شارلي شابلن،  بعد ذلك تعددت أدواره الكوميدية ، و بدأت علاقته بالكوميديا بشكل مكثف مع بداية الستينات مثل دوره في” الناس اللي تحت” و”إشاعة حب” و” اعترافات زوج “ و”ميرامار”.. وغيرها.
 وتضمن الكتاب في نهايته وثائق  الفنان يوسف وهبي منها الأعمال المسرحية الكاملة له من إعداد د. عمرو دوارة وعددها 225 مسرحية، كما سجل المركز القومي للمسرح بكتابه التذكاري “مسرح حديقة الأزبكية « بعض المسرحيات وعددهم ثلاث مسرحيات في الموسم 51/ 52 كما سجل بالكتيب التذكاري الخاص بتكريمه في مهرجان قرطاج الدولي بتونس بعض المسرحيات التي قدمتها فرقه رمسيس في الفترة من 1925 إلى 1930 ، ولم يأتي ذكرها بمذكرات الفنان القدير وهي المسرحيات ال 16 ، كما تضمن الكتاب قائمة أفلام يوسف وهبي ممثلا ومخرجا ومنتجا وكاتب سيناريو وحوار من إعداد محمود قاسم وعددها 73 فيلما، كما اختتم الكتاب بمقال فنان الشعب في سطور لعصام عبد الله.


سامية سيد