مسرحيون: لماذا لم تخصص جائزة للنص المسرحي ولماذا لم تقدم العروض المسرحية؟

مسرحيون: لماذا لم تخصص جائزة للنص المسرحي ولماذا لم تقدم العروض المسرحية؟

العدد 809 صدر بتاريخ 27فبراير2023

يظل معرض القاهرة الدولي للكتاب، حدثٌ ثقافي كبير ومهم في مسيرة الحركة الثقافية والفنية في منطقتنا العربية، حيث يفد إليه مشاركات من الكثير من دول العالم ، وفي ظل هذا الحدث المهم لاحظ البعض تراجع عدد الأنشطة والفعاليات المسرحية، واستضافة العروض وتنظيم الندوات، حول حضور المسرح في الدورة الأخيرة  من المعرض  التقينا مع عدد من المسرحيين. 
محمود عقاب: تقلصت الفعاليات المسرحية وغابت جائزة التأليف المسرحي
يقول المؤلف محمود عقاب:«كلما ازدهرت حركة الكتابة المسرحية؛ تراجع معها الدور المؤسسي في مصر بشكل غير منطقي، ولا يوجد له مبرر، هل هذا الأمر عن قصد أم عناد أم جهل؟!وهذا ما ظهر جليًّا في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة من حيث تقليص دور الفاعليات المسرحية، وحذف جائزة المعرض في مجال التأليف المسرحي لأول مرة».
وتابع: لقد بدأ هذا التراجع منذ حذف فرع المسرح الشعري من جائزة الدولة التشجيعية، منذ قرابة ثلاث سنوات، وتزامن ذلك مع ظهور جيل جديد في كتابة هذا المجال الإبداعي الصعب والمهم، حيث حصدت مصر جائزة الأمير عبد الله الفيصل في الشعر المسرحي في كل دوراتها منذ بداية الجائزة حتى الآن، لم يقتصر الأمر على حذف جائزة الدولة التشجيعية في المسرح الشعري، بل زاد الأمر سوءًا بمعرض القاهرة الدولي للكتاب مع عدم وجود جائزة التأليف المسرحي سواء كانت مسرحًا شعريًّا أو نثريًّا، والغرابة أن ذلك في العام نفسه، الذي أطلق اسم الشاعر صلاح جاهين على الدورة، رغم زخم المعرض بالكتب والنصوص المسرحية التي تكتظ بها صالاته وأجنحته، في المقابل خفت ضوء الفعاليات المسرحية مع عدم وجود مشاركة لأي عروض سواء كانت من الثقافة الجماهيرية أو الجامعات، كما كان يحدث في الدورات السابقة، وتراجع الدور المسرحي من ناحية الاهتمام التنظيمي والمؤسسي للمعرض في هذه الدورة، واكتفوا بعروض قليلة جدًا من مسرح العرائس حيث قدموا أوبريت «الليلة الكبيرة»، لفرقة مسرح العرائس».
وقال: ذلك  في حين نشهد ازدهار المسرح من الناحية الإبداعية للكُتَّاب،والذي وتألق في السنوات الأخيرة، وكانت مصر في صدارة الفوز بجوائز دولية كبرى، وجدير بالذكر اكتساح الكتاب المصريين للمراكز الثلاثة في مسابقة التأليف المسرحي الموجه للطفل بالهيئة العربية للمسرح الدورة الخامسة عشر عام 2022، وفي الدورة الثانية عشر عام 2019 اكتسحت مصر أيضًا المراكز الثلاثة في مسابقة التأليف المسرحي الموجه للكبار.
وأعرب «عقاب»عن حزنه متسائلًا: فماذا يجد الكاتب المسرحي المصري إذن داخل حدود بلده بعد تراجع الفاعليات والعروض وحذف جائزتين مهمتين مثل جائزة المعرض في التأليف المسرحي وجائزة الدولة التشجيعية في المسرح الشعري، في الوقت الذي يُفترض فيه إضافة فاعليات وجوائز جديدة لا إلغاء وحذف الموجود منذ سنوات طويلة، لماذا هذا التراجع غير المبرر الذي يثير الإحباط. 
صدر للمؤلف والشاعر محمود عقاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب في الدورة «54»،المسرحية الشعرية«مطرب الغابة» للأطفال، من إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب والمسرحية الشعرية «دموع من كأس أبي نواس»، للكبار، من إصدار وتوزيع دائرة الثقافة بالشارقة، وإصدارات أخرى في الشعر وقصص الأطفال.

سيد عبد الرازق: يجب نشر النصوص الفائزة بجوائز دولية 
وقال المؤلف والشاعر د. سيد عبد الرازق: «خمسمائة فعالية ثقافية قدمها معرض الكتاب هذا العام، زخم كبير وفعاليات متوازية، حتى لا يكاد الزائر يحيط بها جميعا، ولا بد من التضحية بفاعلية للحاق بأخرى، من بين هذه الخمسمائة فعالية وبمجرد مطالعة كتاب الفعاليات الثقافية للمعرض لن تجد - حسب علمي- عنوانًا واحدًا به كلمة مسرح باستثناء عنوان صلاح جاهين ومسرح الطفل، ستجد مناقشات لعدد ليس بقليل من الأعمال الروائية والقصصية، وستجد قاعة للشعر وعددًا كبيرًا للأمسيات الشعرية، لكنك ربما لا تجد عرضًا مسرحيًا غير عروض مسرح الطفل، أو مناقشة لإصدار مسرحي على قدر علمي بفعاليات المعرض.
وتابع «عبد الرازق»: وبمطالعة لائحة جائزة المعرض لن تجد التأليف المسرحي عنصرًا ثابتًا في جوائز المعرض، ولا يقتصر الأمر على معرض الكتاب فحسب، لو طالعت لائحة المسابقة الأدبية المركزية لن تجد جائزة في كتابة النص المسرحي إلا لو خصصت جائزة أدب الطفل لفرع المسرح، وإذا نظرت إلى لائحة جائزة الدولة التشجيعية أيضًا ستجد أن التأليف المسرحي ليس عنصرًا ثابتًا بين عناصر الجائزة مثل جوائز السرد والشعر، وهذا يُشير إلى أن هناك اقتناعًا ما بأن الكتابات المسرحية في مصر قليلة أو غير جيدة للدرجة التي لا يمكن معها وجود مناقشات لإصدارات مسرحية في فعاليات المعرض أو تخصيص بند ثابت للكتابة المسرحية في بعض الجوائز، وقد يكون هذه صحيحًا بالمناسبة، قد تكون الإصدارات المسرحية قليلة فعلا؛ فمن خلال مطالعتي هذا العام لم أجد زخمًا في الكتابات المسرحية إلا ما أعلنته الهيئة العامة لقصور الثقافة عن إصدار خمسة وعشرين عنوانًا جديدًا في دورة معرض الكتاب الحالية من سلسلة روائع المسرح العالمي، تُضاف لخمسين عنوانا سابقا ليصبح بين يدي المتلقي سبعين عنوانًا، وفي إصدارات الهيئة العامة للكتاب سلسلة الجوائز وسلسلة الإبداع المسرحي، وبعض الإصدارات المسرحية المترجمة أو غيرها.
وتابع «عبد الرازق» ومن خلال مطالعتي لإصدارات الأصدقاء لم أقرأ إلا عن كتاب مسرحي أو اثنين، فكم يمثل ذلك بين آلاف الكتب في المعرض؟! هذا يقودنا إلى ضرورة التفكير في عدة أسئلة منها: هل هناك علاقة بين المعرض والمسرح؟ بلا شك هناك علاقة فمعرض الكتاب الذي يُناقش كل صنوف الإبداع تقريبا وصولا إلى مناقشات حول المناخ، ومكافحة الفساد، والعمارة، وكرة القدم من الطبيعي ألا يغفل المسرح، ومن الطبيعي أن يفيد من القطاعات التي تنتج مسرحًا، ومن العروض التي تم تقديمها عبر عام كامل بين دورة المعرض وسابقتها، ومن الطبيعي أن يسلط الضوء على الكتابات المسرحية الجيدة.
ومتسائلًا استكمل «عبد الرازق»: هل هناك ضرورة لتشجيع نشر الأعمال المسرحية؟ بالتأكيد هناك ضرورة لذلك وظني أن الكتابات المسرحية ليست قليلة بدليل الأرقام التي نقرأها عند إعلان قوائم المسابقات والجوائز المتعلقة بالمسرح، لكن هناك خللا ما يتلعق بالنشر،كيف ندعم وجود المسرح في المعرض؟ بوجود حافز يتمثل في وجود التأليف المسرحي عنصرًا ثابتًا في الجوائز والمسابقات التي تقدمها وزارة الثقافة بكافة قطاعاتها المعنية بتشجيع نشر الأعمال المسرحية.

مقترحات وأهداف
واختتم«عبد الرازق»: قائلا: حتى يمكن الإفادة من الأعمال المسرحية الجيدة، يجب أن نحقق بعض الخطوات أولا: زيادة إصدارات الكتاب المصريين عبر السلاسل الإبداعية، ثانيًا: نشر أو إعادة نشر النصوص المسرحية التي تفوز بجوائز دولية للمبدعين المصريين خاصة في الجوائز التي لا تتضمن نشرًا، وكذلك نشر القائمة القصيرة للأعمال المسرحية المصرية التي تتأهل للجوائز المسرحية في مصر والعالم العربي فكل هذه المشاركات جيدة حكمت اللجان المختلفة بجودتها وتعد مادة جاهزة للنشر، ثالثا: تسليط الضوء على تجارب الكتاب من خلال فعاليات معرض الكتاب وتخصيصها كفعاليات ثابتة كالسرد والشعر، رابعًا: الاستمرار في توسيع رقعة نشر الأعمال المسرحية العالمية المترجمة، خامسا: الإفادة من العروض المنتجة خلال العام السالف على دورة المعرض من كافة الجهات المنتجة للمسرح.
صدر لعبد الرازق بالمعرض مسرحية «العابر»، وهي المسرحية الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي.

هاني مهران: مؤلفات المسرح كانت متاحة 
ويقول الكاتب والمخرج هاني مهران: «هناك قصور في تقديم بعض الأنشطة داخل المعرض ومنها العروض المسرحية، يمكن أن يرجع ذلك للتحضيرات التي تسبق أغلب العروض المسرحية وخاصة الديكور وضبط الإضاءة وهو ما يحتاج للكثير من الوقت وأماكن معينة للعرض عكس المسارح المفتوحة التي استقبلت عروض العرائس والفنون الشعبية، وكذلك الإجراءات الرقابية وموافقتها على النصوص المعروضة ومشاهدتها.. مما يتطلب طبيعة خاصة وبساطة الديكور، هذا إضافة إلى أن المسئولين عن العروض المسرحية، بمعرض الكتاب يتجنبون الفضاءات المفتوحة والدخول والخروج منها بشكل مستمر خاصة أن طبيعة العروض الكبيرة تتطلب العديد من الإجراءات والتحضيرات وهو ما يتعارض مع طقوس مشاهدة العروض المسرحية التي تحتاج لتركيز من طرفي العملية المسرحية المبدعين والجمهور.
وتابع «مهران»: «وعن المؤلفات التي تخص المسرح، من نصوص مسرحية ودراسات أكاديمية، ونقدية فهي متاحة بشكل كبير وخاصة النصوص المسرحية سواء في دور النشر الخاصة أو الهيئات الحكومية، أما الإعلان عنها فهو تقصير عام يمثل عدم الإهتمام بالتسويق بشكل عام.. ويكون الاعتماد على معرفة الفرد الشخصية وتبادل المعلومات بين الأفراد بشكل شخصي». المعرض يتبنى ألوانا معينة من المسرح بما يتلاءم وطبيعة  الفضاء المتاح للعروض التي يمكن استضافتها كمسرح العرائس والعروض الاستعراضية.
وأضاف «مهران»: إطلاق اسم شيخ المترجمين محمد عناني، على مؤتمر الترجمة الذي نظمه المعرض هو حدث مهم، وتقدير كبير، لإسهاماته في مجال الترجمة خاصة للمسرح، وهو من أهم الأسماء التي ساهمت بشكل كبير في ترجمة النصوص وإتاحتها للحركة المسرحية.. 
صدر للمؤلف والشاعر هاني مهران، في المعرض «المنطقة 23» ويضم  14 نصًا للمونودراما، و«النافذة» ويضم ستة نصوص مونودراما و«مانويلا» ويحوي أربعة نصوص طويلة، وفي مجال الشعر: واوين«في الجامعة» و«بحب الحكومة» و«أنبياء الجنوب».

حنان عقل: الكيف أهم من الكم
وقالت الكاتبة والفنانة حنان عقل: «معرض الكتاب يحتفي بالكتاب والنشر الورقي بشكل أساسي، وأي نشاط خارج هذا الإطار هو من باب الترفيه لزائري المعرض، ومع ذلك نحن سعداء بوجود نشاط دائم ومتنوع طوال أيام المعرض، نحن لا نستطيع أن نقول إن هناك تراجعا لأن الكيف أهم من الكم، ولنطلق عليها اسم العروض الفنية بدلًا من المسرحية فقط، حيث تتنوع بين الفرق الموسيقية والشعبية والعرائس والسيرك وذوي الهمم».. إلخ 
وأوضحت «عقل»: «وحتى يتم تقديم عرض مسرحي متكامل الأركان لابد أن يتوفر مكان عرض مناسب وحدث مناسب وهو مايتم بالفعل في مهرجانات مسرحية كبيرة، أما المكان فهو يتطلب أماكن تغيير الملابس وأجهزة الإضاءة وإقامة الديكور المناسب وهي أشياء لا تتناسب مع طبيعة الحدث، والحدث الرئيسي هو الاحتفاء بالكتاب، لأنه ليس مهرجانًا للمسرح كما أسلفنا، إن ضيوف المعرض ورواده يذهبون للحصول على الكتب وليس لديهم الاستعداد الذهني أو الوقت للجلوس لمشاهدة عرض مسرحي متكامل الأركان أو طويل أو يتابع رواية كاملة، إذ على الجمهور أن يُغيّر مكانه ويتنقل طوال الوقت لمتابعة الكتب ودور النشر الكثيرة، إن الاستعانة بالعروض الطويلة في معرض الكتاب سيكون فيه ظلم للمسرحية ولفنانيها وحتى لزوار المعرض، ومع ذلك هناك الكثير من التعاون بين معرض الكتاب وباقي قطاعات وزارة الثقافة فيما يخص العروض، ونذكر منها البيت الفني للمسرح، وصندوق التنمية الثقافية، والمركز القومي للطفل، والسيرك القومي، وقطاع الفنون الشعبية، وكلها قدمت عروضًا في معرض الكتاب تتناسب مع طبيعته، منها عروض العرائس التي تم اختيارها في نطاق تخصص اللجنة الفنية التي أتشرف بكوني عضوة فيها».
وتابعت: لا يمكننا أن نقول إجابة عن السؤال الخاص بتراجع الندوات حول المسرح إنها تراجعت وشخصية السنة هي صلاح جاهين الذي كتب الأوبريت الأكثر جمالًا وأهمية « الليلة الكبيرة» الذي عرض أربع مرات طوال مدة المعرض، وكذلك كان الاحتفاء الأكبر بالدكتور محمد عناني رحمه الله وهو أهم من ترجم مسرحيات شكسبير إلى العربية».

السيد فهيم: إقبال كبير وحضور جماهيري 
وقال الكاتب د. السيد فهيم: رغم أن المعرض هذا العام، وعلى عكس التوقعات شهد إقبالًا كبيرًا، وحضورًا جماهيريًا ملحوظا، وتوفرت  المؤلفات التي تخص المسرح، في مختلف تخصصاته، التأليف والنصوص المسرحية، والدراسات النقدية، والتراجم، والأبحاث والدراسات الأكاديمية المتنوعة.
وتابع «فهيم»: المسرح «أبو الفنون»، كفن ولون أدبي فريد له مريدوه ليس في حاجة للدعاية كالرواية أو القصة أو الشعر وغيرها من كتب تلقى رواجًا لدي عامة القراء والهواة؛ فهو لون متخصص، ونحن الذين نبحث عنه ونتتبع الجديد فيه، وهذا لا يمنع أن يشير بعض المؤلفين المسرحيين لإنتاجهم بالمعرض على صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، فأنا شخصيًا صدرت لي مسرحية جديدة بالمعرض عن دار النسيم.
وأعرب «فهيم» عن حزنه قائلا:  لاحظنا أن معرض الكتاب  شهد بعض الظواهر الغريبة، حيث غاب عنه  تنظيم الندوات التي تخص المسرح، والعروض المسرحية، ضمن البرنامج الفني والثقافي الموازي للمعرض، عكس ما كان يحدث في الدورات السابقة، والملفت أيضا  غياب جائزة النص المسرحي المنشور دون الاشارة لأسباب حجب الجائزة أو حتى إلغائها، خاصة أن هذه الدورة شهدت صدور العديد من المؤلفات المسرحية الجديدة! فهل هو تقصير من المؤلفين في المشاركة؟ أم أن النصوص المرشحة لم تكن بالمستوى المطلوب، كان يجب على القائمين على جائزة المعرض توضيح ذلك.
صدر للكاتب د. السيد فهيم بالمعرض مسرحية الزار عن دار النسيم.

أحمد سمير: أين عروض المسرح من هذا التجمع الدولي بعاصمة مصر؟
وقال الكاتب أحمد سمير: أرى أن المعرض نافذة كبيرة ومهمة للكُتاب، والمؤلفين كافة.. يسمح باحتكاك  وتفاعل مباشر بين الجمهور والكاتب ويمهد بينهما طريقًا عبر المناقشات وطرح الرؤى والأسئلة والمعرض بشكل عام محفل دولي وندرة الفاعليات المسرحية على هامشه أمر خطير يجب تداركه مستقبلا والأخذ في الاعتبار أننا نملك نافذة عالمية يمكن من خلالها تقديم خطة المسرح المصري للعالم من خلال بث فاعلياته».
وتابع «سمير»: ولكي نكون منصفين فالإنتاج المسرحي بداخل المعرض يحتاج إلى نظرة حيث إن مساحة تواجد النص المسرحي قد تكون ضعيفة جدًا.. ولا تمثل نسبة بين المعروض بل إن العديد من دور النشر لا تتعامل من الأساس مع المنتج الإبداعي المسرحي نصًا ونقدًا.
وبشكل شخصي فهذا العام هو عامي الأول ضمن أدباء معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد صدور كتابي الأول «ليلة زفاف» الذي يضم النص المسرحي الفائز بجائزة أوسكار المبدعين العرب.. وكان ينتابني شعور بالفخر أن يصدر كتابي الأول لأحتفل به وأصنع طقوسًا رأيتها فقط على صفحات الأصدقاء والأساتذة من المبدعين.. ولكن على أرض الواقع لم يكن الحدث كما هو في الخيال.. أشياء كثيرة مفتقدة في تجربتي.. فالكاتب وأصدقائه فقط هم من يمارسون طقوس الاحتفاء بإبداعه دون أي شكل آخر من الجهات المعنية بالنص المسرحي.. لا يوجد ندوات ولا عروض ولا لقاءات مع الكتاب ولا تغطية إعلامية وتحول الأمر إلى سوق لبيع الكتب فحسب، و الفائز فقط هو من يحقق المبيعات بشكل أكبر. لقد تحولت العملية الإبداعية المُقام لأجلها المعرض إلى مباراة في المعروض من الكتب ومن يمتلك الألتراس سيتمكن بكل تأكيد من تحقيق التارجيت والمبيعات؛ و أتساءل: أين عروض المسرح من هذا التجمع الدولي، والمحفل الثقافي الكبير؟ ولماذا لا يكون هناك تقديم لصور كثيرة من فنون الفرجة بحيث يكون المعرض مادة لترويج الفنون فيستطيع استقطاب أنماط كبيرة من الجمهور المعنى بالفنون وليس فقط المعنى بالقراءة. 

محمد علام: الكتب المسرحية أقل مقروئية من غيرها
وقال الكاتب والناقد محمد علام:«قبل أن نفكر في إقامة ندوة، علينا أن نفكر في الهدف منها، وطبيعة الجمهور المستفيد؛ وهذا بالضبط ما يغيب عند وضع برنامج للفعاليات الثقافية.. فإذا حاولنا أن نستنتج استراتيجية ما، من خلال مطالعة جدول الندوات والفعاليات والأمسيات الشعرية؛ فلن تستطيع أن نتوصل إلى شيء محدد.. هي مجرد فعاليات، يتم عملها، فقط، لا تغطيها الصحف، ولا تسجلها القنوات، ولا يحضرها أحد.. أو بمعنى آخر.. هو نوع من قضاء الواجب؛ ومن المحزن بالطبع ألا يحتوي برنامج معرض الكتاب على فعاليات خاصة بمواضيع وقضايا المسرح، أو حفلات مخصصة لإصدارات المسرح، أو الاحتفاء بأقلام مسرحية بارزة على الساحة، ولو حتى من باب التنوع الإعلامي، ولكن السؤال هنا: هل نحن نحتاج هذه الندوات، والفعاليات، والتكريمات، كنوع من تقضية الواجب؟ أم أن هناك هدفًا حقيقيًا من وراء ذلك؟ 
أضاف«علام»: «هناك علاقة كاثوليكية لا طلاق فيها، بين معرض الكتاب وكل منتج كتابي، والمسرح كأحد المنتجات الكتابية، وثيق الصلة بالمعرض، ولكن ألف المنظمون اعتبار أن المسرح هامشي للغاية.. وهذا لا ينم سوى عن أمرين: إما جهل، أو جحود لإنجازات المسرحيين طوال العام، وقدرتهم على التأثير في مختلف شرائح الشعب، وشئنا أم أبينا.. المنتج المسرحي مازال الأكثر ارتباطا بالناس والأكثر شعبية.
واختتم «علام»: الكتب المسرحية أقل مقروئية من غيرها، ولكن لماذا؟ أعتقد أن السبب الأساسي في ذلك هو التقدير الجيد للمنتج المسرحي المطبوع، وجاء إلغاء جائزة أفضل كتاب مسرحي في معرض الكتاب هذا العام، تأكيدًا على قصدية عدم التقدير هذا،  ولكن السؤال الحقيقي لماذا لا يقدّر القائمون على تنظيم جوائز وبرامج معرض الكتاب، فن المسرح؟ الإجابة: الله أعلم!»

فعاليات مسرحية قليلة
قدم المعرض ندوة صلاح جاهين ومسرح الطفل، وحاضر بها الناقد: أحمد خميس الحكيم، المؤلف أحمد زحام، الشاعر شوقي حجاب، والناقدة دكتور. نرمين الحوطي وأدراتها مها البهنسي، بقاعة صلاح جاهين. كما أقام ثلاث ندوات أخرى تخص المسرح، حيث نظم تحت  محور «مئويات» ندوة الفنان سيد درويش، وحاضر فيها المخرج أشرف عزب، والمؤلف السيد إبراهيم مع حنان أبو المجد ومحمد درويش البحر وأدارتها مروة الشريف، و قدم المخرج أشرف عزب، مسرحية «سيد درويش فنان الشعب» من تأليف السيد إبراهيم بمسرح البالون، إنتاج قطاع الفنون الشعبية والإستعراضية بقطاع الإنتاج الثقافي بوزارة الثقافي.كما أقيمت بمحور «كاتب وكتاب»ندوة بعنوان «وثائق ومدونات لجنة جمع تراث رواد المسرح الغنائي»، وحاضر بها :أحمد الحناوي، رشا طموم، محمد شبانة، ومحمدعبد الحافظ ناصف رئيس المركز القومي لثقافة الطفل وأدارها خلف الميري.
وقدمت عروضا مسرحية قليلة من عروض الطفل وتم تقديم «الليلة الكبيرة» و عرض أراجوزا وأراجوزتا للمركز القومي لثقافة الطفل وبعض ورش الحكي للأطفال، واستضاف ركن المسرح، بجناح الطفل، عرض «حلم ريم وكريم» لفريق حياة جديدة لمؤسسة أطفال السجينات ومؤسسة سلاح التلميذ.


همت مصطفى