فاروق عيطة عاشق المسرح وداعا أيها المتعفف النبيل

فاروق عيطة عاشق المسرح وداعا أيها المتعفف النبيل

العدد 866 صدر بتاريخ 1أبريل2024

رحل عن عالمنا السبت 16 مارس الفنان القدير فاروق عيطة خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وعضو المسرح القومي. بدأ عيطة نشاطه الفني في النصف الثاني من عقد السبعينيات. من أعماله التليفزيونية (أفواه وأرانب، العائلة، بشرة سارة، رجل الأقدار، رياح الغدر)، ومن مسرحياته (الملك لير، الأميرة والصعلوك، منمنمات تاريخية، عاشق المداحين، والسيرة الهلالية)، أهم الأفلام التي شارك بها (الطريق إلى إيلات، سكة سفر....).
نعاه عدد من الممثلين والمخرجين والأصدقاء في الوسط الفني، وقد أجمعوا على أن النبل والالتزام والإخلاص في العمل وعشق المسرح أهم ما تميز به الفنان. 
ولأن الأثر الطيب هو ما يبقى فقد التقت مسرحنا مع عدد من أصدقائه، الذين تحدثوا عن سيرته وعرفوها عن قرب..
أول من حدثنا المخرج والمؤرخ الدكتور عمرو دوارة الذي أمدنا بجرعة هائلة من المعلومات عن الراحل حيث قال: 
هو ابن المسرح القومي البار فاروق عيطة. حقا ما أقسى لحظات الوداع للأحبة والأصدقاء، وما أصعب المشاركة في مراسم تأبينهم ورثائهم. بالأمس القريب رحل عن عالمنا رفيق الدرب الفنان علي خليفة، وفي هذه الأيام المباركة يرحل الصديق الغالي والأخ الحبيب فاروق عيطة، بعدما جمعتنا سويا كثير من الذكريات الطيبة والنجاحات الفنية. ولعل من أهمها مشاركته للفنانة القديرة سهير المرشدي، والفنانة المتألقة حنان مطاوع، بطولة مسرحية «يوم من هذا الزمان»، تأليف سعد الله ونوس، وهو العرض الذي شرفت بإخراجه لفرقة «مسرح الغد»، ونال شرف تمثيل «المسرح المصري» بالدورة الثانية عشر لمهرجان «دمشق المسرحي الدولي» عام  2004، وذلك بعدما حقق نجاحا كبيرا على كل من المستويين الأدبي والجماهيري، وعرض لمدة 75 يوما، وحظي بإشادات عدد كبير من النقاد بمصر والوطن العربي.
أضاف: الفنان فاروق عيطة بتجسيده لشخصية المدرس المثالي، كان من أهم أسباب نجاح العرض، حيث وفق كثيرا في مباراة الأداء مع الفنانة القديرة سهير المرشدي، بأدائه السهل الممتنع وبإجادته الكبيرة للتمثيل باللغة العربية الفصحى، التي يجيد التمثيل بها بكل سلاسة وكـأنه يمثل باللهجة العامية. ولم يكن هذا العرض هو التعامل الفني الأول بيني وبين هذا الفنان المتميز ابن المسرح القومي البار، حيث سبق وأن وافق على  المشاركة – بروح الهواية – في بطولة عرض « اغتصاب « لتجيسد شخصية ضابط الأمن الإسرائيلي، وكان «اغتصاب» من إنتاج فرقة «فرسان المسرح (الفرقة النموذجية للجمعية «المصرية لهواة المسرح» عام 1993)، ومن تأليف المبدع السوري الكبير سعد الله ونوس أيضا، و مشاركة النجوم: لمياء الأمير ومنحة زيتون، وأحمد منير، وداليا إبراهيم، وشريف عواد، أشرف فاروق، سامية صالح.
تابع دوارة: ويشهد كل من تعامل مع الفنان الأصيل فاروق عيطة على دماثة خلقه، وتواضعه الشديد والتزامه الفني الكبير، في احترام وجهة نظر المخرج وتنفيذ تعليماته مع الالتزام بالمواعيد بكل دقة، برغم اكتشافه المبكر لموهبته وحرصه على صقلها بالدراسة والتحاقه عام 1973 بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد «العالي للفنون المسرحية»، الذي تخرج فيه عام 1975 ، ضمن دفعة ضمت عددا كبيرا من الموهوبين الذين نجح بعضهم في تحقيق الشهرة بعد ذلك ومن بينهم: خالد زكي، أحمد راتب، فاطمة التابعي، نيفين رامز، جميل برسوم، أحمد حلاوة، عزة كمال، سامح السيد، رمزي غيث، جلال رجب، عبد الحميد المنير، والمخرجون: عثمان الحمامصي، صفوت القشيري.  
أضاف: كذلك كان بيننا تعاون مسرحي مهم ساهم في توثيق الصداقة بيننا، ذلك عندما قمت بترشيحه - بصفتي مخرجا منفذا للمخرج القديركرم مطاوع -  لتجسيد شخصية من الشخصيات الرئيسة بعرض «جاسوس في قصر السلطان» التي استمر عرضها لأكثر من شهرين بالمسرح القومي.
 أشار دوارة إلى أن الفنان فاروق عيطة هو ابن محافظة «دمياط»،  مركز ومدينة «كفر البطيخ» من مواليد 18 مايو عام 1954. وقال: وبرغم انتماء الفنان مبكرا لعضوية أسرة المسرح القومي- منذ تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية منتصف سبعينيات القرن الماضي- فإن فضل  اكتشافه وتقديمه مسرحيا يعود  للمخرج الكبير عبد الرحمن الشافعي ذلك عندما منحه أدوار البطولة بمسرحيتيه : عاشق المداحين، والسيرة الهلالية.
تابع: يستطيع الناقد المتخصص والمتابع لمجموعة الأعمال الفنية للفنان القدير فاروق عيطة بمختلف القنوات الفنية، ملاحظة أنها لا تتناسب أبدا على مستوى الكم مع حجم موهبته المؤكدة  وخبراته المتميزة، حيث اضطرته ظروفه الحياتية إلى الإقامة عدة سنوات بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الإقامة عدة سنوات بالمملكة العربية السعودية، حتى في «مصر» فقد أسس بعض الأعمال الخاصة، حتى لا يضطر إلى تقديم أعمال فنية لا يرضى عليها!! فقد كان عشقه للمسرح، هو مجال دراسته وتميزه، ولم يتح له انتماؤه لكبرى الفرق المسرحية (المسرح القومي) فرصة البطولة إلا في عدد محدود من العروض المتميزة، حيث تضم قائمة أعماله المسرحية العروض التالية: مع فرقة «السامر»: (عاشق المداحين (1978)، السيرة الهلالية (1985).
فرقة «المسرح القومي»: مجنون ليلى (1986)، ليلة في قهوة السعادة (1995)، الملك لير (2001)، لن تسقط القدس (2002)، الأميرة والصعلوك (2005)، للحياة رائحة أخرى (2005). مع فرقة «مسرح الغد»: يوم من هذا الزمان (2003). ومن المخرجين الذين تعاون معهم بالمسرح: كرم مطاوع، أحمد عبد الحليم، عبد الرحمن الشافعي، فهمي الخولي، نور الشريف، عمرو دوارة، حسن العدل، عامر علي عامر.

رضا الجمال: كان محبوبا مهذبا متميزا 
فيما قال الفنان القدير رضا الجمال: كان صديقا جميلا مهذبا، حزنت كثيرا لرحيله، تعين في المسرح القومي ولم يستمر كثيرا، وبعد سنوات قليلة، سافر إلى السعودية وقضى فيها وقتا كبيرا، موجها للمسرح، وعاد للقاهرة وتعامل والتحق بمجال المقاولات بعيدا عن الوسط الفني.
 أضاف: أحب التمثيل كثيرا وقضى فترة طويلة في العمل  المسرحي وقدم أدوارا متميزة مع عبد الرحمن الشافعي في مسرح السامر. كان فاروق عيطة محبوبا مهذبا متميزا. 

د. أشرف زكي: اختار أدواره بعناية وقدمها بصدق 
وكان أول من نعاه الفنان الدكتور أشرف زكي «نقيب الممثلين» حيث قال: صديقي الفنان فاروق عيطة، فنان عظيم من الزمن الجميل، أحد نجوم المسرح القومي، محب للجميع ومحترم، لم يصدر منه شيء يضايق زملاءه، اختار أدواره بعناية وقدمها بصدق وعناية شديدة، ملتزما بالجدية التي آمن بها منذ البداية، وتلك المسألة تحسب له وتضيف إلى رصيده الكثير، قدّم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية خلال مسيرته، أعمالا متنوعة ما بين الدراما التلفزيونية والأعمال المسرحية، فكان صاحب بصمات فنية مميزة في الأعمال التي شارك فيها.
وأضاف: فاروق عيطة لم يكن متكالبا على العمل، بقدر ما كان حريصا على اختيار ما يناسبه ويفصح عن جديته واصراره. 

جمال قاسم: «عاشق المداحين» محطة انطلاقه 
وقال المخرج جمال قاسم: تلاقينا في ساحة مسرح السامر عام 1977 حيث كان يتم الإعداد لمسرحية «عاشق المداحين» هذه المسرحية أو الليلة المسرحية الدافئة التي استمر عرضها طويلا على مسرح السامر؛ احتفالا برائد الفن الشعبي زكريا الحجاوي، فكانت محطة انطلاق فاروق عيطة على المستويين الفني والشخصي، فعاشق المداحين طرحت تيمتين شعبيتين من ثنايا إبداع زكريا الحجاوي «أيوب وناعسة»، والثانية «سيرة سعد اليتيم» في كتابة درامية بالغة الجمال ليسري الجندي وأخرجها عبد الرحمن الشافعي وكنت من ضمن فريق المساعدة في الإخراج.
تابع: أظن أن هذه الليلة كانت هي الأولى في المسرح المصري التي يحضر الافتتاح فيها الرئيس محمد أنور السادات وتذاع كاملة على الهواء مباشرة.
وقد تألق فيها تألق فاروق عيطة في دور أيوب أمام المتألقة عزيزة راشد، كما تألقت كل عناصرها بما تحمله من روح وثابة بغية النجاح المحقق.
أضاف: أما عن الجانب الشخصي للجميل فاروق عيطة فقد تعرف في هذا العمل على أسرة زكريا الحجاوي، الذين كانوا يتابعون البروفات عن كثب، وتمت الفرحة بالزواج من ابنة زكريا الحجاوي التي لازمته رحلة النجاح والحياة والأبناء.
أما المحطة الأخرى بالغة الأهمية في حياته  فهو عرض «السيرة الهلالية» بوكالة الغوري .. رائعة يسري الجندي وكذلك عبد الرحمن الشافعي عام 1985. هذا العمل الذي  كان حالة من الإبداع المتراص والمتداخل مع بعضه، طبيعة المكان الأثري وما يتطلبه من سينوغرافيا خاصة للفنان حسين العزبي، ورواة للسيرة الشعبية البالغة الثراء «فاطمة سرحان وعزت القناوي» وكل عازفي الرباب والطبول والمزمار مشكلين إيقاعا فريدا وأصيلا ..ينضم لتلك الرؤية الرائعة لعبد الرحمن الشافعي عدد من مبدعي فن التمثيل، فكانت مباراة تمثيلية غاية في الرقى، نشهدها كل ليلة بين الرائع فاروق عيطة الذى يلعب دور أبو زيد الهلالي وبين إبراهيم عبد الرازق الذى يقوم باقتدار نادر بدور دياب ابن غانم، ومعهم مجموعة ممثلين صنعوا عرضا فريدا لهذه السيرة المفعمة بالصراع. 
تابع: وفاروق كان طوال الوقت هو البالغ العذوبة، سهل، لين، محب، وأعترف أنه من أشيك من قابلت، أنيق دائما لا تفارق الابتسامة وجهه، عرفته وهو طالب في معهد الفنون المسرحية، لم أشعر أبدا بأن به ذرة من الغرور الذى كان يمكن أن نراه من أقرانه، بيننا محبة خالصة، كنت أزوره في سكنه بميدان الجيزة، وكان يشاركه السكن الفنان الراحل أحمد حلاوة، وكل كلامنا لا ينقطع عن سيرة المسرح وكتابه وأساتذته ونقاده وأبطاله العظام. وأذكر أنه في مشروع تخرجه من المعهد كان شديد التميز والإبداع في تقديم  مشاهد من روميو وجوليت. 

حسن العدل: سفير لمصر على قدر المسؤولية
 وقال الفنان القدير حسن العدل: فاروق عيطة أخ وصديق وزميل من المسرح القومي سنة 1981، فنان أصيل وإنسان بمعنى الكلمة، له أعمال درامية في التلفزيون كثيرة ومؤثرة، وأيضا أعمال مسرحية عديدة، اشتركنا معا في أعمال مسرحية في المسرح القومي، وكان متعاونا بكل جدية وانضباط، يملأه الحب ويتعاون مع زملائه وأصدقائه، سافرنا معا للعديد من المهرجانات المسرحية في الدول العربية، ولأن المسرح القومي له خصوصيته في النظام سواء على خشبة المسرح في القاهرة أو خارجها، كان هو شديد الانضباط وكان يمثل مصر سفيرا على قدر المسؤولية،علاقته طيبة ومحبة بكل زملائه من صغيرهم لكبيرهم، معاملة محملة بالود والحب والاحترام والالتزام بما يقدم، وصورة جميلة، قدم أفضل صورة للمسرح القومي فيما قدم من أعمال لها طبيعتها الخاصة، والالتزام بما يقدم للمسرح.
 أضاف: طلبته في عمل مسرحي من إخراجي مسرحية «للحياة رائحة أخرى» تأليف زميلنا بالمسرح القومي «كرم محمود»، فلم يتأخر وكان ملتزما جدا ومتفهما لما تطرحه المسرحية من إسقاطات، فالشخصية مركبة تتطلب مجهودا ذهنيا وتحولات سيكولوجية.
وأكمل العدل متأثرا: حقيقة الحياة الدنيا أنها ستنتهي بصاحبها في وقت معين، ويذهب إلى الحياة الآخرة محملا بما عمل في الحياة الدنيا، وستظل ذكراه أبدية مع من تعامل معهم، وإن كان طيبا وخلوقا فستكون شهادة طيبة له مع من تعامل معهم بكل الخير. فاروق عيطة كان رائعا وستظل ذكراه طيبة عطرة، رحمه الله رحمة واسعة .

محمد عبد المنعم: كان والده مديرا عاما للأوقاف 
وقال محمد عبد المنعم وكيل وزارة الثقافة بالهيئة العامة لقصور الثقافة سابقا: فاروق عيطة فنان أصيل وكبير، لم ينل حقه من الشهرة في مصر؛ لأنه عجل بالهجرة للعمل في الخليج مبكرا، بعدما تألق في كثير من الأعمال التي شارك فيها بالمسرح أو بالتليفزيون أو بالسينما.
أضاف: ولد بكفر البطيخ محافظة دمياط عام 1954 لأسرة أزهرية، فقد كان والده - رحمه الله - فضيلة الشيخ سيد عيطة مديرا عاما لمديرية الأوقاف بدمياط، وعندما نجح فاروق في الثانوية العامة وقدم أوراقه لمكتب التنسيق، جاءه خطاب الترشيح لكلية الزراعة بجامعة القاهرة، ولكنه لم يلتحق بها وسافر إلى القاهرة وسحب أوراقه دون علم والده، وقدمها في المعهد العالي للفنون المسرحية،  وظل والده لفترة طويلة يتوهم أن ابنه منتظم في دراسته بكلية الزراعة، حتى علم بالحقيقة، ولكن لأنه كان محبا لابنه بشدة فلم يقف في سبيل عشقه للتمثيل والفن، بل بارك له هذا الاختيار.
تخرج فاروق من معهد الفنون المسرحية وعين على الفور لتفوقه بالمسرح القومي، ليقف جنبا إلى جنب مع عمالقة التمثيل في مصر بهذا المسرح، والتقطه المخرج عبد الرحمن الشافعي ابن الثقافة الجماهيرية، ليلعب معه بطولات كثير من أعماله المسرحية التي قدمها على مسرح السامر في عهد سعد الدين وهبة، وتألق فاروق عيطة في هذه الأعمال بدءا من (عاشق المداحين) التي قدمت في ذكرى زكريا الحجاوي الذى كان صديقا مقربا للرئيس الراحل أنور السادات، وقد حضر السادات عرض الافتتاح في مسرح السامر، ثم تألق فاروق عيطة بعد ذلك في معظم الأعمال التي قدمت بالسامر مع الشافعي ويسري الجندي وغيرهما مثل «علي الزيبق وياسين وبهية « وغيرها. 

ياسر صادق: لم يستفد الفن منه بالقدر الكافي 
وقال الفنان القدير ياسر صادق: الفنان فاروق عيطة كان ممثلا عبقريا، وكان عضوا بالمسرح القومي، معتزا جدا بنفسه وشديد الاحترام والأدب، عملنا سويا في المسرح في بداياتي وكان دائما يشجعني، وكنت عندما أناديه بالأستاذ يقول لي «لا تقل لي أستاذ قل لي فاروق»، تشاركنا في فيديوهات كثيرة مع بعضنا، كان في غاية الأدب والأخلاق والسمو، لم يأخذ حظه وكان راضيا ولم يكن متذمرا ولا غضوبا، كان راضيا،  وكان صديقا في العمل وكنا متلازمين أثناء فترة العمل، ولكن في الفترة الأخيرة أخذتنا الحياة من بعضنا البعض، ولكن تظل محبته قائمة في قلب كل من تعامل معه، وللأسف! لم يأخذ حظه وأتمنى من الله أن يأخذ حظه في الآخرة، رحمه الله.

منال سلامة: أخَّرَته الفترة التي سافر فيها
فيما قالت الفنانة منال سلامة: اشتركنا معا في «الأميرة والصعلوك» من إخراج نور الشريف، وأنا أحب هذا العمل كثيرا وكل من عمل فيه، فهو له مكانة خاصة عندي، ويعتبر فاروق عيطة من الفنانين المهذبين، له شخصية مميزة في التمثيل، وصوته تستطيع أن تميزه حتى وإن أغمضت عينيك، كان ممثلا مميزا في كل شيء، لكنه ترك التمثيل وسافر لفترة طويلة، ورجع بعدها، وهذه الفترة أبعدته كثيرا، ولكنه في الحقيقة كان فنانا حقيقيا من المحترمين والملتزمين.

أمينة سالم: «فاروق وأمينة أبكوني وأضحكوني» 
وشاركت الفنانة الدكتورة أمينة سالم قائلة: الفنان النبيل المحترم فاروق عيطة كان من أنبل الشخصيات الذين تشاركت معهم البطولة على خشبة المسرح القومي في عرض « للحياة رائحة أخرى « عام 2005 ، كان عائدا من السفر، وهي الفترة التي تعد من أمتع الأوقات التي عملت فيها معه رحمة الله عليه، فهو على المستوى الإنساني وعلى مستوى الأخلاق وعلى المستوى الفني، غاية في الجمال والالتزام والإخلاص والتفاني، استمر العرض أكثر من عامين وفي خلال تلك الفترة لم يصدر عنه شيء ضايقني، كان نبيلا خلوقا محترما، والعرض كان في قاعة عبد الرحيم الزرقاني، من إخراج الأستاذ حسن العدل، وتأليف كرم محمود. 
أضافت: ظل مريضا لفترة طويلة، عدد كبير من الفنانين توفوا في الفترة السابقة، قد يكون السبب هو الجلوس في البيت، أو عدم الاهتمام، الفنانون المحترمون تحديدا يتوفون دون أن يشعر بهم أو يهتم بهم أحد. وفاروق عيطة من أهم ما ميزه أخلاقيا أنه ابتعد عن الأشياء التي لم يستطع الوصول إليها بشكل محترم. 
تابعت: ظل فترة طويلة بالخارج وعندما رجع تشاركنا في العرض، و كان يقول «أمينة سالم أعادتني للتمثيل من جديد». أتذكر الدكتورة نهاد صليحة عندما شاهدت العرض قالت: «فاروق وأمينة أبكوني وأضحكوني». كان يعمل بحب وكان راقيا، لم يتبق غير الذكرى والأثر الطيب، فالأثر ليس بكثرة الأعمال، وإنما أن يترك الفنان أثرا راقيا ونبيلا فينا، مهما كانت الأعمال التي قدمها قليلة.
وفي تأثر شديد قالت: تألمت كثيرا لأني لم أكن أتواصل معه وأزوره كما يجب، وعلى الرغم من تواصلنا القليل، فإني أشعر بالتقصير تجاهه. مطلوب منا جميعا أن نحب بعضنا، وأن نسأل عن بعضنا البعض وألا تلهينا الحياة،  فكلنا راحلون لا محالة مهما طال الزمن أو قصر.

ناصر سيف: لم يوضع في المكانة التي يستحقها 
فيما قال الفنان ناصر سيف: رحمة الله عليه، كان شخصا محترما جداً، يحترم فنه ويخلص له، ورغم ذلك لم يأخذ حقه الذي يستحقه، وحظه مثل حظ الكثيرين في المجال، ذلك لعدم وجود الشركات الحكومية والمؤسسات الفنية الكبيرة التي تستعين بمثل هؤلاء الفنانين الذين تخرجوا وتتلمذوا على أيدي أساتذة كبار في عالم التمثيل، لذلك هضم حقهم الفني والأدبي. 

يوسف إسماعيل: لا يختلف عليه اثنان 
وتحدث الفنان يوسف إسماعيل قائلا: رحمه الله لم يكن مجرد زميلا في فرقه المسرح القومي، وإنما زميل وصديق، سافرنا معا، وهو الفنان الراقي على المستوى الإنساني، أما على المستوى الفني فكان فنانا كبيرا ونجم نجوم الثمانينيات والتسعينيات في الدراما، وفي عمان ودبي، عمل عيطة في بداية حياته مع المخرج الكبير عبد الرحمن الشافعي، وأدى عروضا كثيرة معه، وكانت تلك العروض تلقى صدى ونجاحا جماهيريا كبيرا، أيضا في رواية «لن تسقط القدس» تأليف شريف الشوباشي وإخراج فهمي الخولي، وبطولة نور الشريف ومجدي كامل وفاروق عيطة ومجدي فتحي ومحمد رمضان وإيهاب صبحي وممدوح عدلي كاسب وحسن العدل وسمير عامر وأحمد عبد الحليم، وعملنا معا في «الأميرة والصعلوك» تأليف ألفريد فرج وإخراج نور الشريف، وكان عيطة يقوم بدور صقر الحبيب الغيور، شخصية مليئة بالمشاعر والإيقاع، فهو فنان لا يختلف عليه اثنان، سواء فنيا أو إنسانيا، افتقدناه كثيرا، ونتمنى لأهله وأصدقائه الصبر والسلوان.

خالد الذهبي: قلت له أنت ولي من الأولياء
  وقال الفنان خالد الذهبي: فاروق عيطة صديق، فنان جميل من الطراز الرفيع، مسرحي بوجه خاص، محب للمسرح بل عاشق له، له أعمال مسرحية متميزة في الثقافة الجماهيرية ومسرح السامر مع المخرج الكبير صاحب الرؤية الأستاذ الراحل عبد الرحمن الشافعي، منها «علي الزيبق» من تأليف الكاتب الرائع الراحل يسري الجندي، وله عدة أعمال في المسرح القومي وباقي المسارح، شاركت معه في أعمال تلفزيونية دينية وتاريخية كثيرة باللغة العربية الفصحى، وكان متميزا فنا وخلقا، سافرت معه في مسلسل تلفزيوني تاريخي تم تصويره في اليونان، فكان رفيق سفر كما يجب أن يكون الرفيق.
وأضاف: لي معه لقاء لا أنساه في الروضة الشريفة في المسجد النبوي الشريف في مدينة رسول الله المنورة، كنت لم أره منذ مدة طويلة وكنا نعمل في السعودية ولم نلتق، وذهبت لزيارة المدينة وكنت أصلي في الروضة الشريفة وخطر على بالي، وسلمت من الصلاة وإذا به على يساري في التسليمة الثانية، فقلت له أنت ولي من الأولياء، وجلسنا مدة نتذكر الأيام الجميلة. هو فنان جميل، قدير، متميز، وإنسان رائع، خلوق، طيب العشرة، حسن السيرة، عليه رحمة الله ومغفرته.

جلال العشري: لم يكتمل حلمه 
وقال الفنان القدير جلال العشري: عشنا معا فترة كبيرة بمسرح السامر، قبل أن ينتقل إلى المسرح القومي، وكان بطلا لفرقة السامر في أعمال الراحل العظيم عبد الرحمن الشافعي، كنت أشاهده على المسرح، وكان أخا كريما وصديقا عزيزا، ولكن انقطعت أخباره منذ فترة طويلة، كان عاشقا للمسرح، وقدم أعمالا للتليفزيون كنت أراها وأقول لنفسي: لماذا لم يسند له بطولات، حتى أصبحت في مكانه، وعرفت الجواب: لا مكان لموهوب حقيقي وسط الشللية، والأساليب التي لا تليق بفنان محترم وملتزم، رحم الله الفنان المحترم الملتزم والذى لم يكتمل حلمه.

شريف عواد: إنسان وفنان نادر الوجود
وفي كلمته قال الفنان شريف عواد: كل ما أستطيع قوله أنه المحترم، الخلوق، الموهوب الحقيقي، الرائع إنسانيا وفنيا، لم يأخذ حقه كممثل لأنه بعيد عن الشللية. كان عملاقا على المسرح، له حضور طاغ أمام الكاميرا، قابلته في حياتي في المسرح مرات قليلة وأنا طالب في المعهد، وبعد التخرج  شعرت أنني أمام إنسان وفنان نادر الوجود.

أشرف شكري: حالة إنسانية استثنائية  
وقال الفنان أشرف شكري: كان شخصا طيبا محترما وفنانا قديرا، يمثل لنا نموذجا، كممثل وإنسان، كان حالة إنسانية استثنائية عالية جدا، كان سيجمعنا مشروع مسرحية مع الأستاذ عباس أحمد تأليف نادية البنهاوي، إنتاج فرقة السامر، بطولة الراحلة سهير طه حسين، وتم عرضها في قاعة عبد الرحيم الزرقاني وقتها، ولكنه اعتذر عن العمل، كان رجلا محترما وصاحب أخلاق، وكنت أتمنى أن يشارك، ولكن لم يحدث نصيب ويكون معنا، ولكني كسبت رجلا وفنانا طيب القلب محترما إلى أبعد الحدود، وللأسف لم يجمعني به عرض آخر، وقد اختفى عن الأنظار حتى يوم وفاته. 


سامية سيد