العدد 930 صدر بتاريخ 23يونيو2025
تحت شعار «المسرح.. فى كل مصر»، تنطلق فعاليات الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى فى يوليو المقبل، لتعيد تسليط الضوء على أحد أعرق المهرجانات الفنية فى مصر والوطن العربى، والذى يشكّل منصة كبرى للتعبير، والتجريب، واستعراض الطاقات المسرحية من مختلف المحافظات والجهات الإنتاجية. تنطلق الدورة حاملة معها آمالا جديدة وطموحات متجددة لعشاق أبوالفنون، ومعلنة أن الخشبة لا تزال نابضة بروح الإبداع، رغم التحديات. المهرجان الذى يجتمع فيه الفنانون، والمخرجون، والنقاد، والمواهب الشابة، فى احتفال فنى سنوى يعكس ثراء المسرح المصرى وتنوعه، ويكرّس مكانته كمرآة للواقع وهمومه، وأداة للتغيير والتنوير.
تلك الدورة ليست فقط محطة فنية، بل أيضاً مساحة للنقاش والحوار حول مستقبل المسرح، ودوره الثقافى فى ظل المتغيرات الاجتماعية والسياسية. وبين العروض، والتكريمات، والندوات، تأتى هذه الدورة وسط تطلعات متزايدة من المسرحيين والجمهور، وسط تساؤلات تفرض نفسها:
هل تنجح هذه الدورة فى تجاوز التحديات السابقة؟ هل ستشهد تنوعًا حقيقيًا فى العروض وفتح مساحة للطاقات الشابة؟ إلى أى مدى ستعكس الأعمال المشاركة هموم المجتمع المصرى وتطورات الواقع؟
كما يفتح التحقيق باب النقاش حول توقعات المسرحيين من هذه الدورة:
ما الذى يطمحون إلى رؤيته؟
هل هناك آمال فى تجديد الرؤية الإخراجية والنصوص المسرحية؟
وكيف يُقيَّم دور المهرجان فى دعم الحراك المسرحى على مدار السنوات الماضية؟
أسئلة كثيرة تطرح نفسها ونحن نرصد أجواء هذه التظاهرة المسرحية، التى لا تكتفى بعرض الأعمال بل تثير النقاش حول هوية المسرح المصرى اليوم.. وغدًا.
متنفس الحركة الإبداعية المصرية
قال الكاتب والمخرج مجدى محفوظ: إن الفنون المسرحية تحتاج إلى فتح مسارات متعددة فى جميع أرجاء مصر، بما فى ذلك القرى والنجوع، مؤكدًا أن هذا التوجه من شأنه أن يُحدث حراكًا مسرحيًا على مستوى الدولة، ويُسهم فى طرح رؤى ثقافية متنوعة قادرة على تنمية وإصلاح المجتمع.
وأوضح محفوظ أن المهرجان القومى للمسرح المصرى تبنّى هذه الفكرة وساهم بشكل كبير فى تطوير الحراك المسرحى، مشيرًا إلى أن اختيار عروض تمثل مختلف المحافظات، إلى جانب مشاركة أعداد كبيرة من الشباب، يعكس الطابع القومى للمهرجان ويعطى أملا حقيقيًا فى مستقبل مسرحى واعد.
وأضاف أن هذه المشاركات ساعدت الشباب على التعبير عن رؤاهم المسرحية المستقبلية، وطرح أفكارهم التى يأملون أن تلقى دعمًا حقيقيًا يفتح أمامهم آفاقًا جديدة للإبداع والتطور، مشيرًا إلى أن إنتاج عروض مسرحية تعبّر عن قضايا المجتمع وهمومه، ومناقشتها فى الندوات الفكرية، هو ما يجعل المهرجان منصة حقيقية للنهوض بالمسرح المصرى.
وتابع محفوظ: الندوات التطبيقية تلعب دورًا محوريًا فى تحليل العروض، والتعرف على جوانب التميز والإخفاق فيها، معربًا عن أمله فى أن تُتاح الفرصة مستقبلًا لإقامة مثل هذه الندوات بشكل أوسع، خاصة للعروض القادمة من المحافظات، حتى يتمكن الجمهور من الاطلاع عليها وتحليلها، ما يعزز من الإقبال الجماهيرى على المسرح.
وفى السياق ذاته، أشار إلى أن قصور الثقافة فى المدن الكبرى - من أسوان إلى مرسى مطروح - تقوم ببث مباشر للعروض المسرحية والندوات التطبيقية عبر شاشات عملاقة، الأمر الذى يتيح للجمهور فرصة أكبر لمتابعة فعاليات المهرجان، ويؤكد على طابعه القومى.
وفيما يتعلق بالورش المسرحية، لفت محفوظ إلى أنها تُقام فى مختلف أنحاء الجمهورية، ويشارك فيها فنانون وتقنيون من المدن ذاتها، وهو ما يسهم - بحسب تعبيره - فى دمج التدريب النظرى مع التطبيق العملى بشكل متوازن، حيث يمكن للمتدرب فى محافظة مثل أسوان أن يتدرب محليًا، وفى الوقت نفسه يتابع التدريبات المركزية فى القاهرة.
أبرز أدوات التنوير والتغيير فى المجتمع
أما بخصوص التكريمات المسرحية، فقد شدد محفوظ على ضرورة وضع لائحة واضحة لتنظيم آلية التكريم، مؤكدًا أهمية الالتفات إلى المسرحيين خارج القاهرة، بل خارج مصر، الذين يسهمون بجهد كبير فى دفع الحركة المسرحية إلى الأمام.
وفى ختام حديثه، أعرب محفوظ عن أمله فى أن تحقق الدورة الحالية للمهرجان القومى للمسرح المصرى النجاح المرجو، مؤكدًا أن المسرح لا يزال أحد أبرز أدوات التنوير والتغيير فى المجتمع.
الورش الحالية علامة على تنامى الحركة المسرحية
فيما قال الكاتب المسرحى الدكتور السيد فهيم: إن أبرز ما يلفت الانتباه فى الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى هو العدد الكبير للورش الفنية وتنوعها، إلى جانب الأسماء الكبرى التى تشرف عليها.
وأضاف: هذا ما أدى إلى إقبال غير مسبوق من شباب المسرحيين من مختلف أنحاء الجمهورية، الأمر الذى دفع إدارة المهرجان إلى وضع معايير قد تبدو صارمة وصعبة، لكنها فى الواقع تتماشى مع منطق العرض والطلب.
وأشار إلى أن المهرجان عوّض ذلك بتقديم ورش موازية فى محافظات مصر المختلفة، يشرف عليها أيضًا مسرحيون كبار ومخضرمون فى تخصصاتهم، وهو ما يعكس تطور الحركة المسرحية وتناميها عامًا بعد عام.
وتابع فهيم: أتمنى أن تستمر هذه الورش طوال العام، وفق جداول زمنية تتيح الفرصة لجميع الراغبين فى الاستفادة منها، مع ضرورة إجراء تقييم دورى لنتاج هذه الورش من أجل تحقيق الهدف المنشود، وهو إعداد أجيال جديدة من المسرحيين الموهوبين.
أتمنى دورة غير تنافسية
وفيما يتعلق بالعروض المشاركة فى المهرجان، أوضح فهيم أنه لا يتوقع اختلافًا كبيرًا عن الدورات السابقة، مضيفًا: كم أتمنى أن تكون هذه الدورة تحديدًا غير تنافسية، لأسباب معلومة تم بحثها ومناقشتها كثيرًا، أهمها التباين الصارخ فى مستوى الإنتاج والدعم الفنى والإعلامى الذى توفره الجهات المعنية.
واختتم حديثه قائلا: تحياتى وتقديرى لكل القائمين على هذا الجهد العظيم.
آمل أن تكون دورة فاعلة
قالت الناقدة المسرحية أمل ممدوح إنها تأمل أن تحقق الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح المصرى الفاعلية إلى جانب كثافة الفعاليات، مؤكدة أن الفن المسرحى يجب أن يتقدم ولا يكتفى بأن يكون تابعًا أو مجرد انعكاس للواقع.
نريد فنًا يواجه الواقع برؤية استشرافية
وأضافت: لم أشهد جميع العروض بعد، لكننى أتمنى أن تكون مخلصة للفن المسرحى، وللحالة الفنية بشكل عام. آمل أن تحمل هذه العروض رؤى استشرافية تتجاوز مجرد التبنى السلبى للواقع وما فيه من أزمات، فقد بدأت ألاحظ ما يدعو للقلق من هذه الزاوية.
وأوضحت أمل ممدوح أن الفنان المسرحى يجب أن يتحلى برؤية استباقية وواعية، مشيرة إلى أنها تتمنى رؤية عروض أكثر جرأة فى التعامل مع واقعها، دون اللجوء المستمر لموضوعات بعيدة وأكثر أمانًا. واستدركت: لا أرفض تلك الموضوعات تمامًا، لكن ينبغى أن يكون لدينا توازن بين الجرأة والاختيار الفنى المسؤول.
كما أعربت عن رغبتها فى أن تشهد هذه الدورة تنوعًا فى أنواع العروض وموضوعاتها، إلى جانب توفير تنظيم مريح وتيسير حقيقى للجمهور، الذى يُعد الجناح الآخر للعمل المسرحى.
وأضافت ممدوح: أتمنى أيضًا أن تحظى الندوات الفكرية بحضور جماهيرى واسع، لا يقتصر فقط على المتخصصين، بل يشمل الجمهور العام، وأن تُعنى بمناقشة الواقع الثقافى ومستجداته، ومحاولة الوصول إلى حلول عملية أو على الأقل مبادئ أولية لها.
واختتمت حديثها بالقول: وسط ما يحيط بنا من أحداث، أتمنى أن أرى فنًا مقاوِمًا، مصرًّا على الحياة، وأتمنى كل التوفيق للعروض المشاركة ولكافة فعاليات المهرجان.
آمل أن تتجاوز الدورة الجديدة المشكلات السابقة
فيما أعرب الفنان أشرف شكرى عن أمله فى أن تشهد الدورة الجديدة من المهرجان القومى للمسرح تجاوزًا للمشكلات التى حدثت فى الدورة السابقة، مثل سوء التنسيق، وتأخير مواعيد بعض العروض، ومشاكل الحجز الإلكترونى، مما أدى إلى حضور جماهيرى ضعيف فى بعض العروض.
وشدد على أهمية تنوع العروض المشاركة، وأن يتم اختيارها بعيدًا عن أى شبهات، خاصة تلك التى لم تُعرض فى القاهرة من قبل، مع الأخذ بتوصيات لجنة التحكيم فى الدورة الماضية لتفادى تكرار نفس الأخطاء.
وأكد شكرى أن الأهم هو التركيز على جودة العروض لا على عددها، متمنيًا أن تكون الدورة المقبلة ناجحة، شاملة لمختلف أشكال الإنتاج المسرحى، ومعبرة عن تطور الحركة المسرحية، من خلال تقنيات وأفكار ورؤى حديثة وغير تقليدية.
واختتم بتمنياته بالتوفيق والنجاح لكل القائمين على المهرجان.
متفائل بالدورة الجديدة
فيما أعرب المخرج حمدى أبوالعلا عن تفاؤله الكبير بالدورة الجديدة من المهرجان القومى للمسرح، لما لمسه من تحضيرات جدية واستجابة فعلية لمطالب طالما نادى بها المسرحيون، وعلى رأسها إقامة الورش الفنية فى المحافظات، مثل طنطا والإسكندرية وأسيوط، مؤكدًا أهمية استمرار هذه الفعاليات وتوسيع نطاقها.
أتمنى انفتاحًا أكبر على المحافظات
وأشار أبوالعلا إلى أهمية تقديم العروض المسرحية فى المحافظات، مطالبًا بأن تُعرض العروض الفائزة فى مختلف الأقاليم، كى يتسنى لجمهور المحافظات مشاهدتها والتفاعل معها، دعمًا لفكرة المهرجان بوصفه قوميًا يشمل كل ربوع مصر.
وفى هذا السياق، وجه أبوالعلا شكره للفنان محمد رياض، رئيس المهرجان، على هذا التطور الملحوظ، كما أثنى على المخرج الكبير عادل عبده لدعمه المستمر للمسرح فى الأقاليم.
واختتم بقوله: يا سلام لو أقيم حفل الختام أو الافتتاح فى محافظة خارج القاهرة... أعتقد أن ذلك سيمنح المهرجان أبعادًا جديدة تليق باسمه وتحقق مفهومه القومى فعليًا.
المهرجان يشهد حراكًا مختلفًا
فيما عبّرت المخرجة منار زين عن تفاؤلها الكبير بالدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى، مشيدة بما وصفته بـ»الحراك المختلف» الذى يشهده المهرجان هذا العام، وقالت: هناك رؤية عامة شاملة لكل مصر، من خلال توزيع الفعاليات والورش والمحاضرات على مستوى الأقاليم، وهو ما أسعدنى للغاية؛ إذ نخرج من دائرة المركزية لنصل إلى التأثير الحقيقى فى المحافظات.
وأعربت عن أمنياتها بأن تكون الدورة موفقة وناجحة، وأن تتضمن أكبر عدد ممكن من العروض المسرحية المتميزة، مع منح مساحة واسعة لمشاركة الشباب على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم.
وأضافت: سعيدة جدًا بخطوات اللجنة العليا للمهرجان، سواء فى الورش أو الفعاليات، فكل ما فى هذه الدورة يشعرنى بالسعادة ويمنحنى الأمل بأننا سننتقل من دورة ناجحة إلى دورة أكثر نجاحًا.
مهرجان ناجح بطبيعته لأنه يحمل اسم مصر
فيما أكد المخرج والفنان شادى الدالى أن المهرجان القومى للمسرح المصرى يتميز بثبات نجاحه، لأنه تحت رعاية وزارة الثقافة ويعتمد على كوادر فنية وإدارية كبيرة وأسماء عظيمة من الفنانين، سواء فى رئاسته أو إدارته أو لجانه التنظيمية. وقال: هو مهرجان ناجح بلا شك، وهذا أمر طبيعى لمصر، فهى دولة عريقة فى الفن، ومسرحها يُعد من أهم المسارح فى المنطقة بأسرها. ومن الطبيعى أن تمتلك مهرجانا قوميا بهذا الثقل.
نوعية العروض هى التحدى الحقيقي
وأوضح الدالى أن التحدى الحقيقى لا يكمن فى المهرجان نفسه، بل فى نوعية العروض المقدمة كل عام، حيث يعتمد المهرجان على العروض التى قُدمت خلال الموسم المسرحى السابق حتى موعد انطلاقه.
وأشار إلى أن عدد العروض هذا العام قد لا يكون كبيراً، لكنه يحمل قوة فنية ملحوظة، سواء من إنتاج وزارة الثقافة، أو من الفرق المستقلة، أو الجامعات، وحتى العروض ذات الإنتاج المحدود، والتى كثيراً ما كانت تحمل مفاجآت فى دورات سابقة.
وقال: أحيانا يكون الإنتاج الفقير أقوى، لأنه ينبع من إرادة وعزيمة، وهذا ما يمنحنا الأمل فى مستقبل المسرح.
ويرى شادى الدالى أن التحديات التى تواجه المسرح المصرى ترتبط بصناع العروض أنفسهم، وليس بالمهرجان. إذ أن الفرق المسرحية، وخاصة المستقلة منها، تعانى من ضغوط وظروف قاسية، لكن الشباب ما زالوا يحاولون العمل والإبداع رغم الصعوبات.
مشيرا إلى أنه من الطبيعى أن نقيّم الإيجابيات والسلبيات داخل المجتمع المسرحى، لكن يبقى الأمل قائماً فى استمرار الحركة المسرحية.
دعوة لتوسيع مشاركة الشباب وإعلاء قيمة التنوع
وتمنى الدالى أن يكون تنظيم هذه الدورة على درجة عالية من الاحترافية، وأن تُعطى مساحة أكبر للطاقات الشابة، والعروض الجديدة ذات الأفكار المعاصرة، مع ضرورة التأكد من أصالة الموهبة.
وقال: ليست كل المواهب تصل إلى منصة المهرجان، ولكن كل دورة قادرة على إبراز نجوم جدد من الشباب، وهذا هو المكسب الحقيقى.
كما شدد على أهمية أن تعكس العروض هموم المجتمع المصرى، وتتناول قضاياه الملحة، لكنه نبه إلى ضرورة التنوع فى العروض بين الدراما، والعروض الكلاسيكية، والراقصة، والتجريبية.
وتابع: ليست رسالة المسرح فقط مناقشة القضايا الاجتماعية، بل من المهم تقديم مسرح بجماليات وتقنيات مختلفة تدفعه نحو التطور ومواكبة المسرح العالمى.
المهرجان يسلّط الضوء ويمنح دفعة
أكد الدالى أن المهرجان يلعب دوراً مهماً فى تسليط الضوء على الأعمال المتميزة، ويمنح دفعة قوية للمسرحيين للاستمرار فى مسيرتهم الفنية، خاصة فى ظل التحديات التى تواجه المسرح عالمياً.
مضيفا: أن التكنولوجيا تتطور بسرعة مذهلة، والميديا الحديثة تهيمن، لكن يظل المسرح حالة خاصة تحتاج إلى جمهور حاضر يتفاعل مباشرة مع الخشبة. هذه الخصوصية ستجعل المسرح يظل حياً... وسيعيش.
واختتم شادى الدالى حديثه بتمنياته بنجاح الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح المصرى، آملا فى استمرار الدعم والتطور لكل قطاعات المسرح، سواء المسرح الرسمى، أو المستقل، أو الجامعى، أو المدرسى.
مختتما: كل من يقدم مسرحاً يسهم فى دفع الحركة المسرحية للأمام، والمهرجان يساعد فى ذلك بمنح المسرحيين الضوء والمساحة والتقدير.
المهرجان القومى عيد المسرحيين
وشارك المخرج حسام التونى، قائلا: إن المهرجان القومى للمسرح المصرى يُعد من أهم الفعاليات المسرحية التى تُقام سنويًا فى مصر، مشيرًا إلى أنه بمثابة عرس فنى كبير ينتظره المسرحيون من مختلف القطاعات، لما يقدّمه من عروض متنوعة تمثل جهات عدة مثل الجامعات، فرق الهواة، المستقلين، والبيت الفنى.
وأضاف التوني: هذا التجمع المسرحى الهام يتيح للجمهور والمسرحيين على حد سواء فرصة لمتابعة إبداعات متباينة تعكس ثراء الحركة المسرحية المصرية، وأتوقع لدورته الحالية أن تكون قوية ومتميزة.
غياب المسرح الغنائى خسارة كبيرة
وأوضح التونى أنه شارك فى دورتين سابقتين من المهرجان، متمنيًا أن تتجاوز هذه الدورة أخطاء الدورات السابقة، وأن تشهد اهتمامًا أكبر بـالمسرح الموسيقى والغنائى، لافتًا إلى أن هذا النوع المسرحى كان حاضرًا فى السنوات الماضية، لكن فى هذه الدورة غاب تمثيله رغم وجود عروض غنائية مميزة قدمها شباب الجامعات ضمن مسابقات «إبداع».
وتابع: المسرح الغنائى أحد الاتجاهات المهمة التى ينبغى أن تكون ممثلة بقوة فى المهرجان، لأنه يعكس طاقات شبابية وإبداعًا متجددًا. لذا أتمنى من إدارة المهرجان تخصيص مساحة دائمة لهذا النوع، خاصة أن غيابه يُعد نقصًا فى التنوع الفنى المطلوب.
وفيما يتعلق بالمشكلات العامة التى تواجه المسرح المصرى، أشار التونى إلى أزمة قاعات العرض، قائلًا: عدد المسارح المتاحة أصبح محدودًا، وبعضها مغلق، مما يفرض تحديًا كبيرًا أمام الفرق وصناع العروض، ونأمل أن تتحرك الدولة نحو فتح مزيد من القاعات وإتاحة الفرص للعروض خارج نطاق المهرجان القومى.
وختم حديثه بقوله: المهرجان القومى بالنسبة لنا عيد سنوى، ونطمح لأن يحتضن كل الرؤى والاتجاهات المسرحية المختلفة، وأن يظل نافذتنا على جمهور واسع ومتعدد.
التنظيم والتنوع فى الدورة الجديدة للمهرجان القومى ضرورة
فيما أعرب المخرج سعيد منسى عن أمله فى أن تشهد الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح المصرى تنظيمًا أفضل من السنوات السابقة، مع الالتزام الدقيق بالمواعيد وبالجدول الزمنى للعروض والفعاليات.
وأكد منسى أهمية تنوع العروض المسرحية، معبرًا عن رغبته فى أن تمثل كل محافظات مصر داخل المهرجان، وأن تشارك جميع الجهات والمؤسسات المسرحية، بما فى ذلك فرق الهواة والمستقلة، لتكون جزءًا فاعلًا من هذا الحدث الوطنى.
كما شدد على أهمية توفير ندوات نقدية وتحليلية ترافق العروض، تتيح النقاش بين الجمهور وصناع العمل، وتسهم فى رفع الوعى الفنى. وأكد ضرورة تجهيز المسارح بشكل لائق، وتوحيد الظروف الإنتاجية والمواتية لتكافؤ الفرص بين الفرق المختلفة.
وأشار منسى إلى أن المهرجان القومى يعبر عن الوجهة الثقافية والمسرحية فى مصر، وهو انعكاس لما يشهده النشاط المسرحى على مدار العام، مشيرًا إلى ضرورة أن يستفيد الجميع من هذه المنصة الكبرى، لا سيما فى ظل تزايد شكاوى العام الماضى من بعض الجوانب التنظيمية والمعوقات التى واجهت الفرق.
واختتم بقوله: نتمنى أن تكون هذه الدورة دورة ناجحة وموفقة، تعبّر عن المسرح المصرى بشكل أفضل، وتؤكد حضوره الفعّال على الساحة الثقافية.
ورش بلا نتاج مسرحى تتحول إلى تمرينات معزولة
فيما عبر الباحث والناقد حسام الدين مسعد عن تساؤلاته حول جدوى الورش الفنية التى تُقام لأول مرة فى الأقاليم.
ورغم إشادته بهذه الخطوة بوصفها تعبيرًا عن عدالة ثقافية طال انتظارها، فإنه يرى أن غياب الإنتاج المسرحى الناتج عن هذه الورش يجعلها تبدو وكأنها غاية فى ذاتها، لا بداية لمسار فنى يُختبر أمام جمهور، مؤكداً أن الورش بلا مخرجات فنية تتحول إلى تمرينات معزولة لا تؤسس لمسار حقيقى.
دعوة لدمج مخرجات الورش
دعا مسعد إدارة المهرجان إلى تجاوز هذا القصور، مشيرًا إلى أن الوقت لم يفُت بعد، واقترح أن يُطلب من المدربين تقديم عروض قصيرة أو دمج مخرجات الورش المختلفة فى عمل مشترك، بما يحقق الحد الأدنى من التحقق المسرحى ويدفع الورش نحو هدفها الأعمق.
إشادة بمحاور الفضاء العمومى وكسر المركزية
وأشاد مسعد بتفعيل الفضاء العمومى هذا العام، من خلال طرح محاور فكرية فى بعض الأقاليم، ناقشت قضايا التراث، وتوغل الذكاء الاصطناعى فى فنون العرض، وأزمات المسرح المصرى بين الصناعة والإبداع، معتبرًا هذه الخطوة كسرًا لمركزية الثقافة، وتعزيزًا لمبدأ العدالة الثقافية.
التنوع والتجريب سبيل لتجديد دماء المسرح
عبّر مسعد عن أمله فى أن يراهن المهرجان على التنوع والتجريب، داعيًا إلى منح الطاقات الشابة فرصًا حقيقية بعيدًا عن النمطية والمجاملة. كما دعا إلى إدماج عروض الفضاءات غير التقليدية ومسرح الطفل المتميز ضمن فعاليات الدورة، لتكون أكثر عدالة وشفافية.
كما طالب مسعد بأن تُمنح التكريمات لمن يستحقونها من أصحاب الإنجازات المسرحية الحقيقية، لا أن تُستخدم كوسيلة ترويج إعلامى. كما عبّر عن تطلعه لصدور إصدارات نقدية جادة من المهرجان، إلى جانب النشرة اليومية التى يرى أنها تكتفى بالرصد الإعلامى دون تحليل نقدى معمق.
واختتم الباحث والناقد حسام الدين مسعد حديثه بالتأكيد على أن المهرجان، رغم أدواره المحورية فى دوراته السابقة، أصبح مطالبًا اليوم بصياغة سياسات ثقافية جديدة تليق بتاريخ المسرح المصرى، وتضمن له مستقبلًا أكثر حرية وعدالة وإبداعًا.
جنوب مصر بحاجة إلى مزيد من العروض
أعرب المخرج الفنان عماد عبدالعاطى عن تفاؤله بنجاح الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح، مشيرًا إلى حالة الحراك المسرحى الواسعة التى تشهدها الساحة الثقافية، من خلال تقديم عروض مسرحية على مختلف المسارح فى أنحاء الجمهورية، وهو ما يُعد أولوية كبرى فى دعم الحركة المسرحية.
ورغم التحديات وضعف الإمكانيات، أكد عبدالعاطى أن مسرح الثقافة الجماهيرية لا يزال يقدم إبداعات حقيقية تستحق التقدير، مشيدًا بجهود الفرق المسرحية فى مختلف المحافظات.
وأضاف: من المهم أن تصل العروض المسرحية إلى محافظات الجنوب، فهذه المناطق بحاجة ماسة إلى هذا الزخم الثقافى، فى الوقت الذى تتوافر فيه العديد من الورش الفنية والجهات المتخصصة بالقاهرة، مثل أكاديمية الفنون، ومعهد الفنون المسرحية، ومعهد السينما. لذلك فإن توسيع النشاط المسرحى فى الأقاليم يُعد خطوة ضرورية لتحقيق العدالة الثقافية وتعزيز انتشار الفن الجاد فى ربوع الوطن.
تحديات متراكمة ومسئولية الإصلاح
فيما أكد مصمم الديكور كريم عبدالسلام بكرى أن نجاح الدورة الجديدة من المهرجان القومى للمسرح المصرى مرهون بقدرتها على تجاوز التحديات المتراكمة من الدورات السابقة، وعلى رأسها الروتين الإدارى، والمحاباة فى الاختيارات، وضعف التمويل، وغياب الشفافية فى المعايير. ورأى أن انطلاقة المهرجان بحضور نوعى، وبتشكيل لجان تحكيم ذات كفاءة وحيادية، قد تمثل بداية جديدة تفتح آفاقًا لميلاد مختلف للمهرجان.
التنوع المسرحى ضرورة لا ترف
وأشار بكرى إلى أن التحدى الأكبر يتمثل فى مدى تحقيق تنوع حقيقى داخل العروض المسرحية، وفتح المجال أمام الطاقات الشابة والفرق المستقلة، بما فى ذلك فرق الجامعات والمناطق المختلفة، مؤكدًا أن المهرجانات ليست فقط منصات للعرض، بل فضاءات لاكتشاف الأصوات الجديدة ومنحها فرصة للظهور فى سياق احترافى. ولفت إلى أهمية الانفتاح على أشكال مسرحية متنوعة، كالعروض التجريبية، والمسرح التفاعلى، والعروض التى توظف الوسائط الرقمية، إلى جانب المسرح التقليدى.
مسرح يعكس هموم الناس
كما شدد بكرى على ضرورة أن تعكس الأعمال المشاركة نبض المجتمع المصرى، وقضاياه الآنية، من الحريات والهوية، إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا أن الجمهور لم يعد يتقبل العروض المنفصلة عن واقعه، بل يبحث عن أعمال تنبع من الشارع وتعكس تعقيداته، بعيدًا عن التنميط أو الأدلجة.
وأعرب بكرى عن تطلعه إلى مهرجان يحترم العقل، ويمنح مساحة للتجريب والجرأة، ويبتعد عن المنطق الاحتفالى الخالص، ليكون فعلًا فنيًا يحمل همًّا ثقافيًا حقيقيًا. كما دعا إلى توفير منصات حوار وورش تدريبية جادة تُمكّن الفنانين من تطوير أدواتهم، مشددًا على أهمية أن يعكس المهرجان المشهد المسرحى المصرى بكل تنوعه وتناقضاته.
نصوص جديدة ورؤى إخراجية مغايرة
وأبدى بكرى تفاؤله بقدرة الشباب على تقديم رؤى إخراجية مغايرة، تعتمد على التفكيك والتأويل، بدلًا من التلقين أو الاستنساخ. وأوضح أن تراجع الأسماء التقليدية يفتح المجال أمام جيل جديد يمتلك حسًا بصريًا مختلفًا، ووعيًا معاصرًا بالكتابة المسرحية المتصلة بالواقع.
التنظيم مرآة المهرجان
واختتم بكرى مؤكدا أن نجاح أى مهرجان يبدأ من جودة تنظيمه، ليس فقط عبر الالتزام بالمواعيد، بل فى التواصل المهنى مع الفرق، وضمان جودة الإقامة، وتوفير أدوات التقييم، والأهم إشراك الفنانين فى إدارة العملية التنظيمية بما يضمن شعورهم بالشراكة لا التهميش.
ورأى بكرى أن التقييم الحقيقى للدورات السابقة يجب أن يكون نقديًا لا احتفاليًا. فعلى الرغم من أن المهرجان كان المنصة الأبرز للمسرح المصرى، فإنه كثيرًا ما وقع فى فخ النخبوية وتكرار الأسماء ذاتها، فى حين غابت عنه طاقات شابة وأصوات من الهامش. ومع ذلك، أقر بأن للمهرجان لحظاته المضيئة، التى ساهمت فى إتاحة الفرصة لبعض العروض لتصل إلى جمهور أوسع، مشددًا على أن الأثر الحقيقى يجب أن يُقاس بمدى انعكاسه على المحافظات، وظهور أصوات جديدة، وتشكيل ذاكرة مسرحية مستمرة ومؤثرة.
المهرجان القومى للمسرح المصرى.. إبداع يتجدد
فيما أشاد الكاتب والناقد الدكتور محمود سعيد بالمستوى العام للدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح المصرى، مؤكدًا أن المهرجان بات يحتضن مختلف المفردات المسرحية المصرية، على اختلاف أشكالها ومصادرها، فى صورة تليق بحجم الحدث، وتليق بالمسرحى المصرى صاحب الإبداع المتجدد والرغبة الصادقة فى المشاركة الفعالة.
وثمّن سعيد الجهود المبذولة من الفنان محمد رياض، رئيس المهرجان، ولجان التنظيم، فى نقل فعاليات المهرجان إلى عدد من أقاليم الجمهورية، معتبرًا هذه الخطوة تعزيزًا حقيقيًا لفكرة « قومية المهرجان». كما عبّر عن أمله فى أن يحظى إقليم شرق الدلتا الثقافى بتمثيل لائق فى الدورات المقبلة، بعد غيابه عن هذه الدورة.
وأعرب عن رغبته فى أن تكون مشاركة المحافظات، مثل طنطا، أسيوط، بورسعيد، الإسكندرية، كاملة بأبناء هذه المحافظات، لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسرحيين المحليين، ما يعزز فكرة التمثيل الجغرافى العادل، ويرسّخ مبدأ تكافؤ الفرص.
خطوة إيجابية تبعث على التفاؤل
وأكد د. سعيد أن ما تحقق حتى الآن يُعد خطوة إيجابية تبعث على التفاؤل، وتدل على أن المهرجان بدأ يأخذ بالفعل طابعه القومى، كما كان مأمولًا.
كما نوه إلى أهمية المفردات الموازية داخل المهرجان، من بينها المؤتمر الفكرى والأبحاث العلمية، والندوات المتخصصة، والتى شارك فى بعضها على مدى خمس دورات سابقة، فضلًا عن إصدارات المكرمين وورش العمل المسرحية، التى وصفها بأنها عناصر محورية فى البناء الثقافى والفنى للمهرجان.
وتوقف عند ملف الإصدارات، معربًا عن أمنية متكررة لم تتحقق بعد، وهى أن يتحوّل كتاب التكريم إلى عمل مرجعى ذى طابع علمى ونقدى، يُوثق التجربة المسرحية للمُكرّم بطريقة تحليلية، لا أن يقتصر على المواد الاحتفالية من صور وأخبار ومقالات أرشيفية. ودعا إلى إبراز دور المؤلف فى تقديم قراءة فكرية ونقدية لمسيرة الفنان، باعتبار ذلك عنصرًا ضروريًا لضمان القيمة والاستدامة.
وأشار د. سعيد إلى أن بعض الكتب، فى شكلها الحالى، لم تحظَ بالاهتمام، بل تُركت أحيانًا داخل القاعات أو خارجها، وهو ما يعكس غياب الجاذبية المعرفية لهذه الإصدارات. ولفت إلى أن تكرار الأسماء ذاتها فى تأليف الكتب عامًا بعد عام أدى إلى حالة من التكرار، وخلق انطباعًا بكونها مهمة روتينية تُنجز بسرعة، ما يؤثر سلبًا على مضمونها، رغم ما يتمتع به المؤلفون من وعى وقدرة.
وفى هذا السياق، طالب إدارة المهرجان بتكليف الكُتّاب المعنيين بوقت كافٍ قبل انعقاد المهرجان، بما يتيح إعداد كتب تراعى القيمة العلمية للنجم المكرّم، وتحترم القارئ والمكتبة المسرحية معًا.
وختم الدكتور محمود سعيد حديثه بالتأكيد على أن المهرجان القومى للمسرح المصرى هو عُرس ثقافى وفنى يجمع خلاصة تجارب عشاق المسرح المصرى، وأنه يمثل مساحة أصيلة للتعبير عن تنوع وتناقضات هذا الفن، معربًا عن ثقته فى قدرة الفنان محمد رياض، بوصفه ابنًا للمسرح وفنانًا مثقفًا، على قيادة دورة ناجحة تليق بتاريخ المهرجان ومستقبل الحركة المسرحية المصرية.
ورش الأقاليم تشهد إقبالًا لافتًا
كما صرّح الكاتب الدكتور كمال يونس بأن الإقبال الشديد على ورش المهرجان فى القاهرة كان متوقعًا كونه أمرًا معتادًا، إلا أن الورش التى انتقلت فعالياتها إلى عدد من محافظات الأقاليم لاقت رواجًا كبيرًا بين المسرحيين، لا سيما فى بورسعيد وأسيوط وطنطا والإسكندرية. وقد تنوعت هذه الورش بين التمثيل، والإلقاء، والإخراج، والسينوغرافيا، بالإضافة إلى ورشة التذوق الموسيقى التى تُقام للمرة الأولى وشهدت إقبالًا كثيفًا، إلى جانب ورشة التعبير الحركى. وأكد يونس أن هذه الورش تمثل تواصلًا حميميًا لنشر الثقافة المسرحية واكتشاف المواهب، وقد جرى التخطيط لانتهائها بالكامل قبيل انطلاق فعاليات المهرجان فى النصف الثانى من يوليو.
وتابع: فى إطار دعم الورش، سيتم طباعة وتوزيع كتاب «مدخل إلى فن المسرح – أبوالفنون» على المشاركين فى ورش الكتابة، وهو كتاب مبسط يتناول أبرز موضوعات الثقافة المسرحية وتقنيات الكتابة.
كما أشار يونس إلى أن المهرجان هذا العام سيشهد تنافسًا حادًا بين فرق الثقافة الجماهيرية والهواة والجامعات، التى تقدم عروضًا تضارع – بل أحيانًا تتفوق – على عروض البيوت الفنية رغم فارق الإمكانيات.
وأعرب عن قلقه من تفشى ظاهرة العروض المقتبسة أو المعدة عن مؤلفين أجانب، والتى تم التحذير منها مرارًا، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على الهوية المسرحية المحلية.
وعن أسماء المكرمين فى الدورة الحالية، أوضح أنه لم يتم الإعلان عنهم بعد، مشيرًا إلى أن الإعلان سيتم بطريقة مفاجئة، متمنيًا أن يُوفّق القائمون على المهرجان فى اختيار من يستحقون هذا التكريم عن جدارة.
المهرجان تجسيد حى لحيوية الفن وضرورة وطنية للتحديث
قالت الناقدة الدكتورة أميرة الشوادفي: إن مهرجان المسرح القومى المصرى يُعد عرسًا فنيًا سنويًا يعكس بوضوح حيوية المسرح المصرى، ويُجسد مكانته كوسيلة فعالة فى التثقيف، والنقد، وبناء الوعى الجمعى للمجتمع المصرى المعاصر.
وأوضحت: أن طبيعة المهرجان التنافسية، والتى تجمع بين عروض مسرحية متنوعة من مختلف الفرق والمؤسسات التابعة لوزارة الثقافة، تسهم فى خلق حراك فنى وثقافى متاح أمام جميع فئات وشرائح الجمهور، وهو ما يعزز من وظيفة المهرجان كمشروع وطنى جامع.
وأضافت الشوادفى أن ما يرسخه هذا المهرجان من تأثير فى المشهد الفنى يجعله جزءًا أصيلا من الهوية الثقافية والفنية المصرية، بما يحمّله مسؤولية مضاعفة تستوجب التطوير المستمر والديناميكى. مؤكدة أن هذا الاهتمام يجب أن يأتى على رأس أولويات الدولة والقائمين على إدارة المهرجان، إذ يشكّل المهرجان توثيقًا حيًّا لحصاد الإبداع المسرحى فى مصر سنويًا، ويغرس قيم الجمال والفن فى وجدان الأجيال الجديدة.
وتابعت الشوادفي: نأمل هذا العام أن تشهد الدورة الجديدة خطوات أكثر جرأة من الدورات السابقة، وأن تُكسر الأنماط التقليدية فى تقديم الفعاليات، خاصة فى ظل دخول المسرح المصرى والعالمى إلى مراحل ما بعد الحداثة، وتشابك الفن مع متغيرات العصر من عولمة، ورقمنة، وذكاء اصطناعى، وهى تحديات ينبغى التعامل معها بوعى يُضيف إلى العمل المسرحى عمقًا، لا أن يُختزل فى معالجة شكلية سريعة.
خطوة فى الاتجاه الصحيح نحو فكرة القومية
وأشارت الشوادفى إلى أن من الإيجابيات المبشرة فى الدورة القادمة انطلاق الفعاليات قبل موعد المهرجان الرسمى بشهرين تقريبًا، من خلال ورش تدريبية تم الإعلان عنها، ولاقى بعضها إقبالًا واسعًا من فنانين متخصصين وهواة على حد سواء. وأكدت أن إقامة هذه الورش فى مختلف محافظات مصر، من شمالها إلى جنوبها، يُعد خطوة فى الاتجاه الصحيح نحو ترسيخ فكرة القومية والانتشار الجغرافى للمهرجان.
ضرورة ربط الفن والثقافة بالانتشار الجغرافي
كما أثنت على تنوع الورش المطروحة هذا العام من حيث الشكل والموضوع، مشيرة إلى أن تزامنها مع ندوات فكرية يُضفى على التحضير بعدًا ثقافيًا عميقًا. وقالت: نتمنى أن يستمر هذا النهج حتى انطلاق المهرجان، وأن تنعكس هذه الحيوية على جودة العروض المسرحية المقدمة، نصًا وإخراجًا، بما يتناسب مع شغف الجمهور واحتياجاته المعاصرة.
واختتمت الشوادفى مؤكدة أهمية أن يستمر إدراك القائمين على المهرجان بـ»ضرورة ربط الفن والثقافة بالانتشار الجغرافى، والاقتراب من القضايا المجتمعية الراهنة»، مشيرة إلى أن ذلك هو الطريق الحقيقى لتحويل المهرجان إلى منصة ثقافية وطنية ذات طابع إنسانى ومعرفى حيّ ومتجدد.
مهرجان المسرح القومى منصة مركزية تحتاج إلى مزيد من الانفتاح والتجديد
قال أ.د محمد عبدالمنعم، (المخرج المسرحى وأستاذ التمثيل والإخراج بقسم المسرح بجامعة الإسكندرية): إن المهرجان القومى للمسرح المصرى يُعد بمثابة منصة مركزية تعكس حال الحركة المسرحية فى مصر، وتدفع بها نحو آفاق أرحب منذ انطلاقه عام 2006. وأكد أنه من الضرورى مراجعة بعض التحديات التى واجهت المهرجان فى دوراته السابقة إذا ما أردنا تحقيق النجاح المنشود.
وأشار عبدالمنعم إلى أن من أبرز هذه التحديات تمثلت فى انحسار الفعاليات داخل العاصمة، وضعف التمثيل الجغرافى للعروض، وهو ما بدأت الدورة الحالية معالجته من خلال منهج إدارى وفنى أكثر شمولًا، بخروج المهرجان إلى بعض الأقاليم عبر ورشه الفنية ومحاوره الفكرية، وكذلك التوجه نحو تقديم بعض العروض فى المحافظات المختلفة، وهو ما يُعد خطوة أولى للتغلب على مركزية المهرجان.
تدوير الأسماء والمهام فى الدورات المقبلة.. ضرورة
ونوّه إلى ضرورة تدوير الأسماء والمهام فى الدورات المقبلة، سواء فى الورش أو الندوات، وعدم قصرها على أشخاص بعينهم، حتى لا تقع هذه الخطوة الإيجابية فى فخ التكرار النخبوى والنمطية، ولضمان الاستفادة من جميع الخبرات المتنوعة فى الأقاليم.
وتطرّق عبدالمنعم إلى الانتقادات التى وُجِّهت لبعض الدورات السابقة، لافتًا إلى وجود ميل لاختيار عروض تنتمى لمخرجين أو فرق بعينها، مما أدى إلى نوع من التكرار. وأعرب عن أمله فى أن تمنح الدورة الحالية الفرصة لمشروعات الشباب المبتكرة، معتبرًا أن التنوع فى الأشكال الفنية والمدارس الإخراجية والانتماءات الجغرافية والاجتماعية هو المعيار الحقيقى لنجاح المهرجان.
وشدد على أهمية تقديم رؤى إخراجية غير تقليدية تُوظّف التقنية الحديثة وتعيد صياغة العلاقة بين الممثل والجمهور والفضاء المسرحى، مع إعادة طرح الأسئلة الوجودية والاجتماعية بأساليب جديدة.
واختتم قائلا إن طموحات تطوير المهرجان تتطلب تحقيق عدة عناصر، منها: رؤى فنية متجددة، ونصوص جديدة بدلًا من النصوص المكررة، وعروض مسرحية تفاعلية تشرك الجمهور، إلى جانب جلسات نقدية موازية، وآليات تقييم عادلة وشفافة. ورغم الدور المهم الذى لعبه المهرجان فى إبراز بعض التجارب الجادة، فإنه لا يزال بحاجة إلى انفتاح أكبر على التجارب المستقلة والمهمشة، وتعزيز برامجه الفكرية والتكوينية لتحقيق التطوير المنشود للحركة المسرحية فى مصر.