مع الموجة الثانية من «كورونا» .. هل سيعود الـ(أون لاين)؟

مع الموجة الثانية من «كورونا» .. هل سيعود الـ(أون لاين)؟

العدد 693 صدر بتاريخ 7ديسمبر2020

تأثر العالم بأكمله بأزمة كورونا في موجتها الأولى كما تأثرت الفنون بشدة بهذه الأزمة وبخاصة المسرح ما جعل المسرحيون يُقدمون حلولهم البديلة التي  من بينها “الأونلاين” بالإضافة لبث عروض مُصورة من خلال الإنترنت، و إقامة مهرجانات “أونلاين” .. ومع بداية الموجة الثانية من “كورونا” بدأ القلق يعود من جديد وتساءل المسرحيون: هل سيستمر المسرح حيا، بعدما عاد ، أم سيعود مجددا إلى حلوله البديلة وعروض” الأونلاين “.   

كانت البداية مع المخرج ناصر عبد المنعم الذى قال: إذا اشتدت الموجة الثانية من الكورونا سيكون لها أثر بالتأكيد ولذلك يجب أن يكون لدينا خطط، لأنها ستؤثر على إقبال الجمهور على المسرح، وحتى الآن فلاتزال العروض قائمة والإجراءات الاحترازية متبعة، أضاف: أنا شخصيًّا قمت بعمل مسرحيتين “أونلاين”، لم يتم عرضهما بعد، وأنا لست ضد الأونلاين، ولكن المسرح هو لقاء حي مع الجمهور، في الوضع الطبيعي، ولكنّا  فى ظروف غير طبيعية، لذلك لا يمكننا أن نسقط التعريف الطبيعي للمسرح على ظروف غير طبيعية، لذلك تظل عروض الأونلاين مقبولة جدًا فى ضوء هذا الظرف وليس فى المطلق كفكرة، لأن المسرح يفقد الكثير من حيويته عند تصويره وتعليبه، لأن جماله فى الحضور المباشر مع الجمهور، ولكن في هذه الظروف يبققى الأونلاين هو الحل إلى جانب  المسارح المكشوفة، وبالتأكيد “الأونلاين” صنع حالة من الأمان للمسرحيين ووقاية  من عدم التوقف، لأن التوقف يُعد كارثة على عدة مستويات منها النفسي والاقتصادي، والأونلاين يُحافظ على صلة المسرحيين بالمسرح إلى حين انتهاء هذه الأزمة، بالإضافة إلى العروض فى المسارح المكشوفة.
تابع “عبد المنعم”: مع درجة شدة الموجة الثانية نستطيع أن نتعامل مع المسارح المغلقة، وفى حالة أن تشتد بدرجة كبيرة يُنصح بإغلاقها تمامًا للحفاظ على صحة الناس، وفى حالة أن تكون الموجة متوسطة أو يمكننا التعامل معها، يمكن أن نستكمل عملية التباعد داخل المسارح المغلقة وتستمر العروض. والأمر يحتاج لمرونة شديدة، ولكن أن يتوقف المسرح مرة أخرى بشكل تام، فلن يكون ذلك مناسبًا، ليس في المسرح فقط وإنما في جميع القطاعات التى وقع عليها ضرر كبير من التوقف التام في الموجة الأولى، نحن نحتاج لحلول تجعل الحياة تستمر دون خسائر بقدر المستطاع، ودون تعرض الناس لأخطار، واعتقد أن التوقف التام غير مجدي وليس مطروحا فى الدولة المصرية، لأن خسائره ضخمة جدًا، فمازلنا نُعانى من أثار الفترة التي تم التوقف التام فيها حتى الآن.
و قال الفنان د. علاء قوقة: من وجهة نظري أرى أن الموجة الثانية ستكون أقل بكثير من الموجة الأولى، وأنها لن تؤثر على المسرح بنفس درجة تأثير الموجة الأولى، واعتقد أن العروض الحالية والمستقبلية ستشهد حضورا بشكل أكبر من المرحلة الأولى، وأتمنى تحقيق ذلك لأن المسرح سيبقى هو المسرح، هو اللقاء الحى بين المتفرج والممثل، وبشكل كبير أصبح هُناك وجود مسرحي حتى إذا كان من خلال العروض الأونلاين، التى صنعت حالة من الأمان لدى المسرحيين، ولكن تلك الحالة يجب أن تكون من خلال التواجد الحي، وأنا مع “الأونلاين” طالما هُناك حظر ووضع بيئي وصحي وخطورة على المواطنين سواء المبدعين أو المتفرجين، ولا يمكنني أن أكون ضده لأننا تعرفنا على المسرح من خلال التلفاز، لم نكن نذهب إلى المسرح ونراه، ولكن تعلمناه وتعرفنا عليه وعلى أبطاله وأُعجبنا بهم من خلال التلفاز، وأعتقد أن ما لا يدرك كله لا يترك كله، فالأونلاين بديل مقبول ولو بصورة مؤقتة فى فترة الجائحة.
وتابع “قوقة”: يجب أن يكون لدينا خطط حقيقية من ورش وفعاليات وعروض أونلاين، كما  يجب أيضا  أن يكون لدينا خطة بديلة للتواجد الفعلي والتفاعلي بشكل حى، وهذا من وجهة نظري أحد الوسائل لامهمة  للتغلب على الكارثة التى أعتقد أنها ستنتهى قريبًا إن شاء الله.
المخرج ومصمم الاستعراضات مناضل عنتر قال : هذه الحالة من الترقب والانتظار تؤثر علينا نفسيًّا ربما أكثر مما حدث فى فترة الحجر الأولى، فالمسرحيين من أكثر من تضرروا بذلك، لأن تعاملنا مع الأفراد بشكل مباشر سواء فنانين أو جمهور، خلق نوعا من أنواع الخوف الكبير، الذى كان واضحًا جدًا بعد الحجر، ومع بداية الموجة الثانية عاد إلينا إحساس القلق من جديد، وبالتأكيد الموجة الثانية سوف تُؤثر على المسرح لأننا من الفنون التفاعلية التي تُقدم للجمهور بشكل مباشر وقريب ، كما أن العروض الحالية خلقت حالة من المتعة لدى الجمهور الذى كان متعطشا للعروض الحية، ورغم فكرة التباعد إلا أن الجمهور يستمتع بما يُقدم له بشكل حي ومباشر، على الرغم من أن فكرة التباعد تجعلنا نستقبل جمهورا أقل، ولكني أعتقد في أنه مع وجود مصل نستطيع أن نتعايش مع الأمر، وربما نعود للكثافة الطبيعية للمسارح.
وتابع “مناضل”: المسرح نشاط تفاعلي وفكرة الأونلاين لا تصلح للمسرح، إلا في حالة أن يتم تصوير العرض المسرحى بشكل يناسب العرض على الشاشات بشكل عام، ويجب أن يكون له مخرج تليفزيوني متخصص فى ذلك، كما يجب أن نبحث عن عوامل جذب حقيقية للأونلاين، وتحقيق مشاهدات حقيقية وفعلية كون ذلك  حلا مؤقتا، لأن توقف النشاط المسرحى يؤثر نفسيًّا بشكل كبير على الكثير من المسرحيين والأشخاص بشكل عام، كما كان له  أيضًا أثر إيجابي، فأنا شخصيًّا فترة الجائحة الأولى جعلت لدى متسع من الوقت للقراءة والمعرفة والاطلاع، وقد استطاع البعض استثمار هذه الفترة، والبعض أُصيب بالاكتئاب، وأتمنى إن شاء الله أن تنتهي الجائحة ويعود المسرح لاستقبال جمهوره بطاقته الكاملة.
فيما قال المخرج المسرحى أحمد السيد: العالم كان ارتجل مع الجائحة الأولى، واعتقد أن لدينا مع الموجة الثانية بالفعل بعض الخلفيات عن الموجة الأولى، وهى التزام الأشخاص بالمنازل وعدم الخروج إلا للضرورة، مع الالتزام بالتباعد، والمسرح قدم  حلا مقبولا هو الأونلاين، و فى هذه الفترة اعتقد أن المسرح يجب أن يقدم مجموعة أفكار مناسبة للجائحة ومناسبة زمنيًّا للأونلاين، من الممكن أن يكون زمن المسرحية من 10 دقائق إلى 15 دقيقة مثلًا، ونقوم بعمل كم كبير من المسرحيات قد يصل إلى 100 مسرحية، تُقدم كمحتوى مسرحي بسيط على الأونلاين في حالة الحظر الكامل وعدم التواجد الحي.. عروض الأونلاين يجب أن يكون لها مواصفات مختلفة لأن الوسيط مختلف، المسرح الأونلاين يمكن تسميته بالمسرح المصور، ويجب أن لا تزيد مدته عن 10 دقائق، لأن من وجهة نظري لن يجلس أحد على الإنترنت لمشاهدة محتوى أكثر من هذه المدة، وبالتالى فى حالة أن تكون المسرحيات أونلاين، فمن الممكن بثمن المسرحية الحية الواحدة نقوم بعمل 5 محتويات مسرحية أونلاين، تكون الموضوعات فيها مختلفة ومتنوعة وتتناسب مع الوسيط المقدمة من خلاله، وهو الانترنت، ويجب أن يكون التركيز أكثر على الموضوعات المجتمعية وبخاصةٍ الأفكار التي تنشط مجموعة القيم المجتمعية، ويجب أن يكون هناك تطوير في آليات صناعة هذا العمل.
أضاف “أحمد السيد”: الناس ستخرج من الجائحة متعطشة للمسرح الحي، لذا يجب أن نضع خطة لما بعد الجائحة في نوعية العروض المقدمة، لأن لدينا مشكلة فى الكيف وليس الكم، بمعنى كيف نُقدم مسرحا أثناء الجائحة لمجتمع يعانى من مشاكل كثيرة ويحتاج إلى أمل، فالأسرة شىء مهم وضروري أن نهتم بها، وأن تكون موضوعاتنا الفترة القادمة متجهة لذلك.
وقال المخرج المسرحى أحمد فؤاد: أتمنى أن لا تؤثر الموجة الثانية على المسرح، فمازلنا نحاول استعادة  الجمهور مرة أخرى للعروض الحية بعد الجائحة الأولى، وهذا مجهود كبير على صناع المسرح وبخاصةٍ مع إجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي، ولكن في حال شكلت التجمعات خطورة على صحة المواطن، فبالتأكيد تصبح صحة المواطن أولًا.
وأضاف “فؤاد”: الأونلاين بديل مقبول، ولكن المسرح مبنى على التفاعل الحي والمباشر، وهذا ما يفتقده المسرح الأونلاين، ولكن مع إتباع إجراءات السلامة والتباعد بشكل صارم، يجعلنا ذلك نحافظ على الناس وعلى استمرارية المسرح الحي.  
كذلك قال المخرج والناقد المسرحى وليد الزرقانى: الفن بشكل عام يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيه، وأي أحداث تحدث فيه سواء إيجابية أو سلبية، تؤثر على أفكار الفنانين والفن، على سبيل المثال شكسبير في فترة الطاعون كتب أهم مسرحيات فى حياته ، وكذلك العلماء كثيرون منهم اكتشفوا حقائق ونظريات علمية فى فترات الوباء. بشكل عام فترة الوباء أو الأمراض أو الخطر الذي يهدد العالم كله تكون فترة مفيدة للفن وليست مضرة، وتاريخ الفن يقول ذلك، الفن طوال الوقت يتأثر بالقضايا التى تحدث سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو دينية، كل القضايا الفن يتأثر بها، أما فيما يتعلق بالموجة الثانية، فحتى الآن ليس لدينا يقين من ذلك: هل بدأت بالفعل أم لا؟ ولكن فى حالة وجودها بالتأكيد ستؤثر على المسرح الحي كما حدث فى الموجة الأولى، سيتوقف المسرح لفترة ثم يعود من جديد.
وتابع “وليد”: مبادرة وزارة الثقافة التى صورت بالفعل بعض المسرحيات وتم عرضها اونلاين على قناتها على اليوتيوب، كما أذاعت مسرحيات قديمة لم يرها الجمهور إلا فى المسرح الحي فقط، كانت فكرة مهمة جدًا وأنا معها بشدة، على الرغم من أن من أهم عناصر المسرح التفاعل بين المتلقي وبين صانعي العمل المسرحى ، خاصةة وأن المتلقي أصبح من أهم العناصر المسرحية.
وقالت مصممة الديكور ورئيس قسم الإضاءة بمسرح بيرم التونسي دُنيا عزيز: الموجة الثانية ستجعل الناس أكثر حرصًا لأن كثير من الناس بدأوا يهملون فى اتخاذ الإجراءات الاحترازية و يتعايشوا مع الكورونا جدًا، وكثير من الفنانين أصيبوا بالكورونا بعد مهرجان الجونة. أضافت: إن أغلب المسارح أصبح بها بوابات التعقيم، وجميع المسارح تتخذ فيها جميع الإجراءات الاحترازية وبشدة، لذلك أرى أنه ليس هناك مشكلة في تواجد الجمهور مع الجائحة، ففي الإسكندرية كان لدينا لمدة ثلاثة أشهر مبادرة المؤلف مصري، وقد تم تصوير العروض أولًا أونلاين ثم عرضت على المسرح للجمهور، نتج عن ذلك عشرة عروض مسرحية، ولم نخرج و - الحمد الله- بأى خسائر ، ولم يصب أي فرد من أفراد المبادرة أو العاملين فى مسرح بيرم التونسي أو من الجمهور، كما حضرت وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدائم بنفسها ثلاثة عروض، وشاهدت مدى التزامنا بالإجراءات، فالحل هو التعايش مع الموجة الثانية مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية بشكل صارم.
وأعتقد أنه مع  الموجة الثانية سيتعايش الناس مع “ كورونا” ولكن بحرص أكثر، وأعتقد أنها لن تؤثر بالسلب على التفاعل الحي للمسرح.
تابعت “دنيا عزيز”: الأونلاين لم يوفر حالة من الأمان للمسرحيين، بالتأكيد ما بذلته وزارة الثقافة من مجهود كان رائعا جدًا، ولكن سيظل المسرح مبنى على التفاعل الحي المباشر، جمهور المسرح مختلف تمامًا عن جمهور السينما والتليفزيون، فالمسرح مبنى على تفاعل الجمهور مع المبدع بشكل حى وحقيقي.
ومن وجهة نظر أخرى قال المخرج ومدرب التمثيل أحمد سيف: لا يوجد قلق أو ترقب لأن المسرح يعتبر متوقفا حتى الآن، فالمسرحيات تأخذ وقتا كبيرا جدًا عند ترقيبها، فبعد الموجة الأولى وبداية فتح المسارح يأخذ  الترقيب من شهرين لثلاثة أشهر، والمسرح الحي عاد بنسبة الحضور المخصصة له كإجراءات احترازية من حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر فقط، يعني هناك كثير من المسرحيين لم يبدأوا العمل في مسرحياتهم أو بدأوا في العمل بعد الترقيب من شهر أو شهرين فقط، يعني مازال المسرح متوقفا، حتى الجمهور لا يأتى بشكل كامل، و”الأونلاين” ليس له علاقة بالمسرح تمامًا، المسرح هو التفاعل بين الجمهور والممثل بشكل حي، وليس عبر الإنترنت، لأنه يفتقد التفاعل مع الجمهور، الأونلاين فن جديد أو نوع جديد من التمثيل، لا استطيع أن أطلق عليه كلمة مسرح حتى لو تم تصويره على خشبة المسرح.
وقالت هناء شافع مدير إدارة الرقابة على المسرحيات: الموجة الثانية بالفعل ستؤثر على المسرح بشدة، يقال في الإعلام أنها أقوى وأشد من الموجة الأولى، وبالتالى قد نعود لفترة حظر جديدة وتتوقف العروض الحية تمامًا، وهذا أمر محزن، ولكننا لا نستطيع أن نعيد فتح المسارح بطاقتها الكاملة إلا بعد انتهاء الجائحة تمامًا لسلامة المواطنين، وبالطبع الأونلاين صنع حالة من الهدوء والاطمئنان للمسرحيين، ولكنني غير مؤيدة للأونلاين تمامًا، فالمسرح تفاعل وحياة.


إيناس العيسوي