العدد 803 صدر بتاريخ 16يناير2023
من هو ألفريد فرج
ألفريد فرج (1929- 2005) واحد من أبرز كتاب المسرح في الأدب العربي المعاصر مارس الصحافة والرواية والقصة والنقد والترجمة، ونجح فيها جميعا وتميز عن أقرانه بالتفوق في استلهام التراث، وتوظيف الفولكلور بطريقة بسيطة ومبدعة.
من مواليد قرية (كفر الصيادين)، مركز(الزقازيق)، محافظة (الشرقية). تخرج في كلية (الآداب) جامعة (الإسكندرية) قسم (اللغة الإنجليزية) عام 1949، وعمل مدرساً للغة الإنجليزية لمدة ست سنوات، ليترك التدريس إلى الصحافة حيث عمل في مجلة (روزا اليوسف) ثم جريدة (الجمهورية). كتب مسرحيات (حلاق بغداد) 1963، (سليمان الحلبي) 1965، (الزير سالم)1967، و(على جناح التبريزي وتابعه قفة) 1969.
عمل كمستشار برامج الفرق المسرحية بالثقافة الجماهيرية، ومستشار أدبي للهيئة العامة للمسرح والموسيقى، ثم مدير للمسرح الكوميدي. عام 1973 سافر إلى الجزائر حيث عمل مستشاراً لإدارة الثقافة بمدينة (وهران) ولإدارة الثقافة بوزارة التربية والتعليم العالي. وفي عام 1979 ترك الجزائر إلى لندن ليعمل محرر ثقافي في الصحف العربية هناك. نال ألفريد فرج عدة جوائز، مثل: (جائزة الدولة التشجيعية في التأليف المسرحي) 1965، (وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى).
«نال الأستاذ ألفريد فرج منحة دراسية من اليونسكو لمدة ستة شهور (1976)، كما نال منحة أخري من الأكاديمية الألمانية للتبادل الثقافي للتفرغ لمدة سنة في برلين الغربية (1983 ـ 1984)، كان الأستاذ ألفريد فرج من المهتمين بالكتابة عن فن المسرح نفسه، وقد أصدر في 1966 كتابه الشهير «دليل المتفرج الذكي إلى المسرح»، كما نشر (2005) كتابا عن ذكريات كواليس المسرح المصري بعنوان «شارع عماد الدين: حكايات الفن والنجوم». عاد الأستاذ ألفريد فرج إلى مصر (1986) ولقي كثيرا من التكريم، وكتب في مجلة «المصور»، ثم أصبح واحدا من كتاب الأعمدة الأسبوعية في «الأهرام»، ونشرت هيئة الكتاب أعماله الكاملة في عشرة مجلدات ضمت أعماله المسرحية وترجماته ومقالاته، وقد رأس الأستاذ ألفريد فرج لجنة المسرح في المجلس الأعلى للثقافة حتى وفاته.»1
مسرح ألفريد فرج
أبدع في استلهام التراث الشعبي المصري، فقد صرح فرج في أحد الحوارات الصحفية التي أجرته معه الصحفية عبلة الرويني: «أن في الستينيات كانت قضية الهوية مطروحة وقضية الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي ومضي كل في مجاله يبحث عن طابع عربي للمسرح .. وقد طرحت فكرة إحياء التراث. وأضاف فرج مجيباً علي سؤال - هل التاريخ شرط من شروط إبداعك؟-: «نعم والتاريخ هنا بمعنى أن اللحظة التي أعيشها هي لحظة تاريخية فالمسرح له علاقة بالتاريخ لإنه فن تجريد ليس كفن الرواية يهتم بالتفاصيل الحياتية وبتفاصيل الصورة، ولكنه فن مقطر، مصفى. وهو في هذه الناحية فن تجريدي بمعنى من معانى الكلمة، ومن ثم فكل مسرحية تستطيع أن نصفها بأنها تاريخية ومن ناحية أخرى فان المسرحيات ذات الإطار التاريخى هي مسرحيات عصرية لكن هذا الإطار التاريخي هو مجرد تجريد وأبعاد من أجل التقريب .. وشخصيات مثل (الزير سالم وسليمان الطبي، وأبو الفضول، وقفة (هى شخصيات عصرية ومعاصرة ولكن أنا فصلت وضعهم في هذا الإطار التاريخى لدواع فدية، ولدواع فكرية أيضاً.. فمثلا في (على جناح التبريزى وتابعه قفة) .. لو حدث واستخدمت الإطار الواقعى والمؤثرات الفنية الواقعية، لكان لا بد أن تتحطم أجنحة المسرحية وتتحول هذه الخاطرة السحرية التي تستمد جمالها من طابع الحواديت الشعبية إلى مجرد قصة واقعية رخيصة»2.
يعد التراث عند ألفريد فرج هو أحد الركائز الأساسية في خلق هوية المسرح العربي واستلهم الكثير من مسرحياته من السرد الشهرزادي في حكايات ألف ليلة وليلة كما ذكر ألفريد فرج في تذيله لمسرحية «على جناح التبريزى وتابعه قفه» حيث يقول ألفريد فرج «استوحيت قصة التبريزي وقفة من ثلاث حكايات في ألف ليلة وليلة هي حكاية المائدة الوهمية وحكاية الجراب و حكاية معروف الإسكافي»3
سمات المسرح الملحمى
إن بريخت عارض المسرح الأرسطي القائم علي الفعل بهدف إثارة عاطفة المتلقي، وقد نقد بريشت هذا المسرح بقوله:
« إننا نرى على المسرح جوا فارغاً مصطنعاً يحاول أن يغطى انفعالات الشخصية المسرحية بانفعالات الممثل. ومن النادر أن نسمع صوتا إنسانيا حقيقيا، ولذلك فان المشاهد يخرج بالانطباع بأن الحياة يجب أن تكون مثل المسرح تماما بدلا من أن يكون المسرح صورة مشابهة للحياة. أن المسرح يستثير انفعالات المشاهد وبذلك يمنعه من استخدم عقله. إن المشاهد يستدرج إلي شبكة الأحداث ويجبر على أن يتعرف على نفسه فى الشخصيات التي يراها. أما الوسائل التي يستخدمها المسرح فإنها تزيف صورة الواقع وتجعل المشاهد في حالة تنويم مغناطيسي لا يستطيع معها أن يدرك هذا الزيف. ومهما يكن العرض ممتعا فان تأثيره، إن لم يكن هدفه، هو أن يضع عقلنا في إطار غير نقدي».4
كما عبر بريخت عن نظريته الجدلية قائلاً: «اليوم حيث ينبغي اعتبار الجوهر الإنساني مجموعة من القيم تضم كافة العلاقات الاجتماعية، حينئذ يصبح الشكل الملحمي هو الوحيد الذي بوسعه أن يضم تلك القضايا التي تخدم الفن المسرحي كأداة لإعطاء صورة شاملة للعالم كذلك الإنسان الذي هو من دم ولحم لا يمكن فهمه إلا في القضايا التي يقف فيها ويعتمد عليها»5.
هكذا حاول بريخت الثورة علي كل ما هو تقليدي في المسرح من ناحية الإشارة إلي الزمان والمكان فوفقاً لكتاب الدكتور إبراهيم حمادة معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية أن المسرح الملحمي يستخدم ما «يوحي للمتفرج بالمكان والزمان»6 دون التركيز علي التفاصيل حتي يركز علي إعمال عقل المتفرج بدلا من إدخاله في حالة من الإيهام مع العرض المسرحي.
لذلك نلاحظ في المسرح الملحمي أن النصوص تكتب أقرب إلي السرد والحكي ودائما ما تحاول الحفاظ علي يقظة المتفرج تجاه الأحداث دافعه إياه علي دراستها وتحليلها بهدف التغير والثورة، فقد شملت موضوعات بريخت المسرحية كل ما يشغل فكر الإنسان بهدف تسليط الضوء علي تلك المشكلات وحث المتلقي علي فهم الأمور وإدراك ما يناسبه. فقد رفض بريخت (1898-1956) المسرح الأرسطي الذي يعتمد على التطهير وهو أن يندمج المشاهد كليا في العمل المسرحي وبالتالي تثار لديه عاطفتي الخوف والشفقة ومن ثم يحدث التطهير، فقد رفض بريخت هذا المفهوم رفضا قاطعا واعتبر أن المسرحي الأرسطي ما هو إلا تنويم مغناطيسي يعمل على إذهاب عقل المشاهد وحصره داخل أحداث العمل المسرحي من دون أن يكون لعقله أي دور في مناقشة الأحداث وتحليلها، فالمسرح الملحمي عند بريخت يعتمد اعتمادا كليا على عقل المشاهد من خلال توعيته بكل ما يحدث وبالتالي مناقشة مشاكله وتغيرها بهدف إيجاد الحياة الأفضل للناس .
بين بريخت والفريد فرج
يعد التشابه بين مسرح ألفريد فرج والمسرح البريختي ملحوظاً، وهذا لا يعني أن المسرحيات قد استلهمت من مسرح بريخت بداعي الاقتباس لكن التوجه العام للنص من حيث البناء والاعتماد علي السرد واستلهام التراث واستخدامه لخدمة مفهوم الحرية الذي نادت به مسرحيات فرج، وقد تعرض د. علي الراعي لتأثر ألفريد فرج بملحمية بريخت حين قال متحدثا عن مسرحية سليمان الحلبي: «أن شيئاً من أثر الدراما العالمية يوجد في هذه المسرحية وهو أكثر بروزاً مما تقدم، لأنه يتناول البناء المسرحي ذاته، وواضح أن ألفريد فرج كان يستحضر ما تخلص إلي نفسه جاءت نتيجة لمعاينته فن برتولد بريخت وبخاصة مسرحيته أوبرا ثلاث ملليمات والتي يوازن الكاتب الألماني بين القانون والعدل واللصوصية ويوضح أن القانون هو التسمية المؤدبة للسرقة والقهر، وأن المجتمع يطارد اللصوص الصغار ليحمي لصوصه الكبار. يصوغ بريشت أفكاره هذه في لوحات متتاليه حسب ما تقضي به طريقته الملحمية في البناء المسرحي. وألفريد فرج ينتهج النهج ذاته فيبني مسرحيته من مشاهد قصيرة متتابعه لا تخضع لوحدة المكان ولا لوحدة الزمان.»7
يتفق الباحث مع فكرة أن الملحمية قد أثرت في ألفريد فرج حيث أن مسرحية أوبرا ثلاث ملليمات كانت أحد المسرحية التي سلط ألفريد فرج الضوء عليها خلال كتابه- أضواء المسرح الغربي- والذي تعرض خلاله بالنقد والتحليل لعدد من النصوص المسرحية، ومن خلال الكتاب ذكر ألفريد فرج نظرية بريخت من وجهة نظره حيث قال: «بريخت علم من أعلام المسرح في القرن العشرين وموقفه الفكري ليس أشهر من موقفة الفني وأسلوبه الذي اشتهر باسم المسرح الملحمي في مقابل المسرح الدرامي. ونظريته المسرحية ليست نقيض نظرية أرسطو، وإنما هي نقيض نظرية مسرح ستانسلافسكي أستاذ الأخراج الروسي الذي تقوم نظريته علي ضرورة إيهام الجمهور وإندماج الممثل في الشخصية».8
ويري الباحث أن هذا دليل اهتمام ألفريد فرج بنظرية الملحمية عند بريخت حيث أنه قام بدراستها وحللها ليصل إلي النتائج السابق ذكرها علي لسانه، لنستنبط من ذلك أن النصوص التي تأثرت بملحمية بريخت عند ألفريد فرج هي نتيجة لتعمقه بدراسة المسرح الغربي. بالإضافة إلي تلقية «منحة دراسية من الأكاديمية الألمانية للتبادل الثقافي للتفرغ لمدة سنة في برلين الغربية (1983 ـ 1984)»9، وهذا دليل علي تعرضه بالدراسة للمسرح الألماني.
تحليل مقارن
مما سبق سنحاول أن نقوم بعمل تحليل مقارن بين نص علي جناح التبريزي وتابعه قفة لألفريد فرج والتى استفادت من مسرحية بريخت السيد يونتيلا وتابعه ماتي.
أولا:ً صياغة العنوان
لقد اعتمد بريخت فى عنوانه على أسماء شخصيات مسرحيته فعنونها بالسيد بونتيلا وتابعه ماتى وهو ما فعله ألفريد فرج أيضا فعنون مسرحيته « على جناح التبريزى وتابعه قفه لقد اعتمد الكاتبين على ذكر البطل والتابع.
ثانياً: الرسالة العامة التى يقدمها النص:
إن الرسالة العامة التي تقدمها المسرحيتان. يتناوب علي (الشخصية الرئيسة) شخصية مختلفة يتقمصها هو ويؤكد وجودها للأخرين تابعه قفة، تظاهره بأنه أمير فاحش الثراء، والقطب الأخر له هو شخصيته الحقيقية كتاجر مفلس. اما تابعه فهو وجود واحد مستمر: صانع أحذية سابق أصبح متسولاً . تبين المسرحية مغامرتهما في بلد حل به الفقر، لكن الصراع الحقيقي لا يدور في هذه المسرحيه بين هاتين الشخصيتين، كما هو الأمر في مسرحية بريخت حيث اختلف الأمر .
إن الصراع بين علي التبريزي والحكام الأغنياء في ذلك البلد الفقير، فتنقل علي بين القطبين عملية واعية تماما وتعد خداعاً وهو أمر لا يتفق مع ملحمية بريخت، ولكن يمكن إعتباره أيضا سخرية من خداع النفس عند البشر فأن علي عندما يتعامل من منطلق أنه صاحب الأموال فاحش الثراء يقوم بتوزيع كل ما يتحصل عليه من أموال التجار علي الفقراء مدعياً أنه يتنظر قافلته، ويمكن إعتبار هذا الفعل هو نتاج لصدمة علي جناح التبريزي بعد أن فقد ثروته علي حفلات الولائم التي أقامها من أجل أصدقائه، ليجد نفسه وحيد بعد فقد ثروته.
يناقض هذا ما يحدث مع بنتيلا والذي ينتقل بين العالمين بشكل غير واعي نتيجة لشرب الخمر، حيث أن ظهور شخصية بنتيلا الطيبة العطوفة مرتبط بحالة سكر بنتيلا فالخمر هي التي تتحكم في تقلبات بنتيلا علي العكس مع علي الذي ينتقل من حالة إلي إخري بوعي كامل.
لهذا يمكن القول أن الفريد فرج تأثر بصنع الحدث من بريخت ولكن اختلف دافع كلا من الكاتبين فى صنع شخصيته الرئيسية وفقاً لثقافة كلا منهما ففى الوقت الذى جعل فيه بريخت شخصيته بنتيلا تسكر فيظهر بنتيلا كان ألفريد فرج يعتمد على حيلة الخداع والتنكر لتظهر الشخصية.
ثالثاً : توظيف شخصية التابع :
اعتمد بريخت فى مساعدة بطله على شخصية «التابع /المربى « أو «التابع / الصديق « الذى يرافق سيده فى رحلته ويعمل أغلبية الوقت على عدم وقوع سيده فى مأزق إما بمساعدته أو دفع الضرر عنه دون علمه.
فقد حاول ماتي أن يمنع الأذى عن سيدة بنتيلا حين حاول توضيع وضع السيد للعمال الذين تم إنتقائهم للعمل لديه من السوق أثناء سكره، حيث أخبرهم بأن السيد بنيتلا لن يقوم بتوظيفهم حيث أن صفاتهم الجسدية لا تلائم الوظيفة.
وحين حاول ان يساعد إبنة السيد بنتيلا ايفا علي الهروب من خطيبها اينوسيلاكا حيث انها لا تحبه، هذا بالأضافة إلي تحمل ماتي إهانات سيدة له والشخصية الأزدواجية التي يمتلكها بين سكره وبين وعيه ولم يحاول قط إستغلال شخصيتة السكير التي يكثر خلالها بصرف الأموال.
اما ألفريد فرج فهو يرى أن الثراء الحقيقي في الصديق الوفي وضرب لنا مثلا في توظيف « قفة « الذي تقاسم ماله الذي جمعه بصعوبة بالغه مع شخصية علي و بالرغم من ضياع الأموال إلأ أنه قد ساعده في النهايه بعد أن تسبب في الايقاع به في يد الشرطة، مشيرأ إلي أن القيم النبيلة لا يرتبط وجودها بالمال او الوظيفة أو المكانة بل هي طبيعة بشرية داخل الإنسان، فالأخلاق النبيلة وجدت في أشخاص مختلفين ووظائف مختلفة وهو ما بينه من خلال علي جناح التبريزي وقفة تابعه وزوجته الاميرة إبنة الملك الجشع والمفارقة في وجود إبنة تحمل الصفات النبيلة من أب جشع لا يهمه غير مصلحته هو إبراز ذلك الاختلاف البشري أن نفس البيئة والمستوي قد يخرج منهما شخصان بصفات مختلفه تماماً بين الخير والشر.
رابعاً: السمات الأسلوبية داخل النصين
كتب بريخت المسرحية في برولوج و اثني عشر مشهداً، إذ تبدأ المسرحية بالبرولوج ولا يعتبر هنا مدخلاً لقصة المسرحية بقدر ما يوظفه بريخت في تقنية المسرح الملحمي لكي يحقق به اسلوب التباعد الذهني ويستخدمه في تأثير أسلوب التغريب.
وهذا ما أكده د. أحمد سخسوخ حيث تحدث خلال تحليله للنص:
«بالفعل اكتملت في هذه المسرحية عناصر الملحمية لدى بريشت إذ استخدم البرولوج، وأساليب التعريب المسرحى، وكتبت المسرحية في عدة مشاهد يفصل كل مشهد من الأخراعية وطرق إبعاد المتفرج ذهبياً عن الحدث ومفارقات كوميدية وغير ذلك من تقنيات المسرح الملحمى».10
«كتب ألفريد فرج مسرحيته علي جناج التبريزي وتابعه قفه منفصلين يحتوي كل منهما علي عدد من المشاهد ويفلص بين الفصلين لوحة صغيرة تسمى «الجراب» لا تمت أحداثها للمسرحية بصلة.
يعد تشابهأ مع نص بريخت الملحمي. حيث أن الهدف من الفصل الموجود في اللوحة الواقعه ما بين الفصلين هو نفس الهدف الواقع في نص بريخت الذي فصلت بين مشاهده أغنية، ليكون الهدف هو تحقيق أحد مبادئ الملحمية في فصل المشاهد عن الحدث منعاً للأندماج في الأحداث بهدف إعمال العقل عند المتلقي في فهم الأحداث والتفكير فيها.
ويأتي الخيال في نص علي جناح التبريزي في مقابل إزدواجية الشخصية عند بنتيلا. حيث إن التبريزي المفلس الذي فقد ثروته يعي أن لدي الإنسان سلاحا آخر، هو الخيال، وبه يمكن للإنسان أن يغير الواقع أو على الأقل أن يراه كما يشتهي، فيترك لخياله العنان ليتصور مائدة عامرة بكل صنوف الطعام، وحين يشد رحاله إلي بلاد بعيدة، فإنه يتخيل أنه أمير تتبعه قافلة محملة بكل شئ، فتنفتح أمامه أبواب المدينة، وتجري أموالها بين يديه، فيوزعها على الفقراء . وهكذا يتمكن التبريزي – بالخيال – من تغيير الواقع وإقرار العدل.
وهذة الشخصية الخيالية التي خلقها علي جناح التبريزي هروباً من واقعه تقابلها شخصية بنتيلا التي تخرج للنور حين يشرب الخمر.
ولكن ومع وجود هذا التشابه، يمكننا القول أن رسالة مسرحية علي جناح التبريزي وتابعه قفة ليست بعيدة عن رسالة مسرحية السيد بنتيلا وتابعه ماتي ولكنها ليست إقتباساً، ولكن يمكن وصفها بأنها مسرحية ملحمية، جائت بنية النص فيه علي شكل لوحات غير متصلة غابت عنها صفات المسرحية التقليدية. أي أنها تحمل مقومات مسرحية ملحمية وتضمنت بعض رسائل مسرحية بنتيلا.
المراجع
- أريك بنتلي، المسرح الحديث،محمد عزيز رفعت، المؤسسة العامة والأنباء والنشر- الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1965
- ألفريد فرج، أضواء المسرح الغربي،دار الهلال، 1989
- ألفريد فرج، وعبلة الرويني. “حوار مع الكاتب الفريد فرج.” قسم أدب ونقد، بنك المعرفة المصري [http://search.mandumah.com/Record/306899 ]
- د. ابراهيم حمادة، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، دار المعارف، 1985،
- د. أنيس فهمي إقلاديوس، من أعلام المسرح الالماني المعاصر، المجلس الاعلي للثقافة، 1999
- د. علي الراعي، المسرح في الوطن العربي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1978
- د. علي الراعي، المسرح في الوطن العربي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، 1978
- د. ماري ألياس – د. حنان قصاب، « المعجم المسرحي»، كتبة لبنان ناشرون، لبنان،
- د. محمد الجوادي، « ألفريد فرج أعظم كتاب المسرح استلهاما للتراث الإسلامي «، مدونات الجزيرة، 2019
- د.أحمد سخسوخ، برت بريخت « النظرية والتطبيق .. مسرحاً وسينمائياً»، أكاديمية الفنون، دراسات ومراجع، 2006
- رانيا فتح الله، الاتجاه الملحمي في مسرح ألفريد فرج،الهيئة المصرية العامة للكتاب،سلسلة دراسات أدبية،1998
- غازي شريف “المسرح الملحمي والتغريب عند بريشت. “مجلة الآداب، بنك المعرفة [http://search.mandumah.com/Record/264485]
- فيصل دراج “نقد الايديولوجيا الاخلاقية في مسرح بريشت «،الموقف الأدبي، إتحاد الكتاب العرب، بنك المعرفة [http://search.mandumah.com/Record/289657 ]
- لميس العماري،. «برتولد بريخت والمسرح في العالم الثالث.» مجلة الأدب بنك المعرفة[25516.search//:4/Record/com.mandumah http]]
المصادر
- ألفريد فرج، علي جناح التبريزي وتابعه قفة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر،1968
- برتولد بريخت، السيد بونتيلا وتابعه ماتي، د.عبد الغفار مكاوي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2018
الهوامش
1- د. محمد الجوادي، «ألفريد فرج أعظم كتاب المسرح استلهاما للتراث الإسلامي»، مدونات الجزيرة، 2019
2- ألفريد فرج، و عبلة الرويني. «حوار مع الكاتب الفريد فرج.» قسم أدب ونقد، بنك المعرفة المصري [http://search.mandumah.com/Record/306899 ]
3- ألفريد فرج، علي جناح التبريزي وتابعه قفة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر،1968، ص 113
4- د. أنيس فهمي إقلاديوس، من أعلام المسرح الالماني المعاصر، المجلس الاعلي للثقافة، 1999، ص177:178
5- غازي شريف «المسرح الملحمي والتغريب عند بريشت. «مجلة الآداب، بنك المعرفة [http://search.mandumah.com/Record/264485]
6- دكتور ابراهيم حمادة، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، دار المعارف، 1985، ص 225 المسرح الملحمي
7- د. علي الراعي، المسرح في الوطن العربي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، 1978، ص129
8- ألفريد فرج، أضواء المسرح الغربي، دار الهلال،1989، ص 132
9- د. محمد الجوادي، مقال(ألفريد فرج أعظم كتاب المسرح استلهاما للتراث الإسلامي)، مرجع سابق
10- د.أحمد سخسوخ، برت بريخت « النظرية والتطبيق .. مسرحاً وسينمائياً»، اكاديمية الفنون، دراسات ومراجع، 2006، ص162