انعكاس.. المرآة والمرأة

انعكاس..   المرآة والمرأة

العدد 785 صدر بتاريخ 12سبتمبر2022

انعكاس الضوء حين يسقط على المرآة .. ترى صورتك .. تري قرينك .. المرآة تلك التي لا تفارق المرأة أبدا .. من هنا إستلهم عمر لطفي مخرج عرض انعكاس سينوغرافية عرضه المشارك ببرنامج نوادي المسرح التجريبي ضمن فاعليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لدورته التاسعة والعشرون بقصر ثقافة الجيزة، حيث استخدم موتيفتين من البانوهات المفرغة أمام يمين ويسار المسرح، وكذلك موتيفتين من البانوهات الحاملة لمرآة مثقلة أقصى يمين ويسار المسرح يتوسطهم مساحة فارغة لتشعر وكأنها طريق تخرج من خلاله الممثلة وتمارس السير في المكان فتشعر بمرور الحدث والوقت معا، وفي تلك الأثناء .. وبوجود المرايا تلك تشعر وكأن تلك المرآة التي تتوسط المسرح إثنان أو ثلاثة أو فيما هو أكثر .. ومن هنا تشعر بأنها ليست الصراعات التي يتناولها العرض تخص امرأة واحدة، بل إنها تخص ما هو أكثر، أمور وصراعات دفينة تملك تضادات المعاني والمشاعر قد خلقت لها المرأة وربت طيلة عمرها من أجل رجل .
فمن انعكاس المرآة نجح مخرج العرض في أن يمتلك أدواته ويوظفها على النحو الأمثل .. ليست على مستوى الصورة فحسب، بل إنه وظف حركات عرضه بشكل ملائم لصورة المراية .. بها جانب من السيمترية الدقيقة التي تلاحظه في جانبي وجه الشخص الواحد، بل الجسد ككل .. تلك السمترية الشكلية لأي تكوين بشري أراد أن يتخذ منها أيضا المخرج ليعبر عما يكمن بداخل نفس المرأة الواحدة، بل بداخل نفس كل مرأة على الإطلاق .. فالأمر من الممكن أن يصل بنا بأن هذا الصراع من الممكن أن نشعر به داخل الشخص الواحد .. أي شخص من صراع ليظهر المخرج علاقات القرين بالإنسان فتشعر بأقصى الدمج بينهما لتتجسد في صورة واحدة، في صورة الشخصية نفسها، ثم يستخدم المخرج في تصاعد صراعه النفسي الموازي مع تصاعد أحداث العرض موتيفة التابوت مسترسلا في ذلك حركات متبادلة بين شخصية العرض والقرين أو المرأة للدخول والخروج من وإلى التابوت إلى أن ينتهي بسجن القرين بداخله وتتصالح الشخصية مع ذاتها الداخلية ويدفن الصراع .. وينتهي العرض .
فقد بدأ العرض المسرحي بشعور اللا مكاني واللا زمان، بل أنه من الممكن أن يكون ذلك الامر الذي تجسد بالعرض المسرحي أمامنا في عشرين دقيقة قد يتخذ في الحقيقة مدة لا تتجاوز العشرون ثانية، جسد لنا المخرج من خلال عرضه لحظات من التوتر النفسي العصيب، ليتناسب تلك العلاقة الزمكانية مع الصراعات الحقيقة الداخلية التي مكانها ما هو باطن ودفين في اللا شعور لا مكان له حقيقي وواقعي، وباستخدام عنصر المراية تمكن المخرج من تجسيد اللاشعور لأن يصبح واقع يمكننا أن نراه بأعيننا المجردة عبر ذلك الوسيد “ المراية “ .
ومن وجهة نظري أنني أرى أن العرض لا يتحمل لأن يتخذ ما يزيد عن هذا الزمن حتى لا يحمل المشاهد من أعباء قد تنفره من أن يتلقى أي شيء آخر، بل قد يصل به الحد إلى النفور وأن يترك صالة العرض ويذهب . هذه مسألة حسابية شائكة أرى أن المخرج قد نجح في تحقيقها بكل سهولة ويسر .
وعلى الرغم من نجاح المخرج في امتلاك أدواته وإمكانية توظيفها جيدا، إلا أنني أرى أنه أخفق تماما في اختياره لممثلاته الاثنتين، لكونهما امرآتان في مقتبل العشرين من العمر، مع العلم أن العرض يتحدث عن الصراع الداخلي للمرأة الأربعينية التي تواجه ضياع فرص الزواج والأمومة وما إلى ذلك من صراعات مشابهة .
فقد كان هذا العرض من تأليف / وليد فاضل، دراماتورج / إيمان سمير، استعراضات / مصطفى البدري، ديكور وملابس / محمد مجدي، تأليف موسيقي / وليد الليثي، وإخراج / عمر لطفي .


نهاد السيد