التمثيل والأداء متعدد الوسائط(3)

التمثيل    والأداء متعدد الوسائط(3)

العدد 784 صدر بتاريخ 5سبتمبر2022

نماذج وطرائق الأداء : 
 يصف  اليستروم أربع طرائق أساسية توفر الهيكل الداعم الذي يقوم عليه نقل منتج الوسائط. وكما رأينا، فان هذه الطرائق يمكن تمثيلها بشكل تخطيطي مع النماذج الخاصة التي تتعلق بالطرائق. ولا أقترح قراءة مباشرة لعمل المؤدي عن طريق طرائق اليستروم الأربع – علي الرغم من أن مثل هذه القراءة ممكنة، وتسمح بأن يكون الممثل نفسه هو وسيط الاتصال. وأقترح فضلا عن ذلك أنه يمكننا أن نحدد أربعة طرائق تطبق علي أي فعل أداء بشري، مع الأخذ في الاعتبار الجانب التقديمي / التمثيلي للأداء – ما يصفه جون ماكينزي بأنه « الأداء الثقافي» فضلا عن «الأداء التنظيمي». بمعنى آخر، نهتم بهدف الأداء التي يتحرك في تسلسل كيربي من التمثيل المرتكز علي الشخصية character based acting وصولا إلى الأداء غير المقولب non-matrixed performance  - ولكننا نبحث عن مجموعة من التوافقات للمساعدة في وصف تكوين وتأثير كل نوع أداء أمامنا. 
 يوفر لنا مفهوم طرائق الأداء : العاطفي والبدني والاستطرادي والسياقي. ويمكن معالجة كل منها فيما يتعلق بنماذج معينة تطبق علي الطريقة – إذ سيكون بعضها أو أكثر موجودا في طريقة الأداء المعنية. وسف تكون كل الطرائق الأربعة قابلة للوصف في أي فعل أداء، حتى لو كان بعضها ليس سائدا. وتعني المرونة وتوليفات التعدد المحتملة أنه يمكن تطبيق نظام التحليل علي مجموعة واسعة من حالات الأداء .ويمكنك أن تعترض بأن هذا مثل ابتكار نوع من خريطة للعالم بحجم العالم، إذا سمحنا لكل العروض الممكنة – إلا إذا كان هذا مخططا واسعا. وتحدد الطرائق الأربعة بنيويا بطريقة ما ترابطها وتمازجها المتنوع، والترتيب المحدد للنماذج المرنة. 
 في قائمة اليستروم، تصاحب طرائق الوسائط أوضاعا خاصة تطبق علي الطرائق. ومن الجدير بالملاحظة أن اليستروم أزال القائمة من الصيغة المطولة للمقالة التي تصدرت الكتاب. وفي مراسلات أثناء عملية التحرير، اقترح أن هذا لم يكن لأني أعتقد أنه من الخطأ استخدام هذه القائمة، ولكن لأنها دفعت ببعض الاستخدامات المبسطة والمضللة لمفهوم طرائق الوسائط .
طرائق الأداء عند لافندر ( بعد قائمة اليستروم ) ( الشكل 3-2)
 وبناء علي نموذج اليستروم – مع مراعاة محاذيره – يمكننا تحديد شيء مشابه فيما يتعلق بالطرائق والعلاقة المتبادلة بين نماذج الأداء. وهذه ليست أولويتي الفورية في المقال الحالي، حيث أتعامل مع الأداء كناقد بعد انتهاء العرض، وليس من منظور الممثل أو المخرج. ومع ذلك، لا يمكن التوفيق بين المنظورين بأي حال وقد يكون عمل تطوير نمطي لتدريب المؤدين مثمرا للغاية .
 يمكننا وضع العلاقة بين الطرائق والنماذج في قائمة كما نرى في القائمة 3-3. فالطرائق تعمل في علاقة مع المتلقي. كأن نقول مثلا أن الطريقة العاطفية ملائمة بقدر ما يتم إسناد الحالة العاطفية التي قدمها المؤدي للمتلقي. ولا يهم ما هي الحالة العاطفية للمؤدي ( علي الرغم من أن هذا ذو صلة ). فمثلا اذا بدت الشخصية التي يؤديها الممثل كئيبة، فان الحالة العاطفية  للممثل نفسه تكون مصدر قلق من الدرجة الثانية. ومصادر القلق من الدرجة الأولى هي ملائمة الحالة العاطفية الواضحة للمادة الموجودة ( لأن هذا ليس الشيء نفسه ) والتأثير (المحتمل في الادراك ) وتأثير الحالة العاطفية الواضحة للمتلقي. 
     وبالمثل ربما تتعلق الطريقة البدنية بتقنيات الأداء التي تفصل مظهر الجهد البدني عن الجهد البدني الفعلي للمؤدي ( علي سبيل المثال كونه لاهثا بعد الجري ربما ينتمي إلى الشخصية فضلا عن الممثل ). 
العلاقة بين طرائق الأداء ونماذجه  ( الشكل 3-3)
 الطريقة                    الصيغة تتضمن 
 العاطفية                 مفككة/ غير عاطفية، مركزة /ذات                   
                       مهمة محددة، مملة، لا مبالية 
                       مشتتة، مشاركة، حنونة، سعيدة، مسرورة،                        
                       قلقة، غاضبة، حزينة  
البدنية             نشيطة، تفاعلية، غير فعالة، سريعة، بطيئة، 
                      مجتهدة، أنيقة، مقيدة
                       خليعة، متوترة، مسترخية. 
الاستطرادية     معلوماتية، تفسيرية، موحية، عارفة، ساذجة، 
                     سياقية، ( ثلاثية الأبعاد) موثوق فيها، بريئة. 
السياقية         سينوغرافية، تركيبية، تمثيلية، ذات طابع 
                     تقديمي، بيئية، علائقية 
                     ترابطية، توكيدية، مشتتة الانتباه .
-------------------------------------------------------------
وتوظف مجموعة الأساليب في مدارس الدراما عبر العالم لكي تساعد المؤدين في توضيح الثبات والتنوع داخل الطرائق العاطفية والبدنية. وفكرة النسق المقدمة هنا هي لتحديد كيف  يمكن قراءة نماذج هذه الطرائق في فعل الأداء. 
     ويرتبط النوع الاستطرادي بالمعنى والمغزى الذي ينسبه المتفرج للأداء المقدم. وسوف يعتمد هذا علي المعلومات الإضافية المقدمة ( مثلا ) بواسطة شخصية/مؤدي آخر في العمل، وترتيب السرد، وتنظيم المشاهد، مثل تكوين الإضاءة لخلق بيئة مهددة. ولا يقدم المؤدي نفسه بالضرورة المادة الاتصالية التي يتم نقلها هنا، ولكن سوف يرتبط أدائه به ارتباطا وثيقا ويكون متورطا في ذخيرة المعنى بحيث يمكن قراءة كل حالة من أدائها ومن خلال  الطريقة الاستطرادية. ويطبق هذا علي أكثر الأعمال تجريدا، حيث لا تكون القصة محل خلاف ولكن تنتج تمثيلات ديناميات الأداء المعلومات للمتفرج. 
     ويطبق شيء مماثل فيما يتعلق بالطريقة السياقية. فمثلا، من المهم لبعض المشاهدين الذين يذهبون لمشاهدة الممثل بينديكت كومبرباتش في دور هاملت هو النجم السينمائي الذي يحمل أداءه أثرهم في ذاكرة المتفرج. ومن المهم للبعض أن يرى « أول ليلة عرض «، التي تأتي بالرعشة الإضافية للمؤدين تحت ضغط ليلة العرض الأول، أو الإحساس بأنهم وسط أول من شاهد عملا جديدا. ومن المهم للبعض الآخر أن يشاهد الأداء في مكان محدد ( إحدى الرحلات التي قمت بها إلى مسرح ام شيفبوردام في برلين ). من المهم للبعض أن يكون المؤدي هو ابن أحدهم مسرحية مدرسية. وإذا وصفت الطريقة الاستطرادية تفاصيل دلالية ومعان موحدة تتولد من خلال الأداء نفسه أو تُقدم من خلاله، تصف الطريقة السياقية الشروط البارزة والتفاصيل المتعلقة بالموقف المحيط بالأداء الذي ربما يكون له علي المتلقين. 
نحو تحليل للأداء متعدد الوسائط : 
 يقترح اليستروم أن : 
 كل وسيط يتكون من اندماج لعدة نماذج تشارك جزئيا من خلال وسائط أخرى بدرجات متفاوتة من الحسية (....) ولأن عالمنا، أو بالأحرى ادراكنا ومفهومنا عن العالم متعدد الوسائط تمامـا،  فـان كـل الوسائـط متعـددة الوسائـط علي الأقـل علي مستــوى  الطرائق الأربعة. 
وإذا نظرنا إلى نماذج وطرائق الأداء، فان المبدأ المشترك هو أننا نلاحظ اندماجا في أفعال الأداء ونماذجها، بدرجات متفاوتة، حيث يكون الأداء متعدد الوسائط متعلقا بالنماذج المترابطة عبر الطرائق الأربعة ( العاطفية والبدنية والاستطرادية والسياقية ). ويسمح لنا التركيز علي النماذج والطرائق أن ننحي الأسئلة عن سيكولوجية الشخصيات أو الدوافع الداخلية للممثلين، من أجل المزيد من الاستكشافات الترابطية للأفعال وردود الأفعال ووسائل نقل المعلومات التواصلية. ويوفر طريقة لمعايرة - سواء مقدما ( للتدريب والإعداد ) – أو بعد الحدث ( عن طريق التحليل والمراجعة النقدية ) – الملامح التأسيسية لأي فعل أداء. 
     قدمت هنا مجموعة تأملية من نقاط الانطلاق، كشكل للتحليل وكمجموعة من توافقات لإعداد الأداء. ويمكن أن تكون الخطوة التالية لاختبار ذلك في ورشة عمل ومواقف تدريب، مع الممثلين والمؤدين لإعداد العرض للتقديم للجمهور. فهل يمكن تحسين الأداء وتغييره، إذا اهتم المؤدي بالطرائق ذات الصلة ؟ وهل يتطلب الأمر فروقا دقيقة مختلفة إذا استكشف المؤدي اندماج الأنماط ذي الصلة، وكيف تتغير دينامية الوسائط المتعددة مع تطور الأداء. وهذه الأمر ما تزال محل بحث. ونتوقف في هذه الأثناء عند ملاحظة بيتمان وآخرين بأن « النماذج المقدمة معا تحتاج بعد ذلك إلى التفسير فيما يتعلق ببعضها البعض، وبالتالي لا يمكن النظر فيها بشكل مستقل. يتطلب تناول الأداء متعدد الوسائط هذا الميل النقدي، لأن المؤدين يقدمون لنا مجموعة مركبة من الإمكانيات الاتصالية. فهم قناة العناصر الاتصالية داخل عالم الدراما أو حدث الأداء، فهم يعملون في علاقة مع الملامح الاتصالية المستمدة من معرفتنا بالعالم ؛ وهم نماذج ظاهراتية في ذاتهم، واستدعاء وتشكيل ذخيرة تواصلية متعددة الوسائط بطبيعتها. 
.......................................................................................
هذه المقالة هي افصل الثالث من كتاب « فيما وراء حدود الوسائط : العلاقات بين الوسائطية في الوسائط المتعددة Beyond Media Borders : Intermedial Relations among Multimodal media تقديم واعداد لارس اليستروم، والصادر عن دار نشر بالجراف 2021. 
أندي لافندر يعمل أستاذا للدراما والموسيقى في كلية Guildhall في لندن. 


ترجمة أحمد عبد الفتاح