جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 703 صدر بتاريخ 15فبراير2021

 شعور بالارتياح يسود اوساط رجال الدين فى بريطانيا  من كل الاديان وحتى بعض الشخصيات العامة وبعض المنظمات  بسبب تأكد  فشل مسرحية “التجاوزات “.
عرضت هذه المسرحية على مسرح “بوش” الشهير فى لندن  مطلع العام الماضى  قبل شهر من فرض الاغلاق على المسارح. وكانت  مسرحية فاشلة لم تحقق اى نجاح. وعندما تم بثها على الانترنت كما حدث مع مسرحيات عديدة  لم تحقق نجاحا يذكر رغم بثها مجانا لمن يريد. وعندما تم تخفيف القيود بعض الشئ وسمح بفتح المسارح لبعض الوقت وفق اجراءات وقائية مشددة عرضت المسرحية لمدة شهر اخر دون اقبال يذكر رغم التخفيضات والدعوات المجانية والاشادة بها من جانب بعض النقاد بلا مبرر،  فكان الشعور بالارتياح. وثارت تساؤلات حول من مول انتاج هذه المسرحية وتحمل خسائرها.
كاتب متحول
واذا عرف السبب. المسرحية من تأليف الكاتبة البريطانية الشابة” ترافيز الابانزا” (26 سنة). وكانت اصلا شابا ثم اجريت له جراحة للتحول الى امراة . وبدأ فى ارتداء الملابس النسائية حتى قبل الجراحة.  فالمسرحية اذن تدافع عن المتحولين دون اى سبب طبى ولمجرد الرغبة وتعتبر مثل هذا التحول  من حقوق الانسان، ولاينبغى الوقوف امام اى شخص يرغب فى اجراء تلك الجراحة حتى لو لم يكن فى حاجة لها. وبالمرة تدافع المسرحية عن المثليين- باعتبارهم قربين من المتحولين - وتعتبرهم فئة تحتاج الى التعاطف.
واذا كان رجل السياسة يحاولون استرضاء هذه الفئة التى تفاقم نفوذها للاسف، نجد هذا الاسترضاء لم ينجح فى دفع جمهور المسرح العادى الى حضور تلك المسرحية او غيرها من المسرحيات التى تروج  لهذا الفساد.
البداية
وتتحدث الابانزا عن المسرحية وهى ليست مسرحيتها الاولى التى روجت فيها لهذا الامر حتى قبل التحول فلها مسرحيات اخرى بعضها عنوانه صارخ. تقول ان فكرة المسرحية جاءتها من “تجربة مؤسفة” على حد تعبيرها عندما كانت فى احد الاندية ورغبت فى دخول دورة المياه الحريمى بالطبع. هنا تصدت  لها – بحكم انها معروفة – مجموعة من السيدات ورفضن دخولها الحمام الحريمى وقلن ان مكانها الطبيعى هو حمام الرجال الذى اضطرت لدخوله بالفعل تحت تاثير الرغبة الملحة.
وقتها احست –كما تقول – ان هذه الفئة فى حاجة الى عمل فنى يدافع عنها بوجه عام وعن حقها فى دخول الحمامات بشكل خاص دون التعرض لاهانات او تحرش حسب جنسها الجديد بصرف النظر عن جنسها الاصلى. وتناقش المسرحية  بعد ذلك عددا من القضايا مثل حقوق المرأة والصداقة وضرورة ان يتحد المتحولون للدفاع عن قضيتهم “العادلة”.
تهاجم المسرحية ايضا الافراد العاديين الذين لا يتحركون للدفاع عن حقوق اخوانهم المتحولين والمثليين وحمايتهم من التحرش. وتذكر الابانزا انها تعرضت لتحرشات منها ماحدث له عند جسر “ووتر لو” حيث القى عليها شخص بقايا طعام فاسد. وكان هناك اكثر من 200 شخص لم يتحرك اى منهم للدفاع عنها!!!.
ممثل واحد
وتدور احداث المسرحية التى تستمر 70 دقيقة  وهى من عروض الممثل الواحد   فى حمام مغلق باحد الاندية بكافة مكوناته  وتقوم ببطولتها  وتجسد عدة شخصيات الممثلة البريطانية “ريس ليونز”(22 سنة ) وهى ايضا متحولة وتشعر بالسعادة لانها قامت بدور روزى  !!!.
والغريب ان نجد ناقد الجارديان يشيد بالديكور وبالاداء ويراه من عوامل نجاح العرض الفاشل اصلا . يقول ان الديكور كان مقنعا حيث ظهر الحمام كانه حقيقى حث كانت هناك أصوات  توحى مياه فى الحنفيات وبكر اوراق تواليت مما يساهم فى اقناع المشاهد !!!!!!.
السنيما مدينة للمسرح
فكيف تساعده؟
وسط الازمة التى يعانيها المسرح الامريكى خرج علينا الناقد الفنى لصحيفة “دالاس مورننج نيوز”  برأى مهم وجده البعض جديرا بالدراسة والاعتبار بينما سخر منه البعض الاخر. قال الناقد ان صناعة السنيما الامريكية  مدينة للمسرح الامريكى بالكثير. فهناك العديد من نجوم السنيما الامريكية كانت بدايتهم مع المسرح الذى صقل مواهبهم ودعم خبراتهم ثم قدمهم الى صناعة السنيما التى لم تبذل جهدا يذكر فى تنمية مواهبهم. ولم يكن الامر جديدا  بل بدا مع بدايت السنيما الاولى فى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
 ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان العديد من افلام السنيما الامريكية الناجحة  تكون اصلا مسرحيات حققت نجاحا كبيرا على المسرح فتقرر السنيما الاستفادة من هذا النجاح بتحويل النص المسرحى الى فيلم ،واحيانا يتم ذلك بنفس ابطال العمل المسرحى. وكان احدث مثال على ذلك افلام “فى المرتفعات “ و”التربية السيئة “ و”القاع الاسود الممطر” و”التاج” و”العظيم” وهو فيلم من نوع الكوميديا السوداء  بدا عرضه فى  2020  ماخوذ عن مسرحية كوميدية قدمت عام 2008. وقريبا تتحول مسرحية «هاملتون» الشهيرة الى فيلم وكذلك مسرحية «ماذا يعنى الدستور الامريكى بالنسبة لى». ولم يكن الامر يعتمد على مجرد نصوص فقط بل امتد الى بعض تكنيكات العرض التى ابتكرت فى المسرح اولا.
 واحيانا ما يحدث العكس حيث يحول المسرح الافلام والاعمال التليفزيونية الناجحة الى مسرحيات لكن ذلك يتم على نطاق محدود اقل كثيرا مما يحدث فى تحويل المسرحيات الى افلام.
بداية المشكلة
ولم تكن هناك مشكلة لدى المسارح فى هذا الامر طالما انها كانت تعمل وتقدم عروضها وتحقق دخلا طيبا. وهو نفسه قبل ذلك كان مشغولا بالمتابعة الحية لملاحقة  العروض المسرحية التى تقدم فى ولاية تكساس المترامية الاطراف التى تبلغ مساحتها 650 الف كيلومتر مربع وتشهد مدنها المختلفة حركة مسرحية مزدهرة تكاد تنافس برودواى عاصمة المسرح الامريكى. وكان عمله احيانا يمتد الى ولايات مجاورة مثل نيومكسيكو واركانسو واوكلاهوما ولويزيانا. واحيانا ما كان يزور الولايات المكسيكية المجاورة  مثل «نوفو ليون» لمشاهدة بعض الاعمال المسرحية والكتابة عنها فى الطبعة الاسبانية للجريدة. وبات يشعر بالاسف بسبب اغلاق  المسارح الرئيسية من جراء وباء كورونا. وهو نفسه يدين بالكثير للمسرح الامريكى حيث يستمتع كثيرا بممارسة هذا العمل ولا يعتبره فقط مصدرا للدخل.
ويبدا الناقد فى ذكر عدد كبير من الافلام الاخرى كمثال للتدليل على رايه . كما ذكر اسماء العديد من الممثلين  الذين بدأوا فى المسرح ولم يتركوه رغم اتجاههم الى السنيما مثل «هيلين ميرين» و»هيوجاكمان» .ولا نريد ان نتوسع فيها حتى لا يصاب القارئ بالملل.
بيت القصيد
وهنا يصل الى بيت القصيد. فى ضوء هذه الافضال لابد من قيام السنيما بدورها فى انقاذ المسرح الامريكى.وهنا يبرز السؤال كيف يكون الانقاذ.
يرى الناقد ان الانقاذ يكون بتوفير فرص عمل فى السنيما للممثلين والمخرجين والكتاب  والفنيين الذين لايعملون الا فى المسرح لتتيسر امامهم سبل الرزق الى حين انتهاء محنة كورونا التى بات واضحا انها سوف تحتاج بعض الوقت فى ضوء تحور فيروس كورونا وارتفاع عدد الوفيات ليتجاوز حاجز ال400 الف.
ويقول انه يرجو الا يتحجج مسئولو السنيما بوجود اختلافات بين طبيعة العمل فى السنيما وفى المسرح لأن الفنون فى النهاية تنبع من مصدر واحد وتتقاطع فى نواح عديدة. ويرى انه يمكن ان تساهم قنوات التليفزيون فى هذه المهمة  باشراكهم فى الاعمال الدرامية.
وهنا يتهمه البعض بعدم الواقعية فى توجيه مثل هذا النداء لان السنيما تعانى من تبعات كورونا مثل المسرح ويجب ان تنقذ نفسها اولا وتواجه مشكلة الدعم الحكومى غير الكافى الذى لا يغطى تكاليف انتاج مسرحية او فيلم.


ترجمة هشام عبد الرءوف