فرقة المعبد.. وجماليات مسرح الغرفة

فرقة المعبد..  وجماليات مسرح الغرفة

العدد 713 صدر بتاريخ 26أبريل2021

تكونت فرقة المعبد المستقلة عام 1993 على يد المخرج أحمد العطار والممثلة مايا القليوبي والمنتج علي بليل، وكانت البداية من فوق سطح منزل أحد أصدقائهم بالمعادي حيث قدموا أولى تجاربهم المسرحية في إطار ما يسمى بمسرح الغرفة، ثم بعد ذلك قدمت تلك التجارب على مسرح الجامعة الأمريكية.
وقد بدأت فكرة تكوين الفرقة من كون المسرح “معمل كيميائي” على حد تعبير جرتوفسكي مع إعطاء العرض طابعا أكثر روحانية والاهتمام بالشكل التقني للديكور المسرحي، والاستفادة من أساليب العرض السينمائي بدمجه في لحمة النص المعروض على حد تعبير أحمد العطار “من خلال الشاشة الصغيرة نستطيع أن نكون ما نرغب فيه فالشاشة تمكننا من السفر بعيدا، وتحرك مشاعرنا، وعواطفنا وتشعرنا بالإحباط جنسيا.. وتثيرنا فكريا.. وتخدرنا سياسيا، التليفزيون ليس هو الموضوع، إنما من نكون نحن أمام الشاشة الصغيرة” وتطرح الفرقة فكرة تقديم مسرح عربي يتواصل مع الحياة ويتعامل مع النص كعنصر من عناصر العرض المسرحي وليس أساسا.
وقد جاء العرض الأول “الأتوبيس” 1994، والذي عرض في البداية في منزل أحد أعضاء الفرقة في قرية شبرامنت ـ وعلى هامش المسرح التجريبي بشكل مواز له وتدور أحداثه داخل أتوبيس في شكل درامي يمزج بين تفاعل الممثلين مع الجمهور، من خلال مجموعة من الاتجاهات الفكرية والاجتماعية المختلفة من الإسلامي والماركسي وغيرهما.
وتتمثل عقدة العرض في تساؤل يتبادر لحظة أن يتعطل الاتوبيس نتيجة نفاد البنزين ـ وهو من يذهب لإحضاره، فيرفض جميع الركاب النزول، إلى أن يعرض أحد الجمهور أن يذهب هو لشرائه لكنه يأخذ النقود ولا يعود مرة ثانية.
أما العرض الثاني “أوديب الرئيس” 1996 فكان عبارة عن معالجة لأسطورة “أوديب” بتضفير مجموعة من النصوص هي “أوديب” لسوفاكليس و”برمثيوس” لاسخليوس و”الماكينة الجهنمية” لكوكتو و”أنا اللي قتلت الوحش” لعلي سالم.
وقد ناقش العرض كذلك فكرة إحلال المدن بعضها في بعض على اعتبار الوحدة المكانية والإنسانية وقد استفاد العرض على المستوى التقني من أدوات الفيديو والمزج الواقعي في إطار وثائقي، وتم عرضه على مسرح الجامعة الأمريكية، وكان من بطولة عمرو واكد وساري النجار، وكان هذا العرض نهاية للمرحة الأولى من عمر الفرقة حيث توقفت ـ بعده ـ لمدة عامين بعد أن انفصل عنها الكثير من أعضائها.
أما المرحلة الثانية فبدأت عام 1998 بعد أن وطدت الفرقة علاقتها بالمراكز الثقافية الأجنبية في مصر مثل المركز الثقافي الفرنسي والمركز الثقافي السويسري “بروهلفسيا” وبدأت هذه المرحلة بعرض “اللجنة” تأليف أحد العطار وتدور أحداثه حول شاب يبحث عن عمل ويتقدم إلى لجنة اختبار لاختيار العاملين، في إطار عبثي ميلودرامي في البداية ينتقل مع الأحداث إلى جو من السخرية والفانتازيا بشكل أقرب إلى المفارقة.
وقد اعتمد العطار في عرضه على ما يمكن أن نسميه بـ” كسر النص” ضد مدلولية الكلام الحادث في الواقع”، أو بمعنى أدق أقرب إلى مصطلح كسر الإيهام لدى المتفرج والممثل أيضا من خلال مناقشة قضايا اجتماعية تتأثر بعنصر السلطة.
وقد اعتمد الحوار المسرحي على تكسير الجمل التي تركب خطأ بدون قصد، ومن شتاتها يتولد تأثير سمعي لدى المتلقي، وقد تعرض العرض لعدة مضايقات رقابية تغلب عليها العطار بعرضه في منزله، ثم في مهرجان عمان للمسرح العربي المستقل وعلى خشبة مسرح المركز الثقافي السويسري ومسرح الجامعة الأمريكية.
أما العرض الثالث “الحياة حلوة.. أو في انتظار عمي اللي جاي من أمريكا” تأليف وإخراج أحمد العطار وهو أول عرض يتم إنتاجه من قبل جهة أجنبية وهي الصندوق الثقافي لسفارة هولندا بالقاهرة” وقد جاء الديكور في هذا العرض عبارة عن هيكل ألومنيوم أشبه بالسجن مكون من ثلاثة غرف لعائلة مصرية تمثل الأولى “المرحاض” والذي يجلس فيه شاب وحوله كومة من الجرائد، والثانية تجلس فيها الأم المريضة وحولها كم هائل من المحاليل الطبية، والغرفة الثالثة يجلس فيه الابن الثاني يشاهد التليفزيون والذي نفاجأ بأنه معطل.
وقد اعتمد الحوار على فكرة اللامعقول لتوازي عبثية الواقع، وقد تجلى ذلك من خلال الصوت الغائب في النص والذي يمثله الأخر المقيم في أمريكا الذي يتداخل في الأحداث عبر مونولوج يمثل حالة من الصراع المسرحي وقد قدم على مسرح المدينة ببيروت وفي مهرجان عمان المسرحي وبمركز الجزويت بالإسكندرية.
ثم جاء عرض “في الطريق إلى ولا حتة.. رحلة قاهرية للسياح والحبيبة” بالاشتراك مع مسرح الطليعة عام 2001 ليؤكد نفس الفكرة التي طرحتها الفرقة بعد عروضها السابقة من خلال ديكور واقعي متمثل في أتوبيس سياحي حقيقي ينتقل على خشبة المسرح بداخله ركاب من كافة طوائف المجتمع، وقصة حب تنشأ بين المضيفة والسائق باستخدام عناصر فنية مساعدة كالإضاءة والموسيقى والاستعراض في إطار هرموني جسد الحالة، وقد تم عرضه مرة أخرى في مهرجان بيروت لمسارح الشارع ثم قدم في البرتغال باستخدام اللغة الإنجليزية.
أما عرض “ماما أنا عايز أكسب المليون” فقدم على مسرح الجامعة الأمريكية بالقاهرة وهو عبارة عن 51 مشهدا في 57 دقيقة، وقد لعب الديكور أيضا دور البطولة في هذا العرض، فقد قسمت خشبته إلى ثلاثة أدوار، والأحداث تنتقل من مكان إلى آخر دون أن تفقد واقعية الحوار المسرحي، التي جاء في إطار التفكيك والتركيب من خلال طرح حكايات مختلفة تُنتج في النهاية فكرة واحدة، قام ببطولة العرض أحمد كمال وسيد رجب وسلوى محمد علي.


عيد عبد الحليم