حين يتصدى الكاتب لحكايات أثارت الكثير من الجدل على مر التاريخ محاولاً تقديم صورة بصرية تؤثر على المشاهد والمجتمع ، وإعطاء فرصة خصبة قادرة على الحديث في الكثير في من المجالات الفكرية المتعلقة بثقافة المجتمع بل وتمسه من قريب وهذا يشكل أهمية كبيرة تبين قدرة المؤلف على صنع الحكاية بإحكام في إطار فني جديد يعتمد على عناصر قديمة وحديثة محاولاً ربطها بصورة بصرية مبهره في وعاء سحري ومشوق جعل خيال المشاهد يرتبط بالقضايا المعاصرة .هذا ما قدمة مؤلف العرض المسرحي (عن العشاق) والمأخوذ عن كتاب طوق الحمامة لان حزم الأندلسي والذي وصف بأن من أدق الكتب التي تحدثت في دراسة تحليلية توضح أبعادها الإنسانية الواسعة في كتابة عن ظاهرة الحب عند العرب . وهنا يظهر كيف تصدي مخرج العرض لهذا النوع من النصوص التي تحتاج لرؤية عاشق يعرف معني الحب وهذا كان واضحاً وجلياً في هذا العرض فلقد استطاع مخرج العرض أن يبين لنا تلك الحالة الفلسفية عبر واقعها التاريخي وكان جريئا وصريحاً في تقديمها من خلال رؤيته التي لاقت إعجاب المشاهد بكل تفاصيلها واستطاع المخرج أن يهيئ عشاقه في (قصر الأمير طاز) والذي كان له تأثير مبهر على العرض المسرحي وهذا يبرهن على قدرة المخرج في اختبار المكان ومعايشة تلك الحالة التي أظن أنها أخذت منه الكثير من التفكير ليصل لتلك الصورة الجميلة التي شاهدناها في العرض واستطاع إثبات أن الممثل سيد الخشبة فحين تشاهد الفنان / حمزة العيلي وقدرته على الأداء والتحكم في إدارة الفريق بقدرات عالية وحالات من الانتقال المتميز والتقمص ومعايشة حالة ذاك العاشق الصوفي الذي أراد الفناء فعايش العشق حباً وجمالاً .وكان الأداء التعبيري الذي صاحب العرض متميزاً فاكتملت الصورة البصرية للمشاهد مع الألحان والآلات الوترية المعبرة من عازفين استطاعوا أن يصنعوا من ألحانهم أحاديث تحاكي المشاهد ، خاصة مع صوت / نجوي حمدي التي كانت تشدو لام كلثوم وعبرت بذلك من خلال تلك المقاطع من الأغاني والتي أخذت بالتأكيد وقتاً طويلاً في الاختيار لتناسب الحدث .لقد قدم المخرج وفريقه واقع إنساني لامس دواخل النفس البشرية ورصد انعكاساتها وتشابكها محاولاً صنع حالة من الحب بين الممثل والمشاهد وهذا ما حدث بالفعل حين وظف مخرج العرض كل الأدوات واستغل المكان بشكل مناسب للتعبير عن معطيات النص وبدلالات مختلفة ومضامين فكرية قدمها الكاتب للتعبير عن حياة المجتمع ليحقق استمرارية العرض بينه وبين الجمهور وهو في عامة التاسع ومازال يعرض وبمشاهدات عالية ليثبت لنا العرض أن المشاهد مازال يتذوق العروض المسرحية التي تعبر عنه وعن حياته وأحاسيسه ...فكان عاشقاً مع العشاق .