مسرح السيكودراما .. هل يعد وصفة ناجحة للعلاج بالفن؟

مسرح السيكودراما .. هل يعد وصفة ناجحة للعلاج بالفن؟

العدد 723 صدر بتاريخ 5يوليو2021

ظهر مفهوم «العلاج بالفنون» منذ أواخر القرن الـ 18، بوصفه آلية لإعادة تأهيل الفرد، وهي الآلية نفسها التي يعتمد عليها كثير من أطباء وعلماء النفس حول العالم حتى الآن، بينما شهد منتصف القرن الـ 20 تعزيزًا لفكرة التعامل مع العلاج بالفن كمهنة، نظرًا لتأثيرها الواسع على المستوى الجمالي والروحي. وتعد السيكودراما أحد الأساليب العلاجية، وهو مصطلح يطلق على نوع من أنواع العلاج النفسي الذى يجمع بين الدراما كنوع من أنواع الفنون، وعلم النفس . تكمن فعاليتها في مساعدة الشخص على تفريغ مشاعره وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية لها علاقة بالمواقف التي يعايشها حاضراً أو عايشها في الماضي أو من الممكن أن يعايشها في المستقبل، والهدف من السايكودراما هو إيجاد حلول للمشاكل عن طريق مساعدة الشخص في فهم مشاعره عبر تجسيد الواقع بشكل تمثيلي ومحاولة إخراجه من عزلته النفسية. ويعتبر ليفى مورينو مؤسس هو هذا المنهج وقد أسس أول جمعية لهذا العلاج. في هذه المساحة نتعرف بشكل مفصل على فكرة السيكودراما وعلاقتها بالمسرح وتجارب المتخصصين فى هذا المجال.

أشارت أخصائية الإرشاد النفسي والسيكودراما د. أسماء عبد الرحمن إلى أن هناك مفاهيم مغلوطة عن السيكودراما وهى أنها لعلاج المرضى النفسيين فقط وهو أمر غير صحيح فالسيكودراما لها أدوار عدة مع الأصحاء والمرضى ويحتاجها الأصحاء بشكل لايقل عن المرضى النفسيين.
وأضافت:» فى البداية يجب أن أشير إلى معنى مصطلح السيكودراما وهى تعنى العلاج عن طريق الدراما وتنقسم الكلمة إلي نصفين «سيكو « تعنى النفس و»دراما» نوع من أنواع التمثيل، وتعد السيكودراما هى الأكثر فعالية فى تفريغ كل المشاعر التى تحيط بنا من الماضى والحاضر وهى عبارة عن مجموعة من المشاهد الدرامية يوضع بها الشخص ويرى حياته ويستبصر ما يحدث له من خلال هذه المواقف وكان أول من ابتدع منهج السيكودراما عالم يدعى «مورينو» وقام بتطوير منهج فرويد فى التحليل النفسى بتجميع الأجزاء فى النفس البشرية داخل منهج السيكودراما.
تابعت: « هناك أربع طرق يتم استخدامها فى السيكودراما منها الطريقة الأكثر استخداما وهى «لعب الأدوار« و»الدوبلاج« وفى هذا المنهج يقوم أحد الأشخاص بتجسيد شخصيتك، أى تشاهد نفسك من خلاله، وفى السيكودراما يتم استخدام جميع أنواع الفنون: التمثيل والموسيقى والحركة ويختلف العرض المسرحى عن عرض السيكودراما، ففى العرض المسرحى يدير العمل مخرج، ولكن فى السيكودراما مخرج العرض هو »معالج» ودارس لعلم النفس وأقسامه المختلفة.

تفريغ المشاعر
فيما قال المعالج النفسى عبد الوهاب محمد رئيس مجلس إدارة مركز ونس للفنون إن السيكودراما تكمن فعاليتها فى مساعدة الشخص على تفريغ مشاعره ، وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية، لها علاقة بالمواقف التي يعايشها حاضرا أو يعيشها فى الماضي أو من الممكن أن يعيشها فى المستقبل، حيث نتدرج من حالة إلى أخرى ببساطة وتلقائية بعد إنشاء دعائم من الثقة والقوة والطاقة ليتحرر الجسم والعقل والعواطف ناحية التلقائية والإبداع , بعد ذلك نستطيع الدخول في مناطق الألم بطريقة بسيطة و متدرجة فنصل إلي القاع ثم نعاود الصعود مرة أخري إلى القمة بعد رؤية الألم و التعامل معه.
وعن مسرح المنتدى أوضح :»قمنا فى مركز ونس للفنون بعمل ورشة مسرح المنتدى, الذى يعد جوهر فلسفته «مسرح المقهورين»
 وذلك من خلال مجموعة من التمارين الجماعية التي تدور حول أيقونة (بوال)، ذلك باستخدام لعب الأدوار لحل النزاعات، و محاولة ابتكار أساليب عمل حياتية جديدة تساعدنا على مواجهة القضايا المختلفة فى حياتنا.
 و تستند ورشة العمل إلى الاعتقاد بأن كلنا مسرحيين و جميعنا بداخلنا حب المسرح والرغبة فى التعبير عن الذات بشتى الطرق كما يقول «بوال» ،ويطبق الأسلوب العلاجي بالسيكودراما فى العديد من المشاكل أو الاضطرابات المتصلة بالمشاعر والأحاسيس فى مختلف المجالات بوصفها إحدى طرق العلاج النفسى، فالدراما النفسية فى المقام الأول تعلم الفرد كيف يحل مشاكله، التى ترتبط بالمشاعر ، وخاصة المكبوتة، كما تستخدم فى تنمية سلوك الفرد من التقبل والتكيف والتواصل مع الآخرين، فهى تعمق استبصار الإنسان بذاته حيث تساعده على استجابات أكثر توافقا مع نفسه .

العلاج عن طريق الدراما
فيما أشارت أخصائية الإرشاد النفسي والسيكودراما د. أسماء عبد الرحمن إلى أن هناك مفاهيم مغلوطة عن السيكودراما وهى أنها لعلاج المرضى النفسيين فقط وهو أمر غير صحيح فالسيكودراما لها أدوار عدة مع الأصحاء والمرضى ويحتاجها الأصحاء بشكل لايقل عن المرضى النفسيين.
وأضافت:» فى البداية يجب أن أشير إلى معنى مصطلح السيكودراما وهى تعنى العلاج عن طريق الدراما وتنقسم الكلمة إلي نصفين «سيكو « تعنى النفس و»دراما» نوع من أنواع التمثيل، وتعد السيكودراما هى الأكثر فعالية فى تفريغ كل المشاعر التى تحيط بنا من الماضى والحاضر وهى عبارة عن مجموعة من المشاهد الدرامية يوضع بها الشخص ويرى حياته ويستبصر ما يحدث له من خلال هذه المواقف وكان أول من ابتدع منهج السيكودراما عالم يدعى «مورينو» وقام بتطوير منهج فرويد فى التحليل النفسى بتجميع الأجزاء فى النفس البشرية داخل منهج السيكودراما.
تابعت: « هناك أربع طرق يتم استخدامها فى السيكودراما منها الطريقة الأكثر استخداما وهى «لعب الأدوار « و» الدوبلاج « وفى هذا المنهج يقوم أحد الأشخاص بتجسيد شخصيتك، أى تشاهد نفسك من خلاله، وفى السيكودراما يتم استخدام جميع أنواع الفنون: التمثيل والموسيقى والحركة ويختلف العرض المسرحى عن عرض السيكودراما، ففى العرض المسرحى يدير العمل مخرج، ولكن فى السيكودراما مخرج العرض هو»معالج» ودارس لعلم النفس وأقسامه المختلفة
قال الفنان أحمد عزت مدرب متخصص لمنهج السيكودراما « لابد أن يكون المستخدم لمنهج السيكودراما قارئ جيد وعلى علم واستيعاب شديد لردود فعل الذين يطبق عليهم هذا المنهج لأن السيكودراما صعبة للغاية، وخاصة أثناء التدريب لمجموعة، فإذا كان المدرب لا يمتلك المقدرة على استخدام صحيح لمنهج السيكودراما فقد يتسبب ذلك فى نتائج عكسية ، فكما نعلم أن الأمراض النفسية ما هى إلا نتيجة الضغوظ أو الشحنات الزائدة التي يحمل بها جهاز المشاعر وما يحدث أثناء العلاج بالسيكودراما، المنهج الذى ابتدعه «مورينو» هى فكرة تفريع الشحنات عن طريق الحكى وذلك للوصول لمنطقة الأزمة النفسية التى يعانى منها المريض، فيبدأ المتخصص فى تفسيرها وحلها، وهو ما يعرف بعملية «التطهير النفسي» بمعنى تفريع كل المشكلات وضغوط الحياة . وكان أشهر الفنانين الذين يستخدمون هذا المنهج الفنان الراحل أحمد ذكى ولم يكن عن منهجية ولكن كان ذلك بفضل دراسته لتشريح الشخصية وكذلك موهبته الفطرية.
وأضاف :» السبب في تعريفي بهذا المنهج هو الدكتور عبد الرحمن عرنوس رحمه الله ، وأعتقد أن منهجية السيكودراما اختفت من نوادي المسرح التي كانت تنظم العديد من الورش ومنها ورش السيكودراما، وقد كان لى تجربة مهمة فى مهرجان نوادي المسرح 1999 بداية تعرفي على هذا المنهج واستخدامه.


لا يصلح فى السيكودراما
فيما أوضحت المخرجة وأخصائية تعديل السلوك ماندى العجمي أنه يجب قبل بدء استخدام هذا المنهج تقسيم الأفراد إلى فئات عمرية، موضحة أن ليس كل أدوات المسرح تصلح فى السيكودراما، وأنه إذا كان التعامل مع مجموعة من الأطفال فيكون المبدأ الاساسى فى السيكودراما، هو «تعديل السلوك» فيتم توظيف المسرح واستخدامه لتعديل السلوك.
وتابعت: « إذا كان لدينا طفل عنيف ونود تعديل سلوكه فإننا نستبعد أى منهج يحوى عنفا، فمن الصعب تقديم عرض مسرحي يناقش مشكلة العنف وآثاره، ولكننا نقدم عرضا مسرحيا يحوى مشاهد مخالفة لسلوك العنف. أما عند الكبار فالأمر يختلف بشكل كبير، حيث يتم طرح المشكلة وهو الأساس في العمل معهم .. فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص يعانى من «وسواس قهري» نقوم بحل مشكلة شخصية رئيسية تعانى من الوسواس القهري، كأن يجسد صديق البطل الذي يعانى من هذا المرض، ومن هنا يقوم بإنتاج حلول بنفسه ولا يسير فى مسار مكتوب، وإذا كان الخط الدرامى الذى يسير عليه غير منطقي ، يقوم بنفسه بتغيير الأحداث وما يطبقه يتم تجنبه فى علاجه لأنه مطروح مسبقا في عقله.
أضافت : أن عروض المسرح تصلح لأن تكون للمتعة فقط بدون خط درامى،ولكن فى السيكودراما فإن أول القواعد هو وجود خط درامى واحد، وهو ما يختلف عن العرض المسرحى الذي من الممكن أن يشمل عدة خطوط درامية تتلاقى مع بعضها البعض.
عن تجربتها مع أطفال الشوارع الذين كانوا يعانون من عدة انحرافات سلوكيه قالت ماندى العجمي : استطعت عن طريق منهج السيكودراما تعديل سلوكيات هؤلاء الأطفال.

العلاج الجماعي
وتحدث الكاتب والناقد د. طارق عمار عن الكتابة للسيكودراما فقال «يعد منهج التحليل النفسى لفرويد اقرب المناهج، وهو الأساس فى السيكودراما، فهو يتعمق فى النفس البشرية ويحللها. وأولى الأمور التى يجب أن يضعها كاتب السيكودراما نصب عينه هو رسم الإطار النفسي للشخصية، و تحليله ، في جوانبه المتعددة.. وهل هناك عقد أو أمراض، وهل هذه الأمراض نفسية فقط أم أن لها طبيعة عقلية؟ بمعنى: هل نحن أمام مرض أم اضطراب وهل هذا الاضطراب منعكس على الجسد؟ وهل يمكن معالجته بشكل سريع؟ هل هى أعراض ممتدة الأثر؟ جميعها تساؤلات يجب أن يكون كاتب السيكودراما ملم بها إلماما كاملا حتى يستطيع الكتابة، فعلى سبيل المثال مريض «الفصام « فى المرحلة الأولى يختلف عن مريض الفصام فى المرحلة الثانية والثالثة، وعلى كاتب السيكودراما أن يعي المرحلة التي يمر بها مريض الفصام.
وتابع:» أثبتت التجارب أن السيكودراما تقوم بعمل حالة من حالات التأهيل النفسى لكثير من مرضى الفصام ومرضى الذهان كذلك تستخدم أغلب المصحات النفسية السيكودراما أو بديل السيكودراما وما يعرف بحلقات «العلاج الجماعي» الذي يعتمد على الحكى كأحد الأساليب الدرامية.

أشهر مسرحيات السيكودراما
وقال د. عصام أبو العلا : « السيكودراما فى أصولها بدأت مع سيجموند فرويد الذى أصدر كتابا بعنوان «خمسة حالات فى التحليل النفسى « وقد كتب عن هذه الحالات بالتفصيل ووصفها وعلاجها، وقامت سيدة تدعى «ألين ساسبو» بالكتابة عن حالة من هذه الحالات المعروفة ب «حالة دورا» وتم تقديم هذه الحالة على خشبة المسرح فى أوروبا وحققت نجاحا كبيرا إذ إنها أول حالة نفسية حقيقية تقدم على خشبة المسرح وقد طبق هذا الاتجاه فى السينما فيما يعرف بالدراما النفسية
وأضاف :» فكرة السيكودراما ببساطة شديدة هى التمثيل وتبادل الأدوار وأن يقدم الفرد دورا ليس دوره ثم ينتقد ذاته ويراها من الخارج ويتحول من ذات إلى موضوع يمكن التحاور معه والتفكير معه وبالتالى يستطيع الحكم عليه بشكل سليم وهى الفكرة الأساسية فى السيكودراما : أن تقدم حالتك ليس بصفتها ذاتك وإنما بصفتها موضوع الدراما وهو أساس العلاج بالفن.
فيما أشار الفنان شريف القزاز إستشارى العلاج بالفن أن للسيكورداما تأثير كبير، مشيرا إلى أن فكرة العلاج بالفن بدأت فى الخارج منذ اعوام طويلة ولكنها بدأت فى الدول العربية ومصر منذ فترة قصيرة، ويتم التعامل معها بشكل سطحي في بعض  الأحيان، كما أن العلاج بالفن ليس فقط بالدراما ولكن يتم تطبيقه من خلال عدة فنون كالرقص والفن التشكيلي والموسيقى، ولكن السيكودراما هى الأساس فى العلاج بالفن لأن الدراما تحوى كل الفنون حيث تشمل الموسيقى والرقص والشعر.
وتابع : « اعتمد على منهج مختلف وهو مزج بين الفنون المسرحية والفنون التشكيلية وقد قمت بعلاج حالات متعددة منها الإدمان ، واللاجئين ، وأطفال الشوارع وغيرها وقد تميزت فى استخدام هذا المنهج وهو ما يحقق حالة من حالات الشغف لدى المتدرب فيشعر أنه بجانب التمثيل يخرج منتجا مميزا ، كما أن السيكودراما تطبق على جميع الأفراد الأصحاء والمرضى . أضاف: واهم ما يميز العلاج بالفن انه لا يقدم عقاقير إنما  برامج فنية محددة للعلاج ولها تأثير مذهل، كذلك ما يميز العلاج بالفن هو المتابعة التي تحقق نتائج مرضيه. وأعتبر أن العلاج الجماعي من أهم المراحل فى العلاج بالفن، وقد قدمت عدة أعمال مسرحية أخرها «فستان أحمر « وكان يناقش قضايا المرأة والعنف والتحرش والختان والزواج المبكر.
تابع: والسيكودراما تعد علاجا مزدوجا للعارضين والممثلين، وكذلك للجمهور. وقد قدمت تجربة مسرحية مع السجينات عن الاندماج في المجتمع والتقبل، نال إعجاب الجماهير وتغيرت نظرته لهن بشكل كبير.


رنا رأفت