فريق «ومضة»: نحن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا

فريق «ومضة»: نحن لدينا  ما يستطيع أن يعبر عنا

العدد 591 صدر بتاريخ 24ديسمبر2018

فرقة «ومضة» لعروض الأراجوز وخيال الظل أسّسها د. نبيل بهجت عام 2003. وتقدم عروضها بشكل منتظم في «بيت السحيمي» التابع لصندوق التنمية الثقافية منذ 2008، فتحت «ومضة» أبوابها منذ اليوم الأول كمدرسة لنقل الخبرة للأجيال المتعاقبة، فكانت من أولى فرق الدمي التي قدّمَت ورشًا تعليمية، قدمت الفرقة أكثر من 80 ورشة تعليمية داخل مصر وخارجها، وأنتجت 21 مسرحية عرضتها في أكثر من 30 دولة بعدة لغات، وقدمت الفرقة بالتعاون مع مسرح BTE ببنسلفانيا 121 ليلة عرض لأربعين ألف مشاهد بالولايات المتحدة الأميركية، وكذلك قدمت عروضها في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان وتونس واليمن، وغيرها من الدول. وعمل مع الفرقة فنانون من مختلف دول العالم. تقدم الفرقة 8 ليالي عرض شهريًّا في «بيت السحيمي» بالمجان للجمهور، وقدمت الفرقة منذ تأسيسها ما يجاوز 1500 ليلة عرض. تضمّ الفرقة بين أعضائها شيخ لاعبي الأراجوز صابر المصري عضوًا مؤسسًا، ومن أعضاء الفرقة الفنانون: مصطفى الصباغ وعلي أبو زيد ومحمود سيد حنفي، ولاعب الأراجوز صابر شيكو، وعدد من الكوادر الأخرى. ومن عروض الفرقة: «على الأبواب» و«عرايسنا» و«خلوا بالكم» و«ما احلاها الإيد الشغالة» و«علي الزيبق» و«أحلام ملك» و«جحا وحاكم المدينة» و«حكايات الأراجوز المصري» و«شعبيات» و«حكايات الفلاح الفصيح» و«حكايات كتاب» و«ملك ولاه أراجوز» و«التمساح» و«دون كيشوت» و«حكايات شارع المعز» و«ملاعيب شيحة» و«الشطار» و«جحا المصري» و«جحا الإيطالي» و«جحا والحياة» و«السندباد» و«العرض الأخير» و» صندوق الحكايات» و«البطل».


في البداية كان اللقاء مع شيخ لاعبي الأراجوز عم صابر المصري متحدثا عن حكايته مع الأراجوز، قال: أنا أعمل بالأراجوز منذ 55 سنة، منهم عشرة سنوات تعلمت في الموالد ثم احترفت المهنة. اتجهت إلى شارع محمد علي وجلست في قهوة التجارة كمقر لعملي وذهبت لتقديم الأراجوز في الحفلات وأعياد الميلاد والنوادي والفنادق، ثم التقيت بدكتور نبيل بهجت حيث كان يبحث عن لاعبي الأراجوز وطلب مني أن اشترك معه في فرقة تسمى (ومضة) عن الأراجوز وخيال الظل واتفقت معه على توفير الفنانين المساعدين من طلبة قسم المسرح الذين رحبوا بالفكرة واشتركوا معنا وبدأنا البروفات في الزمالك، ومنذ 15 عاما أعمل مع د. نبيل بهجت والحمد لله سافرت معه إيطاليا وفرنسا والبحرين والإمارات وتونس وغيرها الكثير ولم أكن أعرف عنهم شيئا من قبل. نعمل الآن في بيت السحيمي تابعين لوزارة الثقافة. أضاف: كاد الأراجوزينقرض لأن الكثير به يعملون دون دراية بأصول المهنة ويقلدون غيرهم دون فهم لطبيعة الأراجوز. أما د. نبيل بهجت فقد أنفق الكثير لأجل تلك المهنة التي رفع شأنها من جديد. حيث أصبح يطلق على الأراجوز الآن العروسة الشعبية المصرية. ويوجد في بيت السحيمي أربعمائة كرسي للمتفرجين يحتشدون بالجمهور كاملين. وأشكر وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية على دعمنا والمساهمة في هذا الفن الجميل.

الأراجوز تصور تربوي وتعليمي
عم صابر شيكو من أقدم لاعبي الأراجوز المهرة الذين يحملون أسرار الفنه والمهنة قال:
بدأت حياتي لاعبا للأكروبات لكن والدي كان لاعب أراجوز ولم أكن أنا أهوى الأراجوز، لكن بعد وفاة والدي انجذبت إليه وأعمل به منذ خمسين عاما، كنا نعمل في الحفلات والموالد قبل ظهور فكرة أعياد الميلاد، ثم عملنا في بيت السحيمي مع د. نبيل في فرقة الأراجوز وخيال الظل. أضاف: الأراجوز عبارة عن فقرات البربري ومرات الأراجوز وغيرهما، واختلف العمل الآن عن العمل قديما في الموالد، فالآن أصبح الحديث موجه للطفل بشكل مختلف عن القديم والأجيال الجديدة حيث أقوم كأراجوز بالحديث مع الأطفال من خلال الأمانة لتوعية الطفل بضرورة إطاعة أوامر والديه وضرورة أن يأكل جيدا وأن يشرب اللبن، أي أننا نعلم الطفل الذي يطيع كلام الأراجوز، فمثلا أقول له (إذا ما سمعتش كلام بابا وماما وما أكلتش الأكل كله الأارجوز هايعمل ويسوى وكده) فيتجاوب الطفل مع الأراجوز، هذا عكس ما كان يحدث قديما في الموالد حيث كان للأراجوز كلام خارج ليضحك الناس لأن الجهل كان منتشرا. تابع: الآن يوجد تصور تربوي وتعليمي للأطفال وفكاهة للكبار والأطفال واليوم لا يوجد لاعبين محترفين يستعملون الأمانة فعلا إلا قلة نادرة، لأن أغلبهم الآن يعملون بدون الأمانة التي تحتاج منا لمجهود كبير بالفم والصدر لتفسير الكلام ومخارج الألفاظ للأطفال.

مسرح الأفُق ومسرح الفقير
أما الفنان صلاح بهجت عضو فرقة ومضة فتحدث قائلا: بدأنا منذ نحو 18 عاما مع الأراجوز، حيث قمنا بتكوين فرقة ومضة، وهذه الفرقة أقيمت على أساس أن (لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا)، هذا هو الشعار الذي رفعته فرقة ومضة لخيال الظل والأراجوز. لقد عرفنا الأراجوز عن طريق الموالد والأحياء الشعبية منذ البداية. وأنا تعرفت عليه من خلال الورشة وأقوم بدور الملاغي الذي يلاغي الأراجوز لأن شخصية الأراجوز تعتمد على الفكاهة والابتسامة، والملاغي هو الشخصية التي تقف على المسرح ويكون واضحا للأراجوز وللناس في نفس الوقت، حيث يبدأ بطرح بعض الأسئلة مثل فكرة التعليم وبعض الأهداف التي يتم توضيحها في إطار توصيل المعلومة للجمهور وللطفل، كفكرة حب الوطن، الاعتماد على هدف معين سامي نستطيع توصيله للجمهور فهو مشاكس في إطار فني ويثبت هدف معين. والملاغي عنصر بشري وليس دمية ومصادق للأراجوز ويقف بجوار البرفان ويبدأ في الحوار مع الدمية. أما مواصفات الملاغي فيجب أن يكون سريع البديهة وخفيف الظل ولديه لباقة وحسن الرد ويقظ لأنه مكمل لشخصية الأراجوز، ودائما لديه قبول لدى الجمهور ليوصل الفكرة بحسن البديهة وسريع الرد لأي سؤال يستقبله من لاعب الأراجوز نفسه وخفيف الظل وسريع الحركة ولديه فطنه لأي موقف يتعرض له. أضاف: الأراجوز يقدم في 19 نمرة وثقها جميعا د. نبيل بهجت وكون لها أرشيفا وقام بتوثيقها وهي على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قام بجمعها كلها شفهيا من اللاعبين المعروفين القدماء مثل نمرة (حرب بورسعيد) و(نمرة الأراجوز في الجيش) ونمرة (مرات الأراجوز) وهكذا.
تابع: الشخصيات المصاحبة من الدمى كثيرة مثل شخصية البربري ومرات الأراجوز فتوجد عدة دمى تقدم على مسرح صغير نسبيا من حيث الحجم، لكنه كبير من حيث الهدف يوجد في أي مكان فيطلق عليه مسرح الشارع ومسرح الحقول ومسرح الساحات، الفضاء الذي نشأنا عليه، فأنا مثلا في طفولتي عندما كانوا يقولون في الشارع (الأراجوز جه) أجرى لمشاهدته، ونرى كذلك الأفلام التي تناولته مثل فيلم (الزوجة الثانية) فهو يعبر عن حالة أو نوع من أنواع تفريغ الطاقة للوصول لهدف معين سواء من حيث الحالة الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية وفي نفس الوقت يحاول بقدر الإمكان أن يبرز المفهوم في صورة فكاهية. تابع: قدمنا عروضنا من قبل في حديقة الأزهر وفي شارع المعز وفي الموالد وفي الساحات، فالأراجوز في حد ذاته حالة يلتف حولها الجميع وتمثل حالة من حالات الجذب. وقد تعلمنا في الورشة كيفية تصنيع الدمى وسافرنا إلى أميركا وعرضنا أكثر من 120 عرضا وعرضنا في دول كثيرة بالعالم كله. وأقمنا ورشا بكويت والشارقة بالإضافة للورشة الأساسية في بيت السحيمي. وقال ايضا: دائما ما يقول لنا د. نبيل إنه لا يوجد منتج يوازي المنتج الثقافي. وقد أقمنا عروضا مشتركة مع دول أخرى مثل المكسيك حيث أقمنا البرفان في شارع المعز وهم أحضروا الشخصية التراثية الخاصة بهم وهي عبارة عن صندوق للحكايات وتم تنظيم الحكايات معهم. فالحالة التي نفرضها على الجمهور تجعله يهيئ المسرح بنفسه فأنت كممثل ماهر تستطيع السيطرة على الجمهور بمهارتك. وقد قدمنا عروضا كثيرة بالأحياء الشعبية وفي المحافظات فنحن مسرح مفتوح يمثل طبيعتنا كمصريين. مسرح الأفق المتسع ومسرح الفقير. فالأراجوز تراث شعبي يعبر عني وعنك وعن أي شخص وهي حكاية لها هدف معين يفهمها المتفرج بالمفهوم الذي يشعر به.

تعريف الموروث الشعبي
ويقول الفنان علي أبو زيد سليمان عضو الفرقة: أنا عضو الفرقة منذ تأسيسها، وكنت طالبا بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، حيث كان د. نبيل بهجت يقوم بالتدريس بشعبة التمثيل والإخراج، فعرض علينا الانضمام لورشة يقيمها للأراجوز وخيال الظل، وبدأت مشواري مع الفرقة حينها منذ عام 2003 وتعلمت فنون الأراجوز وخيال الظل، واشترك معنا عم صابر المصري وهو من أقدم لاعبي الأراجوز في مصر، ومعه عم صابر شيكو ومحمد كريمة وكلهم لاعبين شعبيين وبدأنا التجربة بعرض (على الأبواب) الذي جمع بين الأراجوز وخيال الظل والراوي، وكان الهدف (إنك تعمل حاجة منك)، فنحن طوال الوقت بكلية الآداب ندرس المسرح اليوناني ومسرح العلبة الإيطالي ومن هنا كانت الفكرة هي الخروج من هذا الإطار والعمل من خلال فرجة شعبية. وهي تجربة ممتعة جدا لنا خصوصا أن التمثيل العادي سهل، ففكرة أن الناس يرونك وتراهم. خصوصا أنك كممثل تنقل إحساسك للناس من خلال وسيط وهو العروسة التي تنقل لها إحساسك وهي تنقله بالتالي إلى الناس وهذا أكثر صعوبة وأكثر متعة بالإضافة لفكرة التفاعل مع الجمهور والأطفال هو شيء شيق جدا مع الارتجال من خلال الحوار المكتوب بأفكار نعمل عليها، ثم تجد مساحة يمكنك من خلالها الإضافة والتعديل والتجاوب وهذه متعة شخصية في التمثيل. أضاف: أقمنا أول ورشة مع د. نبيل في المركز القومي للمسرح كان نتاجها عرض (على الأبواب) فكانت تجربة جيدة وقدمناها كثيرا في عدة أماكن، وتلاها عرض آخر ناجح وبالتالي كان نتيجة النجاح هو السفر للخارج في مهرجانات دولية مثل المهرجان المتوسطي لمسرح الطفل في تونس والمهرجان العربي في الكويت والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والمغرب والجزائر وفي أوروبا فرنسا وإسبانيا واليونان وإيطاليا وتركيا، قدمنا عروضا كثيرة وورشا كثيرة وبدأنا في تعليم الناس مع د. نبيل في الورش الخارجية كيفية صنع واللعب بالأراجوز وممارسة فنه. تابع: فن الأراجوز يتكون من ثلاثة عناصر: أولا اللاعب الذي يحرك العرائس وثانيا المسرح وهو البرفان الذي يجلس بداخله اللاعب وثالثا الملاغي أو المساعد، وأنا أعمل في الفرقة ملاغي بجوار الأراجوز أي أمثل حلقة الوصل بين اللاعب والمتلقي. لأنه في بعض الأحيان قد تخرج كلمة غير مفهومة من الأراجوز أو توجد قيمة معينة نود التأكيد عليها فالأراجوز قبل أن يكون وسيلة ترفيه فهو معلم جيد للطفل ونحن نقوم بعملة لتأكيد بعض الأشياء التي نود توصيلها للجمهور. بالإضافة إلى أننا نمزج بين الشق الأكاديمي كخريجين جامعيين من قسم المسرح وبين اللاعب الشعبي الذي يقدم النمرة أصلا، فهنا يوجد مزج بين الموروث الشعبي وبين الجيل الجديد الذي يمثل الحداثة، أضاف: يوجد اختلاف بالطبع عما كان يقدم من قبل. رغم أنها هي نفس النمرة وهو نفس الكلام لكن المضمون مختلف، ولغة الحوار أيضا فعندما تتحدث مع الأطفال فهم يرون شابا صغيرا يتحدث معهم فهذا يخلق نوعا من الانتباه لديهم، فهم يرون شخصا يقف بجوار العروسة وهو الذي يحركهم وهو من يحثهم على القول وإعادة الكلام، فدوري الأساسي هو الملاغي وهو التطور الذي أضافه د. نبيل.. الملاغي قديما كان مجرد طبلة أو ترومبيت أو كلارنيت، أي كان مجرد شخص يعزف نغما لكننا طورنا الموضوع وحدثنا من شكل الملاغاتي ليصبح هو الرابط الأساسي في العرض ويمكنه أن يطيل الفقرة أو يقوم بتقصيرها ويمكن أن يقول للاعب الأراجوز شيئا ما يراه أثناء العرض فيجعل الأراجوز يؤكد عليه مثل فكرة النظافة، مثلا أثناء الجلوس في مكان العرض ورمى أحد الأطفال ورقة أو علبة كانز يبدأ الملاغي في الكلام مع الأراجوز ليلقي الضوء على هذا الحدث لتعليم الأطفال وتوجيههم بخصوص ذلك. تابع: نحن نقدم التراث كما هو بالضبط، ويمكن إضافة أشياء جديدة في خيال الظل تتماشى مع العصر. فنحن وظفنا الأراجوز لخدمة العروض بشكله وهيئته وكنا نأخذ منه ما يتماشى مع العروض التي نقدمها وفي نفس الوقت يمكن أن نضيف له شيئا يخدم العروض والقيم التي نتحدث عنها، لكن النمر أو الفقرات كما هي دون تغيير، مثل (الأراجوز ومراته) و(الأراجوز) وعم عثمان والأستاذ وهكذا نفس الموضوعات دون موضوعات جديدة. تابع: واجهنا تحديًا آخر في تحويل كلمة الأراجوز من كلمة مستهجنة إلى قيمة ورتبة وهذا الذي جنينا ثماره هذا العام بعد وضع اليونيسكو للأراجوز ضمن قوائم صون التراث العاجل نتيجة للتجربة التي بدأناها منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وكان كل الناس يقولون لنا باستغراب واستهجان: «أراجوز؟! أنتم ممثلون، وكانت أسرنا واهالينا يستهجنون ذلك، فكان هذا حافزا لنا أولا، كنا أثناء السفر للخارج نقابل بترحيب غير عادي، فاستقبال الآخر لنا كان مشجعا كبيرا لنا للاستمرار، فنحن نعمل في الخارج باسم مصر يمكن ألا يشعر المصريون بما تفعله لكننا نجد من الأجانب احتفاءً غير عادي، خصوصا أننا نجيد اللغة الإنجليزية فنقوم بتوصيل لهم فننا الشعبي المصري بلغة هم يستطيعون فهمها، لكن نستعمل أيضا اللغتين العربية والإنجليزية ونقوم بالترجمة لهم أثناء العمل وتقديم الفقرات وهذا ما صنع لنا تميزا وهو القدرة على التواصل والفهم. لنقابل بالترحيب والتصفيق الحاد والتقاط الصور معنا بعد العرض.كنا نتحرك في كل مكان سواء داخل مصر أو خارجها بجائزة عظيمة اسمها المحافظة على الموروث الشعبي، حيث نعمل بعيدا عن العلبة الإيطالية، والمسارح المغلقة، وهذا هو المختلف، فكم من مئات الممثلين الزملاء بمسارح الدولة لا يشعر بهم أحد لكن كم فنان يستطيع أن يمارس فن الأراجوز أو خيال الظل، نحن فقط. وهذا ما جعلنا نزداد إصرارا على المواجهة والتحدي. فنحن صدقنا الفكرة وآمنا بها وكافأنا الله عز وجل. وقال ايضا: استخدم الكثير من المسرحيين الأراجوز مجرد زينة في مسرحياتهم وكانوا يتنصلون منه لكنهم الآن بعد اعتراف اليونيسكو صاروا ينسبون أنفسهم للأراجوز. ونحن الفرقة الوحيدة التي وظفت الأراجوز وخيال الظل في عرض مسرحي كامل بحيث يمكن تقديمه في أي مكان سواء كان خشبة مسرح أو حديقة أو مكتبة أو مدرسة أو حضانة أو شارع لأن هذا مسرح الناس وللناس. وختم بقوله: أخيرا أحلم بشيء هام جدا، فأميركا من خلال دمى ميكي وميمي اقامت مدينة ديزني لاند، وتوجد ولاية كاملة بهذا الاسم، وأنا أحلم ببناء مدينة ملاهي شعبية يوجد بها الأراجوز وخيال الظل والتحطيب كي يعرف الناس أن مصر تمتك من الثقافة ما يجعلها أغنى أغنياء العالم وأن لديها حضارة سبعة آلاف عام عبارة عن علم وثقافة وفنون، فإذا لم نستطع الربح من السياحة فلدينا ثقافة يمكن أن نكسب من خلالها. أي نقيم سياحة فنية وثقافية كنوع جديد من السياحة بجانب السياحة العلاجية وغيرها.

هذا هو مسرحنا
الفنان مصطفى الصباغ باحث في مسرح الطفل والعرائس، ومشرف مركز إبداع بيت السحيمى قال إن تتويج هيئة اليونيسكو لفن الأراجوز بإدراجه على قائمة الصون العاجل للتراث اللامادى هو تتويج لتجربة فرقة ومضة التي أخذت على عاتقها إحيائه والحيلولة دون انقراضه، ولعل ومضة هي ترجمة فاعلة لنداءات تنظير المسرح بما يحفظ الهوية، لترفع شعارا منذ تأسيسها هذا هو مسرحنا (الأراجوز) مؤكدة أن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا - في تراثنا ويحمل مقومات خطاب مسرحي تنموي للصغار والكبار، يستطيع أن يؤثر ويجذب ويمتع وينمى الشخصية الإنسانية والمجتمعية، فكان الوعي المبكر لما اعتبره عقل مؤسسي وهو الباحث والفنان د. نبيل بهجت مؤسس فرقة ومضة والذي حمل العبء وقدم الجهود وفرقته التي حرص على أن تكون اختيارا منهم لتحملهم معه مشقة المشوار، فلم يكن فن الأراجوز ليغرى الكثير من الفنانين ودارسي الفنون المسرحية وعلومه، إلا القليل الذين آثروا تحققهم من خلال ذلك الفن البسيط، وهم الأصدقاء الفنانين أعضاء فرقتنا المعدودين على أصابع اليد، وهنا استعير مقولة العم صابر أثناء تكريمه وفرقة ومضة من قبل الهيئة العربية للمسرح: (احنا فرقة صغيرة لكن كبيرة قوي)، ويزيدنا فخرا أننا من نتاج مصرنا وبأننا نمثل ذلك الامتداد التراثي الواصل والمتفاعل مع حملة هذا الفن من فنانين شعبيين رحلوا وآخرين نعمل على صونهم ورعايتهم لنقدم فنا ومسرحا يعتمد على الأراجوز وصلا بالراوي، وخيال الظل، فنون فرجتنا الشعبية.
أضاف: إن تجربة فرقة الأراجوز ومضة أنارت لمشتغلي الفنون ذلك الثراء التفاعلي لفنون فرجتنا الشعبية، وأهمية العمل المؤسسي والذي تختزله تجربة الفرقة من توثيق آخر لاعبي فناني الأراجوز وتمثيلياتهم بل وعرائسهم وما تبقى من فتات الماضي، ذلك الغنى والإلمام بالعنصر التراثي والتلاقي معه ومن خلاله كان سبيلا إلى العالمية واستعير هنا كلمة أستاذي د. نبيل بهجت: (لكى تصل للعالمية عليك أن تنطلق من المحلية) وأهنئه فهذا نتاجا لجهود كان هو على رأس من بذلوها فقد قدم تأصيلا لفن مصري هو الأراجوز، وأشكر زملاء الرحلة الفنان على أبو زيد والفنان محمود السيد، والعم صابر القدير والعم شيكو وأ. صلاح.. والصديق الدكتور ملك الأراجوز د. نبيل بهجت، وما زال هناك الكثير والكثير.
ولعلني احتفالا أقدم كلماتي (أراجوز)
عروسة عجيبة
عروسة تشوفها
تقول دي عروسة لحد كبير
أراجوز
تسمع صوتها
تقول دي عروسة طفل صغير
من غير تفكير
أراجوز
يعمل حركات جوه الحكايات
تفطس م الضحك
يطرد وحشين
ويصحى في شغله
ناس نايمين
أراجوز
بشوية حركات جوه الحكايات ونفطس م الضحك.. أراجوز.

الفقرات التراثية للأراجوز تصلح لكل زمان
الفنان محمود السيد أحد مؤسسي الفرقة خريج قسم المسرح بكلية الآداب جامعة حلون، شعبة التمثيل والإخراج دفعة 2008 قال: إن مجال العلم بالتمثيل متسع، لكني تخصصت في جزء معين، حيث فضلنا العمل في شيء غريب ومختلف لا يطرقه الكثيرون، في البداية عملنا في خيال الظل والأراجوز مع د. نبيل، حيث وجد أنه لا يوجد أي عروض مصرية للأطفال والنماذج الموجودة كلها نماذج غربية حتى أن هذا بدأ ينعكس في المظهر العام سواء الملابس أو في الشكل في المجتمع، حيث إن كل الأعمال المقدمة للأطفال والكارتون والرسوم المتحركة كلها نماذج غربية مثل باتمان وميكي ماوس وغيرها، فكان أنسب نموذج يمكن أن نقدمه من خلال الثقافة المصرية هو خيال الظل والأراجوز، وقد التحقت بالفرقة منذ عام 2003، أما دوري داخل الفرقة فأعمل في خيال الظل وملاغي للأراجوز. أضاف: ميزة العمل في الأراجوز التنوع، ففي التمثيل العادي يعمل الممثل على شخصية واحدة طوال العمل، لكن في مسرح خيال الظل والأراجوز يكون العمل عبر وسيط، سواء البرفان أو شاشة خيال الظل كحاجز بين الممثل والجمهور من خلاله يستطيع الممثل أن يخلق تنوعا بين أكثر من شخصية داخل العمل. باستخدام أدوات الممثل المختلفة مثل تغيير نبرة الصوت في الأداء بين شخصية وأخرى، توجد مهارات أخرى باستخدام موتيفات أو أدوات أخرى مثل الطبلة وهي عنصر أساسي مع الملاغاتي. تابع: الأراجوز يتحدث في عدة موضوعات من داخل المجتمع المصري وبه كثير من الفقرات التراثية التي تعيش طويلا وتصلح لكل الأزمان وليس لوقت محدد ومنها موضوعات اجتماعية وسياسية وتربوية، فمثلا في الاجتماعية توجد نمرة (الأراجوز ومراته) يناقش فيها العلاقة بين الزوج والزوجة في مشكلة لا تصلح لأن تكون أمام الأبناء، أما السياسية فمثلا فقرة (الأراجوز في الجيش) فهي تنمي روح الانتماء لدى الطفل منذ الطفولة ونمرة (حرب اليهود) كذكرى لحرب أكتوبر، ولا بد لنا من الحفاظ على الفقرات كلها لأننا لو نظرنا إلى الأراجوز سنجد أنه مختلف عن باقي الدمى الموجودة الأخرى في الصوت والشكل الغير موجودين في أي عروسة في العالم وهو يستخدم الأمانة في إصدار الصوت من خلال الأمانة التي سميت بهذا الاسم لأنها كانت سرا من أسرار المهنة أو لعبة الأراجوز. ولا بد من محاولة الحفاظ عليه لأن عدد اللاعبين الذين يستخدمون الأمانة يكاد يعد على أصابع اليد، والطفل الآن لديه إمكانيات كثيرة مثل الإنترنت الذي يطلع من خلاله على مدارك مختلفة تجذب الطفل، كما أن قلة عدد الساحات والموالد والاحتفالات الشعبية فقل عدد اللاعبين للأراجوز، فلا بد من تدخل كبير لاستمرار اللعبة وتوفير عدد أكثر من اللاعبين المدربين للحفاظ عليه من الاندثار، وخصوصا أنه فن مصري أصيل له صولات وجولات في الاحتفالات الشعبية والموالد.وقال ايضا: يجب علينا الحفاظ على هذا التراث العظيم وهو فن الأراجوز، فلو نظرنا لأي دولة في العالم فلديها ثقافتها وتراثها، فدولة مصر لا بد أن يكون لديها شكل وطابع مميزين لتراثها الشعبي ونحن سافرنا إلى ثلاثين دولة في العالم فلو تأملنا الجمهور فيها سنجده ينظر إلى هذا الفن على أنه شيء كبير ومميز.
وختم بقوله: عندما بدأنا لم نكن ندري إلى أي مدى سيصل بنا المطاف حيث عملنا في النوادي والشوارع والمراكز الثقافية ولم نكن ندري هل سننجح في الحفاظ عليه أم لا، لكن التجربة بدأت تتحرك خطوات إلى الأمام واستطعنا تجميع عدد كبير من اللاعبين الشعبيين وحافظنا على استمراريتهم، وأتمنى زيادة الاهتمام بتلك الفنون وأن ينتج مسلسل تلفزيوني خاص بالأراجوز وأن يزيد عدد العروض المقدمة والمتابعين لفن الأراجوز من الجمهور ليتعرف على تلك الفنون خصوصا أنه أصبح هناك خلط بين الأراجوز والنموذج الغربي المسمى الكلاون، فيجب الحفاظ على هذا التراث فالأراجوز يعتبر أكبر مسرح وأصغر مسرح في نفس الوقت.


أحمد الشريف