جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 718 صدر بتاريخ 31مايو2021

دعت مجموعة من الفرق المسرحية الأمريكية – خاصة فى برودواى – الحكومة الأمريكية إلي تنفيذ قرار الكونجرس الصادر منذ ستة شهور بتخصيص دعم قدره 16 مليار دولار لما سماه “مشغلى الأماكن المفتوحة” التى تضررت من قيود وباء كورونا. واعتبر القرار أن المقصود بهذا التعريف هو المنشآت الترفيهية والثقافية المفتوحة مثل المسارح وحدائق الحيوان والمتاحف ومدن الملاهى وغيرها. وتم تحديد هذا الرقم على أساس 45% من صافى  إيرادات هذه المنشآت فى 2019 أو من الضريبة التى سددتها خلال تلك الفترة .
 وكان من المتوقع أن يؤول معظم هذا المبلغ (10 مليارات دولار)إلي قطاع المسرح. لكن ما حدث حتى الآن وبعد ستة شهور من صدور القرار – الذى يغطى كل أنحاء الولايات المتحدة –أن  دولارا واحدا لم يصرف حتى الآن للفرق المسرحية أو غيرها.
وقال بيان صادر عن عدد من الفرق المسرحية فى برودواى أنها بحاجة إلي هذا الدعم حتى تتمكن من تقديم بعض العروض الرئيسية مثل “الأسد الملك“ و”هاملتون “ و”كباريه“ وغيرها. وأضاف البيان انه لابد من تقديم هذه العروض حتى يعود الجمهور إلي مقاعد المسرح ولا يكتفى بمشاهدتها عبر الإنترنت.
الممولون يعترضون
وهذه العروض بدورها تحتاج تكاليف كبيرة- فضلا عن النفقات الثابتة - لا تستطيع الفرق الوفاء  بها لأنها لم تحقق  إيرادات كافية تساعدها على ذلك خاصة أن بعضها فقد 90 % من موارده. وفى غياب هذه الإعانة لن تستطيع الفرق الإنتاج إلا باللجوء إلي بنوك وممولين يفرضون عليها أسعار فائدة باهظة. ولن يقبل أي مقرض استيفاء ديونه من عوائد التذاكر لأنه لا يضمن حجم الإقبال عند استئناف العروض.
والمفروض حسب الخطة الحالية لتخفيف القيود أن يتم استئناف العروض على مسارح برودواى فى منتصف سبتمبر القادم.
 ويساند الفرق المسرحية فى هذا المطلب تجمع تأسس فى الولايات المتحدة بعد أزمة كورونا من شخصيات عامة وأفراد عاديين يعرف باسم «انقذوا المسرح» يضم حتى الآن أكثر من ثلاثة ألاف عضو. وقد أصدر هذا التجمع بيانا اتهم فيه الحكومة بالتقاعس فى إنقاذ المسرح. وجاء فى البيان أن الحكومة تهتم بالمطاعم أكثر مما تهتم بالمسارح.
ويشير البيان إلي خطة بدأت الحكومة فى تنفيذها قبل أسبوعين فقط تتكلف 69 مليار دولار لدعم المطاعم ويستفيد منها أكثر من 300 ألف مطعم.
وداعا صاحب المسرحية الواحدة
كتبه لا تطلق خيال كتاب المسرح
الرواية عبر الإذاعة..بطريقة مسرحية  
 ليست له سوى مسرحية واحدة ...ومع ذلك فقد رثاه كثير من المسرحيين  عندما رحل إلي العالم الآخر قبل أيام عن 91 عاما. إنه “إريك كارلى “ أديب الأطفال الأمريكي الذى تخصص فى نوع واحد من أدب الأطفال وهو قصص الخيال العلمى التى تقدم المعلومة للأطفال بطريقة مبسطة وجذابة جعلت الأطفال يقبلون على كتبه.
 تعددت مؤلفاته (75 قصة )مثل “الدب البنى ..ماذا ترى “ و “هل تريد أن تكون صديقى “ و “من الرأس إلي اخمص القدمين “ .وكانت كل قصصه تحقق مبيعات قياسية يساعدها فى ذلك قدرته الرائعة على التبسيط  وجودة الرسوم التى كان يرسم اغلبها بنفسه والطباعة الفاخرة. وكان يشرك أحيانا أخرين معه فى الكتابة أو إعداد الرسوم.
لكن أشهر قصصه على الإطلاق كانت “دودة الأرض الشرهة للغاية” التى تحولت إلي مسرحية قدمتها فرق مسرحية عديدة فى الولايات المتحدة وعرضها منذ صدورها عام 1969. وكانت تقدم برؤى مختلفة للأطفال والكبار معا وتتعامل مع قضايا اجتماعية متعددة بفضل ما يتمتع به النص من ثراء وقماشة عريضة تساعد كتاب المسرح على الإبداع وقد وزعت هذه القصة أكثر من 40 مليون نسخة فى الولايات المتحدة وترجمت إلي أكثر من ستين لغة.
22 صفحة فقط
تدور القصة التى جاءت فى 22 صفحة فقط حول دودة من ديدان الأرض ثاكل مجموعة متنوعة من الأطعمة حتى تصل إلي مرحلة التشرنق ثم التحول إلي فراشة.
ويقول أنه كتب هذه القصة ليؤكد للشخص العادى أنه يستطيع الوصول إلي أعلى المراتب والدرجات بالعمل والاجتهاد. لقد كانت القصة فى الحقيقة على حد تعبيره “كتاب الأمل“ الذى يسعى لإقناع الطفل بأنه يمكن أن ينمو له جناحان ويطير. كما سعت إلي إرشاد الأطفال بمعلومات صحية وغذائية مفيدة. وهذه النقطة بالذات جعلت الجمعية الأمريكية لطب الأطفال تتعاقد على 17 ألف نسخة يتم إعدادها بطريقة خاصة لتوزيعها على أعضائها من الأطباء لتوعية الأطفال بالعادات الغذائية السليمة.
ويقول كارلى أنه فضل هذا النوع من الأدب العلمى المبسط للأطفال عندما أدرك أن الأطفال يخافون من التعامل مع العديد من الموضوعات العلمية خوفا من أن تكون جافة وصعبة على فهمهم.     
وهو يشعر بالأسف لأن عملا واحدا فقط من أعماله تحول إلي مسرحية.
لكنه يعذر كتاب المسرح لأن قصصه تتميز بطبيعة خاصة تستعصى على خيال كتاب المسرح. وما عوضه أنه كان يقوم برواية معظم قصصه بصوته عبر ميكروفون الإذاعة بطريقة مسرحية.
بقى أن نعرف أن كارلى من أصول ألمانية وولد فى نيويورك وهاجر مع أبويه لبعض الوقت إلي ألمانيا فى بداية حكم النازى ودرس الفن الألمانى ثم عاد إلي الولايات المتحدة فى 1951.
حان دور المسرح
يتحدون الصعوبات ...بقواهم الخاصة
متى يأتى دور المسرح؟ يطرح هذا السؤال «جاى رودرمان» رئيس  جمعية «رودرمان لأصحاب الهمم». يوجد مقر هذه الجمعية فى مدينة بوسطن عاصمة ولاية مساسوشيتس الأمريكية. أنشات هذه الجمعية عائلة رودرمان إحدى العائلات الغنية الأمريكية لرعاية ذوى الهمم. وتعتمد الجمعية على التبرعات لكن يظل مصدر تمويلها الأساسى هو الأسرة الغنية نفسها.
يتحدث رودرمان عن القرار الأخير لمؤسسة «أن بى سى يونيفرسال» الأمريكية للإنتاج الفنى بإدراج عدد من ذوى الهمم فى اعمالها الدرامية من خلال أدوار تكتب لهم خصيصا أو حتى من خلال ادوار عادية. وسوف تكون البداية مع مسلسل «أمستردام الجديدة» الذى تقدمه المؤسسة منذ عام 2018 ويحقق نجاحا كبيرا وتقوم ببطولته النجمة الشابة «ايلين جروبا» وهى من النشطاء فى مجال حقوق المعاقين لأنها تعانى اإاقة خفيفة فى ساقها بسبب مشاكل فى الحبل الشوكى نتيجة خطأ فى الولادة.
وقد جاء ذلك القرار مجاراة لقرار مشابه من  مؤسسة أخرى هى «سى بى إس». ومن المتوقع خلال الفترة القادمة أن تقدم مؤسسات اخرى مثل يونيفرسال وبيكوك وسونى على قرارات متماثلة.
ويقول رودرمان إنه أمر يستحق التحية- رغم غاب جدول زمنى محدد - وسوف تكون له انعكاسات إيجابية على المجتمع الأمريكي يمكن أن تمتد إلي خارج الولايات المتحدة.  
والمسرح أيضا
وهنا يصل إلي بيت القصيد وهو ضرورة أن تمتد هذه المشاركة إلى مجال المسرح ويشارك المعاقون فى الأعمال المسرحية باعتبار المسرح اداة رائعة للتواصل مع الجماهير.  
ويقول أن هناك بالفعل عدة فرق مسرحية فى الولايات المتحدة للمعاقين تقوم بدور طيب فى إدماج هؤلاء فى المجتمع. لكن عملية الإدماج سوف تكون أكثر فاعلية عندما يشارك هؤلاء مع فرق مسرحية عادية. ويقول أنه ناقش الأمر مع العديد من الفرق المسرحية ولم يصل إلي شئ حتى الآن.
فهذه الفرق ترى أن المسرح يختلف عن السينما والتليفزيون فى أنه يحتاج جهدا شاقا على امتداد أيام العرض ومن قبلها فى البروفات. ومن غير الممكن أن يتحمل أصحاب الهمم هذا المجهود الشاق.
 بدوره لا يرى رودرمان ذلك مشكلة، فأصحاب الهمم عادة يرفعون شعار التحدى ولا يعترضون على الجهد الشاق فى هذه الحالة. ودائما تكون هناك ناحية من القوة لدى أصحاب الهمم تعوضهم عما أصابهم من نقص.
ويشير إلي أن البداية يمكن أن تكون إسناد الشخصيات من أصحاب الهمم إلي ممثلين من هذه الفئة ثم إسناد شخصيات عادية إليهم كلما كان ذلك ممكنا. وهم فى النهاية يمثلون قطاعا لايستهان به من الشعب الأمريكي.
وتقول إحصائية مهمة لمراكز مكافحة الاأمراض أن 26% من الأمريكيين يعانون إعاقات بدرجات متفاوتة .


ترجمة هشام عبد الرءوف