«مسرحيد» فى موعده رغم كورونا

«مسرحيد»  فى موعده رغم كورونا

العدد 694 صدر بتاريخ 14ديسمبر2020

لم يمنع وباء كورونا من اقامة مهرجان عكا المسرحى المعروف اختصارا باسم «مسرحيد»  فى موعده المعتاد منذ أكثر من عشرين عاما. يقام المهرجان فى الاحد الاخير من شهر نوفمبر كل عام ويستمر لفترة تتراوح بين خمسة الى سبعة ايام. وكان المهرجان الذى يقيمه المسرحيون فى اراضى 48 وتشارك فيه فرق من الضفة والقطاع ومن الخارج أحيانا، يقام فى حيفا ثم نقل الى عكا.
 وبسبب كورونا لم يسمح للجماهير بحضور عروض المهرجان التى كانت تجتذب عادة اعدادا كبيرة من العرب واليهود على حد سواء ويشهد عروضه    بعض المهتمين بالمسرح  من خارج فلسطين. بعد مضي أكثر من عشرين عامًا على انطلاق دورته الأولى. وكان البديل  مشاهدة العروض  بشكل مباشر عبر صفحة المهرجان الخاصة على الفيسبوك . وقد استمر المهرجان هذا العام لخمسة ايام .
وفى ذلك يقول مدير المهرجان خالد أبو علي أن إدارة المهرجان كانت مضطرة  لاتباع هذا الأسلوب لانها تؤمن بان هذا المهرجان  لا يجب ان يتوقف  تحت أيّة ظروف . وحتى ايام الحرب (لا ادرى اى حرب يقصد ) اقيم المهرجان ولم يتوقف.
كما شهد المهرجان  تطورا كبيرا على مدى السنوات. بدأ على سبيل المثال  يعرض  مسرحيات  يشارك فيها أكثر  من ممثل، بعد أن اقتصر   لسنوات   على مسرحيات الممثل الواحد (مونودراما).  
عروض
   شاركت فى المهرجان خمسة عروض مسرحية عرضت كل منها ثلاث مرات.  والمسرحيات هي: «جثة على الطريق» انتاج مسرح «المهباش» في رهط، ومسرحية «واحد للطريق» من إنتاج مسرح «الجوال» في سخنين، ومسرحية «صور» من انتاج مسرح «سنابل» في القدس، ومسرحية «تريمنال» من انتاج مسرح «القلعة» في الناصرة، مسرحية «عرق النعنع» من انتاج مسرح «البسمة» في القدس.
وعلاوة على ذلك قدمت بعض مسرحيات الممثل الواحد القصيرة لكنها لم تشارك فى مسابقة المهرجان  وقدمها بعض الطلبة والشباب الذن يدرسون المسرح. وكانت تقدم بين المسرحيات المشاركة فى المسابقة. وتم  تقديم عرض مصور راقص عن مدينة عكا ومعالمها لتعويض من لم يتمكنوا من الحضور للاستمتاع بمعالم تلك المدينة الجميلة الحافلة بالعديد من المعالم التى يصنفها اليونسكو كتراث انسانى. وللتخفيف من حدة بعض المشاهد الحزينة والصعبة فى المسرحيات،  تم تقديم بعض المقاطع الفكاهية  (الاسكتشات ) للممثل الكوميدى الفلسطينى ابن اللد «ابراهيم ساق الله « الذى يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين فى اراضى 48 وفى الضفة والقطاع وفى المهجر.  وكانت العروض تبدأ من الخامسة والنصف مساء وتنتهى فى العاشرة.  وكان امرا باعثا على السعادة كمية رسائل الاعجاب التى تدفقت على صفحة المهرجان من داخل فلسطين وخارجها بل من كل قارات العالم.
 وكان المهرجان فرصة للاسمتاع بأداء عدد من فنانى المسرح  الفلسطينيين البارزين مثل إبراهيم خليل، ألبير مرعب، سهيل فودة، ماريا مصري، نزار بغدادي، خير فودة، وعلاء عزام، وأحمد سويدان، وأدهم قدورة ومنى ميعاري وكلهم من فلسطيني 48.
وكان هناك عدد من أبناء الضفة والقطاع مثل «أحمد أبو سلعوم» و»حسام أبو عيشة». والآخران أعجبنى أداءهما    فى المسلسل الفلسطينى «أولاد المختار» الذى عرض على قنوات عربية عديدة ودار حول تمسك الشعب الفلسطينى بأرضه. أعجبنى ابو سلعوم فى تجسيده لشخصية الانتهازى «فايز» الذى يقبل بالاحتلال الاسرائيلى لبلدته ويسعى إلى التعايش معه. ويصنف النقاد أبو سلعوم (65 سنة – من مواليد القدس) كأحد مؤسسى  المسرح الشعبى فى فلسطين رغم أن ابداعاته امتدت الى مجالات اخرى. هذا بينما جسد أبوعيشة شخصية العميل الفلسطينى الذى يشجع سكان القرية على بيع أراضيهم لليهود ويتجسس على الفلسطينيين لحساب قوات الاحتلال.    وقد سبق أن اعتقلت سلطات الاحتلال الاسرائيلى أبو عيشة(61 سنة – من مواليد القدس ايضا) لمدة 3 سنوات استغلها فى كتابة عدة مسرحيات.
واحد للطريق
كانت المسرحية الأولى هى “واحد للطريق” وهى من تأليف الكاتب المسرحى البريطانى “هارولد بنتر” . وبنتر (1930 -2008)عاش حياة مسرحية خصبة امتدت لنحو 50 عاما . وفى بعض الاحيان كان يقوم بالتمثيل فى مسرحياته .وقد حصل على جائزة نوبل فى الادب عام 2005. وتم اختيار هذا النص رغم ان بنتر كان يهوديا لكنه كان معارضا للصهونية وهاجم اسرائيل بسبب جرائمها فى حق الشعب الفلسطينى.
وتدور المسرحية حول أسرة تتعرض للاعتقال  فى احد العهود وتم وضع كل من افرادها الثلاثة – الأب فيكتور والزوجة جيلا والابن ميكى- فى زنزانة منفصلة. وتدور المسرحية حول محاولات الثلاثة التواصل فيما بينهم والانتهاكات التى تتعرض لها حقوق المواطن العادى وحرياته وحياته اليومية.   كتب بنتر تلك المسرحية عام 1984 بعد زيارة قام بها لتركيا. وأنتج المسرحية مسرح الجوال وترجمها إلى العربية وأخرجها ربيع خورى.
وتأتى بعد ذلك مسرحية “ترمينال “ وهى للكاتب المسرحى الفلسطينى “قرمان قرمان” الذى لا تتوافر معلومات عنه وقدمها مسرح القلعة بالناصرة. تحاول المسرحية الاجابة عن سؤال مهم ...هل ترك الانسان وطنه عندما يهاجر منه أم يحمله معه فى قلبه. وتدور المسرحية حول  اثنين  من الشباب يهاجرون إلى الولايات المتحدة (أحدهم فلسطينى يجسد المؤلف  شخصيته ) ويلتقيان  فى مطار جون كنيدى وتقوم بينهما علاقة صداقة. ويتعرف كل منهما على الآخر عن قرب.
ونأتى بعد ذلك إلى المسرحية الثالثة وهى “صور” التى قدمتها فرقة سنابل المقدسية. المسرحية من تأليف وإعداد وبطولة أحمد أبو سلعوم. وتدور المسرحية حول فلسطينى  (يجسد أبو سلعوم شخصيته)  يكافح من اجل شعبه الفلسطينى ويحلم بيوم تحرير فلسطين ويدعم كفاحه بالأشعار والأغانى ويدعو الى التمسك بالامل فى نهاية الكابوس يوما ما. وتشجعه على ذلك زوجته التى جسدت شخصيتها مايا نشاشيبى.
تجربة شخصية
ونأتى إلى مسرحية “عرق النعنع” وهى من مسرحيات الشخص الواحد   كتبها حسام أبوعيشة وقام ببطولتها وكانت من إخراج المخرجة السنيمائية والمسرحية الفلسطينية جورجينا عصفور. تدور المسرحية حول قصة حب صاحبها  أسير فلسطينى فى سجن بئر السبع  تبادل مع حبيبته 250 رسالة.   وربما استوحى ابو عيشة المسرحية من تجربته الشخصية وربما كان يرمز بالحبيبة إلى فلسطين. وهى من إنتاج مسرح البسمة بالقدس.
وكان العرض الأخير متميزا واعتمد على فكرة مبتكرة لفرقة مسرح “المهباش” برهط كبرى المدن العربية فى النقب. العرض هو “جثة على الرصيف”. وهو  ينتمى   إلى نوع الكوميديا السوداء. وهو فى حقيقة الامر ثلاثة عروض فى عرض واحد .الاول هو “جثة على الرصيف “ للكاتب المسرحى السورى الراحل سعدالله ونوس. هذا العرض تم تطعيمه بقصتين للادب الروسى تشيكوف(1860 -1904) هما “الحرباء “و “موت موظف “. وتعامل العرض مع مشكلة  المواطن البسيط الباحث عن رزقه عندما يتعرض للاضطهاد.


ترجمة هشام عبد الرءوف