د. سيد عبد الرازق: نطمع أن تكون الأغنية نشيدا قوميا للمحافظة

د. سيد عبد الرازق: نطمع أن تكون الأغنية نشيدا قوميا للمحافظة

العدد 692 صدر بتاريخ 30نوفمبر2020

من قلب الصعيد، وتحديدا من محافظة أسيوط، تلألأت مواهب شابة، من خلال عرض “هيلا هيلا” الذي قدم ضمن مشروع “ابدأ حلمك” من إخراج أحمد طه الذي قدم مؤخرا على خشبة مسرح الجمهورية. وكان لأغنية “أسيوط” التي قدمت خلال الورشة للشاعر د. سيد عبد الرازق طابعا مميزا، حيث عبرت بصدق عن أهل أسيوط، ما جعلها تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي  وتحقق نجاحا كبيرا، كما تلقاها أهالي أسيوط بتقدير واحتفاء، ما دعانا لأن نجري هذا الحوار مع مؤلف الأغنية د. سيد عبد الرازق.
د. سيد عبد الرازق شاعر ومؤلف، يعمل طبيبا بيطريا بمديرية الطب البيطري بأسيوط، وهو مدقق ومراجع لغوي للفرق المسرحية الحرة والحكومية بأسيوط وسوهاج. قدم العديد من المؤلفات منها مسرحية “حلم قديم” ديوان “يقامر شعره” صدر من الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2019، ديوان “وحدها في الغرفة” عن وكالة أمواج للإعلان أسيوط عام 2016 ، ديوان “نيرفانا” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة أسيوط 2015 بالإضافة إلى عدة دواوين أخرى منها “أخيرا تصمت الزرقاء”، “ويرسمها الدخان”، كتاب “سيناء اختيار المستقبل” تأليف مشترك عن وزارة الدفاع المصرية 2014، ديوان “ملامح الجنوب” تأليف مشترك، جامعة أسيوط عام 2007، تتر برنامج المسئول على قناة “آل تي سي”.
له إنتاج غزير من الأشعار المسرحية حيث كتب أغنيات مسرحية “قلعة النساء” لكلية تربية الطفولة المبكرة جامعة أسيوط، مسرحية “س.ح.م” كلية الحاسبات والمعلومات جامعة أسيوط، مسرحية “حريم النار” جامعة أسيوط، “مملكة السكر” لقصر ثقافة أحمد بهاء الدين للطفل المتخصص، مسرحية الرصيف لفرقة خدام أبو فام الحرة، مسرحية “المخزن” لفرقة قصر ثقافة ديروط المسرحية، أوبريت “رسول الله محبة وسلاما” لجامعة أسيوط، أوبريت “غضن الزيتون” و”سيناء أرض البطولات” كما حصل على العديد من الجوائز منها جائزة المركز الأول في شعر الفصحى، جائزة البردة المركز الثاني عن شعر الفصحى وزارة الثقافة وتنمية المجتمع، جائزة سمو الأمير عبد الله الفيصل للشعر المسرحي.

 - ما الدافع وراء كتابة أغنية لأسيوط؟
أغنية “أسيوط” تعبير حقيقي عنا نحن أهل أسيوط، فنحن دائما ما نؤكد على روح الانتماء وخصوصية الأرض والتاريخ الممتد عبر آلاف السنين، ونعتز بقيمنا ومصريتنا وعروبتنا وتنوعنا الديني وحياتنا المشتركة، ونصنع ذلك بعقلية جديدة تثمن الاختلاف وتستثمره لبناء مناخ حر يتغلب على قيم القبلية والعصبية، هذا المناخ الذي كان من نتاجه ورشة (ابدأ حلمك) التي تم من خلالها تقديم أغنية “أسيوط”، بكلماتي، ولحن المايسترو حسام حسني.
- ما الذي تعبر عنه أغنية “أسيوط”؟
تتناول أغنية “أسيوط” ملامح المجتمع الأسيوطي تاريخا وحاضرا ومستقبلا، تتناول فلاحيها وعمالها وعربانها وأعلامها وأحلامها؛ فأسيوط تضم عددا من الجامعات كجامعة أسيوط والأزهر والجامعة العمالية وجامعة سفنكس والعديد من الأكاديميات والمعاهد، وتتميز بوجود أول جامعة إقليمية في الصعيد ولد من رحمها كافة جامعات الصعيد، وبها مستشفى جامعي ومراكز صحية تخدم الصعيد كله، وتنتشر بها البنوك والأكاديميات الرياضية، والمنشآت الفنية والثقافية، أدباؤها حائزون على جوائز عالمية وإقليمية وجوائز الدولة، حضارتها قديمة ترجع إلى ما قبل الميلاد، طابعها التجاري خلق درب الأربعين الذي كان الممر الرئيسي للتجارة في إفريقيا، حضارتها القبطية واحتواؤها على أكثر الأديرة قداسة عند أقباط مصر، وحضارتها الإسلامية البارزة ومساجدها ومعاهدها القديمة، أعلامها الذين تركوا بصمة شاهدة على دورهم الريادي والتاريخي كجلال الدين السيوطي، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وعمر مكرم، وجمال عبد الناصر، وحافظ إبراهيم، ومحمد يونس القاضي الذي كتب نشيد “بلادي” ولحنه سيد درويش، الذي تتغنى ربوع مصر به كل يوم وكل ساعة، تلك المعلومة التي يغفلها الكثيرون من أجيالنا الشابة، كل هذا كان مضمنا بشكل مكثف في أغنية “أسيوط”.
- ما دور الأغنية كعمل فني في التنوير والتغيير؟
المشهور عن أسيوط هو بعدها النسبي عن القاهرة، ووجودها في صدارة المحافظات الأكثر فقرا حسب إحصاءات الأجهزة الرسمية للدولة، هذه الصورة النمطية القديمة عن أسيوط تتغير الآن جذريا فها هو نيلها الذي يمتد شاهدا للجمال يقام عليه مشروع كبير مثل قناطر أسيوط الجديدة، وها هم أبناء قراها ومراكزها يصنعون حالة فنية رائدة دعت وزير الثقافة إلى اعتمادهم كأول فرقة نوعية في مصر، يقفون بكل انتماء يغنون لأسيوط ويهزون مسارح الدولة ويتألقون في الأوبرا ويلفتون نظر النقاد من الفنانين والأدباء، في نقلة نوعية للفن والمسرح في أسيوط.
- ما الأثر المترتب على نجاح الأغنية ؟
الحمد لله نجحت الأغنية، وانتشرت انتشارا هائلا في المجتمع الأسيوطي، وتلقاها جمهور أسيوط بكل احتفاء وتقدير، مما حجز لها مكانا ثابتا في كل ليلة عرض من عروض ورشة “ابدأ حلمك” في أسيوط و الأوبرا وفي كل مكان توجهت إليه الورشة، تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة وساهمت في التغير الإيجابي للنظرة التقليدية لأسيوط، ثم عبر وسائط التواصل الاجتماعي حققت انتشارا كبيرا في الأوساط الأدبية والفنية، وتناقلها المهتمون بالشأن الثقافي المصري في الوطن العربي، ووصلتني إشادات من نجوم في عالم الفن والأدب من أنحاء العالم وتم تصويرها في مقاطع مرئية عديدة في بلاد عربية وأجنبية وهي تذاع في بيوت الشعر وفي الجلسات الخاصة والأسرية ، كل ذلك يسهم بشكل كبير في إعادة إلقاء الضوء على أسيوط وتعريف الناس بها، وهذا هو دور الكلمة الجيدة واللحن الفريد، لهذا أتوجه بالشكر إلى المايسترو حسام حسني الذي لحن هذه الأغنية بلهجاتها المتعددة ومقاماتها وحالاتها اللحنية الرائعة وانتقالاتها السلسة، وأشكر المدرب مناضل عنتر الذي صمم تعبيرا حركيا للأغنية، والمخرج خالد أبو ضيف على اختياره لي لكتابة الأغنية، والمخرج أحمد طه الذي تبنى الأغنية واقر عرضها في كل عرض من عروض الورشة، وكل القائمين على ورشة ابدأ حلمك من المستوى الأعلى في وزارة الثقافة الذين بشرونا بتسجيل الأغنية وإهدائها للمحافظة لتكون نشيدا تتغنى به في كل محافلها، وصولا للسيدة وزير الثقافة لاحتفائها البالغ بالأغنية وإشادتها بها، ولهذا نطمع ان تكون أغنية أسيوط حاضرة كنشيد تتغني به أسيوط على الدوام.
- كيف ترى ورشة “ابدأ حلمك”؟
ورشة “ابدأ حلمك” هي ورشة لإعداد ممثل شامل قادر على التمثيل والأداء الحركي والغناء ولديه القدرة على التعامل مع الديكور والإضاءة وإعداده للتعامل مع خشبة المسرح وكافة جوانب العمل المسرحي والتعرف إليها بشكل أكبر.. و تأتي أهمية الورشة من أنها أولا تقام في أسيوط، تلك المحافظة البعيدة عن العاصمة في قلب صعيد مصر، ومن تقارب عدد المتدربين من الجنسين، وكذلك لتنوع التوزيع الجغرافي ليغطي المحافظة بقراها ومراكزها ومدنها المختلفة، وصولا للقرى البعيدة عن مدينة ومركز أسيوط، ومن تفاوت المراحل العمرية ففيها طلاب الثانوية العامة والجامعة والخريجيون وبعض من هم دون الثامنة عشر، وقد تم تدريبهم خلال 900 ساعة تقريبا على الموسيقى، والدراما، والتمثيل، والأداء الحركي، والسينوغرافيا، ونتج عن ذلك عدد كبير من المشاهد المسرحية الفردية يقارب 260 مشهد مونودراما، وعدد 30 أغنية، و6 تصميمات للأداء الحركي، و7 تجارب مسرحية، تتنوع كلها بين الأنماط المختلفة لكل فن، أما عن دوري فقد كنت - بجانب تأليفي لأغنية أسيوط- أقوم بالإشراف اللغوي على الورشة - تطوعا - من حيث التدقيق اللغوي وتصويب اللهجة وما إلى ذلك وبالتالي هذا الجهد الكبير للمدربين متمثلا في المخرج أحمد طه، والمخرج خالد أبو ضيف، والمايسترو حسام حسني، والفنان مناضل عنتر، والفنان عمرو الأشراف، والفنان محمد الهجرسي، والفنان باسم عادل، والفنان فادي نشأت بإلاضافة إلى جهد الإدارة العليا للمشروع متمثلة في د. علاء عبد العزيز، والملحن كريم عرفة، والمشرف العام على المشروع الفنان هشام عطوة نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة، كل هذه العوامل والشخصيات أدت إلى إلقاء حجر في المياه الراكدة وخلق واقعا مسرحيا جديدا في صعيد مصر، غير تغييرا جذريا في الممثلين الشباب المشاركين في الورشة.
ما أبرز الصعوبات التي واجهتها عند كتابة الأغنية؟
لم تكن هناك صعوبة في كتابة الأغنية؛ وإنما كان هناك تحدٍ واضح لتحميلها ما أريد تحميله في تكثيف واع وتركيز غير مخل، إضافة إلى الحفاظ على فنيتها وتنوعها الموسيقي ليتلاءم مع كافة اللهجات الموجودة بأسيوط وديموغرافيتها المتنوعة لتناسب الطالب الجامعي والفلاح والعامل والعربان والمثقفين وتغطي أكبر قد ممكن من تاريخ أسيوط وكذلك واقعها المعاصر وما نحلم به لمستقبلها.
0في رأيك هل نعاني نقصا في كتابة الأغنية الوطنية؟
الأغنية الوطنية الآن تحتاج للكثير من التطوير، لقد تربت أجيالنا على أغانٍ خالدة في الذاكرة المصرية، وعلى فترات من حياتنا المعاشة كانت تظهر أغنيات تحدث تآلفا شعبيا على قبولها والتغني بها، ولكن المنتج من الأغنية الوطنية الآن ليس بزخم الماضي ولا بحضوره، كما أنها تحتاج إلى تطوير على مستوى الكلمة واللحن لتتماشى وذوق الشباب والناشئة، فتراعي قيم الفن والجمال، والذوق العام، وتجاوز السائد والمكرور، بطريقة معالجة حديثة وهو ما حاولت القيام به في أغنية أسيوط، لهذا نعم نحن بحاجة كبيرة إلى أغانٍ وطنية جديدة بجانب أغانينا الخالدة.
- لماذا نعاني من ندرة في عروض المسرح الغنائي؟
نحن نعاني ندرة في عروض المسرح الغنائي لعدة أسباب: أولها أن كتابة المسرح الغنائي تتطلب إلماما بفنين هما الشعر والمسرح وبالتالي من يكتب في هذا الإطار لابد أن يكون ملما بكليهما، ثانيا وجود الفرق التي بها ممثلون شاملون يستطيعون الغناء والتمثيل والأداء الحركي المصاحب للأغاني وهو أمر يحتاج لفرق كبيرة أو شبابية مستقرة وعلى مستوى متميز من التدريب،
ثالثا التمويل المادي للفرق التي تتعاقد مع الثقافة أو الفرق المستقلة وميزانياتها التي تحتاج للمزيد، فوجود مسرح غنائي يتطلب وجود مؤلف للأغاني وملحن وموزع وفرقة موسيقية وستوديو تسجيل وبروفات مكثفة بأجور لأعضاء الفرقة إلى آخر هذه الأمور التي قد تكون عبئا ماديا على الفرق الناشئة والصغيرة أو المتعاقدة على مبلغ مالي صغير نسبيا.
لماذا تحجب جائزة الأشعار فى بعض المهرجانات؟
حجب جوائز الأشعار في بعض المهرجانات المسرحية أمر يحتاج لإعادة نظر؛ ذلك أن الفرق التي تبذل جهدا في تطعيم العروض بالأشعار والأغاني وتتحمل تكلفته تكون في مواجهة فرق أخرى لم تتكبد مثل هذا العناء، كما أنها احتاجت تدريبا أكبر على الأداء الحركي والبروفات وغيرها؛ لهذا يجب لنشجع المسرح الغنائي أو لنشجع وجود الشعر في المسرح سواء كان إلقاءً أو غناءً أن تكون هناك جوائز للشعر في مهرجانات المسرح دعما للحركة المسرحية الشعرية، وتطويرا لقدرات الشعراء المسرحيين، ومحاولة لرفع الذوق العام في مواجهة الإسفاف، واستثمارا لقدرات الشعراء المسرحيين في خلق مسرح غنائي مصري يستعيد ريادته ورسالته من جديد.
يشرف على مشروع “ابدأ حلمك” د. احمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمخرج هشام عطوة نائب رئيس الهيئة والمشرف على المشروع، والفنان أحمد الشافعي رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، والمخرج أحمد طه المدير الفني للمشروع، وعضوا اللجنة الفنية د. علاء عبد العزيز والفنان كريم عرفة.


رنا رأفت