بمناسبة فوزه بمسابقة هيئة قصور الثقافة.. سليم كتشنر: الحروب العربية هي دافعي لكتابة النص

بمناسبة فوزه بمسابقة هيئة قصور الثقافة.. سليم كتشنر: الحروب العربية هي دافعي لكتابة النص

العدد 667 صدر بتاريخ 8يونيو2020

الكاتب المسرحى والباحث سليم كتشنر هو من مواليد محافظة القاهرة عام 1959، تخرج من كلية التجارة جامعة عين شمس، بدأ حياته العملية مخرجًا بفرق الثقافة الجماهيرية قبل أن يتفرغ للكتابة، وهو عضو باتحاد الكتاب المصرى وعضو نقابة المهن السينمائية، له العديد من المسرحيات المنشورة منها مربط الفرس وإمبراطور الكذابين وحق عرب والأراجوز ومازالت الأرض تدور، وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة المجلس الأعلى للثقافة فى التأليف المسرحى للشباب عن نص «الأراجوز» وجائزة الدولة التشجيعية للفنون فى التأليف المسرحى عن نص «وما زالت الأرض تدور» وجائزة ساويرس الثقافية فى المسرح عن نص «هزائم الفرسان»، ومنذ أيام أعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة عن أسماء الفائزين بجوائز مسابقة الكتابة المسرحية للعام الحالى فى التأليف والإعداد المسرحى، وقد فاز الكاتب المسرحى سليم كتشنر بالجائزة الأولى فى مسابقة التأليف المسرحى بنصه «المُهان»، وعن تلك المسابقة ونصه الفائز وأسئلة أخرى كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار.
-هل هذه هى أولى مشاركاتك فى تلك المسابقة؟ ولماذا تقدمت للمشاركة فيها؟
نعم هذه هى أول مرة أُشارك فى جائزة إدارة المسرح، والجوائز مهمة جدًا لاكتشاف الكُتّاب الجدد، فعلى الرغم من أن عروض الثقافة الجاهيرية هى من قدمتنى للمجال المسرحى، ولكن سنة 1991 حصلت على جائزة الشباب فى المجلس الأعلى للثقافة عن نص «الأرجوز»، لأن الجوائز وظيفتها أن تُقدم للإدارات كُتّاب جدد، وهذه وظيفة مهمة جدًا، ومهم جدًا أن تستمر هذه الجائزة وتُقدم كل عام، ومن الضروريات أن تزيد قيمتها المالية.
-هل كنت تُخطط للتقدم لهذه المسابقة؟ ولماذا لم تُقدم فيها من قبل؟
لا لم أُخطط لذلك، ولم أكن أهتم بالمشاركة فى هذه المسابقة نظرًا لأن قيمة جوائزها المالية كانت صغيرة جدًا وأنا حصلت على جوائز كبيرة قبل ذلك، وهذا ما كان يمنعني من التقديم فى المسابقة، وبالطبع  القيمة المالية للجوائز لها عامل مهم على تشجيع الكبار من الكُتّاب للتقديم فيها، فعلى سبيل المثال إذا تم طرح مسابقة قيمتها المالية 5000 جنيه، ما السبب الذى يجعل كبار الكُتّاب يُقدمون فيها؟!.
-حدثنا عن النص المسرحى «المُهان» الفائز بالجائزة الأولى فى مسابقة التأليف المسرحى؟
النص يدور حول المواطن العربى وانهيار فكرة القومية العربية، بشكل غير مباشر ، من خلال بطل النص الذى ترك حبيبته وذهب لجمع المال من الدول العربية، وعاد بوجه مصاب بحروق ، وعند عودته لم تتعرف عليه خطيبته . وددت أن أوضح من خلال هذا النص أننا قد حُرقنا فى كل مكان، فى العراق واليمن وليبيا، تقريبًا فى كل مكان حُرقنا، والفكرة الأساسية للنص هى انهيار فكرة القومية العربية.
-ما الدافع الذى جعلك تكتب هذا النص؟ ومتى كتبته؟
الحروب الدائرة بين الدول العربية، هى الدافع الذى جعلنى أكتب هذا النص، وفكرة حرق أو تشويه وجه البطل كناية عن فكرة انهيار القومية العربية. وكتبت هذا النص منذ أربع سنوات، وكان من المفترض أن يقدم فى المسرح الحديث، ولكن التعامل لم يكن على المستوى المطلوب، لذلك قمت بوقف الإنتاج.
-كيف كانت رؤية النقاد لهذا النص؟
كثير من النقاد قبل الجائزة كانوا يمدحون النص جدًا ونقدوه نقدًا بنّاءً، وهم من شجعونى للتقديم فى هذه المسابقة ومنهم الناقد أحمد خميس والناقد أحمد هاشم.
-هل ترى أن لدينا أزمة فى النصوص المسرحية؟ أم فى عدد من يكتبون للمسرح؟
فى مرحلة السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانت الحوارات حول المسرح دائما تدور حول أزمة النص المسرحى، وهذا دفع أشخاص كثيرون لم يكونوا قد كتبوا للمسرح  أن يكتبوا له، والنتيجة الحالية أن هناك كُتّابا كثيرين جدًا للمسرح، ولكن المسرح طريقه صعب غير القصة والرواية، ففكرة نقل الدراما على سبيل المثال فى ساعة يُقدم فيها الموضوع فى شكل جيد مشكلة كبيرة، لأن المسرح صعب وليس سهلًا، ويحتاج إلى خبرة طويلة، الكاتب يستمر فيه سنوات طويلة حتى يبدأ فى النضوج.
الوضع الحالي هو أن هناك كثير من الأشخاص يكتبون، ولكن الكتابة ليست على المستوى المطلوب، فهم لا يقدمون نصوصًا جيدة، وأنا أُتابع ذلك بنفسى لأننى عضو فى لجان القراءة فى أكثر من مكان، وهذا يجعلنى أطلع على معظم كتابات الشُبّان، والكتابات معظمها ضعيفة جدًا.
-من وجهة نظرك كيف نُعالج أزمة الكتابة المسرحية وضعف النصوص المُقدمة؟
يجب على الجهات المعنية بذلك أن تتبنى المؤلف وتطوره، وأيضًا هذه وظيفة النُقاد ، أن يجلسون مع الكُتّاب الجُدد ويجعلوهم يفهمون ما الدراما، ويشجعوهم على التطوير من أنفسهم فى الكتابة.
-هل من ضمن مشاكل الكتابة المسرحية، عدم اهتمام المخرجين بالنصوص الجيدة وتقديمهم نصوصا عالمية فى أغلب الوقت؟
فى الثقافة الجماهيرية هُناك مخرجين يبحثون عن النصوص الجيدة ، أما فى البيت الفنى للمسرح فتلك الفكرة غير موجودة تمامًا، فالغالبية العظمى  يتجهون لتقديم النصوص العالمية،  لا يتعبون أنفسهم في البحث عن نصوص جديدة جيدة ، لأنهم لا يرغبون في أن يتحدثوا عن واقعنا، فهم يُقدمون نصوصًا أجنبية تتعامل مع واقع بلد أخرى وظروف أخرى، كأننا امام رقابة داخل البيت الفنى نفسه قبل أن يذهب النص للرقابة للموافقة عليه. لذلك و للأسف، على مدار سنوات طويلة نصوصى يتم رفضها من البيت الفنى للمسرح قبل أن تطلع عليها الرقابة، وذلك لأنني أتحدث عن الواقع المصرى، وللأسف هم لا يُناقشون مشاكلنا الاجتماعية، وهذا - من وجهة نظرى – بالتواطؤ ؤ بين المخرجين ومديري المسارح.
-هل عاد جمهور المسرح إليه فى السنوات الأخيرة؟
حدث طرد لجمهور المسرح، و لنا يد فى ذلك ، لأننا لم نقدم الإبداع للجمهور ، وهي  مشكلة كبيرة .
-ما أبرز مشكلات المؤلف المطروحة الآن على الساحة؟
- البُعد عن مشاكل الجماهير، وهذا يجعل الجماهير تأخذ موقفا مما نقدمه، كما لا يوجد اهتمام بالمؤلف وإعطاؤه أجر مناسب، فغير معقول أننا نسير على لائحة من عشرين عامًا، ثمن الطباعة الذي أطبع به النص يعادل أجرى!، فى حين أن أي مؤلف مبتدئ في أول مسلسل له يحصل على مليون جنيه أو على الأقل 200 ألف جنيه. للأسف لا يوجد اهتمام بلائحة الأجور الخاصة بكُتّاب ومؤلفي المسرح، لذلك فهم في الأغلب يجدون الدراما والسينما أفضل لهم، على الرغم من أن المسرح هو أبو الفنون. إن تدريب الكُتّاب يتم من خلال تقديم عروضهم ، ولكن عند عدم إنتاج هذه العروض من الأساس أو تقديم النصوص الأجنبية، فلن يتعلموا ولن  يحصلوا على خبرة، وهُناك مشكلة أخرى أُلاحظها فى الفترة الأخيرة وهي أن معظم الكُتّاب ا يقرؤون، وهذا يؤثر على إنتاجهم، فمن يريد أن يحتفظ بلغة راقية يجب أن يقرأ باستمرار. ومع كل ذلك فهُناك شيء ايجابي  وهو أن الثقافة الجماهيرية لديها 180 فرقة على مستوى الجمهورية، ومن خلالهم يقدمون مؤلفين جُدد، وهذا دور جيد جدًا، و للأسف لا تقوم به بقية مؤسسات المسرح.
- ما الذى يحتاجه المسرحيون بعد أزمة كورونا؟
للأسف ،  قناة على يوتيوب تابعة لوزارة الثقافة فكرة غير مكتملة، لأن ليس هُناك أحد يملك تكلفة أن يشاهد على الإنترنت عرضا قد يصل إلى ساعتين ، وكان من المفترض أن تنشيء وزارة الثقافة قناة تليفزيونية خاصة، كان ذلك سيحدث فرقًا فى الأزمة الحالية، ونقدم عروضًا بدون جمهور ويتم نقلها على هذه القناة ، وأنا اقترحت منذ فترة طويلة أن يكون لدينا قناة فضائية خاصة بوزارة الثقافة تعرض عليها عروضًا مسرحية، و قمت بالفعل بعمل استبيان وكان رأى الناس أن الأفضل أن تكون قناة تليفزيونية، وفى ظل المسلسلات التى أراها دون المستوى، كانت القناة ستغنى المشاهد  عن جميع القنوات لأنه يشاهد عروضًا مسرحية ممتعة.
- بعد تميز العديد من المسرحين فى الدراما الرمضانية، ما رأيك فيها وفى أدوارهم؟
للأسف الدراما هذا العام كانت سيئة وضعيفة جدًا، وبها نفس المشكلة التي ذكرتها سابقًا، أننا نبتعد عن أحوالنا وقضايا مصر الاجتماعية، بدليل أن أغلب المسلسلات تدور فى قصور وفيلل وشركات ضخمة، فهل هذه هى حياتنا؟!، هى حياة 10% فقط من حياة المصريين. مسلسلات الكُتّاب الكبار أمثال أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوى أو محفوظ عبد الرحمن، كانت تناقش مشكلات الناس بشكل حقيقي، وهذا ما كان يجعل الأسرة تلتف حول التلفاز لمشاهدة حلقات المسلسل كاملة وتتفاعل معها. المسرحيون الذين تميزوا خلال دراما رمضان من وجهة نظرى كان يجب أن يأخذوا أدوارا أكبر من ذلك، فأعضاء نقابة الممثلين يشتكون من أنهم لا يعملون، بينما هناك آخرين لا أحد يدرى عن قدراتهم التمثيلية شيئًا وليسوا خريجي معهد الفنون المسرحية وليسوا موهوبين ونجدهم يحصلون على بطولات المسلسلات التليفزيونية، والمفترض أن العكس هو ما يحدث، أن من قدم مسرحا هو من يحصل على أدوار أكبر، لأنه أكثر خبرة، ولكن هذا لا يحدث للأسف.
- من الكُتّاب الذين تأثرت بهم؟
كل الكُتّاب العرب الذين يعدون من الرواد مثل ألفريد فرج وسعد الله ونوس ونجيب سرور ومحمود دياب وميخائيل رومان وآخرين، أما كُتّاب الغرب فمن رأيي أن كُتّاب اليسار في أمريكا أهم من كُتّاب المسرح فى الكتلة الشرقية،  ومنهم تينيسى وليامز وآرثر ميلر، والسبب فى ذلك أنهم يُعانون من نار الرأسمالية، لذا فمعالجتهم للمشكلة الطبقية أوضح وأكثر تأثيرًا.


إيناس العيسوي