حول تجربة لينين الرملي فاطمة المعدول: كان رجل مسرح كما يجب أن يكون

حول تجربة لينين الرملي فاطمة المعدول: كان رجل مسرح كما يجب أن يكون

العدد 653 صدر بتاريخ 2مارس2020

لينين الرملي أحد أبرز كتاب المسرح الكبار الذين تفتخر بهم مصر، ويعد علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري والعربي. أثرى الحياة المسرحية بالكثير من الأعمال المتميزة التي أسهمت في تشكيل وعي ووجدان أجيال كثيرة، فهو كاتب مسرحي بدرجة فيلسوف.
خاطب وعي الجمهور وحثه على التفكير، وحرضه على أن يمتلك وجهة نظر، فشكل بذلك اتجاها جديدا في الكتابة الكوميدية.
فإذا كان لينين الرملي رحل عنا بجسده فأعماله باقية، وما زلنا ننهل من معين إبداعه الذي لن ينضب أبدا.
التقينا برفيقة دربه وزوجته الكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، لنقترب بشكل أكبر من رحلته الفنية، وكان هذا الحوار.
 - هل كان لنشأة الراحل لينين الرملي في بيئة ثقافية تأثير كبير على رحلته الفنية؟
نعم نشأته في بيئة مثقفة جعلت لديه وعيا مبكرا، فكما نعلم أن الموهبة لا تورث ولكن المعرفة والبيئة لهما أكبر الأثر، وكان لينين موهوبا منذ صغره، وكان والداه صحفيين اشتراكيين، أسهم والده في تأسيس عدة أحزاب صغيرة، كما أنه كان محبا للقراءة والاطلاع، وكان يكتب مذكراته منذ أن كان عمره 12 عاما، وقد دون فيها جملة مهمة ولافتة: «لقد قررت أن أكون كاتبا مسرحيا».
 - متى بدأت علاقتكما وما أكثر ما جذبك لشخصية لينين الرملي؟
بدأت علاقتنا منذ كنا زملاء في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان ناضجا بشكل يسبق مرحلته العمرية، وله رؤية في جميع الأمور، ورؤيته دائما تتحقق، كان لديه بعد نظر. أذكر أننا عندما كنا طلابا بالفرقة الأولى توقع هزيمة عام 1967.
 - حدثينا عن أول العروض المسرحية للينين الرملي؟
كتب أول عروضه في أوائل السبعينات وهى عرض «الكلمة الآن للدفاع» وهي مسرحية تراجيدية مأساوية تتكون من ثلاث شخصيات عن فتاة لديها صديقان يقعان في حبها، ومن خلال هذه العلاقة الثلاثية يجسد حالة مصر في تلك الفترة. ثم قام بكتابة عرض «الجريمة الكاملة» أو «مين قتل برعي» الذي قدمه المخرج جلال الشرقاوي باسم «أنهم يقتلون الحمير» بعد أن قرر الشرقاوي تغيير الاسم وقد تسبب هذا التغيير في غضب لينين الرملي، وقد أعيد تقديم أغلب أعماله، لأنها إنسانية وليست آنية، فهي صالحة لكل زمان ومكان.
 - تتميز أعمال لينين الرملي بأنها كتبت للعرض فما تعليقك؟
كان لينين دائما يقول «أنا رجل مسرح أكتب المسرحيات للعرض» وكثير من مؤلفي المسرح أمثال شكسبير وبريخت كانوا يكتبون لفرقهم، فالمسرح ليس للقراءة. ولينين وهو يكتب كان يقدم رؤيته للعرض المسرحي.
 - ما أسباب اتجاهه نحو مسرح القطاع الخاص في بدايته؟
لسببين، الأول أنه بدأ في فترة انحسار مسرح الدولة، والثاني هو شخصية لينين، فهو ليس من المؤلفين الذين يقدمون نصوصهم لأي جهة حتى يتم عرضها.
ولقد كانت بدايته في مسرح القطاع الخاص سلاحا ذا حدين، ذلك لأنه يقدم أعماله لنوعية من الجمهور لم تعتد على عمق وبعد الأفكار، ولكنه في الوقت نفسه اكتسب حرفية كبيرة واستطاع أن يصل للجمهور ويحقق نجاحا كبيرا.
 - هل كانت كتاباته تندرج تحت مسمى المسرح السياسي؟
كان لينين دائما يقول «مسرحي يناقش طريقة التفكير التي نعاني منها والمسيطرة علينا».
 - من وجهة نظرك ما الذي يميز لينين الرملي ككاتب مسرحي؟
كان بسيطا ولكنه عميقا، تخاطب أكثر من مستوى، مستوى المثقفين والمتفرج البسيط، كانت لديه مقدرة على الوصول للناس وهي ميزة قليل من يتمتع بها، ولكن هذه البساطة كانت تتطلب مجهودا كبيرا وتكنيكا مختلفا في الكتابة، بالإضافة إلى أن مسرحه متنوع، لكل عرض شكل مختلف.
 - ما سر النجاح غير مسبوق الذي حققه عرض «بالعربي الفصيح»؟
بالفعل حقق العرض نجاحا كبيرا وجدلا واسعا على مستوى العالم العربي، ولم تعرض في بلد عربي سوى مصر، وقد أقيم لهذا العرض مؤتمر كبير حضره عدد كبير من المراسلين الأجانب، وكتبت عنه صحيفة «نيويورك هيرالد تربيون»، والسبب في هذا الجدل أن العرض كان يناقش الأحداث في المنطقة، كما نجح العرض جماهيريا وقدم بممثلين شباب لأول مرة، فكان حدثا كبيرا. بدأ كتابة بالعربي الفصيح فترة السبعينات، ورأى لينين أنه لن يستطيع تقديمها في هذه الفترة، ثم قدمها في التسعينات مع الفنان محمد صبحي، وبعد انفصالهما أخرجها وعرضها في القاهرة والإسكندرية.
 - شكل ثنائيا فينا متميزا مع الفنان محمد صبحي.. متى بدأت علاقتهما؟
أود أن أشير إلى نقطة مهمة وهي أنهما قبل تأسيس فرقة ستوديو 80 قدما معا أعمالا تجريبية، وأذكر أنهما قدما في فترة السبعينات «علي بيه مظهر» بالمسرح قبل أن يقدم كفيلم سينمائي، وقاما بجولات في الأقاليم بهذا العرض، وقد بدأ التعاون بينهما منذ أن كانا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت اختبارات المعهد تقام بالمسرح القومي آنذاك، وفي تلك الأثناء قدم محمد صبحي مسرحية في إطار تراجيدي كوميدي وهو ما أعجب لينين، ورأى أن لديه نصوصا تناسب محمد صبحي، وبدأ التعاون بينهما وكانت تجربتهما ثرية.
 - وماذا عن الثنائي المتميز الآخر، الذي جمعه بالمخرج عصام السيد وقد قدما معا 9 أعمال مسرحية؟
بدأت علاقة لينين الرملي والمخرج عصام السيد من خلال تجربة «عجبي» لصلاح جاهين، وكانت بطولة عبلة كامل والفنان نبيل الحلفاوي، وقد رشحه لينين الرملي لإخراج عرض «أهلا يا بكوات» على المسرح القومي ووافق على هذا الترشيح الفنان محمود يس الذي كان مديرا للمسرح القومي آنذاك، وكان العرض بطولة الفنان حسين فهمي، وحقق نجاحا كبيرا، وقد قدم المخرج عصام السيد مع لينين الرملي تسعة أعمال مسرحية، وكانت آخر عروض لينين الرملي من إخراج عصام السيد هي «اضحك لما تموت» بطولة نبيل الحلفاوي ومحمود الجندي، وحقق العرض نجاحا كبيرا.
كان بين المخرج عصام السيد ولينين الرملي حالة من التفاهم والتواصل.
 - يغلب على أعمال لينين الرملي الكوميديا السوداء فما أسباب اتجاهه لهذا النوع من الكوميديا؟
بشكل عام من يكتب الكوميديا لا يرى المجتمع جميلا، يرى أخطاء المجتمع كما أن لينين كان يكتب نصوصا بها الكوميديا والتراجيدية، فكانت كتابته تتسم بالتنوع وكما سبق وأشرت هي مناسبة لكل زمان ومكان.
 - وماذا عن تجربته مع عادل إمام في السينما؟
كان يكتب فيلم «الإرهابي» ليقدمه النجم أحمد ذكي وحدد معه موعدا يتسلم فيه السيناريو، وكان ذلك بالتزامن مع فيلم «بخيت وعديلة» مع النجم عادل إمام، وفي اليوم التالي فاجأه مصطفى متولي بأن عادل إمام يرغب في تقديم هذا الفيلم، فكان رد لينين أنه ينتظر رد أحمد ذكي خلال أسبوع، ولم يرد أحمد ذكي فأرسل الفيلم إلى عادل إمام، ووحقق الفيلم نجاحا كبيرا.
 - مرحلته الأخيرة لها طابع مختلف، نود أن تعرف على هذه المرحلة ونشاطه خلالها؟
في العشرين عاما الأخيرة قدم لينين الرملي مجموعة متميزة من الأعمال، وكان يعمل مع الشباب، يؤلف ويخرج وينتج، وكان يعمل في مراكز الفنون وفي الساحات، وقدم المسرح الفقير وهي تجربة مهمة في حياته، وكان فخورا بها فقد عرفت الجماهير من هو لينين الرملي، وساهم في إبراز الكثير من الفنانين والمخرجين للساحة الفنية، كان رجل مسرح، عاشق له، بكل أنواعه وأعطاه كل وقته وطاقته.


رنا رأفت