أفضل مؤلف فى ختامى النوادى علاء الكاشف: «العرض الوحشى» تجربة جديدة وغريبة فى كتابتها

 أفضل مؤلف فى ختامى النوادى علاء الكاشف: «العرض الوحشى» تجربة جديدة وغريبة فى كتابتها

العدد 527 صدر بتاريخ 2أكتوبر2017

جمهورنا  قادر على المشاركة في اللعبة المسرحية بفاعلية ودفعها للأمام

الأطر المسرحية غير التقليدية هي الأكثر فاعلية في إحداث التغيير

قبل أن  يحزم حقيبته متوجها للمهرجان، كان متأكدا  أنّ بداخل جعبته عرضا سيحظى بحفاوة الجمهور ولجنة التحكيم سوياً، حيث يحتوي عرضه - الذي جاء ليقدمه على خشبة مسرح السامر ضمن عروض مهرجان ختامي نوادي المسرح في دورته السادسة والعشرين- على قدر كبير من التفاعل والمشاركة للجمهور في صناعة العرض نفسه، مما يمثل مزيداً من المتعة والفاعلية للجمهور، ويمثل شكلاً ربما ليس جديداً على مسارح العالم، لكنه ربما يكون جديداً ولم يُتطرق إليه في مسرحنا المصري،  ستحتفي به لجنة التحكيم، إنه د. علاء الكاشف طبيب القلب والكاتب والمخرج المسرحي لتجربة “العرض الوحشي”، الذي حصد جائزة لجنة التحكيم للتجربة المتميزة لعرض، كما حصل على جائزة أفضل تأليف والمركز الثاني لجائزة أفضل تمثيل.
عن تجربة “العرض الوحشي” كتابةً وإخراجاً وتمثيلاً وجوائزها التي حصدت، وعن مهرجان ختامي النوادي وفاعلياته، كان لنا مع صانع العرض، د. علاء الكاشف هذا الحوار..

بدايةً، هل لكَ أن تحدثنا عن بداياتك مع الكتابة المسرحية بشكل خاص، ومع لعبة المسرح السحرية بشكل عام؟
البداية كانت مع عشقي لعالم الحكاية والحدوتة، الذي تبلور مع الدفع الذي يمارسه أبي -رحمه الله- لي ناحية عشق القراءة، فوضعني على طريق القراءة ورشح لي الكتب وظل يتابعني في البداية، إلى أن اطمئن على مقدرتي على التفاعل مع الكتب تفاعلاً بناءاً، فمنحني الحرية في قراءة ما أشاء، حتى أنّ أول كتاب أهدانيه في هذه الفترة، كان كتاب ألف ليلة وليلة مع علمه بالجرأه اللفظية التي يحتويها، فمن باب حب الحكايات والتفاعل مع الكتب بحرية كان مدخلي لعالم الكتابة الذي قمتُ فيه بتجريب الشعر والقصة القصيرة والمسرح وحصلتُ على عدة جوائز خلال الجامعة ومن المجلس الأعلى للثقافة في القصة القصيرة تحديداً.
أما عالم المسرح فكان دخولي فيه مصادفة، إذ بعد خطوة أولى في برنامج مسرحة المناهج التي اشتركتُ بها في المرحلة الإبتدائية، لم أنجذب للمسرح ولم أرَ في نفسي ما أقدمه فيه، حتى وصلتُ للصف الثالث الثانوي، وخلال إلقائي لقصيدة كتبتها عن الإنتفاضة الفلسطينية وقتها، وسمعها مني أستاذي ومعلمي ومن قادني إلى عالم المسرح أ. يوسف النقيب الذي تحمس لي جداً وعرض عليّ العمل في المسرح، فذهبتُ بدافع الفضول وابتدأ مشواري مع المسرح ممثلاً ومخرجاً منفذاً ومعدّاً ومخرجاً.
ماذا عن تجربة كتابة “العرض الوحشي” التي حصلتَ عليها على جائزة أحسن تأليف في مهرجان ختامي النوادي هذا العام؟
العرض الوحشي بالتحديد كانت تجربة غريبة على عادة الكتابة لديّ، إذ أنني لديّ ما أستطيع تسميته بوسواس الكلمة، فأنا مهموم بالحرف وبقوة تعبيريته عن الحالة التي أتصدى لكتابتها، وهذا يتسبب أحياناً في أن تمتد معي بعض التجارب كتابةً لمدة سنة ونصف وسنتين، أما هذه التجربة، فخرجت كاملة كدفقة واحدة خلال جلسة كتابة امتدت لساعات، كان بين يديّ بعدها المسودة الأولى للعمل والتي وإن طرأ عليها بعض التعديلات اللاحقة، لكنها لم تكن تعديلات كثيرة وجوهرية، إذ أن النص لم يخرج به فجوات درامية كثيرة ففكرة النص تولدت كاملة وواضحة في ذهني خلال دقائق ، وهو أمر غريب، فلم تكن لديّ نية لكتابة نص مسرحي من الأساس إذ كنتُ في رحلة بحث عن فكرة شغلت ذهني تبدو في أساسها تجربة اجتماعية، وهي فكرة ماذا يمكن أن تخبئه الأبواب المغلقة؟ وقادني البحث خلف هذه الفكرة لكتابة نص العرض الوحشي.
هل كُتبت خصيصاً لتجربة نوادي المسرح؟
بالطبع لا، فأنا لا أكتب لتجارب بعينها أو لأهداف إنتاجية بعينها أو لقارئ بعينه، الفكرة بعدما تمت كتابتها، عرضتُ النص على أساتذتي أ. يوسف النقيب و أ. أحمد عباس فنصحوني بإخراجها خلال تجربة نوادي المسرح، لأنهم لمسواالجدّة في الفكرة ، وهذا ما حدث إذ بدأنا العمل عليها خلال تجربة النوادي وتم تصعيدها للختامي وبفضل الله حصدت جائزة لجنة التحكيم للتجربة المتميزة لعرض.
- حدثنا عن تجربة العرض الوحشي ورؤيتك التي قمتَ بطرحها خلاله؟
فكرة العرض قائمة على بنية المسرح التفاعلي، وتقديم تقنيات واتجاهات مسرحية تساهم في دمج المتلقي في اللعبة المسرحية بشكل يعتمد على كسر الحاجز القائم بين المتلقي وفريق العمل في العرض، إذ لا نريد لمسرحيتنا أن تتحول وكأنها شاشة عرض أمام الجمهور، فتوجهنا لاتجاهات مسرحية مختلفة بناءاً على إيماني – عكس ما يتم تصديره – بأنّ جمهورنا المصري قادر على المشاركة في اللعبة المسرحية بفاعلية وقادر على دفعها للأمام ويحب ذلك، وهو ما يبدو من التفاعل في ليالي السمر في القرى والريف، وإيماني أيضاً بأنّ هذا النوع من المسرح هو الذي يمتلك القدرة على ترك الأثر وإحداث التغيير إن أردنا التغيير عن طريق المسرح، إذ أنه – أقصد هذا النوع من المسرح – هو الذي يطرح الأسئلة ويساعد المتلقي على اختبار قناعاته ذاتياً وليس عن طريق ما يُملى عليه ويتلقاه كمتلقي سلبي في المسرح التقليدي. العرض يعتمد على استدعاء الجمهور إلى خشبة المسرح واشتراكه في لعبة مسرحية ما خلال العمل، ومن ثَمَّ طرح بعض الأسئلة عليه والتي يتم تلقي إجاباته وتطويرها ثم إعادة تدوير الأسئلة ثم الانتقال للعبة أخرى مع فرد آخر من الجمهور، وهكذا إلى أن يصل الأمر لذروته باستدعاء فرد من الجمهور والذي يُمارَس عليه نوع من الممارسات النفسية والجسدية التي تبدو للجمهور قاسية جداً على الشخص،لكنها في حقيقة الأمر بطريقة صُممت بشكل يحافظ على أمان الشخص بالطبع، ولكن مع الوقت، تستمر هذه الممارَسات إلى أن يبدو هذا الشخص يمر بمأساة حقيقية أمام أعين الناس، ومن ثم تُطرح الأسئلة على الجمهور عن مدى موافقتهم على ما تم ومشاركتهم الفعلية في ماساة هذا الشخص وتقبلها بل ودعمها وإثارة بعض الأسئلة التي تضع الجمهور أمام نفسه وجهاً لوجه في ظل حياتنا حاليا في مجتمع وحشي تمارس به الكثير من الأفعال الوحشية دون أن يتم مد يد العون للشخص الذي يعاني.
 حصلتَ أيضاً على المركز الثاني في جائزة أحسن تمثيل بالمهرجان الختامي للنوادي، لماذا اشتركت في التمثيل أيضاً بالعرض الوحشي؟
بكل صراحة، اشتراكي بالتمثيل جاء اضطرارياً عقب اعتذار أ. يوسف النقيب - لظروف خاصة لديه - عن آداء دوره الذي كان يؤديه معنا في المسرحية، ولكن لأننا كنا خطوة بخطوة نعمل خلال البروفات بأسلوب الورشة النفسية حيث كنا نستدعي أطياف مختلفة من الجمهور، بعضهم حديث الصلة بالمسرح وبعضهم متوسط الصلة بالمسرح وبعضهم وطيد الصلة بالمسرح، وكنا ندرس بشكل تفصيلي ردود الأفعال المختلفة والمتعددة خلال مشاركتهم بلعبة العرض، فكان أشبه بتمرين وتدريب للمثل على ردود الأفعال وتباينها واكتساب سرعة البديهة والقدرة على التعامل مع هذه الردود للتقدم بالعرض، فساعدني هذا الاقتراب والعمل المطوّل على مدى ستة شهور بهذا الأسلوب من القدرة على الاشتراك مع ممثلي العرض، وساعدني فريق العمل جداً على الانخراط بينهم تمثيلياً، فلهم كل التقدير حقيقة على هذا الدعم.
 يبدو أنّك تميل دائماً للأطر المسرحية غير التقليدية، حيث لكَ تجربتين سابقتين مع مسرح الشارع، هل تحدثنا أكثر عن هاتين التجربتين؟
أنا أرى هذه الأطر المسرحية غير التقليدية هي الأكثر جدوى وفاعلية تجاه إحداث الأثر المسرحي الحقيقي والتغيير المرجو، وفكرة التوجه لمسرح الشارع جاءت عقب ثورة 25 يناير والتي تسببت في اهتزاز الأفكار التقليدية السائدة سياسياً وإجتماعياً واقتصادياًً، فاهتزت الأفكار الفنية التقليدية أيضاً، فتشجعنا للاحتكاك بالجمهور في الشارع متجاهلين فكرة سائدة يطلقها بعض النقاد أيضاً وللأسف، أن الجمهور هو العدو الأول للعرض، فتحمسنا لإثبات العكس وأنّ الجمهور يمكنه أن يكون اللبنة الأساسية لبناء العرض وتطويره لا هدمه، فنحن كنا نذهب بعروضنا للقرى والمدارس، وكنا نرى بأعيننا كيف أنّ أهل القرية جميعاً متواجدون وحريصون على حضور العرض في المسرح، فهذه إشارة التقطناها بتعطش هذا الجمهور للمسرح فلابد له من تقديم احتياجه المسرحي الحقيقي فنزلنا إليه في الشارع.
بدأنا بعرض “على فين رايحين؟” من إخراج أ. يوسف النقيب بعدما عرض عليّ كتابة نص يناسب مسرح الشارع، وكما يبدو من اسم العرض، كانت فكرته في رصد مسار الثورة ومحاولة لاستكشاف الطريق ولكن عن طريق الجمهور وليس عن طريق صناع العمل، فالجمهور هو المنوط بإجابة الأسئلة ودفع العمل المسرحي للأمام عن طريق إعادة الإجابات وتحويلها لأسئلة أخرى يجيب عليها الجمهور أيضاً، كما أنّ إحدى أهدافنا كانت تتمثل في تحرير العقلواختبار المسلمات التي يؤمن بها الشخص دون تمحيص، وهذا بالطبع لا يناسب حركة الخلخلة في كل المناحي التي تعرضنا لها بالثورة، فامتلكنا الجرأة لطرح ضرورة الاختبار لشتى المسلمات حتى الدينية منها، وتحرير العقل من كل المسلمات غير المختبرة، فالفكرة أنه ليس لدينا مشكلة أن تقتنع بما تقتنع به، ولكن عن وعي بأسباب اقتناعك به، لا يوجد أزمة في أن يكون الشخص مسلماً أو مسيحياً أو أي ديانة أخرى، ولكن ما طرقناه بقوة، هو حتمية اختبار إيمانك ليكون إيماناً حقيقياً لا ناتجاً لتبعية للأسرة أو المجتمع  فقط، وبالرغم من أننا تلقينا ردود أفعال عنيفة أحياناً، إلا أننا استطعنا احتواءها وتوظيفها وإعادة بلورتها لتتحول إلى أفكار أكثر فاعلية في بناء العمل المسرحي أكثر من غيرها، وكان هذا دليلاً قاطعاً على أنّ الجمهور هو عامل بناء وليس هدم بشرط فهم كيفية توظيفه، وجاب العرض ميادين كثيرة فعُرض في ميدان التحرير، وفي اعتصامات وزارة الثقافة، واعتصامات محافظة المنوفية.
العرض الآخر كان نتاجاً لمجهود أ. يوسف النقيب لإحياء فرقة شبين القومية العريقة والممتدة تاريخياً والتي توقفت تماماً وانفرط عقدها بعد إغلاق مسرح قصر ثقافة شبين الكوم منذ 2008، فتوجهنا لتجربة مسرح الشارع التالية لإحياء هذه الفرقة والتغلب على فكرة عدم وجود قاعة عرض، ففكرنا بالتوجه لفضاءات مسرحية مفتوحة، وقدمنا عرض “الدنيا حدوتة” من إعدادي لنص بنفس الاسم، كان نصاً بسيطاً ويحتاج إعداداً، ومعالجة بعض الفجوات الدرامية وخرج عرضاً جميلاً شارك في مهرجان القوميات وحقق صدىً قوياً.
في سياق متصل بتوقف فرقة شبين القومية، كيف ترى مسرح الثقافة الجماهيرية حالياً، وهل يتبوأ مكانته الحقيقية التي تناسبه في خريطة المسرح المصري؟
مسرح الثقافة الجماهيرية، من مسماه، هو مسرح يقدّم الثقافة للجمهور بالمجّان، ويمكننا أن نتلمس التأخر نسبياً في آداء دوره باستكشاف مفردات الاسم، فلابد لك من وجود منتج ثقافي يحتاجه الجمهور وتقدمه له بالمجان، ودعني هنا ألا أتحدث عن إغلاق بعض المسارح والتوقف التام لبعض الفرق ولكن سأتحدث على مستويين في مسألة المنتج المسرحي الذي يحتاجه الجمهور، مستوى الجمهور نفسه، ومستوى صانع المنتج. على مستوى الجمهور، ليس لدينا حتى الآن دراسة حقيقية لما يريده أويحتاجه الجمهور، ولا أقصد ما يريده الجمهور بمعنى التدني أو الابتذال بالطبع، ولكن أقصد أننا في حاجة لاستدعاء الأنماط الشعبية التي شكلت وجدان الجمهور، ومن ثمَّ تطويرها وتقديمها بالإضافة لتقديم الأفكار التي يهتم بها هذا الجمهور وتشغل باله وتمثل جزءاً هاماً من حياته، مثلاً، دعنا نتساءل، هل يحتاج جمهور أسوان لتقديم هاملت، أم يحتاج لطرح قضايا مثل التهجير ومعالجتها بأكثر من رؤية ووفقاً للنمط الشعبي القريب من وجدان جمهور أسوان؟ وهكذا، فنحن نحتاج لدراسات وتقصي عما يريده الجمهور حقيقةً ليُنتج ويطرح عليه بشكل فني متميز، وهنا يأتي المستوى الثاني، وهي فكرة صانع العمل نفسه، فالمخرجون على نوعين، الأكاديميون والمخرجون المعتمدون من الثقافة الجماهيرية، الأكاديميون تلحظ توجههم لمسرح البيت الفني وأنّ مسرح الثقافة الجماهيرية لا يستهويهم ويتم في أحيان كثيرة استقطابم بشكل أكبر ربما بعيداً عن المسرح بالكلية في اتجاه الفيديو والسينما، وهو حق أصيل لهم وهم أولى الناس بالتصدي لهذه الصناعات المرئية بحكم الدراسة. تبقى لدينا المخرجون المعتمدون وكان يتم اعتمادهم في السابق دون معيار واضح يقيس موهبتهم ومدى تمكنهم من التصدي لصناعة منتج ثقافي حقيقي حيث كان يتم الاعتماد بناءاً على جوائز المهرجان الختامي الذي ربما يكون ناتجاً لتجربة متميزة نجحت بالمصادفة دون الاتكاء على بذور حقيقية للموهبة أو الإتقان الفني ولذلك أنا أستبشر خيراً بشكل كبير بتجربة اعتماد المخرجين عن طريق الورش هذا العام، ولكن في النهاية لابد من التفكير بحلول غير تقليدية ومبتكرة كي يستطيع مسرح الثقافة الجماهيرية أن يؤدي دوره الأمثل.
 كيف ترى تجربة اعتماد المخرجين عبر الورش وما مدى فاعليتها وأثرها الشخصي عليك من خلال خوضك لتجربة الورش هذا العام؟
سعدتُ للغاية بتجربة اعتماد المخرجين من خلال الورش، ولمستُ مجهوداً رائعاً يُقدّم لخلق وتوحيد المعيار الذي يتم الاعتماد بناءاً عليه، حيث ورش هذا العام هي المرحلة الأولى للاعتماد وسيتم استدعاء المخرجين طبقاً لمرحلتين قادمتين، أنتظرهما شخصياً بشغف لأنني بعد الورش فنياً وفكرياً، بمنتهى الأمانة شخصٌ آخر، وهو أمر عظيم أن يتم سد ثغرة الحرمان لدى المخرجين المتميزين مبدئياً والذين لم تُتح لهم فرصة الدراسة الأكاديمية على يد أساتذة المسرح الأجلاء، فهو أمر هام جداً وعظيم، أن يتم استقدام هؤلاء الأساتذة والمبدعون ليتعلم المخرجون من خلال ورش مخطط لها بعناية لتكون اللبنة الأولى لاكتسابهم المهارة الفنية وأساسيات الصناعة المسرحية الحقيقية ليكونوا أهلا بعد ذلك لتقديم منتجاً مسرحياً متكاملاً وأصيلاً.
وماذا عن الندوات التطبيقية عقب عروض المهرجان والتي تتعرض للمسرحيات المقدمة بالتحليل، هل تراها ساعدت صناع العمل وفريقه ووضعت أيديهم على نقاط تستدعي المراجعة في عروضهم؟
في تصوري أنّ أهم ما تقدّمه الندوات التطبيقية هو فكرة التدريب على قبول النقد وقبول الطرف الآخر ولو كان مخالفاً، إذ أن بسبب ضيق الوقت وتقديم عرضين في ليلة واحدة، فكان المرور مروراً عرَضياً على الخطوط الأساسية للعروض ولم يتم التطرق بشكل تفصيلي، ولكن الأهم هو تصدير الفكرة لصانع العمل بأن طرح أي فكرة، يتخذ وجهة النظر الدائرية الكاملة فعليه تقبل أي نقد لعمله وأي نظرة لرؤيته ولو كانت من زاوية مختلفة.
إلى ماذا يتطلع د. علاء الكاشف عقب اعتماده مخرجاً مسرحياً بالثقافة الجماهيرية بعد انتهاء مراحل الاعتماد؟
أتطلع إلى تقديم تجربة متميزة مثل تجربة أ. أحمد إسماعيل في شبرا بخوم والتي قد يراها البعض تجربة بسيطة ومحدودة، ولكني أراها عظيمة الفئدة وشديدة التميز، حيث اهتم أ. أحمد على مدى 35 عاماً بتأسيس أطفال القرية وتدريبهم مسرحياً، هؤلاء الأطفال الذين تخطوا اليوم سن الأربعين، هم من يصطحبون أطفالهم الآن إلى مسرح شبرا بخوم الذي أحبوه وارتبطوا به، الذي يقدم 60 ليلة عرض سنوياً، يحضر كل ليلة عرض منها، ما يقرب من الألف متلقي في أجواء مسرحية متميزة، وأعمال مسرحية تمتد لثلاث سنوات عرض ثم يتغير العرض، وليس بالضرورة أن صار كل الأطفال الذين عمل معهمأ. إسماعيل مسرحيين، والحقيقة أنّ النذر اليسير هم الذين استمروا كمسرحيين، ولكنه استطاع أن يزرع بداخل الجميع حب المسرح وقيمة التذوق الفني لأي منتج فني يُقدّم، بالإضافة لتقدير القيم الإنسانية النبيلة، وهذا في تصوري هو ما يساهم في بناء الإنسان بشكل عام بغض النظر عن مهنته، فسيكون طبيباً إنساناً ومهندساً إنساناً..إلخ، فهذه هي التجارب الجديرة بالذكر والدراسة والجديرة بأن تكون قدوة ومثل يُحتذى من كل الشباب المسرحي المخلص حقيقةً للمسرح.


إبراهيم جلال

Ibrahim@gmeil.com