مهرجان سعد الدين وهبة المسرحي .. إطلالة على مسرح الهواة

مهرجان سعد الدين وهبة المسرحي .. إطلالة على مسرح الهواة

العدد 722 صدر بتاريخ 28يونيو2021

كانت كلمات التأبين في المسرح القومي واتحاد الكتاب وأكاديمية الفنون، والمركز القومي للمسرح كلها تطالب بتخليد ذكرى فقيد الثقافة المصرية سعد الدين وهبة وكانت الاقتراحات كثيرة، فالتقط الكاتب أشرف أبو جليل فكرة إقامة مهرجان سنوي باسم الكتاب الكبير في منطقة المعادي والبساتين ودار السلام، نظرا لخلو المنطقة من أي مظهر للنشاط الثقافي أو الفكري أو السياسي فلا يوجد في المنطقة التي تضم حيين كاملين ويزيد سكانها على ثلاثة ملايين نسمة أي قصر ثقافة أو بيت ثقافة أو حتى مكتبة كبيرة، تتبع وزارة الثقافة وتخلت الأحزاب السياسية عنها فأصبحت المنطقة خالية ولا يجد أهالي المنطقة وشبابها أي متنفس لهم.
طرح أبو جليل الفكرة على د. سمير رشوان رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع والتي يتبعها النادي الثقافي الرياضي، وهو عبارة عن صالة للأفراح مساحتها 120 مترا وملعب صغير لكرة القدم وعدة حجرات ويدار بالمجهود بالذات وليس به أية ميزانية للنشاط واستجابة د.سمير رشوان للفكرة وكانت شروطه إلا تطلب ميزانية للمهرجان من الجمعية في مقابل ألا يسألنا هو عما نفعله من مجال الثقافة والفنون وكانت تجربة فريدة كيف يدير المثقفون نشاطا مستقلا بعيدا عن بيروقراطية أجهزة الوزارة.
خصصت الدورة الأولى لمسرح سعد الدين وهبة وقام بها جميعا هواة المسرح في المعادي وقام الدكتور يسري العزب بدور رائع في إنجاح المهرجان حيث حضر الأيام العشرة وأدار ندوات نقدية حول العروض المسرحية وقام بتحكيم مسابقة المسرح متطوعا هو والناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا والشاعر محمد الأمير مختار فقدمت مسرحيات «السلعوة تهدد المدينة» للمخرج جمال فؤاد، بطولة صفاء المهدي وخالد توفيق ـ الذي فاز بجائزة أحسن ممثل عن دوره فيها ـ ومحمد العبد وصفاء عبدالباقي ومسرحية «شاهد نفي» للمخرج شريف جمال وبطولة شوقي توفيق، أمل طلعت، ومسرحية «مصر في عيوني» وهي كولاج مسرحي ضم عدة مشاهد من مسرحيات سعدالدين وهبة للمخرج أحمد الطالوني ومسرحية «بابا زعيم سياسي» للمخرج هاني بدوي التي فازت بالمركز الأول ومسرحية «الأستاذ» للمخرج طارق زهدي التي فازت بالجائزة الثانية.
أشارت أكثر من عشرين صحيفة بالمهرجان ونقلت فعاليته وأكدت جميعها على معنى واحد وهو أن الهواة مع الجماهير الشعبية في مسرح فقير كذلك هو الأجدر بسعد الدين وهبة مسرح من الناس للناس بعيدا عن المؤسسة الرسمية التي اكتفت بدعم المهرجان بثلاثة آلاف جنيه لمهرجان يستمر عشر ليال ـ زاد هذا الدعم إلى خمسة آلاف منذ الدورة الثالثة وحتى الآن ـ والمكان يحتاج لتجهيز حقيقي فقد أقيم المهرجان في ملعب لكرة القدم، واختتمت الدورة بتوصيات برفض التطبيع مع إسرائيل وغيرها مع التوصيات السياسية والثقافية، ومنها ألا يقتصر المهرجان سنويا على مسرح سعد وهبة.
خصصت الدورة الثانية تحت عنوان «المسرح العالمي للهواة» وقدم العروض جميعها شباب المسرح بالمعادي فقد جمال فؤاد مسرحية «وحش طوروس» للكاتب التركي عزيز نسين وقدم طارق عبداللطيف «من أجل العرش» عن مسرحيات شكسبير ومسرحي من أجل سواد عينيها للمخرج محمد مديح للكاتب الفرنسي جان جارودو وقدم سعد محمود مسرحية «العميان» للكاتب ميشيل دي جيليدور ومسرحية «فاوست» للمخرج خالد فاروق.
ولعل الدورة الثانية هي أكبر دوره حتى الىن حيث امتدت ثلاثة عشر يوما وقدمت إلى جوار المسرح معرضا للفن التشكيلي لشباب المعادي افتتحه الفنانان حسين بيكار ود. حمدي عبدالله وندوة افتتاحية نظمها المركز القومي للمسرح وأدارها الفنان محمود الحديني وتحدث فيها المفكر محمود أمين العالم والكاتب محفوظ عبدالرحمن والفنانة سميحة أيوب والفنان سعد أردش وأقيمت ليلتان للموسيقى حضرهما المايسترو عبدالحميد عبدالغفار وفرقة الأنغام والألحان والفنان محمد نوح وصدرت نشرة للمهرجان تحمل فعالياته وخصص الكاتب الصحفي محمد علي مطاوع ملحقا خاصا لجريد «أخبار المعادي» عن المهرجان وأقيمت عدة ندوات نقدية عن العروض المسرحية، وهذا الاتساع هو الذي حدا بالناقدة آمال بكير أن تكتب في «الأهرام» «قصر ثقافة قطاع خاص» أشادت بالتجربة وبتحويل جزء من الملعب إلى ساحة ثقافية وفنية كاملة.
أما الدورة الثالثة فخصصت فعالياتها لمحور «رحلة التنوير في مصر» حيث قدمت خمس مسرحيات عن رحلة التنوير، تناولت مسرحية «رصاصة في العقل» للكاتب والمخرج أشرف أبو جليل عن قضية الدكتور فرج فودة كذلك تناولت مسرحية «سكلانس» قضية الدكتور نصر حامد أبو زيد بينما تناولت مسرحية «سفاري» للمخرج محمد مكرم نصا للكاتب يوسف إدريس وقدمت مسرحية عن أحمد شوقي ودوره.
ورغم حضور وتكريم المبدعين الفنان محمد صبحي، الكاتب أسامة أنور عكاشة، الفنان حمدي أحمد، محمود الحديني، وزيادة عدد الجمهور وارتفاع مستوى المسرحية قليلا من حيث التجهيزات إلا أن هذه الدورة كانت الأقل مستوى في دورات المهرجان.
ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتاسيس اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة في المعادي والبساتين خصص المهرجان دورته الرابعة عن الانتفاضة الفلسطينية حيث قدمت سبع ندوات وخمس مسرحيات هي مسرحيات: «القدس مدينتي» للمخرج رجب أبو الفضل ومسرحية «العصافير تحلم وهي تموت» للمخرج أسامة سعد الذي فازت بطولتها الطفلة الصغيرة سارة سعد بالجائزة الأولى ومخرجها بالجائزة الثانية لحجب الجائزة الأولى وفازت مسرحية «الزائر» للمخرج محيي لغا بالجائزة الأولى في الإخراج ومسرحية «ليلة صاخبة» جدا للمخرج محمد مديح وخضر من المشاركين والمكرمين الفنانة رغدة، محسنة توفيق، نور الشريف، د. عبدالوهاب المسيري، أحمد فؤاد نجم، د. عبدالعزيز حمودة، بهيج إسماعيل، وآخرين وقدمت اللجنة الشعبية بالمعادي جوائز المهرجان.
ومع احتفال مصر باليوبيل الذهبي لثورة يوليو كان المهرجان قد وصل إلى مرحلة من النضج الفكري والفني والتنظيمي فأعلنت أسرة المهرجان عن محور الدورة قبلها بعام كامل وهو «اليوبيل الذهبي للثورة» وهو العيد الذي اختاره المهرجان لنفسه من الدورة الأولى وحتى الآن باعتباره مهرجانا ينحي منحى قوميا ولأول مرة اختارت اللجنة المنظمة الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن رئيسا للمهرجان وعلى يده انتقل المهرجان نقلة كبيرة حيث فتحت قاعة المسرح بالمركز الأوليمبي بالمعادي لجمهور المهرجان لأول مرة، بموافقة كريمة من الدكتور علي الدين هلال وزير الشباب، وشارك في المهرجان الخامس حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق وخالد محيي الدين رئيس حزب التجمع ومن الوجوه الناصرية مصطفى بكري، حمدين صباحي، عبدالعظيم المغربي، محمودالمراغي، حامد محمود، مع نهاد صليحة وفريدة النقاش ود. صلاح فضل ومحمد فاضل وفردوس عبدالحميد وسهير المرشدي وآخرين.
وعرضت خمس مسرحيات في المسابقة الرسمية هي «الكلاب الإيرلندي» لفرقة الشمس من خراج محمد ربيع وفازت بالجائزة الأولى ومسرحية المحاكمة لنادي المسرح بحلوان للمخرج علاء هارون وفازت بالجائزة الثانية ومسرحية «مفاوضات فتحي شارون» لفرقة العدل من إخراج محمد العدل ومسرحية «بالعربي الفصيح» لفرقة سؤال من إخراج حسام عامر، والتي فاز بطلاها أسامة عبدالماجد بالجائزة الأولى في التمثيل والممثلة أميرة البرنس بالجائزة الأولى «نساء»، كما قدمت فرقة سعد الدين وهبة عرض الافتتاح «مدد ياسيدي المنصوري» عن رائد الفكر الاشتراكي مصطفى حسنين المنصوري من تأليف أشرف أبو جليل وإخراج محمد خليفة وبطولة محمد السيد، أمل طلعت، فاطمة علي، محمد العبد، نهاد شوقي، أحمد مهدي.
ومع الدورة السادسة بدا التداول لإدارة المهرجان بالانتخاب فقد كانت الدورة تتناول محور الحريات فابتعد أشرف أبو جليل عن إدارة المهرجان لتتولاه رشا عزب ومجموعة من الشباب المخلصين للمسرح والثقافة، وحصلت أسرة المهرجان على ما يقارب من 5 آلاف كتاب عن الحريات وحقوق الإنسان من مراكز حقوقية مختلفة وزعت على جمهور المهرجان مما أثار ثراء كبيرا للمهرجان الذي شارك فيه نخبة كبيرة من المثقفين منهم سامح عاشور نقيب المحامين، إقبال بركة، فتحية العسال، إبراهيم شكري رئيس حزب العمل، الشارع سيد حجاب، الفنانان عزت العلايلي، صلاح السعدني، جمال أسعد، حسين أحمد أمين، د. محمد عمارة، جمال الغيطاني، محمود بكري، أحمد سيف، د. جمال عبدالفتاح، وآخرون وكان حفل الختام الذي شدا فيه الفنانون علي الحجار، عزة بلبع، ممد عزت ببعض المقاطع كمشاركة منهم في مهرجان الحريات.
ومثلما كان المحور الفكري جريئا كانت المسرحيات اجرأ منذ الافتتاح الذي بدأ بعرض «مقتل القمر الجنوبي» للمخرج المسرحي راعي حركة هواة حركة هواة المسرح في الفيوم عزت زين الذي أعد العرض أيضا من أشعار أمل دنقل وكان افتتاحا رائعا.
ثم مسرحيات المسابقة الرسمية للمهرجان وهي «باب الفتوح» للمخرج أحمد صبري والي فازت بالجائزة الأولى ومسرحية «النعام» للمخرج محمد ربيع الذي فاز بالمركز الثاني والمركز الأول تمثيل ومسرحية «ناعسة» التي فازت بالجائزة الثالثة وأفضل ممثلة وهي من إخراج أيمن الجندي ومسرحية «الرجل الذي فكر لنفسه» للمخرج محمد الكفراوي من مدينة زفتى بالغربية.
ومع اندلاع حركة المقاومة المستميتة في العراق وفلسطين والتحدي الصارخ الواضح للمصالح العربية اختارت أسرة المهرجان برئاسة الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن محور «ثقافة المقاومة» ليكون محورا تدور حوله فعاليات الدورة السابعة في يوليو 2004 ولبى دعوة المهرجان حتى الآن حشد كبير من المقاومين المصريين للتكريم والحضور في المهجران منهم نادية لطفي، وسميرة عبدالعزيز، إنعام محمد علي، محمود الجندي، محمود حميدة، عبدالقادر ياسين وآخرون ولاتزال الموافقات على المشاركة والحضور تتوالى على المهرجان ويبذل فريق العمل المكون من فاطمة علي مديرة المهرجان ونادية اليماني، ونبيلة أحمد، أحمد طلعت وليد الدشلوطي، علي محمود، عبدالمنعم اليماني، وأشرف أبو جليل الاتصال بالفرقة المسرحية والهيئات المختلفة والأفراد لكي تظهر الدورة السابعة بصورة تليق وبدأ البحث عن راعي يقوم بالمهرجان مع النادي الثقافي واستقر الرأي على مخاطبة جريدة «الأسبوع» باعتبارها تمثل صحافة المقاومة في مصر لترعى المهرجان ولا تزال المفاوضات مستمرة.
وتبقى عدة ملاحظات:
الأول: التطور الدائم للمهرجان فمثلا كانت العروض في الدورة الأولى والثانية من المعادي والبساتين فقط، واتسعت الدائرة فشاركت فرق من القاهرة الكبرى في الدورة الثالثة والرابعة الخامسة وفي الدورة السادسة اتسعت الدائرة لتحوي عروضا من الفيوم وزفتى ولا يزال الأمل مستمرا في اتساع الدائرة لتحوي عروضا من دول عربية،ويظهر هذا التطور أيضا في عدد الضيوف الذي يحضرون للمهرجان سواء للتكريم أو للحديث حول محاوره أو في جوائزه التي كانت جوائز معنوية ثم أصبحت جوائز مادية ودروع للفائزين.
ثانيا: تلقى المهرجان دعما ثقافيا ومعنويا وماديا أحيانا من صندوق التنمية الثقافية، إدارة الجمعيات الثقافية بهيئة قصور الثقافة، المركز القومي للمسرح وهيئات ثقافية وحزبية أخرى.


عيد عبد الحليم