العدد 860 صدر بتاريخ 19فبراير2024
قدم المخرج والناقد المسرحي عمرو دوارة العرض المسرحي الغنائي قمر الغجر، ويشارك بالبطولة والغناء والاستعراض نحو 30 ممثلا من بينهم: ميرنا وليد، علاء حسني، آمال رمزي، حسان العربي، وفاء السيد، عصام عبد الله، سيد عبد الرحمن، إبراهيم غنام، حسام رسلان، صابر عبد الله، مها عثمان، محمد زينهم، بهجت لطفي، محمد نيازي، أحمد مصطفى، بوسي الهواري، وهيئة الإخراج تتكون من: هشام الحصري، بطرس عاطف، أحمد طارق، نانو مرسي، شمس شاهين.
الأحداث الدرامية تدور في إحدى القرى السياحية بالساحل الشمالي، وتتناول قصة العشق التي جمعت بين “قمر الغجرية” وابن الوزير الفنان التشكيلي “أمير”، وبالتالي فإن الأحداث تجمع بين ثلاثة أجواء مختلفة هي عالم الصيادين وعالم الغجر بتفرد عاداتهم وتقاليدهم، وأيضا أجواء طلبة الجامعة بثقافتهم المعاصرة، وتتضح تلك الأجواء الثلاث بنهاية العرض حيث تشارك كل مجموعة بحفل الزفاف وتقدم بعض الفقرات التي توضح مدى تنوع وثراء فنوننا الشعبية.
حدثني عن العرض، وما الذي جذبك للفكرة؟
عرض قمر الغجر قدم لي في البداية لأعمل دراسة للنص حتى ينشر في سلسلة نصوص مسرحية، وكنت من أعضاء لجنة القراءة، فالمؤلف كان مقدم فكرة أقرب للسيناريو، وكانت النهاية مقدمة بشكل فانتازي، ولكني في عرض قمر الغجر قدمت نهاية واقعية تتناسب مع النص، وما جذبني للنص أنني دائما أختار النص المناسب للمكان المناسب، فهذا المكان هو قطاع الفنون الغنائية الاستعراضية، وبالتالي كان من اللازم أن أقدم رؤية غنائية استعراضية، فالنص حبكته بسيطة، وقد تبدو تقليدية، لأن الحب ينتصر في النهاية وقيم الخير والحق والجمال، فالعرض يطرح قصة حب بين فتاة غجرية وبين فتى حضري من المدينة وابن وزير، ويتمتع بمستوى اجتماعي عالي ، فهنا قصة الحب تفصل بينها فوارق طبقية اجتماعية، بالإضافة إلى تقاليد الغجر التي ترفض زواج بناتها من خارج قبيلتهم، ويسمون أي فئة أخرى غيرهم بالأغراب.
التيمة التي أعجبتني جدا وساعدتني في توظيف الاستعراض هي أن العرض يضم 3 أجواء، أولهم رحلة طلاب الجامعة، واخترت لهم أن يكونوا طلبة فنون جميلة ومشروع تخرجهم داخل قرية سياحية، مع أستاذهم رؤوف عبد المجيد، واخترت أن تكون شخصيته واقعية، فالدكتور رؤوف كان من أكبر مهندسين الديكور في المسرح والسينما، وكان فنانا تشكيليا مشهورا بالزخارف الإسلامية، وكان مهندس الديكور لعرض فتى مهران للمخرج الراحل الفنان كرم مطاوع عام 1965، فهي شخصية مهمة جدا ويجسدها الفنان سيف عبد الرحمن، والشخصية الواقعية الثانية هي شخصية الدكتورة إضفاء حمادي، وهي أديبة لبنانية، حضرت للقاهرة للاستجمام في المدينة الساحلية وتجهز لدراسة عن توظيف الفن في خدمة وتنمية المجتمع، والدكتورة إضفاء كانت صديقة عزيزة جدا، وشاركتها في كتاب نشر في بيروت وهي عروبية جدا وتعشق مصر، فأحببت أن تكون داخل العرض كنوع من أنواع تخليد الذكرى وقامت بأداء هذه الشخصية الفنانة أمال رمزي، فالعرض أتاح لي الفرصة بما إن أحداثه تدور في منطقة ساحلية أن يكون هناك استعراضات معاصرة للطلبة، بخفة ظلهم، وشقاوتهم، واستعراضات للصيادين، وقدمنا حياة الصيادين ومشاكلهم من خلال مشهد التاجر الجشع، ومن خلال صياد متزوج مرتين ومعاناة زوجاته من ارتفاع الأسعار والظروف الاجتماعية الصعبة، بالإضافة إلى تقديم حياة الغجر بشكل مختلف تماما عما قدم من قبل، فأشهر الأفلام التي قدمت حياة الغجر كان تمر حنه، وفيلم الغجرية، ولكن لأول مرة نغوص داخل حياة الغجر، ونقول من خلال شاعر الغجر “مهران”، والذي يقوم بدوره الفنان عصام عبد الله، من هم الغجر وأصلهم، وأين سكنوا، وأين يقيمون داخل مصر، وما هي المهن التي يمتهنونها، سواء سبك المعادن، أو مهنة الحواة، وتربية القرود، ويعملون بالجريد، ويعملون بالموسيقى والغناء، ومن أشهر الغجر بمصر كأشخاص متقال وشمندي، وخضرة، فعالم الغجر هو عالم مهم، واستفدت من الشاشة للفنان ضياء الدين داود، حيث أظهر لقطات للغجر من كل بلاد العالم، ومن السرد على عاداتهم وأين يسكنون ويقيمون وعاداتهم من حيث أنهم دائما يسكنون أطراف المدينة وينفصلون عن المجتمع، فكل هذا وضحناه من خلال النص، وساعدني في نجاح العرض وهما شركاء لهذا النجاح الشاعر سعيد شحاته والملحن أحمد الناصر، والاستعراضات لمحمد زينهم بجانب الشاشة لضياء الدين داود، ومهندس الديكور د. محمد سعد، والأزياء د. مروة عودة، والحقيقة إنها مجموعة عمل متألفة مع مجموعة من الفنانين أعضاء الفرقة أو بعض الفنانين من خارج الفرقة مثل الفنانة الشاملة ميرنا وليد، والفنان علاء حسني، ومطربي الفرقة مثل بهجت لطفي، ومحمد نيازي والفنانة نهلة خليل، وهي صوت رائع وتغني لايف على المسرح بدون فرقة موسيقية وتقدم بعض أغاني أم كلثوم المهمة جدا، وقدمت بعض الأغاني الخاصة للعرض، واعتقد أن العرض توليفة تجمع بين الكوميديا والاستعراض والغناء، وهذا ما حقق النجاح الحمد لله.
كيف تمكنت فرقة العمل في “قمر الغجر” من تحقيق التناغم بين العناصر المسرحية المختلفة؟
قدمنا بروفات لمدة 8 شهور وما ساعدني ككاتب في إعادة الكتابة للنص وهذا درجة أعلى من الدراماتورج، حيث ربطت بين الأحداث المعاصرة وبين التيمة الأساسية والجزء المهم هو الإشارة في العرض لأحداث غزة وفلسطين من خلال موقف د. إضفاء والطالب أمير والغجرية قمر، كيف إنها تشعر أيضا بالقضية الفلسطينية، فكنت أود أن أقول إن كل طوائف المجتمع متعاطفة مع القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة، والوقوف ضد الانتهاكات اللا إنسانية التي يقوم بها العدو الصهيوني والمذابح البشرية وحرب الإبادة، فنحن نتصدى لكل هذا من خلال الفن.
ما التحديات التي واجهت المخرج والفنانين خلال تحضير وتقديم عرض بهذا الحجم؟
كان هناك تحدٍ كبير وهو مشاركة معظم أعضاء الفرقة في العرض، والميزانية لا تسمح بتعاقدات خارجية كثيرة، وضخامة العرض حيث يضم 30 ممثل و 30 راقص بالإضافة إلى الأدوار الثانوية و10 أشخاص وراء الكواليس على الأقل ما بين إدارة مسرحية ومساعدين إخراج، فالحمد لله العرض حقق النجاح المرجو، ودائما أقول إن المقياس الحقيقي الذي لا يكذب أبدا هو شباك التذاكر، فنحن معدل الإيراد اليومي يتجاوز ال 10 آلاف جنية وهذا معدل جيد جدا بالنسبة لمسرح الدولة.
كيف تم تصميم الديكورات واختيار الملابس لتعكس جوانب مختلفة من العمل؟
كان لا بد من الدخول في أجواء الصيادين وأجواء الغجر مع رؤية مسرحية، فكان يهمني أن تكون أزياء الغجر غير تقليدية وأن تكون ألوانها مبهجة وزاهية وتناسب المسرح، وتكون ساخنة بداية من البرتقالي والأحمر والوردي، والصيادين وألوانهم وملابسهم المعروفة، وجانب الطلبة أن تكون ملابسهم معاصرة وكان ذلك بتنسيق بينهم وبين مصممة الملابس د. مروة عودة، ود. محمد سعد مهندس الديكور الذي قدم رؤية للديكور جميلة وتتغير بسرعة من مشهد لمشهد.
كيف يتم تنظيم وتدريب الراقصين والممثلين لتحقيق تكامل مثالي في العروض الاستعراضية؟
الفنان محمد زينهم هو المدرب لفرقة رضا ومن الجيل الذي عاصر الفنان محمود رضا لكن هذا العرض يعد فرصة كبيرة باعترافه أنه حقق ذاته به كممثل وكمصمم استعراضات حيث قدم 9 استعراضات جماعية، غير الاستعراضات الثنائية والفردية.
ما الرسالة الفنية و الثقافية التي كان يهدف العرض إلى نقلها إلى الجمهور؟
نحن نقول إننا ضد التطرف والطائفية وإن الحب لابد أن ينتصر، ولا يوجد شيء يسمى بالأغراب، فنحن مع قيم الخير والحق والجمال ولا بد من انتصار الحب في النهاية
هل كانت هناك تحديات خاصة في تنظيم الإضاءة والمؤثرات لدعم الأجواء المسرحية المختلفة في العرض؟
الإضاءة صممها الفنان أبو بكر الشريف، وكان مهما جدا أن نراعي إضاءة الممثل وإضاءة للديكور وأيضا إضاءة الشاشة فكان لا بد من أن يكون هناك تناغم بين هذه العناصر، فهذا العرض يعتبر إعادة اكتشاف للفنانة ميرنا وليد، والفنان فتحي سعد وحسان العربي، وفرصة مرة أخرى لعودة الفنان سيف عبد الرحمن، والفنانة آمال رمزي ضيوف الشرف، والفنانة بوسي الهواري وأحمد السباعي وأمل عبد المنعم فهم وجوه جديدة تبشر بالخير وكانت لديهم فرصة كبيرة للظهور في هذا العرض والمطربين بهجت لطفي مطرب الغجر، ومحمد نيازي مطرب الصيادين، ونهلة خليل مطربة ذات حنجرة ذهبية، والفنان عصام عبد الله شاعر الغجر وهو أكثر ممثل من ضمن المجموعة شارك معي في أكثر من 7 عروض مسرحية سابقة سواء كمخرج منفذ أو كممثل، وعلى المستوى الشخصي أدين بالفضل للفنان الراحل كرم مطاوع حيث شاركته كمخرج منفذ في العديد من الأوبريتات وتعلمت منه الكثير، ومن هذه الأوبريتات، إيزيس، وعودة الأرض، وأنشودة الدم، وجاسوس في قصر السلطان، وديوان البقر، فمشاركتي في هذه الأوبريتات ساعدتني في إخراج عرض بهذه الضخامة.
كيف تم اختيار الألحان والكلمات، وكيف تم التناغم بين الموسيقى والكلام لخلق تأثير فني قوي؟
اخترت الشاعر سعيد شحاتة لأن لديه حسا دراميت عاليا جدا، وله مفردات جديدة والألحان لأحمد الناصر الذي قدم ألحانا متميزة ومتنوعة، كل لحن خاص بالأجواء المقدم بداخلها، فألحان الصيادين تشعر بالأجواء الساحلية، والغجر تشعر بأجواء تشبه البدو والجو الغجري، والطلبة ألحان معاصرة، كان هناك تناغم كبير بين الشاعر سعيد شحاتة والملحن أحمد الناصر وتوج هذا التناغم الفنان محمد زينهم والفنان ضياء الدين داود بالشاشة.
هل كان هناك تفاعل مع الجمهور خلال العروض، وكيف كانت ردود الفعل؟
ردود الفعل كانت متميزة جدا الحمد لله.
ما الدروس التي خرج بها المخرج والفنانون من خلال تقديم هذا العرض؟
أعتقد الاختيار الأمثل للنص بحيث يتناسب مع طبيعة الفرقة وأن تكون الأغاني والاستعراضات موظفة تماما في نسيج الدراما ومن الصعب فصلها فهذه ميزة مهمة جدا، وجميع من يعمل بالعرض شاركوني في هذا، حيث إنه من الصعب حذف استعراض أو أغنية ثنائية.