أحمد نبيل:نستطيع أن نقدم مسرحا عربيا ببساطة وسلاسة

أحمد نبيل:نستطيع أن نقدم مسرحا عربيا ببساطة وسلاسة

العدد 804 صدر بتاريخ 23يناير2023

أحمد نبيل روائي وسيناريست وكاتب ومخرج مسرحي مصري مواليد القاهرة 1985، تخرج من المعهد العالي للسينما قسم سيناريو عام 2009، صدر له رواية (خيط واحد للدانتيل) 2007 المحروسة للنشر ومسرحية (حلاوة شمسنا) 2008 الهيئة المصرية العامة للكتاب ورواية (شوارع ديسمبر) 2011 بيت الياسمين للنشر وقصص (ديموديه) 2015 شرقيات للنشر وثلاثية الخروج 2016 سلسلة نصوص مسرحية (هيئة قصور الثقافة)، وشارك في كتابة بعض أعمال الدراما التليفزيونية والرسوم المتحركة بمصر والعالم العربي، كما قام بتأليف مسرحية (حبيبتي من تكون) بالمشاركة مع الكاتبة عزة شلبي، من إخراج المخرج الكبير خيري بشارة بمسرح بوليفارد الرياض، ومسرحية (رحلة الست- أم كلثوم) للمخرج اللبناني (هشام جابر)، بالمشاركة مع الكاتبة عزة شلبي وشيرين عصام، كما قام بتأليف وإخراج مسرحية (قوت القلوب) بالمركز الثقافي الفرنسي عام 2014، وقد حصل على بعض الجوائز في مجال السيناريو والأدب والتأليف المسرحي ومنها، جائزة المحروسة للإبداع المتميز عن رواية (خيط واحد للدانتيل) 2007 وجائزة تيمور للإبداع المسرحي/ المركز الأول عن مسرحية (حلاوة شمسنا) 2007 وجائزة ساويرس الثقافية عن سيناريو فيلم (الفيل النونو الغلباوي) 2009  وجائزة المؤلف بمهرجان أسبوع الضحك عن مسرحية (حلاوة شمسنا) 2010 وجائزة أفضل مؤلف من مهرجان وجدة بالمملكة المغربية عن مسرحية (الخروج عن النص) 2016 وأفضل مؤلف صاعد من المهرجان القومي للمسرح المصري عن مسرحية (الخروج عن النص) 2016، كما حصدت المسرحية أكثر من 24 جائزة أخرى من مهرجانات عربية ودولية، وحصل أيضًا على جائزة نادين شمس، المركز الأول عن سيناريو فيلم (سندريلا) 2016 وجائزة ساويرس الثقافية، وفي العام الحالي حصل على جائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي هو (نزهة السندباد في دوائر بغداد)، عن الجائزة واسئلة أخرى كان لنا معه هذا الحوار.

حدثنا عن رحلة كتابة نص «نزهة السندباد في دوائر بغداد» حتى حصولك على الجائزة؟ 
عندما بدأت كتابة النصوص المسرحية في عام 2004 كنت أميل للكتابة بالعامية، وبدأت نشر تلك النصوص بداية من عام 2007، كان أول نص بعنوان «حلاوة شمسنا» وتم نشره بالصدفة، حيث شاركت من خلاله في مسابقة محمد تيمور، والحمد الله النص فاز بالمركز الأول، وتم صدوره في كتاب بعدها، أنا متحيز للعامية بعض الشيء، لأن في هذا التوقيت الغالبية العظمي من المسرح الجامعي والشباب بشكل عام كانوا يميلون لمحاكاة المسرح العالمي، وكتابة نصوص أقرب للرصانة الموجودة في المسرح العالمي، كنت متأثرا بلينين الرملي وشعراء العامية، لذلك كان أغلب ما كتبت بالعامية، ثم نص «الخروج عن النص» كُتِب في 2010 وتم تقديمه على المسرح 2016، وكان به مزج بين الفصحى والعامية، كان أبطال المسرحية يقدمون مسرحيات دينية في المسرح الكنسي، فكان هناك أكثر من مستوى في اللغة في العرض، مستوى بالفصحى وآخر بالعامية، ولكن الفكرة أن هناك بعض المسابقات الأدبية تشترط أن تكون النصوص بالفصحي، ومن وجهة نظري أن بيئة الموضوع هي التي تفرض اللغة، ونص «نزهة السندباد في دوائر بغداد» يدور في العصر العباسي، وعلى الرغم من حبي للعامية، إلا أنني أحب أن اكتشف أراض جديدة، ولا أظل طوال الوقت في نفس المساحة التي أعمل فيها، ولكن طبيعة هذا النص تميل أكثر إلى الفصحى، الأحداث تدور في بغداد، في العصر العباسي،  كان أعظم الشعراء العرب يعيشون في بغداد، اللغة هنا ليست رفاهية، وإنما ضرورة.
الفكرة مستوحاه من السندباد البحري في ألف ليلة وليلة، لكن ليست حكاية السندباد ذاته، ولكنها تدور حول شاب يزور بغداد بحثًا عن والده، ومن خلال حكاية السندباد، أو الرسائل التي يصف فيها رحلاته السبعة، يعيد البطل تفسير النص ولكن بوجهة نظر أخرى، كل الحكايات الخرافية الخيالية التي تبدوا غير مصدقة، التي كتبها السندباد، هي رموز وإشارات لأشياء أخرى واقعية، لقضايا مرتبطة ببغداد نفسها، هو كتب ذلك بشكل مستتر بسبب الخوف، وشخصية السندباد شخصية مثيرة وشائكة، تاجر وبحار منفتح على العالم العربي، وهذه مسألة مربكة لأن الدولة العباسية كان العرب والفرس يعيشون فيها معًا، مع ترجمة الكتب اليونانية، هارون الرشيد كان عنده الرغبة في هذا الانفتاح بمميزاته وعيوبه، وظلت فكرة الانفتاح على العالم والخوف منه في هذا الوقت واضحة جدًا، كل ذلك ينعكس على أحداث النص وبطله الشاب أو السندباد الذي يحاول أن يُحلل الرسائل، ما يخلق بعض المفارقات، يتورط في تركة الأب المجهول الذي لا يستطيع الوصول إليه، ويبدأ يعيد اكتشاف “الأب” في إطار بسيط وكوميدي.
ما الرسالة التي ترغب في توجيهها للجمهور من خلال النص؟ 
النص كُتِب في الفترة من 2020 - 2021، كُتب بشكل متقطع وليس متواصلا، كنت أحاول أن أبحث عن أهم الشعراء في هذا العصر في بغداد. هي ليست رسالة بقدر ما هي مفتاح الحكاية، أننا ببساطة شديدة نستطيع أن نُقدم مسرحا عربيا وفي الوقت ذاته يكون سلسا وبسيطا، سواء باللغة العربية الفصحى أو العامية، فالعمل في صياغته البسيطة يستطيع أن يصل للناس، كان دائمًا هناك صورة معهودة عن ألف ليلة وليلة صورة استشراقية بعض الشيء، ولكن النص أقرب للواقعية وما نعيشه في الوقت الحالي حيث يوجد عالم مُفكّك، العالم العربي يُعاني من مشاكل، بعكس الصورة المثالية عنه، فهناك تماس نوعًا ما مع الواقع الذي نعيشه اليوم.
ما خطتك القادمة  بخصوص هذا النص؟
هناك اقتراحات عديدة، طباعة النص في كتاب أو تقديمه على خشبة أحد المسارح، ليس هناك شيء مؤكد بعد، ولكنني متحمس أن يخرج النص بشكل لائق دون استعجال، وارد جدًا أن يتم تقديم النص ضمن مشاريع البيت الفني للمسرح وعرضه على لجنة القراءة، التي تستقبل النصوص حتى منتصف فبراير المُقبل، لم أقرر بعد كيف يتم خروج هذا النص للنور.
أعلم أنك حصلت على جائزة ساويرس في فرع آخر سابقًا.. لماذا تهتم بهذه الجائزة بالتحديد؟
بالفعل حصلت على جائزة ساويرس في السيناريو عام 2009، بدأت كتابة مسرح وأدب أولًا ثم درست سيناريو في المعهد العالي للسينما، والجائزة كانت عن مشروع تخرجي «الفيل النونو الغلباوي»، لقد قدمت في العديد من المسابقات،  ولكن جائزة ساويرس لها مذاق خاص،  والموضوع ليس الجائزة، فعندما أكتب لا أضع في الاعتبار مصير النص، لأن ذلك قد يُعطلني، ولكن بعد الانتهاء منه وهناك فرصة للتقديم أقدمه لم لا؟. احيانًا العمل نفسه يكون حظه أفضل في دورة أخرى من الجائزة، لاختلاف معايير لجنة التحكيم .
هل لدينا أزمة في كتابة النصوص المسرحية ؟
بالتأكيد هذا ممكن بنسبة ما، هناك أعمال أقوى من أخرى، الكتابة عامل مهم جدًا ولكنها ليست العامل الوحيد، المناخ بالكامل يتأثر ببعضه البعض، إذا كان المناخ به تعدديه والمشاريع يتم إنتاجها، هذا يجعل الشارع يقوم بالفرز، العمل الجيد يلفظ العمل الرديء.
ومع ذلك لدينا طاقات إبداعية في كثيرة، ولكن الفكرة وجود مناخ، على سبيل المثال، إذا كان لدينا نص جيد جدًا وفريق عمل مبدع للغاية ولكن دون توفير الوقت الكافي لظهور هذا العمل في أفضل صوره أو عدم توفير الميزانية الكافية لهم إلى أخره، فما فائدة أن النص كتابته جيدة؟، الطاقات الإبداعية موجودة طوال الوقت ولكن يصعب الحكم خاصة في المسرح، لأنه جماعي وليس فردي، فالنص المكتوب في حد ذاته عمل فردي يُمكن أن يُقيّم، ولكن العرض المسرحي عمل جماعي به العديد من العناصر الفنية، بداية من النص مرورًا بكل العناصر الفنية من ديكور وأزياء وإضاءة وممثلين إلى أخره حتى مخرج العمل، الموضوع مُركّب أكثر. كما أن اتجاه المخرجين لأخذ النصوص العالمية و الإعداد أو الدراماتورج، ليس مقياسا لضعف أو قوة النصوص المسرحية المؤلفة أم لا، من وجهة نظري التطور في السينما والتليفزيون والمنصات العالميًّة، جعل المخرجين يرغبون في تقديم هذه الأجواء البصرية، فيبحثون عن بيئة بصرية قد تكون غربية بعض الشيء ولكن أشبه بما يرغبون فيه، لتسمح بتحقيق ذلك، المشكلة الحقيقية أن ذلك يتم تحقيقه على مستوى الشكل فقط، ولكن لا يكون له ضرورة أو توظيف فني، الأهم من ذلك ما هو الجديد الذي سوف يتم تقديمه حتى إن كان من خلال نص عالمي، ولكن اين الاختلاف؟ كيف سيتم تقديمه؟، في حالة عدم وجود مدخل جديد وحقيقي فيما ترغب في تقديمه، هذه هي المشكلة، وهذا ينطبق أيضًا على الأفكار المحلية وليست العالمية فقط، الفكرة الأهم هي الوحدة العضوية للعمل كله، وما هي الضرورة لتقديم هذا العمل، على سبيل المثال نص “الخروج عن النص” عندما انفصل المسرح عن الكنيسة، هنا الموضوع هو ما فرض ذلك، هذا هو الحدث الذي أرغب في مناقشته، ولكن ليس بسبب أني أعجبت بالشكل العام أو الأزياء أو الصورة التي أود أن أحققها على حساب الجوهر أو المضمون نفسه، لست ضد التأثر ولكن كيف يتم توظيف الصورة.
هل للنصوص المسرحية حقوق محفوظة وحماية قانونية ؟
نحاول دائمًا أن نقوم بتوثيق أعمالنا، وأحيانًا نجد هناك تشابها في الأفكار قد يكون غير مقصود، وأعتقد أن الأمر ليس آمنًا بشكل كاف، هناك الإجراءات العادية، ولكن هناك جزء آخر غير حقوق الملكية، أحيانًا لا تكون هناك سرقة بالمعنى الواضح والمباشر، ولكن استنساخ، ذلك عمل ناجح يحاول الآخرون أن يفعلوا مثله بنفس الفكرة أحيانًا، هو الاستسهال من وجهة نظري، شيء غير جيد ولا يصنع فنًّا .


إيناس العيسوي