المخرج عبد الغني ذكي: المسرح يكافح ولن يموت

المخرج عبد الغني ذكي: المسرح يكافح ولن يموت

العدد 836 صدر بتاريخ 4سبتمبر2023

عبد الغني ذكي أحد المخرجين المخضرمين وله بصمة خاصة .. عاشق لخشبة المسرح وصاحب مدرسة في الإخراج، ولد بحي السيدة زينب وقدم أولى أعماله المسرحية في السابعة عشر من عمره بمركز شباب زينهم ثم التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية ثم المعهد العالي للفنون المسرحية ليبدأ مشواره الفني. صاحب الفضل في اكتشاف العديد من النجوم وتقديهم للساحة المسرحية والفنية.. قدم ما يقرب من 370 عرضا مسرحيا، وموخراً قدم «اشهد يا زمان» على خشبة مسرح البالون إنتاج البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية.. تحاورنا معه حول العرض وسألناه:                                                                                           لماذا اخترت تقديم عرض «اشهد يا زمان « في هذا التوقيت ؟
هذه الفترة مهمة للغاية في تاريخ مصر ومعروف دور مصر وريادتها في العالم العربي والأفريقي وهناك الكثير من الأعداء الذين يتربصون  بها وغايتهم أن يشككوا ويحدثوا بلبه في كل الاتجاهات، ولإيماني الشديد بدور الفنان ودوري كمخرج؛ كان تطويع فني قدر المستطاع للرد على هذه الادعاءات، وذلك بالإستعانه بكل البيانات والإحصاءات للرد على كل الادعاءات الكاذبة والمغرضة والدفاع عن مصر الحبيبة، ومثلما يدافع الجندي عن بلاده بسلاحه كذلك الفنان يدافع عن بلاده بأدواته وإبداعه؛ ليصل بها إلى هدفه وينصر بلده .                                                                                                                                                
- ما أبرز التحديات والصعوبات التي واجهتها لتقديم العرض ؟
 لم أواجه أي صعوبات بل على العكس كان هناك تعاون كبير من مسئولي القطاع بدءا من الدكتور عادل عبده رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية الأسبق، وكذلك الفنانين الذين تعاونوا معي في هذه التجربة ، فقد شعروا أنهم يقومون بدورهم ويدافعون عن مصر وهو عمل يرضيهم وجدانيا وفنياً، وقد تفانوا في هذا العمل بشكل كبير، إيماناً منهم بدورهم وبدور الفنان تجاه بلاده .
- هل هذا العمل دراما تسجيلية أم توثيقية ؟
هذا العمل بعيد كل البعد عن الدراما التقليدية، فالعرض يعطي المتفرج مجموعة من البيانات والإحصاءات ومن التواريخ الهامة والأرقام، نخاطب بها عقل ووجدان المتفرج بشكل استعراضي غنائي به أجواء من البهجة وعدم المباشرة، فالصيغة بها عقلانية ولكنها ليست جافة حتى لا نثقل على المتفرج، فالاستعراض والغناء وسيلة لتوصيل المعلومة بشكل جاذب، كذلك تعاملت في هذا العمل بتكنيك كسر الحائط  الرابع مع المتفرج وجعلت الممثلين يتواصلون مع المتفرجين، وجعلت المتفرج جزءاً من العرض، وصنعت حالة إنسانية وجدانية بين الصالة والمتفرج.
- ما مصادرك في استقاء المعلومات والإحصاءات وكيف وظفتها في العمل؟
مصادري الكتب والنشرات، وقمت بصياغتها بشكل درامي واستعنت بشاشة خلفية حتى تكتمل الصورة، فنعطي المعلومة ونفتح آفاقا مختلفة للمتفرج حتى يطمئن على مصر، ونرد على الادعاءات الكاذبة بالحجة والدليل.
- كيف تم ترشيح بطلي العرض الفنانة حنان شوقي والفنان طارق الدسوقي ؟
الفنان طارق الدسوقي فنان متميز وله مسار محدد في حياته ويهوى العمل في مجال السياسة، فهو محاضر سياسي ومهتم بالشأن العام والقضايا السياسية والفكرية كما أن ثقافته واسعة والعمل يحتاج لهذا النموذج من الفنانين أما الفنانة حنان شوقي فقد سبق وأن قدمت معها عدة أعمال وهي تتميز بطاقتها وإشعاعها وإحساسها المرهف فالعقل يمثل الفنان طارق الدسوقي والوجدان والإشعاع يتمثل في الفنانة حنان شوقي وهما يتحدان لتقديم مضمون العمل.
هل هناك اتجاه لتحريك العرض في المحافظات المختلفة ؟
أتمني أن يقوم العرض بجولات في الأقاليم والمحافظات المختلفة وانتظر تحرك الدولة، فمن الضروري أن يطلع الجمهور في المحافظات المختلفة عليه .
- قدمت ما يقرب من370 عرض فما سبب غزارة إنتاجك؟
قدمت عروض مسرحية في أغلب الجهات الإنتاجية: مسرح الدولة والقطاع الخاص ومسرح الشركات والثقافة الجماهيرية بالإضافة لتقديمي روايات في الدول العربية ، كانت القنوات والمحطات ترغب في تغطية ساعات الإرسال؛ ولذلك كنت أقوم بتصوير عروض مسرحية وإرسالها حتى تغطي الساعات الخاصة بهذه القنوات وبالفعل كانت تقوم بتوزيع هذه المسرحيات على ساعات الإرسال وبثها ومن هنا جاءت غزارة إنتاجي المسرحي.
- نشأت في حقبة الستينيات من القرن الماضي وعاصرت كبار النجوم ..حدثنا عن تلك الفترة وما المختلف بها عن الفترة الحالية ؟
أنا ابن جيل الستينيات، وحينما كنت طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية كنت اعمل في المسرح القومي، وعاصرت كل المخرجين فقد عملت مساعد مخرج لكبار المسرحيين آنذاك، ومنهم الفنان والمخرج الكبير عبد الرحيم الزرقاني والفنان والمخرج الكبير سعد أردش ومررت بكل مراحل العمل المسرحي، وأود أن أشير إلى أن الأجيال الحالية مظلومة لأنه لا توجد حركة مسرحية حقيقية، فقديما أسس المخرج الكبير السيد بدير فرق التلفزيون المسرحية، التي شملت العديد من الألوان المسرحية الكوميدية والتراجيدي وغيرها فقام بطفرة مسرحية، ونهضة وذلك عن طريق تأسيسه لفرق التلفزيون وفرقة المسرح الكوميدي والحديث وقد عمل بهذه الفرق كل خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وأصبح لكل فرقة عناصرها الفنية.
- ماذا عن مسرح القطاع الخاص وما تقييمك له الفترة الحالية ؟
مسرح القطاع الخاص يعني وجود نجوم، فالمتفرج يأتي ليشاهد النجم وهذا يختلف عن مسرح الدولة الذي لا يستهدف الربح وهو ملك للدولة وتنفق عليه حتى توصل ثقافة معينة، فهو منوط بتثقيف المواطن والارتقاء به،  ولكن الأمر يختلف في مسرح القطاع الخاص الذي يعتمد على الإضحاك وهدفه الربح وهناك مجموعة كبيرة من المنتجين الذين ساهموا في نهضة مسرح القطاع الخاص منهم الكاتب والمنتج أحمد الأبياري والمنتج سمير خفاجي الذي يعد بمثابة حركة مسرحية، فلديه مسرح، وهو صانع للنجوم واليوم مسرح الدولة ليس في تمام عافيتهً بالإضافة إلى أعباء المواطن الذي لا يمتلك وقتاً لمشاهدة العروض بسبب الضغوط  الحياتية ولكن المسرح يكافح ولن يموت.
-  كان لك دور بارز في تأسيس فرق مسرح الشركات فكيف بدأت الفكرة ؟
عندما كنت هاوياً كنت متحمساً بشكل كبير لأمارس المسرح، وكنت ابحث عن مكان لأمثل وأخرج به وكنت أشعر بحيرة كبيرة حيرة الفنان المسرحي الذي يرغب في أن يبدع لكنه لا يجد مكاناً ليقدم به إبداعاته، وهذا الأمر ينطبق على الموظفين وفرق الهواة بالشركات فهل ينتهي بهم الأمر كموظفين فقط دون ممارسة موهبتهم؛  ولذلك سعيت لأبرز هذه المواهب في العديد من فرق الشركات فقد كنت من أوائل المشاركين في لجان التحكيم وكنت اكسر قاعدة المحكم الذي يقيم العمل فقط، كسرت كل قواعد الحياد بين المحكم والفرقة فكنت اجلس مع هذه الفرق وأقوم بتوجيهها، ولكن الأمر اختلف الآن فقد قلت عروض الشركات، وكان سابقاً يقام مهرجان لمسرح الشركات ولكن الآن لا اسمع شيئاً عن هذا المهرجان وهل لايزال يقام أم توقف .
- في رأيك هل نعاني من أزمة في الكتابة الكوميدية ؟
هناك أزمة في الكتابة بشكل عام فلا يكفي أن يكون الكاتب موهوباً فقط ، يجب أن يكون لديه ثقافة مسرحية واسعة فالكتابة المسرحية هي فن وتكنيك وفهم لطبيعة المسرح، يجب أن يكون الكاتب مثقفاً وخبيرا بالمسرح حتى يكتب للمسرح، فالمسرح يحتاج إلى وعي وثقافة ، الكاتب يخاطب عقول وأفئدة؛ وقديما كنا نشاهد عددا كبيراً من كبار الكتاب وأسماء هامة ولامعه، وكانت أعمالهم لها صدى كبير، ولكن تغير المناخ الفترة الحالية .
- بماذا تنصح الشباب المسرحي الفترة الحالية خاصة أنك داعم لهم بشكل كبير ؟
بالفعل أنا دائما ما أدعم الشباب المسرحي فهم أمل الغد ودائما أساندهم بكل قوتي، ونصيحتي لهم هي الثقافة ثم الثقافة ثم الثقافة، فالثقافة تزيد من قيمة الشباب المسرحي، وتوسع من أفقه ومداركه بشكل كبير حيث أنه يحتاج كل عمل يقدمه مخزونا وخلفية ثقافية،  وهو ما يحسن بشكل كبير من مستواه الفني فالمعرفة والثقافة مهمة للمخرج والممثل والكاتب، وكل عنصر من العناصر الفنية فالموهبة وحدها لا تكفي .
- حكمت لفترة طويلة بمهرجان آفاق مسرحية فما تقييمك لهذا المهرجان وكيف تراه ؟
عندما كنت مديراً عاماً لمسرح الشباب فتحت المسرح لكل الشباب الهواة على مستوى الجمهورية واعتبرت مسرح الشباب لكل هاوي ،  وكنت أقوم بجلب الفرق الخاصة من الشباب ليقدموا عروضهم،  وهم ليسوا من موظفي مسرح الشباب، ففتحت مساحة كبيرة لكل من يهوى المسرح،  وكان ضمن هؤلاء المخرجين ابني الغالي المخرج هشام السنباطي، فقد توسمت فيه خيراً ورأيت أنه مبدع،  وكسرت كل القواعد عن فكرة أن من يخرج بمسرح الشباب يجب أن يكون موظفا فيهً، واستضفت عروضا من الفرق الخاصة والهواة، وعندما أسس المخرج هشام السنباطي مهرجان آفاق مسرحية كنت من الداعمين له وخاصة أن مهرجان آفاق أضاف للحركة المسرحية، وفتح المجال للشباب لتقديم إبداعاتهم على مسارح الدولة، وضخ دماء جديدة من الشباب في جميع عناصر العملية المسرحية.
- في رأيك ماذا يحتاج مسرح الدولة اليوم ؟
إتاحة الفرصة للشباب الواعد والفكر والرؤى الجديدة وفتح الباب لكل من يهوى ولديه موهبة ، خاصة أن الموهبة اليوم نادرة وليست متوفرة بشكل كبير،  فهذه المواهب ستثري الحركة المسرحية وتضخ دماء جديدة وأفكارا ورؤى مختلفة للمسرح المصري .
- ما رأيك في مسرح الثقافة الجماهيرية الفترة الحالية؟
يعد مسرح الثقافة الجماهيرية من أعظم وأفضل المسارح الموجودة، وعندما كنت احكم في لجان الثقافة الجماهيرية ذهبت للعديد من المحافظات والأقاليم ولم أترك مكاناً إلا وحكمت به عروضاً ، وكنت سعيدا بإلقاء الضوء على هذه المواهب، فالثقافة الجماهيرية منفذ ومتنفس هام لإظهار المواهب والقدرات الفنية،  وهو شيء إيجابي أسسته الدولة لأن كل قرية بها قصر ثقافة، ما يعطي فرصة للشباب لممارسة المسرح وصقل مواهبهم الفنية، فهي من أهم الكيانات المسرحية التي أنشأتها الدولة لرعاية فناني مصر، والاهتمام بقصور الثقافة شيء في منتهي الأهمية، فهي مفرخة جيدة للفنانين المغمورين.
« اشهد يا زمان « أغاني مصطفى الضمراني، صياغة درامية وأشعار سراج الدين عبد القادر، ألحان على سعد، ديكور محمد خبازة، مادة فليمية ضياء داوود، استعراضات د. عماد سعيد، هيئة الإخراج وليد سعد، محمود كامل، هشام إبراهيم، هالة الصباح، وأحمد الصوا، بطولة الفنانين: طارق دسوقي، حنان شوقي، ليلى صدقي، شيماء نصار سيد عبد الرحمن، حسام رسلان، عزت أبو سنة، إبراهيم غنام، بالاشتراك مع الفنانين هبة محمد، أحمد سعدون، محمد نيازي، حسن سعد، سما إبراهيم، مروة فرحات.


رنا رأفت