العدد 830 صدر بتاريخ 24يوليو2023
يقدم المخرج حسن الوزير من تأليف الكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني عرضا مسرحيا على خشبة مسرح الطليعة، يحمل عنوان باب عشق، وهو الباب الذي – كما يقول - نعبر منه للحب والسلام بعيدا عن المكر والدسائس والكره والعنف، يقدم الوزير تجربة مختلفة كعادته، وقد قدم العديد من الأعمال الفنية لكثير من الكتاب المصريين وغير المصريين، فهو دائما يبحث عن الجديد غير المألوف، في السطور التالية نتعرف أكثر على تجربته الجديدة وعلى أرائه في الحركة المسرحية.
- حدثنا عن تجربة «باب عشق» وأسباب اختيارك النص؟
في البداية، طلب مني عادل حسان مدير مسرح الطليعة رأيي في النص، وموافقتي على تقديمه، ووافقت وعقدنا جلسات عمل مع الكاتب إبراهيم الحسيني، لفترة طويلة استمرت أكثر من 4 شهور، لأن النص الأساسي طويل وإذا قدم كما هو سيحتاج وقتا طويلا لتقديمه، وستصبح مدة العرض طويلة جدا، لذا أتوجه بالشكر للكاتب على سعة صدره، وما دفعني لتقديم النص عدة أسباب منها أن المسرح حاليا أصبح فنا صعب التقديم، وصعب الاستقبال لأن الميديا تطورت، وأصبح الموبايل يصنع كل شيء، بالإضافة إلى أن المسرح غير مجد ماديا وإعلاميا، على عكس الأفلام والمسلسلات، المسرح أصبح خاصا بالعاشقين والمجانين فقط وأنا واحد منهم، أعشق المسرح منذ كنت في المدرسة. كما أننا لابد أن نقدم فكرة جديدة غير مطروحة من قبل، مثل فكرة المسرحية . النص باللغة العربية الفصحى، ويناقش قضية شاعر وأسطورة من أساطير التراث العربي، وهي القصيدة الدعدية، وهي فكرة غير تقليدية، والأهم أن المخرج يقدم هذه الفكرة بحلول بصرية غير تقليدية، لأننا إذا قدمنا هذا النص بالحلول الكلاسيكية التقليدية سينفض الجمهور عن المسرح.
- ما الرسالة التي أردت تقديمها من خلال العرض؟
العلاقة بين الجمال والعشق، وبين القتل والقبح، التضادات ، وهذا هو الشيء الأساسي في النص والعرض، فالأميرة دعد العاشقة تنتظر فارس أحلامها الشاعر حتى يبعدها عن مؤامرات القصر، العرض هو رحلة للبحث عن الجمال والعشق.
- ما آليات اختيارك لعناصر العرض؟
هي العناصر التي توافقني في تقديم رؤيتي المسرحية، لأن لأي مخرج رؤية، ولو هذه الرؤية حقيقية لابد أن تكون عناصر العرض متفقة مع رؤيته، فسبب اختياري لمهندس الديكور فادي فوكيه أننا قدمنا من قبل تجارب سابقة، وهو يعلم أسلوبي في العمل، وبالتالي قدمنا ديكورا جميلا ومختلفا، وأنا سعيد جدا بالتعاون مع مصممة الأزياء مها عبد الرحمن، فهذه هي المرة الأولى التي نتعاون فيها سويا، ولكن في الحقيقة هي استقبلت رسالتي الأولى وطورتها، وقدمت أزياء تناسب رؤيتي، وأنا سعيد جدا بهذا التعاون. وكذلك الموسيقى الذي أتعامل معه للمرة الأولى د. محمد حسني، وقد قدم موسيقى رائعة تناسب العرض، لأننا نقدم عملا شعريا غنائيا، بالتالي لابد من وجود موسيقى معبرة عن الحالة التي نقدمها، حتى تحد من حدة الموضوع ، خصوصا أن القصة غير تقليدية، فنحن نسعى لنطرب المشاهد سمعياً وبصرياً.
-حدثنا عن تعاونك مع الشاعر درويش الأسيوطي؟
أعرف الشاعر درويش الأسيوطي، منذ بداية الثمانينات وتعامل معي من قبل كشاعر، وكمؤلف مسرحي، وكممثل أيضا، فمن أوائل الثمانينات حتى الآن لم تنقطع علاقتي به، فمن بداية معرفتنا فتنت بمعرفة الصعيد ، والصعايدة، وإقامتي في مدن الصعيد أفادتني جدا، فالشاعر درويش الأسيوطي شاعر مهم، وباحث فلكلور مهم، وله كتابات متعددة في هذا المجال، فكان لابد من وجوده معي في هذا العرض، خاصة أن النص يناقش قضية شاعر كبير وقصيدة مشهورة، فلا يمكن أن يكون الشعر في النص شعرا ركيكا، فكان اختيار الشاعر ليكون في مستوى القصيدة الدعدية التي هي محور النص.
- كيف أسهمت السينوغرافيا في تحقيق رؤيتك المسرحية ؟
العرض مفتاحه الأساسي هو السينوغرافيا، لأننا نقدم 17 مشهدا، في ساعة ونصف، فكان لابد من إيجاد حلول غير تقليدية، بالتالي قدمت العرض بأسلوبي وهو الرمز.
- ما سبب عزوف المخرجين عن تقديم المسرحيات الشعرية والغنائية؟
لأن اللغة العربية أو الشعر العربي، لو لم يتم تناوله بأسلوب معين، بحيث يصبح أداة جمال ومتعة في العرض المسرحي، أبعد المتلقي عنه تماما، لأن اللغة العربية الفصحى لغة غير مطروقة عند الناس، فعلى المخرج تحويل اللغة لعنصر من جماليات العرض المسرحي ، ليصبح سهل الوصول للناس، وقد كان لي تجارب سابقة في تحويل اللغة العربية والشعر العربي لمتعة وجمال كما في عرض أرض لا تنبت الزهور عام 1995، وعرض طقوس الإشارات والتحولات عام 1997، وعام 2007 عندما قدمت القضية 2007.
- ما أسباب غيابك عن الحركة المسرحية خلال الفترة السابقة؟
أخر عملت قدمته في البيت الفني للمسرح كان عام 2005، أثناء تولى الدكتور أسامة أبو طالب رئاسة البيت الفني للمسرح، والذي أوجه له التحية، وكان الدكتور أسامة يقيم مهرجان الكاتب المسرحي، وقدمت وقتها أحد النصوص الفائزة في المهرجان، ولم أقدم شيئا من وقتها، ولا أعلم الأسباب، لذلك أتوجه بالشكر لدكتور خالد جلال رئيس البيت الفني للمسرح، والمخرج عادل حسان مدير مسرح الطليعة لإتاحة الفرصة لي من جديد لتقديم هذا العرض.
- أين يكمن الاختلاف بين المسرح في الماضي القريب، و الوقت الحالي؟
المسرح في الماضي كان له جمهور، كان يصنع النجم، وكان يدر دخلا ماديا للممثل، لكن حاليا الدخل المادي يكاد يكون ضعيفا جدا، في الماضي كان المسرح عنصرا من عناصر الشهرة ، أما حاليا فلا، ولكن يبقى المسرح هو صانع النجوم، وكاشف المواهب، فالممثل الذي لم يقف على خشبة مسرح في حياته ينكشف من أول لحظة، ولكن الممثلين المتخرجين من المعهد العالي للفنون المسرحية ، أو الذين تدربوا وقدموا تجارب في قصور الثقافة، تكون موهبتهم مختلفة ومتفردة.
- ما تقييمك لعروض البيت الفني للمسرح في الفترة الأخيرة؟
شاهدت عروضا جيدة، أهمها العروض التي نعتمد فيها على الشباب، فأرجو من كل القائمين على الحركة المسرحية الاهتمام بالشباب الواعد كممثلين ومخرجين وفي كل عناصر العمل المسرحي، فالشباب هما الأساس على الرغم من الظروف المعاكسة التي نمر بها، ستظل مصر هي الرائدة في الفنون والثقافة وكل نواحي الحياة.
- ما رأيك في المهرجانات المسرحية المصرية؟
أتوجه بالشكر لكل وزراء الثقافة، خاصة الدكتورة إيناس عبد الدايم، لأنها حافظت على إقامة المهرجانات رغم الظروف التي مررنا بها من كورونا وحوادث إرهابية، إلا أنها صممت أن تقام المهرجانات وتستمر، فالمهرجان شيء مهم وأساسي، وأهمها القومي الذي يجمع كل العروض التي قدمت في مصر سواء من المحترفين، أو الهواة أو الشركات أو الجامعات، فهذه احتفالية مهمة جدا، ولكني أرجو أن تستمر العروض المتميزة وتقدم على مسارح العاصمة أو مسارح الأقاليم.
- هل يولد التنافس حالة من الإبداع ؟
طبعا لأن الكل يتنافس من أجل الحصول على الجائزة وتقديم أفضل ما عنده ، وهذا تنافس شريف، ولابد من المحافظة على الفائز ودعمه وتقديم الفرص له كحافز رئيسي لكل الشباب فيما بعد.
- ماذا تتطلب عودة الجمهور للمسرح مرة أخرى ؟
تقديم عروض جيدة مرتفعة المستوى، تتناول قضايا المجتمع المصري بحرية،
تقديم مخرجين موهوبين لديهم حلول بصرية غير تقليدية للعرض المسرحي.
و تطوير المسارح الموجودة، وبناء مسارح جديدة، لأنه للأسف الشديد عدد المسارح حاليا في مصر أقل بكثير من عدد المسارح في الستينيات، بالرغم من أننا أصبحنا أكثر من 100 مليون، فهذه المسارح موجودة منذ كان عددنا 15 مليونا فقط.
- لماذا لا يتم تصوير العروض المسرحية وعرضها على شاشة التلفزيون أو المنصات الإليكترونية؟
هذا هو دور التلفزيون، لأن البيت الفني للمسرح ووزارة الثقافة توثق الأعمال المسرحية من خلال إمكانياتها عن طريق المركز القومي للمسرح، فيجب على التلفزيون المصري تصوير العروض الجيدة وإذاعتها، وكان أيضا يقدم برامج متعددة عن المسرح والسينما وهذا أيضا أصبح غير موجود، فلابد أن تكتمل المنظومة، وتتوطد العلاقة بين الشباب والثقافة والتلفزيون والإعلام.
- ما ذكرياتك مع النجم خالد صالح رحمه الله ؟
أول تعامل بيننا كان عام 1995، في عرض أرض لا تنبت الزهور على مسرح الهناجر، ووجدته طاقة غير عادية، وكان أهم ما يميزه اهتمامه بالمسرح ، واحترامه لمواعيد البروفات ورغبته في التعلم، وتنفيذ ملحوظات المخرج، خاصة أنه كان يعمل مع الفنانة سوسن بدر، وهي فنانة عظيمة ومنضبطة، ومن يقف معها على خشبة المسرح لابد أن يكون على نفس المستوى، وخالد صالح حقق هذه المعادلة، وفي التعاون الثاني كان معنا الفنان خالد الصاوي في عرض طقوس الإشارات والتحولات وكانو دويتو رائعا، بالاشتراك مع الفنان نبيل الحلفاوي، والفنانة سوسن بدر والفنان إبراهيم الدالي رحمه الله، وبهذه المناسبة أتوجه بالتحية والتقدير والمحبة للدكتورة هدى وصفي، لتفانيها في عملها، ولولا وجودها ما قدمت هذه التجارب المهمة، ولا كان مركز الهناجر موجودا.
- هل لديك نية لمشاركة العرض في المهرجان القومي للمسرح ؟
أكيد إن شاء الله.
- هل لديك خطط مسرحية جديدة ؟
لدي ثلاثة مشاريع هامة، أكتب نصا مع الكاتب عبد الفتاح البلتاجي بعنوان «دقدق»، ومشروعا أخر لرواية جون شتاينبيك «في مغيب القمر» وأقوم بإعداد رواية لجورج أورويل اسمها «مزرعة الحيوان» أتمنى أن يمد الله في عمري لتقديم هذه التجارب الهامة.