شيرين حجازي: لم أحاول تقديم الجديد إنما التزمت بطقوس الصلوات التي تميز المعابد

شيرين حجازي: لم أحاول تقديم الجديد إنما التزمت بطقوس الصلوات التي تميز المعابد

العدد 713 صدر بتاريخ 26أبريل2021

في احتفال تاريخي مهيب وملحمة موسيقية فريدة شهدت مصر نقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى متحف الفسطاط ، توزع الاحتفال على عدة أماكن متفرقة، المعابد والأماكن الأثرية وميدان التحرير، و تميز الاحتفال بمجموعة من الرقصات التعبيرية التي كانت أقرب إلى الصلاة ، دفعتنا لأن نتعرف على  مصممة  التعبير الحركي والرقص شيرين حجازي، التي تعد ضلعا أساسيا في تصميم التعبير بالموكب.
  شيرين حجازي فنانة ومخرجة مسرحية ومصممة تعبير حركي، حصلت على العديد من الجوائز المحلية والدولية بعدة مهرجان مسرحية منها المهرجان التجريبي ومهرجان الأردن للمسرح الحر وغيرها من المهرجانات.

- ماذا تمثل لك المشاركة في حدث تاريخي مثل نقل موكب المومياوات ؟
فى بداية الأمر، عندما رشحت للحدث شعرت بفرحة غامرة، وعندما علمت بحجم الحدث انتابني بعض القلق ولكنه مثل دافعا لي ولكل زملائي لتقديم أفضل ما لدينا، ويحتم علينا التركيز في جميع التفاصيل ودراسة الأمر دراسة دقيقة، وبعد انتهاء الحدث تضاعف شعوري بالفخر، خاصة عندما تلقيت ردود أفعال أسرتي وأصدقائي والعالم أجمع الذي انبهر بهذا الحدث التاريخي المهيب.
- ما أبرز الصعوبات التي واجهتيها في تصميم التعبير الحركي لهذا الحدث وخاصة أنك قدمت تصميمات ورقصات غير تقليدية؟
أثناء اجتماعاتنا مع سيادة وزير السياحة والآثار د. خالد عناني والأستاذ سعد جوهر كانت أولى التوصيات أن هذا الحدث لا يعد احتفالا، لذا يجب أن لا يقدم الرقص بشكل مباشر، خاصة ان الغالبية العظمى من المعابد التي قمنا بالتصوير بها معابد جنائزية، ولا يصح أن يقدم بها رقصات أو احتفالات، فهي أماكن لها قدسيتها. فكانت التوصية البعد عن الرقص المباشر أو الحركات التي توحي بوجود احتفال و تقديم التعبيرات الحركية بخشوع.
 - ما الجديد في الرقص الذي حاولت تقديمه خلال هذا الحدث ؟
أبتعد عن التقليد ودائما لدى مصدر إلهام، فكنت دائما أبحث عن المعنى وراء البناء الذي نقوم بالأداء والعرض أمامه، سواء كان هرم سقارة أقدم مبنى حجري عرفه التاريخ، والأهرامات أو معبد حتشبسوت. فلم تكن محاولاتي تقديم الجديد بقدر الإعلان عن احترامي والتزامى بطقس الصلاة في هذه الأماكن.
- ما أهم الأشياء التي استعنت بها لتصميم التعبير الحركي بهذا الشكل المميز ؟
أنا صعيدية من سوهاج وبالتحديد مركز أخميم الذي كان عاصمة لمصر القديمة واحتفظ بهذا الاسم لما يقرب من سبعة آلاف سنة، ولدى انتماء لحضارتي منذ نعومة أظفاري، ومن خلال سنوات عملي ودراستي بالمسرح بعد دراستي بكلية الهندسة كان لدى فرصة أن أتجول فى جميع المعابد الأثرية داخل صعيد مصر حتى سيناء والسلوم، ودائما لدى شغف للتعرف على تاريخنا العريق وآثارنا، وفى هذا العمل انصب إهتمامي على التفاصيل، وبدأت دراسة كل مكان وتاريخ كل ملك حتى نتعرف على ما قدم الملوك المصريين للتاريخ والبشرية وإسهاماتهم، وكان حصيلة هذه الجولات مجموعة قيمة من المعلومات التي كانت مصدر إلهام لا يستهان به، فكل عصر من العصور كان به أشياء تميزه، والحضارة المصرية القديمة عمرها آلاف السنين.
- ما الفرق بين تصميم تعبير حركي على خشبة المسرح وبين حدث يتم إذاعته بشكل حي ؟
هناك فرق كبير بينهما، ولكل منها ظروف وشروط، فالمسرح مساحة محددة وفكرة يتم العمل عليها ولا تكون هناك قيود على الإبداع، ولكن عندما نقدم العرض أمام الكاميرا تعد هى مساحتنا في الأداء، يقوم المخرج بتحديد «الكادر» وبناء عليه يتم تحديد نوع حركة معين وعدد راقصين، وهو شىء هندسي دقيق، يتم وضع مساحات محددة داخل «الكادر» بالإضافة للحركة والإعداد الدرامي للموضوع المقدم، كما أن الكاميرا تستطيع التقاط التعبيرات الحركية والرقصات من عدة زوايا، ومن الممكن أن يقوم المخرج التلفزيوني بترتيبها بطريقة مختلفة، إذن الحركة أمام الكاميرا يجب أن تقدم بمهارة وحنكه وسلاسة تتيح للمخرج التقاطها من زوايا رؤية مختلفة، والرقص فى الشارع له معايير، فالشارع به طاقة واسعة ولا توجد حدود به، وعندما يكون المكان له علاقة بالعرض يتطلب طاقة مضاعفة لتدريب وإقناع الراقصين بنفس نوع الالتزام والحركة والحضور بالشارع، وهو ما يستغرق عددا كبيرا من البروفات حتى يكون الحضور قويا، فلا توجد خشبة المسرح والجمهور يتابع من كل مكان.
- كيف يستطيع الرقص التعبير عن ثقافة الشعوب وتراثها ؟
الرقص لغة عالمية تتدفق إلى القلب والوعي، فمن الصعب ترجمة كل حركة بالرقص ولكن بمشاهدة الأداء الحركي بأكمله يصل إلينا مجموعة من الأحاسيس المختلفة، فالجمهور لديه وعى كبير ونحن كمصريين شعب متذوق يحب الفنون المختلفة، والمميز فى الرقص هو قدرته إبراز ثقافة البلاد وتاريخها، الرقص ينطبع فى الأذهان والقلوب، والجماهير تخرج من عروض الرقص لديها انطباعات جيدة و تظل الأغنية والحركة المصاحبة ملتصقة بالأذهان وتعطى معلومات وتأكيد على فكرة جماليه وأصيلة، لذا تعد طريقة للتوثيق مثلها مثل الكتابة والشعر والغناء. الرقص أحد الفنون الغنية التي تثرى الإحساس الفني.
- هل تستطيع عروض التعبير الحركي والرقص المعاصر نقل رسائل ومناقشة قضايا مثلها مثل العروض التي تعتمد على الكلمة ؟
بالتأكيد، وبشكل لا يقل وضوحا وتواصلا عن عروض الكلمة، وكما أشرت سابقا :الرقص لغة وهى مهمة المصمم والمخرج الذي سيستخدم التعبير الحركي أو الجسد فى نقل فكرة، فإذا كان مالكا لأدواته وله رؤية ستصل فكرته، وقد سبق وأن قدمت عرضا مسرحيا يناقش قضية التحرش، وقد سافر العرض العديد من الدول ومثل مصر فى كبرى المهرجانات ونال استحسان الجماهير على المستوى الدولي والمحلى وكانت أفكار العرض واضحة وهى مكانة المرأة في مجتمعنا، و أهم التحديات والصعوبات التي تواجهها، واستخدمت الرقص الشرقي بالعرض، فهو جزء من تراثنا وتعاملت مع كأنه لغة قمت بتفكيكها وتعاملت معها بطريقة مختلفة عن نظرة المتلقي للرقص الشرقي.

- ما الذي تفتقده عروض التعبير الحركي والرقص المعاصر.. وكيف نستطيع تطوير هذا النوع من الرقص ؟
لدينا أسماء كثيرة و لامعه ومتميزة في الرقص الحديث والتعبير الحركي، ولدينا العديد من المخرجين في هذا النوع من الفنون يقدمون قضايا معاصرة ومشاكل مجتمعية وأفكارا مختلفة ووجهات نظر فنية . و يحتاج الرقص إلى أن يحصل على مساحه أكبر من الاهتمام مثل العروض التي تعتمد على الكلمة، وان لا يقل إنتاجه عن العروض المسرحية، و لدينا كوادر متميزة ، فالفرص لتقديم عروض التعبير الحركى والرقص قليلة وعدد الفرق الخاصة بالرقص والتعبير الحركى لا تتعدى فرقتين او ثلاثة فنحن بلد الفن وجدران ونقوش المعابد دليل واضح على وجود الرقص والفنون.
- هل ينجح مصمم التعبير الحركي والرقص فى تقديم عرض مسرحي متكامل أم أن الأمر يعتمد على موهبته في الأساس ؟
الأمر يرجع لموهبة وقدرات كل فنان، فعلى سبيل المثال المخرج الكبير شادي عبد السلام كان «سينوغراف» متميز ومخرج صورة وبصريات، وهناك مخرجين يمتلكون موهبة تصميم التعبير الحركي والرقص وهناك من لديهم قدرة على تصميم التعبير الحركي فقط داخل إطار درامى يتم تحديده والأمر ليس له قواعد ثابتة.
 - حصدت عدة جوائز في المهرجان التجريبى عن عرض «ياسم « نود التعرف عن هذه التجربة ؟
«ياسم « عرض رقص شرقي يناقش قضية التحرش وتاريخ المرأة المصرية حتى العصر الحديث، وكان لدى تحدى فى استخدام مفردات الرقص الشرقي فى إطار معاصر ووضعه فى قالب مختلف عما نراه منذ سنوات طويلة، وبالأخص طريقة تناول الرقص الشرقي التي لها علاقة بالإثارة والإغراء أو الاحتفال، وقمت باستخدام مفرداته لأبعث مفردات أخرى أكثر جدية، فأنا أشعر بالفكرة وأؤمن بها وأعمل عليها كثيرا لتخرج بشكل متميز.


رنا رأفت