المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (11) الجامعة العربية الفلسطينية تهاجم يوسف وهبي

المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (11) الجامعة العربية الفلسطينية تهاجم يوسف وهبي

العدد 689 صدر بتاريخ 9نوفمبر2020

النجاح الذي حققته فرقة رمسيس في رحلتها إلى فلسطين في صيف عام 1932، جعل أغلب المتعهدين في فلسطين، يتنافسون على الاتفاق مع يوسف وهبي وفرقته للعرض في المدن الفلسطينية في العام التالي، ونجح المتعهدان «داود عمر الدجاني، ومحمود العكرماوي» في الفوز بهذا الإنجاز، وبدأت الدعاية، ونشر الإعلانات في الصحف والمجلات الفنية في مصر وفلسطين، عن قيام فرقة رمسيس برحلة إلى فلسطين، لإحياء خمس عشرة حفلة مسرحية في القدس، ويافا، ونابلس.
وفي منتصف مايو، أرسل مراسل مجلة «الصباح»، رسالته الأولى عن نشاط الفرقة من القدس، قال فيها: إن فرقة رمسيس وصلت إليها وبدأت حفلاتها على مسرح سينما «سيون» أول مايو برواية «بنات اليوم»، وأن الإقبال عليها كان أكثر من المعتاد. وقد فات الكثيرون مشاهدة أكثر مشاهد الفصل الأول؛ لأن متعهدي الحفلات أعلنوا أن موعد رفع الستار في التاسعة والنصف في حين أن الفرقة رفعت ستارها في التاسعة تماماً، وقد أشاد كاتب الرسالة بقوة الرواية واتقان تمثيلها، وامتدح السيدة «علوية جميل»، والآنستين «أمينة رزق وفردوس حسن» في دوريهما، وقال إنه كان يفضل لو سُميت الرواية «آباء اليوم» أو «ضحايا الرجعية». وقال إن الأستاذ أحمد علام لم يرض الجمهور كعادته في كل أدواره، ولعل السر في هذا أن الدور كان أقل من كفاءته. ومثلت الفرقة في اليوم التالي رواية «الهادي»، التي تفضل كاتب الرسالة فنسب شدة الإقبال عليها إلى ما نشرته عنها الصباح من الدعاية الطيبة. وفي الليلة الثالثة مثلت الفرقة رواية «بيومي أفندي» فلم يكن نجاحها أقل من نجاح الحفلتين السابقتين. وقد قامت الفرقة إلى يافا، وجاءنا من يافا إنها ستمثل على مسرح سينما «أبولو» الثلاث روايات نفسها التي مثلتها في القدس، ثم تبرحها إلى عمّان لتمثل حفلتين، فنابلس حفلة واحدة، فحيفا ثلاث حفلات.
يوسف وهبي المتهم
هذا ما كتبته الصحف المصرية بصورة إجمالية، أما الصحف الفلسطينية، فكان لها منظور آخر مختلف!! فجريدة «الجامعة العربية» في أواخر أبريل 1933، نشرت مقالة بتوقيع «شاب فقير» عنوانها «فرق التمثيل علق يمتص الدماء»!! قال فيها هذا الشاب: وزعت في القدس إعلانات جاء فيها إنه سيصل قريباً إلى القدس بطل التمثيل في عالم الشرق، والممثل النابغة يوسف بك وهبي لإحياء بعض ليالٍ للتمثيل في فلسطين. وشاهد الذين اشتركوا في مهرجان النبي موسى شخصاً يحمل صورة زيتية كبيرة ليوسف بك وهبي .... ونحن لا نقصد فيما نكتب، يوسف بك وهبي بشخصه، وإنما نقصد رجال الجوقات التمثيلية والغنائية، الذين ينهالون في كل سنة على فلسطين لأخذ ما في جيوب الأهلين من أموال! وأذكر أن الصحف العربية الفلسطينية في مثل هذا الوقت من كل عام حينما تتوارد الجوقات إلى فلسطين، تحمل على هذه الجوقات وتطلب منها أن تكف أذاها، وأن تجد لها مسرحاً غير فلسطين التعيسة الفقيرة لتمثل عليه أدوارها؛ لأن الأهلين يقاسون من الفقر وشظف العيش ما الله به عليم. أفلا يكفيها ما تعانيه فلسطين من بؤس وشقاء حتى تأتي هذه الفرق التمثيلية والجوقات الغنائية لتسطو على آخر فلس في الجيوب! وقد كان بودي ألا أكتب هذه الكلمة، لأنني على يقين من أن الأهلين الفقراء لا يملكون خبزاً يقتاتون به فضلاً عن الذهاب لحضور الروايات التمثيلية. ولكنني كتبتها لأبين للناس مبلغ تهافت هذه الجوقات على ابتزاز الأموال دون النظر إلى حالة الأهلين المادية».
وبعد عدة أيام قامت الجريدة نفسها بنشر رد على ما كتبه هذا الشاب، وكان الرد بتوقيع «شاب من القدس»، قال فيه: « لقد تلوت أمس الكلمة التي بعث بها إليكم «شاب فقير» عن فرق التمثيل، وأنني ألفت نظره إلى الأمور التالية: (1) إن فرقة يوسف بك وهبي لم تأت إلى القدس من تلقاء نفسها، وإنما اتفق معها بعض المتعهدين لقاء مبلغ من المال يدفعونه لها، على أن تمثل ثلاث ليال في القدس، وليال أخرى في يافا وحيفا. (2) لا ينكر أحد أن صالة التمثيل هي مدرسة الشعب، وأن هذا الفن نال عناية جميع دول أوروبا وعطفها، وكذلك مصر، التي تدفع سنوياً مبلغاً لا يستهان به كإعانات للفرق التمثيلية. (3) كان يجدر «بالشاب الفقير» أن يحمل على المتعهدين لا على فرقة يوسف بك وهبي. فلقد بلغني أن هؤلاء المتعهدين قد رفعوا أسعار تذاكر الدخول إلى درجة يتعسر معها للشبان أن يحضروا التمثيل. وكان يجدر بهم أن يخفضوا من أثمان التذاكر، وبذلك يتضاعف عدد الذين يريدون شهود التمثيل. وأرى أنه يجب على الصحف أن تحمل المتعهدين على تخفيض أثمان التذاكر. وأرجو أن تثقوا ويثق القراء، بأنه لا ناقة لي في الموضوع ولا جمل، وأن ما حملني على كتابة هذه الكلمة إليكم هو الغيرة على التمثيل والحرص على سمعته. ختاماً أعود فأقول للمتعهدين بأنه يجب عليهم ألا يجعلوا أسعار التذاكر عالية. وأنني على يقين من أن الشاب الفقير لم يكتب كلمته، ولم يهاجم الفرقة، إلا لأن أسعار الدخول عالية جداً، والسلام عليكم».
واضح أن جريدة «الجامعة العربية» أرادت بنشر خطاب الشاب الفقير والرد عليه، منع يوسف وهبي وفرقته من الحضور إلى فلسطين؛ ولكنها فشلت! فقررت تكرار المحاولة؛ ولكن بأسلوب آخر من خلال المزايدة على وطنية يوسف وهبي وموقفه من مشروع «صندوق الأمة». وهو مشروع بدأ في الظهور عام 1931، ونشط قبيل حضور فرقة يوسف وهبي في عام 1933، والغرض من الصندوق إنقاذ أراضي فلسطين بعدم بيعها إلى اليهود أو امتلاكها من قبلهم بمساعدة الصهاينة والاستعمار البريطاني! والمقالة المنشورة كانت بعنوان «فرقة رمسيس وصندوق الأمة»، وأهم ما جاء فيها، هذه العبارات: «... إن الحالة تتطلب الإسراع لأن الأراضي أخذت تتسرب بكثرة إلى اليهود، الذين نشطوا في المدة الأخيرة لاستخلاص الأراضي العربية من أيدي أصحابها العرب ..... ويجب أن ينشط الجميع إلى معاضدة هذه الشركة الوطنية .... إن الأجواق العربية التي تصل إلى فلسطين وتأخذ من أموالها ما تأخذ، لم تتقدم إلى مساعدة صندوق الأمة وشركة إنقاذ الأراضي وغير ذلك من المشاريع الوطنية. وبهذه المناسبة علمنا أن حضرة الممثل العالمي الشهير يوسف بك وهبي سيصل إلى مدينة يافا في هذين اليومين وسيحيي فيها عدة ليال تمثيلية. لذلك ولاعتقادنا بأن يوسف بك وهبي من الذين يغارون على المشاريع الوطنية فإنه ولا شك سيتقدم إلى مساعدة هذه المشاريع مادياً وعن طريق فنه العظيم».
وجاء يوسف وهبي، ونجحت عروضه، ولكن جريدة «الجامعة العربية» ظلت تهاجمه حتى وصلت في هجومها إلى الإشارة الضمنية إلى عدم وطنيته وميله إلى اليهود، قائلة تحت عنوان «فرقة رمسيس في تل أبيب»: ذكرنا من قبل « لعل السيد يوسف وهبي أو متعهديه يتبرعون لصندوق الأمة من الأموال التي سيأخذونها من فلسطين الفقيرة إلى غيرها من بلاد الله التي تنعم بالثراء والعز والمجد. وها هو قد أقام عدة ليالٍ في القدس ويافا فلم يتقدم ولم نسمع أن غيره تقدم وتبرع لهذا الصندوق، بل إنهم «سحبوا» فلوس الأمة من جيوبها وانسلوا في ظلام الليل ..... هذا من جهة وأما من جهة ثانية فإننا علمنا بأن رجال الماسون قد ضمنوا يوسف بك وهبي لإحياء ليلتين لحساب المحفل، الذي يرأسه الدكتور مصطفى بك فخري، وأن الضامنين ويوسف بك سيحيون هاتين الليتين على مسرح المغربي في تل أبيب. فنحن ليس لنا اعتراض من جهة وجودهم على مسارح تل أبيب بقصد الاستفادة من اليهود!! ولكن الذي نعترض عليه هو ما إذا كان الضامنون سيعرضون تذاكر الدخول على العرب».
يوسف وهبي الوطني
في العام التالي 1934، سافرت فرقة رمسيس إلى فلسطين كعادتها، وعرضت مسرحياتها، وأجمع مراسلو مجلة «الصباح» المصرية في حيفا والقدس ويافا في رسائلهم على أن الحفلات التي أقامتها فرقة رمسيس صادفت إقبالاً كبيراً من الجماهير، وقد امتنعت الفرقة عن التمثيل في مسارح اليهود، تكذيباً للإشاعات التي راجت عن أن متعهدي الحفلات من الإسرائيليين! ومثلت الفرقة رواياتها في الهواء الطلق على مسارح وقتية، شُيدت لها بصفة خاصة!! كما أكد المراسلون أن الفرقة ستمثل ثلاث حفلات على مسرح «المعرض العربي» الخاص في القدس، ثم تسافر إلى حيفا لتمثل بها رواية «خفايا القاهرة» .. هذا هو مُجمل ما أخبرتنا به الصحف المصرية عن رحلة الفرقة عام 1934. 
اتهامات متتالية
أما بالنسبة للصحف الفلسطينية، فقد ظلت جريدة «الجامعة العربية» تهاجم يوسف وهبي وفرقته، وتتهمه بعدم الوطنية، وأنه ينحاز إلى اليهود غير الوطنيين، على حساب الوطنيين من المسلمين والمسيحيين!! وجاءت الجريدة بأدلة على ذلك، مثل قيام الفرقة بالاتفاق مع مسارح اليهود وفي مناطق اليهود، ولا تتفق مع مسارح العرب، وهذا يحدث أثناء إقامة «المعرض العربي في القدس»، في التوقيت نفسه لإقامة «المعرض الصهيوني»!! هذه هي مجمل الاتهامات التي وجهتها الجريدة ليوسف وهبي وفرقته، والتي نشرت تفاصيلها من خلال رسالتين تحت عنوان واحد هو «يترك مسرح المعرض العربي ويمثل على مسرح يهودي»! ونشرتهما الجريدة في إبريل 1934. ولأهمية الرسالتين – توثيقاً وتاريخاً - سأنقلهما هنا!
جاء في الرسالة الأولى، الآتي: علم القُراء مما نشرته الصحف المصرية منذ نحو ثلاثة أشهر، أن الأستاذ يوسف أفندي وهبي مدير فرقة رمسيس التمثيلية في مصر قد اعتزل التمثيل. وقد أثار هذا الممثل ضجة كبرى قبل إعلانه اعتزال التمثيل فحث بعض الأقلام تطلب على صفحات الجرائد إنصاف المسرح المصري المظلوم، ولما لم يجد من الحكومة عناية وآذاناً صاغية أعلن عن تصميمه النهائي على اعتزال التمثيل احتجاجاً على موقف الحكومة المصرية موقف العداء من المسارح المصرية وموقف المشجع للمسارح الأجنبية. ونذكر إنه أذاع بياناً على الناس يودع فيه المسرح وداعاً لا لقاء بعده ويشكر الذين عاضدوه وشجعوه في فنه التمثيلي ولمّح إلى السبب الذي من أجله اضطر إلى اعتزال التمثيل. وحزن أناس .. وشمت آخرون .. وتفرق أعضاء الفرقة تحت كل كوكب .. وانتشروا في الأرض يبتغون من فضل الله .. وأسدل الستار على هذه الفرقة وكادت تصبح نسياً منسياً. ولكن ما لبثنا أن أخذنا العجب حينما وجدنا في شوارع القدس وأزقتها أوراقاً صفراء وخضراء وحمراء، فيها رسم الأستاذ يوسف وهبي .. وفيها أيضاً أنه سيصل إلى القدس في الأسبوع القادم ليمثل على مسرح سينما أديسون اليهودي روايتين تمثيليتين. وسرعان ما لفت نظرنا أمران: الأول لماذا عاد يوسف أفندي وهبي إلى المسرح بعد أن طلقه ثلاثاً؟ والثاني لماذا يقبل مع المتعهد على أن يمثل على مسرح يهودي في الوقت الذي يكون فيه المعرض العربي فاتحاً أبوابه للزائرين من كافة أنحاء الشرق الأدنى، وفي الوقت الذي أعدت إدارة المعرض العربي مسرحاً فخماً للممثلين والممثلات والمغنيين والمغنيات؟ فهل من يفسر لنا السبب في قدوم الأستاذ يوسف وهبي إلى القدس في أيام المعرض العربي، فلا يمثل على مسرح المعرض العربي، وإنما يمثل على مسرح يهودي صرف! نحن لا نلقي التبعة على متعهد حفلاته لوحده .. وإنما نلقي التبعية على الممثل نفسه. إذا كان أقل ما يجب عليه أن يعرفه هو أن في القدس معرضاً عربياً سيفتح أبوابه في 11 نيسان، وأن من الخير له – من الوجهة الأدبية والمعنوية بصرف النظر عن الوجهة المادية – أن يمثل على مسرح المعرض العربي. هذه كلمة بريئة نقولها، إذ يهمنا كما يهم كل عربي أن نشاهد الأستاذ يوسف وهبي العربي ابن العربي، يمثل على مسرح عربي، في معرض عربي ويحضره جمهور عربي! فلقد آن لنا أن ندافع عن كرامتنا القومية كما آن لضيوفنا أن يحافظوا على هذه الكرامة لا أن يجرحوها في كل مناسبة. وفي التلميح ما يغني عن التصريح».
وجاء في الرسالة الثانية التي نشرتها جريدة «الجامعة العربية» في اليوم التالي، الآتي: « أخذ الناس هنا يلوكون إشاعة مؤداها أن قدوم يوسف أفندي وهبي الممثل المصري المتقاعد إلى القدس هو بقصد مقاومة المعرض العربي. وغير خاف على الناس أن كثيراً من الهيئات الأجنبية أخذت تقاوم المعرض بشتى السبل والوسائل، منها حمل بعض الصحف العربية على السكوت عن الدعاية للمعرض العربي، وقد لحظ الناس بجلاء كيف أن بعض الصحف أهملت أمر هذا المعرض كأنه في مدينة غير القدس وفي قطر غير فلسطين وأيقنوا أن في الأمر سراً دفيناً وليس من المستبعد أن يكون لقدوم هذا الممثل علاقة بما أسلفنا من نكاية بالمعرض العربي. وإلا فما الذي يمنع يوسف أفندي وهبي من الإصرار على التمثيل على مسرح عربي. لقد أصيبت البلاد بتخمة الأجواق التمثيلية والغنائية في هذا الشهر، وأخذوا يؤولون سبب هذه التخمة تأويلات شتى وإلا فما معنى أن تأتي إلى فلسطين خلال شهر واحد أكثر من أربع جوقات تمثيلية وغنائية، وهو الشهر الذي يجري فيه افتتاح المعرض العربي وافتتاح المعرض الصهيوني أيضاً، وفي الوقت الذي خرج فيه الأهلون – لا فرق بين مسلمين ونصارى – من أعيادهم القومية والدينية وأنفقوا مبالغ لا يستهان بها في هذه الأعياد؟؟ ليست أموال أهالي فلسطين مبعثرة في الطرقات حتى تأتي هذه الجوقات إلى البلاد فتلمها دون وازع ولا محاسب، كما أن البلاد قد التهت بمصائبها وبما يمثل على مسرحها السياسي من روايات حقيقية تدمي القلوب وتبعث الآهات من الصدور. أما أن يأتي الممثلون والمغنون إلى عقر بيوتنا ويطعنون كرامتنا في الصميم وهم ضيوف علينا فهذا ما لا نقره بأية حال من الأحوال، وما نطلب من شبابنا وهيئاتنا الوطنية تداركه والعمل على معالجته. أنا لا أقصد التحامل على يوسف أفندي وهبي أو غيره من الممثلين والمغنيين ولكنني أقول إن على الضيف حقوقاً يجب عليه أن يراعيها، ونحن لم نكن لنتعرض له لولا إنه أراد أن يمثل على مسرح يهودي فيطعن بذلك الكرامة العربية في الصميم. كما أننا لم نكن لنتعرض له لو لم يكن في القدس مسرح فسيح فخم هو مسرح المعرض العربي الذي يمكن الاتفاق معه. فعسى أن يغار يوسف أفندي وهبي بعد الآن على الكرامة العربية في فلسطين الذبيحة، ويغير موقفه الذي صادف استياء عظيماً من الجمهور العربي. وإنا لمنتظرون».
هجوم جريدة «الجامعة العربية» كان له تأثير بلا شك، بدليل أن «داود عمر الدجاني» متعهد حفلات فرقة يوسف وهبي، أرسل رداً للجريدة فنشرته، وفيه قال: إن كاتب الرسالتين « تحامل عليه دون مبرر. وأن له عذراً مشروعاً في الاتفاق مع سينما أديسون لتمثيل روايات يوسف وهبي عليه، وأنه أحرص ما يكون على المحافظة على كرامة العرب، وأن للضرورة أحكاماً»!!
إعلانات غريبة
بعد هجوم الجريدة على فرقة يوسف وهبي، وعلى متعهد حفلاتها، الذي أقرّ أن عروض الفرقة ستكون على مسارح يهودية، وذلك للضرورة!! وهي الضرورة نفسها التي جعلت الجريدة تحتكر – تقريباً - إعلانات فرقة رمسيس وصاحبها يوسف وهبي، التي كانت تصفه في إعلاناتها ببطل التمثيل العالمي تارة، وبنابغة التمثيل تارة أخرى!! ففي منتصف أبريل 1934 نشرت الجريدة إعلاناً قالت فيه: « بطل التمثيل العالمي الأستاذ يوسف وهبي يُحيي 6 حفلات فقط في 17 و20 نيسان في حيفا على مسرح سينما عين دور، وفي 18 و19 نيسان في القدس على مسرح سينما أديسون، وفي 21 و22 نيسان في يافا. احجزوا محلاتكم من الآن. القدس – حيفا: المتعهد داود عمر الدجاني، مكتب تيودور أصطفان أمام دائرة البريد توفيق الزعبلاوي – ساحة الجرينة».
وبعد أربعة أيام من هذا الإعلان، نشرت خبراً بعنوان «نابغة التمثيل الأستاذ يوسف وهبي»، قالت فيه: « يصل اليوم الأربعاء من حيفا حضرة نابغة التمثيل الأستاذ يوسف وهبي مع فرقته الشهيرة «رمسيس». ويمثل على مسرح سينما أديسون في هذا المساء الرواية المشهورة «الدفاع». فنحث الجميع على اغتنام هذه الفرصة السانحة، وحضور حفلتي الأستاذ يوسف وهبي اللتين لا تجود الأيام بمثلهما كثيراً».
وبعد يومين نشرت الجريدة خبراً بعنوان «فرقة رمسيس في حيفا»، قالت فيه: « تمثل فرقة رمسيس غداً الجمعة على مسرح سينما عين دور في حيفا رواية «بنات الذوات»، وهي إحدى روايات الأستاذ يوسف بك وهبي الشهيرة. ولا نشك في أن الإقبال على هذه الرواية سيكون عظيماً كما كان الإقبال على رواية «الدفاع»، التي مثلت في حيفا والقدس، وعلى رواية «خفايا القاهرة» التي ستمثل في هذه الليلة، فنحث عشاق الفن على اغتنام هذه الفرصة السانحة».
وأخيراً وجدنا الجريدة، تنشر إعلاناً عن عروض فرقة رمسيس في «المعرض العربي بالقدس» وعلى مسرحها العربي الوطني، وهو الإعلان الذي أثبت أن الجريدة كانت تتهم يوسف وهبي بما ليس فيه!! ونص الإعلان المنشور، يقول: « يوسف بك وهبي على مسرح المعرض العربي 24، 25، 26 نيسان 1934 «بنات الذوات، العدالة، الدفاع، أولاد الفقراء». معرض، تمثيل، موسيقى، مهرجان ألعاب نارية، ليالي عز وأنس وطرب. تطلب تذاكر المسرح من شبابيك المعرض 20 قرشاً درجة أولى، و15 قرشاً درجة ثانية. لا تطلب تذاكر المعرض ممن يحمل تذكرة تمثيل معرضكم فخركم – كل شيء فيه منكم وإليكم».


سيد علي إسماعيل