المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872) (2-3)

المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872) (2-3)

العدد 687 صدر بتاريخ 26أكتوبر2020

السيد يعقوب صنوع: المسرح العربي كجزء من الثقافة الخديوية في الفترة من 1871 حتى 1872
طبقا لكل الروايات وسيرا مع كل الاحتمالات فقد تم تقديم أول عرض مسرحي عام باللغة العربية من قبل فرقة مسرحية حديثة في مكان ما في القاهرة في 8 يوليو 1871 أمام جمهور كبير.أشارت صحيفة  الجوائب التركية أن سكان القاهرة  اختاروا رواية يقال لها “القواس” وهي من تأليف كاتب انجليزي ، على الرغم من حقيقة أنه كانت هناك  مسرحيات عربية بيروتية بين أيديهم.55 في السابع والعشرين من يوليو قامت فرقة لم يتم اطلاق مسمى لها بأداء هذه المسرحية أمام الخديو اسماعيل في قصر النيل حيث كان يوجد مسرح خاص. بدأ الممثلون مسرحيتهم بقصص قصيرة بالعامية المصرية  كتبها الخواجة جيمس  (السيد جيمس)  أو يعقوب , أعقبها عرض مسرحيتين أطول وأكثر أناقة هما, البخيل لموليير  والجواهرجي من تأليف بعض الشبان المصريين .56 تم تنظيم تلك الأمسية  تحت إشراف جمعية تأسيس التياترات العربية أو (جمعية تأسيس المسرحيات العربية). لم يأت أحد على ذكر أي من أعضاء تلك الجمعية في الصحافة سوى الخواجة يعقوب. لا يوجد دليل ما إذا كان أعضاء الجمعية هم أنفسهم أعضاء فرقة المسرح التي قدمت العروض. قد يكون الهدف من عرض وأداء تلك الأمسية أمام الخديوي هو الإجابة على هذا التساؤل: “هل يتحلى المسرح المعرب بما يكفي من الأناقة والبلاغة ليتم تضمينه في فنون الدولة الخديوية؟ أو هل يستحق الأمر كل هذا العناء؟
في أكتوبر 1871 ، تم عرض أفلام كوميدية  وكانت عبارة عن  أوبريتات قصيرة باللغة العربية مرة أخرى لكن  هذه المرة في حديقة الأزبكية .57 كما تم في نفس الوقت  عرض أوبرا عايدة للإيطالي فيردي والتي كانت بمثابة  المشروع الثقافي الرئيسي للخديوي إسماعيل وذلك لأول مرة في 24 ديسمبر 1871 في دار الأوبرا. بالتوازي مع هذا المنتج الإيطالي للخديوي وبحلول يناير 1872 أصبح المسرح العربي في الأزبكية معروفا ومشهورا  بين المصريين ، 58 لكنه توقف بعد ذلك لبعض الوقت. أفادت صحيفة الجوايب التركية أنه في شهر مارس كلف الخديوي إسماعيل السيد جيمس أو يعقوب صنوع بالقيام بترتيبات إنشاء المسرح العربي  الذي خطط لإعادة افتتاحه في  الأول من شهر صفر 1289 هجرية الموافق العاشر من  أبريل عام  1872في حديقة الأزبكية. 59 وبحلول شهر أبريل  كان المسرح العربي (الملحّة العربي) معروفا بالفعل بين “الناس من العامة  والمثقفين ومن مختلف الطبقات الاجتماعية” وقد بدأ الأداء على خشبته  برقصات كانت تؤديها فتيات لبنانيات واستمر المسرح بعد ذلك  بدونهن . استعدت الفرقة للأداء على خشبة المسرح الكوميدي الفرنسي في الثاني والعشرين من  أبريل وقد كانت أول مناسبة لأداء عربي هناك .60 كانت حديقة الأزبكية مزدحمة في ذلك الشهر بسبب شائعات بأن  الدخول لن يكون مجاني بعد ذلك وأن التذاكر ستحل محل نظام الدخول المجاني. 61 في مايو ذكر الإعلان الدرامي العربي عن قيام فرقة العرب الأن بعرض المسرحية المعروفة باسم “ليلى” ، للطالب الأزهري محمد عبد الفتاح المصري على “المسرح العربي” أو) التياترو العربي) في حديقة الأزبكية 62. يشكر المؤلف في مقدمة هذه الدراما (مطبوع تحت العنوان نزهة الأدب في شجاعة  العرب المبهجة للعيون الذكية في حديقة الأزبكية)  صديقه “المخرج المحترم جيمس “لنصيحته. كما يشيد بجيمس كرائد ويهدي المسرحية لوزير المالية إسماعيل باشا صديق .63
أدت فرقة السيد يعقوب مسرحية “ ليلى” مرتين على الأقل في يونيو / أو يوليو 1872. ربما كان الأداء الأول جزءًا من حفل افتتاح الحديقة .64 أفادت صحيفة وادي النيل  أنه في مسرح السيد يعقوب “اعتقد الجمهور أن الممثلين قد قاموا بقتل بعضهم البعض بالفعل خلال العرض ، وعندما تمت عملية طمأنتهم بالعكس ، طالبوا الممثلين بالظهور مرة أخرى. 65 هذا هو آخر تقرير معاصر متاح عن مسرح السيد يعقوب.66. وهكذا يثبت بالدليل أن الخديوي إسماعيل قد كلفه بتنظيم مسرح وإنشائه في حديقة الأزبكية وأنه كان نشطا ومارس عمله في ذلك المسرح بين يوليو 1871 ويوليو 1872
أنسي يقوم بهجوم مضاد
يمكن استرجاع رد فعل واحد غير مباشر على فرقة السيد جيمس (يعقوب) من جانب المثقفين المصريين الذين كانوا يبدون اهتماما حقيقيا بالمسرح. في الواقع ، يعد هذا عرض منافس لإدخال مسرح اللغة العربية ضمن الفنون التي ترعاها الدولة الخديوية. جاء هذا الرد من جانب الصحفي محمد أنسي، الذي كان أول من طالب بعروض مسرحية  بالعربية وذلك  لأول مرة في عام 1870. ففي جريدته ، وادي النيل ، كان أنسي يدعم السيد يعقوب وذلك في صيف عام 1871،67 ولكن يبدو أن هذا الموقف قد تغير.  كما أظهر سادجاروف Sadgrove ، في مارس عام 1872 ، قدم أنسي مع المعلم لويس فاروجيا عريضة باللغة الفرنسية  عبر وسيط هو دارنيت باشا( Draneht Bey)  وتم تقديمها  إلى أحمد خيري باشا ( 1824-1886) وكان كاتب سر الخديو ثم أصبح ، الموهوردار (حامل الفقمة أو ختم الخديو، السكرتير الشخصي) للخديوي إسماعيل. احتوت على مشروع مفصل لإنشاء مسرح مصري عربي ملحق بمدرسة. وأكد ، ربما ملمحًا إلى السيد جيمس ، أن “التجربة لم تحقق نتائج جيدة” ، وأشار إلى أن أنسي هو الذي صاغ فكرة تعريب المسرح في الأصل. كانت هذه الرؤية للمسرح جنبًا إلى جنب مع المدرسة مشابهة لاقتراح العميل Z  عام 1871، ولكنها اختلفت عنه في اقتراح استخدام اللغة العربية الأدبية ومجموعة أدب العصور الوسطى كمصدر للمسرح. تم وضع تصورا أن تكون  هذه المؤسسة تحت إدارة دارنيت باشا مثلها في ذلك مثل  جميع المسارح الخديوية الأخرى. من الصعب أن نفوت أو نهمل في مشروع أنسي  رغبة المثقف في تشكيل الثقافة العربية المصرية الرسمية وفقًا لذوقه الخاص. 68لم يكن مثيرا للاندهاش أن يحظى هذا العرض بدعم دارنيت باشا. لكن ترى من كان السيد جيمس (يعقوب)؟
السيد جيمس والسيد يعقوب صنوع
في قضية تحديد هوية السيد جيمس ، أرى أنه هناك خياران لا ثالث لهما. الأول هو القبول بأنه كان إنجليزيا قام بتأليف المسرحيات العربية وتمثيلها على خشبة المسرح  في القاهرة في الفترة من عام 1871وحتى 1872، وقد كلفه الخديوي إسماعيل بإدارة المسرح العربي في حديقة الأزبكية. نظرًا لاستخدام الباشا مرارا وتكرارا للأجانب  والاستعانة بخبراتهم  ففي هذه الحالة لا يعتبر هذا السيناريو  أمر لا يمكن تصوره. في هذه الحالة أيضا ، يجب أن نستنتج أن رجلًا إنجليزيًا ترأس أول مسرح رسمي ناطق بالعربية في مصر.69
أما الخيار الثاني هو أن السيد جيمس كان هو جيمس سانوا أو يعقوب صنوع. ويمكنني القول أنه لدي ثلاث حجج تدعم هذا الخيار. أولاً ، تم ذكر اسم جيمس سانوا  أو يعقوب صنوع في مقالة فرنسية عن مصر كمؤلف لخمس مسرحيات عربية ومدير المسرح العربي في مصر في 11 مايو 1872. تم نشر ملخص عربي لهذا المقال الفرنسي المنشور في صحيفة الجوايب التركية معربة عن  أملها في أن يقوم الخديوي بتقديم الدعم للرائد يعقوب صنوع  مُدير التياترات العربية أو  (السيد جيمس سانوا ، مدير المسرح العربي) 70. إما أن جيمس وجيمس سونوا كانا هما نفس الشخص ، أو أنه كان هناك فرقتان مسرحيتان عربيتان في القاهرة في مايو 1872.
ثانيًا: في هذه السنوات تمت الإشارة إلى صنوع باسم “جيمس” James  (وبالعربية المصرية  أيضا جيمس أو “Gems” وأحينا كان يطلق على نفسه السيد جيمس وكذلك يطلق عليه الآخرين هذا الاسم بدلاً من يعقوب ، اسمه الأصلي والاسم الذي عادة ما يتم ذكره في المنح الدراسية أو عند تناوله اليوم. أيضا ورد اسمه في شهادة من المنظمة الماسونية عام 1868 (La Concordia lodge) على أنه جيمس صنوع  “James Sanua” باللغة الإنجليزية و “Jacobum Sanua”  باللاتينية. 71 في عام 1869 نشر كتابًا باللغة الإيطالية تحت اسم James Sanua” “بعنوان العربي العجوز  L’arabo anziano (“” .72 ذكر أيضا  عبد الفتاح صديقه جيمس سانو بهذا الاسم في  في كتابه الأول الذي نشر عام 1869،و 1873وسانوا  أو صنوع يُدعى جيمس في مقال  نشر عام  1872 وذكر آنفا في جريدة  الجوايب التركية . نشر أيضا مسرحيات باللغة الإيطالية تحت اسم جيمس سانو “”  James Sanua في عام1875 تحت عنوان “الأرستقراطي السكندري” (L’aristocráa alessandrina)   وفي عام 1876 تحت عنوان “ زوج خائن”  (marito infedele)  . 74 وكتب اسمه باللغة العربية باسم جيمس صانوا Jams S¯an¯uw¯a”” وذلك في  ربيع عام 1878 كما أشار صنوع لنفسه بلقب الخواجة جيمس. 75 يشكر أيضا صنوع الجمهور في مسرحية نشرت بعد وفاته  باسمه  “السيد. جيمس وباسم باقي الممثلين “. 76 لدينا فقط أدلة للفترة التي أعقبت عام 1877 على أنه استخدم اسما مستعارا وهو “أبو نضارة”  عند الكتابة باللغة الفرنسية أو العربية. 77 في أواخر عام 1879، قام” الأستاذ جيمس سانوا “بتحرير مجلة أبو نضارة في باريس. 78  كما أن جون نينت (John Ninet)، الذي كان يعرفه في مصر، أطلق عليه جيمس سانوا.79استخدم صنوع وعائلته اسم جيمس بشكل خاص فيما بينهم  .80 لكن بعد توحيد فيليب طرازي للتسمية في عام (1913) ,81بدأ الباحثون في استخدام يعقوب 82. وهذا مبرر جزئيًا لأن المسرحية الوحيدة المطبوعة بشكل منفصل في نهاية حياته المعنونة “ موليير مصر وما يقاسيه” المنشورة عام (1912) ، التي طبعها فيليب طرازي  مانحا المؤلف اسم  يعقوب صنوع ( Ya qub. S. an¯u ) في الصفحة المتصدرة للكتاب، على الرغم من أنه يشير في النص إلى نفسه على أنه “جيمس”.   83 لو كان صنوع قد عرف باسم بالسيد جيمس ، لكان محررو الجوايب وحتى وادي النيل المصري قد افترضوا أن الاسم يشير إلى رجل إنجليزي. تستند حجتي الثالثة إلى حقيقة أن صنوع أكد عدة مرات أنه أسس أول مسرح باللغة العربية في مصر. قدم صنوع نفسه في صدر واحد  من كتبه عام 1876 على أنه “أستاذ  اللغات وأعمال المسرح العربي” ، كم أنه وفي عام 1878وعندما كان لا يزال في مصر نعت نفسه ب”مؤسس التياترات العربية أي مؤسس المسرح العربي.”.84 غالبًا ما أشار لاحقًا باللغتين العربية والفرنسية إلى أنه دعا المصريين إلى المسرح  وحثهم عليه. 85 (على الرغم من أنه لم يذكر صراحةً أنه كان أول من يؤدي مسرحيات باللغة العربية في مصر) .86 تعلن الصفحة المتصدرة لمسرحية “موليير مصر” عنه مرة أخرى واصفة إياه على أنه  “مؤسس المسرح والمسرحيات العربية”. من غير المحتمل أن يكون صنوع قد استمر وأصر على مثل هذه التأكيدات العلنية باللغتين العربية والفرنسية إذا كان قد سبقه رجل إنجليزي أو نافسه في ذلك. كيف أصبح صنوع مهتما بالمسرح العربي وما الذي يستتبعه هذا الاهتمام؟
إعادة ضبط وتقويم البداية: السياق الإيطالي المصري
نعود مرة أخرى لنقطة البداية من أجل اكتشاف خلفية صنوع.  فطبقا لمذكراته لقد راودته  فكرة المسرح باللغة العربية خلال صيف عام 1870 من خلال مشاهدة الفرق الإيطالية والفرنسية .87 لقد ذكر في روايته أنه درس المسرحيات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية وقام على عجل بتدريب طلابه المصريين الشباب كأعضاء من فرقته العربية. على الرغم من أنه لم يذكر ذلك أبدًا ، إلا أن مسرحيته “ العربي العجوز “ L’arabo anziano “ المنشورة عام 1869 توضح علاقة وارتباط مسبق بالتهكم وتلمح فيها لسياقه وتوجهه الإيطالي.
لقد تم إهداء مسرحية “العربي العجوز”  لماركو دي موربرغو دي نيلما (Marco de Morpurgo di Nilma) وهو مصرفي يهودي في تريست والإسكندرية وذلك في 30 سبتمبر عام 1869. 89 نظرًا لأن والد صنوع كان يهوديًا من ليفورنو فقد تلقى صنوع تعليمه هناك ، وكان من الإيطاليين ممن يتمتعون بالحماية وكانت تلك اللغة هى  لغة المحفل الماسوني، وقد يكون للغة الإيطالية أهمية غير معترف بها حتى الآن في سنوات حياته الأولى. 90تعتبر تلك المسرحية  بالتأكيد مثال نموذجي للثقافة اليهودية الناطقة بالإيطالية في شرق البحر المتوسط: إنها بالتأكيد مثال نموذجي على الهجاء الإيطالي في مصر. يعتبر ذلك القناع الأدبي لـ “العربي العجوز” هو استمرار لخدعة أدبية محددة لاستخدام الموضوعات “العربية” في القصائد التي ظهرت بالفعل في الصحف الإيطالية بالإسكندرية في خمسينيات القرن التاسع عشر.91 تحتوي مسرحية العربي العجوز “ L’arabo anziano “ على قصائد وحوارين قصيرين بالإيطالية. يتم التعبير عن حب صنوع  لمصر في المقدمة حيث يقول “ أنا بحق أحب مصرنا” لكن الموضوع الرئيسي للقصائد هو توجيه النقد للدين.
يتعامل الحواران مع موضوعات حساسة. ففي الحوار الأول المعنون”خطاب نابليون الثالث - محادثة بين علي ومصطفى) ،حيث يناقش مصريان مسلمان الأخبار.  ويقرأ مصطفى مجلة بصوت عالٍ بينما ينصت على. يتسائلان عن هوية نابليون (الثالث) الذي ألقى خطابًا في مجلس الشيوخ وكشف أنه “محامينا” تلك  إشارة ساخرة إلى دور نابليون الثالث السابق في المفاوضات بين شركة قناة السويس والخديوي إسماعيل. الحوار الثاني بعنوان أمير ويلز–حيث يدور حوار  بين صالح ومحمد) مرة أخرى بين مصريين مسلمين. يسخر صالح ومحمد من أمير ويلز المحب للعصور القديمة (الذي زار مصر في فبراير ومارس عام 1869).92  كانت اللغة المستخدمة عامية إيطالية مع بعض التعبيرات من العامية المصرية. ليس من الواضح من مثل مصدر الفكاهة: الأوروبيون أم المصريون أم كلاهما.
لا تظهر بوضوح علاقة هذا الكتاب الإيطالي الصادر عام 1869 بإلهام صنوع  المفترض للمسرح العربي في العام المقبل .ليس هناك ما يشير إلى وجود نوايا مسرحية ويشير استخدام الحواشي إلى أن النصوص القصيرة قد كتبت لتقرأ. على الرغم من أن الحوارين لم يكونا مشاهد  كوميدية بشكل كامل إلا أنهما يقدمان دليلاً على موهبة مسرحية واعدة. 93  حتى لو كان إلهام صنوع المباشر للمسرح العربي قد نشأ عن مشاهدة الأوروبيين الزائرين الغربيين فقد كان بالفعل محنكًا في كتابة الحوار. توضح مسرحية “ العربي العجوز” أن الوسط الاجتماعي المنحدر منه صنوع كان من الطبقة شبه البورجوازية المختلطة الناطقة بالإيطالية في القاهرة التي اعتبر أعضاؤها أنفسهم مصريين.
عرض للخديوي
من فكرة الإحياء والتجديد المذكورة أعلاه ، أفهم مبادرة صنوع العربية على أنها محاولة من قبل فرد محلي الولادة لا ينتمي إلى الجماعات المهيمنة لإعادة صياغة نفسه كممثل لمجتمع سياسي جديد في إطار دولة جديدة. كما أزعم أن خيال صنوع وتصوره  لهذا المجتمع السياسي المثالي في هذه الفترة في القاهرة الممتدة من 1968 حتي 1872بقدر ما يمكن إعادة بنائه كان وحدة ثقافية غير دينية انضم فيها الحاكم المصري العثماني إلى المصريين غير المسلمين والمسلمين مستمتعين بفرحة المسرح العربي الحديث.
أراد صنوع الوصول إلى الخديوي مباشرة. ووفقًا لروايته لم يتواصل مع ولم يتقرب  من دارنيت باشا الذي كان مشرفا على المسارح الخديوية آنذاك ولكنه بدلاً من ذلك تقرب من أحمد خيري باشا (نفس الشخص الذي سيتم إرسال اقتراح أنسي إليه) وقد كان حامل ختم الخديوي. قدم صنوع هذا العضو الشركسي الهام في النخبة المصرية العثمانية مع مخطوطة مسرحيته الأولى وقد كانت عبارة عن أوبريت باللغة العربية واللهجة المصرية. تمكن من فعل ذلك لأن خيري كان يعمل كمدرس لأطفال أحمد باشا يكن قبل إلحاقه بالبلاط 94 ، وبما أن يكن باشا قد قام على رعاية والإنفاق على تعليم صنوع في إيطاليا فلا بد أنهم كانا يعرفا بعضهما. يتذكر صنوع أيضًا أنه قبل العرض العام الأول قام الموسيقيون بعزف “النشيد الخديوي” ثم ألقى خطابًا يمدح فيه الخديوي إسماعيل. 95 أراد صنوع على ما يبدو إقناع الخديوي والجمهور بأن فرقته كانت مدفوعة بالعواطف والنوايا المخلصة. من الممكن أن تكون الفرقة قد تم دعمها من قبل خيري باشا ودعمت كذلك من خلال صدفتين أو حادثتين متزامنتين. تمثلت الأولي في افتتاح حديقة الأزبكية التي كانت تضم مسرحا صغيرا وأكشاك كمساحات أو فضاءات ترفيهية جديدة وفي الأول من شهر  يونيو عام  1871 بينما كانت لا تزال غير مكتملة.96حدد صنوع في مذكراته موعد العرض الأول والذي تم في  عام 1870 في “المقهى الموسيقي”  ولكن بغض النظر عن الموعد الذي  بدأت فيه الفرقة بتقديم عروض خاصة فإنه لم يكن من الممكن أن تكون قد بدأت عروضها العامة قبل شهر يونيو عام 1871 في هذا الفضاء.  لقد تم منح وعد للسيد إي جي روزنبوم A J. Rosenboom) ) قائد أوركستراالمسرح الكوميدي بمنحه امتياز هذا المسرح الجديد ، وفي أبريل من عام  1871 تم  اختياره وتسميته بـصاحب الحق النهائي والمدير المطلق للمكان.97 بحلول نهاية مايو ، أصبح روزنبوم مديرا للمسرح الموسيقي في حديقة الأزبكية حتى أنه كان له ترويسته الخاصة . وهكذا كان المسرح وحدة منفصلة بعيدة عن هيئة الإشراف التي كان يقبع دارنييت باشا على رأسها أو لم تكن  على الأقل واقعة تحت إشرافه المباشر .كانت المصادفة الثانية هي أن دارنيت باشا قد أمضى الصيف في إيطاليا وفرنسا من أجل انجاز الترتيبات الخاصة بعرض أوبرا عايدة وذلك خلال الفترة من أواخر أبريل حتى نهاية سبتمبر 1871. 98 وفي  أثناء غيابه احتفظ المهندس المعماري بيير جراند بك بمفاتيح المسارح الخديوية.99 لذا لم يكن لدارنيت باشا أي سيطرة أو سلطة مباشرة على أي شيء يحدث في القاهرة مهما كان هذا الشيء في هذا الوقت. إنه في هذا السياق حيث  ظهرت فرقة المسرح لأول مرة وقدمت عروضها وشاهدها الخديوي نفسه  في يوليو عام 1871. تمكن صنوع من الوصول إلى الحاكم مباشرة. ماذا وضعت الفرقة على المسرح؟ وما الذي قدمته تلك الفرقة؟
الهوامش:
(55) L’E´gypte, 9 July 1871, and L’Avvenire d’Egitto, as quoted in Tagher, “Les de´buts,” 206. Al-Jawa_ib only later reports on the “first night” of the theater, in its issue of 16 August 1871, 2. We can only guess which plays were sent from Beirut; those already in print included plays by Tannus al-Hurr (1863), al-Sayyid Salam Ramadan (1867), Ibrahim al-Ahdab (1868, 1870), Marun Naqqash (plays in Arzat Lubnan, 1869), Sa_d Allah al-Bustani (1870) (years indicate the dates of the published texts).
(56) Wadi al-Nil, quoted in al-Jawa_ib, 27 August 1871, 3; Sadgrove, The Egyptian Theatre, 98.
(57) L’Avvenire d’Egitto, 10 October 1871, quoted in Tagher, “Les d´ebuts,” 206.
(58) L’Avvenire d’Egitto, 4 January 1872, quoted in Tagher, “Les d´ebuts,” 206.
(59) Al-Jawa_ib, 28 March 1872, 2.
(60) Al-Jawa_ib, 11 April 1872, 2.
(61) Al-Jawa_ib, 17 April 1872, 2.
(62) Al-Waqa_i_ al-Misriyya, 7 May 1872, as translated in Sadgrove, “Leyla—The First Egyptian Tragedy,” 167–68; this article was also reprinted in Najm’s introduction to _Abd al-Fattah al-Misri, Lu_bat Layla, 1.
 (63) _Abd al-Fattah al-Misri, Lu_bat Layla, 3; Sadgrove, “Leyla—The First Egyptian Tragedy,” 164; idem, The Egyptian Theatre, 107–108.
(64) Sadgrove, “Leyla—The First Egyptian Tragedy,” 168; Ignaz Goldziher, “Jugend- und Strassenpoesie in Kairo,” Zeitschriften der Deutschen Morgenl¨andischen Gesellschaft 33 (1879): 608–30, esp. 609, n.3.
(65) Le Nil, 9 July 1872, quoted in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 108.
(66) Somewhat later texts that refer to this theater as James Sanua’s include: an article from Le Nil (1873), quoted in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 117; Jacques Chelley, “Le Moli´ere Egyptien,” L’Abou Naddara, 1 August 1906, 2–3, who quotes an article from the journal Ezbeki´e (publisher: Jules Barbier) of 1873 and an issue of the journal Karag¨oz (publisher: Jablin) of 6 May 1876; and Blanchard Jerrold, Egypt under Ismail Pacha (London: Samuel Tinsley, 1879), 216.
(67) Wadi al-Nil, quoted in al-Jawa_ib, 27 August 1871, 3.
(68) First published as appendix 3 to Sadgrove, The Egyptian Theatre, 186–95. It is in Carton 80, _Ahd Isma_il (old system), DWQ.
(69) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 97, believes that the author of the plays mentioned in al-Jawa_ib (16 August 1871, 2) was indeed an Englishman. 
(70) Al-Jawa_ib, 29 May 1872, 2. See also Sadgrove, The Egyptian Theatre, 107. 
(71) Ettm¨uller, The Construct, 63–64.
(72) James Sanua, L’arabo anziano (Cairo: Nouva Tipografia di P. Cumbo, 1869).
(73) Quoted in Sadgrove, “Leyla—The First Egyptian Tragedy,” 166.
(74) Published by Jules Barbier, quoted in Sadgrove, The Egyptian Theater, 119; _Abduh, Abu Nazzara, 214.
(75) Abu Naddara Zarqa_, no. 1 (25 March 1878): 4. He also authored an Egyptian Arabic phrase book for travelers in 1876 in which he transliterated his name as “Gems Sanua.” James Sanua, Petit souvenir de James Sanua aux voyageurs Europ´eens en Egypte (Cairo: J. Barbier, 1876), 14.
 (76) Al-Sadaqa, in Najm, Ya_qub Sannu_, 134.
(77) Sanua signed a letter in 1881 as Ab¯u Naz. z. ¯ara Bayd. ¯a_, published in Shmuel Moreh, “Ya_qub Sanu_: His Religious Identity and Work in the Theater and Journalism, According to the Family Archive,” in The Jews of  Egypt: A Mediterranean Society in Modern Times, ed. Shimon Shamir (Boulder, Colo.: Westview Press, 1987), 111–29, and Appendix C, “The Correspondence of Sanua,” 244–64, esp. 244. In this correspondence, Ibrahim al-Muwaylihi calls him James; Mahmud Zaki addresses him as al-Shaykh Ab¯u Naz. z¯ara; and Philip de Tarrazi in 1911 writes Shaykh. De Baigniers, despite often using his name as Abou Naddara in French, also employs James Sanua, for instance, in Album d’Abou Naddara, 9. Jamal al-Din al Afghani dedicated a photo to al-Shaykh Jams Ab¯u Naz.z. ¯ara, printed in _Abduh, Abu Nazzara, 13. Sanua introduces himself in English to Wilfrid Blunt as “your most humble servant James Sanua, surnamed Abou Naddara Zarka.” Letter dated 11 April 1883, from Sanua to Blunt, Box 54, Blunt Collection, West Sussex Record Office, Chichester.
(78) “An Arabic Punch,” The Saturday Review, 26 July 1879, 112; “Abou Naddarah,” The Academy, 30 August 1879, 158.
(79) Ninet, “Origin of the National Party in Egypt,” 127; and John Ninet, Au Pays des Kh´edives: Plaquettes
E´gyptiennes (Gene`ve: Imprimerie Schira, 1890), 32.
(80) Shmuel Moreh, “New Light on Ya_q¯ub Sanua’s Life and Editorial Work through His Paris Archive,” in Writer, Culture, Text: Studies in Modern Arabic Literature, ed. Ami Elad (Fredericton: York Press, 1993), 101–15, esp. 102.
(81) Filib di Tarrazi (Philip de Tarrazi), Ta_rikh al-Sihafa al-_Arabiyya, 4 parts in 2 vols. (Beirut: al-Matba_a al-Adabiyya, 1913, 1914, 1933), vol. 1, part 2, 282–86. In the entry Jar¯a_id Ab¯? Naz.z.¯ara, Tarrazi uses Ya_q¯ub S. an¯u_ (Jams S¯anuw¯a) al-ma_r¯uf bi-Ab¯? Naz. z. ¯ara, vol. 1, part 2, 254. Sanua was in contact with Tarrazi in early 1911 about his biographical entry in this book. Tarrazi’s letter and Sanua’s answer are printed in Moreh, “Ya_qub Sanu_: His Religious Identity and Work,” Appendix C, 259–262; and Moreh, “New Light on Ya_qub Sanua’s Life,” 104–105.
(82) In Arabic script, _Abduh calls him Ya_q¯ub binS. an¯u_, for instance, Abu Nazzara, 17; Najm uses Ya_q¯ub S. ann¯u_ in al-Masrahiyya, 77; Luqa prefers Ya_q¯ubS. an¯ua_ in Arabic (and “James Sanua” in French, in Anouar Louca, Voyageurs et ´ecrivains ´egyptiens en France au XIXe si`ecle [Paris: Didier, 1970], 153–78); _Anus uses Ya_q¯ub S. an¯u_. In English, Gendzier calls him “Ya_qub Sanu_,” Badawi, Moosa, and Levy use the fully transliterated Ya_q¯ub S. an¯u_; Fahmy uses Ya_qub Sannu_. In contrast, El Sa¨?d Atia Abul Naga in French (Les sources franc¸aises du th´eˆatre ´egyptien [Algiers: Soci´et´e Nationale d’Edition et de Diffusion, 1972], 75–107) and Sadgrove and Ettm¨uller in English mention him only as James Sanua.
(83) Ya_qub Sanu_, Mulyir Misr wa-ma Yuqasihi (Beirut: al-Matba_a al-Adabiyya, 1912).
(84) This was part of his signature in Abu Naddara Zarqa_, 25 March 1878, 4.
(85) Le Cheikh J. Sanua Abou Naddara Cha¨er-el-Mulk, “Ma vie en vers et mon th´eˆatre en prose” (a lecture held in 1902, published in 1912), republished in part as appendix 2, in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 172–85, esp. 184.
(86) Moosa asserts that Sanua came perhaps the closest to this claim in his play Mulyir Misr.Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 404, n. 5.
87 Sanua, “Ma vie,” in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 173. Khuri-Makdisi, The Eastern Mediterranean,
(67), based on Gendzier, The Practical Visions, 31, who gives no source for this information, states that Jamal al-Din al-Afghani advised Sanua on establishing the theater troupe as a means of “promoting radical ideas.” Al-Afghani during his first forty-day visit to Cairo in 1869 possibly did not meet Sanua. Nikki R. Keddie, Sayyid Jamal Ad-Din Al-Afghani: A Political Biography (Berkeley, Calif.: University of California Press, 1972), 81. When al-Afghani arrived for the second time in Egypt, in March 1871, he received a monthly salary of 1000 ghurush based on the support of Riyad Pasha; see Amin Sami Pasha, Taqwim al-Nil, 3 parts in 6 vols., the 3rd part is in 3 vols (Cairo: Dar al-Kutub wa-l-Watha_iq al-Qawmiyya, 2003–2004 [1936]), 3rd part, vol. 2, 913; and Keddie, Sayyid Jamal Ad-Din Al-Afghani, 81–82, n. 1. Thus, at least in his first months, it is not probable that al-Afghani was openly against the khedive. Khuri-Makdisi also claims that al-Afghani saw “the establishment of an Egyptian theater as the most effective way of promoting radical ideas,” and that his “influence on the development of the theater was continued by two of his most active disciples, Salim Naqqash and Adib Ishaq” (The Eastern Mediterranean, 198, n. 36). Exactly the contrary occured: Naqqash and Ishaq arrived in Egypt in 1876 as theater artists, but due to the influence of al-Afghani both left the theater for journalism, just as Sanua did. There is no evidence so far that al-Afghani had any influence on the origins of Sanua’s theater.
(88) Sanua, “Ma vie,” in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 173. If “mes ´el`eves” refers to his official job, then the students should be from the Muhandiskhane, L’ ´ Ecole Polytechnique in Cairo, where he was a teacher. Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 405. In Mulyir Misr the actors have mostly Christian Arab or foreign names (Mitri, Habib, Istifan, Ilyas, Butrus, Matilda, Liza) with the exception of _Abd al-Haliq. Perhaps some of them were street entertainers. Theater historians have made attempts to identify Sanua’s theater as an example of Egyptian street entertainment. Most recently, al-Musaylihi, in Su_ali, 57–60, argues that the actors and Sanuawere awl¯ad r¯abiya.
(89) Sanua, L’arabo anziano, 3–4. Sanua’s relation to Morpurgo is obscure.
(90)Gendzier mentions two additional early Italian works of Sanua: Amore e disincanno (Cairo, 1865; perhaps Amore e disinganno); and La musa egizia di James Sanua (Cairo, 1873). Gendzier, The Practical Visions, 143. I could not locate these books.
(91) For example, see the anonymous poem “La notte e il giorno - imitazione dell’ arabo moderno,” Lo Spettatore Egiziano, 13 October 1855, 4.
(92) Sanua, L’arabo anziano, 35–36, 41–42.
(93) Landau claims that Sanua wrote Italian plays before Arabic ones; Sadgrove maintains the opposite. Sadgrove, The Egyptian Theatre, 124, n. 121. L’Arabo anziano proves that Sanua had written dialogues in Italian before 1870.
(94) Felix Konrad, Der Hof der Khediven—Herrscherhaushalt, Hofgesellschaft und Hofhaltung, 1840–1880 (W¨urzburg: Ergon Verlag, 2008), 125–27, and the table on 220.
(95) Sanua, “Ma vie,” in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 174.
(96) Letter dated 27 May 1871 and letter dated 2 June 1871, both from Riaz to Barillet, Carton 62, _Ahd Isma_il (old system), DWQ. The final inauguration of the Garden took place in 1872. Luisa Limido, L’art des jardins sous le Second Empire: Jean-Pierre Barillet-Deschamps (1824–1873) (Seyssel: Champs Vallon, 2002), 209.
(97) Letter dated 3 April 1871, from Levasseur, Carton 62, _Ahd Isma_il (old system), DWQ.
(98) Draneht left for Milan on 29 April 1871 and arrived back in Cairo around 10 October. Letter dated 28 April 1871, Draneht toMariette, and letter dated 12 October 1871, Draneht toMariette, cited in Busch, Verdi’s Aida, 154, 236.
(99) Letters dated 31 May 1871, Rosenboom to Grand, and 1 June 1871, Grand to Riaz Pasha, Carton 80,  Ahd Isma_il (old system), DWQ. 
(100) It is impossible to fully reconstruct the repertoire of theArabic troupe even in its short one-year existence. It certainly performed comedies by Sanua, a play entitled al-Jawharji by a young Egyptian, Layla by _Abd al-Fattah al-Misri, and probably al-Bakhil by Marun Naqqash. (Arzat Lubnan, which contained Naqqash’s al-Bakhil, was available in 1870 in Cairo.) It has been often suggested that some of Muhammad _Uthman Jalal’s translations were also performed but nothing confirms this assumption. Bardenstein, Translation and Transformation, 146.
دراسة بقلم : أدم مستيان
 


نشأت باخوم