عندما تتصادم الكلمات: إرشادات خشبة المسرح باعتبارها نطق (1-2)

عندما تتصادم الكلمات: إرشادات خشبة المسرح باعتبارها نطق (1-2)

العدد 674 صدر بتاريخ 27يوليو2020

 الملقن : ( يقرأ ) عندما يرتفع الستار، يظهر ليو جالا مرتديا
 قبعة الطاهي ومئزرا وهو مشغول بضرب بيضة في في فنجان .
الشخصية الرئيسية: (للمدير) عفوا، ولكن هل يجب أن
أرتدي قبعة طاه ؟
 المدير: ( منزعجا ) أتخيل ذلك . انه يقول ذلك علي أية حال.
 ( يشير الي الكتاب ) .
.............................................................................

في المشهد الافتتاحي من مسرحية “ ست شخصيات تبحث عن مؤلف” يتنازل مدير المسرح عن سلطته لإرشادات خشبة المسرح في النص المطبوع، لكي يمنع شكاوي الشخصية الرئيسية. وبعد لحظات، بلمسة كلاسيكية منسوبة إلى بيرانديللو، يقتنع المدير أن يتصرف مثل مؤلف شخصيات المسرحية. ونحن كمشاهدين، بالطبع، نعرف أن الشخصيات ومدير المسرح أيضا، قد دخلوا المشهد من تأليف الكاتب المسرحي، ونحن مفتونون باللعب الظاهري بالسخرية البسيطة في حد ما والتي أصبحت ممكنة بفضل وجهة نظرنا كمتفرجين . ولكن الفن الدرامي المنسوب الي بيرانديللو الذي يتحدى مثل هذه التطابقات الأنطولوجية الأنيقة والصراعات ووجهات النظر لن تكون مستقرة بمجرد دخولنا متاهة بيرانديللو . ففي عالم المسرحية الخيالي يكافح المدير لمحاولة تأليف الشخصيات التي تصل سليمة مع تاريخها، بينما في عالم الخطاب الطبيعي خضع مبدعو الميزانسين لصراع مواز في العلاقة مع العرض المسرحي . وقد يجد المتفرجين الذين تركوا لمناقشة كل هذه الطبقات في خطاب المؤلف، قد يجدوا صعوبة في تحليلها، فهذه الظاهرة، بلا شك، هي جزء من خطة بيرانديللو لاختبار الثنائيات الأنطولوجية :
 “ خشبة المسرح - وهي التي تقبل الحقيقة الفنتازية للست شخصيات –  ليست ثابتة، وغير قابلة للتغيير. فلا شيء في هذه المسرحية موجود كمسلمة ومعلوما مسبقا. فكل شيء في طـور التكويــن، وفي حالـــة حركة “
وبتأمل روابط بيرانديللو القوية مع فينومينولوجيا العرض المسرحي، لا يمكننا أن نشك أنه عندما يغزو بيرانديللو الخصائص الدينامية لخشبة مسرح الست شخصيات، فانه لا يشير الي الخطاب الخيالي داخل المسرحية فقط بل يشير أيضا إلى الخطاب الطبيعي للميزانسين .
 ولأن الخطاب والتأليف في المسرح، كما يلمح بيرانديللو، في حالة تدفق لا يهدأ، فليس من السهل دائما أن نشير الي تلك المناسبات التي يتصادم فيها مجالا الخطاب الطبيعي والخيالي . ورغم ذلك، يقدم لنا تاريخ المسرح مثالا مثيرا للاستفزاز . عندما عرضت المخرجة “جوان أكاليتس” مسرحية صامويل بيكيت “نهاية اللعبة” لفرقة المسرح التذكاري الأمريكي عام 1984، آنذاك هدد وكلاء بيكيت بالغاء التصريح بعرض المسرحية، اذ قدمت أكاليتس، علي عكس الإرشادات بيكيت لخشبة المسرح ، المسرحية في نفق المترو . وقد ضخم الجدل الذي تلا ذلك، والذي تركز حول الحدود غير المستقرة لحرية تفسير النص الدرامي، العديد من القضايا التي تكمن في صميم الكثير من النقد الأدبي المعاصر : ما هي علاقة المؤلف بالنص والقارئ ؟، ومن الذي يحدد كيفية تعامل النقاد والقراء مع النص ؟ وكيف يؤكد المؤلفون قصدهم، أو هل قصد المؤلف غير معروف وبالتالي الفكرة أيضا؟. واذا لم يستطع القارئ أن يفسر أو يميز القصد التأليفي، فما الذي يفعله القارئ بدلا من ذلك؟. وما الذي ينشئ التفسير المنطقي؟. تفقد هذه الأسئلة خصائصها المجردة في ساحة الأداء المسرحي الحي، حيث يأخذ التفسير في نفس الوقت تعقيد وفورية الحدث الجماهيري. وفي العصر الحديث، كان النضال لتأكيد وظيفة المؤلف واضحا ولاسيما في ظاهرة “مسرح المؤلف auteur theater”. وفي العصر بعد الحداثي، رغم ذلك، فقد أجبر التحدي المتمثل في عزلة العمل الفني فهمنا التقليدي للتأليف ليصبح أكثر مرونة وأكثر دقة. فسؤال التاليف سؤال ضروري ومعقد للغاية في المسرح، بعكس أي مجال أخر.
 يزدهر المسرح بالتقاليد، ولكن كما يوضح خلاف بيكيت وفرقة المسرح التذكاري الأمريكي، إذ يمكن تتباعد الأفكار جذريا حول عمل التقاليد في انتقالها من النص الي خشبة المسرح . فتقاليد إرشادات خشبة المسرح خصوصا محفوفة الخلاف التفسيري . وكما يقول باتريس بافيس :
 الميزانسين غير ملزم باتباع إرشادات خشبة المسرح. فإرشادات خشبة المسرح المتعلقة بظروف النطق ليست الحقيقة النهائية فـي النص، أو الأمر الرسمي لانتاج النص بهذه الطريقة، أو حتى مبدأ لا غنى عنه بين النص والأداء . فمكانتها النصية غير مؤكدة.
 فهل تشكل نصا اضافياـ اختياريا؟. أم أنها النــص الشــارح الذي يحدد النص الدرامي؟ أم أنه النص المسبق الذي يقترح حلا قبل أن يقرر المخرج حلا آخر؟
المفارقة في غموض إرشادات خشبة المسرح هو أنه رغم أنها تنبع من المؤلف مباشرة أكثر من الحوار، الا أنها غالبا ما تٌفهم علي أنها مجرد اختيار وليس معطى محددا . إن الممارسة الحديثة المتمثلة في نشر صيغ تمثيل النصوص مع إرشادات خشبة المسرح المأخوذة من العروض المسرحية السابقة تزيد من تعقيد المشكلة، وفي مثل هذه الحالات، ربما يكون تأليف إرشادات خشبة المسرح متعددا، ومن الصعب فصله . وتقول باربرا هيونشتين سميث عن التمييز بين السياق التاريخي اذا كان الكلام طبيعيا ولا تاريخية النطق الخيالي، ان أخطاء الهوية تنتج افتراضات مغلوطة، وتؤدي الي تقاليد غير ملائمة . هذه الدراسة الموجزة لوظائف إرشادات خشبة المسرح، فسوف أجادل بأن إرشادات خشبة المسرح، برغم أن معظمها يعد نطقا طبيعيا، موجودة بغض النظر عن الحوار الخيالي في النص، فانه يمكن قراءتها بشكل أكثر ملائمة باعتبارها جزء من القصة في المسرحية . ولكن من الضروري أولا أن نعتبر العيب في المنهج الذي جعل بعض المتخصصين يقرأون إرشادات خشبة المسرح بدون تفسير للغموض القوي في صيغة الأداء .
 غالبا ما تفشل الدراسات السيميوطيقية لإرشادات خشبة المسرح، في غضبها من أجل المنهجية، في تأمل تعقيد الايماءة ومجملها، وغالبا ما تٌختزل الفوضى المتأصلة في سؤال التأليف في المسرح إلى جدلية بين النص والعرض . ولكن كما يقترح جيرالد رابكين، يدير التفسير المسرحي شبكة دلالة معقدة، لأنه يقاطع طبقة وسيطة بين النص ووجهته النهائية : جمهوره وقراء أحداث المسرح . بالاضافة الي ذلك، كما لاحظ رولاند بارث، “ كل أداء هو فعل دلالي مكثف “، كثافة علامات شاملة وواسعة النطاق ومتتالية ومتزامنة، بغض النظر عن أي اشارة الي النص الأدبي . يكشف نضال بارث مع شفرات المسرح المعقدة عن ضعف في ممارسة التحليلات السيموطيقية للأحداث؛ وعدم كفاية المنهجية العلمية لتفسير تعقيدات الاتصال المباشر. وهذه المشكلة هي الالهام الكامن وراء الكثير من أفكار ميخائيل باختين الذي تطورت مفاهيمه في الحوار وعدم القابلية للاختراع كتصحيح للمقاربات السيميوطيقية والبنيوية والجدلية . ومع احباطه من الميل الاستنتاجي عند البنيويين لتقييد الاتصال داخل نظام مجرد ( اللغة عند سوسير) الذي استٌمدت منها أحداث الاتصال ( الكلام)، سعى باختين وآخرون من دائرته الي منهج استقرائي ربما تكون قادرة علي تفسير اللامنهجية :
 تتعامل السيميوطيقا في المقام الأول مع نقل الاتصال الجاهز باستخدام شفرة جاهزة. ولكن في الكلام الحي يتم ابتكار الاتصال في عملية النقل، ولا يوجد، من الأساس، شفرة.
فالأحداث تجارب متميزة، لا يمكن تكرارها، وتسرق منها السيميوطيقا أحداثها . ويترتب علي ذلك أن أي لحظة في حدث الأداء يمكن أن تتجاوز النسق المجرد الذي نحاول أن نفرضه على التوافق .
 في تفسير إرشادات خشبة المسرح، سواء في النص أو في العرض، غالبا ما يريد السيميوطيقيين أن ينسبوا السلطة التأليفية اما الي الكاتب المسرحي أو إلى العرض المسرحي . وفي الحقيقة نادرا ما يتم التعرف علي أصوات العرض أو أصوات النص . ولعل أفضل طريقة لتنفيذ إرشادات خشبة المسرح هي “ الوسائل الحوارية Dialogism” التي اقترحها باختين، التي تتكون في نفس الوقت من أصوات المؤلف والأصوات المؤلًفة، والتركيز علي الحدث نفسه، فضلا عن أي نسق تجريدي ( وهو في هذه الحالة الـاليف أو التفسير) . وسوف نعود الي مشكلة البحوث السيميوطيقية في إرشادات خشبة المسرح فيما بعد .
 تشغل إرشادات خشبة المسرح المنطقة الحدية بين النص الأدبي والميزانسين، فليس من المفترض نطقها بصوت عال، ولكن يتم أداؤها في بعض الحالات علي الأقل . ففي حالة مسرحية “ نهاية اللعبة “، اعتبر بيكيت أن الإرشادات المسرحية، مثل الحوار، هي جزء لا يتجزأ من النص . واعتراضات بيكيت الأساسية علي بيئة مترو الانفاق التي ابتكرتها فرقة المسرح التذكاري الأمريكي هي أنه يمكن تحديد القصد التأليفي وارساءه وربما تنفيذه من خلال قوانين حقوق النشر والتأليف ( علي الرغم من التوصل الي حل وسط، ولم تنظر القضية أمام المحاكم ) . فإرشادات خشبة المسرح، كما صاغها بيكيت، تتقاسم الامتياز مع سطور الحوار المكتوبة باعتبار أن لها السلطة النهائية علي النص المنطوق أو المجسد . وعلي الرغم من أن فريق الممثلين العامل مع أكاليتس قد قرأ إرشادات الإرشادات المسرحية لنهاية اللعبة باعتبار أنها كلام مستهلك، كما يشير رابكين، فقد أصر المدافعون عن بيكيت أن نص نهاية اللعبة هو كل اللغة الثابتة في الكتاب المطبوع . فالسطر الأخير من المسرحية ( وهو لوحة موجزة) “ ليس أنت ..... انت باق “ . واذا تم قبول موقف بيكيت، عندئذ تفقد إرشادات خشبة المسرح استقلاليتها، ولا يظهر استقلالا أنطولوجيا عن الحوار . لقد كتب بيكيت مسرحيتين في الواقع هما “ فعل بدون كلمات” الجزء الأول والجزء الثاني، ويتكونا كلية من إرشادات لخشبة المسرح .فالفن الدرامي عند بيكيت، في مجمله، يظهر تكافلا غير عادي بين الكلمة المكتوبة وإرشادات خشبة المسرح . ففي مسرحيتيه الخاليتين من الكلمات (الحوار) يبدو أنه وصل إلى شيء معكوس لإرشادات المسرح المنطوقة في نظام الحوارات الشكسبيرية . فالقاعدة الخيالية للعديد من مسرحيات بيكيت تربط فنه الدرامي بفن هاينر موللر الدرامي، مثلا – ولكن بشرط أن إرشادات خشبة المسرح عند بيكيت أدق نسبيا، وبالتالي تمنع نوعا من تفسير المخرج، مثل تفسير روبرت ويلسون لمسرحية “ آلة هاملت Hamletmachine” .
 وبدفع مثال أعمال بيكيت الي أقصى حد، يمكن أن نقول ان النص الأدبي للمسرحية مصنوع بالكامل من إرشادات خشبة المسرح، بما في ذلك السطور التي يتم نطقها بصوت عال . تكشف الأولوية التي منحها أرسطو للحبكة والشخصية والتفكير في الالقاء أن هذه الفكرة ليست جذرية كما قد تبدو ؛ وفي العصر الحديث، مع مفهوم النص الفرعي subtext أو أن الكثير من معاني المسرحية يمكن اكتشافها خارج سطح لغتها، فقد تبدو سطور المسرحية المنطقية هيكلية وتوحي فقط بالحياة الدرامية .
 يبدو اذن أننا لكي نتحدث عن إرشادات خشبة المسرح فلا بد أن نميز وظائفها الفريدة . فماهي بالتحديد الإرشادات المسرحية، وكيف يمكن قراءتها ؟ . فيقترح بيير كورنيه بضعة احتمالات لقراءته لكتاب “ فن الشعر “ :
 يتمنى أرسطو أن تكون التراجيديا جيدة الصنع جميلة وممتعة بــدون مساعدة الممثلين وبعيدا تماما عن الأداء . ولكي يعايش القارئ هــذه المتعة، ومثل المتفرج، لا بد أن لا يعوق القارئ شيء، لأن الجهد الذي يجب أن يبذله لفهم المسرحية وتخيلها سوف يقلل من المتعـــة التي ســوف يحصل عليها منــها . وبالتالي، أرى أنه يجــب عـلي الشاعر أن يهـتم كثيرا بالاشــارة في الهامــش إلى الأفعــال الأقــل أهمية التي تستحق أن تضمنها هذه الســطور، والتي قــد تشـــوه كبرياء الشعر اذا انحدر المؤلف الي التعبير عنها . فالممثل يمــلأ بسهولة هذه الحاجة علي خشبة المسرح، ولكن في الكتاب غالـبا ما يتم اختزالنا في التخمين، وأحيانا نخمن بشكل خاطئ .
فرضية كورنيه أنه بالنسبة لقارئ النص الأدبي فيمكن أن تعمل إرشادات خشبة المسرح كبديل للنص الأدبي في امتيازات الأداء، كما يفعل بيكيت . ورغم ذلك، فان استبعاد كورنيه لإرشادات خشبة المسرح من كبرياء الشعر يشير الي موقفها المتناقض : توظف إرشادات خشبة المسرح هنا مثل الحاشية أو المسرد، مما يسهل الفهم، ولمن من الواضح أنها ليست جزءا لا يتجزأ من تعبير الشاعر . تتوقف تأكيدات كورنيه علي ما يميزه مارفن كارلسون بأنه اعتبار أن الأداء بمثابة التوضيح للنص .
 لدينا سبب خاص لعدم اهمال تلك الصياغة البسيطة المفيدة (الملحوظة الهامشية) كما فعل الاغريق : ذلك أن الطباعة تضع مسرحياتنا فــي أيدي الممثلين الذين يتجولون في الأقاليم والذين يمكننا أن نخبرهم بما يجب أن يفعلوه، لأنهم سوف يفعلون بعض الأشــياء الغريبة إذا لــم   نساعدهم بهذه الملاحظات .
وهنا تتواصل إرشادات خشبة المسرح صراحة مع الممثلين، بطريقة كيفية تصور دور المخرج كما سيتطور في المسرح الحديث . فربما لم يكن قلق كورنيه من ارتباك المؤدي ساخرا كما يبدو للأذن الحديثة، لذ لم يقم كورنيه، بعكس معاصره موليير، بجولات في الأقاليم مع فرقته، وكانت الممارسات في ذلك الوقت أن يقوم الممثلون باخراج عروضهم .
 وتردد كورنيه في وضع إرشادات لخشبة المسرح المسرح في شعره، مدركا أن الجودة المتوترة للكلام الجانبي بمثابة انتهاك لشعره : “ عندما يكون هناك أمر هامس للقيام به ....فمن الضروري التعبير عنه بالشعر ... وهذا يبدو لي لا يطاق أكثر من الملاحظات “ . ولقد كان لدى المسرحيين الاليزابيثيين، ولا سيما في “موقف الكلام “ الشكسبيري هواجس أقل حول تضمين إرشادات لخشبة المسرح في السطور المنطوقة . وفي دفاع برنارد شو عن إرشادات خشبة المسرح السردية الطويلة في مسرحياته، يتتبع الكلام المعد جيدا وتنويعاته في أنماط التمثيل وتقاليد خشبة المسرح في المسرح الاليزابيثي :
 المعالجة الأدبية مطلوبة في المسرحيات الحديثة بشكل أكبر من مسرحيات شكسبير، لأن تمثيل المســرحيات في عصـره كـان مختلفا عن ترتيل القصائد، اذ كـان يقــوم الترتيــل الوصفي أو السردي بما يقوم به اليوم اعداد المشاهد والأثاث وإرشادات خشبة المسرح . فأي شخص يقرأ حوار المسرحية الاليزابيثيـة سوف يفهم كل شيء بدون صعوبة باستثناء نصف دستة سطور فيها، في حين أن العديد من المسرحيات الحديثة ، الناجحة جــدا علي المسرح، ليست غير قابلة للقراءة فقط، بل ربما تكون غير مفهومة بشكل ايجابي دون أن تكون مرئية .
كما يشير برنارد شو، بمجرد أن يهيمن التمثيل الواقعي ، يختفي كلام الاعداد في هوامش قراءة النص المسرحي وفي زخارف سينوغرافيا الأداء . وبالتالي تكتسب إرشادات خشبة المسرح وظائف جديدة .
 وهدفي هنا ليس دراسة التطور التاريخي لإرشادات خشبة المسرح . ومع ذلك، حتى في المقاطع المقتبسة أعلاه من كورنيه وبرنارد شو، فيمكننا أن نستشعر المداعبات التي تتطور في وظائف وتكامل إرشادات خشبة المسرح . وفي المسرح المعاصر، أصبحت استخدامات إرشادات خشبة المسرح ومحدداتها متنوعة لدرجة أنها فقدت قوتها المتفق عليها . علاوة علي ذلك، كما أشرت سابقا، حتى عندما يتم تحديد وظيفة وقصد وهدف إرشادات خشبة المسرح بشكل ملموس، فان سلطة النص هي سلطة مؤقتة : النص هو الشيء الذي يجب استخدامه والتخلص منه حيث تتجسد نصيته في الأداء . يقسم السيموطيقي مايكل ايزاكروف التعليمات المكتوبة في نص المسرحية نفسها الي مجموعتين، مختزلا، لأغراض تحديد نموذجه، إرشادات خشبة المسرحية الموجودة خارج نص المسرحية : المقدمة المنسوبة الي برناردشو، مثلا، وقيود التناص الاتماعية والثقافية التي تؤثر في التفسير . ومجموعتا ايزاكروف هما “ التوضيح” ( صوت المؤلف) والتعليقات البارزة في الحوار، مثل الكلام المعد جيدا . فالشرح يمكنه أن يؤدي أي توليفة من الوظائف اللغوية ( نسبي، موجه، لحني، وموقعي ) أو البصرية ( حركية، تقاربي، ملابس .. الخ) . وفي تحليله، لا يوجد التناغم الأقصى بين الشفرة والحور في أي مكان سوى المسرحية الاذاعية، حيث يجب أن تثير تشبيهات المؤلف العناصر البصرية والمكانية المفقودة :
 عناصر مثل الايماءة والحركة والملابس وتعبيرات الوجــه وما اليها، ليست موجودة في المسرحية الاذاعية حتى يشار صراحة سواء في الحوار ... أو من خلال استخدام قناة لا صوتية أخرى في الدراما الاذاعية (مؤثرات صوتية) .
• باتريشيا سوتشي تعمل استاذا في قسم دراسات الأداء في جامعة نورث وستيرن .
• نشرت هذه المقالة في Journal of Dramatic Theory and Criticism


ترجمة أحمد عبد الفتاح