المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (2) كشكش بك البديل في فلسطين

المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (2) كشكش بك البديل في فلسطين

فرقة أمين عطا الله في بلاد الشام

العدد 680 صدر بتاريخ 7سبتمبر2020

إذا كانت إشارة عمر وصفي – في مذكراته – حول الفرقة المسرحية المصرية الأولى، التي زارت فلسطين عام 1901 غير كافية، كونها إشارة وحيدة في هذا الأمر!! وكذلك خبر جريدة «القدس» الذي يؤكد وجود فرقة «إبراهيم أحمد السكندري» عام 1909 في فلسطين، غير كافٍ أيضاً لإثبات زيارات الفرق المسرحية المصرية إلى فلسطين – كما أوضحت في مقالتي السابقة – فإن فرقة إخوان عطا الله – سليم وأمين – تُعدّ أول فرقة مصرية مسرحية راسخة، استطاعت أن تزور فلسطين وتعرض فيها أعمالها – وتؤثر في المسرح الفلسطيني – أكثر من ثلاثين سنة، وتحديداً منذ عام 1912 إلى عام 1940.
تبعاً لما أخبرتنا به الصحف المصرية، نستطيع أن نقول إن بداية الظهور المسرحي لإخوان عطا الله – سليم وأمين – كان في عام 1894 من خلال الحديث عن فرقتهما المسرحية المعروفة باسم «جمعية الابتهاج الأدبي». وفي عام 1898 وجدناهما ضمن ممثلي فرقة سليمان القرداحي، وفي عام 1905 انضما إلى فرقة إسكندر فرح، وفي عام 1907 وجدناهما ضمن فرقة الشيخ سلامة حجازي. وفي عام 1909 كوّن سليم وأمين عطا الله فرقة مسرحية جديدة باسم «جوق التمثيل العصري»، لاقت نجاحاً كبيراً؛ بوصفها فرقة جوّالة، عرضت مسرحياتها في أقاليم مصر، على الرغم من أن مقرّها كان في الإسكندرية. وظلت هذه الفرقة تعمل بنجاح حتى عام 1911، حيث اختفت أخبارها من الصحف المصرية، لنكتشف أن الفرقة سافرت إلى بلاد الشام، وزارت فلسطين!
أول خبر وجدناه، نشرته جريدة «فلسطين» - التي تصدر في يافا - بتاريخ يوليو 1912، تحت عنوان «إعانة للطيارات»، قالت فيه: « تبرع الجوق المصري بإدارة سليم أفندي وأمين أفندي عطا الله بإحياء ليلة خصوصية مساء الاثنين القادم لإعانة الطيارات. وقد تشكل في دائرة المجلس البلدي قومسيون مخصوص للاهتمام بهذا الأمر». وهذا الخبر يدل - من أسلوب صياغته – أن الفرقة موجودة في فلسطين منذ فترة ليست بالقليلة. أما عنوان الخبر «إعانة للطيارات»، فيعني أن الفرقة عرضت ليلة مسرحية وخصصت ربحها لمشروع مدرسة الطائرات التي تم تأسيسه في أسطمبول، حيث إن فلسطين ولاية عثمانية في هذه الفترة!
أما الخبر الثاني، فنشرته أيضاً جريدة «فلسطين» في يناير 1913، تحت عنوان «جوق التمثيل العصري»، قالت فيه: « فاتنا أن نذكر خبر قدوم جوق التمثيل العصري الذي يديره الأفنديان سليم وأمين عطا الله إلى بلدتنا، وما يقوم به جوقهما من تمثيل أحسن الروايات وأجملها .... وفي هذه المناسبة يسرنا أن نذكر خبر اقتران أمين أفندي في 13 الجاري بالآنسة «كاترين ثابت» من حيفا، فنهنئه ونرجو لحضرته الرفاء والبنين». وأهمية هذا الخبر، تتمثل في موضوع زواج أمين عطا الله من فلسطينية، لأن هذا الزواج إذا تم، فيعدّ من أهم العوامل التي سهّلت للفرقة زيارة فلسطين باستمرار. وإن كان الزواج لم يتم، فسيظهر سؤال يقول: كيف تم هذا الزواج، والمعروف أن أمين عطا الله تزوج من «أبريز أستاتي»، التي شاركته الكفاح، وكانت بطلة فرقته؟! الحقيقة أنني لم أجد إجابة لهذا السؤال سوى احتمالين: الأول أن الزواج لم يتم، فتزوج أمين من أبريز فيما بعد! والآخر أن اسم أبريز أستاتي هو الاسم الفني لكاترين ثابت، وذلك في حالة التأكد من إتمام الزواج!!
وإذا عدنا إلى أخبار الفرقة في فلسطين، سنجد الخبر الثالث، نشرته جريدة «فلسطين» كذلك في منتصف يناير 1913، تحت عنوان «ليلة تمثيلية»، قالت فيه: « نحث قراءنا الأدباء على اغتنام الفرصة وحضور رواية «حمدان»، التي مضت مدة طويلة على بلدتنا بدون أن نشاهد تمثيلها من جوق متقن نظير جوق الأفندية عطا الله إخوان. أجاب الجوق المذكور رجاء فريق من عشاق التمثيل، ووعد أن يقدم هذه الرواية نهار غد الخميس مساء الجمعة، فاستعد لها استعداداً خاصاً، وانتقى محلاً خلاف المحل الذي يمثل فيه عادة، وهو «قهوة الظرافية» لتوفير راحة الحضور. فعلى المواطنين الأفاضل مناصرة هذا الجوق العامل المجد في خدمة الفن والأدب». وأهمية هذا الخبر تتمثل في أمرين: الأول أن الفرقة، كانت تعرض المسرحيات الكلاسيكية، التي كانت تُعرض من قبل الفرق المصرية في القرن التاسع عشر، وحتى الربع الأول من القرن العشرين، مثل مسرحية «حمدان» لنجيب الحداد! والأمر الآخر أن الفرقة – كما قلت – أصبح لها تاريخ ورسوخ في فلسطين، بدليل مقر عروضها الثابت وهو «قهوة الظرافية».
وآخر خبر لفرقة إخوان عطا الله – في هذه الفترة - نشرته جريدة «فلسطين» - كالعادة – في أواخر يناير 1913، تحت عنوان «بيان»، قالت فيه: « دعت بعض الأسباب لتأجيل تشخيص رواية «روميو وجوليت»، التي كان بالنيّة تقديمها ليلة الثلاثاء الماضية، والتي سيتصير صرف ريعها على منكوبي عائلات الرديف إلى ليلة الجمعة القادمة. والتذاكر التي جرى توزيعها مقبولة في هذه الليلة، وسينشد حضرة الشيخ أحمد أفندي الطريفي تبرعاً منه بعض القصائد. [توقيع] «جوق التمثيل العصري»».
كشكش بك الأول
من المعروف تاريخياً أن شخصية «كشكش بك» الكوميدية، تُعدّ حكراً وملكية خاصة لنجيب الريحاني منذ عام 1916، عندما بدأت الصحف تكتب عنها وعن صاحبها نجيب الريحاني، مما يعني وجودها قبل ذلك! وبالرغم من هذه الملكية، إلا أن البعض حاول أن يقلدها، ويستغلها فنياً، ومن هؤلاء «يوسف عز الدين» أحد أصحاب الفرق المسرحية الشهيرة في روض الفرج، وصاحب إحدى صالات عماد الدين، وهو الوحيد الذي تجرأ على تقليد الريحاني في شخصية «كشكش بك» داخل مصر! أما خارج مصر، وتحديداً في بلاد الشام، فقام أكثر من فنان بالادعاء إنه «كشكش بك»! والغريب والعجيب أن أول من قام بهذا الادعاء في فلسطين، كان الفنان «حسين رياض»، أحد أفراد فرقة الريحاني منذ عام 1917! فقد نشرت جريدة «الأخبار» - التي تصدر في يافا – كلمة في مارس 1920، تحت عنوان «جوق كش كش بك»، قالت فيه:
« علمنا أنه سيحضر عن قريب إلى يافا جوق الأوبرا كوميك المعروف بجوق كشكش بك، والذي هو بإدارة الممثل البارع «حسين رياض». وسيقوم بتمثيل رواياته المجونية في مسرح الست روجينا. أما جوقه، فهو مؤلف من أكثر من عشرين ممثلاً بارعاً، وعشر ممثلات بارعات. وقد حاز على شهرة ذائعة الصيت في مصر، وأصبحت رواياته مثالاً للتهذيب، وتقويم الأخلاق. وسيمثل في أول حفلة يقيمها رواية «الملك كش كش»، وهي رواية ذات ثلاثة فصول. ولا حاجة بنا لأن نصف للناس ما سيتحفنا به الجوق من الأدب، والطرب، والضحك، والغناء، والموسيقى، والهزل، والرقص الأفرنجي، والمنولوجات الغنائية والتمثيلية. وكفانا شاهداً على أهميته أن الست «بديعة مصابني» والست «بديعة المصرية» ترافقان الجوق».
من المؤكد أن من سيقرأ هذا الخبر سيتعجب بما فيه من معلومات غريبة، وسيتساءل: هل فعلاً قام حسين رياض بتمثيل شخصية كشكش بك الكوميدية؟ وهل فعلاً كانت معه «بديعة مصابني»؟! وربما يرفض القارئ هذا الخبر برمته، معتمداً على العبارة الأولى في الخبر، والتي تخص الجوق، وهي «علمنا أنه سيحضر عن قريب»، مما يعني عدم التثبت من حضور الفرقة بالفعل! ولكن بكل أسف لو تصفح القارئ الجريدة بعد أيام قليلة من نشر هذا الخبر، سيجد خبراً، يؤكد أن الفرقة جاءت ومثلت، بل ومثلت مسرحيات الريحاني بعناوينها!! والخبر هذا نصه:
« كان لتمثيل رواية «الملك كشكش» مساء الأحد وقعاً عظيماً على قلوب الحاضرين؛ لأن التمثيل بلغ غاية الإبداع، وظهر الفن بأكمله في الألعاب الرياضية العديدة، التي سبقت التمثيل، وخلبت بغرابتها لب الناظرين، ولا سيما لعبة القرد الملقب «بالبرنس ماركو». وقد غصّ مسرح «الست روجينا» بالحاضرين تلك الليلة، لأن روايات كشكش هي من النوع الجديد «الجدي الهزلي»، الذي لم يسبق لنا أن رأيناه على مسرحها هذا، وأن الجوق سيمثل في ليالي أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس روايات «وأنا مالي – إش – يا حلاوتها». وفضلاً عن ذلك فإنه سيمثل الجوق نهاري الجمعة والأحد بعد الظهر للعائلات».
كشكش بك الثاني
في يوليو 1920 ظهرت في فلسطين فرقة إخوان عطا الله، ولكن باسم «جوق كشكش بك»، التي اشتهرت به في بيروت! هكذا أخبرتنا جريدة «الأخبار» الفلسطينية، قائلة: « قدم أمس من بيروت سليم أفندي عطا الله الممثل الشهير صاحب جوق كشكش بك، وهو ينتظر وصول جوقه في هذا الأسبوع». وبالفعل جاءت الفرقة، ومثلت عروضاً مسرحية معتمدة على شخصية «كشكش بك». فكتب «بولس شحادة» كلمة بعد أيام من التمثيل، ونشرها في جريدته «مرآة الشرق» - التي تصدر في القدس - تحت عنوان «كشكش بك»، قال فيها:
« خير التمثيل ما كان يرمي إلى غاية إصلاحية، ومنتزعاً من دروس الحياة. ولما كانت أدواؤنا الاجتماعية في الشرق، ومدارسنا القليلة العدد، لا تقوم وحدها بالإصلاح المطلوب. فلذلك لزم أن يكون له عضد، وهو المسرح الذي يرى عليه الإنسان الفضيلة فيتبعها، والرذيلة فيجتنبها. أجل إن في الروايات ما يكون سبباً لإفساد أمة بأجمعها؛ ولكن منها ما يكون ذريعة للإصلاح. فكما إنّا نحارب بكل ما لدينا من قوة تلك الروايات، كذلك نحن نرحب بالروايات الصالحة المفيدة. وروايات كشكش بك من هذه الروايات الانتقادية، التي ترمي إلى إصلاح ما فسد من عاداتنا، وتحطم بعض القيود الثقيلة، التي يصرفها أمين وسليم عطا الله وجوقهما، ويروهما من الإقبال ما يحقق الآمال والسلام». 
في عدد الجريدة نفسه، وجدنا إعلاناً، يقول: « لا تدعو هذه الفرصة تفوتكم، هلموا إلى سماع روايات كشكش بك الجميلة .. ستمثل في هذه الليلة رواية «نعيماً»، وغداً رواية «أنا مالي»». وبعد أيام نشرت الجريدة نفسها خبراً مقتضباً، تحت عنوان «كشكش بك»، قالت فيه: « لا يذهب عن بال الذين تصيبهم هموم الغيوم أن يبددوا هذه الهموم بمشاهدة التمثيل الفائق الذي يقوم به الجوق المشهور بإدارة السادة سليم وأمين عطا الله». وهذه الأخبار والإعلانات تؤكد أن فرقة إخوان عطا الله، نجحت عام 1920 في تمثيل عروض مسرحيات «كشكش بك»، دون أن نعرف مَنْ مِنَ الأخوين «كشكش بك» سليم أم أمين عطا الله؟!
كشكش بك البديل
في عام 1921 ظهر في إعلانات الصحف الفلسطينية اسم «كشكش بك» الحقيقي، وهو نجيب الريحاني في أولى زياراته المسرحية إلى فلسطين - وسنتحدث عن ذلك في المقالة الرابعة - والحق يُقال: إن ظهور اسم نجيب الريحاني في الصحف الفلسطينية بوصفه كشكش بك الحقيقي، لم يؤثر على أمين عطا الله، الذي عُرف بأنه كشكش بك في فلسطين، حتى بعد ظهور اسم الريحاني نفسه وقيامه بالعروض الكشكشاوية في المدن الفلسطينية بعد ذلك!! ووصل الأمر بين الريحاني وأمين عطا الله إلى كتابة عبارة محددة في بعض الإعلانات، وهي عبارة «كشكش بك الحقيقي» ليميز الجمهور بين الحقيقي والبديل!!
بدأت أحداث هذه الفترة عام 1925، أثناء وجود فرقة أمين عطا الله في سورية، وكانت متكونة من مجموعة ممثلين عرب! فقد نشرت مجلة «التياترو المصورة» - في مصر - كلمة، كتبها مراسل المجلة في حلب بتاريخ مايو 1925، علمنا منها أن فرقة أمين عطا الله، هي الفرقة الوحيدة الحائزة على قبول عموم أهالي سورية، ولهذا القبول سببان: أولهما أن فرقة أمين عطا الله هي أول فرقة يشاهدها السوريون بعد الحرب، والآخر هو أن أمين عرف هوى الجمهور السوري، وإلى أي شيء يميل! فصار يعطيه ما يحب من الروايات المفرحة الغنائية من النوع الكشكشاوي. وتتألف فرقة أمين عطا الله في ذلك الوقت من: كميل شامبير ملحن المسرحيات ورئيس الأوركستر، أبريز أستاتي الممثلة الأولى وزوجة صاحب الفرقة أمين عطا الله، سرينا المصرية المطربة، عبد اللطيف المصري مدير المسرح، عبد العزيز أحمد، فريد صبري، السيد بهنسي مطرب الفرقة، إلياس صوفان رئيس الألحان، إبراهيم توفيق، حسن حمدان، فريد كروان، ميشيل حداد، على العريس، صابر اليافاوي، سرينا غزال، فكتوريا حبيقة، جميلة غزال، زكية غزال، نظيرة المصرية، جميلة المصرية، جوزيفين إبراهيم، ظريفة أمين، بديعة عيسى، أليس خديج. والأوركستر يتكون من: كميل شامبير ملحن المسرحيات، سالفاتوري دي جانيني، شحادة سعادة، جوزيف خديج.
وفي أوائل عام 1926، جاء أمين عطا الله بفرقته إلى فلسطين، فنشر «إيليا زكا» في جريدته «النفير» - التي تصدر في حيفا - خبراً بعنوان «الأستاذ عطا الله في حيفا»، قال فيه: « مثل أول أمس على «مسرح بستان الانشراح» إحدى رواياته الكبيرة. ولا نبالغ إذا قلنا إنها الحفلات المفتقرة إليها بلادنا، لما تضمنته من المواقف الأخلاقية الوطنية والانتقاد الصحيح. وسيوالي التمثيل كل ليلة في البستان المذكور، نتمنى له الإقبال والتشجيع الجدير به وبجوقه، كما كان في الليلة الأولى، التي تعذر على الكثيرين الدخول». وبعد شهر نشرت الجريدة خبراً بعنوان «نادي التمثيل الأدبي»، جاء فيه الآتي: « ستحيي هذا المساء شبيبة نادي التمثيل حفلة كشكشية، وسيستعرض بها الأستاذ أمين عطا الله جوقه المؤلف من 30 ممثل و15 ممثلة بروايتين: الأولى الفصل الأول من رواية «صلاح الدين الأيوبي»، والثانية «كش كش وحماره»، نرجو الجمهور الإقبال والتشجيع».
وفي مارس وأبريل 1927، نشر «منيف الحسيني» عدة أخبار - عن فرقة «كشكش بك» لأمين عطا الله - في صحيفته «الجامعة العربية» التي تصدر في القدس، علمنا منها أن أمين عطا الله جاء بفرقته إلى حيفا، ومثّل فيها مسرحياته الهزلية «الانتقادية التي تضع عاداتنا وأخلاقنا المقتبسة عن الغرب تحت المحك فتظهر جوهرها من نحاسها بقالب جميل جذاب». ومن أمثلة هذه المسرحيات «برميل الغرام»، التي مثّلها وخصص ريعها لمساعدة المدرسة الوطنية الأرثوذكسية.
وفي أواخر عام 1930، نشرت الجرائد الفلسطينية أخباراً عن الفرقة وعروضها، ومنها جريدة «الحياة» - التي تصدر في القدس - عندما نشرت خبراً بعنوان «فرقة الأستاذ أمين عطا الله في القدس»، قالت فيه: « تحيي هذه الفرقة الشهيرة ثلاث حفلات كبرى في القدس على «مسرح الساليزيان» أمام المستشفى الطلياني، تمثل فيها روايات: «تنابل السلطان»، و«حمام بنت الملك»، و«عضو البلدية»». وهذه العروض كانت ناجحة، لدرجة أن أخبار نجاحها وصل إلى مصر، فقد تحدثت عنها مجلة «العروسة»، قائلة: جاءنا ثناء عظيم على الأستاذ أمين عطا الله، الذي يتجول الآن بفرقته في أنحاء فلسطين، والنجاح حليفه، والإقبال عليه لا يوصف. ولا يدهشنا هذا فإن لأمين عطا الله بين ممثلي الكوميديا النابغين مكانة معروفة، ومقدرة يشهد له بها الجميع. والسيدة إبريز زوجته من ممثلات مصر المعدودات، وهي من أركان المسرح العربي الجديد والهزلي. فنحن نضم ثناءنا إلى ثناء المراسل الفاضل، ونهنئ الأستاذ أمين والسيدة إبريز بنجاحهما وفوزهما.
وفي عام 1934، نشرت جريدة «الدفاع» - التي تصدر في يافا – إعلاناً بعنوان «أمين عطا الله كشكش بك»، علمنا منه أن الفرقة ستعرض ثلاث مسرحيات كوميدية على مسرح «سينما أديسون» في القدس. وفي عام 1940 وجدنا آخر خبر عن الفرقة في فلسطين – فيما بين يدينا من معلومات – نشرته جريدة «الصراط المستقيم» - التي تصدر في يافا – تحت عنوان «كش كش بك يحيي حفلة كبرى لمنفعة الصليب الأحمر في فلسطين»، علمنا منه أن الفرقة ستعرض مسرحية «صاحبة السمو» على مسرح «سينما الحمرا»، تحت رعاية رئيس لجنة بلدية يافا عبد الرؤوف البيطار، وسيخصص ريعها لصالح الصليب الأحمر في فلسطين.
خاتمة صادمة
أختتم هذه المقالة بقصة قصيرة لها مغزاها! ففي عام 1955 تذكر «جورج أبيض» الفنان «أمين عطا الله» وسأل: أين هو الآن، وماذا يفعل؟! فنشرت مجلة «الفن» هذا السؤال في مقال على لسان جورج أبيض، فأرسل أمين عطا الله رداً – نشرته المجلة - قال فيه: أتقدم شاكياً راجياً أن تسمع شكواي، إن أمين عطا الله الذي اكتشفت عبقريته سيد درويش، وأهدى إلى المسارح والسينما أكبر رجال الفن، عندما اكتشف: بشارة واكيم، وأستفان روستي، وماري منيب، وسرينا إبراهيم، وعبد العزيز أحمد، وإبراهيم حمودة، ومحمود رضا، وعلي عبد العال، وإسماعيل ياسين، وزينات صدقي!! إن أمين عطا الله الذي عاصر التمثيل منذ خمسين سنة، وضحى بشبابه وماله، وعاش بالعرق والدموع، وأمضى ثلاثة أشهر مع الريحاني، وعزيز عيد، وروز اليوسف، وأستفان روستي، وحسن فايق، وهو يأكل معهم «الفول» في سبيل الفن الذي بنيناه بسواعدنا .. إن هذا الأمين عطا الله، حين توقف عن العمل منذ سنوات، تقدم إلى زملائه رجال الفن – أعضاء نقابة الممثلين – طالباً منهم أن يقرروا له معاشاً شهرياً أسوة بغيره، فكان ردهم الإنذار بإقالتي من عضوية النقابة؛ لأنني لم أسدد الاشتراكات الشهرية!!


سيد علي إسماعيل