الجائحة تتيح للعالم مشاهدة رائعة «شبح الأوبرا» أون لاين (1-2)

الجائحة تتيح للعالم مشاهدة رائعة «شبح الأوبرا» أون لاين (1-2)

العدد 662 صدر بتاريخ 4مايو2020

تعتبر المسرحية الاستعراضية الأوبرالية (شبح الأوبرا) من أنجح وأضخم عروض برودواي ومن أقدم العروض التي قدمت ومازالت تقدم على خشبة المسرح منذ سنوات طويلة. والتي بدأ إنتاجها في عام 1986م. وقدمت في العديد من دول العالم. وهي من روائع الأدب الفرنسي في القرن العشرين. وقد جاءت جائحة كورونا لتلزم سكان الكرة الأرضية بالمكوث في منازلهم مما أثر بشكل سلبي على الجميع عمليا وماديا, وكان من نتائج ذلك أن قامت إدارة الفرقة بتخصيص يوم الجمعة 17 أبريل لمشاهدة العرض مجانا عبر اليوتيوب وذلك لمدة ثلاثة أيام, مع فتح باب التبرعات لصالح أعضاء فريق العمل لمعاونتهم ماديا في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجههم بسبب انتشار الوباء. وبالتالي فقد كانت فرصة جيدة وممتعة لعشاق المسرح ولمن لم يسبق له  مشاهدة أكبر عرض استعراضي في العالم كي يتابعه في المنزل. المسرحية مأخوذة عن رواية فرنسية للمؤلف غاستون ليرو ونشرت في إحدى المجلات الفرنسية عام 1909م. وقدمت كفيلم سينمائي مرتين الأولى عام 1925 والثانية عام 2004. وهي كمسرحية من أنجح مسرحيات برودواي التي مازالت تقدم في جميع أنحاء العالم منذ سنوات طويلة. وترجمت القصة إلى العربية بواسطة بولين فرانسيس وفدى بركة. وترجم المسرحية للعربية د. سمير سرحان.
اكتسبت (شبح الأوبرا) شهرتها وعظمتها من تلك المتعة التي تبثها للمشاهدين حيث تبدو روعتها في عدة عوامل أولها أن القصة تعتبر من أقوى قصص الحب التي تم تجسيدها على المسرح, ثم احتوائها على كم هائل من الإبهار البصري في الديكور التفاعلي الضخم والخدع البصرية واستخدام التكنولوجيا في عديد من المؤثرات المبهرة بالإضاءة والصوت وخلق عالم سحري يجذب قلوب وعقول المتفرجين ينفذ من خلال قصة من أجمل وأكبر قصص الحب والتضحية والمشاعر الرقيقة ومن خلال عظمة الموسيقى والغناء الجميل وفخامة الأزياء والملابس والمناظر الضخمة التي تتم عن طريق تقنيات عالية ومبهرة. هي قصة من عالم ساحر وخيال رائع.
علينا أن نتعرف على تفاصيل مهمة تختص بالمكان الذي تدور فيه الأحداث وهو دار الأوبرا في باريس والتي افتتحت عام 1875. وقد أنشأها المهندس المعماري جارنييه, وهي تتميز بروعة المعمار وفخامة الديكورات الداخلية. والكثير من تفاصيل هذا المبني وما به من تماثيل ودهاليز وعلى الأخص البحيرة التي تكونت أسفله تمثل جزءا هاما من جغرافية الحدث الدرامي في هذه المسرحية. وقد صمم المبني  بحيث يكون هائل الحجم, وهو مازال أضخم دار أوبرا في العالم. أما الصالة فتسع 2156 متفرج. والمساحة الكبرى للدار تتمثل في مساحة الخشبة التي هي أكبر من الصالة, ومعها الردهات والسلام وغرف الممثلين وأماكن البروفات. حيث أنه عند بدء العمل في إنشاء المبنى عام 1861م أسفرت الحفريات الأولى لوضع الأساس عن وجود بحيرة من المياه الجوفية, وتم تجفيفها بشفط المياه لمدة ثمانية أشهر كاملة ليلا ونهارا ثم وضع قميص خرساني على الأرض لمنع تسرب المياه. وقد استغل المهندس جارنييه مصمم الدار المياه الجوفية فحولها إلى ميزة وأنشأ على عمق بعيد تحت خشبة المسرح عند مستوى البدروم الخامس بحيرة صغيرة تستخدم مياهها في تشغيل آلات الرفع الهيدروليكية التي تحرك المناظر على خشبة المسرح وتبلغ أهمية هذه المعلومة في أن هذه البحيرة هي مقر الشبح ويدور فيها أحداث درامية هامة في العرض المسرحي. ويذكر د. سمير سرحان في مقدمته لترجمة المسرحية أن فكرة المسرحية جاءت للمؤلف جاستون  ليرو بعد زيارة خاصة لدار الأوبرا في باريس والتجول في أدوارها السفلية وأنه بهر بالممرات والدهاليز والقاعات السفلية المتشعبة التي تشبه المتاهة وكذلك بالبحيرة السفلية التي يمكن رؤيتها من خلال قضبان حديدية. وقد برع المؤلف في إدماج  كل هذا في الأحداث موحيا بجو غامض ومثير.
ومن الأحداث المهمة ذات التأثير القوي في نفوس المشاهدين  أيضا في هذا العمل هو مشهد سقوط النجفة الكبيرة أعلى الصالة فوق رؤوس المتفرجين أثناء العرض, ويذكر المؤلف عن ذلك أنه اتخذ تلك الفكرة من حادث حقيقي حيث سقطت النجفة الكبرى التي تتوسط سقف الصالة على رؤوس المشاهدين بالفعل عام 1896م وقد نتج عنه هلع ورعب شديدين. فاستغل ليرو ذلك  وأخذ يدرس طريقة تركيب النجفة في السقف ووسائل الوصول إليها في المعمار من خلال ممرات ودهاليز تصل إلى السلاسل التي تحمل النجفة, لذا فقد جعل الشبح في المسرحية على دراية بفن الهندسة المعمارية.
ويؤكد المؤلف ليرو واقعية الأحداث وحقيقة وجود الشبح فعلا, وذلك بعد أن قام بالبحث في عديد من الوثائق في الأرشيف الخاص بالأكاديمية القومية للموسيقى وأنه قد ربط بين شائعة الناس عن وجود الشبح في نفس الوقت الذي انتشرت فيه أحداث غامضة متمثلة في خطف المغنية الشابة كرستين داييه واختفاء الفيكونت راؤول ومقتل شقيقه الأكبر والعثور على جثته البحيرة الموجودة أسفل دار الأوبرا. كما يؤكد على قراءته بنفسه لخطابات موجهة من المعنية كرستين إلى الشبح وعلى شهادة بعض عمال الأوبرا بعثورهم على هيكل عظمي لشخص يظنون أنه الشبح نفسه.
قبل سرد الأحداث علينا أن نذكر فريق العمل الذي يتكون من موسيقى: أندرو لويد ويبر,  كلمات الاغاني: تشارلز هارت,  كتاب: ريتشارد ستيلجو وأندرو لويد ويب, إخراج: هارولد برينس,  مصمم الرقصات: جيليان لين, مصمم الأزياء والملابس: ماريا بيورنسون, مصمم الإضاءة: جسر أندرو,  مصمم الصوت: مارتن ليفان.
تبدأ أحداث العرض في عام 1919 حيث تباع في مزاد علني مقتنيات دار الأوبرا الفرنسية. ومن ضمن المزايدون كانت تقف سيدة عجوز تدعى مس (جيري) وشخص يدعي الفيكونت (راؤول) وكانا ينظرانً الي الأشياء بحزن شديد ولكنهما تنافسا على لعبة علي هيئة قرد يصفق وهي اللعبة كانت موجودة في أحدي سراديب دار الأوبرا وقد حصل عليها الفيكونت بمبلغ عال بالرغم من أنها لعبة لا تستحق. بعد ذلك تعرض أثمن القطع وهي النجفة الضخمة التي كانت تعلق في صالة الأوبرا  وعندما ينظر الفيكونت راؤول الي تلك النجفة تعود به ذكرياته الي عام 1880 عندما كانت دار الأوبرا الفرنسية في أوج عظمتها ومجدها ذلك اليوم كانت تقام البروفات النهائية علي مسرحية هانيبال التي ستغني بها أشهر مغنيات فرنسا في ذلك الوقت وتدعي (كارلوتا). ويفلس مالك دار لأوبرا ويبيعها لمالكان جديدان. ويأتي (راؤول) وكان شابا في ذلك الوقت ويستمع إلى صوت (كريستين) ويتذكر حبه القديم لها حيث قد نشئا معا منذ الطفولة. و أثناء العرض بمجرد أن بدأت الغناء اذ بيد خفية تظهر بجوار الأماكن التي تعلق بها الديكورات بالأعلى وتحل قطعة ضخمة من الديكور لتقع علي (كارلوتا) و لم تصب بأذى لكنها تغضب بشدة وترحل. ويترك شبح الأوبرا رسالة للمالكين الجدد عن طريق مس (جيري) مديرة دار الأوبرا وهي تعمل بها منذ زمن وعلى دراية بكل أسرارها وخباياها, كما أنها كانت تحب (كريستين) وتعتبرها بمثابة ابنة لها, وكان محتوي الرسالة هو بعض تعليمات الشبح وهي أولاً كارلوتا لن تغني في حفل الافتتاح ، ثانياً بأن يتركوا المقصورة رقم خمسه فارغة دوماً لأجله ، ثالثاً بأن يدفعوا له مبلغ عشرون ألف فرنك كإيجار وبالطبع هذا لم يعجب المالكان الجدد واعتبرا أن هذه الرسالة هي من شخص يريد فقط التلاعب بهم.
كانت (كريستين) هي نجمة ليلة الافتتاح وفي أثناء غنائها رآها (راؤول) من مقصورته التي كان يجلس بها ولم يصدق عينيه اذ أن هذه هي حبيبته القديمة (كريستين) التي لم يتوقف عن حبها حتي اليوم وعندما انتهت (كريستين) من اداء الأغنية لم تذهب الي غرفتها مباشرة بل ذهبت الي المهجع القديم الذي كانت تنام فيه عندما جاءت الي دار الأوبرا وهي صغيرة فلقد كانت تضع فيه صورة لوالدها وعندما تشعر بالحزن أو بالسعادة أو تنجح في شيء ما تذهب الي هذه الغرفة لتضيء الشموع بجوار صورة والدها لكن ليس هذا فقط هو سبب نزولها الي تلك الغرفة بل لأنها عندما تنزل تسمع صوت معلمها العظيم الذي علمها الغناء والذي تسميه ملاك الموسيقى حيث يأتي إليها في هذا المكان دوما ويقوم بتدريبها..
ذهبت كريستين بعد ذلك الي غرفتها لترتاح قليلاً . ليزورها (راؤول) لم تصدق كريستين أنه لازال يتذكرها ويحبها كذلك وقد قام بدعوتها للعشاء احتفالاً بنجاحها الباهر لكن (كريستين) كانت تعلم بأن ملاك الموسيقي لن يرضي بخروجها معه وبالفعل يحضر إليها وتسمع صوته ويهدد بإيذاء راؤول. وعندما نظرت كريستين في المرأة رأت رجلاً يرتدي قناعا يغطي نصف وجهه. يمد لها يده ويقول لها كلمات بصوته الرخيم كلمات وقعت علي كريستين وقع السحر وكأنه نومها مغناطيسيا ثم أخذها الي سرداب ووصل بها لبحيرة صغيرة تحت الأرض و لم يكن هذا الرجل سوي شبح الأوبرا وغني لها أغنية رائعة وأراها تمثالاً قد صنعه لها يشبهها تماماً ولكنه يرتدي ملابس عروس وعندما رأته كريستين فقدت وعيها في الحال وسقطت بين يدي الشبح الذي حملها ووضعها علي سرير علي شكل طاووس موجود في الغرفة

                                                                                                                                                                                     يتبع........


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏