التفاصيل المجهولة لأول معهد مسرحي في مصر(11) الطالبة زوزو حمدي الحكيم تهاجم يوسف وهبي

التفاصيل المجهولة لأول معهد مسرحي في مصر(11) الطالبة زوزو حمدي الحكيم تهاجم يوسف وهبي

حفل توزيع إعانات الحكومة على أصحاب الفرق الذي أقيم في مقر معهد فن التمثيل ويظهر في الصورة عزيزة أمير وزينب صدقي وزكي طليمات ويوسف وهبي وإبراهيم رمزي والكسار والريحاني وطلبة المعهد

العدد 661 صدر بتاريخ 27أبريل2020

قرأنا في الحلقة السابقة تفاصيل الحفل الذي أقامه الطلاب والمسئولون في وزارة المعارف لزكي طليمات، بمناسبة انتهاء أول أعوام الدراسة في عمر معهد فن التمثيل، وأيضاً بمناسبة سفره إلى أوروبا – أثناء شهور الصيف – من أجل الاستعداد للعام الدراسي الجديد .. وفي الفترة نفسها أقامت الوزارة احتفالاً داخل المعهد بتوزيع إعانات الفرقة المسرحية، ومكافآت التفوق لبعض الممثلين، وحضر هذا الاحتفال: يوسف وهبي، وإبراهيم رمزي، وعزيزة أمير، وفاطمة رشدي، وزينب صدقي، وآخرون!! وفي الاحتفال الأول، قرأنا في الحلقة السابقة كلمة رئيس المعهد - وسكرتير عام وزارة المعارف - محمد بك العشماوي في حق زكي طليمات؛ عندما وصفه بمؤسس المعهد .. إلخ. هذه الكلمة، نشرتها مجلة الصباح، فتلقفها يوسف وهبي، وبنى عليها هجوماً شرساً، انقسمت الآراء حوله، فاشتعلت المقالات، وبدأت معركة، كانت نتائجها كارثية!!
بدأ يوسف وهبي هجومه على كلمة العشماوي بك، قائلاً: بأن بها “عبارات مُحقرة لشأن القائمين برقي المسرح المصري، وكانت تلك العبارات شاملة جامعة لنا دون تحديد ولا تمييز”. وحتى يكون يوسف موضوعياً، جاء بجزء من نص خطبة العشماوي بك، وفيها يقول: “.. لقد ذكرتم غيرة زكي طليمات وإخلاصه؛ ولكن هناك نواحٍ أخرى لم تعرفوها عنه. عرفتم المعهد بعد أن وُجد؛ لكنكم لم تعرفوا الجهد الذي بذله في إيجاده وتحقيقه. لقد صبر وثابر واحتمل كل شيء من وقت عودته من أوروبا إلى أن وُجد المعهد. بدأت فكرة إيجاد المعهد بحملة لا من وزارة المعارف؛ ولكن بحملة من الخارج! حملة من الوسط الذي يعمل الأستاذ زكي له، ومن البيئة الناقصة، التي يُعدُّ العناصر الطيبة لها! حُوربت منهم كل فكرة تُقام من أولئك، الذي يُراد إصلاحهم. وكان طبيعياً أن يُهاجم الأستاذ زكي، وأن تُبذل كل الجهود في سبيل إخفاق مشروعه، وأن تعمل دعاية واسعة النطاق لتخفيف فكرة إيجاد المعهد؛ لأن في وجوده كشف الستر عن التزييف، وإظهار الغث من السمين! لكن رغماً من هذا فقد احتمل الأستاذ هذه المحنة، ولم يكتف باحتمالها بل عطف على موجديها، فجازى السيئة بالحسنة. وكان يدعوني وأنا رئيس اللجنة التي أشرفت على الفرق، أن أكون كريماً معهم، وأن أشجعهم، وأن أمهد لهم سبل التوفيق في مهمتهم، ويعطف عليهم، ويقدر كل العقبات التي تعترضهم، ويستدر فضل وزارة المعارف عليهم، في الوقت الذي كانوا يحاربونه .. إلخ”.
ردّ يوسف وهبي بذكاء شديد على هذا الكلام؛ لأنه ردّ على العشماوي بك؛ بوصفه سكرتير عام الوزارة المسئولة عن نشاط المسرح في مصر بأكملها، وليس بوصفه؛ رئيساً لمعهد فن التمثيل!! لذلك وجه يوسف وهبي كلامه إلى جمهور القُراء، قائلاً: “هاك يا حضرة القارئ نبذة من كلمة العشماوي بك الرائعة، وهي تظهر لنا بجلاء ما يكنه للمسرح المصري ورجاله ونسائه أجمعين من الإعجاب والتقدير، وتكشف لنا عن النيّة الحسنة، التي توجهها وزارة المعارف في شخص سكرتيرها الفاضل إلى نصرة الذين نهضوا بهذا الفن”. واستمر يوسف وهبي يعزف على هذا الوتر، وتحدث عن أمور كثيرة – أوقعت العشماوي في حرج شديد – منها أن الفرق المسرحية، هي التي أسست المعهد لا زكي طليمات، وذلك بسبب نهضة المسرح المصري!! فلولا هذه النهضة ما كانت الحكومة فكرت في إنشاء المعهد! وضرب مثلاً على ذلك بأن زكي طليمات نفسه، أحد ممثلي فرقة رمسيس الهواة، ولهذا السبب تفوق، وذهب في بعثة إلى باربس.
وحاول يوسف وهبي إنكار أي فضل لزكي طليمات في إنشاء هذا المعهد، قائلاً: “ أما فكرة إنشاء المعهد، ففكرة قديمة. وقد رفع من أجل ذلك المرحوم الأستاذ محمود مراد أفندي تقريراً من ستة أعوام إلى وزارة المعارف. كما رفع الأستاذ عبد الرحمن رشدي عن ذلك تقريراً إلى صاحب الجلالة الملك. أما إن شئتم نقداً صريحاً فهيا افتحوا لنا الباب دون وجل ولا غضب، واحملوا كلامنا محملاً حسناً، ونحن على استعداد أن نبين لكم أن المعهد، الذي تفاخرون به ما هو إلا معهد للأدب لا للمسرح، وأنه بعيد عن نظام المعاهد التمثيلية بعداً تاماً. ولي أن أستشهد بمعاهد إيطاليا، التي تعلمت فيها”.
حماس طالبة
كان من الممكن أن يمر ردّ يوسف وهبي مرور الكرام، فكم من معارك نقدية خلافية حدثت بينه وبين زكي طليمات، ومرّت بسلام. ولكن زوزو حمدي الحكيم؛ بوصفها الطالبة الأولى على جميع الطلاب، وتلميذة زكي طليمات المدافعة عنه، تصدت للردّ على يوسف وهبي، وكان ردها حماسياً في البداية، وشيئاً فشيئاً تحول إلى عبارات غرور وتحدٍ، مع كثير من الألفاظ الجارحة!! ووصل بها الأمر أنها نشرت ردها في مكان آخر، وهو مجلة «الصرخة»، التي صدرت فقط للهجوم على يوسف وهبي!! وبسبب ما كتبته زوزو حمدي الحكيم، والذي ترتب عليه معركة كبرى وانشقاق كبير بين المسرحيين، وأدى في نهاية الأمر إلى عواقب وخيمة، عصفت بهذا المعهد – كما سنعلم لاحقاً - يجب علينا أن ننشر هذا الرد الطويل؛ بوصفه وثيقة تاريخية، تُضم إلى ما نعرفه وما لا نعرفه عن هذا المعهد!!
نشرت مجلة الصرخة، مقالة عنوانها «طالبة بمعهد التمثيل ترد على الأستاذ يوسف وهبي .. الذي هو زعيم التمثيل»، بتوقيع زوزو حمدي الحكيم، قالت فيها: “ غاظ الأستاذ يوسف وهبي صاحب مسرح رمسيس أن يكون لمعهد التمثيل كل هذا الشأن والعناية، وأن تُعنى الصحافة اليومية بنشر أخباره ونتيجة امتحاناته ونشر صور المتفوقين من طلبته وطالباته، وهو شرف لم يحظ بنواله ممثل أو ممثلة إلى الآن – حتى ولا الأستاذ يوسف وهبي نفسه. وغاظه فوق هذا وذاك أن تُقام حفلة تكريم لأستاذي النابغة زكي طليمات، يحتشد فيها ممثلو الصحافة العربية والأفرنجية ليسمعوا ولينقلوا إلى صحفهم كيف يُكرم العلم والأدب والتفاني والتضحية في شخص زكي طليمات، وكيف يقف أكبر موظف مسئول مُشرف على حركة التمثيل لينثر الزهور على أستاذي زكي، وكيف يقف شاعر القطرين ليُحي في شخص زكي طليمات الجهود الجبارة في تواضع وفي غير ضوضاء ولا تهويش. غاظ الأستاذ يوسف وهبي كل هذا في الوقت الذي تأبى فيه الصحف أن تنشر كلمة تقريظ عن رواية له إلا بأجر معلوم، كإعلان من الإعلانات! وفي الوقت الذي يسعى هو فيه إلى أن تُقام له حفلة تكريم، فيقف سعيه عند حد الكلام، ولا يتقدم أحد للاشتراك في هذا التكريم. غاظه هذا وذلك فأرسل مقالاً إلى جريدة المقطم، كان يُحسن صنعاً لو جعل عنوانه «نفثات حاقد محموم». ويطول الحديث إذا شئت الرد على كل ما جاء بمقال صاحب مسرح رمسيس. ولهذا ألخص مقاله في النقط الآتية ثم أرد عليها: (1) الأستاذ ينكر إنه حارب فكرة إنشاء معهد التمثيل، ويكفينا من يوسف وهبي هذا التقهقر، وهذا الجُبن الأدبي المخجل! وإلا فكيف يستطيع أن ينكر تصريحاته وأحاديثه في الصيف الماضي، التي نشرتها له مجلة الصباح الغراء، وكلها تسخيف لفكرة إنشاء معهد التمثيل، وكلها تدور حول وجوب قصر تشجيع الحكومة للتمثيل على الفرق التمثيلية وحدها، وعلى رأسها مسرح رمسيس؟ وهل يستطيع الأستاذ أن ينكر مقالات ممثلي مسرحه من حسن البارودي وقاسم وجدي، وكلها طعن في معهد التمثيل .. إلا إذا شاء أن يقول إن هذه المقالات كُتبت ونُشرت من غير علمه! وإذن واخجلتاه للرجولة! (2) الأستاذ يتبجح ويدعي إنه واضع أساس النهضة التمثيلية، وهكذا ينكر يوسف وهبي كل فضل للمرحوم سلامة حجازي ولفرقة عكاشة ولجورج أبيض ولعبد الرحمن رشدي. ينكر فضل هؤلاء جميعهم الذين نزلوا إلى ميدان التمثيل أيام كان التمثيل مغامرة يجازف فيها المغامر برأس ماله الأدبي ورأس ماله المادي! هؤلاء الذين حاربوا من غير سلاح، ومع ذلك استطاعوا أن يكسبوا معارك لا تزال تُذكر لهم بالشرف والفخار. والآن قل لي أنت يا يوسف يا وهبي؟ ما فضلك على التمثيل؟ ألكونك ابن باشا؟ لقد سبقك إلى هذا الفضل – إن كان فيه فضل – المرحوم محمد بك تيمور وهو ابن باشا أيضاً، وهو أعرق حسباً ونسباً منك، ومن بيت أرستقراطي يرجع تاريخه إلى يوم لم يكن فيه لبيتكم ذكر ولا سيرة! كل فضلك يا أستاذ هو أنك ورثت عن المرحوم أبيك بضعة آلاف من الجنيهات لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، فوضعتها في مشروع تجاري هو مسرح رمسيس. وبفضل هذا المشروع التجاري الذي جعلت أساسه الحصول على أكبر ربح مالي ممكن بصرف النظر عن كل اعتبار للفن أو لخدمته، استطعت أن تعيش اليوم عيشة رغد وترف يحسدك عليها أشقاؤك الذين ورثوا مثلك بضعة آلاف من الجنيهات. فقل لي إذن أين هي التضحية يا صاحب السيارات الثلاث، وصاحب الفيلا البديعة بالزمالك، وصاحب الشقة المفروشة فرشاً فاخراً بالإسكندرية، والمستعدة لاستقبالك شتاء وصيفا؟ أين هي التضحية وقد ربحت من التمثيل عشرة أضعاف ما يجنيه أشقاؤك من ميراثهم الضئيل. (3) يوسف وهبي يقول عن الروايات التي اختارتها له وزارة المعارف إنها سخيفة وعتيقة! ويمضي الأستاذ يندب في مقاله قلة الإيراد أثناء تمثيل هذه الروايات وهي البخيل لموليير، والبعث لتولستوي، وأنا كارنين لتولستوي، وأميرة بغداد لدوماس. ومقياس سخف الرواية أو متانتها الفنية هو الفلوس. الفلوس دائماً هي كل شيء عند وضع أساس النهضة التمثيلية في مصر! فإذا أتت رواية ما بإيراد كبير فهي رواية فنية عظيمة! وإذا لم تأت بإيراد فهي رواية عتيقة سخيفة. وعلى أساس هذا المنطق تكون رواية لوكاندة الأنس رواية عظيمة. ورواية يوليوس قيصر التي سقطت في مسرح رمسيس، رواية سخيفة حتى ولو كان مؤلفها شكسبير. ورواية لزقة إنجليزي عظيمة، ورواية البخيل سخيفة! ورواية راسبوتين والكوكايين تحفة فنية رائعة! الله يكسفك يا أستاذ! أهذه عقلية صاحب مسرح محترم أم عقلية مهرج يعمل في سرك متجول؟! والآن قد يسألني الأستاذ يوسف وهبي: لماذا سقطت إذن هذه الروايات ولماذا روايات البخيل وأنا كارنين وأميرة بغداد لم تأت بإيراد؟ هذه الروايات سقطت على مسرحك لأنك لم تعرف كيف تخرجها ولا كيف تمثلها! هذا هو السبب وهو بسيط كما ترى! فلماذا تتهم هذه الروايات بالسخف ولا تتهم نفسك وممثليك وممثلاتك بالعجز! لقد أسندت مثلاً دور البطلة في رواية أميرة بغداد إلى الآنسة أمينة رزق وهي آخر من تصلح لهذا الدور! وأوكد لك إنني – أنا التي لا زلت طالبة بمعهد التمثيل – كان في إمكاني لو قمت بهذا الدور وتحت إشراف أستاذي زكي طليمات لا إشرافك أنت، أن أجعل هذه الرواية تمثل شهراً كاملاً أي 30 ليلة متوالية دون أن يكون هناك مقعد خالٍ واحد في الصالة! وخذ مثلاً رواية البخيل التي أخرجتها الفرق التمثيلية في مصر منذ نيف وثلاثين عاماً! فهلا تخجل إذا قلت لك إن هذه الرواية نجحت وأتت بإيراد في فرقة القباني وسلامة حجازي، وأن الأستاذ عمر وصفي كان يمثل دور البخيل بنجاح كبير إلى سنوات قليلة مضت؟ ثم هل تنكر أن فرقة عبد الرحمن رشدي أخرجت منذ عشرة أعوام رواية الموت المدني ورواية النائب هالير، فنجحت كل من الراويتين نجاحاً هائلاً، حتى بلغت أرباح الفرقة من الرواية الأولى نحو ألفين جنيه .. ثم أخرجت أنت نفس الروايتين فسقطتا سقوطاً شنيعاً واضطررت أن توقف تمثيلهما وأن تُودعهما ظلمات المخازن؟ لماذا كان النجاح وكان السقوط؟ هل تغير الجمهور! كلا! وإنما إخراجك وتمثيلك هو السبب في سقوط الروايتين! لقد نجحت رواية الموت المدني لأنها أخرجت ومثلت كما يجب. ثم جئت أنت وأخرجتها ومثلتها على طريقتك فسقطت! (4) الأستاذ تعلم في معاهد إيطاليا؟ وأنا كفتاة لا أريد أن أخوض هنا فيما هو أصبح سراً مشاعاً عند الجمهور عن كيف ذهب الأستاذ يوسف إلى إيطاليا ولا عن حوادثه فيها. وأكتفي بأن أقول للأستاذ إنه يكذب بالثُلث حين يدعي إنه درس التمثيل في إيطاليا! وها أنا أقرر صراحة أن الأستاذ لم يلتحق بأي معهد في إيطاليا ولا في سواها، ولم يحصل على أية شهادة دراسية في فن التمثيل! وأتحدى الأستاذ يوسف وهبي أن يبرز شهادة واحدة تثبت التحاقه بمعهد من المعاهد! .. شهادة يرجع تاريخها إلى سنة 1922 أي إلى السنة التي عاد فيها من إيطاليا. وليذكر لنا الأستاذ مواد الدراسة في المعهد الإيطالي الذي درس فيه! .. ولا بد وأن يكون بين تلك المواد: فن الإلقاء، وفن المكياج، وفن حرفية المسرح، ورسم المناظر. وها أنا – أنا زوزو حمدي الحكيم الطالبة بمعهد فن التمثيل – أتحدى «زعيم التمثيل في مصر» كما يقول عن نفسه، أن يؤدي معي امتحاناً في هذه المواد أمام أية لجنة تُشكل من الأجانب والوطنيين الذين لهم إلمام بفنون التمثيل! أتحداه أن يقف معي أمامهم، وأنا الضمينة أن أتفوق عليه وأن أثبت جهله بكل هذه الفنون، وأثبت كذبه حين يقول إنه درس التمثيل في معاهد إيطاليا. وإذا لم يشأ الأستاذ أن يقبل من فتاة هذا التحدي، فكل زملائي طلبة المعهد على استعداد لأن يقفوا أمامه، وأنا الكفيلة أنّ أقلهم شأناً سوف ينسف يوسف وهبي نسفاً! بقى ما قاله يوسف وهبي عن أستاذي طليمات وكيف إنه لم يسافر في بعثة التمثيل إلا كممثل هاو في مسرح رمسيس! وأنا أقرر هنا أن يوسف وهبي كاذب، وأن زكي طليمات كان ممثلاً معروفاً أيام كان يوسف وهبي يلقي مونولوجاته عند مدام مارسيل صاحبة كازينو دي باريس. ثم هل ينكر يوسف أن زكي طليمات والأستاذ عزيز عيد هما اللذان علماه كيف يُمثل دوره في رواية المجنون التي افتتح بها مسرح رمسيس؟ وهل ينكر يوسف أن لجنة المباراة حكمت لزكي طليمات بالجائزة الأولى في الدرام ثم كان أن سعى بعضهم عند اللجنة حتى منحت هذه الجائزة ليوسف وهبي حرصاً على سمعته وكرامته كصاحب فرقة؟ ثم كان أن عوضت اللجنة هذا الإجحاف على زكي طليمات فأوفدته في أول بعثة للتمثيل! لا يستطيع يوسف وهبي أن ينكر هذه الحقيقة لأن رئيس لجنة المباراة حسين بك سري لا يزال والحمد لله على قيد الحياة ويستطيع أن يمد أصبعه ليفقأ به عين المكابرين! ولقد تكلم يوسف وهبي عن معهد التمثيل وأن لا فضل فيه لزكي طليمات لأن المرحوم محمود مراد فكر فيه، ولأن الأستاذ عبد الرحمن رشدي قدم اقتراحاً بإنشائه! وأكتفي في الرد على هذه النقطة بإحالة الأستاذ يوسف إلى الحكاية المشهورة، حكاية بيضة كولمبوس! ولا بد وأن يكون قد قرأها لأنها تُدرس في السنة الثالثة ابتدائي يا أستاذ!”.
ردود الأفعال
ما أظن أن زوزو حمدي الحكيم، كانت تتوقع الثمن التي ستدفعه – وسيدفعه المعهد فيما بعد - نتيجة ما كتبته ونشرته في مجلة الصرخة!! فقد ردت عليها جريدة «لسان العرب»، قائلة: “ ليس في معهد التمثيل الحكومي تلميذة تحتد وتدافع عن أستاذها زكي طليمات غير زوزو حمدي الحكيم بكلمات جارحة في منتهى البذاءة والقذارة حتى أظهرتها لنا فتاة تجيد تمثيل الردح على الطريقة البولاقية”. وفي بقية الرد، نجد الجريدة تؤكد على أمر – أصبح نقطة ضعف فيما بعد لمن يهاجم المعهد – وهو معايرة المعهد، كونه يضم فتيات من نوعية هذه الفتاة وأسلوبها الوقح في الهجوم على كبار الفنانين أمثال يوسف وهبي. وذهبت الجريدة إلى احتمال بأن زكي طليمات هو الذي كتب المقالة، ووضع اسم الفتاة عليها.
ما كتبته زوزو حمدي الحكيم، أثار الرأي العام، وتساءل المتخصصون: إذا كان هذا هو أسلوب الطالبة المتفوقة الأولى في معهد فن التمثيل، فماذا سيكون أسلوب بقية الطالبات؟! وماذا سيكون أسلوب الطلاب؟! هذه الأسئلة أحدثت انقساماً في الساحة المسرحية بين الفنانين المسرحيين في الفرق المسرحية، والمتضامنين مع يوسف وهبي .. وبين طلاب معهد فن التمثيل المتضامنين مع زميلتهم!! لذلك تلقت مجلة الصباح عشرات الرسائل المتعلقة بهذا الانقسام، رفضت المجلة نشرها أو ذكر أسماء أصحابها، بسبب خطاب أرسلته زوزو حمدي الحكيم، يُشتم منه رائحة الاعتذار، قالت في مقدمته: “بعد التحية أبعث إليكم بكلمة أرجو أن يتسع لها صدر صحيفتكم التي عرفت بمناصرة التمثيل عن طريق المناقشة الحرة في حدود الأدب. نشرت لي مجلة الصرخة منذ أسبوعين مقالاً رددت فيه على الأستاذ يوسف وهبي وإني أسلم بأن لهجتي كانت شديدة ... إلخ”.
وللأسف عادت زوزو حمدي الحكيم إلى غرورها، واستمرت في الهجوم على يوسف وهبي وكبار الممثلات، عندما نشرت في مجلة الصباح كلمة، قالت فيها: “... إنني شاهدت رمسيس قبل انضمامي للمعهد فأعجبت به جداً، فلما انضممت للمعهد وتلقيت فيه الدروس الأولية البسيطة، قلّ إعجابي قليلاً عما كان عليه من قبل، وتحتاج التفصيلات إلى شرح طويل أرجئه لمقال أكتبه. وقد شاهدت كليوباترا من السيدة فاطمة رشدي، وهي التي يُقال عنها كبيرة ممثلات الشرق فلم تعجبني، وشاركني في ذلك الكثيرون. وشاهدت السيدة عزيزة أمير في دور واحد فلا أستطيع الحكم عليها، ولم أشاهد السيدة زينب صدقي، ولا أذكر أي الأدوار شهدت فيها الآنسة أمينة رزق”.
هذا الكلام أحرج مصطفى القشاشي صاحب مجلة الصباح – الذي رفض نشر آراء الفريقين – فتراجع ونشر هذه الآراء، تحت عنوان «هل من سبيل إلى التفاهم والتضامن؟ بين الممثلين وطلبة معهد فن التمثيل .. ماذا يقول كل فريق منهما عن الآخر؟»، وبدأ في نشر آراء الممثلين عن طلبة المعهد!! ومن الممثلين المشاركين في هذه الردود: إبراهيم الجزار، حسين رياض، فؤاد سليم، عبد المجيد شكري، فؤاد شفيق، عبد العزيز أحمد، سرينا إبراهيم، فردوس حسن. أما الطلاب الذين أدلوا برأيهم في الممثلين، فهم: محمد أحمد شاكر، رفيعة السيد الشال، محمد الغزاوي، أحمد فرج النحاس، إبراهيم عز الدين، أحمد البدوي.


سيد علي إسماعيل