التمثيل المتجسد ما يخبرنا به علم الأعصاب عن الأداء

التمثيل المتجسد  ما يخبرنا به علم الأعصاب عن الأداء

العدد 833 صدر بتاريخ 14أغسطس2023

Embodied Acting ..What Neuroscience Tell us About Performance 
BY Rick Kemp
وقد صدر هذا الكتاب عن دار نشر روتليدج Routledge عام 2012. ويتكون من مقدمة وستة فصول وعدد صفحاته 230صفحة. 
الهدف من هذا الكتاب هو استكشاف الآثار المترتبة على النتائج الأخيرة في العلوم الإدراكية بالنسبة لنظرية وممارسة التمثيل في الغرب. وتقدم هذه المعلومات إطارا لتحول مفاهيمي بارز في الفكر الغربي عن التمثيل . فمنذ القرن الثامن عشر على الأقل تأمل الغربيون التمثيل باعتباره شيئا يحدث من «الداخل إلى الخارج« أو «من الخارج إلى الداخل» وتميز العديد من المدارس إما باعتباره عملية نفسية «من الداخل إلى الخارج»، أو باعتباره بدني «من الخارج إلى الداخل«. وفي حين أن العديد من البرامج تتضمن دروسا في الحركة، أو فعاليات مثل تقنية ألكسندر، أو اليوجا أو الرقص إلا أنها منفصلة عموما عن دروس التمثيل التي وفر للطالب القليل من المعلومات حول كيفية الجمع بين الاثنين. ومن الناحية الأخرى، تميل المناهج التي تقوم على أساس بدني إلى إهمال التحليل النصي، وتترك الطالب دون ربط للمعلومات. وقد تحدث أغلب الممارسين والمدرسين عن الداخلي والخارجي حتى عندما يرغبون في دمج كليهما. هذا الفصل هو فصل مفاهيمي لا يتطابق مع التجربة الذاتية، ويوضح هذا الاندفاع الأخير في الاهتمام في التدريب الذي يقوم على ممارسات تقوم على تدريب الجسم والتدريب الكلي رغبة واسعة النطاق للتحرك فيما وراء المفاهيم الثنائية . وترتكز فكرة التجارب الداخلية أو الخارجية على فصل مفاهيمي بين العقل والجسم الذي دحضته العلوم الإدراكية . وسوف يدعم التحول إلى مفهوم شامل للجسم العقل الممارسات التي تضم العلاقة التكاملية والانعكاسية بين البدنية والفكر والعاطفة والتعبير . 
 وقد شهدت الثلاثين سنة الأخيرة تغيرات كبرى في الفهم العلمي للمخ والعقل وآلياته . وكان الدافع وراء هذا زيادة التطور في تقنية مسح المخ أثناء العمل . ولم تكن هذه المعرفة متاحة ببساطة من قبل لأن عمل المخ كان في أغلبه لاشعوري، وبالتالي لم يكن متاحا للاستفسار الواعي . وقد غيرت النتائج في مجالات مثل علم النفس واللسانيات الأفكار عن الكيفية التي نفكر بها في أنفسنا، ونشعر ونعبر . ويمكن تلخيص هذا في ثلاثة نتائج مهمة : 
1) يتجسد العقل بطبيعته، ليس فقط بمعنى أن المخ يعمل في الجسم، ولكن لأن التجربة الجسدية تشكل الفكر المفاهيمي، ويعمل الفكر من خلال المسارات العصبية العديدة نفسها مثل الفعل الجسدي (ويستخدم مصطلح الجسم-العقل Bodymind بشكل متزايد لوصف هذه الظاهرة ) . 
2) الفكر غالبا غير واع، فالقاعدة الأساسية هي أننا ندرك بوعي خمسة في المائة من نشاط المخ . 
3) المفاهيم المجردة هي عموما مجازية، مع مصدر الاستعارات التي نشأت في خبراتنا الحركية والإدراكية للعالم المادي . وتولد هذه التجارب أنساق إدراكية تعكس بيئاتنا البدنية وتشكل أنماط لفعالية إدراكية أكبر . وهذا يعني أن كثير من الكلمات والعبارات المستخدمة لوصف هذه المفاهيم لديها إيماءة أو حركة كامنة فيها . 
 والآثار المترتبة على هذا البحث بالنسبة للمتخصصين في المسرح والعلماء واسعة النطاق وعميقة الأثر . إذ يسمح لنا مفهوم العقل المتجسد بأن نتحرك إلى ما وراء مفاهيم المناهج النفسية أو البدنية في التمثيل . فكل التمثيل متجسد، فعقل الممثل يجرب ويصوغ ويتواصل مع المعنى . ويتحقق هذا من خلال الخبرة البدنية والفعالية والتخيل واللغة والاتصال غير الشفهي non-verbal communication، ومن خلال آليات المرآة العصبية neuronal mirror mechanisms التي تدعم التعاطف والتخيل والعاطفة . وتتضافر هذه الملامح بطرق أكثر شمولية مما هو معترف به في الثنائيات الغربية الحالية للجسم/العقل، والذات/الشخصية، والعقل/العاطفة، والمعرفة /الخيال . وحاليا، فكرة أن المعنى يتم التعبير عنه من خلال اللغة هي فكرة سائدة وتؤثر في في كل من مناهج التدريب والأساليب المسرحية . ورغم ذلك، يوضح البحث الحالي أن كثير من المعنى هو تفاعل بين شخصي interpersonal interaction يتم التواصل معه بشكل غير شفهي . قد حدد التركيز على الجسم وأفعاله وآلياته الإدراكية المبادئ التي تكمن وراء التنوع في وسائل التدريب وأساليب الأداء سواء كانت لغوية أو خيالية . وعندما يتحالف هذا الفهم مع منظور العلوم الإدراكية على أساس أن الجسم وفعالياته يشكلان الفكر المجرد والمعنى المفاهيمي، فمن الممكن أن نحدد المبادئ التأسيسية للفعالية التي تربط عناصر المسرح الثلاثة : القصة والزمن والمكان . فالثلاثة يتلاقون، ويتميزون، ويتم التعبير عنهم من خلال جسم الممثل . 
 وأعتمد على أعمال لباحثين مثل علماء الأعصاب أنطونيو داماسيو وجوزيف ليدو وفيتوريو جاليزي، وعلماء نفس مثل بول ايكمان، ولغويين مثل ديفيد ماكنيل، والتي تصف ظواهر مثل البيولوجيا العصبية للعاطفة، والإحساس بالذات المكتسب من الحركة ومرايا الأعصاب، والعلاقة الانعكاسية بين تعبيرات الوجه والعاطفة ووحدات الفكرة .وبمزج تجربتي كممثل ومخرج ومدرس وأكاديمي، أطبق هذه الاستنتاجات وغيرها في علم الإدراك على ممارسات ستانسلافسكي، ومايكل تشيكوف، وجيرزي جروتوفسكي، وجاك ليكوك . وقد اخترت هؤلاء الممارسين أساسا لأن كل منهم قد ركز على الفعالية البدنية كوسيلة في استكشاف الفعل الدرامي والتعبير عنه – وكلاهما مرتجلان ونصيان . ولأن الممارسين الذين صاغوا بشكل مستقل عملية تدريب الممثل، فان كل منهم ابتكر هيكل العمل الذي تتضح من خلاله التدريبات العملية . 
 وأتأمل أيضا أعمال الممثلين المعاصرين والمخرجين مثل آنا ديفر سميث، ودانييل داي لويس، ودان جيميت، ومايك الفريدز، وكاتي ميتشيل . وبالرغم من مجموعة الأساليب الواسعة المرتبطة بهؤلاء الممارسين، أتمنى أن أوضح أنه، عندما يتم فحص بعض المبادئ الأساسية من خلال الدراسات الإدراكية، فإنها تتناسب مع عملية متماسكة ويمكن وصفها من خلال تجاوز الحدود بين تقاليد الأستوديو وعالم النظرية . وهذا يوضح الملامح الأساسية في عملية الممثل: الاتصال غير الشفهي، والعلاقة بين الفكر والكلام والإيماءة، والعلاقة بين الذات والشخصية، والتعاطف والتخيل والعاطفة . 
وينشأ استنتاج مهم يتحدى العديد من الافتراضات الشائعة حول التمثيل: 
عمليات المخ لغة مكتوبة بطريقة تختلف عن الكلام. وهذا يحدد التحدي الذي يواجهه الممثلون في تحويل كلمات النص إلى أفعال تلقائية على ما يبدو. 
كثير من التعبيرات اللغوية لها ميول حركية فطرية. وتمييزها يساعد الممثل أن ينتقل من اللغة المكتوبة إلى الفعل . 
توصل الإيماءة ووضع الجسم والسلوك البدني الأفكار المفاهيمية . 
يتم الاتصال مع حوالي 50% من المعنى (اعتمادا على السياق) في التفاعل بين الشخصي غير الشفهي. وهذا يعني أننا يجب أن نولي اهتماما متساويا على مهارات الاتصال غير الشفهي فيما يتعلق بالتدرب بمهاراتهم اللغوية. 
تكوين الأفكار الجديدة أثناء كلام الفرد يمكن تمييزه خلال توقيت الإيماءات . وتساعد هذه المعرفة الممثل في توصيل تغير فكر الشخصية (ويسمى غالبا «تغير الإيقاع») . 
تستخدم العاطفة والتعاطف والخيال كثير من المسارات العصبية استجابة للخيال كما يفعلون في الحياة العادية. وهذا يعني أن مفاهيم السلوك الحقيقي والصادق في التمثيل تفهم بشكل أفضل وتوصف من خلال مفاهيم مثل السياق المحفز والقصد والكثافة والمدى. 
تجسيد الشخصية الخيالية هو ابتكار ذات ظرفية situational self. وفكرة خلق الصدق من خلال التطابق الكامل مع الشخصية خطأ. 
يشارك الإسقاط التخيلي في الكثير من النشاط العقلي، بما فيها الذاكرة . وهذا يعيد صياغة التمييز بين استخدام الذاكرة المتعلقة السيرة الذاتية والخيال التحويلي في ابتكار الدور، نظرا لأن كلى التناولين يتعلقان بالنشاط التخيلي .
ما نسميه عادة عواطف هو في الواقع الإدراك الواعي للأعراض البدنية . ويميز علماء الأعصاب بين العواطف – الاستجابات العاطفية للمحفز – والمشاعر – الحالات العاطفية التي تنشأ من الإدراك الواعي لهذه الاستجابات الفسيولوجية (للتمييز بين الاستخدام اليومي العادي للكلمات وتعريفها في علم الأعصاب، والأخيرة يتم تمييزها) . 
هناك تسعة مسارات للعاطفة، ثلاث منها من السهل التحكم فيها بواسطة الممثل أكثر من الست الآخرين . 
يمكن أن يولد النشاط العضلي المختار بشكل واعي الحالات العاطفية لمختلف العواطف. وهذه ليست أقل أو أكثر من المتولدة من خلال التدريبات الذهنية مثل «ذاكرة العاطفة». 
يسهل تحفيز الخيال من خلال النشاط البدني بشك أكبر من الفكر وحده. 
كل من التناولين الخارجي والداخلي في تجسيد الشخصية يعملان من خلال عمليات فسيولوجية لتحفيز الخيال . 
في كل هذه المجالات، توضح العلوم الإدراكية أن المفاهيم الثنائية للعملية غير دقيقة. وتختزل مقاربات التمثيل التي تقوم على المفاهيم الثنائية قدرة الممثل فضلا عن توسيعها، وتضييق مجال المعنى المحتمل في الأداء. التناول الذي يعترف بالطبيعة الكلية والمترابطة للمعنى تدعم الممثل في دمج كل الملامح الإدراكية والتعبيرية للجسم العقل. وهذه المعلومات مناسبة في القرن الحادي والعشرين بوجه خاص، لأن المسرح في الغرب هو فترة تاريخية فريدة حيث تتنافس الأساليب مع بعضها البعض وتمتزج بشكل متزايد أو تتجاور في الأداء. ويجب أن تجهز برامج التدريب الممثلين على مواجهة مجموعة واسعة من التحديات: الألغاز اللغوية في النص الكلاسيكي؛ النزعة الطبيعية المفرطة لأغلب دراما الشاشة؛ التعبير المادي الجريء للموسيقي؛ تجريد العمل التصويري غير السردي؛ التلقائية الارتجالية مطلوبة لخلق مسرح مبتكر. هذا الموقف يجعل من المهم للممثلين أن يطوروا مهارات تمكنهم من التحرك من أسلوب إلى آخر . 

نظرة عامة على فصول الكتاب 
 التمثيل حزمة من الفعاليات المتزامنة. وفصل هذه الفعاليات ضروري لأي دراسة بعمق، ولكنها دراسة اصطناعية وتقترح تحديدا واضحا لأولويات العناصر. والتكوين في هذه الفصول بنفس مقدار أهمية الفصول الأخرى، ويعالج الفعاليات الإدراكية التي تتضافر مع كل منها الأخرى . ويقدم لنا علم الإدراك القدرة على رؤية العمليات الخفية مجازيا لأنه تحدث تحت مستوى الوعي. وفي هذا الكتاب، فضلا عن محاولة تقديم تحليل شامل، فقد ركزت علي المناطق الأساسية التي يغير فيها علم الإدراك بشكل بارز أو يضيف إلى الفهم الحالي للتمثيل. فمسار الكتاب يبدأ بسياق تاريخي ومفاهيمي للمعلومات، ثم متابعة استعارة الرؤية، ومعالجة أكثر جزء مرئي في العمليات النفسية؛ والاتصال غير الشفهي. وعلى الرغم من أنها مرئية، إلا أنه يتم تجاوز الكثير منها حيث نميل إلى تنفيذه واستيعابه دون وعي. ويتأمل الفصل التالي بعض العمليات الذهنية غير المرئية التي تؤدي إلى هذا الاتصال، والعلاقة بين هذه العمليات. وتأمل النشاط الإدراكي الذي ينطوي على ابتكار شخصية يتعمق أكثر في العمليات غير المرئية لما هو الحال بالنسبة لبحث التطابق بين الذات والشخصية. ويليهم وصفا للفهم الإدراكي الحالي للعاطفة، حيث تثير العمليات البيولوجية غير المرئية الاتصال المرئي. وتتأمل الخاتمة بعض إيحاءات هذه المعلومات للتدريب على التمثيل وممارسته. والهدف ليس ابتكار دليلا للتمثيل – فالتمرينات العملية متضمنة لتجسيد المفاهيم، ولكن هذه أمثلة توضيحية وليست معنية أن تكون منهجا شاملا. وفصول الكتاب مرتبة حول المحتويات الإدراكية مثل وحدات الفكر والتخيل والحس العميق والتعاطف والطرق التي ترتبط من خلالها جوانب معينة للتمثيل . 

الفصل الأول: لماذا يجب أن يهتم رجال المسرح بالدراسات الإدراكية 
 ويبدأ هذا الفصل بتاريخ مختصر للأفكار البارزة عن التمثيل في الغرب التي لها تأثير على نقاش «الداخل-الخارج/ الخارج-الداخل» وتضع ستانسلافسكي ومايكل تشيكوف وجروتوفسكي وجاك ليكوك في السياق . ويلي هذا الجزء من التاريخ المختصر منظورا إدراكيا حول الفصل بين العقل والجسم، الذي يبرز مركزية الجسم في صنع معنى الاتصال، ويصف كيف يرتبط علم الإدراك بنظرية وممارسة التمثيل. 

الفصل الثاني: كيف يوصل الممثل المعنى شفهيا 
 يوضح هذا الفصل تساوي السلوك البدني مع اللغة في توصيل المعنى. وأن وجود حاجة لفعل ذلك يكشف ازدواجية أخرى داخل المسرح الغربي الحالي. وهذا يعكس الرؤية التقليدية داخل علم النفس بأن اللغة والاتصال الشفهي هما نسقين منفصلين، مكرسين لموضوعين منفصلين. ويوضح البحث الحالي أن هذه الرؤية محدودة وغير دقيقة. وسوف أشير إلى أعمال عالم النفس التجريبي آدم كيندون وآخرين والتي توضح العلاقة الوثيقة بين اللغة والسلوك الشفهي. وتقترح استنتاجاتهم أن الإيماءة ترتبط بشكل وثيق بالكلام وأنهما ناقلان متساويان للمعنى في عدة سياقات. وسوف أبحث الطريقة التي يحلل من خلالها علماء النفس السلوك البدني الاتصالي وأوضح كيف يطبق هذا على الأداء المسرحي. إذ يرتبط وصف العملية العصبية للتصور المجازي بأعمال ستانسلافسكي ومايكل تشيكوف ورودولف لابان. ويتضمن الفصل بعض التمرينات التي توضح كيف يتم شحذ المهارات الاتصال غير الشفهية . 

الفصل الثالث: ما هي العلاقة بين الفكر والفعل البدني واللغة 
 الفرق بين عمليات المخ المكتوبة واللغة المنطوقة هو في قلب التحدي الذي يواجهه الممثلين في إعادة النص إلى الحياة. ويلقي البحث الحالي الضوء علي ما كان سابقا عملية لا شعورية للممثلين – تحويل الفكر إلى تعبير. أصف أولا استنتاجات عالم اللسانيات ديفيد ماكنيل، التي توضح أنه، على الرغم من أن اللغة والإيماءة هما نسق ذهني واحد فإنهما يعملان بطريقة مختلفة أساسا تكمل كل منهما الأخرى. ويرتكز هذا التحليل على تطور مفهوم جديد للغة، ويعرضه كلغة تصويرية جدلية، تقدم من خلالها الإيماءات صورة. وتطبق ملامح هذا الوصف علي التحليل النصي، مع أمثلة من مسرحية I.D. ويلي ذلك سيرة ذاتية للمخرج جاك ليكوك وتوضيح كيف تطابقت مبادئه مع الفهم الإدراكي للجسم العقل. وقد مكنه شغفه وتحليله للحركة من تطوير ربرتوار متطور للتدريبات البدنية. ونظرا للطبيعة التأسيسية للتجربة الحسية التي حددها لاكوف Lakoff وجونسون Johnson، فمن الواضح أن هذا الربرتوار هو أكثر من مجرد تجربة بدنية للممثل، ويقدم مصدرا غنيا للتعبير المجسد للفكر . وأمثلة تدريبات ليكوك توصف إذن في علاقة مع المبادئ الإدراكية التي تجسدها. وتتضمن تدريبات في رفع الوعي بالتجربة الحسية الأساسية، والعمل مع القناع المحايد، وتجسيد إيقاعات العاصر الطبيعية، وتجسيد الاستعارة الشعرية. وهذا يوضح كيف تتوازى الطبيعة البدنية مع العمليات الإدراكية، وتوسع نطاق الممثل من خلال تأسيس تنميط عصبي يتجاوز النطاق اليومي العادي للسلوك. 

الفصل الرابع: كيف يخلق الممثل الشخصية 
 في هذا الفصل أبحث العلاقة بين مفاهيم الممثل للذات والشخصية، وكيف يترابط الاثنان. وسوف أراجع أولا بعض الأمثلة السائدة في انقسام «الداخل/الخارج» في خطاب التمثيل، ثم أصف بعض مجالات البحث الإدراكي الذي يرتبط بهذا الأمر. وأولها هو وصف الرؤية الاتصالية للعقل connectionist view، التي تمثل النشاط العقلي كسلسلة من الشبكات العصبية. ويقدم نموذج عمليات العقل هذا طريقة لفهم مدى ارتباط المفاهيم المجردة بالنشاط الحركي، وهو الملمح الأساسي في مفهوم الجسم العقل bodymind. وهذه المفاهيم تتكون مجازيا من التجربة البدنية في العالم، وأركز على التجربة المهمة لمجاز العقل كوعاء. ومن هنا أصف تحليل لاكوف وجونسون للبناء المجازي لمفاهيم الذات والذوات المختلفة . ويؤدي هذا إلى بحث فكرة الذات الأساسية essential self في خطاب التمثيل، التي يعقبها ملخص لمفهوم عالم الأعصاب جوزيف لودوكس Joseph LeDoux «الذات المتشابكة synaptic self»، التي يعتمد الوعي من خلالها على العمليات الإدراكية اللاواعية.
 وأصف جانبا من البحث الإدراكي الذي يرتبط بالتخيل وعلاقته باللغة المكتوبة، وهي ذات ملامح بارزة لمنهج الممثل في ابتكار الشخصية. وهذا أيضا يصدق علي الحس العميق، الطاقة التي توصف جزئيا بمصطلح «الوعي الحركي kinesthetic awareness المألوف عند كثير من الممثلين. وألخص أيضا وصف مرلين دونالد للطريقة التي تجعل المحاكاة أساسية للإدراك وتصف اللغة في التطور الإنساني. وبعد سيرة ذاتية مختصرة لمايكل تشيكوف ووصف لعمليته أتحول إلى نظرية فوكونيه وتيرنر في المزج المفاهيمي لكي أقدم وصفا لكيفية استخدام نموذج المساحات الذهنية لفهم الطريقة التي نمزج بها مختلف المفاهيم بينما نحافظ على الوعي باختلافها – شيئا يصف كيف يمكننا آنيا أن نعي الممثل والشخصية أثناء الأداء، وتتشابك هذه المعلومات مع المزيد من المعلومات عن مايكل تشيكوف وتدريباته. 

الفصل الخامس: كيف يتطابق الممثل
مع الشخصية 
 يبحث هذا الفصل الطرق التي يكتشف من خلالها المملون معنى التطابق مع الشخصيات التي يجسدونها، ويتأملون الفروق المفترضة بين تمثيل الشخصيات والتمثيل التحويلي transformational acting. أتحدث هنا عن عملية المزج الإدراكي التي تعمل في إعداد الدور للأداء بينما يمزج الممثل خبرته مع هذه الشخصية. ففي أسلوب التعبير في المسرح، يميل هذا إلى الوصول لما يسمى «التطابق» مع الدور، وأحيانا توظيف الدور على الرغم من أن هذا التعبير يستخدم بمعنى «يجعله بارزا عاطفيا». وتوفر كتابات الممثلة آنا ديفر سميث رؤية مثيرة للاهتمام في ابتكار الشخصية من خلال المحاكاة، التي سوف أبحثها في دراسة حالة. ثم أعرف الفرق بين الفعل السردي والأفعال السلوكية، وأصف كيف يخلق هذا التمييز وضوحا أكبر فيما يعلق بكيفية تعريف الشخصية. ويلي هذا وصفا للحس العميق وتخطيط الجسم وصورته – الآليات الإدراكية التي تشارك في معنى الذات. واستمر في تقديم وصف للطريقة التي تقدم بها مرآة الأعصاب دوائر محرك النشاط المتعلقة بالتعاطف والعاطفة والاستجابة للخيال. وترتبط هذه المعلومات بالطريقة التي يعالج بها العقل الكلمات والصور. وسوف أشير أيضا إلى أعمال عالم النفس التجريبي جوناثان سكولر الذي ميز الظاهرة التي سماها «الطغيان اللفظي verbal overshadowing» التي تتوافق فيها الأوصاف اللفظية للمحفزات البصرية مع الذاكرة البصرية، وتطبق هذا على تأمل تحيل النص إلى التحليل الفعال الذي يستخدمه في مرحلة تالية من حياته، مع اقتراح أن البحث الإدراكي الذي وصفته يصادق على فعالية منهجه في الأفعال البدنية. ويلي هذا دراسة حالة لفاسيلي توبركوف الذي أدى آخر عروض ستانسلافسكي، والممثل المعاصر دانيل داي لويس. ويستنتج الفصل تعريفا إدراكيا للشخصية في التمثيل الذي يتضمن مجموعة متنوعة من المناهج تعد منفصلة عن كل منها الأخرى عادة . 

الفصل السادس: كيف يجسد الممثل العاطفة في الظروف الخيالية 
 في هذا الفصل سوف انظر إلى تطور ذاكرة العاطفة عند ستانسلافسكي، والطريقة التي تغيرت من خلالها توليد العاطفة على مدار مساره المهني . ثم سوف أتأمل الآثار المترتبة على هذا بالنسبة لإصرار لي ستراسبورج على ذاكرة العاطفة باعتبارها أداة الممثل الرئيسية، وأصف الفهم الإدراكي الحالي للذاكرة. ويلي هذا ملخص لتحليل العاطفة عند أنطونيو داماسيو وجوزيف ليدوكس، ووصف لاكتشاف عالم النفس بول ايكمان للعلاقة الانعكاسية بين تعبير الوجه وعواطف معينة، مع تعريفه لتسعة مسارات للعاطفة. ويوضح المزيد من البحث الإدراكي الطريقة التي يكثف من خلالها النشاط البدني محفز العاطفة المتخيلة، ويطبق على بحث منهج الأفعال الحسية عند ستانسلافسكي. ويلي ذلك وصف لمختلف مراحل تطور أعمال جيرزي جروتوفسكي، وكيف يمكن فهمها في إطار إدراكي. والجزء الأخير من الفصل ينظر إلى كيف يمكن أن تمتزج المعلومات الإدراكية في الأستوديو، مع وصف العاطفة عند سوزانا بلوش ألبا، وتتابع التمرينات التي طورتها والتي تستخدم السيطرة الطوعية لحركات العين لتحفيز التغير العاطفي في ارتجال المؤدين والمشاهد المفتوحة . 

الخاتمة 
في الختام أنظر إلى الطرق التي يمكن من خلالها تمييز المبادئ الإدراكية في عمل ثلاثة مخرجين معاصرين: كاتي ميتشيل، ومايك ألفريدز، ودان جاميت. وأشير إلى بعض التضمينات المثيرة للمسرح وتدريب الممثلين في البحث الذي أصفه. وأعتمد على هذه المعلومات لاقتراح نموذج للفعل المسرحي. وأقترح طرقا ممكنة يمكن أن يمتزج من خلالها المنظور الإدراكي في تدريب الممثل، وإنشاء مفردات إبداع كلية تعترف بالطبيعة المجسدة للمعنى، وتربط عناصر الزمن والمكان والقصة المسرحية. 


ترجمة أحمد عبد الفتاح