العدد 646 صدر بتاريخ 13يناير2020
في اطار الدورة الرابعة ( التجربة الأولي) لمهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحي يوم 22 / 12 / 2019 على مسرح النهار قدم العرض المسرحي فتاة الأقنعة للمؤلف والمخرج محمد عبد الوارث .
قبل بداية العرض تم توزيع اقنعة على الجمهور في صالة العرض في دلالة على أنه سيكون جزء أصيلا مشاركا في العرض . تدور الفكرة الاساسية للعرض حول عدد من الأسئلة: ماذا يحدث للإنسان إذا عرف الحقيقة في لحظات معينة من حياته ؟ هل من المفترض أن يعرفها ؟ واذا عرفها هل ستؤثر على مسار حياته ؟ تدور الأحداث حول ساندي ( لقاء الصيرفي ) التي هربت من المجتمع الذي أطلقت عليه اسم ( عالم الرجال السخيف ) فبعد أن مات والدها الذي كان يحكي لها عن عالم الفرسان الطيبين ، وخروجها للحياة بمفردها اكتشفت أن العالم ليس فرسان طيبين فقط ، فهو ملئ بالوجوه القبيحة أيضا ، لذلك هربت من هذا العالم ، ذهبت ساندي إلى كهف مستر كلون ( أحمد صلاح الدين ) الذي وضع قواعد لدخول الكهف وهي ( تحقيق وحدوته واختيار ) فمن خلال التحقيق ، نتعرف على تاريخ حياة ساندي وعن والدها وعن خطيبها ، قبل أن تأتي إلى الكهف ، ونتعرف أيضا على جزء من حياة مستر كلون وحديثه عن الأقنعة الموجودة في الكهف فهي تشبه الأقنعة التي يرتديها الناس في حياتهم والتي تظهر بشكل يومي مثل اقنعة ( الغدر - الخيانة – الموت – القدر – الحب ... الخ ) تحاول الفتاة تغيير قواعد اللعبة ، فهي لا تريد أن تحكي عن حقيقتها ، لكنها تريد أن يستكمل مستر كلون حكايته كي تتعرف على حقيقته ، وهنا ينزل الممثلان الى الصالة ويتفاعلوا مع الجمهور ويطلبا منهم ارتداء الاقنعة حتي يكون التركيز شديد ، نعلم أن مستر كلون كان لاعبا في السيرك ، يقفز ويمشي على الحبل ويسعد الجمهور فيصفقون له ، لكنه يستيقظ يوما من النوم فيجد ابنته تقلده وتقفز على الحبل لكنها تسقطت وتموت ، وبعد دفنها يريد أن يجلس بمنزله لحزنه عليها ، لكن صاحب السيرك يطلب منه أن يقدم فقرته لأن الجمهور يهتف بأسمه ، وبالفعل قدم الفقرة ، وضحك الجمهور ، ويصدم لأنه أكتشف أنه يرتدي قناع المهرج المبتسم على الرغم من بكائه الشديد عندما نظر أسفل الحبل ولم يجد أبنته ، وفي هذه اللحظة ينتبه لنفسه ويطلب من ساندي مغادرة الكهف ، فقد غيرت قواعد اللعبة ، فتخبره أنها وجدت رجلا حقيقيا ، لكنه ينزع القناع الملون من وجهه فنجد وجهه مشوها فالحقيقة مرعبة ، عندما كان ينظر للمرأة يشاهد ابنته وهي تبلغه أنه سبب وفاتها فقد كانت تريد أن تقلده ، وكذلك ساندي تتهم والدها بانه مذنب لأنه لم يكشف لها العالم المحيط بها ، يتفقان على مغادرة ساندي للكهف وتترك شيئا ما ، فتقرر ترك قناع أعطاه لها فهو يشبه قلبه وقلب أبيها . كانت ساندي ومستر كلون يكمل كل منهم قصة الاخر ، وفي نهاية العرض تردد ساندي كلماتها وكلمات مستر كلون فهو شخصية غير حقيقية فقد صنعت أب من الخيال. اذا تحدثنا عن الصورة البصرية ، نجد أن ديكور ( يمني الشاذلي ) تعبيريا ، مكون من منظر واحد ،عبارة عن بانوراما لكهف من الداخل ، جدرانه ملونه بالوان كثيرة ( بني – برتقالي – أحمر – أصفر ) ومليئة بالأقنعة تغطي يمين وعمق ويسار المسرح وتوجد بعض الصخور فالديكور يتسق مع ما يعبر عنه العرض ، أما ملابس ( هاجر سعيد ) فكانت مناسبة لكل شخصية فنجد أنه في العرض شخصان ( أحمد خالد واحسان )اعتقدنا انهم تمثلان فقد خرجا من داخل الكهف واشتركا في الأداء الحركي ارتديا ملابس تشبه الوان الديكور لكنها أغمق قليلا كانت متسخة في دلالة على وجودها منذ زمن طويل ، وكانت ساندي ترتدي فستان ابيض ، دلاله على الطهارة والصفاء والنقاء ، لكنه كان متسخا ، وترتدي حزام احمر تلفه حول وسطها مما يدل على الأحداث السيئة التي مرت في حياة هذه البراءة والطمع فيها كأنثى ، أما مستر كلون فكان يرتدي ملابس باهتة ، قميص برتقالي وبنطلون رمادي يتناسب مع مكياج ( أماني حافظ ) فرسمت ماسك لمستر كلون بالون الأحمر والأبيض وعندما يخلعه نجدها رسمت تشوهات بالون البني على وجه الممثل ، هذا هو مستر كلون الذي يسعد الجمهور وجهه مشوها وحزين . أما الإضاءة ( وليد درويش ) فكانت تعبر عن صورة سينمائية لخدمة الحالة الدرامية فتكونت من عدة ألوان ( الأحمر و الأخضر والأزرق والبرتقالي) وكذلك في بعض الأحيان استخدمت اضاءة الألترا ، وتم التركز على اللون الأخضر بشكل غير صريح معبرا عن الخير في لحظات كثيرة أثناء حكايات ساندي ومستر كلون عن حياتهما. كانت موسيقى وألحان وتوزيع ( علاء غنيم ) موظفة لإبراز حالة البراءة والحزن فنجد الكمان المبطن بالبيانو عندما تحكي ساندي حكايتها ، وعندما تحدث مستر كلون عن ابنته تم اضافة التشيلو لتعمق حالة الحزن ، وعندما تحدث مستر كلون عن السيرك استخدمت الآلات الإيقاعية مثل الكاخون والطبلة والرق لتدل علي البهجة . عندما عزفت ساندي على الكمان عزف حي في أخر العرض وهي تجلس وتقول كان يجب أن يسمع الحاني ، وفي مكان بعيد عنها يقف مستر كلون ممسكا العروسة ويقول أكملي ما كنتي تعزفينه يا أبنتي فهذا الربط بالعزف والكلمات يربط بين ساندي ووالدها الذي صنعته من خيالها . اما الدراما الحركية ( مناضل عنتر ) علمنا أن التمثلان الواقفان في عمق المسرح هما شخصان انفصلا عن جدران الكهف واشتركا مع ساندي في الاستعراضات ، منها استعراض سمكة القرش ، فبعد أن شاهدنا ساندي ترقص مع خطيبها لمدة ثواني يتحول إلى شخص يريد اغتصابها ، وقد تم تجسيد الحدث بسمكة القرش عندما تنقض على الانسان ، واستعراض أغنية الألوان ( الوان تشبه دنيانا ، الوان مثل الأزهار) فهي تحكي عن فكرة الألوان عند الشخصيات ، كذلك تعبر عن دلالات الأقنعة ( قناع الغدر بعالمنا يباع بأغلى الأثمان ، وقناع الحب بعالمنا يباع بأرخص أسعار ) معبرا عن المعني المراد أن يصل للمتلقي من خلال العرض فنحن نستخدم الأقنعة مع بعضنا البعض وأن الحياة بها أكثر من وجه.
على الرغم من بعض الهنات البسيطة التي تحدث في عروض اليوم الواحد مثل تلعثم احد الممثلين ، او عدم الدقة في الاضاءة او ارتفاع صوت الموسيقي على صوت الممثل او تكرار بعض المواقف الدرامية بصورة أخري ممكن حذفها والاستغناء عنها الا ان المخرج استخدم كل أدواته وصهرها في بوتقة واحدة وتم توظيفها لخدمة الفكرة الدرامية للنص فالتحية واجبة لكل من ساهم في خروج هذا العرض للنور والمخرج الواعد محمد عبد الوارث