العدد 638 صدر بتاريخ 18نوفمبر2019
انتشرت في الآونة الأخيرة فكرة عمل الورش المسرحية ضمن فعاليات المهرجانات المسرحية حتى عدها البعض من أهم ما يوضع على أجندات المهرجانات.. ومن خلال هذه المساحة، نتعرف على آراء بعض المتخصصين، كما نرصد مجموعة من التجارب الخاصة بالورش على مستوى المهرجانات المسرحية ونطرح عدة تساؤلات أهمها هل تحمل هذه الورش استراتيجية أو هدفا؟ وهل هي ضرورة؟
قالت د. دينا أمين مدير عام مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر: عندما طرحت ونفذت برنامج الورش في المهرجان التجريبي كان هدفي إعطاء الفرصة للمسرحيين لتجديد تكنيكاتهم الأدائية وتعاونهم واختلاطهم بفنانين عالميين، وأحمد الله تم تنفيذ هذا الهدف خلال الأربع سنوات الماضية.
وعن اختيار عناوين الورش قالت: هدفنا التنوع في التدريبات والمدربين، وذلك لتدريب الشباب والممارسين في جميع عناصر العمل المسرحي من تمثيل وإخراج وحركة وإضاءة.. إلخ، لذلك في هذا العام وعند إقامة فعاليات الدورة الـ26 وجهت الدعوة للمدرب الأسترالي والدراماتورج بيتر أيكرسول لأنني شعرت أن الأمر يهم الكثير من الكتاب والمسرحيين وبالفعل كان الإقبال على الورشة كبير.
معايير الاختيار
بينما كشف المخرج مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي عن تجربة الورش في المهرجان وأهم استراتيجياتها، فقال: قدم مهرجان شرم الشيخ الدولي حزمة من الورش المسرحية على أيدي مجموعة من كبار الخبراء والمتخصصين في مجالات وفنون العمل المسرحي، استقطبت ما يقرب من 1500 شاب على مدار أربع دورات على مستوى 27 محافظة وما يعادل 500 شاب من شبه جزيرة سيناء ومحافظة جنوب سيناء. مضيفا: هناك استراتيجيات ترتكز عليها الورش في المهرجانات ومنها لمن تقدم هذه الورش؟ ومن هي الفئات المستهدفة منها؟ وما برنامج الورشة ومدى جاهزية وتأهيل المتدرب في حدود مدة الورشة التي لا تزيد على أسبوع؟ وجميعها عوامل تساعد في التكوين الاستراتيجي وآليات الاختيار ضمن فعاليات المهرجانات الدولية. وأضاف: يجب أن يكون هناك معايير محددة سواء لاختيار المدربين أو المتدربين.
أما فيما يخص المعايير التي تنطبق على المدربين فهي السيرة الذاتية للمدرب، ومدى الإسهام الذي يقدمه في منطقة التدريب وصقل المواهب، ومدى جاذبية اسم المدرب في تجربته في إقامة ورش مسرحية، بالإضافة إلى مدى التنوع والاستفادة التي من الممكن أن يقدمها المهرجان من خلال هذا المدرب. وتابع قائلا: لو تأملنا تجربة مهرجان شرم الشيخ الدولي خلال دوراته المختلفة وإذا قمنا برصد عينة عشوائية للبحث، سنجد أننا في الدورة الرابعة قمنا بعمل ثلاث ورش مسرحية في الكتابة والتمثيل بتقنية الأسكيرا، وهي تقنية إيطالية، وقام بالتدريب في هذه الورشة الممثل الفلسطيني كامل الباشا وهو فنان عالمي، بالإضافة إلى ورشة في الأداء الصوتي في المسرح الموسيقي بقيادة مانيكام يوجيسفاران من ألمانيا بالتعاون مع الموسيقار كريم عرفه من مصر، بالإضافة إلى ورشة اليوم الواحد للدراماتورج بقيادة المدربة جوليا فارلي، وورشة الفنان يوجينيو باربا التي تحدث بها عن تجربته الفنية والمسرحية في فن التمثيل.
وأضاف: استطعنا على مدار الثلاث دورات تقديم مجموعة مميزة ومتنوعة من الورش المسرحية ونقوم بدراسة احتياجات المتدربين ونقوم بتزويدهم بأنماط جديدة ومغايرة للمسرح، ومن الضروري أن يكون المتدربين ممارسين للمسرح، باستثناء الدورة الرابعة حيث قمنا باختيار مجموعة هواة من جنوب سيناء، وكان هدفنا تدعيم أو تكوين مستقبل ثقافي لشباب المسرحيين من محافظة جنوب سيناء وتحديدا مدينة شرم الشيخ والمدن المجاورة.
احتياجات المتدربين
اتفق الناقد والكاتب الصحفي هيثم الهواري رئيس مهرجان مسرح الجنوب حول ضرورة أنه عند إقامة الورش خلال فعاليات المهرجان أن يكون لها استراتيجية وخطة بالإضافة إلى تلبية احتياجات شباب المتدربين. وألقى الهواري الضوء حول تجربة مهرجان مسرح الجنوب فقال: هناك مجموعة من الورش التي تقام بشكل ثابت خلال كل دورة من دورات مهرجان مسرح الجنوب، بالإضافة إلى إقامة ورش جديدة، على سبيل المثال هناك ورش أساسية للإخراج والتمثيل والديكور ويمكن أن يضاف إليها ورش خاصة بالماكياج والإنتاج والتسويق وغيرها.
وأضاف: مهرجان مسرح الجنوب تقام كل دورة منه في محافظة جديدة، وهناك احتياجات مختلفة للشباب في هذه المحافظة، نحاول من خلال الورش أن نلبيها، فنجد مواهب متفردة ولكن ينقصها التدريب العملي، وكان نتاج تلك الورش مجموعة متميزة من شباب الجنوب ينافسون في مهرجانات دولية.
وتابع: مدة الورش في المهرجانات لا تزيد عن أسبوع واحد، وقد لا تكون المدة كافية لحصول المتدرب على جميع المهارات الخاصة بالمفردة المسرحية التي يتلقى تدريبها، ولكن هذه الورش تحوي نسبة مركزة من التدريب وتقدم نتائج ملحوظة.
الورش تعد الفعالية الأهم للشباب
فيما قال المخرج عمرو قابيل مؤسس ورئيس ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي: كنت متوجسا للغاية من إقامة ورش دولية ضمن فعاليات الملتقى، وأنا دائما أفضل أن أقول ضمن فعاليات وليس على الهامش، وكان سبب توجسي هو اعتراضي على ما يقدم من ورش في الفترة الأخيرة، حيث يتم التعامل معها في معظم المهرجانات على أنها كماليات أو حلية يتم وضعها في المهرجانات. أضاف: وجهة نظري أن المهرجانات المنوطة بالشباب تعد الورش الفعالية الأهم بها، وذلك لأنها الفعالية الوحيدة التي تسمح بالتفاعل الحقيقي بين جميع المتدربين، ففي العروض المسرحية يشاهد الشباب بعضهم البعض ولكن في الورش يتفاعلون مع بعضهم. تابع: حاولت البحث عن المجالات المهمة التي يحتاج الشباب الجامعي التدريب عليها، ولكن بشكل منهجي فأنا أهتم بوضع منهج خاص بالورش لاعتراضي على فكرة التدريب في المطلق.
وما يقام في الورش الخاصة بالملتقى يعد مدخلا عاما للمنهج، وذلك لأن أربعة أو خمسة أيام مدة غير كافية للتدريب على تكنييك أو منهج بعينه، وقد أعلنت في ختام الملتقى العام الماضي أن الورش ستقام طوال العام، وبالفعل أقيمت ورشتان لمدة خمسة عشر يوما في عطلة منتصف العام في يناير الماضي، عن الكوميديا الديلارتي والتعبير الحركي واستغرقت الورش فترات زمنية طويلة تصل إلى 12 ساعة يوميا، ونتج عنها عرض قدمه ما يقرب من 80 متدربا.
أما المخرج مصطفى وافي المنسق الفني لمدرسة ناس بمسرح الجيزويت، فقال: هناك مجموعة جيدة من الورش تقام في المهرجانات على أيدي خبراء متخصصين، ولكنني أعتقد أنها لا تصل للفئة المستهدفة، وأعتقد أن الأمر في المهرجانات وليد الصدفة، وهناك مجموعة من التساؤلات المهمة والعميقة التي يجب أن نطرحها، فعلى سبيل المثال عند إقامة ورش للمسرح الجسدي والرقص والتعبير الحركي، من هي الفئة التي تهتم بهذه النوعيات من الفنون الأدائية؟ كما أرى أنه من الضروري عند إقامة ورش للشباب أن تصب اهتمامها على الأساسيات الخاصة بالمسرح، والأمر يخضع لتوجهات المهرجان نفسه، وكما نعلم فدور مسرح الدولة تراجع، وهناك موجة جديدة للمسرح يجب التدريب عليها حتى يستطيع الشباب أن يجدوا لغة جديدة في التعبير عن أنفسهم، وذلك لأن اللغة الخاصة بالمهرجانات لغة كلاسيكية.
أضاف: إذا أردنا استثمار الطاقات الشبابية بشكل صحيح فيجب أن تتم عملية انتقاء صحيح لكل من المتدربين والمتدربين.
تقنيات جديدة لتقديم العمل المسرحي
وقال الفنان أحمد رمزي مسئول النشاط المسرحي بساقية الصاوي إنه من الضروري أن تتضمن الورش المسرحية تقنيات جديدة ومختلفة لصناعة العرض المسرحي، فهناك مفاهيم جديدة ومختلفة يجب أن يعيها المتدربون داخل الورش ويجب أن يتم التركيز عليها. وإلا أصبحت الورش شيئا تقليديا لا يأتي بجديد ولا يفرز طاقات إبداعية مختلفة.
آراء المتدربين
قال أحمد صالح أحد المتدربين في ورشة الدراماتورج التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر: أعتقد أن الورش تحتاج إلى فترات زمنية أطول حتى تحقق أقصى استفادة، ومن الضروري الاهتمام بخريجي الورش لأنهم حصلوا على قسط من التدريب والتعرف على الثقافات الأخرى، ومن الضروري أن يقوم المتدربون بتقديم مشروع يتم تسويقه.
مد فترة الورش
المتدربة لانا عماد رأت أيضا ضرورة تفعيل دور الورش على نطاق أكبر حتى لا تصبح تدريبية فقط، لأن المتدربين يحتاجون لتطبيق المهارات التي حصلوا عليها، ورأت أن هناك ضرورة لمد فترة الورش لأنها ليست مدة كافية ليتعرف المتدرب على جميع التكنيكات الخاصة بالمفردة التي يقوم بالتدرب عليها.