مشكلات المسرح الجامعي عرض مستمر وشكاوى لا تتوقف

مشكلات المسرح الجامعي عرض مستمر وشكاوى لا تتوقف

العدد 653 صدر بتاريخ 2مارس2020

إيمانا منا كجريدة متخصصة تهتم بشؤون المسرح المصري في كل مكان، وتعد نفسها صوت كل المسرحيين، وقد لاحظنا تفاعل عدد كبير من مسرحيي جامعات مصر مع التحقيق الأخير الذي ناقشنا فيه مشكلات المسرح الجامعي، فقد قررنا ترك هذا الملف مفتوحا أمام كل من يريد طرح مشكلة، وقد تواصل معنا عدد من مخرجي الجامعات، وفي هذه المساحة سنتركهم يتحدثون لعل أحدا يسمعهم.
محمد ممدوح، مخرج فريق كلية الآداب جامعة حلوان، قدم تجربة هذا العام بعنوان «باب الجوهار»، وعن صعوبات التي واجهته قال: نعاني في جامعة حلوان من عدم وجود مسرح، وهو ما يضطرنا إلى استئجار مسارح باهظة التكاليف، في ظل ميزانيات ضعيفة تحول دون خروج رؤى وأفكار المخرجين بشكل مكتمل، وعندما نحاول النقاش مع المسئولين يتسبب أسلوب النقاش في إحباطنا، وقد يصل الأمر إلى عزوف البعض عن المسرح.
أضاف: استعنت ببعض المحترفين، الملابس قامت بتصميمها الفنانة أميرة صابر، والماكياج الفنان إسلام عباس، والعرض يدور في إطار فنتازي وهو ما تطلب وجود عناصر فنية من ذوي الخبرة، وقد عملوا معي دون أجر لرفض المسئولين تخصيص أجور لهم.

 عدم وجود أماكن للبروفات
الأمر نفسه قاله المخرج محمد فتحي، مخرج فريق كلية الحقوق بجامعة حلوان، حيث تحدث عن عدم توفر مسرح بجامعة حلوان، وهو ما يشكل صعوبة بالغة بالنسبة للفرق المسرحية.
كما كشف عن الصعوبات التي تواجه مخرجي الجامعة والتي تتمثل في ضعف الميزانيات وعدم توفر أماكن للبروفات، وهو ما يكلف أعضاء الفرق مبالغ باهظة لتأجير أماكن وقاعات مخصصة لعمل بروفات، وعن الصعوبات التي واجهها في تجربته قال: قدمت لفريق كلية الحقوق عرض «أول من رأى الشمس» تأليف محمد عادل، وكانت فكرة النص تتطلب إمكانات كبيرة لإبراز رؤيتي، وهو ما لم يتوفر.
 تشابه الأمر في جامعة بنها وهو عدم وجود خشبة مسرح لإقامة المهرجانات الجامعية، حيث كشف المخرج حسام الشافعي، مخرج فريق كلية التجارة بالجامعة ومسئول اللجنة الفنية بها، عن الصعوبات التي تواجه مخرجي الجامعة، فقال: ليس هناك مسرح لإقامة عروض الكليات عليه، لذا نقدم عروضنا في إحدى القاعات الخاصة للمؤتمرات، وهي غير مجهزة لاستقبال عروض مسرحية، بالإضافة إلى سوء التنظيم وهو ما يؤثر على جودة العروض.
وتابع: نصف الكليات بجامعة بنها لا تعرف المسرح، فالجامعة تضم 16 كلية، منها 8 كليات فقط تعرف ما هو المسرح، وحتى إن توفرت بعض الإمكانيات المناسبة لإقامة عروض في هذه الكليات، فإنه لن يقام نشاط بسبب عدم وجود وعي بالنشاط المسرحي، وكان دوري في هذا الصدد هو أن أقوم بعمل حملات توعية خاصة حتى أتعرف على مشكلات هذه الكليات وأعرفهم بالمسرح، وحاليا تجرى مناقشات مع المسئولين بالجامعة حول ضرورة عمل بروتوكول مع قصر الثقافة ببنها حتى نتمكن من تقديم عروضنا عليه.

 فريق جديد
أحمد نور الدين، مخرج كلية التربية بجامعة بنها، تحدث عن عدة صعوبات واجهته فقال: قدمت عرض “ساحرات سالم” تأليف آرثر ميللر، أولى الصعوبات التي واجهتني كانت عدم وجود فريق مسرح خاص بكلية التربية، وكان دوري هو تأسيس فريق جديد للكلية، وهو ما تطلب مجهودا كبيرا، ولم تتوفر أماكن لعمل البروفات فكنا نقوم بعمل البروفات على أحد سلالم الكلية.
وأضاف: حصلت على الميزانية قبل تقديم العرض بثلاثة أيام، وهو ما وضع صعوبة كبيرة أمام الفريق، في التعامل مع الديكو، وفي وقوع بعض الأخطاء.
وتابع: هناك صعوبات فنية أخرى ومنها صعوبة النص، وكان دوري هو كيف أستطيع إعداد النص ليتلاءم مع الأجواء التي نحياها هذه الفترة.
جامعة جنوب الوادي
المخرجة إنجي نبيل من كلية التربية جامعة جنوب الوادي، قالت: نعاني قلة الدعم بالإضافة إلى ضيق الوقت لإقامة بروفات، بسبب عدد الساعات الكبير الخاص بالمحاضرات. أضافت: عندما كنت طالبة بالفرقة الأولى وعلمت بوجود نشاط مسرحي شاركت على الفور، لحبي الشديد للمسرح، على الرغم من عدم وجود توعية خاصة بالمسرح، وتجاهل المواهب. تابعت: المسرح مظلوم في الجامعة، لذلك ففي العام الماضي خصصنا يوما في الأسبوع للمسرح وأطلقنا عليه اسم «تياترو» ونظمنا خلاله برنامج عروض ولكن كانت المشاركات قليلة.
محمد يسري، مخرج كلية التربية جامعة أسيوط، قال: لا يوجد مهرجان طلابي في النصف الأول من العام الدراسي، ولكن هناك مهرجان يقام في النصف الثاني من العام، ومن أبرز المشكلات التي تواجهنا في جامعة أسيوط هي عدم التحضير الجيد للمهرجانات داخل الجامعة، فأقصى مدة زمنية نستطيع أن نوفرها للبروفات هي شهر واحد فقط، هذا بخلاف أن بعض الذين يشاركون في النشاط المسرحي يعدون المسرح مجرد شغل وقت الفراغ فقط، كما أن الطلاب يحتاجون لصقل مواهبهم، بإقامة ورش تدريبية وهو ما يتطلب منا كمخرجين مجهودا مضاعفا لصقل قدراتهم الفنية.
أضاف: نقيم البروفات في قاعات صغيرة وهو ما قد يتسبب في إرباك الممثلين عندما يقدمون العرض على خشبة مسرح كبيرة، هذا بالإضافة إلى مشكلات خاصة بالإداريات.
تابع: أشارك بعرض “إنفينتي بداية النهاية» تأليف وودي آلن ترجمة طارق راغب.

 دعم الأنشطة
د. أسماء يحيى الطاهر، الأستاذ بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان قالت: جامعة حلوان من أكبر الجامعات وتضم أعدادا كبيرة من الطلاب، ومن المفترض أن جزءا من المصروفات التي يدفعها الطلاب تخصص للأنشطة، فنية أو أدبية ورياضية ومسرحية، وبالتالي هناك ميزانية لكل نشاط.
كما أن هناك كليات تضم أعدادا كبيرة من الطلاب، على سبيل المثال كلية الحقوق والتجارة، ومن المفترض أن تكون ميزانيات هذه الكليات أكبر.
أضافت: النقطة الثانية التي أود أن أشير إليها هي فكرة تقبل المسئولين في الكليات المختلفة للنشاط المسرحي، فهناك من يرغبون في وجود نشاط مسرحي ويدعمون الطلاب، والمسرح محبب إليهم، وآخرون لا يهتمون بالنشاط المسرحي، وأنا أتساءل: نحن جامعة كبيرة تضم أعدادا هائلة من الطلاب، فلماذا لا تكون الميزانيات بالقدر الكافي والمناسب كما في جامعتي القاهرة وعين شمس.
كما تحدثت أسماء يحيى الطاهر عن أهمية وجود قرار وتوجه واضح وصريح لدى إدارة الجامعة لدعم الأنشطة في ظل الهجمة المتطرفة، وفي ظل وجود بعض الأفكار الظلامية بذهن بعض الطلاب عن الفن، وفي ظل غياب المعلومات عن المسرح.
وتابعت: هناك مشكلة أخرى تواجهنا بالجامعة وهي فكرة التنافسية وارتباطها بقواعد محددة لا توفر مجالا للإبداع، وقد أصبح الأمر منصبا على عمل توليفه خاصة بالعرض، للحصول على مراكز وجوائز.. فأصبحت التنافسية تحدد قيمة المخرج والفريق، وهو ما يؤدي بدوره إلى إحباط بعض المخرجين الذين لم يحصلوا على مراكز متقدمة، وبالتالي يبتعدون عن المسرح، كذلك هناك سطوة كبار الفرق والحاصلين على جوائز، مما لا يعطي مساحة لمخرج جديد لعرض إبداعه المختلف وهو ما يسمى بتوريث العادات المسرحية. أما النقطة الأخيرة التي أثارتها د. أسماء فهي وجود معايير ثابتة لدى بعض لجان التحكيم تتعامل بها مع العروض بشكل غير إبداعي، تندرج تحت مسمى التوليفة المسرحية، ولا يوجد احتفاء بفكرة كسر النمط التقليدي.

تقليص دور المسرح نهائيا بجامعة المنيا
واستنكر المؤلف المسرحي أشرف عتريس ما يحدث في جامعة المنيا فقال: سبق وأن تحدثنا عن أزمة المسرح عموما في مصر وتعرضنا لشباب نوادي المسرح الذي لا يشارك منذ (ثلاث سنوات) عمدا، ويهرب إلى مراكز الشباب لتقديم (اسكتشات) ليس لها علاقة بالمسرح، ويتخبط في الاختيار والتوجه، وأشرنا إلى (خطورة) الظاهرة وتوغلها في قطاع عريض من الشباب.
أضاف: واليوم نقول ما يرضي ضميرنا في (المسرح الجامعي) كظاهرة جيدة، وقد تخرج فيه معظم المحترفين منذ زمن بعيد وحتى فترة قريبة جدا، منهم مصطفى خاطر، حمدي الميرغني، محمد أنور، وهم نماذج لممثلين كانوا يعشقون مسرح الجامعة.. ولكن في المنيا الأمر مختلف، فهناك غياب للنشاط الفني وتقلص دور المسرح نهائيا بالجامعة ولا يوجد نشاط طلابي سوى القليل النادر الذي لا يجدي ولا يفيد الحديث عنه في هذه المساحة.. فهناك (لائحة طلابية) لا تنفذ فتمنع تفريخ الطاقات الفنية واكتشافها وإضافة عنصر الترفيه بجانب التحصيل العلمي وبث روح الهواية ودعمها لدى الموهوبين، ولا توجد (خشبة) لإقامة عروض مسرحية تنافس مسرح جامعات مصر، وهي التي كانت رائدة والتاريخ يشهد على ذلك، ففي عام 1992 حصلت كلية الآداب على المركز الأول على مستوى الجامعات، وفي عام 1996 حصلت كلية التربية على المركز الأول ايضا، أما في عام 2002 فقد حصل منتخب الجامعة على المركز الأول. ونحن لا نعلم إلى متى هذا التجاهل والانهيار.
 
مشروع دعم المواهب
يقول المؤلف والمخرج سيد سليم مسئول مشروع دعم المواهب الفنية بجامعة «جنوب الوادي» بقنا، وهو الذي أفرز عددا من المخرجين للجامعة: قمنا من خلال مشروع دعم المواهب بعمل مجموعة من الورش التي تبعتها مجموعة من العروض المسرحية، وجاري الإعداد لإقامة مهرجان في النصف الثاني من العام الدراسي. وعن عدم إقامة مهرجان طلابي داخل الجامعة، أشار إلى أن أغلب كليات جامعة جنوب الوادي كليات عملية، وهو ما يجعل هناك صعوبة لأن تشارك تلك الكليات بعروض، ولكن من ناحية أخرى هناك كليات مثل الآداب والحقوق والتربية تشارك بعروض، بالإضافة إلى أن التركيز الأكبر داخل جامعة جنوب الوادي يكون على الأنشطة الرياضية، وأحاول جاهدا من خلال مشروع دعم المواهب إقامة مهرجان طلابي، وهناك مجهودات تبذل من عدد من المخرجين لعمل عروض مسرحية قصيرة “اسكتشات”.

 


رنا رأفت