بعد انتهاء المهرجان القومي: المسرحيون: الإقبال الجماهيري أهم ما يميزه.. وقلة عدد المسارح مشكلة كبيرة

بعد انتهاء المهرجان القومي: المسرحيون: الإقبال الجماهيري أهم ما يميزه.. وقلة عدد المسارح مشكلة كبيرة

العدد 572 صدر بتاريخ 13أغسطس2018

مع نهاية الدورة الـ11 من المهرجان القومي دورة محمود دياب، رأينا أنه قد يكون من المفيد الرجوع للمسرحيين لتقييم الدورة المنقضية، وقد قمنا باستطلاع رأي بعض المشاركين في هذه الدورة حول أهم الإيجابيات والسلبيات وعن طموحات وأحلام المسرحيين للمهرجان في الدورات المقبلة.
قالت المخرجة مروة رضوان مخرجة عرض «كوميديا البؤساء» الذي قدم على خشبة مسرح ميامي، إن أكثر الإيجابيات في هذه الدورة هو الجمهور الكبير الذي أقبل على العروض، وهو ما يتطلب عدد أفراد كبيرا في التنظيم، بالإضافة إلى وجود عروض جيدة وعروض أخرى لم تكن على المستوى المطلوب الذي يؤهلها للمشاركة في المهرجان القومي، مضيفة: فإذا كانت مثل هذه العروض ستشارك مستقبلا فمن الممكن أن يكون المهرجان ملتقى أو احتفاء وتفتح المسارح لمدة شهر مجانا، ولكن إذا كان المهرجان به تسابق فيجب انتقاء الأفضل للمشاركة، وانتقاء العروض من جميع جهات الإنتاج أمر ضروري، فالمهرجان القومي نتاج عام كامل، وهو ما يلزم بفكرة انتقاء أفضل إنتاج لهذا العام، وهناك ضرورة لمد فترة المهرجان أيضا، حيث إن وجود ثلاثة عروض يوميا أمر شاق، ومن الممكن أن تكون هناك جوائز بإرسال بعثات خارجية، لأن الاحتكاك أمر ضروري للمخرجين.
وأشارت المخرجة مروة رضوان إلى ضرورة مشاركة بعض المخرجين ممن ليس لديهم عروض في المهرجان، وذلك بأن تصبح لهم مشاركة بشكل آخر، فيساعدون في فعاليات المهرجان - على سبيل المثال - في الورش والندوات.. إلخ، فمن الضروري أن يشارك جميع المسرحيين في هذا العرس المسرحي.

تمثيل المسرح الإقليمي
قال المخرج السعيد منسي مخرج عرض “يوتيرن” الذي قدم على خشبة مسرح الطليعة: من السلبيات في هذه الدورة تأخر توقيتات تقديم بعض العروض، فكانت هناك بعض العروض تتأخر عن موعدها المحدد.
وأتمنى في الدورة المقبلة تمثيل المسرح الإقليمي بشكل أفضل ومتابعة كل العروض المسرحية في كل أنحاء مصر، وذلك لأنه مهرجان مسرح مصري وليس من المنطقي أن تكون نسبة تمثيل الأقاليم لا تتجاوز 20 في المائة من إجمالي عروض المهرجان، وأتمنى أيضا التوسع في الورش للشباب الموهوبين وعمل تغطية تلفزيونية لفعاليات المهرجان، كما أتمنى زيادة عدد دور العرض وزيادة التجهيزات الفنية للعروض، وقد كانت هناك أزمة كبيرة في المسارح هذا العام، خاصة بعد استبعاد “الطليعة” و”العرائس” و”السلام” من دور العرض المؤهلة لاستقبال العروض.
 الإقبال الجماهيري هو الأهم
فيما رأى مهندس الديكور عمرو الأشرف أن استمرار المهرجان يشكل فرصة لجميع المسرحيين والمهتمين بالمسرح للتلاقي والنقاش الذي هو بالضرورة يدعم التطوير والتجديد، مضيفا: الإقبال الجماهيري الشديد أهم الإيجابيات لمهرجان المسرح القومي المصري، كذلك أن المهرجان جعل جميع مسارح القاهرة تضاء وتعمل في وقت واحد، وهذا يعني الكثير للثقافة المصرية عامة وللمسرح المصري بشكل خاص، كذلك فإن إضافة ملتقى فكري مصاحب لفعاليات المهرجان أثرى دور المهرجان الثقافي.
تابع الأشرف: أما بخصوص السلبيات فهي كثيرة أيضا لعل من أهمها - من وجهة نظري - عدم وجود أي تمثيل للشباب في لجان المهرجان سواء لجنة التحكيم أو لجنة المشاهدة على الرغم من جدارة واستحقاق الكثير من المسرحيين الشباب لعضوية هذه اللجان، كذلك وجود مشاركات لمسارح من دول أخرى متمثلة في عروض وندوات ومناقشات مثلما حدث هذا العام مع المسرح السوداني وعلى مدار آخر دورتين للمهرجان، وهو ما أعتبره ضمن السلبيات لأنه يشتت هوية المهرجان ويشتت التركيز عن أنشطة المهرجان الأساسية التي كانت أولى بالاهتمام بها والتركيز عليها أكثر.
كذلك من السلبيات عدم التركيز على الأنشطة المصاحبة لمسابقة العروض المسرحية مثل الورش الفنية والندوات والجلسات الفكرية، فقد شعرت أنها مجرد هامش تكميلي ليس إلا، وأتمنى في الدورة المقبلة أن أرى تمثيلا دائما للشباب في لجان التحكيم ولجان مشاهدة العروض.

عمل تذاكر لعروض الجامعات
فيما قال مصمم الإضاءة عز حلمي الذي قام بتصميم إضاءة ثلاثة من العروض، وهي: “يوتيرن” و”الإلياذة” و”ستديو”، إن سلبيات هذه الدورة تتمثل في أن بعض فرق الأقاليم تم مشاهدتها من قبل لجنة التحكيم في اليوم الأول كما تمنى عدم إشراك المسرح القومي في المهرجان، لأن الجمهور المجاني أهان هيبة ورونق المسرح القومي بإلقاء فضلات الطعام على الأرض وخلافه، كما تمنى تحصيل تذاكر للدخول فيما يخص عروض جامعات القاهرة كنوع من التنظيم ليس أكثر، وذلك نظرا للأعداد الكبيرة التي تقبل عليها.
 
تحريك المهرجان للمحافظات
وقال المخرج محمد جبر الذي قدم عرضي “الزيارة” و”+22”، إن من أكثر الإيجابيات التعاون الكبير من قبل العاملين في المسارح سواء كان مسرح الهناجر أو المسرح القومي، وأن التنظيم كان أفضل من الأعوام السابقة، بالإضافة إلى الإقبال الجماهيري الكبير، مضيفا: لم ألحظ أي سلبيات وأتمنى الدورة المقبلة أن يتحرك المهرجان لكل محافظات مصر، وقد سبق وقمت بطلب هذا الأمر من وزير الثقافة الأسبق حلمي النمنم، ففكرة تحريك المهرجان سيجعل هناك حراكا ثقافيا ولا تقتصر فعاليات المهرجان القومي على محافظة القاهرة.
واتفق المخرج محمد عبد الله مخرج عرض “البؤساء” لفريق تجارة جامعة عين شمس مع المخرج محمد جبر حول جودة تعاون العاملين في المسارح مع الفرق، وأن من أكثر السلبيات سوء التنظيم الذي يظهر عند دخول الجماهير للعروض ومواعيد تقديم العروض، أضاف: وكنت أتمنى أن يكون المنظمين من طلاب الجامعات أنفسهم، وبالأخص في عروض الجامعات، ما سيجعل هناك ارتياحية أكبر في التعامل مع جماهير الجامعة.
فيما قال الممثل والمخرج محمد السعدني والمشارك بعرض رجل لكل العصور لفريق كلية الطب البيطري جامعة القاهرة، إن الاحتكاك وتنوع العروض من أهم الإيجابيات، أما السلبيات فكانت تتمثل في تنظيم الجدول، مشيرا إلى أن حضور لجنة التحكيم في الليلة الأولى قد يعرض بعض العروض لظلم لأن بعض العروض لا تكون مستعدة في الليلة الأولى بينما الليلة الثانية للعرض تكون أكثر انضباطا، بالإضافة إلى عدم تناسب بعض المسارح لتقديم بعض العروض، فلكل عرض متطلباته، بالإضافة إلى عدم جودة التنظيم في بعض المسارح، مضيفا: وكان من أكثر السلبيات صغر بعض قاعات العرض وعدم توافر مقاعد كافية حتى يستطيع الجماهير المشاهدة، فكانت الجماهير تغادر المسرح، بالإضافة إلى أن وزارة الشباب لم تقم بتوفير دعم لعرضي رجل لكل العصور على الرغم من أن العرض يمثل الشباب والرياضة وقامت الكلية بمساعدتي بشكل كبير.
ميزانية من المهرجان لعروض الأقاليم
وقال الكاتب محمود جمال الحديني الذي يشارك بعرض “إنهم يعزفون” للمخرج محمد صابر: المهرجان هذا العام تميز بتقديم مجموعة متميزة من العروض، فقد تابعت واستمتعت كثيرا بما يقدم، وهذا على مستوى جميع الجهات، ولكن السلبية الأكبر كانت عدم توافر مسارح، فهناك ثلاثة مسارح لم تكن حاضرة في المهرجان كما أن مسرح الجمهورية قدم عليه عرض واحد من إنتاجه ولم يتح تقديم عروض أخرى عليه، ووجهة نظري ألا تشارك هذه الجهة في المهرجان إذا كان مسرحها سيستقبل العرض الخاص بها فقط، وعلى سبيل المثال مركز الإبداع، وهو لا يتبع البيت الفني للمسرح. وتابع: لصندوق التنمية الثقافية قام باستضافة عروض من الجامعة وعروض أخرى.
ولكن على المستوى العام فالمهرجان جيد، فهناك ممثلون جيدون والتقييم الحقيقي سيكون عقب المهرجان، ومن أهم الإيجابيات أيضا النشرة التي حوت جزءا تثقيفيا عظيما.
وأتمنى في الدورة المقبلة زيادة عدد المسارح ومشاركة كل المسرحيين وأن تصرف ميزانية من المهرجان لعروض الجامعات في الأقاليم، التي لا يتاح أن تقوم الجامعة بإعادة إنتاجها مرة أخرى لتشارك بالمهرجان.
استمرار المهرجان نفسه
وقال الكاتب سامح عثمان الذي يشارك بعرض “يوم معتدل جدا” وعرض “يوتيرن” كتأليف ودراماتورج وأشعار: أبرز الإيجابيات استمرار المهرجان نفسه، فالاستمرار في أيامنا هذه يعد إنجازا في حد ذاته نضيف إلى ذلك عودة المهرجان للائحته التسابقية القديمة، إضافة لوجود مجموعة مختارة من عروض الطفل على هامش المسابقة، مضيفا: فقط كنت أتمنى وجود الكتيب التوثيقي بوفرة أكبر، فهو منجز هام تم كتابته وإخراجه بجودة عالية، أيضا نشرة المهرجان ومحتواها كانت عالية الجودة وما أتمناه للعام القادم أيضا هو الاستمرار.
فيما قال المخرج محمد حزين مخرج عرض “الإلياذة” لفريق بنك مصر، إن أبرز الإيجابيات كانت تجهيزات المسارح بجودة عالية، فقد كان هناك تعاون كبير وملاحظ في جميع المسارح وحرص على خروج المهرجان بشكل جيد واجتهاد كبير، مضيفا: قدمت عرضي على المسرح القومي وكان هناك تعاون كبير من القائمين على التجهيزات، فالمسارح كانت شعلة نشاط فيما يخص التجهيزات الفنية وهو أكثر ما يهم المبدع.
أما عن السلبيات، فلم يكن هناك تنظيم بشكل جيد، كان هناك ارتباك فلم أتمكن من دخول أحد المسارح بسبب عدم جودة التنظيم، وهو ما يمكن أن يفسد العرس المسرحي الكبير، وأكثر الأمور التي لم تكن جيدة أن بعض المقالات النقدية لم تكن بالشكل الموضوعي، فالنقد هو الحلقة المكملة للحالة الإبداعية، والناقد مبدع وليس فوق مستوى الإبداع، وهذه أبرز أشياء لاحظتها خلال مشاركتي. وأتمنى أن تكون الدورة المقبلة أكثر توثيقا وانتشارا وأن تكون هناك تغطية إعلامية أكبر وأشمل، أضاف: وأخيرا، ومن جهة نظري، الفرق المستقلة والحرة والجامعات أصبحوا ينافسون بقوة كبيرة ولهم تجارب متميزة.
رئة حية جديدة ومتطورة
الناقد أحمد خميس رأى أن أهم الظواهر الإيجابية تمثلت في مجموعة من الشباب المسرحيين الذين لديهم رؤى مختلفة ومناهجهم المختلفة ووعيهم، وقد عبرت هذه الدورة بقوة عن وجود جيل جديد مختلف، فعلى سبيل المثال عرض “كلهم أبنائي” الذي قدم في مركز الإبداع، هو عرض به كفاءة كبيرة ويعد التجربة الأولى للمخرج، وهذا يعني وجود رئة حية جديدة متطورة وواعية ولديها منهجها وتحاول تقديم موضوعات مختلفة لم يكن المسرح المصري يعرفها بشكل كاف فيما مضى. عرض “كلهم أبنائي” عرض لم أشاهده من قبل سوى في الثقافة الجماهيرية، كذلك عروض المعهد العالي للفنون المسرحية “دراما الشحاتين” وعرض “إنهم يعزفون”، هم شباب لديهم وعي كبير وخبرة جيدة بتشغيل الحركة على خشبة المسرح وتضمين العناصر المكونة للعرض المسرحي مثل الموسيقى والديكور والأزياء، بالإضافة إلى تركيزهم في اختيار الممثلين، وهي أمور لا تكتسب إلا بعد فترة طويلة من المشاركة وعبر تقديم عروض متعددة ويجب مراعاة هؤلاء الشباب فهم يمثلون المسرح المصري في المستقبل القادم. أضاف: أرجو من إدارة المهرجان أن تتنبه لفكرة أنه ليس من الضروري أن يكون عضو لجنة التحكيم اسما كبيرا في الميديا المصرية، ولكن يجب أن يكون لديه خبرة كبيرة في العمل المسرحي، وذلك لأن الحكم على مجموعة العروض من قبل مجموعة من خلفيات كلاسيكية سيشكل تضييقا على الشباب الجدد وعلى الأفكار الجديدة وعلى الأفكار المتطورة والنظم الجديدة في العمل المسرحي، وسيكون الميزان مختلا بسبب النفور بينهم والعرض المسرحي المتطور؛ لذا أرجو الاعتماد على الكفاءات الحاضراة في المشهد المسرحي الراهن التي تتابع بشكل دائم ما يجعل مسافة العرض من المحكم قريبة.
وأشار خميس إلى أنه سيقدم للدورة المقبلة مجموعة من المقترحات للدكتور حسن عطية فيما يخص كيفية تشغيل المؤتمر الفكري الخاص بالمهرجان والمكرمين وكيفية التعامل معهم نقديا وكذلك الكوتة الداخلية، وجميعها مقترحات سأقوم بتقديمها لإدارة المهرجان.
انخفاض الجودة
قالت الناقدة أمل ممدوح إن أهم ما يقوم عليه أي مهرجان هو قوة منتجه ومادته، وبالنسبة لمهرجان كالمهرجان القومي للمسرح الذي يمثل المنتج المسرحي المصري على مدى عام، فإن انخفاض جودة عدد كبير من عروضه يعد أمرا محبطا، خاصة حين يتزامن ذلك مع صعوبة حجز تذاكر مقاعد المسارح واضطرار المشاهد للمجيء مبكرا، ويتعرض لزحام وحر شديد، حتى إن بعض المتخصصين قد لا يجدون مقعدا لهم ويضطرون للمغادرة. أضافت: أقل ما يمكن تقديمه إزاء ذلك تقديم منتج قيم لائق بهذا العناء حتى وإن قل جدا عدد العروض وزادت أيام عرضها مما يقلل الضغط والزحام والمعاناة.
تابعت: من جهة أخرى، كانت قلة أعداد النشرة اليومية من الأمور المزعجة واللافتة للنظر؛ مما يضيع جهدا بذل فيها ويهدر أموالا أيضا، ومن الأمور الجيدة جدا التي لفتت نظري حفل الافتتاح الذي بدا بالعرض المسرحي وقلل كثيرا من الكلمات الرسمية وطولها. وأتمنى أن نحافظ على هذه النقطة مع تلاشي الأمور السابقة في الدورات القادمة.


رنا رأفت