رحيل مؤثر لـ«عروس المسرح» رانا أبو العلا

رحيل مؤثر لـ«عروس المسرح» رانا أبو العلا

العدد 836 صدر بتاريخ 4سبتمبر2023

سادت حالة من الحزن والأسى في الوسط الثقافي والمسرحي، إثر خبر وفاة الكاتبة والناقدة المسرحية الشابة رانا أبو العلا ، حيث رحلت عن عالمنا صباح يوم الثلاثاء، إثر تعرضها لحادث سير، نقلت على أثره للمستشفى قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة هناك وتفارق الحياة عن عمر ناهز 29 عاما.
الناقدة رانا أبو العلا من مواليد 8 أكتوبر 1994، تخرجت من قسم دراما ونقد مسرحي - بكلية الآداب - جامعة عين شمس، حصلت على دبلوم النقد الفني من معهد النقد بأكاديمية الفنون، وكانت تعد لتمهيدي الماجستير بالمعهد، عملت رانا أبو العلا في عدد من المجلات الفنية ونشرت عدة مقالات نقدية بلغت حوالي ال 80 مقالة في جريدة مسرحنا والتي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وفي نشرات المهرجانات المسرحية ومنها نشرة المهرجان القومي للمسرح المصري، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي وبعض المجلات المتخصصة، وهي عضو هيئة تحرير نشرة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثلاثين، وتقلدت سكرتير تحرير مجلة «نقد*نقد» النقدية، والمدير التنفيذي لملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي في دورته الخامسة. 
و سادت حالة من الحزن والأسى في الوسط الثقافي والمسرحي، ونعاها العديد من النقاد والمسرحيين المصريين والعرب بكلمات مؤثرة، وكان لمسرحنا أن ترصد تلك الاجواء التي سادت الوسط الثقافي والمسرحي بوجه خاص وكانت تلك كلماتهم عنها .
د. سامية حبيب: ناقدة مبشرة ورؤيتها جديدة ومهتمة بتطوير نفسها
وبمزيد من التأثر والحزن قالت دكتورة سامية حبيب:  كانت رانا ناقدة مبشرة ومجتهدة، قابلتها عندما جاءت للدراسة في المعهد العالي للنقد الفني، ودرست لها في الفرقتين الأولى والثانية، وكانت طالبة مجتهدة جدا مهتمة بالدراسة ومهتمة بتطوير نفسها كناقدة بالقراءة والدراسة والمشاهدة والكتابة، وهو ما كان يسعدني بها كثيرا، كان لها نشاطا كبيرا في نشرات التجريبي والقومي وجريدة مسرحنا وفي عدة دوريات، ومؤخرا كانت سكرتير تحرير موقع نقد في نقد، وكلها أنشطة تدل على طموح ودأب واجتهاد، وأنا شخصيا خسرت إنسانة أحبها جدا، وخسرت باحثة مجتهدة، لأنها كانت تسجل في درجة الماجستير، وخسرت زميلة رقيقة وشابة رؤيتها جديدة وحيوية، تضيف لمن يقرأها وأنا منهم، لم أكن لاستوعب الموقف، لكنه قضاء الله وقدره.
 وأحب أن أضيف في قضية النقد والنقاد أن دراسة ومهنة النقد صعبة جدا، وتحتاج لجهد ومجهود، وأتمنى من العاملين في الحقل المسرحي والصحفي أن يتيحوا الفرص للشباب الدارس المتخصص مثل رانا وغيرها ممن بدأ إسمهم ينمو ويكبر في منطقة النقد، ولكنهم بالفعل يكافحون ويبحثون للنشر ويحصلون من خلال ذلك على عائد مادي ضعيف ، أتمنى من المواقع الصحفية والجرائد أن تعتمد على المتخصصين في النقد سواء السينمائي أو المسرحي أو التشكيلي.. وغيرهم، وليس مجرد صحفيا أو إعلاميا لأنه له مجاله والناقد له مجاله،  نريد أن نحدد المجالات لكي نستفيد مما يكتب وينشر ويقرأ، فهو شيء مفيد لنا جميعا وللحركة الفنية والثقافية، وأن هذا الخلط غير المبرر لا يفيد، ونتمنى من النقابات الفنية والصحفية أن تدعم هؤلاء الشباب، وتتيح لهم عضوية ولو استثنائية إلى ا أن يستقروا أو ينتظموا في مكان ما، ف رانا تعبت كثيرا وكانت طموحة وشاطرة، ونريد أن نختزل هذا التعب ليتوفر لمجهود يثمر ويفيد منطقة النقد والكتابة وكل المناطق التي تحتاج إلى هذا الجهد، نريد أن نجد نظام أو طريقة تساعد تلك المواهب لكي تثمر، وألا تذهب هباء ونبكي بعدها عليها.

منار زين: كانت على وعي كامل وثقافة عالية، وذات طموح عالي ولديها وجهة نظر فنية 
ومع تأثرها قالت المخرجة منار زين:
 رانا بالنسبة لي كانت أخت صغرى، وأول مرة قابلتها كانت في لجان تحكيم التجارب النوعية في الثقافة الجماهيرية وكنا نحكم معا ، لديها قدرة على أن تجعلك تحبها من أول لحظة، وهذا ما حدث معي، فهي مثال التربية والأخلاق والطيبة والاحترام والشطارة والمعرفة، وعلى الرغم من صغر سنها إلا أنها كانت على وعي كامل وثقافة عالية، وذات طموح عالي، وكانت لديها وجهة نظر فنية ، فكانت مثال للإنسان المكتمل.
 بدأت علاقتنا تتطور منذ لجنة التحكيم، وما لا يعرفه أحد أنها كانت تساعدني في الإخراج في أحد أعمالي، وكنت أعرض عليها أي مشروع نشترك فيه سويا، ونفذت معي عرض مهاجر بريسبان وكانت أساسي معي في شغل الكاستينج في التلفزيون، ثقتي بها كبيرة ولا حدود لها هي وصديقاتي مي ورحمة.
 رانا لم تكن صديقتي وأختي فقط بل كنت أحاول أشركها معي في كثير من الأمور، فدائما ما كنت أريدها معي وقريبة مني، فهي كالطفلة البريئة في مشاعرها وحبها للناس، لم يكن عندها حقد أو كره لأحد، كانت دائما مكافحة جدا في حياتها ، فكانت رانا ملاكا على الأرض ولم يوجد مثلها.

حازم شبل: كنت أتمنى صعودها للمراتب العليا لأنها نموذج نادر اليوم
 وبعميق الأسى قال مهندس الديكور حازم شبل:
 أُدرس في قسم دراما ونقد مسرحي جامعة عين شمس، وكانت رانا إحدى طالباتي، تخرجت عام 2017 ، وتميزت بأنها طالبة هادئة مجتهدة وملتزمة، وبدأت تهتم بالنقد، وكتبت في عدة جرائد ومجلات وأونلاين، بالإضافة إلى نشرات المهرجانات.
 وبمناسبة تكريمي في المهرجان التجريبي، عرض علي الأستاذ إبراهيم الحسيني عمل حوار في نشرة المهرجان، وكانت رانا قد حضرت عرض تشارلي، وطَلَبْت أن تقوم هي بالحوار، وجلسنا مدة ساعتين على برنامج زوم، فكان اللقاء الاربعاء الماضي على ما أتذكر، وبعد الحوار سألتها عن سكنها وبعض اهتماماتها، وأعجبت جدا بإصرارها وشقائها في العمل والمساعدة والحضور في كل مكان، أعجبت بمجهودها والمسافات التي تقطعها يوميا ، والمجهود في مهنة أراها صعبة جدا، ألا وهي مهنة النقد والتي تعد قليلة الموارد جدا، شجعتها، فهي مهذبة وتشعر تجاهها وكأنها قريبة لك، بشوشة، مبتسمة، ملتزمة، فهي محل ثقة من الجميع،  ونموذج محترم.
 حزنت جدا عليها فهي كانت مشروع يتحقق نجاحه في وسط الظروف الصعبة، وهي نموذج جيد للطلبة يحتذى به، قلمها ناعم لا تبحث عن الشيء الملفت للأنظار، ولا تفتعل المشاكل مع الغير، ولا تشتبك في صراع، ولا تتملق لأحد فهي هادئة تعمل فقط بأدب واحترام، تحترمها وتحبها وتعجب بها بدون مبالغات، كنت أتمنى صعودها للمراتب العليا لأنها نموذج نادر اليوم، قلت لزوجتي “يا بخت من سيتزوجها» فهي تعمل بلا شكوى ولا ملل، جميع من يعرفها في حالة حزن شديدة عليها انسانيا وعمليا، وهي تعتبر من القلة المتميزة والتي كان لها مستقبلا باهرا، وكنا نشجعها في ظل تلك الظروف الصعبة.
 أوجه رسالتي إلى الكل، وأناشد كل رؤساء المهرجانات، ارفعوا مكافآت النقاد، وافتحوا المساحات للشباب، واعطوهم مقابلا كريما يشجعهم على الاستمرار والأمل في هذه المهنة، فالناقد المسرحي مهم جدا، وكل ما أتمناه أن لا يكون هناك ضحايا أخرون، وعلى المؤسسات أن يرعوا هذه المهنة وأبنائها من الشباب.

د. علاء الجابر: قررنا أن يبقى اسمها الوظيفي بمميزاته كسكرتير تحرير المجلة تخليدا لها
وفي مقدمة كلماته استهل دكتور علاء الجابر “ رئيس تحرير مجلة نقد *نقد بدولة الكويت “ قائلا: الدورة القادمة لجائزتي باسمها، وسيبقى اسمها كسكرتير تحرير لمجلة نقد X نقد.
لم تكن رنا مجرد متدربة تعرفت عليها في ورش الكتابة التي بدأت بإقامتها في مصر منذ سنوات، فهي مع مرور الوقت، أصبحت بمثابة ابنة لي، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ولعل الارتباط توطد أكثر حين قمت بعمل دورة تدريبية طويلة في كتابة السيناريو التلفزيوني في فترة جائحة كورونا، وصلت لما يقارب الستة شهور، كانت هي من أوائل المنضمين لها كعادتها في ارتباطها معي. 
أما حين أنشأنا مجلة نقد X نقد ، وهي مجلة إلكترونية تهتم بالنقد في كافة المجالات، لم نجد أنا و»سعداء» بصفتها مديرة التحرير، من هو أصلح من رانا لتكون سكرتير تحرير للمجلة، وهي - لمن يعرف أبعادها - مهمة صعبة جدا، وقد فوجئت رانا في البداية بهذا الاختيار، ولأنها تقدس العمل، فقد كانت قلقة، خشية عدم القيام بالمهمة كما يجب، لكنها أبدعت في عملها بصمت وهدوء، وكونت في فترة قصيرة علاقات متشعبة في مصر والكثير من الأقطار العربية، فكانت تفاجئنا كل يوم بالأقلام الجديدة التي انضمت إلينا.
ولأني أدرك مدى إخلاصها، كنت أرشحها لكل من يسعى لعمل جاد مع إنسانة مخلصة، خلوقة، مهذبة، وفاعلة، وهذا ما حدث مع الصديق عمرو قابيل في ملتقى المسرح الجامعي، الذي ما إن عرفها عن قرب حتى بات يعتمد عليها في الكثير من التفاصيل التي تقوم بها دون ضجيج، بل أنها نجحت في أن تأسر قلوب جميع من ارتبطوا بالملتقى، وفي المقابل كانت هي سعيدة جدا بالعمل مع مجموعة الملتقى، وكانت كثيراً ما تعبر لي عن تلك السعادة، كإبنة تطمئن أباها بأنها بخير.
الحديث عن  ابنتي الراحلة الغالية رانا يطول، ولكنني أريد أن أحفظ لها هذا الود، والذكرى الطيبة و أحول هذا الحب إلى فعل يخلد اسم «رانا أبو العلا» التي اختطفها الموت في ريعان شبابها، وقبل أن تحقق جميع أحلامها، لذلك قررنا أنا وسعداء أن يبقى اسمها الوظيفي بمميزاته كسكرتير تحرير المجلة، مادامت المجلة موجودة، كما قررتُ بإذن الله، أن الدورة القادمة لفرع المقال النقدي في جائزة «علاء الجابر للإبداع المسرحي» باسم دورة «رانا أبو العلا»، لأن الجائزة تختار الأسماء الفنية والأدبية التي رحلت قبل أن تُكمل مشوارها لأن الله عز وجل قد اختارها. 
كما سيكون هناك خطوات أخرى سنقوم بها أنا وسعداء في الأيام القليلة القادمة لتخليد اسمها بإذن الله تعالى.
لروحها الشفافة الرقيقة كل الرحمة ولنا ولوالدتها وأخواتها شيماء وشيرهان وكل أصدقائها، خاصة في مجلتها نقد X نقد، وكل من عرفها عن قرب، أو سمع عنها فأحبها، الصبر الجميل من المولى عز وجل.
وستبقى دائما وأبدا تحتل بقلبي تلك المكانة الكبيرة التي استحقتها.

صبحي يوسف: رنا مثقفة ومحبة للمسرح والناس والحياة 
وقال المخرج صبحي يوسف: العام الماضي ، عندما دعاني الفنان عمرو قابيل كعضو في لجنة مشاهدة العروض المرشحة للملتقى الدولي للمسرح التجريبي، وفي أول لقاء كانت في انتظاري فتاة رقيقة قابلتني بمنتهى الود والاحترام واللباقة ، وخلال أيام العمل كانت لا تدخر جهدا لراحة ومساعدة أعضاء اللجنة،  لدرجة أنني لم أصدق في البداية أنها تقدم عملا تطوعيا ، فهي حريصة على النجاح كل الحرص ولا يمكن أن تتأخر في أي طلب، وحين الحديث إليها تستشعر كم هي مثقفة ومحبة للمسرح والناس والحياة .
حين ترى وجهها المشرق بابتسامتها وحياءها الفطري ، تدرك أن الدنيا بخير . أحقا خطفها الموت بسيارة صدمتها وهي تعبر طريق الحياة ؟ أم أن الملائكة هي من خطفتها من الدنيا التي لم تعد بخير لتحلق بها في السماء مع الملائكة أبناء جنسها كما وصفتها أستاذتها الدكتورة إيمان عز الدين ؟ ، رانا أبو العلا  سلام لك في دار الحق ورحمة من الله.

د. عايدة علام: ستظل تلك السيرة الكبيرة والجميلة فينا.
 وبمزيد من الحزن قالت دكتورة عايدة علام:  نعزي أنفسنا في وفاة الحبيبة الغالية رانا أبو العلا ، تعرفت عليها منذ فترة قصيرة عن طريق ملتقى المسرح الجامعي، وتركت في أثر غريب جدا، فكنت مشدودة لها كثيرا ، وكنت أتابع نقدها ومقالاتها، حيث كان لها شخصية في الكتابة والرأي، عندما تحلل عرضا مسرحيا وإن لم أراه أفهمه،  وكأني رأيته بالفعل، فلها وجهة نظر عميقة رغم سنها الصغير.
 تعرفت عليها أكثر مع مجموعة من الصديقات، عرفني عليهم دكتور علاء جابر وهو يتبنى المواهب ويعطي فرص كثيرة لإثبات موهبتهم، تعرفت عليهم جميعا، ولكن رانا بالتحديد تركت في نفسي إحساس غريب جدا، وأنا أحاول تحليله ولا أعرف أسبابه. عندما كنا في المدافن حسيت فيها جانب ملائكي، فالذي يراها للمرة الأولى يحبها وكأنه يعرفها منذ زمن، الكثيرون كانوا يدعون لها رغم عدم معرفتهم بها، ولكن إرادة الله أقوى من الجميع ، فربنا كان بيحبها جدا ولذلك “اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه”، حيث كان الجميع يحبونها ، فكانت وديعة وناداها الله واستجابت له.
 عندما استرجع خطواتها ولقاءاتي معها أجد فيها شيئا ملائكيا، حتى الصور التي ترينها لها تشعرين بهالة من النور وكأنها القديسة الطاهرة.
 عندما كنت أقول لها رأيي كانت تسعدها  أقل كلمة وتفرح بها.
 نعتبرها شهيدة وهي في عالم أنقى وأفضل، لأنها روح نقية وطاهرة وصافية. كنا نقول تعبير ان “هذا الشخص ابن موت» فكانت كأنها روح وليست آدميه، فكانت كالملاك، ربنا يرحمها ويجعل لها سكنا في الجنة، ويصبر الجميع وستظل تلك السيرة الكبيرة والجميلة فينا.

د. محمد الخطيب: فقدنا وجه نقدي كان من الممكن أن يكون من الوجوه النقدية اللامعة في النقد المسرحي المصري
 وقال دكتور محمد الخطيب ومسحة الحزن تغلب عليه: أن ترثي أحد من تلامذتك كالأب الذي يرثي أحد أبنائه، فهذا صعب جدا فالمفروض أن يكتب عنا تلامذتنا وليس نحن، ولكنها إرادة الله.
 رانا أبو العلا تلميذتي وأعرفها منذ أن كانت طالبة، فهي شخصية مجتهدة ومجدة جدا، ومثال الالتزام على جميع المستويات، وهي شخصية طموحة، وبالرغم من أنها تكتب نقد منذ سبع سنوات إلا أن لها حوالي من 70 أو 80 مقالة، والتي سنحاول أن شاء الله أن نجمعهم في كتاب.
 رانا لها رؤية مدهشة في قراءة العرض المسرحي، كانت مثقفة، وكان يعجبني طموحها على المستوى الشخصي ، وهي خريجة آداب دراما عين شمس، وكانت تعد للماجستير، فكانت مثال للطموح والاجتهاد ، ودائما كانت صبورة، وأرى أننا فقدنا وجه نقدي كان من الممكن أن يكون من الوجوه النقدية اللامعة في النقد المسرحي المصري، وهي كانت مؤهلة لذلك مع اجتهادها .
وكانت متابعة للمسرح في كل أنحاء مصر، في الثقافة الجماهيرية، والمسرح المستقل، ومسرح الدولة، ومسرح الجامعة، وكانت مشاركة في العديد من اللجان، كانت نشيطة بالفعل، فقدنا وجه نقدي حقيقي وندعو الله أن يلهمنا الصبر على هذا الفراق.
د. بشار عليوي: مَثَلَتْ رانا طليعة جيل نقدي مسرحي قادر على تغيير مسارات النقد المسرحي 

د. بشار عليوي «مخرج وناقد مسرحي من العراق»: مَثَلَتْ الناقدة المسرحية الراحلة « رانا أبو العلا» طليعة جيل نقدي مسرحي مصري شاب وواعد، قادر على تغيير مسارات النقد المسرحي داخل بُنية المسرح المصري، بفضل ما تسلح هذا الجيل الشاب بعُدّة معرفية وثقافية وموسوعية مكنتهُ من التماهي مع مُجمل مُخرجات المسرح المصري، ولقد قُيّضّ للناقدة رانا هذا الحضور المتميز بفواعل نتاجها النقدي الثَرْي، بالإضافة إلى تمتعها بخُلُق عالٍ ومهنية واضحة جعلَ الجميع يقف لها احتراماً وإكباراً لشخصيتها الهادئة وانجازها للكثير من المهام التي تُطلب منها.  
لقد تعرفتُ إليها عن قُرب خلال مشاركاتي المُتعددة في دورات ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي بوصفها أحد أعضاء فريق الملتقى ، كما قرأتُ لها الكثير من المقالات النقدية المسرحية في الصحافة المصرية والمواقع الإلكترونية، وتوطدتْ تلكَ المعرفة بعدما أعلمتها باختياري لترجمة حياتها المهنية والعملية ضمن تراجم النقاد العُرب بكتابي القادم، فكانَ فرحها كبيراً وإطرائها جزيلاً بأنها ستكون ضمن هذهِ الكوكبة من النُقاد. 
لقد حصلتْ رانا أبو العلا الله يرحمها، على ليسانس آداب في الدراما والنقد المسرحي من جامعة عين شمس عام 2017 ، وعلى دبلوم دراسات عليا بالمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون عام 2020، شاركت كباحثة وناقدة مسرحية في عدد من المهرجانات المسرحية المصرية، نشرت في الصحف والمجلات المصرية العديد من المقالات النقدية المسرحية، وفي عام 2021 باشرت بدراسة الماجستير وكتابة رسالتها التي كانت بعنوان (آليات الكوميديا في مسرح لينين الرملي)، ولم تكملها بعدما تعرضت لحادث سير أليم أرقدها في العناية المركزة لأيام قلائل ، بسبب إصابات بالغة ، لتفيض روحها إلى بارئها صباح يوم 29 / 8 / 2023 ، خالص العزاء لأهلها وذويها وأصدقائها ولجميع المسرحيين في مصر.

د. سمر سعيد:  رانا طموحة جدا ولا تستخسر أي قطرة تعب في شغلها .
وقالت دكتورة سمر سعيد” عميد معهد الفنون الشعبية»: تعاملت مع رانا عن قرب لأنها كانت المدير التنفيذي لملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي، في الدورة الثالثة والرابعة وكنا في هذه الفترة نعد للدورة الخامسة، رانا حقيقي طموحة جدا نشيطة ومحترمة، مؤدبة تعمل بكل جهد ولا تستخسر أي قطرة تعب في شغلها، ومن أهم مميزاتها أنها مبتسمة دائما، وحمولة جدا، بالإضافة إلى تميزها وإخلاصها إلى أبعد الحدود في عملها، قد تصادف أن لا يستطيع الشخص أن يصرح بحبه لمن أمامه، ولكن أكيد سيكون وصله هذا الاحساس.
 كنت أتمنى أن تكون موجودة لترى كيف أن الناس جميعا يحبونها، ويتكلمون عن أخلاقها وشطارتها وطموحها.
 نعزي أنفسنا وأهلها وكل أحبائها، افتقدنا شخصا مهما جدا وقريبا لقلوبنا جميعا رحمها الله.

صفاء البيلي: اتفقنا على جمع مقالاتها في كتاب، أقل ما يمكن أن نقدمه لها 
وقالت عنها الكاتبة صفاء البيلي: لم تكن رانا أبو العلا مجرد فتاة ندهتها نداهة المسرح وأخذها طريق النقد التطبيقي للعروض المسرحية وبهرتها أضواء الخشبة، لكنها كانت فرحة، بسمة، نبضة قلب جميل ، يكتب بمحبة لقلب مازال في مهده لكنها تستطيع أن تمنح نورها لمن حولها وتفيض.
التقيت ب رانا عدة مرات في عدد من العروض  المسرحية التي يعرضها مسرح الدولة، كنت أراها وادعة مبتسمة مهندمة مشعة بالجمال، مجتهدة إلى أبعد حد. 
العام الماضي، توثقت علاقتي برانا شيئا ما بحكم لقاءاتنا التي تكررت عبر اجتماعات اللجنة التنفيذية في ملتقى المسرح الجامعي الذي يترأسه الفنان عمرو قابيل.
 للحق، كانت شعلة من النشاط والسعي وكتلة من الأدب والاحترام، في عينيها يستطيع كل من يراها أن يلمح طريقا من الآمال والأحلام التي تعانقها كل ليلة حينما تفردها على سريرها قبل أن تنام لترى كم اقتربت منها، وبقى كم قبل أن تعانقها. 
الأمل!.. الأمل ذلك الخط المنير الذي يجعلنا نهرع في طريق الحياة، لا ندري أنها ربما تكون النظرة الأخيرة، الرفقة الأخيرة، البسمة الأخيرة، والسلام الأخير! كان الأمل محرابا لرانا .. مثابرة للسعي والدأب أملا في أن تجد بقعة تساوي خطوة قدميها الواسعة، تحتوي ظلها الغض، لتقول ها أنذا .. 
ذات مقال قرأته لها عن عرض ما، التقينا.. وتحدثنا فيما كتبت وعن أسلوب تناولها ، وعن الخبرات التي ستكتسبها من القراءة والمشاهدة، وعن حريتها في كتابة رأيها .. والحق، كانت تصغي باهتمام كبير، اهتمام من يريد أن يتعلم، من يسمع بقلبه ويعرف أن من يحدثه يراه جميلا ويريد أن يصير أجمل فلم تتأفف ولم تستغرب حديثي لأنه كان حديث ـ المحب ـ لا المعلم، كانت تغض البصر ، تخفض رأسها، قلت في نفسي، ياللأدب، حينما يجتمع مع أعظم موهبة في الكون .. حب الفن.
في الدورة السابقة من جائزة الكاتب المسرحي والناقد علاء الجابر كنت  ـ ومازلت ـ المنسق العام للجائزة، استقبلنا الكثير من المقالات في جائزة المقال النقدي.. وكان الفرح حينما فازت «رانا».
اتفقت ومجموعة من أساتذة المسرح والزملاء لجمع مقالاتها في كتاب في القريب بإذن الله، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لها.
كل خطوة خطتها رانا كانت باتجاه النجاة، نحن أيضا نسير في اتجاه نجاتنا، عرفت رانا أين مكانها الآن.. ونحن ننتظر، إلى اللقاء في مستقر رحمة الله وفردوسه الأعلى ابنتي الحبيبة رانا.. وألهم والدتك وأخواتك الصبر ولنا العزاء.

أمل ممدوح: عزيزتي رانا وإن لم نلتق، السيرة الطيبة والعمل الجاد يبقيان 
وقالت الكاتبة والناقدة أمل ممدوح: ترددت عند كتابتي هذه الشهادة رغم رغبتي في المشاركة بأي شيء لأجلها، ذلك أني لسوء الحظ لم ألتق بها شخصيا من قبل، فقط أعلم جيدا اسمها وقرأت لها، وأعلم أنها ناقدة خريجة قسم الدراما والنقد وبدأت طريقها من خلال جريدة مسرحنا العزيزة، وأنها ناقدة دؤوبة بها سمات الجدية وذات سيرة طيبة، فلم أسمع عنها سوءا أو ملحوظة ما، بل تحظى باحترام ومحبة الكثيرين، ذات ملامح تتسم بالوداعة والهدوء والرقة، دون ملمح زاعق، لاحظت تقلدها عدة مناصب تنظيمية سواء بمهرجان مثل ملتقى القاهرة الدولي أو كسكرتير تحرير لمجلة «نقد x نقد» المسرحية التي يرأس تحريرها د. علاء الجابر، ما يدل على سمات جادة قد لمسها من اختارها، إضافة لهدوء يظهر في التعامل ما يسبب راحة في العمل للجميع، إضافة لمعرفة واعية بالنقد المسرحي الذي درسته وكانت باحثة ماجستير في مجاله. 
 أذكر أني عندما سمعت اسمها لأول مرة استوقفتني تهجئته «رانا»، ظننت هناك خطأ مطبعيا، لكن تكرر الأمر حتى فهمت أنه بالفعل اسمها وأن كتابته بهذا الشكل اختيارها، وكان هذا الإرباك جزء مساعد بشكل مبدئي لتمييز اسمها مبكرا وسط عدد لا بأس به من النقاد الجدد، لكن شيئا فشيئا تدعم اسمها بسيرة جيدة جادة، إنسانية أو مهنية، ربما كانت محاولة من القدر لإيفائها جانبا من حقها في حياة لن يسعفها طولها، قبل أن تداهمها السيارة في الحادث المؤسف الذي لم يمهلها فتح أجفانها بعدها، لكن رانا لم تكن وحدها من تمت مداهمته، فقد دوهم معها الجميع بصدمة كبيرة، أن نرى حياة تتبدل من وعي.. بل وعي نقدي يضع كل الأمور تحت طائلة التحيل، للاوعي في لحظات بلا مقدمات، حيث قضت العزيزة الراحلة عدة أيام في العناية المركزة، أن تفقد فتاة شابة لم تتجاوز 29 عاما حياتها في غمضة عين، بل ناقدة قضت سنوات لا بأس بها لتؤسس نفسها علميا وتجد وتسعى أملا في حصاد أكبر في قادم الأيام، أن ترحل زميلة معنا، تكتب في نفس المجال وفي نفس الدوريات، وتمر بنفس صعوبات المهنة التي نعلم كم ننهمك فيها وتلزمنا فيها المواعيد، لأمر وقعه صعب، لأتمل كيف انتهت كل المواعيد والالتزامات في لحظة لم تمهلها وتمهلنا نحن للاستيعاب، لا يسعني سوى أن أقول أن السيرة الطيبة والعمل الجاد يبقيان، ورغم رحيلك السريع عزيزتي «رانا» ها نحن جميعا نتحدث عنك بتقدير..عسى أن يكون الموعد الذي نوديت إليه أجمل من كل ما فقدت.. لك الرحمة والسلام لروحك. 

سليمان الرحبي: قائدة في حضورها، يهمها النجاح العام بدون أن تبرز نفسها 
وقال سليمان الرحبي – من سلطنة عمان “مذيع ، وصانع محتوى»:
المغفور لها بإذن الله، منذ لقائي الأول بها تجد بأن عملها وإخلاصها بمهامها أكبر من عمرها ، ما أن توكل لها مهمة إلا وتكملها على أكمل وجه.
وشهدت على ذلك في أول لقاء جمعني بها ، كما أنها قائدة في حضورها حيث تجد كلمات التشجيع دائما على لسانها لفريقها أو فريق العمل ككل، وفي حال وجود أي تقصير ترجع اللوم لها ، وتأتي بأفضل الحلول في حال انعدم المطلوب.
محبة لعملها وتمارسه بشغف لذلك نرى مقالتها وأدوار مهامها تتم بصورة سلسة.
كإنسانة تصافحك ابتسامتها قبل يديها ، وتقرأ صدقها قبل أن ينطق لسانها ، تضحك مع الجميع وتشجع. أذكر في وقت التنقل من عرض مسرحي لأخر عن طريق الحافلات كانت تغني وتضحك مع زميلاتها وفريقها بدون حواجز، إنهم طلبة وهى الناقدة والرئيس التنفيذي للمهرجان ، مع كل تلك الضوضاء التي نعيشها في الحافلات تجدها أيضا تنهي كافة مهام عملها.
كل من تعامل معها لاحظ أن رانا أبو العلا يهمها النجاح العام بدون أن تبرز نفسها، تشجع تعاتب بحب تبتسم رغم نومها القليل خلال أيام الملتقى.
عشرة أيام كانت كافية لأن تتعلق الذكريات وننتظر بشغف الدورة القادمة لتبادل الخبرات. 
سبق القدر رحيلها لكن أخذها جسدا وتبقى روحها وذكراها بيننا.

د. محمود صدقي: نتمنى عمل شيء كبير لعروس المسرح من خلال وزارة الثقافة 
وقال دكتور محمود فؤاد صدقي:  كل علاقتي برانا أننا تعاملنا مع بعضنا في ملتقى شباب الجامعات، والذي ينظمه دكتور عمرو قابيل ودكتورة سمر سعيد عميد معهد الفنون الشعبية، كانت هي التي تنظم وتتابع العمل في لجنة المشاهدة وكانت تحضر دائما في مسرح نهاد صليحة لمشاهدة العروض من خلال اللاب توب .
رانا على الرغم من معرفتي القصيرة بها من خلال عملنا بالملتقى هي إنسانة جميلة خلوقة شاطرة دؤوبة دخلت قلوبنا وأنا على المستوى الشخصي أحبها جدا فهي تحب عملها وتبذل فيه الجهد الكبير، وللأسف الشديد كنت أتمنى التعاون معها في أشياء كثيرة، ولكن لم يحدث النصيب، وكنت أتمنى تواجدها في الندوات التي تقدم على مسرح نهاد صليحة، ولكن للأسف لأنها شاطره دائما ما تكون مشغولة.
 وخبر الحادثة الذي عرفته من خلال الفيسبوك وبعض الأصدقاء وكانت بين يدي الله أحزنني كثيرا، لأني اعتبرها «عروس المسرح»، أما فكرة عمل ملف خاص عنها فهو شيء مشكور جدا، ونتمنى عمل شيء كبير لها من خلال وزارة الثقافة لأنها كانت محبوبة من الجميع، والجميع بالفعل شعر بالأسى والحزن على فقدانها، ربنا يرحمها ويغفر لها ويدخلها فسيح جناته.


سامية سيد